بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
فهذا موضوع جديد من سلسلة "تنبيه الغافلين" أرجوا أن يوفقني الله لإتمامها قبل لقائه
وهذا الموضوع من السلسلة أفردته "بالعلم"
وقبل هذا كان هناك موضوع أول عن تميز السلف عن أهل البدع الأهواء:
"تنبيه الغافلين بأقوال السلف في التميّز عن المبطلين"
والثاني في نفس الموضوع "التميز" لكن من كلام العلماء المعاصرين:
"تنبيه الغافلين بأقوال العلماء المعاصرين في التميّز عن المبطلين"
وأما الموضوع الثالث فهو موضوع في الكلام عن العلم وأهله وأهميته وكل ما يتعلق به
غير أني لم ألتزم بترتيب كلام السلف قبل كلام علمائنا المعاصرين وإنما كل ما وقفت على قول يتعلق بالعلم أضفته إلى موضوعي
والله من وراء القصد أسأله سبحانه أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم
وأسأله أن ينفعني وإخواني بهذا الموضوع وغيره من المواضيع التي يحتاج إليها طلبة العلم
إنه ولي ذلك والقادر عليه
والحمد لله رب العلمين
قال الله تعالى:
{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
[آل عمران:18]
وقال:
{إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ }
[فاطر:28]
وقال:
{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ}
[المجادلة:11]
وقال:
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}
[الزمر:9]
وغير ذلك من الآيات التي لا تخفى على إخواني التي تدل على فضل العلم وشرف أصحابه
وأما عن الأحاديث في هذا الباب فهي أكثر من أن يحصرها أمثالي؛ وسأذكر شيئا منها بإذن الله تعالى
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من يرد الله به خيرا يفقه في الدين"
{متفق عليه من حديث معاوية رضي الله عنه}
وقال:
"ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا به إلى الجنة"
{أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه}
وقال صلى الله عليه وسلم:
"إذا مات ابن آدم قطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدع له"
{أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه}
وقال:
"من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب إن العلماء هم ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر"
{أخرجه أبو داود وغيره من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه وصححه الشيخ الألباني}
وقال:
"فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها ، وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير"
{أخرجه الترمذي في سننه من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وصححه الشيخ الألباني}
فصل: إخلاص النية
قال الإمام الشوكاني عليه رحمة الله:
"فأول ما على طالب العلم أن يحسن النية ويصلح طويته ويتصور أن هذا العمل الذي قصد له والأمر الذي أراده هو الشريعة التي شرعها الله سبحانه لعباده وبعث بها رسله وأنزل بها كتبه ويجرد نفسه عن أن يشوب ذلك بمقصد من مقاصد الدنيا أو يخلطه بما يكدره من الإرادات التي ليست منه كمن يريد به الظفر بشيء من المال أو يصل به إلى نوع من الشرف أو البلوغ إلى رئاسة من رئاسات الدنيا أو جاه يحصله به
وكما أن هذا التركيب يفيد ما ذكرناه من الحصر كذلك لفظ الأعمال بالنية أو بالنيات كما ورد في بعض ألفاظ الحديث الثابتة في الصحيح فإن الألف واللام تفيد الاستغراق وهو يستلزم الحصر وهكذا ورد في بعض ألفاظ الحديث لا عمل إلا بنية وهي أيضا من صيغ الحصر بل هي أقواها
والمراد بالأعمال هنا أفعال الجوارح حتى اللسان فتدخل الأقوال ومن نازع في ذلك فقد أخطأ ثم لا بد لقوله بالنيات من تقدير متخلق عام لعدم ورود دليل يدل على التعلق الخاص فيقدر الوجود أو الكون أو الاستقرار أو الثبوت أو ما يفيد مفاد ذلك فيكون التقدير إنما وجود الأعمال وكونها واستقرارها أو ثبوتها بالنيات فلا وجود أو لا كون أو لا استقرار أو لا ثبوت لما لم يكن كذلك وهو ما ليس فيه لا يقال أن تقدير الثبوت والوجود والكون ونحوها يستلزم عدم وجود الذات أو عدم النية وقد وجدت في الخارج لأنا نقول المراد الذات الشرعية وهي غير موجودة ولا اعتبار بوجودات غير شرعية ونفي الذات هو المعنى الحقيقي فلا يعدل عنه إلى غيره إلا لصارف ولا صارف هنا على أنه لو فرض وجود صارف إلى المغنى المجازى لم يكن المقدر هاهنا إلا الصحة أو ما يفيد مفادها وهي مستلزمة لنفي الذات فتقرر بمجموع ما ذكرنا أن حصول الأعمال وثبوتها لا يكون إلا بالنية فلا حصول أو لا ثبوت لما ليس كذلك فكل طاعة من الطاعات وعبادة من العبادات إذا لم تصدر عن إخلاص نية وحسن طوية لا اعتداد بها ولا التفات إليها بل هي إن لم تكن معصية فأقل الأحوال أن تكون من أعمال العبث واللعب التي هي بما يصدر عن المجانين أشبه منها بما يصدر عن العقلاء
