خطبة الجمعة
في دار الحديث بدماج(في 7 ذي القعدة 1431 هـ) للشيخ محمد
بن محمد مانع( أبوإبراهيم)
(بسم الله الرحمان الرحيم)
في دار الحديث بدماج(في 7 ذي القعدة 1431 هـ) للشيخ محمد
بن محمد مانع( أبوإبراهيم)
(بسم الله الرحمان الرحيم)
الخطبة الأولى :إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، و سيئات أعمالنا، من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً،أمابعد:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران:102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي
تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾[النساء:1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ
فَوْزاً عَظِيماً﴾[الأحزاب: 70-71].
أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة
بدعة وكل بدعة ضلالة.أما بعد:
عباد الله:
علينا أن نتواصى بالحق باالثبات على الحق والثبات على السنة والتميز عن أهل الباطل ،يقول الله سبحانه وتعالى:
﴿ وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وتواصوا بالحق وتوصوا بالصبر﴾.
ويقول الله جل في علاه:﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ. ﴾.ويقول الله جل في علاه:﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي
مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ سورة الأنعام 153
وأخرج مسلم في صحيحه من حديث ثوبان رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال *لا تزال طائفة من أمّتي على الحقّ
ظاهرين لا يضرّهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وَهُمْ كَذَلِكَ*
وفي رواية حتى تقوم الساعة وهم كذلك ،وهم كذلك ثابتون على الحق ثابتون على السنة ، ثابتون على منهج السلف
متميزون عن أهل الباطل والبدع والأهواء،وأهل السنة الثابتون عليها الذين لاينحرفون عنها يمينًا ولا شمالاً ولا
يقدمون لأحد عليها مقالاً ،هم أهل الحق وهم أهل الإتباع ،يقول أبو محمد إبن حزم رحمة الله تعالى عليه: وأهل السنة
الذين نذكرهم هم،أهل الحق ومن عداهم فأهل الباطل ، فإنهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، فإنهم الصحابة رضي
الله تعالى عنهم.وكل من سلك نهجهم من خيار التابعين، ثم أصحاب الحديث ومن اتبعهم من الفقهاء جيلاً فجيلاً إلى
يومنا هذا ، ومن اقتد بهم من العوام في شرق الأرض و غربها ، رحمة الله عليهم أجمعين ،العامي الذي يحب أهل
السنة ويحرص على العمل بالسنة وينتصر لأهل الحق هو من أهل السنة، أهل السنة هم الفرقة الناجية ،إنتهى كلام
ابن حزم رحمه الله ،من الفصل في الملل والنحل.
وقال أبو إسحاق الشاطبي رحمة الله عليه :فإن فرقة النجاة وهم أهل السنة ،مؤمورون بعداوة أهل البدع والتشريد بهم
والتنكيل بمن نحاش إلى نهجهم هؤلاء هم أهل السنة الثابتون عليها، الثابتون على ما كان عليه السلف الصالح
رضوان الله عليهم،متمسكون بالكتاب ،متمسكون بالسنة على فهم السلف رضوان الله عليهم.
قالَ الإمام الأوزاعيُّ رحمة الله عليه: *اصْبر نفسك على السُّنَّة، وقفْ حيثُ وقفَ القوم، وقُلْ بما قالوا، وكفّ عمَّا كفّوا
، واسْلك سبيل سلفك الصَّالح، فإنَّهُ يسعك ما وسعهم. * ذكر ه الإمام الالكائي رحمه الله في أصول الاعتقاد أهل
السنة.وبن قدامة رحمة الله عليه يقول: *فمن لم يسعه ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين وأئمة
الهدى من بعدهم فلا وسع الله عليه * الذين يوفقهم الله جل وعلا للاتباع السنة هم الذين يبتعدون عن البدع والأهواء
.
قال الإمام أبو القاسم الأصبهاني رحمة الله عليه في كتاب الحجة قال: أهل السنة لا ترى أحدًا مال إلى هوى أو بدعة إلا
وجدته متحيراً ميت القلب ، ممنوعًا من النطق بالحق، السني هو الذي يلازم السنة ،ويلازم أهل السنة لا يكون سنيًا
من فرق بين أهل السنة،لا يكون سنيًا من انحرف عن السنة ، لا يكون سنيًا من زاغ عن هدي رسول الله صلى الله
عليه وعلى آله وسلم.
