بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بحث نفيس للشيخ أبي حاتم يوسف بن العيد الجزائري حفظه الله ، ألقاه بين يدي شيخه العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله ، حول حديث عرق النسا.
وقد خلص الشيخ أبو حاتم إلى تضعيف الحديث ، خلافا لشيخ يحيى حفظه الله ولشيخه مقبل رحمه الله ، ويظهر من خلال طرح البحث ما عند الشيخ يحيى حفظه الله من سعة صدر للمسائل التي يسوغ فيها الخلاف ، خلاف ما يدعيه الحزبيون من تحجيره على طلابه وإرغامهم على تقليده.
حمل المادة الصوتية [من هنا]
أو التفريغ pdf [من هنا]
بحث حول حديث عرق النسأ
لأخينا الشيخ :
أبي حاتم يوسف بن العيد الجزائري
-وفقه الله-
فرغه واعتنى به ورقم مراجعه:
حسين بن مسعود الجيجلي
قال الشيخ أبو حاتم يوسف بن العيد الجزائري –وفقه الله لكل خيرٍ- : ((
بسم الله الرحمن الرحيم .
هذا بحث حول حديث عرق النسا الذي مرَّ معنا أمسِ في"الصحيح المسند " للإمام الوادعي-رحمه الله- .
الحديث أخرجه ابن ماجة برقم (3463) ، والحاكم في"المستدرك" برقم(7459)
من طريق الوليد بن مسلم-و هذه الطريق المذكورة في "الصحيح المسند" برقم(111)- .
و أخرجه أحمد(3/219) ، والدارقطني في "العلل"(12/7) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري .
ومسدد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"(4/432) ، ومن طريقه الحاكم برقم (7460) عن معتمر بن سليمان.
وأبويعلى في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"(4/433) ، و الحاكم برقم(8247) من طريق حماد بن زيد.
و ابن أبي شيبة في "مسنده" –كذلك- كما في "اتحاف الخيرة"(4/432) ، والدارقطني في "العلل"(12/8) من طريق حماد بن أسامة .
و الدارقطني في "العلل"(12/7) من طريق عبد الله بن عون .
و الحاكم برقم(3153) من طريق روح بن عبادة .
سبعتهم عن هشام بن حسان عن أنس بن سرين أنه سمع أنس بن مالك به مرفوعاً[1].
و هذا الإسناد ظاهره الصحة و لذلك صححه الإمام الوادعي –رحمه الله- في "الصحيح المسند"(1/97/111) ، والإمام الألباني في "الصحيحة"(4/523/1899) و كذا "محققوا المسند" –ط الرسالة- .
لكن الحديث معلٌّ كما سيأتي .
فقد خُولِف هشام بن حسان في إسناده ، فرواه أحمد برقم(20742) عن عبد الرحمن بن مهدي ، و رواه برقم(20743) أيضا عن عفّان بن مسلم ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"برقم(2921) من طريق هُدْبَة بن خالد ، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة عن أنس بن سيرين عن معبد بن سرين عن رجل من الأنصار عن أبيه عن النبيr .الحديث
وفي الإسناد مبهمان وهما : الرجل الأنصاري ، وأبوه.
و رواية المبهم عن النبيr غير كافية لإثبات صحبته إلا أن يُصرَّح بكونه صحابي ، أو ما يقوم مقام ذلك من العبارات كأن يقال بدري أو نحو ذلك ، مع صحّة افسناد إليه وهذا كله لم يتوفر هنا .
ثم يبقى معنا أيهما أرجح؟ رواية هشام بن حسان أو رواية حمّاد بن سلمة؟:
فإذا نظرت في ترجمتهما وجدت حالهما قريب ، فكل منهما (ثقة له أوهام).
لكن أئمة العلل رجّحوا رواية حماد بن سلمة على رواية هشام .
قال الإمام الدارقطني في"العلل"(12/06) : ((اختلف فيه على أنس بن سيرين :
فرواه حبيب بن الشهيد([2]) ، وهشام بن حسان ، وأبو قبيصة سُكين بن يزيد([3]) ، عن أنس بن سيرين ، عن أنس بن مالك.
وخالفهم خالد الحذاء ، فرواه عن أنس بن سيرين ، قال : حدثني رجل من أصحاب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلم لم يسمِّه.