قصد تحصيل علم الدين
ومن أهم ما يجب على طالب العلم تصوره عنه الشروع واستحضاره عند المباشرة بل وفي كل وقت من أقوات طلبه مبتدئا أو منتهيا متعلما وعالما أن يقر في نفسه أن هذا العلم الذي هو بصدده هو تحصيل العلم الذي شرعه الله لعباده والمعرفة لما تعبدهم في محكم كتابه وعلى لسان رسوله والوقوف على أسرار كلام الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم
وأن هذا المطلب الذي هو بسبب تحصيله ليس هو من المطالب التي يقصدها من هو طالب للجاه والمال والرئاسة بل هو مطلب يتأجر به الرب سبحانه"
{أدب الطلب ومنتهى الأرب} [1/ 29]
الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
فهذا موضوع جديد من سلسلة "تنبيه الغافلين" أرجوا أن يوفقني الله لإتمامها قبل لقائه
وهذا الموضوع من السلسلة أفردته "بالعلم"
وقبل هذا كان هناك موضوع أول عن تميز السلف عن أهل البدع الأهواء:
"تنبيه الغافلين بأقوال السلف في التميّز عن المبطلين"
والثاني في نفس الموضوع "التميز" لكن من كلام العلماء المعاصرين:
"تنبيه الغافلين بأقوال العلماء المعاصرين في التميّز عن المبطلين"
وأما الموضوع الثالث فهو موضوع في الكلام عن العلم وأهله وأهميته وكل ما يتعلق به
غير أني لم ألتزم بترتيب كلام السلف قبل كلام علمائنا المعاصرين وإنما كل ما وقفت على قول يتعلق بالعلم أضفته إلى موضوعي
والله من وراء القصد أسأله سبحانه أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم
وأسأله أن ينفعني وإخواني بهذا الموضوع وغيره من المواضيع التي يحتاج إليها طلبة العلم
إنه ولي ذلك والقادر عليه
والحمد لله رب العلمين
قال الله تعالى:
{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
[آل عمران:18]
وقال:
{إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ }
[فاطر:28]
وقال:
{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ}
[المجادلة:11]
وقال:
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}
[الزمر:9]
وغير ذلك من الآيات التي لا تخفى على إخواني التي تدل على فضل العلم وشرف أصحابه
وأما عن الأحاديث في هذا الباب فهي أكثر من أن يحصرها أمثالي؛ وسأذكر شيئا منها بإذن الله تعالى
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من يرد الله به خيرا يفقه في الدين"
{متفق عليه من حديث معاوية رضي الله عنه}
وقال:
"ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا به إلى الجنة"
{أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه}
وقال صلى الله عليه وسلم:
"إذا مات ابن آدم قطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدع له"
{أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه}
وقال:
"من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب إن العلماء هم ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر"
{أخرجه أبو داود وغيره من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه وصححه الشيخ الألباني}
وقال:
"فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها ، وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير"
{أخرجه الترمذي في سننه من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وصححه الشيخ الألباني}
فصل: إخلاص النية
قال الإمام الشوكاني عليه رحمة الله:
"فأول ما على طالب العلم أن يحسن النية ويصلح طويته ويتصور أن هذا العمل الذي قصد له والأمر الذي أراده هو الشريعة التي شرعها الله سبحانه لعباده وبعث بها رسله وأنزل بها كتبه ويجرد نفسه عن أن يشوب ذلك بمقصد من مقاصد الدنيا أو يخلطه بما يكدره من الإرادات التي ليست منه كمن يريد به الظفر بشيء من المال أو يصل به إلى نوع من الشرف أو البلوغ إلى رئاسة من رئاسات الدنيا أو جاه يحصله به
