بحث جيد للنووي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رحمه الله تعالى : وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (فليغيره) فهو أمر إيجاب
بإجماع الأمة , وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ,
الكتاب والسنة وإجماع الأمة , وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين , ولم
يخالف في ذلك إلا بعض الرافضة ولا يعتد بخلافهم , كما قال الإمام أبو المعالى
إمام الحرمين : لا يكترث بخلافهم في هذا , فقد أجمع المسلمون عليه قبل أن
ينبغ هؤلاء ,ووجوبه بالشرع لا بالعقل خلافا للمعتزلة , وأما قول الله عزوجل (
يأيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )
فليس مخالفا لما ذكرناه لأن المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الآية :
أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم , مثل قوله تعالى ( ولا تزر
وازرة وزر أخرى ) , وإذا كان كذلك فمما كلف به الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر , فإذا فعله ولم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك على الفاعل , لكونه
أدى ما عليه فإنما عليه الأمر والنهي لا القبول , والله أعلم.
ثم إن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض كفاية إذا قام به بعض الناس سقط
الحرج عن الباقين , وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف , ثم
إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو , أو لا يتمكن من إزالته إلا
هو , وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف , قال
العلماء رضي الله عنهم : ولا يسقط عن المكلف الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر , لكونه لا يفيد في ظنه بل يجب عليه فعله , فإن الذكرى تنفع المؤمنين .
وقد قدمنا أن الذى عليه الأمر والنهي لا القبول , وكما قال الله تعالى ( ما على
الرسول إلا البلغ ) , ومثل العلماء هذا بمن يرى إنسانا في الحمام أو غيره
مكشوف بعض العورة ونحو ذلك , والله أعلم .
قال العلماء : ولا يشترط في اللآمر والناهي أن يكون كامل الحال ممتثلا ما يأمر
به متلبسا بما ينهى عنه , بل عليه الأمر وإن كان مخلا بما يأمر به , والنهي وإن
كان متلبسا بما ينهى عنه , فإنه يجب عليه شيئان : أن يأمر نفسه وينهاها ,
ويأمر غيره وينهاه , فإذا أخل بأحدهما كيف يباح له الإخلال بالآخر ؟
قال العلماء ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأصحاب الولايات بل
ذلك جائز لآحاد المسلمين .
قال إمام الحرمين : والدليل عليه إجماع المسلمين , فإن غير الولاة في الصدر
الأول والعصر الذى يليه كانوا يأمرون الولاة بالمعروف, وينهون عن المنكر , مع
تقرير المسلمين إياهم , وترك توبيخهم على التشاغل بالأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر من غير ولاية , والله أعلم
ثم إنه إنما يأمر وينهى من كان عالما بما يأمر به وينهى عنه , وذلك يختلف
باختلاف الشيء , فإن كان من الواجبات الظاهرة , والمحرمات المشهورة
كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوهما , فكل المسلمين علماء بها , وإن كان
من دقائق الأفعال والأقوال , ومما يتعلق بالاجتهاد لم يكن للعوام مدخلا فيه , ولا
لهم إنكاره , بل ذلك للعلماء
ثم العلماء إنما ينكرون ما أجمع عليه , أما المختلف فيه فلا إنكار فيه , لأن على
أحد المذهبين كل مجتهد مصيب , وهذا هو المختار عند كثيرين من المحققين
أو أكثرهم. وعلى المذهب الآخر المصيب واحد والمخطىء غير متعين لنا ,
والإثم مرفوع عنه , لكن إن ندبه على جهة النصيحة إلى الخروج من الخلاف فهو
حسن محبوب مندوب إلى فعله برفق , فإن العلماء متفقون على الحث على
الخروج من الخلاف إذا لم يلزم منه إخلال بسنة أو وقوع فى خلاف آخر.
وذكر أقضى القضاة أبو الحسن المارودي البصري الشافعي في كتابه (الأحكام
السلطانية) خلافا بين العلماء : في أن من قلده السلطان الحسبة , هل له أن
يحمل الناس على مذهبه فيما اختلف فيه الفقهاء , إذا كان المحتسب من أهل
الاجتهاد , أم يغير ما كان على مذهب غيره ؟ والأصح أنه لا يغير لما ذكرناه.