ورواه حماد بن سلمة ، عن أنس بن سيرين ، عن أخيه معبد بن سيرين ، عن رجل من الأنصار ، عن أبيه ، عنِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم ، وعن أنس.
وأشبهها بالصواب قول حماد بن سلمة ، والله أعلم.))اهـ.
و سأل ابن أبي حاتم أباه و أبا رزعة عن الحديث و ذكر الخلاف فيه بين هشام وحماد بن سلمة في "العلل"برقم (2536) فقالا : ((الصَّحِيحُ حَدِيثُ حَمّادِ بن سَلَمَةَ.))اهـ.
وسأل ابن أبي حاتم أباه عن الحديث في موضع آخر من"العلل"برقم(2264) فقال : ((و هذا أصح)) -يعني حديث حماد بن سلمة-.
وليس في الموضعين من "العلل" ذكر (عن أبيه) في الإسناد ، لكن قد مرَّ معك أن جميع من أخرج حديث حماد بن سلمة ، و كذا الدارقطني في "العلل" إنما ذكروه بإثبات (عن أبيه) في الإسناد .
وأشار -أيضاً- إلى تصويب حديث حماد بن سلمة الضياء المقدسي في "المختارة"(2/244) حيث ذكر رواية هشام بن حسان و متابعة حبيب بن الشهيد ، ثم قال(2/244):( ورواه حماد بن سلمة عن أنس بن سرين عن أخيه معبد بن سرين عن رجل من الأنصار عن أبيه عن النبيr .)اهـ.
أما متابعة حبيب بن الشهيد ، وسكين بن يزيد فكلاهما لم تثبت .
أولا : لأنّ الإمام الدارقطني-رحمه الله تعالى- ذكر متابعتهما-كما سبق- في سوقه للخلاف ، ثم أعلّهما برواية حماد بن سلمة.
ثانياً : أن كلتا المتابعتين ضعيفة .
أما متابعة حبيب بن الشهيد فقد أخرجها الطبراني في "الأوسط"برقم(2067) ، والدارقطني في "العلل"(12/6) ، والحاكم في "المستدرك"برقم(7461) ، والسهمي في"تاريخ جرجان"برقم(508) ، والخطيب في "تاريخه"برقم(7116) ، والضياء في "المختارة"برقم(1556) كلهم من طريق العباس بن يزيد البحراني قال: حدثنا عبد الخالق بن أبي المخارق ، قال : حدثنا حبيب بن الشهيد ، عن أنس بن سيرين به كرواية هشام بن حسان .
وفي إسناده (عبد الحالق بن أبي المخارق) ذكره البخاري في"التاريخ"(6/126) لم يحك فيه شيئاً([4])، و ذكره ابن حبان في "الثقات"(8/422) كعادته في توثيق المجاهيل.
و أما متابعة أبي قبيصة سُكين بن يزيد فلم اقف عليها ولم أقف له هو أيضاً على ترجمة إلاّ عند ابن حبان في "الثقات"(6/432) فالذي يطهر أنه مجهول الحال.
فلا تنهض متابعتهما إلى تقوية هشام بن حسان مع ما في المتابعتين من ضعف و مع ترجيح الأئمة لرواية حماد بن سلمة .
ثم وقفت على شاهد من حديث ابن عباس-رضي الله عنهما- أخرجه الطبراني في "الكبير"برقم(12481) و"الأوسط"برقم(3406) و "الصغير"برقم(344) قال : حدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ الْمِصْرِيُّ ، بِمِصْرَ ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّمْلِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مرفوعاً ضمن حديثٍ فيه : ((وَنَعَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِرْقِ النَّسَا أَلْيَةَ كَبْشٍ)) و زاد الطبراني في "الصغير" (( تُجَزَّأُ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ ، ثُمَّ تُذَابُ ،فَتُشْرَبُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءًا عَلَى الرِّيقِ)).
قال الطبراني: لم نسمعه إلا من ابن غليب ، ولم يرو عن ابن عباس إلا من هذا الوجه.
قلت : وهذا إسناد ضعيف فيه ابن جريج مدلس و قد عنعن و تدليسه شديد .
و عبد المجيد بن عبد العزيز بن رواد فيه ضعف([5]).