يقول أبو إسحاق الشاطبي رحمة الله عليه في الإعتصام : الفرقة من أخص أوصاف المبتدعة ، لتعلموا أن من فرق
بين أهل الحق وفرق بين أهل السنة، وفرق بين أتباع السلف فإنه لا يكون منهم يقول رحمة الله عليه،
والفرقة من أخص أوصاف المبتدعة. قا ل الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله تعالى عليه:والبدعة مقرونة بالفرقة كما أن السنة مقرونة بالجماعة ، فيقال أهل
السنة والجماعة كما يقال أهل البدعة والفرقة. إنتهى كلامه رحمة الله عليه من الاستقامة.
فيجب على من أراد النجاة ،أن يسلك سبيل أهل السنة في جميع أبواب الدين قال شيخ الإسلام رحمة الله عليه:فمن سلك
سبيل أهل السنة استقام قوله وكان من أهل الحق ،وكان من أهل الحق والاستقامة والاعتدال وإلا حصل في الجهل
والكذب والنقص والتناقض انتهى كلامه رحمه الله من منهاج السنة. الذي يريد النجاة يسلك سبيل أهل السنة قولاً
وعملاً واعتقادا ولاء وبراءً.يقول الإمام البغوي رحمة الله تعالى عليه: *وعلى المرء المسلم إذا رأى رجلاً يتعاطى
شيئاً من البدع معتقداً أو يتهاون بشيء من السنن أن ويتبرأ منه ويتركه حياً وميتًا *
فلا يجيبه إذا دعاه فلا يسلم عليه إذا لقيه ،ولا يجيبه إذا دعاه حتى يترك بدعته ويراجع الحق ، فهذا هو منهج
السلف الصالح رضوان الله عليهم لمن أراد أن يستقيم عليه ،تمسك بالسنة ،تمسك بالحق بعد من أهل الباطل ،بعد عن والكذب والنقص والتناقض انتهى كلامه رحمه الله من منهاج السنة. الذي يريد النجاة يسلك سبيل أهل السنة قولاً
وعملاً واعتقادا ولاء وبراءً.يقول الإمام البغوي رحمة الله تعالى عليه: *وعلى المرء المسلم إذا رأى رجلاً يتعاطى
شيئاً من البدع معتقداً أو يتهاون بشيء من السنن أن ويتبرأ منه ويتركه حياً وميتًا *
فلا يجيبه إذا دعاه فلا يسلم عليه إذا لقيه ،ولا يجيبه إذا دعاه حتى يترك بدعته ويراجع الحق ، فهذا هو منهج
أهل التحزب والضلالوالانحراف الذين يتكتلون ضد أهل الحق و يتكتلون ضد أهل السنة، الثابتين عليها ويحاربون
هذه الدار التي أسست على السنة، وأسست على التقوى ،ليسوا من السنة في شيء الذين يتحزبون ضد الحق وضد
الدعاة إليه ليسوا من السنة في شيئ، قال شيخنا الإمام الوادعي رحمة الله عليه ولقد ابتليا المسلمون بالحزبية التي
مسخت كثير من الشباب ،وفرقت شمل المسلمين ورب العزة يقول في كتابه:﴿ وعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا﴾آل عمران الأية103
ويقول:﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ سورة الحجرات الأية10
ويقول:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ ﴾سورةالحجرات11
والحزبيون من لم يكن معهم تنكروا له ونفروا عنه ولا إله إلا الله. كم من شاب قد مسخه بسبب الحزبية يكون حافظ
للقرآن مبرزًا في العلوم الدينية فإذا لتحق بهم شغلوه بالترهات والأباطيل حتى تذهب معلوماته ،والناس ينقسمون إلى
حزبين حزب الرحمان وحزب الشيطان كما أخبر الله تعالى في كتابه الكريم إنتهى كلامه رحمه الله تعالى من الجامع
الصحيح في القدر ،ولا قوة إلا بالله.
