إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

معركة الأتباع والمتبوعين لإبن القيم رحمه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • معركة الأتباع والمتبوعين لإبن القيم رحمه الله

    معركة الأتباع والمتبوعين



    قال
    ابن القيم رحمه الله


    هذا حكم الإتباع والمتبوعين المشركين في الضلالة . وأما الأتباع المخالفون لمتبوعيهم ، العادلون

    عن طريقتهم الذين يزعمون أنهم لهم تبع وليسوا متبعين لطريقتهم ، فهم المذكورون في قوله تعالى:

    { إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ

    لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ

    النَّارِ}


    ، فهؤلاء المتبوعون كانوا على هدى وأتباعهم
    إدعوا أنهم كانوا على طريقتهم ومنهاجهم ، وهم

    مخالفون لهم سالكون غير طريقتهم ، يزعمون أنهم يحبونهم وأن محبتهم لهم تنفعهم مع مخالفتهم ،

    فيتبرءون منهم يوم القيامة فإنهم اتخدوهم أولياء من دون الله وظنوا أن هذا الاتخاذ ينفعهم .




    وهذه حال كل من اتخد من دون الله ورسوله وليجة وأولياء ، يوالي لهم ويعادي لهم ، ويرضى لهم

    ويغضب لهم فان أعماله كلها باطلة يراها يوم القيامة حسرات عليه مع كثرتها وشدة تعبه فيها

    ونصبه ، إذ لم يجرد موالاته ومعاداته ، ومحبته وبغضه ، وانتصاره وإيثاره لله ورسوله فأبطل الله

    عز وجل ذلك العمل كله وقطع تلك الأسباب ، فينقطع يوم القيامة كل وصلة ووسيلة ومودة وموالاة

    كانت لغير الله تعالى ، ولا يبقى إلا السبب الواصل بين العبد وربه وهو حظه من الهجرة إليه وإلى

    رسوله ، وتجريد عبادته له وحده ولوازمها من الحب والبغض والعطاء والمنع والموالاة والمعاداة

    والتقريب والإبعاد وتجريده متابعة رسوله وترك أقوال غيره ، وترك ما خالف ما جاء به والإعراض

    عنه وعدم الاعتناء به وتجريد متابعته تجريدا محضاً بريئاً من شوائب الالتفات إلى غيره ، فضلا عن

    الشركة بينه وبين غيره ، فضلا عن تقديم قول غيره عليه .



    فهذا هو السبب الذي لا ينقطع بصاحبه ، وهذه هي النسبة التي بين العبد وبين ربه ، وهي نسبة

    العبودية المحضة وهي آخيته التي يحول ما يحول ثم إليها مرجعة:



    نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول



    كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبداً لأول منزل



    وهذه هي النسبة التي تنفع العبد ، فلا ينفعه غيرها في الدور الثلاثة: أعني دار الدنيا ، ودار البرزخ

    ، ودار القرار ، فلا قوام له ولا عيش ولا نعيم ولا فلاح إلا بهذه النسبة . وهي السبب الواصل بين

    العبد وبين الله ولقد أحسن القائل:



    إذا تقطع حبل الوصل بينهم * فللمحبين حبل غير منقطع


    وان تصدع شمل القوم بينهم * فللمحبين شمل غير متصدع

    والمقصود أن الله سبحانه يقطع يوم القيامة الأسباب والعلق والوصلات التي كانت بين الخلق في الدنيا

    كلها ، ولا يبقى إلا السبب والوصلة التي بين العبد وبين الله فقط وهو سبب العبودية المحضة التي لا

    وجود لها ولا تحقيق إلا بتجريد متابعة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم إذ هذه العبودية إنما جاءت

    على ألسنتهم وما عرفت إلا بهم ولا سبيل إليها إلا بمتابعتهم وقد قال تعالى: { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا

    مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً
    مَنْثُوراً } ، فهذه هي أعماله التي كانت في الدنيا على غير سنة رسله

    وطريقتهم ولغير وجهه يجعلها الله هباءاً منثورا . ولا ينتفع منها صاحبها بشيء أصلاً ، وهذا من

    أعظم الحسرات على العبد يوم القيامة: أن يرى سعيه كله ضائعاً لم ينتفع منه بشيء وهو أحوج ما

    كان العامل إلى عمله ، وقد سعد أهل السعي النافع بسعيهم .



    هدا حكم اتباع الأشقياء . فأما اتباع السعداء فنوعان:



    اتباع لهم حكم الاستقلال وهم الذين قال الله عز وجل فيهم: { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ

    وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } .
    فهؤلاء هم السعداء الذين ثبت

    لهم رضا الله عنهم وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل من تبعهم بإحسان إلى يوم

    القيامة . ولا يختص ذلك بالقرن الذين رأوهم فقط وإنما خص التابعين بمن رأوا الصحابة تخصيصا

    عرفياً ليتميزوا به عمن بعدهم فقيل: التابعون مطلقاً لذلك القرن فقط ، وإلا فكل من سلك سبيلهم فهو

    من التابعين لهم بإحسان وهو ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه .



    انتهي كلامه رحمه الله





    منقول من كتاب الرسالة التبوكية
يعمل...
X