و مهدي بن جعفر الرملي وثقه ابن حبان([6]) ، وقال صالح بن محمد الحافظ : (لا بأس به) ، لكن قال البخاري:(حديثه منكر)، وقال ابن عدي : (يروي عن الثقات أشياء لا يتابعه عليها أحد) ([7]).
و عبد الله بن خُثيم مختلف فيه([8]).
وعليه فإن قول محققي المسند –ط الرسالة- (إسناده حسن) فليس بحسن. والخلاصة أن الحديث بهذه الطرق لا يثبت والله أعلم.
قال العلامة المحدث يحي بن علي الحجوري عقب كلام تلميذه البار به : (( خلاصته أن الحديث له طرق ، الأخ يوسف يرى على أنها ما تصلح في الشواهد و ما يرتقي بها ، والذي يظهر أنه مع ما في الباب أنه لا بأس أن يكون من بعض طرقه المذكورة يصلح و الله أعلم .لاسيما طريق ابن جريج و إن كان التي فيها نكارة رجل أنكر عليه البخاري بعضهم يمشي مثل هذا .جزاه الله خيراً.))اهـ.
[1] - ولفظه : (( شِفَاءُ عِرْقِ النَّسَا أَلْيَةُ شَاةٍ أَعْرَابِيَّةٍ تُذَابُ ثُمَّ تُجَزَّأُ ثَلاَثَةَ أَجْزَاءٍ ثُمَّ يُشْرَبُ عَلَى الرِّيقِ فِى كُلِّ يَوْمٍ جُزْءٌ )).
[2] - ويأتي الكلام على روايته.
[3] - يأتي الكلام-أيضاً- على روايته .
[4] - قال الشيخ يحي: (هذا تابع من؟) ، قال أبو حاتم : ( هذا متابع لهشام بن حسان عن أنس بن سرين عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- مرفوعاً).
[5] - انظر"تهذيب التهذيب"(6/339-340).
[6] - انظر "الثقات"(9/201).
[7] - انظر"تهذيب الكمال"(28/589) ، و"تهذيب التهذيب"(10/289).
[8] - انظر " تهذيب التهذيب" (5/315).
هذا بحث نفيس للشيخ أبي حاتم يوسف بن العيد الجزائري حفظه الله ، ألقاه بين يدي شيخه العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله ، حول حديث عرق النسا.
وقد خلص الشيخ أبو حاتم إلى تضعيف الحديث ، خلافا لشيخ يحيى حفظه الله ولشيخه مقبل رحمه الله ، ويظهر من خلال طرح البحث ما عند الشيخ يحيى حفظه الله من سعة صدر للمسائل التي يسوغ فيها الخلاف ، خلاف ما يدعيه الحزبيون من تحجيره على طلابه وإرغامهم على تقليده.
حمل المادة الصوتية [من هنا]
أو التفريغ pdf [من هنا]
بحث حول حديث عرق النسأ
لأخينا الشيخ :
أبي حاتم يوسف بن العيد الجزائري
-وفقه الله-
فرغه واعتنى به ورقم مراجعه:
حسين بن مسعود الجيجلي
قال الشيخ أبو حاتم يوسف بن العيد الجزائري –وفقه الله لكل خيرٍ- : ((
بسم الله الرحمن الرحيم .
هذا بحث حول حديث عرق النسا الذي مرَّ معنا أمسِ في"الصحيح المسند " للإمام الوادعي-رحمه الله- .
الحديث أخرجه ابن ماجة برقم (3463) ، والحاكم في"المستدرك" برقم(7459)
من طريق الوليد بن مسلم-و هذه الطريق المذكورة في "الصحيح المسند" برقم(111)- .
و أخرجه أحمد(3/219) ، والدارقطني في "العلل"(12/7) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري .
ومسدد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"(4/432) ، ومن طريقه الحاكم برقم (7460) عن معتمر بن سليمان.
وأبويعلى في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"(4/433) ، و الحاكم برقم(8247) من طريق حماد بن زيد.
و ابن أبي شيبة في "مسنده" –كذلك- كما في "اتحاف الخيرة"(4/432) ، والدارقطني في "العلل"(12/8) من طريق حماد بن أسامة .
و الدارقطني في "العلل"(12/7) من طريق عبد الله بن عون .
و الحاكم برقم(3153) من طريق روح بن عبادة .
