الحزن على الميت
سئل عن بكاء الأم والأخوة على الميت : هل فيه بأس على الميت ؟
فأجاب :
أما دمع العين ، وحزن القلب ، فلا إثم فيه ، لكن الندب والنياحة منهي عنه ، وأي صدقة تصدق بها
عن الميت نفعه ذلك .
وسئل عما يتعلق بالتعزية؟
فأجاب :
التعزية مستحبة ، ففي الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من عزى مصاباً ، فله
مثل أجره ) . وأما قول القائل : ما نقص من عمره زاد في عمرك ، فغير مستحب ، بل المستحب أن
يدعى له بما ينفع ،مثل أن يقول : أعظم اللّه أجرك ، وأحسن عزاك ، وغفر لميتك .
وأما نقص العمر وزيادته ، فمن الناس من يقول : إنه لا يجوز بحال ، ويحمل ما ورد على زيادة
البركة ، والصواب أنه يحصل نقص وزيادة عما كتب في صحف الملائكة . وأما علم اللّه القديم ، فلا
يتغير .
وأما اللوح المحفوظ : فهل يغير ما فيه ؟ على قولين . وعلى هذا يتفق ما ورد في هذا الباب من
النصوص .
وأما صنعة الطعام لأهل الميت ، فمستحبة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اصنعوا لآل جعفر
طعاماً ، فقد أتاهم ما يشغلهم ) . لكن إنما يطيب إذا كان بطيب نفس المهدي ،وكان على سبيل
المعاوضة ، مثل أن يكون مكافأة عن معروف مثله . فإن علم الرجل أنه ليس بمباح ، لم يأكل منه ،
وإن اشتبه أمره فلا بأس بتناول اليسير منه إذا كان فيه مصلحة راجحة ، مثل تاليف القلوب ، ونحو
ذلك . واللّه أعلم .
وسئل عمن يقرأ القرآن ، وينوح على القبر ، ويذكر شيئاً لا يليق ، والنساء مكشفات الوجوه ،
والرجال حولهم؟
فأجاب :
الحمد للّه ، النياحة محرمة على الرجال والنساء عند الأئمة المعروفين .
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن النائحة إذا لم تتب قبل موتها، فإنها تلبس
يوم القيامة درعا من جرب ، وسربالا من قطران . وفي السنن عنه : أنه لعن النائحة ، والمستمعة .
وفي الصحيح عنه قال : ( ليس منا من لطم الخدود ، وشق الجيوب ، ودعا بدعوى الجاهلية ) .
وكشف النساء وجوههن بحيث يراهن الأجانب غير جائز ، وعلى ولي الأمر الأمر بالمعروف ، والنهي
عن هذا المنكر ، وغيره ، ومن لم يرتدع ، فإنه يعاقب على ذلك بما يزجره ، لا سيما النوح للنساء
عند القبور ، فإن ذلك من المعاصي التي يكرهها اللّه ورسوله ، من الجزع والندب والنياحة ، وإيذاء
الميت ، وفتنة الحي ، وأكل أموال الناس بالباطل ، وترك ماأمر اللّه به ورسوله من الصبر والاحتساب
، وفعل أسباب الفواحش ، وفتح بابها ، ما يجب على المسلمين أن ينهوا عنه . واللّه أعلم . وصلى
اللّه على محمد وآله وصحبه وسلم .
مجموع فتاوي ابن تيمية