وجوب إتلاف المحرمات والمنكرات باليد
الحمد لله رب العالمين والصلاة على النبي الكريم صل الله عليه وسلم وبعد:
اعلم أيها السني السلفي رحمك الله أنه يجب إتلاف المحرمات والمنكرات باليد واللسان والقلب ، لأن النهي عنها باليد مطلوب لمن استطاع لقوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده.. رواه مسلم، حتى وان كانت المحرمات ملكاً للغير فإنّ إتلاف ممتلكات الآخرين المحرّمة لمن قدر على ذلك، إن لم يترتب عليه فتنة أو مفسدة فلا بأس به فإن إنكار المنكر باليد هو أحد مراتب إنكار المنكر التي دل عليها الكتاب والسنة.
أما من الكتاب فهناك أدلة كثيرة منها :
1 ـ قوله تعالى عن إبراهيم عليه السلام : (( وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ * فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلَّا كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ )) الأنبياء 57 ـ 58 . في قصة تكسير إبراهيم عليه الصلاة والسلام للأصنام .
2 ـ قال تعالى عن موسى عليه الصلاة والسلام : (( وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً )) طه97 ، في قصة عبادة بني إسرائيل للعجل .
وقال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [2]} [المائدة:2].
فلا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شعائر الدين العظيمة، وأعماله الظاهرة التي امتاز بها عن سائر الأديان، وله ضوابطه وشرائطه التي لابد من تحققها عند القيام بالأمر والنهي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
من فعل شيئاً من المنكرات ، كالفواحش ، والخمر ، والعدوان ، وغير ذلك ، فإنه يجب الإنكار عليه بحسب القدرة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان "، فإن كان الرجل متستراً بذلك ، وليس معلناً له أنكر عليه سراً وستر عليه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من ستر عبداً ستره الله في الدنيا والآخرة " على أن لا يتعدى ضرره ، والمتعدي لابد من كف عدوانه ، وإذا نهاه المرء سراً فلم ينته فعل ما ينكف به من هجر وغيره ، إذا كان ذلك أنفع في الدين .
وأما إذا أظهر الرجل المنكرات ، وجب الإنكار عليه علانية ، ولم نبق له غيبة ، ووجب أن يعاقب علانية بما يردعه عن ذلك من هجر وغيره ، فلا يسلم عليه ، ولا يرد عليه السلام[مجموع فتاوى ابن تيمية ، جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم وأبنه ، (28/217 ـ 218)، طبعة مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة ، نشر وزارة الشئون الإسلامية ، 1416 هـ .] .
وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب ولكل مرتبة شروط.
الأولى: التغيير باليد وهي أقوى مراتب الحسبة، ومن أهم شروطها: القدرة وعدم ترتب مفسدة أكبر من الاحتساب.
المرتبة الثانية: التغيير باللسان، وإنما ينتقل إليها إذا عجز عن اليد.
المرتبة الثالثة: الإنكار بالقلب، وهذا لا رخصة لأحد في تركه، بل يجب أن يكون بُغض المنكر وكراهيته في قلب كل مسلم، فآخر حدود الإيمان هو الإنكار بالقلب.
وحقيقة الإنكار بالقلب، عدم الرضا بالمنكر ومفارقته والنفور منه.
وعلى ذلك يشرع الإنكار باليد إذا لم تترتب مفسدة أكبر من الإنكار باليد.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين: فإنكار المنكر أربع درجات: الأولى: أن يزول ويخلفه ضده،
الثانية: أن يقل وإن لم يزل بجملته،
الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله،
الرابعة: أن يخلفه ما هو شر منه، فالدرجتان الأوليان مشروعتان والثالثة موضع اجتهاد والرابعة محرمة ......اهـ
وإن كان الأولى بصديقك أن يعظهما ويخوفهما بالله، أو أن يزيل المنكر بدون ضرب فلعل الله أن يهديهما على يده.