سبعتهم عن هشام بن حسان عن أنس بن سرين أنه سمع أنس بن مالك به مرفوعاً[1].
و هذا الإسناد ظاهره الصحة و لذلك صححه الإمام الوادعي –رحمه الله- في "الصحيح المسند"(1/97/111) ، والإمام الألباني في "الصحيحة"(4/523/1899) و كذا "محققوا المسند" –ط الرسالة- .
لكن الحديث معلٌّ كما سيأتي .
فقد خُولِف هشام بن حسان في إسناده ، فرواه أحمد برقم(20742) عن عبد الرحمن بن مهدي ، و رواه برقم(20743) أيضا عن عفّان بن مسلم ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"برقم(2921) من طريق هُدْبَة بن خالد ، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة عن أنس بن سيرين عن معبد بن سرين عن رجل من الأنصار عن أبيه عن النبيr .الحديث
وفي الإسناد مبهمان وهما : الرجل الأنصاري ، وأبوه.
و رواية المبهم عن النبيr غير كافية لإثبات صحبته إلا أن يُصرَّح بكونه صحابي ، أو ما يقوم مقام ذلك من العبارات كأن يقال بدري أو نحو ذلك ، مع صحّة افسناد إليه وهذا كله لم يتوفر هنا .
ثم يبقى معنا أيهما أرجح؟ رواية هشام بن حسان أو رواية حمّاد بن سلمة؟:
فإذا نظرت في ترجمتهما وجدت حالهما قريب ، فكل منهما (ثقة له أوهام).
لكن أئمة العلل رجّحوا رواية حماد بن سلمة على رواية هشام .
قال الإمام الدارقطني في"العلل"(12/06) : ((اختلف فيه على أنس بن سيرين :
فرواه حبيب بن الشهيد([2]) ، وهشام بن حسان ، وأبو قبيصة سُكين بن يزيد([3]) ، عن أنس بن سيرين ، عن أنس بن مالك.
وخالفهم خالد الحذاء ، فرواه عن أنس بن سيرين ، قال : حدثني رجل من أصحاب النبي صَلَّى الله عَلَيه وسَلم لم يسمِّه.
ورواه حماد بن سلمة ، عن أنس بن سيرين ، عن أخيه معبد بن سيرين ، عن رجل من الأنصار ، عن أبيه ، عنِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم ، وعن أنس.
وأشبهها بالصواب قول حماد بن سلمة ، والله أعلم.))اهـ.
و سأل ابن أبي حاتم أباه و أبا رزعة عن الحديث و ذكر الخلاف فيه بين هشام وحماد بن سلمة في "العلل"برقم (2536) فقالا : ((الصَّحِيحُ حَدِيثُ حَمّادِ بن سَلَمَةَ.))اهـ.
وسأل ابن أبي حاتم أباه عن الحديث في موضع آخر من"العلل"برقم(2264) فقال : ((و هذا أصح)) -يعني حديث حماد بن سلمة-.
وليس في الموضعين من "العلل" ذكر (عن أبيه) في الإسناد ، لكن قد مرَّ معك أن جميع من أخرج حديث حماد بن سلمة ، و كذا الدارقطني في "العلل" إنما ذكروه بإثبات (عن أبيه) في الإسناد .
وأشار -أيضاً- إلى تصويب حديث حماد بن سلمة الضياء المقدسي في "المختارة"(2/244) حيث ذكر رواية هشام بن حسان و متابعة حبيب بن الشهيد ، ثم قال(2/244):( ورواه حماد بن سلمة عن أنس بن سرين عن أخيه معبد بن سرين عن رجل من الأنصار عن أبيه عن النبيr .)اهـ.
أما متابعة حبيب بن الشهيد ، وسكين بن يزيد فكلاهما لم تثبت .
أولا : لأنّ الإمام الدارقطني-رحمه الله تعالى- ذكر متابعتهما-كما سبق- في سوقه للخلاف ، ثم أعلّهما برواية حماد بن سلمة.
ثانياً : أن كلتا المتابعتين ضعيفة .
