هل يجوز تخصيص علي رضي الله عنه بالإمامة وبقولنا: كرم الله وجهه؟
سؤال: يقول السائل: بعض من يتسمون بالمشايخ يتعاملون بما يسمى "الجَفْر" ومفاتيح الرموز والأعداد وغير ذلك، ويعدون هذه الأمور من الدين، فالمرجو هو توضيح الأمر في ذلك؟
الشيخ رحمه الله: يقول بعض الظرفاء أو الأدباء من أصعب الأمور التحدث عن البدهيات والتدليل عليها في مثل هذا السؤال في اعتقادي عرفنا جوابه آنفا ، ونحن نجيب عن مسألة غيرها.
نحن نقول: هذا العلم لا هو في الكتاب ولا هو في السنة، ولا هو مدروس ومعلوم عند السلف الصالح، بل نقول: ولا أحد من علماء المسلمين لا المجتهدين ولا المتبعين ولا المقلدين يقولون بهذا العلم، إنما يقول به ويدعيه من يريد أن يأكل أموال الناس بالباطل، ولذلك "الجفر" المنسوب إلى علي رضي الله عنه وكدت أن أقع في خطأ مشهور يقع فيه غيري، كدت أن أقول: الجفر المنسوب إلى الإمام علي، فحبست نفسي وحفظت لساني فلم أقل الإمام علي لأنه ليس إماماً، لا. هو من أئمة المسلمين بلا شك، ولكن العرف خصه بهذه اللفظة الإمام، أيُّ عرفٍ؟ العرف السني أم العرف البدعي؟ نعم. هو العرف الشيعي، هم الذين سحبوا هذا اللقب وخصوه بعلي رضي الله عنه تعصباً منهم له وعلى الخلفاء الراشدين الأولين: أبي بكر وعمر وعثمان، ولذلك فمن الخطأ أن نذكر علياً بلفظة "الإمام " دون بقية الخلفاء الراشدين، فإذا قلنا: الإمام أبو بكر حينئذ جاز لنا أن نقول: الإمام علي، لكن أنا أذكركم: هل سمعتم يوماً ما عالماً من أهل السنة، أما الشيعة فلا نسأل عنهم لأنهم أعداء الإمامين الشيخين أبي بكر وعمر، لكن هل سمعتم يوماً ما عالماً من علماء المسلمين أهل السنة والجماعة يقولون: قال الإمام أبو بكر؟ الجواب: لا، لكن سمعتم مثلي وكدتم أن تسمعوا مني الإمام علي، لماذا؟ هذه الغفلة التي تسيطر على الناس، والتقليد الذي ران على قلوب كثير من الناس المسلمين فضلاً عن غيرهم، يقولون: قال الإمام علي رضي الله عنه، على الرأس والعين هو إمامنا بلا شك، ولكن لماذا خصصتم علياً بالإمامة؟ لأنه الإمام عند الشيعة، ولأنهم يزعمون ضغثاً على إبالة أن الخلافة كانت له بوصية الرسول زعموا له، ثم صادرها منه أبو بكر وعمر وعثمان طيلة هذه القرون الفاضلة، وهو لم يستطع أن يأتي ساكناً، لماذا؟ لأنهم زعموا أنه رأى المصلحة في ذلك، ما يطالب بحقه الذي أعطاه الرسول عليه السلام وفي حجة الوداع زعموا.
إذاً: هذا تعبير شيعي، فيجب أن تحفظوا ألسنتكم منه.
ومثله أيضاً قولهم: علي كرم الله وجهه، أيضاً خصصوا علياً بهذا التكريم، نحن نقول: عليٌ كرم الله وجهه لا شك، لكن لماذا خصصنا علياً دون أبي بكر وعمر وعثمان؟ نقول لكم كما قلنا آنفاً:لقد سمعتم الشيعة يقولون: الإمام علي كرم الله وجهه، لكن ما سمعتم منهم من يقول في أبي بكر والبقية: الإمام أبو بكر.
كذلك ما قالوا ولن يقولوا: أبو بكر كرم الله وجهه إلى آخره، لكن ألم تسمعوا كثيراً من مشايخ المسلمين يقولون: قال علي كرم الله وجهه؟ نعم. الأخرى كالأولى تماماً، والأخرى كالأولى تماماً. أعني: الأخرى كالأولى تماماً من حيث استعمالهم، والأخرى كالأولى من حيث عدم جواز تخصيص الأولى كالأخرى بعلي دون الأولين من الخلفاء الراشدين، لذلك ينبغي أن نحفظ ألسنتنا من أن نقول: قال علي كرم الله وجهه وحده، أو قال الإمام علي وحده، إن كان ولا بد أعطينا لبقية الخلفاء ما نعطيه لهم من الوصف ووصف يصدق عليهم جميعاً لكي لا نفرق بين أحد منهم.
لا شك أن هذه آية جاءت في الأنبياء والرسل: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} (البقرة:٢٨٥) ولكن أتباع الرسل ينبغي أن نسلك فيهم سبيل الذي نسلكه مع الرسل، فهؤلاء جمعهم الرسول عليه السلام في ملتقى واحد كما يقولون في عبارة واحدة في جملة واحدة حيث قال: «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي».
وقال: «النبي في الجنة وأبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة ... » إلى آخر العشرة المبشرين بالجنة. فإذاً: لا نفرق بين أحد منهم. غيره.
"سلسلة الهدى والنور" شريط : (٣١٣/ ٣٩: ٢٨: ٠٠ )