وعلى ذلك أيضاً ننبه الأخ السائل إلى أن الإنكار باليد إذا لم تخش منه مفسدة راجحة غير مختص بالسلطان وهو قول جمهور العلماء بل ادعى عيه الإجماع ابن عبد البر والجويني, وقد دلَّ على ذلك الكتابُ، والسُّنَّةُ: فقد قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ: المقصودُ مِنْ هذه الآية أنْ تكونَ فِرْقةٌ من هذه الأمَّةِ مُتَصدِّيةً لهذا الشأنِ، وإن كان ذلك واجباً على كلِّ فردٍ من الأمَّةِ بحسبِه، كما ثبتَ في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيدِه ..." ثم ساق الحديث.
وقال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ .
قال أبو بكرٍ الجصَّاصُ بعد أن ذكرَ طائفةً من الآياتِ في هذا الصَّددِ : فهذه الآي ونظائرُها مُقتضيةٌ لإيجابِ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المُنكر، وهي على منازلَ أوَّلها تغييرُه باليدَّ ـ إذا أمكن ـ فإذا لم يمكن وكان في نفسِه خائفاً على نفسِه إذا أنكرَ بيدِه، فعليه إنكارُه بلسانِه، فإن تعذَّرَ ذلك لما وصفنا فعليه إنكاره بقلبِه. اهـ.
إلى غيرِ ذلك من الآيات القرآنية
ونقل الإجماع ابنُ عبد البرِّ - رحمه الله - بقوله: وأجمع المسلمون على أنَّ تغيير المنكر واجبٌ على من قَدِرَ عليه، وإنَّه إذا لم يلحقه بتغييرِه إلاَّ اللَّوم الذي لا يتعدَّى إلى الأذى فإنَّ ذلك لا يجب أن يمنعه، فإن لم يقدرْ فبلسانِه، فإن لم يقدرْ فبقلبِه، ليس عليه أكثر من ذلك، وإذا أنكر بقلبِه فقد أدَّى ما عليه إذا لم يسْتَطِعْ سوى ذلك.
فأعلم رعاك الله أنه لا ضمان في إتلاف آلات اللهو كالتلفاز والدشات والفيديوهات والسيديهات ، أو اشرطة الأغاني والموسيقى المحرمة او محاضرات لأهل البدع والحزبيات وكل ما يستخدم للبدع والمحدثات من أسباب
، أو النرجيلات والدخان أو صورذوات الارواح فلك طمسها أو تمزيقها وإتلافها ، أو أواني الخمر, والصلبان، والأصنام، وكتب الضلال والمجون، والمؤلفات المنحرفة ، ، فحرق الكتب المظلة وإتلافها لا ضمان فيه قال المروذي : قلت لأحمد : استعرت كتابا فيه أشياء رديئة ، ترى أن أخرقه أو أحرقه ؟ قال : نعم ، وقد " رأى النبي صلى الله عليه وسلم بيد عمر كتابا اكتتبه من التوراة ، وأعجبه موافقته للقرآن ، فتمعر وجه النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى ذهب به عمر إلى التنور فألقا فيه " . كل ذلك من المنكرات التي يجب إنكارها بحسب الاستطاعة ، فمن أمكنه الإنكار باليد فعل وهو مآجور على فعله.
فلا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شعائر الدين العظيمة، وأعماله الظاهرة التي امتاز بها عن سائر الأديان، وله ضوابطه وشرائطه التي لابد من تحققها عند القيام بالأمر والنهي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
من فعل شيئاً من المنكرات ، كالفواحش ، والخمر ، والعدوان ، وغير ذلك ، فإنه يجب الإنكار عليه بحسب القدرة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان "، فإن كان الرجل متستراً بذلك ، وليس معلناً له أنكر عليه سراً وستر عليه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من ستر عبداً ستره الله في الدنيا والآخرة " على أن لا يتعدى ضرره ، والمتعدي لابد من كف عدوانه ، وإذا نهاه المرء سراً فلم ينته فعل ما ينكف به من هجر وغيره ، إذا كان ذلك أنفع في الدين .
