السؤال :
هذه مجموعة من الأسئلة تدور حول محور واحد خلاصتها : يسود بين كثير من الشباب نوع من
التنافر والتدابر ، فهل من نصيحة للجميع للحرص على الأخوة والألفة وحسن الظن والخلق في
التعامل مع الوالدين والعلماء والناس أجمعين ؟
الجواب :
شريعة الإسلام تدعو إلى التآلف والتآخي بين المؤمنين لما في ذلك من تحقيق المصالح الدينية
والدنيوية، وتنهى عن التدابر والتهاجر ونحوهما لما في ذلك من المفاسد الدينية والدنيوية . وأنّ
الواجب الإلتزام بهذا الأصل حتى يحصل السبب المسوغ للهجر والفرقة ، وحينئذ يكون الهجر
والفرقة الصادرة من أهل السنة والجماعة لأهل الأهواء طاعة ؛ لأن أوثق عرى الإيمان " الحب في
الله والبغض في الله والموالاة في الله والمعاداة في الله " قال ـ تبارك وتعالى ـ : ( إنما المؤمنون
إخوة فأصلحوا بين أخويكم ) [ الحجرات : 10 ] .وقال عزّ شأنه : ( يا أيها الذين ءامنوا لا
يسخر قوم من قوم ) ـ والسخرية : الإحتقار وعدم القيام بالحقوق ـ ( عسى أن يكونوا خيرا منهم
ولا نساءٌ من نساءٍ عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ) أي : لا يعب بعضكم بعضا (
ولا تنابزوا بالألقاب ) [ الحجرات : 11 ] . إلى غير ذلك من التوجيهات القرآنية ، والنبي
الكريم عليه الصلاة والسلام يقول :" المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ... كل
المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه " ثم إنه لا يليق بالمسلمين أن تكون أخوتهم مجرد
كلام وابتسام مع مخالفة ما في القلوب لما تنطق به الألسنة ، بل يجب أن تكون أخوتهم صادقة في
الظاهر والباطن ، ولا يحمل الأحقاد أخ مؤمن لإخوانه المؤمنين ، وإن حصل بينهم ما حصل من
مخالفات في حظوظ النفس أو حظوظ الدنيا فإنها لا تخوّل له أن يحقد على إخوانه المسلمين ، أو
يبغضهم ، أو يسيء بهم الظنون ، بل يجب أن يكون مخلصا في الأخوة وصادقا فيها حتى تجتمع
القلوب وتأتلف على الحق .
وهناك شيء آخر يجلب العداوة ويجلب الفرقة وهو البدع ، إذا انخرط بعض الشباب في البدع
المضلة ، وتأثروا بأصحاب الأهواء الذين خالفوا منهج السلف في قليل أو كثير ، فترى من كان قائما
على منهج السلف يبغضهم وهم يبغضونه ، ويهجرهم وهم يهجرونه ، هذا من الأسباب التي سببت
الفرقة بين الشباب ، وجود البدع في بعض الشباب ، قلّدوا فيها غيرهم،وائتموا فيها بأهل الأهواء،
وبقيت الطائفة المتمسكة بالكتاب والسنة ومنهج السلف على الحق ، فنشأت العداوة بين الطائفتين ،
فعداوة صاحب الحق لصاحب الباطل حق لا ينكر ، مع بذل النصيحة والدعوة له بحسب الإمكان ،
والوصل مشروع للمبتدع عند إرادة مناظرته كي يرجع إلى رحاب الحق أو تقوم عليه الحجة بأدلة
الكتاب والسنة ، لأن إقامة الحجة على المبتدع نوع من أنواع الجهاد له كما فعل ابن عباس رضي
الله عنهما مع الخوارج .
وإذا كان الأمر كذلك فلا غنى لطلاب العلم عن أكابر العلماء والأشياخ الذين قضوا مدة طويلة في
العلم والتجربة الدعوية .