ولم يزل الخلاف في الفروع بين الصحابة والتابعين فمن بعدهم رضي الله عنهم
أجمعين .ولا ينكر محتسب ولا غيره على غيره .
وكذلك قالوا : ليس للمفتي ولا للقاضي أن يتعرض على من خالفه إذا لم يخالف
نصا أو إجماعا أو قياسا جليا . والله أعلم
وعلم أن هذا الباب أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ضيع أكثره
من أزمان متطاولة , ولم يبق منه فى هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدا.
وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه .وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح.
وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه (فليذر الذين
يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )
فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رضا الله عز وجل أن يعتني بهذا
الباب , فإن نفعه عظيم, لا سيما وقد ذهب معظمه , ويخلص نيته , ولا يهابن من
ينكر عليه لارتفاع مرتبته , فإن الله تعالى قال ( ولينصرن الله من ينصره ) وقال
تعالى ( ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم) وقال تعالى ( والذين
جهدوا فينا لنهديهم سبلنا ), وقال تعالى ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا
ءامنا وهم لا يفتنون (2) ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا
وليعلمن الكذبين ) , واعلم أن الأجر على قدر النصب , ولا يتاركه أيضا لصداقته
ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام المنزلة لديه , فإن صداقته ومودته
توجب له حرمة وحقا , ومن حقه أن ينصحه ويهديه ‘إلى مصالح آخرته , وينقذه
من مضارها. وصديق الانسان ومحبه هو من سعى في عمارة آخرته وإن أدى
ذلك إلى نقص في دنياه وعدوه من يسعى في ذهاب أونقص آخرته وإن حصل
بسبب ذلك صورة نفع في دنياه . وإنما كان إبليس عدوا لنا لهذا , وكانت الأنبياء
صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أولياء للمؤمنين لسعيهم في مصالح
آخرتهم , وهدايتهم إليها , ونسأل الله الكريم توفيقنا وأحبابنا وسائر المسلمين
لمرضاته, , وأن يعلمنا بجوده ورحمته , والله أعلم .
وينبغي لآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يرفق ليكون أقرب إلى تحصيل
المطلوب , فقد قال الشافعي رضي الله عنه من وعظ أخاه سرا فقد نصحه
وزانه , ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه . ومما يتساهل أكثر الناس فيه من
هذا الباب , ما إذا رأى إنسانا يبيع متاعا معيبا أو نحوه , فإنهم لا ينكرون ذلك,
ولا يعرفون المشتري بعيبه , وهذاخطأ ظاهر . وقد نص العلماء على أنه يجب
على من علم ذلك أن ينكر على البائع , وأن يعلم المشتري به , والله أعلم.
وأما صفة النهي ومراتبه , فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا
الحديث الصحيح ( فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه , فإن لم يستطع
فبقلبه ) فقوله صلى الله عليه وسلم (فبقلبه ) معناه فبكرهه بقلبه , وليس
ذلك بإزالة وتغيير منه للمنكر , ولكنه هو الذي في وسعه . وقوله صلى الله عليه
وسلم ( وذلك أضعف الإيمان) معناه - والله أعلم - أقله ثمرة .(النووي على
مسلم 2\22) ,( ونظر جامع العلوم والحكم لابن رجب في شرح حديث (من رأى
منكم منكرا فليغيره بيده...) , ( وانظر أضواء البيان للشيخ محمد الأمين
الشنقيطي عند قوله تعالى (يأيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل
إذا هتديتم)
وما ذكره من أن كل مجتهد مصيب وأنه المختار عند كثرين من المحققين غير
مسلم , لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المتفق على صحته :( إذا حكم
الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران , وإذا حكم واجتهد وأخطأ فله أجر واحد ) فإن
الحديث واضح في تقسيم المجتهدين إلى مصيب و مخطىء والحديث يدل على
أن كل مجتهد مصيب أجر مع التفاوت في الأجر , وأنه ليس كل مجتهد مصيبا
حقا.
