التزبب قبل التحصرم للشيخ الألباني رحمه الله
- " ما استجار عبد من النار سبع مرات في يوم إلا قالت النار : يا رب إن عبدك
فلانا قد استجارك مني فأجره ، و لا يسأل الله عبد الجنة في يوم سبع مرات إلا
قالت الجنة : يا رب ! إن عبدك فلانا سألني فأدخله الجنة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 22 :
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1472 - 1473 ) و الضياء أيضا في " صفة الجنة
" ( 3 / 89 / 1 ) : حدثنا أبو خيثمة أخبرنا جرير عن يونس عن أبي حازم عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الضياء : "
هذا الحديث عندي على شرط الصحيحين " . و كذا قال المنذري قبله في " الترغيب " (
4 / 222 ) و تبعهما ابن القيم في " حادي الأرواح " ( 1 / 148 ) و هو كما قالوا
، و بيان ذلك : 1 - أبو حازم هو سلمان الأشجعي الكوفي ، و هو ثقة بلا خلاف ،
قيل : إنه مات في خلافة عمر بن عبد العزيز . 2 - يونس هو ابن يزيد الأيلي ، قال
الذهبي : " ثقة حجة شذ ابن سعد في قوله : ليس بحجة ... " . و قال الحافظ : "
ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا ، و في غير الزهري خطأ " . 3 - جرير
هو ابن حازم الأزدي البصري ، قال الذهبي : " أحد الأئمة الكبار الثقات ، و لولا
ذكر ابن عدي له لما أوردته " . و قال الحافظ : " ثقة ، لكن فى حديثه عن قتادة
ضعف ، و له أوهام إذا حدث من حفظه " . قلت : و ليس هذا من حديثه عنه ، و إنما
عن يونس الأيلي ، و قد ذكروه في شيوخه . 4 - أبو خيثمة هو زهير بن حرب الحرشي
النسائي ، ثقة اتفاقا . و قال الحافظ : " ثقة ثبت ، روى عنه مسلم أكثر من ألف
حديث " . و بالجملة ، فالحديث صحيح بلا ريب ، و ما في بعض رواته من الكلام فهو
يسير لا يضر في صحته - كما هو ظاهر - و الله أعلم . ( فائدة ) : لقد اعتاد بعض
الناس في دمشق و غيرها التسبيع المذكور في هذا الحديث جهرا و بصوت واحد عقب
صلاة الفجر ، و ذلك مما لا أعلم له أصلا في السنة المطهرة ، و لا يصلح مستندا
لهم هذا الحديث لأنه مطلق ، ليس مقيدا بصلاة الفجر أولا ، و لا بالجماعة ، و لا
يجوز تقييد ما أطلقه الشارع الحكيم ، كما لا يجوز إطلاق ما قيده ، إذ كل ذلك
شرع يختص به العليم الحكيم . فمن أراد العمل بهذا الحديث ، فليعمل به في أي
ساعة من ليل أو نهار ، قبل الصلاة ، أو بعدها . و ذلك هو محض الاتباع ، و
الإخلاص فيه . رزقنا الله تبارك و تعالى إياه . و أما حديث : " إذا صليت الصبح
فقل قبل أن تتكلم : " اللهم أجرني من النار " سبع مرات .. " الحديث ، فهو ضعيف
كما تراه محققا في " الضعيفة " ( 1624 ) فلا تغتر بمن حسنه ، فإنها زلة عالم ،
و لا بمن قلده ، فإنه لا علم عنده . ثم طبع " مسند أبي يعلى " بتحقيق الأخ حسين
سليم أسد ، فإذا به يضيف حديث الترجمة ! و يقول في التعليق عليه : " إسناده
ضعيف ، يونس هو ابن خباب ، قال يحيى بن سعيد : كان كذابا .. " . ثم أفاض في نقل
أقوال الأئمة في تضعيف يونس هذا ، ثم نقل عن " مجمع الزوائد " ( 10 / 171 ) أنه
قال : " رواه البزار ، و فيه يونس بن خباب ، و هو ضعيف " . قلت : أصاب البزار ،