وأما إذا أظهر الرجل المنكرات ، وجب الإنكار عليه علانية ، ولم نبق له غيبة ، ووجب أن يعاقب علانية بما يردعه عن ذلك من هجر وغيره ، فلا يسلم عليه ، ولا يرد عليه السلام[مجموع فتاوى ابن تيمية ، جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم وأبنه ، (28/217 ـ 218)، طبعة مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة ، نشر وزارة الشئون الإسلامية ، 1416 هـ .] .
وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب ولكل مرتبة شروط.
الأولى: التغيير باليد وهي أقوى مراتب الحسبة، ومن أهم شروطها: القدرة وعدم ترتب مفسدة أكبر من الاحتساب.
المرتبة الثانية: التغيير باللسان، وإنما ينتقل إليها إذا عجز عن اليد.
المرتبة الثالثة: الإنكار بالقلب، وهذا لا رخصة لأحد في تركه، بل يجب أن يكون بُغض المنكر وكراهيته في قلب كل مسلم، فآخر حدود الإيمان هو الإنكار بالقلب.
وحقيقة الإنكار بالقلب، عدم الرضا بالمنكر ومفارقته والنفور منه.
وعلى ذلك يشرع الإنكار باليد إذا لم تترتب مفسدة أكبر من الإنكار باليد.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين: فإنكار المنكر أربع درجات: الأولى: أن يزول ويخلفه ضده،
الثانية: أن يقل وإن لم يزل بجملته،
الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله،
الرابعة: أن يخلفه ما هو شر منه، فالدرجتان الأوليان مشروعتان والثالثة موضع اجتهاد والرابعة محرمة ......اهـ
وإن كان الأولى بصديقك أن يعظهما ويخوفهما بالله، أو أن يزيل المنكر بدون ضرب فلعل الله أن يهديهما على يده.
وعلى ذلك أيضاً ننبه الأخ السائل إلى أن الإنكار باليد إذا لم تخش منه مفسدة راجحة غير مختص بالسلطان وهو قول جمهور العلماء بل ادعى عيه الإجماع ابن عبد البر والجويني, وقد دلَّ على ذلك الكتابُ، والسُّنَّةُ: فقد قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ: المقصودُ مِنْ هذه الآية أنْ تكونَ فِرْقةٌ من هذه الأمَّةِ مُتَصدِّيةً لهذا الشأنِ، وإن كان ذلك واجباً على كلِّ فردٍ من الأمَّةِ بحسبِه، كما ثبتَ في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيدِه ..." ثم ساق الحديث.
وقال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ .
قال أبو بكرٍ الجصَّاصُ بعد أن ذكرَ طائفةً من الآياتِ في هذا الصَّددِ : فهذه الآي ونظائرُها مُقتضيةٌ لإيجابِ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المُنكر، وهي على منازلَ أوَّلها تغييرُه باليدَّ ـ إذا أمكن ـ فإذا لم يمكن وكان في نفسِه خائفاً على نفسِه إذا أنكرَ بيدِه، فعليه إنكارُه بلسانِه، فإن تعذَّرَ ذلك لما وصفنا فعليه إنكاره بقلبِه. اهـ.
إلى غيرِ ذلك من الآيات القرآنية
ونقل الإجماع ابنُ عبد البرِّ - رحمه الله - بقوله: وأجمع المسلمون على أنَّ تغيير المنكر واجبٌ على من قَدِرَ عليه، وإنَّه إذا لم يلحقه بتغييرِه إلاَّ اللَّوم الذي لا يتعدَّى إلى الأذى فإنَّ ذلك لا يجب أن يمنعه، فإن لم يقدرْ فبلسانِه، فإن لم يقدرْ فبقلبِه، ليس عليه أكثر من ذلك، وإذا أنكر بقلبِه فقد أدَّى ما عليه إذا لم يسْتَطِعْ سوى ذلك.