من الكتاب الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى
لفضيلة الشيخ عبد المحسن بن العباد البدر حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رحمه الله تعالى : وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (فليغيره) فهو أمر إيجاب
بإجماع الأمة , وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ,
الكتاب والسنة وإجماع الأمة , وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين , ولم
يخالف في ذلك إلا بعض الرافضة ولا يعتد بخلافهم , كما قال الإمام أبو المعالى
إمام الحرمين : لا يكترث بخلافهم في هذا , فقد أجمع المسلمون عليه قبل أن
ينبغ هؤلاء ,ووجوبه بالشرع لا بالعقل خلافا للمعتزلة , وأما قول الله عزوجل (
يأيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )
فليس مخالفا لما ذكرناه لأن المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الآية :
أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم , مثل قوله تعالى ( ولا تزر
وازرة وزر أخرى ) , وإذا كان كذلك فمما كلف به الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر , فإذا فعله ولم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك على الفاعل , لكونه
أدى ما عليه فإنما عليه الأمر والنهي لا القبول , والله أعلم.
ثم إن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض كفاية إذا قام به بعض الناس سقط
الحرج عن الباقين , وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف , ثم
إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو , أو لا يتمكن من إزالته إلا
هو , وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف , قال
العلماء رضي الله عنهم : ولا يسقط عن المكلف الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر , لكونه لا يفيد في ظنه بل يجب عليه فعله , فإن الذكرى تنفع المؤمنين .
وقد قدمنا أن الذى عليه الأمر والنهي لا القبول , وكما قال الله تعالى ( ما على
الرسول إلا البلغ ) , ومثل العلماء هذا بمن يرى إنسانا في الحمام أو غيره
مكشوف بعض العورة ونحو ذلك , والله أعلم .
قال العلماء : ولا يشترط في اللآمر والناهي أن يكون كامل الحال ممتثلا ما يأمر
به متلبسا بما ينهى عنه , بل عليه الأمر وإن كان مخلا بما يأمر به , والنهي وإن
كان متلبسا بما ينهى عنه , فإنه يجب عليه شيئان : أن يأمر نفسه وينهاها ,
ويأمر غيره وينهاه , فإذا أخل بأحدهما كيف يباح له الإخلال بالآخر ؟
قال العلماء ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأصحاب الولايات بل
ذلك جائز لآحاد المسلمين .
قال إمام الحرمين : والدليل عليه إجماع المسلمين , فإن غير الولاة في الصدر
الأول والعصر الذى يليه كانوا يأمرون الولاة بالمعروف, وينهون عن المنكر , مع
تقرير المسلمين إياهم , وترك توبيخهم على التشاغل بالأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر من غير ولاية , والله أعلم
ثم إنه إنما يأمر وينهى من كان عالما بما يأمر به وينهى عنه , وذلك يختلف
باختلاف الشيء , فإن كان من الواجبات الظاهرة , والمحرمات المشهورة
كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوهما , فكل المسلمين علماء بها , وإن كان
من دقائق الأفعال والأقوال , ومما يتعلق بالاجتهاد لم يكن للعوام مدخلا فيه , ولا
لهم إنكاره , بل ذلك للعلماء
ثم العلماء إنما ينكرون ما أجمع عليه , أما المختلف فيه فلا إنكار فيه , لأن على
أحد المذهبين كل مجتهد مصيب , وهذا هو المختار عند كثيرين من المحققين
أو أكثرهم. وعلى المذهب الآخر المصيب واحد والمخطىء غير متعين لنا ,
والإثم مرفوع عنه , لكن إن ندبه على جهة النصيحة إلى الخروج من الخلاف فهو
حسن محبوب مندوب إلى فعله برفق , فإن العلماء متفقون على الحث على
الخروج من الخلاف إذا لم يلزم منه إخلال بسنة أو وقوع فى خلاف آخر.
وذكر أقضى القضاة أبو الحسن المارودي البصري الشافعي في كتابه (الأحكام
السلطانية) خلافا بين العلماء : في أن من قلده السلطان الحسبة , هل له أن
يحمل الناس على مذهبه فيما اختلف فيه الفقهاء , إذا كان المحتسب من أهل
الاجتهاد , أم يغير ما كان على مذهب غيره ؟ والأصح أنه لا يغير لما ذكرناه.