و أخطأ المعلق المشار إليه خطأ فاحشا ، و خلط خلطا قبيحا بين راويين ، أحدهما
ثقة ، و هو يونس بن يزيد الأيلي في إسناد أبي يعلى ، و الآخر واه ، و هو يونس
بن خباب ، و ذلك لمجرد التقائهما في الاسم و الطبقة ، و إن اختلف شيوخهما و
الرواة عنهما ! و الواجب في مثل هذا التأني و التحري في شأنهما حتى يتمكن من
التعرف على شخصيتهما ، و إلا وقع في الخطأ و لابد ، كما حصل للمشار إليه ذلك
لأن البزار رحمه الله قد ساق الحديث بأسانيد له عن يونس بن خباب كما في " كشف
الأستار " ( 4 / 51 ) منها قوله : و حدثنا يوسف بن موسى : حدثنا جرير بن عبد
الحميد عن ليث عن يونس بن خباب عن أبي علقمة عن أبي هريرة به . و من هذا الوجه
أخرجه أبو نعيم في " صفة الجنة " ( 1 / 9 / 68 ) من طريق أخرى عن جرير به ، إلا
أنه وقع فيه : " أبي حازم بن يونس " . و أظن أن قوله : " ابن يونس " خطأ من
الناسخ أو الطابع ، فإنه في " حادي الأرواح " على الصواب من الطريق نفسها . على
أن قول يونس بن خباب : " عن أبي حازم " غير محفوظ عن يونس و الظاهر أنه من
تخاليط ليث ، و هو ابن أبي سليم ، كان تارة يرويه هكذا ، و تارة عن أبي علقمة ،
كما في رواية البزار ، و هو الصواب عن يونس ، لأنه كذلك هو في الطرق و الأسانيد
المشار إليها عند البزار . و يؤيده طريق أخرى عند الطيالسي في " مسنده " قال (
2579 ) : حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء قال : سمعت أبا علقمة - قال شعبة : حدثني
يونس بن خباب سمع أبا علقمة عن أبي هريرة - و لم يرفعه يعلى إلى أبي هريرة قال
: قال : " من سأل الله الجنة سبعا قالت الجنة .. " الحديث . فقد دارت الطرق
الصحيحة على يونس بن خباب عن أبي علقمة عن أبي هريرة ، بينما طريق أبي يعلى
تدور على جرير بن حازم الذي لم يذكر في تلك الطرق عن يونس ، فتبادر في ذهن ذلك
المعلق أن يونس في هذه الطريق هو يونس بن خباب في تلك الطرق ، و ليس كذلك ،
لاحتمال أن يكون راويا آخر متابع ، و هذا هو الراجح ، لأن جرير ابن حازم من
المعروف من ترجمته أنه يروي عن يونس بن يزيد الأيلي كما تقدم ، فهذا هو ملحظ
أولئك الحفاظ الذين صرحوا بصحة الحديث ، و أنه على شرط الصحيحين . فهل خفي هذا
على ذاك المعلق فوقع في الخطأ ، أم أصابه غرور بعض الشباب بما عندهم من علم ضحل
بهذا الفن الشريف ؟! ذلك ما لا أدريه ، و لكنني فوجئت بمعلق آخر اطلع على تصحيح
الحفاظ المشار إليهم ، و هم ضياء الدين المقدسي ، و المنذري ، و ابن القيم ، بل
و أضاف إليهم رابعا ، و هو الحافظ ابن كثير ! ثم أخذ يرد عليهم بأن يونس بن
خباب ليس من رجال الشيخين ، و بأنه متكلم فيه ، قال : " فالإسناد ضعيف واه " !
ذلك هو المعلق على كتاب أبي نعيم المتقدم ذكره : " صفة الجنة " . لقد كان يكفي
لردع هذا الشاب عن تسرعه في الرد على أولئك الحفاظ و تخطئتهم ، أن يفكر قليلا
في السبب الذي حملهم على تصحيح الحديث ، إنه لو فعل ذلك لوجد أن الصواب معهم ،
و أنه هو المخطىء في مخالفتهم ، و لكن المصيبة إنما هي التزبب قبل التحصرم . و
الله المستعان ، و لا حول و لا قوة إلا بالله .