فأعلم رعاك الله أنه لا ضمان في إتلاف آلات اللهو كالتلفاز والدشات والفيديوهات والسيديهات ، أو اشرطة الأغاني والموسيقى المحرمة او محاضرات لأهل البدع والحزبيات وكل ما يستخدم للبدع والمحدثات من أسباب
، أو النرجيلات والدخان أو صورذوات الارواح فلك طمسها أو تمزيقها وإتلافها ، أو أواني الخمر, والصلبان، والأصنام، وكتب الضلال والمجون، والمؤلفات المنحرفة ، ، فحرق الكتب المظلة وإتلافها لا ضمان فيه قال المروذي : قلت لأحمد : استعرت كتابا فيه أشياء رديئة ، ترى أن أخرقه أو أحرقه ؟ قال : نعم ، وقد " رأى النبي صلى الله عليه وسلم بيد عمر كتابا اكتتبه من التوراة ، وأعجبه موافقته للقرآن ، فتمعر وجه النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى ذهب به عمر إلى التنور فألقا فيه " . كل ذلك من المنكرات التي يجب إنكارها بحسب الاستطاعة ، فمن أمكنه الإنكار باليد فعل وهو مآجور على فعله.
وقد قرر الفقهاء من أهل المذاهب الأربعة أن آلات العزف ليست مالاً محترماً، وأنه يجب إتلافها، وأن متلفها لا ضمان عليه، لكونه قام بما يجب عليه من إنكار المنكر.
فقد تضافرت الروايات عن الإمام أحمد في إراقة الخمور وكسر آلات اللهو وأحراق كتب البدع وقد رواها الخلال في كتابه ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )
فمن ذلك :
ا - وأخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم أنه قال لأبي عبدالله : نمر على المسكر القليل والكثير أكسره ؟ قال : نعم تكسره ، لا يمر بالخمر مكشوفا . قلت : فإذا كان مغطى ؟ قال : لا تتعرض له إذا كان مغطى . ( ص 64 ) .
ب - أخبرني أحمد بن حمدويه الهمذاني قال حدثنا محمد بن أبي عبدالله ثنا أبو بكر المرزوي قال : قلت لأبي عبدالله : لو رأيت مسكرا مكشوفا في قنينة أو قربة ترى تكسر أو تصب ؟ قال تكسره . ( ص 64 ) .
ج - أخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق حدثهم قال : سألت أبا عبدالله عن الرجل يكسر الطبل أو الطنبور أو مسكرا عليه في ذلك شيء ؟ قال أبو عبدالله : أكسر هذا كله وليس يلزمك شيء . ( ص 74 ) .
د - أخبرنا أبو بكر المروزي قال : قلت لأبي عبدالله : أمر في السوق فأرى الطبول تباع أفأكسرها ؟ قال : ما أراك تقوى ، إن قويت . قلت : أدعي أغسل ميتا فأسمع صوت طبل . قال : إن قدرت على كسره فاكسره وإلا فاخرج . ( ص 71 ) .
هـ - أخبرني محمد بن علي حدثنا صالحبن أحمد أنه سأل أباه عن الرجل يستغيث به جاره من فاحشة يراها . قال : كل من رأى منكرا فاستطاع أن يغيره بيده غيره فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان . ( ص 63 ) .
فمن ذلك :
ا - وأخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم أنه قال لأبي عبدالله : نمر على المسكر القليل والكثير أكسره ؟ قال : نعم تكسره ، لا يمر بالخمر مكشوفا . قلت : فإذا كان مغطى ؟ قال : لا تتعرض له إذا كان مغطى . ( ص 64 ) .
ب - أخبرني أحمد بن حمدويه الهمذاني قال حدثنا محمد بن أبي عبدالله ثنا أبو بكر المرزوي قال : قلت لأبي عبدالله : لو رأيت مسكرا مكشوفا في قنينة أو قربة ترى تكسر أو تصب ؟ قال تكسره . ( ص 64 ) .