هذا وليعلم : أن الفرقة مقرونة بالبدعة ، والألفة مقرونة بالسنة ، فأهل السنة متآلفون وإن حصل
بينهم شيء من الخلاف فإنهم لا يصلون إلى حد التقاطع والتهاجر وتمني زوال النعمة عن الغير أبدا
. نعم قد يحصل بين الإخوة الناهجين نهج السلف والسالكين مسلك الحق شيء من الخلاف
والخصومة لأنهم ليسوا معصومين ، لكن لا يؤثر على إخوتهم ولا تدوم هذه الفرقة كما تدوم بين
سني وبدعي من غابر الأزمان إلى يومنا هذا ، فهذا هو شرح لهذه القضية في حدود ما عندي من
علم .
أما عن عدم احترام العلماء فلا يصدر من صاحب سنة ، بل يصدر من أهل الأهواء والبدع ، وعدم
احترام الحكام المسلمين في الأرض لا يصدر إلا من أهل البدع وعلى رأسهم الخوارج ، و الإحتقار
للوالدين وللأقارب والأصحاب لا يصدر إلا من صاحب بدعة وصاحب غلو وتطرّف أعمته هذه
المعاصي عن طريق الحق ، فطفق يضع الأشياء في غير مواضعها ، وطريق الخلاص حسب علمي
طلب العلم الشرعي بالنية الصادقة والتعقل لمعانيه والسكينة والوقار ، فإن من سلك هذه المسالك أي
: يطلب العلم وهو صاحب سكينة وصاحب وقار ، وصاحب صدق مع الله ، وصاحب إخلاص لربه
هداه الله ـ تبارك وتعالى ـ لمعرفة الحق والعمل به والحياة في ظله فنعم الظل الظليل .
ومن اتبع الشيطان وتحمّس حماسا يخرجه عن دائرة الحق والصلاح والإصلاح ضلّ عن سواء
السبيل ، وأضلّ غيره فحمل الوزر الثقيل . والله أعلم بالظاهر والباطن والحقير والجليل .
هذه مجموعة من الأسئلة تدور حول محور واحد خلاصتها : يسود بين كثير من الشباب نوع من
التنافر والتدابر ، فهل من نصيحة للجميع للحرص على الأخوة والألفة وحسن الظن والخلق في
التعامل مع الوالدين والعلماء والناس أجمعين ؟
الجواب :
شريعة الإسلام تدعو إلى التآلف والتآخي بين المؤمنين لما في ذلك من تحقيق المصالح الدينية
والدنيوية، وتنهى عن التدابر والتهاجر ونحوهما لما في ذلك من المفاسد الدينية والدنيوية . وأنّ
الواجب الإلتزام بهذا الأصل حتى يحصل السبب المسوغ للهجر والفرقة ، وحينئذ يكون الهجر
والفرقة الصادرة من أهل السنة والجماعة لأهل الأهواء طاعة ؛ لأن أوثق عرى الإيمان " الحب في
الله والبغض في الله والموالاة في الله والمعاداة في الله " قال ـ تبارك وتعالى ـ : ( إنما المؤمنون
إخوة فأصلحوا بين أخويكم ) [ الحجرات : 10 ] .وقال عزّ شأنه : ( يا أيها الذين ءامنوا لا
يسخر قوم من قوم ) ـ والسخرية : الإحتقار وعدم القيام بالحقوق ـ ( عسى أن يكونوا خيرا منهم
ولا نساءٌ من نساءٍ عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ) أي : لا يعب بعضكم بعضا (
ولا تنابزوا بالألقاب ) [ الحجرات : 11 ] . إلى غير ذلك من التوجيهات القرآنية ، والنبي
الكريم عليه الصلاة والسلام يقول :" المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ... كل
المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه " ثم إنه لا يليق بالمسلمين أن تكون أخوتهم مجرد
كلام وابتسام مع مخالفة ما في القلوب لما تنطق به الألسنة ، بل يجب أن تكون أخوتهم صادقة في
الظاهر والباطن ، ولا يحمل الأحقاد أخ مؤمن لإخوانه المؤمنين ، وإن حصل بينهم ما حصل من
مخالفات في حظوظ النفس أو حظوظ الدنيا فإنها لا تخوّل له أن يحقد على إخوانه المسلمين ، أو
يبغضهم ، أو يسيء بهم الظنون ، بل يجب أن يكون مخلصا في الأخوة وصادقا فيها حتى تجتمع
القلوب وتأتلف على الحق .