- " ما استجار عبد من النار سبع مرات في يوم إلا قالت النار : يا رب إن عبدك
فلانا قد استجارك مني فأجره ، و لا يسأل الله عبد الجنة في يوم سبع مرات إلا
قالت الجنة : يا رب ! إن عبدك فلانا سألني فأدخله الجنة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 22 :
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1472 - 1473 ) و الضياء أيضا في " صفة الجنة
" ( 3 / 89 / 1 ) : حدثنا أبو خيثمة أخبرنا جرير عن يونس عن أبي حازم عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الضياء : "
هذا الحديث عندي على شرط الصحيحين " . و كذا قال المنذري قبله في " الترغيب " (
4 / 222 ) و تبعهما ابن القيم في " حادي الأرواح " ( 1 / 148 ) و هو كما قالوا
، و بيان ذلك : 1 - أبو حازم هو سلمان الأشجعي الكوفي ، و هو ثقة بلا خلاف ،
قيل : إنه مات في خلافة عمر بن عبد العزيز . 2 - يونس هو ابن يزيد الأيلي ، قال
الذهبي : " ثقة حجة شذ ابن سعد في قوله : ليس بحجة ... " . و قال الحافظ : "
ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا ، و في غير الزهري خطأ " . 3 - جرير
هو ابن حازم الأزدي البصري ، قال الذهبي : " أحد الأئمة الكبار الثقات ، و لولا
ذكر ابن عدي له لما أوردته " . و قال الحافظ : " ثقة ، لكن فى حديثه عن قتادة
ضعف ، و له أوهام إذا حدث من حفظه " . قلت : و ليس هذا من حديثه عنه ، و إنما
عن يونس الأيلي ، و قد ذكروه في شيوخه . 4 - أبو خيثمة هو زهير بن حرب الحرشي
النسائي ، ثقة اتفاقا . و قال الحافظ : " ثقة ثبت ، روى عنه مسلم أكثر من ألف
حديث " . و بالجملة ، فالحديث صحيح بلا ريب ، و ما في بعض رواته من الكلام فهو
يسير لا يضر في صحته - كما هو ظاهر - و الله أعلم . ( فائدة ) : لقد اعتاد بعض
الناس في دمشق و غيرها التسبيع المذكور في هذا الحديث جهرا و بصوت واحد عقب
صلاة الفجر ، و ذلك مما لا أعلم له أصلا في السنة المطهرة ، و لا يصلح مستندا
لهم هذا الحديث لأنه مطلق ، ليس مقيدا بصلاة الفجر أولا ، و لا بالجماعة ، و لا
يجوز تقييد ما أطلقه الشارع الحكيم ، كما لا يجوز إطلاق ما قيده ، إذ كل ذلك
شرع يختص به العليم الحكيم . فمن أراد العمل بهذا الحديث ، فليعمل به في أي
ساعة من ليل أو نهار ، قبل الصلاة ، أو بعدها . و ذلك هو محض الاتباع ، و
الإخلاص فيه . رزقنا الله تبارك و تعالى إياه . و أما حديث : " إذا صليت الصبح
فقل قبل أن تتكلم : " اللهم أجرني من النار " سبع مرات .. " الحديث ، فهو ضعيف
كما تراه محققا في " الضعيفة " ( 1624 ) فلا تغتر بمن حسنه ، فإنها زلة عالم ،
و لا بمن قلده ، فإنه لا علم عنده . ثم طبع " مسند أبي يعلى " بتحقيق الأخ حسين
سليم أسد ، فإذا به يضيف حديث الترجمة ! و يقول في التعليق عليه : " إسناده
ضعيف ، يونس هو ابن خباب ، قال يحيى بن سعيد : كان كذابا .. " . ثم أفاض في نقل
أقوال الأئمة في تضعيف يونس هذا ، ثم نقل عن " مجمع الزوائد " ( 10 / 171 ) أنه
قال : " رواه البزار ، و فيه يونس بن خباب ، و هو ضعيف " . قلت : أصاب البزار ،