أما متابعة حبيب بن الشهيد فقد أخرجها الطبراني في "الأوسط"برقم(2067) ، والدارقطني في "العلل"(12/6) ، والحاكم في "المستدرك"برقم(7461) ، والسهمي في"تاريخ جرجان"برقم(508) ، والخطيب في "تاريخه"برقم(7116) ، والضياء في "المختارة"برقم(1556) كلهم من طريق العباس بن يزيد البحراني قال: حدثنا عبد الخالق بن أبي المخارق ، قال : حدثنا حبيب بن الشهيد ، عن أنس بن سيرين به كرواية هشام بن حسان .
وفي إسناده (عبد الحالق بن أبي المخارق) ذكره البخاري في"التاريخ"(6/126) لم يحك فيه شيئاً([4])، و ذكره ابن حبان في "الثقات"(8/422) كعادته في توثيق المجاهيل.
و أما متابعة أبي قبيصة سُكين بن يزيد فلم اقف عليها ولم أقف له هو أيضاً على ترجمة إلاّ عند ابن حبان في "الثقات"(6/432) فالذي يطهر أنه مجهول الحال.
فلا تنهض متابعتهما إلى تقوية هشام بن حسان مع ما في المتابعتين من ضعف و مع ترجيح الأئمة لرواية حماد بن سلمة .
ثم وقفت على شاهد من حديث ابن عباس-رضي الله عنهما- أخرجه الطبراني في "الكبير"برقم(12481) و"الأوسط"برقم(3406) و "الصغير"برقم(344) قال : حدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ الْمِصْرِيُّ ، بِمِصْرَ ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّمْلِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مرفوعاً ضمن حديثٍ فيه : ((وَنَعَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِرْقِ النَّسَا أَلْيَةَ كَبْشٍ)) و زاد الطبراني في "الصغير" (( تُجَزَّأُ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ ، ثُمَّ تُذَابُ ،فَتُشْرَبُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءًا عَلَى الرِّيقِ)).
قال الطبراني: لم نسمعه إلا من ابن غليب ، ولم يرو عن ابن عباس إلا من هذا الوجه.
قلت : وهذا إسناد ضعيف فيه ابن جريج مدلس و قد عنعن و تدليسه شديد .
و عبد المجيد بن عبد العزيز بن رواد فيه ضعف([5]).
و مهدي بن جعفر الرملي وثقه ابن حبان([6]) ، وقال صالح بن محمد الحافظ : (لا بأس به) ، لكن قال البخاري:(حديثه منكر)، وقال ابن عدي : (يروي عن الثقات أشياء لا يتابعه عليها أحد) ([7]).
و عبد الله بن خُثيم مختلف فيه([8]).
وعليه فإن قول محققي المسند –ط الرسالة- (إسناده حسن) فليس بحسن. والخلاصة أن الحديث بهذه الطرق لا يثبت والله أعلم.
قال العلامة المحدث يحي بن علي الحجوري عقب كلام تلميذه البار به : (( خلاصته أن الحديث له طرق ، الأخ يوسف يرى على أنها ما تصلح في الشواهد و ما يرتقي بها ، والذي يظهر أنه مع ما في الباب أنه لا بأس أن يكون من بعض طرقه المذكورة يصلح و الله أعلم .لاسيما طريق ابن جريج و إن كان التي فيها نكارة رجل أنكر عليه البخاري بعضهم يمشي مثل هذا .جزاه الله خيراً.))اهـ.
[1] - ولفظه : (( شِفَاءُ عِرْقِ النَّسَا أَلْيَةُ شَاةٍ أَعْرَابِيَّةٍ تُذَابُ ثُمَّ تُجَزَّأُ ثَلاَثَةَ أَجْزَاءٍ ثُمَّ يُشْرَبُ عَلَى الرِّيقِ فِى كُلِّ يَوْمٍ جُزْءٌ )).
[2] - ويأتي الكلام على روايته.
[3] - يأتي الكلام-أيضاً- على روايته .
[4] - قال الشيخ يحي: (هذا تابع من؟) ، قال أبو حاتم : ( هذا متابع لهشام بن حسان عن أنس بن سرين عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- مرفوعاً).
[5] - انظر"تهذيب التهذيب"(6/339-340).
[6] - انظر "الثقات"(9/201).
[7] - انظر"تهذيب الكمال"(28/589) ، و"تهذيب التهذيب"(10/289).
[8] - انظر " تهذيب التهذيب" (5/315).
تعليق