الخطبةالثانية: الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى
الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثير.أما بعد:
فقد ثبت عند الإمام الطبراني في الأوسط من حد يث أنس بن مالك رضى الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:*"إن الله حجب التوبة عن صاحب كل بدعة*"
وهذا الحديث المبارك يدل على خطورة البدع ووجوب التوبة منها وفيه الحث على الابتعاد عن أهل البدع والضلال
فإن كثير من الناس ما وقع في البدعة والانحراف عن الحق إلا بسبب صحبة أهل الباطل والأهواء ،فمن أسباب
الوقوع في البدع صحبة أهل البدع والضلال ، وقال أبو قلابة رحمه الله: * لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم فإني
لا آمن ان يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم*.إنتهى كلامه رحمه الله. من كتاب
الشريعة .صحبة أهل البدع صحبة أهل الضلال صحبة أهل التحزب صحبة المنحرفون عن منهج السلف،من أسباب
الوقوع في الضلال والبدعة والانحراف قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كما بينا في كتاب الشريعة *لا تجالس
أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة للقلوب* ومن أسباب الوقوع في البدع القراءة في كتب المبتدعة وأهل الضلال
ومن أسباب الوقوع في البدع كذلك الإنشغال عن العلم ،والتكالب على الدنيا،ومن أسباب الوقوع في البدع كذلك
التساهل في بعض ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي بكر الصديق
رضي الله تعالى عنه أنه قال:* لست تاركً شيئ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به فإني أخشى
إن تركت شيئ من أمره أن أزيغ أي من بعض أمره* .أما لو ترك أمره كله لنحرف عن دين الله عزوجل فإذا ترك
بعض أمررسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذلك من أسباب الزيغ ومن أسباب الانحراف عن الحق عن السنة عن
منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم من أسباب الوقوع في البدع والفتن والضلالن عدم ضبط السير على منهج
السلف الصالح رضوان الله عليهم يقول عبد الله بن داوود الخريبي رحمة الله عليه . كما ثبت الفقيه والمتفقه والله لو
بلغنا أن القوم لم يزيد في الوضوء على غسل أظافرهم لما زدنا عليهم.قال أبو بكر بن خزيمة يريد أن الأمر الإتباع
فإذا أراد المسلم النجاة من الوقوع في البدع والضلال فعليه أن يتمسك بما قرره السلف رضوان الله عليهم في جميع
أبواب الدين يقول الحافظ بن حجر رحمة الله عليه: فسعيد من تمسك بما كان عليه السلف واجتنب ما أحدثه الخلف.
انتهى كلامه رحمه الله من الفتح ،من هذه الأسباب توقع في البدع توقع في الضلال وكذلك من أسباب الضلال
الانحراف عن الحق والسنة تلقي العلم عن أهل البدع والضلال والأهواء ،من المقرر عند السلف أن العلم لا يأخذ إلا
عن أهل السنة ،وأن المبتدعة ليسوا بمؤتمنين على دين الله عزوجل ،قال أبو عبد الله المغربي رحمة الله عليه: * لا
ترجوا نصح من قد خان نفسه *ذكره البيهقي رحمة الله عليه في شعب الإيمان .قال الإمام أحمد رحمة الله تعالى
عليه:عليكم بالسنن و الآثار والفقه الذي تتفقهون به ودعوا كلام أهل الزيغ أعاذنا الله وإياكم من الفتن ،وسلمنا وإياكم
من كل هلكة .قال ابن سيرين رحمة الله عليه: في مقدمة صحيح مسلم لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة وهي الفتنة في الاعتقاد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيأخذ حديثهم وينظر إلى أهل
البدع فلا يأخذ حديثهم .قال الخطيب البغدادي رحمة الله عليه:كما في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ،إذا كان
الراوي من أهل الأهواء والبدع لم يسمع منه وإذا كان الراوي من أهل الأهواء والمذاهب التي تخالف الحق لم يسمع
منه وإذا عرف بالطلب والحفظ .
اللهم ثبتنا على السنة وحفظ هذه الدار وأهلها من كل سوء يارب العالمين.
[خطبة الجمعة (في 7 ذي القعدة 1431 هـ) في دار الحديث بدماج ]