فإن العلم طيب لا يقبل غيره ولا يحتمل الشركة والروائح الخبيثة إذا لم تغلب على الروائح الطيبة فأقل الأحوال أن تساويها وبمجرد هذه المساواة لا تبقى للطيب رائحة والماء الصافي العذب الذي يستلذه شاربه كما يكدره الشيء اليسير من الماء المالح فضلا عن غير الماء من القاذورات بل تنقص لذته مجرد وجود القذاة فيه ووقوع الذباب عليه هذا على فرض أن مجرد تشريك العلم مع غيره له حكم هذه المحسوسات وهيهات ذاكفإن من أراد أن يجمع في طلبه العلم بين قصد الدنيا والآخرة فقد أراد الشطط وغلط أقبح الغلط فإن طلب العلم من أشرف أنواع العبادة وأجلها وأعلاها
وقد قال الله سبحانه: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} فقيد الأمر بالعبادة بالإخلاص الذي هو روحها
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى وهو ثابت في دواوين الإسلام كلها وقد تلقته الأمة بالقبول وإن كان أحاديا أجمع جميع أهل الإسلام على ثبوته وصحته
وقد تقرر في علم البيان الأصول بأن إنما من صيغ الحصر وثبت القول بذلك عن الصحابة روى عن ابن عباس أنه احتج على اختصاص الربا النسيئة بحديث الربا في النسيئة ولم يخالفه الصحابة في فهمه وإنما خالفوه في الحكم مستدلين بأدلة أخرى مصرحة بثبوت ربا الفضل
وقد قال الله سبحانه: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} فقيد الأمر بالعبادة بالإخلاص الذي هو روحها
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى وهو ثابت في دواوين الإسلام كلها وقد تلقته الأمة بالقبول وإن كان أحاديا أجمع جميع أهل الإسلام على ثبوته وصحته
وقد تقرر في علم البيان الأصول بأن إنما من صيغ الحصر وثبت القول بذلك عن الصحابة روى عن ابن عباس أنه احتج على اختصاص الربا النسيئة بحديث الربا في النسيئة ولم يخالفه الصحابة في فهمه وإنما خالفوه في الحكم مستدلين بأدلة أخرى مصرحة بثبوت ربا الفضل
وكما أن هذا التركيب يفيد ما ذكرناه من الحصر كذلك لفظ الأعمال بالنية أو بالنيات كما ورد في بعض ألفاظ الحديث الثابتة في الصحيح فإن الألف واللام تفيد الاستغراق وهو يستلزم الحصر وهكذا ورد في بعض ألفاظ الحديث لا عمل إلا بنية وهي أيضا من صيغ الحصر بل هي أقواها
والمراد بالأعمال هنا أفعال الجوارح حتى اللسان فتدخل الأقوال ومن نازع في ذلك فقد أخطأ ثم لا بد لقوله بالنيات من تقدير متخلق عام لعدم ورود دليل يدل على التعلق الخاص فيقدر الوجود أو الكون أو الاستقرار أو الثبوت أو ما يفيد مفاد ذلك فيكون التقدير إنما وجود الأعمال وكونها واستقرارها أو ثبوتها بالنيات فلا وجود أو لا كون أو لا استقرار أو لا ثبوت لما لم يكن كذلك وهو ما ليس فيه لا يقال أن تقدير الثبوت والوجود والكون ونحوها يستلزم عدم وجود الذات أو عدم النية وقد وجدت في الخارج لأنا نقول المراد الذات الشرعية وهي غير موجودة ولا اعتبار بوجودات غير شرعية ونفي الذات هو المعنى الحقيقي فلا يعدل عنه إلى غيره إلا لصارف ولا صارف هنا على أنه لو فرض وجود صارف إلى المغنى المجازى لم يكن المقدر هاهنا إلا الصحة أو ما يفيد مفادها وهي مستلزمة لنفي الذات فتقرر بمجموع ما ذكرنا أن حصول الأعمال وثبوتها لا يكون إلا بالنية فلا حصول أو لا ثبوت لما ليس كذلك فكل طاعة من الطاعات وعبادة من العبادات إذا لم تصدر عن إخلاص نية وحسن طوية لا اعتداد بها ولا التفات إليها بل هي إن لم تكن معصية فأقل الأحوال أن تكون من أعمال العبث واللعب التي هي بما يصدر عن المجانين أشبه منها بما يصدر عن العقلاء
قصد تحصيل علم الدين
ومن أهم ما يجب على طالب العلم تصوره عنه الشروع واستحضاره عند المباشرة بل وفي كل وقت من أقوات طلبه مبتدئا أو منتهيا متعلما وعالما أن يقر في نفسه أن هذا العلم الذي هو بصدده هو تحصيل العلم الذي شرعه الله لعباده والمعرفة لما تعبدهم في محكم كتابه وعلى لسان رسوله والوقوف على أسرار كلام الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم
وأن هذا المطلب الذي هو بسبب تحصيله ليس هو من المطالب التي يقصدها من هو طالب للجاه والمال والرئاسة بل هو مطلب يتأجر به الرب سبحانه"
{أدب الطلب ومنتهى الأرب} [1/ 29]
تعليق