ج - أخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق حدثهم قال : سألت أبا عبدالله عن الرجل يكسر الطبل أو الطنبور أو مسكرا عليه في ذلك شيء ؟ قال أبو عبدالله : أكسر هذا كله وليس يلزمك شيء . ( ص 74 ) .
د - أخبرنا أبو بكر المروزي قال : قلت لأبي عبدالله : أمر في السوق فأرى الطبول تباع أفأكسرها ؟ قال : ما أراك تقوى ، إن قويت . قلت : أدعي أغسل ميتا فأسمع صوت طبل . قال : إن قدرت على كسره فاكسره وإلا فاخرج . ( ص 71 ) .
هـ - أخبرني محمد بن علي حدثنا صالحبن أحمد أنه سأل أباه عن الرجل يستغيث به جاره من فاحشة يراها . قال : كل من رأى منكرا فاستطاع أن يغيره بيده غيره فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان . ( ص 63 ) .
و- قال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن رجل كسر عوداً كان مع أمه لإنسان فهل يغرمه. أو يصلحه؟ قال:
لا أرى عليه بأساً أن يكسره ولا يغرمه ولا يصلحه.
قيل فطاعتها؟ قال: ليس لها طاعة في هذا.
قيل فطاعتها؟ قال: ليس لها طاعة في هذا.
ز - وقال أبو داود: سمعت أحمد يسأل عن قوم يلعبون بالشطرنج فنهاهم فلم ينتهوا، فأخذ الشطرنج فرمى بها.
قال: قد أحسن. قيل: فليس عليه شيء. قال: لا، قيل له: وكذلك إن كسر عوداً أو طنبوراَ؟ قال: نعم.
ذكر ذلك كله ابن القيم رحمه الله ((الطرق الحكمية في السياسة الشرعية)) (ص: 278، 279). .
وهذه الروايات عن الإمام أحمد –رحمه الله- تفيد إنكار المنكر باليد، وكسر مثل هذه المنكرات وإزالتها. وهذه مبنية على أصل الشرع.
فعن أبي الهياج الأسدي -رضي الله عنه- قال: قال لي علي بن أبي طالب: ((ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته)) رواه مسلم (969). .
وعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: ((دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت فوجد فيه صورة إبراهيم وصورة مريم فقال صلى الله عليه وسلم أما هم فقد سمعوا أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة)) رواه البخاري (3351). الحديث.
وفي رواية لابن عباس –أيضاً- ((أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الصور في البيت لم يدخل حتى أمر بها فمحيت)) رواه البخاري (3352). الحديث.
فهذه الأحاديث وغيرها من النصوص تبين مشروعية إزالة المنكرات باليد، على أية صورة كانت الإزالة مما يناسب ذلك المنكر إما تغييراً كلياً أو جزئياً.
ودليل ذلك قول الرسول صل الله عليه وسلم " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ "
[ رواهُ مسلمٌ ] .
فهذا الحديثُ عامٌ في إنكارِ المنكرِ .
وفي رواية لابن عباس –أيضاً- ((أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الصور في البيت لم يدخل حتى أمر بها فمحيت)) رواه البخاري (3352). الحديث.
فهذه الأحاديث وغيرها من النصوص تبين مشروعية إزالة المنكرات باليد، على أية صورة كانت الإزالة مما يناسب ذلك المنكر إما تغييراً كلياً أو جزئياً.
ودليل ذلك قول الرسول صل الله عليه وسلم " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ "
[ رواهُ مسلمٌ ] .
فهذا الحديثُ عامٌ في إنكارِ المنكرِ .
