إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فيما يتعلق بالثلاث المهلكات (شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فيما يتعلق بالثلاث المهلكات (شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى)

    فيما يتعلق بالثلاث المهلكات



    قال شيخ الإسلام‏ : ‏ ومما يتعلق بالثلاث المهلكات والمنجيات التي ذكر أنه عند المهلكات عليك

    بخُوَيْصَة نفسك‏ . ‏ أنه قال‏ : ‏ ‏ ( ‏شُحَُّ مطاع ، وهَوي مُتَّبع‏ ) ‏ فجعل هذا مطاعًا ، وهذا متبعًا ، وهذا

    والله أعلم لأن الهوي هوي النفس ، وهو محبتها للشيء ، وشهوتها له ، سواء أريد به المصدر أو

    المفعول‏ . ‏ فصاحب الهوي يأمره هواه ، ويدعوه فيتبعه ، كما تتبع حركات الجوارح إرادة القلب ،

    ولهذا قال الله تعالى‏ : ‏ ‏ { ‏وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا‏ } ‏ ‏ [ ‏المائدة‏ : ‏77‏

    ] ‏ ، وقال‏ : ‏ ‏ { ‏وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًي مِّنَ اللَّهِ‏ } ‏ ‏ [ ‏القصص‏ : ‏50‏ ] ‏‏ .


    وهذا يعم الهوي في الدين ، كالنصاري ، وأهل البدع في المقال والقَدَر‏ . ‏ كما كان السلف يسمونهم

    أهل الأهواء ، من الرافضة والخوارج‏ . ‏ وهذا الهوي موجود في كثير من الفقراء والفقهاء ، إلا من

    عصمه الله‏ . ‏


    وقد اختلف أصحابنا ، هل يدخل الفقهاء المختلفون في اسم أهل الأهواء‏ . ‏ على وجهين ، أدخلهم في

    التقسيم القاضي أبو يَعلى ، وكذلك قبله الشيخ أبو حامد الإسْفَرائيني فيما أظن ، وأنكره ابن عقيل‏ . ‏


    وأما ‏ [ ‏الشح المطاع‏ ] ‏ فقد ذكرنا أن مَفْسدته عائدة إلى منع الخير ، وهذا في الأصل ليس هو

    محبوبًا ، وإنما يحمل عليه الحرص على المشحوح به ، فإنه من باب النَّفَرة والبغض ، فهو يأمر

    صاحبه فيطيعه ، وليس كل مطاع متبعًا ، وإن كان كل متبع مطاعًا ، فإن الإنسان يطيع الطبيب

    والأمير وغيرهما في أمور خاصة ، وليس متبعًا لهم ، أما التابع لغيره فهو مطيع وزيادة ، فإنه

    يذهب معه حيثما ذهب‏ . ‏


    وفرق ثانٍ ، أن المتبع الذي يطلب في نفسه ، فغاية المتبع إدراكه ونيله ، وهذا شأن الهوي‏ . ‏ وأما

    المطاع فغاية لغيره ، وهذا شأن الشح‏ . ‏


    وتحقيق معني الشح‏ :
    ‏ أنه شدة المنع التي تقوم في النفس‏ . ‏ كما يقال‏ : ‏ شحيح بدينه ، وضَنِين بدينه

    ، فهو خلق في النفس ، والبخل من فروعه‏ . ‏ كما في الصحيحين عن أبي هريرة ، عن النبي صلى

    الله عليه وسلم أنه قال‏ :
    ‏ ‏ ( ‏إياكم والشُح فإن الشح أهلك من كان قبلكم ، أمرهم بالبخل فبخلوا ،

    وأمرهم بالظلم فظلموا ، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا‏ )
    ‏ ، وكذلك في حديث عبد الرحمن بن عوف أنه

    كان يقول في طوافه‏ :
    ‏ رب قني شح نفسي‏ . ‏ فقيل له‏ : ‏ ما أكثر ما تستعيذ من ذلك‏!‏ فقال‏ : ‏ إذا وقيت

    شح نفسي ، وقيت الظلم والبخل والقطيعة ، أو كما قال ؛ ولهذا بين الكتاب والسنة أن الشح والحسد

    من جنس واحد في قوله‏ : ‏ ‏ { ‏وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ على أَنفُسِهِمْ وَلَوْ

    كَانَ بِهِمْ
    خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏ } ‏ ‏ [ ‏الحشر‏ : ‏ 9‏ ] ‏ ، فأخبر عنهم

    بأنهم يبذلون ما عندهم من الخير مع الحاجة ، وأنهم لا يكرهون ما أنعم به على إخوانهم‏ . ‏ وضد

    الأول البخل ، وضد الثاني الحسد‏ . ‏


    ولهذا كان البخل والحسد من نوع واحد ، فإن الحاسد يكره عطاء غيره ، والباخل لا يحب عطاء

    نفسه ، ثم قال‏ : ‏ ‏ { ‏وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏ } ‏ ‏ [ ‏الحشر‏ : ‏ 9‏ ] ‏ ، فإن الشح

    أصل للبخل ، وأصل للحسد ، وهو ضيق النفس وعدم إرادتها وكراهتها للخير على الغير ، فيتولد

    عن ذلك امتناعه من النفع ، وهو البخل وإضْرَار المنعم عليه وهو الظلم ، وإذا كان في الأقارب كان

    قطيعة‏ . ‏


    ولهذا في حديث أبي هريرة الذي رواه‏ . ‏‏ . ‏‏ . ‏ النسائي من حديث محمد بن عَجْلان ، عن سهيل بن

    أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏ : ‏ ‏ ( ‏لا

    يجتمع في النارمسلم قتل كافرًا ثم سدد وقارب ، ولا يجتمعان في جوف مؤمن‏ : ‏ غبار في سبيل الله

    وفَيْحُ جهنم ، ولا يجتمعان في قلب عبد‏ : ‏ الإيمان والحسد‏ )
    ‏ ورواه النسائي أيضًا من حديث جرير ،

    عن سهيل ‏ [ ‏عن صفوان‏ ] ‏ بن أبي يزيد ، عن القعقاع بن اللجلاج ، عن أبي هريرة قال‏ : ‏ قال

    رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ :
    ‏ ‏ ( ‏لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبدًا ،

    ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدًا‏ ) ‏‏ .



    . ‏‏ . ‏ فانظر كيف ذكر الشح في الروايات المشهورة ، وفي الأخري والحسد ، واللفظ الأول أجمع ،

    وكيف قرن في الحديث السماحة والشجاعة ، كما قال في الحديث الآخر‏ : ‏ ‏ ( ‏شر ما في المرء‏ : ‏ شح

    هالع ، وجبن خالع‏ )
    ‏ فمدح الشجاعة في سبيل الله ، وذم الشح‏ . ‏ ونظير هذا قوله‏ : ‏ ‏ ( ‏إن من

    الخيلاء ما يحبها الله ، وهو اختيال الرجل بنفسه عند الحرب ، وعند الصدقة‏ )
    ‏ وقصد من الحديث

    قوله‏ : ‏ ‏ { ‏وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏ } ‏ ‏ [ ‏الحشر‏ : ‏9‏ ] ‏ فحصر المفلحين فيمن

    يوق شح نفسه ، والشحيح الذي لا يحب فعل الخير ،والذي يضر نفسه ، ويكره النعمة على غيره‏ . ‏





    مجموع فتاوي ابن تيمية



يعمل...
X