مفاهيم يجب أن تصحح
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
[يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ].
[يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا].
[يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا].
أما بعد:
فإنّ أصدق الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدْي هدىُ محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة.
[قال ]الشيخ محمد بن عتيق رحمه الله[/[/ في مجموعة التوحيد الرسالة برقم (23) : (وهاهنا نكتة بديعة في قوله تعالى:(إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) [الممتحنة 4].
(وهي أن الله تعالى قدّم البراءة من المشركين العابدين غير الله على البراءة من الأوثان المعبودة من دون الله، لأن الأول أهم من الثاني، فإنه قد يتبرأ من الأوثان ولا يتبرأ ممن عبدها، فلا يكون آتيا بالواجب، وأما إذا تبرأ من المشركين فإن هذا يستلزم البراءة من المعبودات، وهذا قوله تعالى:(وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا) [مريم 48].
فقدم اعتزالهم على اعتزال معبوداتهم، وكذا قوله تعالى: (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلا جَعَلْنَا نَبِيًّا) [مريم 49]. وقوله: ( وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا) [الكهف 16].
فعليك بهذه النكتة، فإنها تفتح لك باباً إلى عداوة أعداء الله، فكم من إنسان لا يقع منه الشرك، ولكن لا يعادي أهله، فلا يكون مسلماً بذلك ... [ثم قال] (وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا...) [الممتحنة 4].
وقوله: (وَبَدَا) ظهر وبان، وتأمل تقديم العداوة على البغضاء، لأن الأولى أهم من الثانية، فإن الإنسان قد يبغض المشركين ولا يعاديهم، فلا يكون آتياً بالواجب عليه حتى تحصل منه العداوة والبغضاء، ولابد أيضا من أن تكون العداوة والبغضاء باديتين ظاهرتــيــن بينـتين)اهـ.
قلت: نجد كثيرا من الدعاة وغيرهم من المسلمين يتبرءون من البدع، ويحذرون منها على المنابر وأوجه الصحف، ولكن لا يتبرؤون من صاحبها المبتدع، فتجد بعض هؤلاء الدعاة مثلا يبغضون بدعة التصوف والخروج، وينكرون بدع التبليغ والإخوان، ولكن إذا جاءهم صوفي جلد قبلوا رأسه وأكرموا مثواه، والآخر يكتب الأسفار في الرد على معتقد الأشاعرة والمعتزلة. ولو فتشت عن أحواله الخاصة لوجدت بطانته المقربة منه أشاعرة أو معتزلة، وبلغة العصر العقلانيين. فبسابق النصوص التي ذكرها ابن عتيق رحمه الله فإن الممثل بهم ومن على شاكلتهم لن يقوموا بالواجب على وجهه حتى يعادوا الصوفيين والصوفية، ويبدؤا بمعاداة المبتدع على بدعته، لأن أهل البدع شر من أهل المعاصي بكثير، وضررهم على الأمة وخيم.
[قال ابن تيمية رحمه الله تعالى ]في أهل البدع في مجموع الفتاوى (20/103): (إن أهل البدع شر من أهل المعاصي الشهوانية، بالسنة والإجماع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتال الخوارج، ونهى عن قتال أئمة الظلم، وقال في الذي يشرب الخمر:(لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله)، وقال في ذي الخويصرة: (يخرج من ضئضئ هذا أقوام يقرؤون القران لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين -وفي رواية: من الإسلام- كما يمرق السهم من الرمية، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم القيامة)...، ثم إن أهل المعاصي ذنوبهم فعل بعض ما نهوا عنه، من سرقة أو زنى أو شرب خمر أو أكل مال بالباطل، وأهل البدع ذنوبهم ترك ما أمروا به من اتباع السنة وجماعة المؤمنين...).اهـ
وكتبه/أبو عبد الباري عبد الحميد أحمد العربي.
البراءة من المبتدع سابقة على البراءة من بدعته
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
[يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ].
[يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا].
[يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا].
أما بعد:
فإنّ أصدق الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدْي هدىُ محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة.
[قال ]الشيخ محمد بن عتيق رحمه الله[/[/ في مجموعة التوحيد الرسالة برقم (23) : (وهاهنا نكتة بديعة في قوله تعالى:(إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) [الممتحنة 4].
(وهي أن الله تعالى قدّم البراءة من المشركين العابدين غير الله على البراءة من الأوثان المعبودة من دون الله، لأن الأول أهم من الثاني، فإنه قد يتبرأ من الأوثان ولا يتبرأ ممن عبدها، فلا يكون آتيا بالواجب، وأما إذا تبرأ من المشركين فإن هذا يستلزم البراءة من المعبودات، وهذا قوله تعالى:(وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا) [مريم 48].
فقدم اعتزالهم على اعتزال معبوداتهم، وكذا قوله تعالى: (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلا جَعَلْنَا نَبِيًّا) [مريم 49]. وقوله: ( وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا) [الكهف 16].
فعليك بهذه النكتة، فإنها تفتح لك باباً إلى عداوة أعداء الله، فكم من إنسان لا يقع منه الشرك، ولكن لا يعادي أهله، فلا يكون مسلماً بذلك ... [ثم قال] (وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا...) [الممتحنة 4].
وقوله: (وَبَدَا) ظهر وبان، وتأمل تقديم العداوة على البغضاء، لأن الأولى أهم من الثانية، فإن الإنسان قد يبغض المشركين ولا يعاديهم، فلا يكون آتياً بالواجب عليه حتى تحصل منه العداوة والبغضاء، ولابد أيضا من أن تكون العداوة والبغضاء باديتين ظاهرتــيــن بينـتين)اهـ.
قلت: نجد كثيرا من الدعاة وغيرهم من المسلمين يتبرءون من البدع، ويحذرون منها على المنابر وأوجه الصحف، ولكن لا يتبرؤون من صاحبها المبتدع، فتجد بعض هؤلاء الدعاة مثلا يبغضون بدعة التصوف والخروج، وينكرون بدع التبليغ والإخوان، ولكن إذا جاءهم صوفي جلد قبلوا رأسه وأكرموا مثواه، والآخر يكتب الأسفار في الرد على معتقد الأشاعرة والمعتزلة. ولو فتشت عن أحواله الخاصة لوجدت بطانته المقربة منه أشاعرة أو معتزلة، وبلغة العصر العقلانيين. فبسابق النصوص التي ذكرها ابن عتيق رحمه الله فإن الممثل بهم ومن على شاكلتهم لن يقوموا بالواجب على وجهه حتى يعادوا الصوفيين والصوفية، ويبدؤا بمعاداة المبتدع على بدعته، لأن أهل البدع شر من أهل المعاصي بكثير، وضررهم على الأمة وخيم.
[قال ابن تيمية رحمه الله تعالى ]في أهل البدع في مجموع الفتاوى (20/103): (إن أهل البدع شر من أهل المعاصي الشهوانية، بالسنة والإجماع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتال الخوارج، ونهى عن قتال أئمة الظلم، وقال في الذي يشرب الخمر:(لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله)، وقال في ذي الخويصرة: (يخرج من ضئضئ هذا أقوام يقرؤون القران لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين -وفي رواية: من الإسلام- كما يمرق السهم من الرمية، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم القيامة)...، ثم إن أهل المعاصي ذنوبهم فعل بعض ما نهوا عنه، من سرقة أو زنى أو شرب خمر أو أكل مال بالباطل، وأهل البدع ذنوبهم ترك ما أمروا به من اتباع السنة وجماعة المؤمنين...).اهـ
وكتبه/أبو عبد الباري عبد الحميد أحمد العربي.
تعليق