قال الإمامُ النووي في " شرح مسلم " (2/25)
" وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلْيُغَيِّرْهُ ) فَهُوَ أَمْر إِيجَابٍ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّة . وَقَدْ تَطَابَقَ عَلَى وُجُوب الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر الْكِتَاب وَالسُّنَّة وَإِجْمَاعُ الْأُمَّة وَهُوَ أَيْضًا مِنْ النَّصِيحَة الَّتِي هِيَ الدِّين . وَلَمْ يُخَالِف فِي ذَلِكَ إِلَّا بَعْض الرَّافِضَة ، وَلَا يُعْتَدّ بِخِلَافِهِمْ كَمَا قَالَ الْإِمَام أَبُو الْمَعَالِي إِمَام الْحَرَمَيْنِ : لَا يُكْتَرَث بِخِلَافِهِمْ فِي هَذَا ، فَقَدْ أَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ قَبْل أَنْ يَنْبُغ هَؤُلَاءِ . وَوُجُوبه بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ " .ا.هـ.
وقَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه
: هَذَا الْحَدِيث أَصْل فِي صِفَة التَّغْيِير فَحَقُّ الْمُغَيِّر أَنْ يُغَيِّرهُ بِكُلِّ وَجْه أَمْكَنَهُ زَوَاله بِهِ قَوْلًا كَانَ أَوْ فِعْلًا ؛ فَيَكْسِر آلَات الْبَاطِل ، وَيُرِيق الْمُسْكِر بِنَفْسِهِ ، أَوْ يَأْمُر مَنْ يَفْعَلهُ ، وَيَنْزِع الْغُصُوبَ وَيَرُدَّهَا إِلَى أَصْحَابهَا بِنَفْسِهِ ، أَوْ بِأَمْرِهِ إِذَا أَمْكَنَهُ وَيَرْفُق فِي التَّغْيِير جَهْده بِالْجَاهِلِ وَبِذِي الْعِزَّة الظَّالِم الْمَخُوف شَرّه ؛ إِذْ ذَلِكَ أَدْعَى إِلَى قَبُول قَوْله .
كَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُون مُتَوَلِّي ذَلِكَ مِنْ أَهْل الصَّلَاح وَالْفَضْل لِهَذَا الْمَعْنَى . وَيُغْلِظ عَلَى الْمُتَمَادِي فِي غَيّه ، وَالْمُسْرِف فِي بَطَالَته ؛ إِذَا أَمِنَ أَنْ يُؤَثِّر إِغْلَاظُه مُنْكَرًا أَشَدّ مِمَّا غَيَّرَهُ لِكَوْنِ جَانِبه مَحْمِيًّا عَنْ سَطْوَة الظَّالِم .
فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنّه أَنَّ تَغْيِيرَهُ بِيَدِهِ يُسَبِّبُ مُنْكَرًا أَشَدّ مِنْهُ مِنْ قَتْله أَوْ قَتْل غَيْره بِسَبَبٍ كَفَّ يَدَهُ ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْل بِاللِّسَانِ وَالْوَعْظ وَالتَّخْوِيف . فَإِنْ خَافَ أَنْ يُسَبِّب قَوْله مِثْل ذَلِكَ غَيَّرَ بِقَلْبِهِ ، وَكَانَ فِي سَعَة ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَاد بِالْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ اِسْتَعَانَ مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى إِظْهَار سِلَاحٍ وَحَرْبٍ ، وَلْيَرْفَع ذَلِكَ إِلَى مَنْ لَهُ الْأَمْر إِنْ كَانَ الْمُنْكَر مِنْ غَيْره ، أَوْ يَقْتَصِر عَلَى تَغْيِيره بِقَلْبِهِ . هَذَا هُوَ فِقْه الْمَسْأَلَة ، وَصَوَاب الْعَمَل فِيهَا عِنْد الْعُلَمَاء وَالْمُحَقِّقِينَ خِلَافًا لِمَنْ رَأَى الْإِنْكَار بِالتَّصْرِيحِ بِكُلِّ حَالٍ وَإِنْ قُتِلَ وَنِيل مِنْهُ كُلّ أَذَى . هَذَا آخِر كَلَام الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّه " .ا.هـ.