ولم يزل الخلاف في الفروع بين الصحابة والتابعين فمن بعدهم رضي الله عنهم
أجمعين .ولا ينكر محتسب ولا غيره على غيره .
وكذلك قالوا : ليس للمفتي ولا للقاضي أن يتعرض على من خالفه إذا لم يخالف
نصا أو إجماعا أو قياسا جليا . والله أعلم
وعلم أن هذا الباب أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ضيع أكثره
من أزمان متطاولة , ولم يبق منه فى هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدا.
وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه .وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح.
وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه (فليذر الذين
يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )
فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رضا الله عز وجل أن يعتني بهذا
الباب , فإن نفعه عظيم, لا سيما وقد ذهب معظمه , ويخلص نيته , ولا يهابن من
ينكر عليه لارتفاع مرتبته , فإن الله تعالى قال ( ولينصرن الله من ينصره ) وقال
تعالى ( ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم) وقال تعالى ( والذين
جهدوا فينا لنهديهم سبلنا ), وقال تعالى ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا
ءامنا وهم لا يفتنون (2) ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا
وليعلمن الكذبين ) , واعلم أن الأجر على قدر النصب , ولا يتاركه أيضا لصداقته
ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام المنزلة لديه , فإن صداقته ومودته
توجب له حرمة وحقا , ومن حقه أن ينصحه ويهديه ‘إلى مصالح آخرته , وينقذه
من مضارها. وصديق الانسان ومحبه هو من سعى في عمارة آخرته وإن أدى
ذلك إلى نقص في دنياه وعدوه من يسعى في ذهاب أونقص آخرته وإن حصل
بسبب ذلك صورة نفع في دنياه . وإنما كان إبليس عدوا لنا لهذا , وكانت الأنبياء
صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أولياء للمؤمنين لسعيهم في مصالح
آخرتهم , وهدايتهم إليها , ونسأل الله الكريم توفيقنا وأحبابنا وسائر المسلمين
لمرضاته, , وأن يعلمنا بجوده ورحمته , والله أعلم .
وينبغي لآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يرفق ليكون أقرب إلى تحصيل
المطلوب , فقد قال الشافعي رضي الله عنه من وعظ أخاه سرا فقد نصحه
وزانه , ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه . ومما يتساهل أكثر الناس فيه من
هذا الباب , ما إذا رأى إنسانا يبيع متاعا معيبا أو نحوه , فإنهم لا ينكرون ذلك,
ولا يعرفون المشتري بعيبه , وهذاخطأ ظاهر . وقد نص العلماء على أنه يجب
على من علم ذلك أن ينكر على البائع , وأن يعلم المشتري به , والله أعلم.
وأما صفة النهي ومراتبه , فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا
الحديث الصحيح ( فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه , فإن لم يستطع
فبقلبه ) فقوله صلى الله عليه وسلم (فبقلبه ) معناه فبكرهه بقلبه , وليس
ذلك بإزالة وتغيير منه للمنكر , ولكنه هو الذي في وسعه . وقوله صلى الله عليه
وسلم ( وذلك أضعف الإيمان) معناه - والله أعلم - أقله ثمرة .(النووي على
مسلم 2\22) ,( ونظر جامع العلوم والحكم لابن رجب في شرح حديث (من رأى
منكم منكرا فليغيره بيده...) , ( وانظر أضواء البيان للشيخ محمد الأمين
الشنقيطي عند قوله تعالى (يأيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل
إذا هتديتم)
وما ذكره من أن كل مجتهد مصيب وأنه المختار عند كثرين من المحققين غير
مسلم , لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المتفق على صحته :( إذا حكم
الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران , وإذا حكم واجتهد وأخطأ فله أجر واحد ) فإن
الحديث واضح في تقسيم المجتهدين إلى مصيب و مخطىء والحديث يدل على
أن كل مجتهد مصيب أجر مع التفاوت في الأجر , وأنه ليس كل مجتهد مصيبا
حقا.
من الكتاب الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى
لفضيلة الشيخ عبد المحسن بن العباد البدر حفظه الله