و أخطأ المعلق المشار إليه خطأ فاحشا ، و خلط خلطا قبيحا بين راويين ، أحدهما
ثقة ، و هو يونس بن يزيد الأيلي في إسناد أبي يعلى ، و الآخر واه ، و هو يونس
بن خباب ، و ذلك لمجرد التقائهما في الاسم و الطبقة ، و إن اختلف شيوخهما و
الرواة عنهما ! و الواجب في مثل هذا التأني و التحري في شأنهما حتى يتمكن من
التعرف على شخصيتهما ، و إلا وقع في الخطأ و لابد ، كما حصل للمشار إليه ذلك
لأن البزار رحمه الله قد ساق الحديث بأسانيد له عن يونس بن خباب كما في " كشف
الأستار " ( 4 / 51 ) منها قوله : و حدثنا يوسف بن موسى : حدثنا جرير بن عبد
الحميد عن ليث عن يونس بن خباب عن أبي علقمة عن أبي هريرة به . و من هذا الوجه
أخرجه أبو نعيم في " صفة الجنة " ( 1 / 9 / 68 ) من طريق أخرى عن جرير به ، إلا
أنه وقع فيه : " أبي حازم بن يونس " . و أظن أن قوله : " ابن يونس " خطأ من
الناسخ أو الطابع ، فإنه في " حادي الأرواح " على الصواب من الطريق نفسها . على
أن قول يونس بن خباب : " عن أبي حازم " غير محفوظ عن يونس و الظاهر أنه من
تخاليط ليث ، و هو ابن أبي سليم ، كان تارة يرويه هكذا ، و تارة عن أبي علقمة ،
كما في رواية البزار ، و هو الصواب عن يونس ، لأنه كذلك هو في الطرق و الأسانيد
المشار إليها عند البزار . و يؤيده طريق أخرى عند الطيالسي في " مسنده " قال (
2579 ) : حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء قال : سمعت أبا علقمة - قال شعبة : حدثني
يونس بن خباب سمع أبا علقمة عن أبي هريرة - و لم يرفعه يعلى إلى أبي هريرة قال
: قال : " من سأل الله الجنة سبعا قالت الجنة .. " الحديث . فقد دارت الطرق
الصحيحة على يونس بن خباب عن أبي علقمة عن أبي هريرة ، بينما طريق أبي يعلى
تدور على جرير بن حازم الذي لم يذكر في تلك الطرق عن يونس ، فتبادر في ذهن ذلك
المعلق أن يونس في هذه الطريق هو يونس بن خباب في تلك الطرق ، و ليس كذلك ،
لاحتمال أن يكون راويا آخر متابع ، و هذا هو الراجح ، لأن جرير ابن حازم من
المعروف من ترجمته أنه يروي عن يونس بن يزيد الأيلي كما تقدم ، فهذا هو ملحظ
أولئك الحفاظ الذين صرحوا بصحة الحديث ، و أنه على شرط الصحيحين . فهل خفي هذا
على ذاك المعلق فوقع في الخطأ ، أم أصابه غرور بعض الشباب بما عندهم من علم ضحل
بهذا الفن الشريف ؟! ذلك ما لا أدريه ، و لكنني فوجئت بمعلق آخر اطلع على تصحيح
الحفاظ المشار إليهم ، و هم ضياء الدين المقدسي ، و المنذري ، و ابن القيم ، بل
و أضاف إليهم رابعا ، و هو الحافظ ابن كثير ! ثم أخذ يرد عليهم بأن يونس بن
خباب ليس من رجال الشيخين ، و بأنه متكلم فيه ، قال : " فالإسناد ضعيف واه " !
ذلك هو المعلق على كتاب أبي نعيم المتقدم ذكره : " صفة الجنة " . لقد كان يكفي
لردع هذا الشاب عن تسرعه في الرد على أولئك الحفاظ و تخطئتهم ، أن يفكر قليلا
في السبب الذي حملهم على تصحيح الحديث ، إنه لو فعل ذلك لوجد أن الصواب معهم ،
و أنه هو المخطىء في مخالفتهم ، و لكن المصيبة إنما هي التزبب قبل التحصرم . و
الله المستعان ، و لا حول و لا قوة إلا بالله .
تعليق