وهناك شيء آخر يجلب العداوة ويجلب الفرقة وهو البدع ، إذا انخرط بعض الشباب في البدع
المضلة ، وتأثروا بأصحاب الأهواء الذين خالفوا منهج السلف في قليل أو كثير ، فترى من كان قائما
على منهج السلف يبغضهم وهم يبغضونه ، ويهجرهم وهم يهجرونه ، هذا من الأسباب التي سببت
الفرقة بين الشباب ، وجود البدع في بعض الشباب ، قلّدوا فيها غيرهم،وائتموا فيها بأهل الأهواء،
وبقيت الطائفة المتمسكة بالكتاب والسنة ومنهج السلف على الحق ، فنشأت العداوة بين الطائفتين ،
فعداوة صاحب الحق لصاحب الباطل حق لا ينكر ، مع بذل النصيحة والدعوة له بحسب الإمكان ،
والوصل مشروع للمبتدع عند إرادة مناظرته كي يرجع إلى رحاب الحق أو تقوم عليه الحجة بأدلة
الكتاب والسنة ، لأن إقامة الحجة على المبتدع نوع من أنواع الجهاد له كما فعل ابن عباس رضي
الله عنهما مع الخوارج .
وإذا كان الأمر كذلك فلا غنى لطلاب العلم عن أكابر العلماء والأشياخ الذين قضوا مدة طويلة في
العلم والتجربة الدعوية .
هذا وليعلم : أن الفرقة مقرونة بالبدعة ، والألفة مقرونة بالسنة ، فأهل السنة متآلفون وإن حصل
بينهم شيء من الخلاف فإنهم لا يصلون إلى حد التقاطع والتهاجر وتمني زوال النعمة عن الغير أبدا
. نعم قد يحصل بين الإخوة الناهجين نهج السلف والسالكين مسلك الحق شيء من الخلاف
والخصومة لأنهم ليسوا معصومين ، لكن لا يؤثر على إخوتهم ولا تدوم هذه الفرقة كما تدوم بين
سني وبدعي من غابر الأزمان إلى يومنا هذا ، فهذا هو شرح لهذه القضية في حدود ما عندي من
علم .
أما عن عدم احترام العلماء فلا يصدر من صاحب سنة ، بل يصدر من أهل الأهواء والبدع ، وعدم
احترام الحكام المسلمين في الأرض لا يصدر إلا من أهل البدع وعلى رأسهم الخوارج ، و الإحتقار
للوالدين وللأقارب والأصحاب لا يصدر إلا من صاحب بدعة وصاحب غلو وتطرّف أعمته هذه
المعاصي عن طريق الحق ، فطفق يضع الأشياء في غير مواضعها ، وطريق الخلاص حسب علمي
طلب العلم الشرعي بالنية الصادقة والتعقل لمعانيه والسكينة والوقار ، فإن من سلك هذه المسالك أي
: يطلب العلم وهو صاحب سكينة وصاحب وقار ، وصاحب صدق مع الله ، وصاحب إخلاص لربه
هداه الله ـ تبارك وتعالى ـ لمعرفة الحق والعمل به والحياة في ظله فنعم الظل الظليل .
ومن اتبع الشيطان وتحمّس حماسا يخرجه عن دائرة الحق والصلاح والإصلاح ضلّ عن سواء
السبيل ، وأضلّ غيره فحمل الوزر الثقيل . والله أعلم بالظاهر والباطن والحقير والجليل .
المصدر :
المجموع الأصيل لتوضيح العقائد بالتفصيل
الشرح لفضيلة الشيخ زيد بن محمد المدخلي حفظه الله [ ص : 153 ] .
المجموع الأصيل لتوضيح العقائد بالتفصيل
الشرح لفضيلة الشيخ زيد بن محمد المدخلي حفظه الله [ ص : 153 ] .