*****
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في الشرح الممتع على زاد المستقنع
في سياق بيان ما لا ضمان فيه من المحرَّمات: قوله: وكسر مزمار، يعني:
كما لا يضمن كسر المزمار، لأن هذا من باب تغيير المنكر، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده.... ثم قال رحمه الله: إذاً المزمار من آلات العزف التي لا تباح بحال، وعلى هذا فيجب إتلافه، فإذا أتلفه متلف لم يكن عليه ضمان، وهل يجب على الواحد من الناس أن يكسر هذه المزامير؟ الجواب: لا، لأنه ليس له السلطة، وهل يجوز أن يكسرها؟ يُنظر، إن كان يترتب على ذلك ضرر أكبر، فإنه لا يكسرها، كما لو حصلت فتنة في تكسيرها بأن يقوم صاحبها على هذا وينازعه ويخاصمه وربما يحصل بينهما شر، فهنا لا يكسرها، ولكن إذا سمعها يهرب منها، وإن لم يكن فتنة بحيث أتى على حين غفلة ووجدها وكسرها فلا بأس، لكن مع هذا إذا كان يخشى أنه يمكن أن يتتبع حتى يعرف ويحصل الشر والفتنة، فإنه لا يجوز له أن يكسرها فضلا عن كونه يجب....
وقال في موضع آخر: فإذا قال قائل: هل يجوز أن أسطو على صاحب آلة اللهو وآخذها، وأكسرها؟ الجواب: فيه تفصيل إذا كان لك سلطة فنعم، أما إذا لم يكن لك سلطة فلا تفعل، لأن ذلك يسبب فتنة أكبر من بقائها عنده، وقد تتمكن وقد لا تتمكن، فقد يدافع هو ولا تتمكن، ولكن إذا أخذتها خفية وسرا على وجه لم يعلم به، وكسرتها، فهذا طيب، ولا إثم عليك وليس فيه فتنة. انتهى.
ومن أراد التزود فليرجع الى كتاب شيخنا سعيد بن دعاس رحمه الله في انكار المنكر باليد
والحمد لله رب العالمين
كما لا يضمن كسر المزمار، لأن هذا من باب تغيير المنكر، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده.... ثم قال رحمه الله: إذاً المزمار من آلات العزف التي لا تباح بحال، وعلى هذا فيجب إتلافه، فإذا أتلفه متلف لم يكن عليه ضمان، وهل يجب على الواحد من الناس أن يكسر هذه المزامير؟ الجواب: لا، لأنه ليس له السلطة، وهل يجوز أن يكسرها؟ يُنظر، إن كان يترتب على ذلك ضرر أكبر، فإنه لا يكسرها، كما لو حصلت فتنة في تكسيرها بأن يقوم صاحبها على هذا وينازعه ويخاصمه وربما يحصل بينهما شر، فهنا لا يكسرها، ولكن إذا سمعها يهرب منها، وإن لم يكن فتنة بحيث أتى على حين غفلة ووجدها وكسرها فلا بأس، لكن مع هذا إذا كان يخشى أنه يمكن أن يتتبع حتى يعرف ويحصل الشر والفتنة، فإنه لا يجوز له أن يكسرها فضلا عن كونه يجب....
وقال في موضع آخر: فإذا قال قائل: هل يجوز أن أسطو على صاحب آلة اللهو وآخذها، وأكسرها؟ الجواب: فيه تفصيل إذا كان لك سلطة فنعم، أما إذا لم يكن لك سلطة فلا تفعل، لأن ذلك يسبب فتنة أكبر من بقائها عنده، وقد تتمكن وقد لا تتمكن، فقد يدافع هو ولا تتمكن، ولكن إذا أخذتها خفية وسرا على وجه لم يعلم به، وكسرتها، فهذا طيب، ولا إثم عليك وليس فيه فتنة. انتهى.
ومن أراد التزود فليرجع الى كتاب شيخنا سعيد بن دعاس رحمه الله في انكار المنكر باليد
والحمد لله رب العالمين
تعليق