بسم الله الرحمن الرحيم
روى ابن ماجة في سننه وابن أبي عاصم في السنة وغيرهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنّ من الناس ناسا مفاتيح للخير مغاليق للشر،ومن الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير،فطوبى لمن جعل الله مفتاح الخير على يديه،وويل لمن جعل مفتاح الشر على يديه". والناس أنفسهم منهم من هو مفتاح للخير مغلاق للشر،وـ منهم والعياذ بالله ـ مفتاح للشر مغلاق للخير، وكل إناء بما فيه ينضح.
فأئمة الهدى ودعاة السنة وأنصار الدين وحملة العلم الذين يدعون الناس إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى ويحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى هم مفاتيح الخير،أما دعاة الباطل وأنصار البدعة وأهل الأهواء على اختلاف مشاربهم وتعدد طرائقهم وتباين اتجاهاتهم فهم مفاتيح للشر،يمزقون بأهوائهم صفوف المسلمين،ويفرقون ببدعهم كلمة المؤمنين، وينشرون بينهم التقاطع والتدابر . قال ابن سعدي رحمه الله في بيان أوصاف مفاتيح الخير:" فمن أهم ذلك تعليم العلوم النافعة وبثها ،فإنها مفتاح الخيرات كلها،ومن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر برفق ولين وحلم وحكمة،ومن ذلك أن يسن العبد سنة حسنة،ويشرع مشروعا طيبا نافعا يتبعه الناس عليه،فكل من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها،من غير أن ينقص من أجورهم شيء، كما أن من سن سنة سيئة فإن عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. ومن ذلك بذل النصيحة النافعة في الدين أو في الدنيا ،فإن الناصحين مفاتيح للخيرات مغاليق للشر،وينبغي للعبد عند اختلاطه ومعاشرته لهم ومعاملتهم أن ينتهز الفرصة في إشغالهم بالخير،وأن تكون مجالسه لا تخلو من فائدة أو من تخفيف شر ودفعه بحسب مقدوره،فكم حصل للموفق من خيرات وخير وثواب، وكم اندفع به من شرور كثيرة، وعماد ذلك رغبة العبد في الخير وفي نفع العباد،فمتى كانت الرّغبة في الخير نصب عينيه،ونيته مصممة على السعي بحسب إمكانه،واستعان بالله في ذلك،وأتى الأمور من أبوابها ومناسباتها،فإنه لايزال يكسب خيرا ويغنم ثوابا".
ثم قال رحمه الله في بيان أوصاف مفاتيح الشر:"وضد ذلك عدم رغبة العبد في الخير يفوته خيرا كثيرا،فإن كان مع ذلك عادما للنصح للعباد،لايقصد نفعهم بوجه من الوجوه،وربما قصد إضرارهم وغشهم لأغراض نفسية،أوعقائد فاسدة،فقد أتي بالسبب الأعظم لحصول المضرات وتفويت الخيرات، وكان هذا الذي يصدق عليه أنه مفتاح للشر،مغلاق للخير،فنعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا." (كتاب الرياض الناظرة ضمن المجموعة الكاملة لمؤلفاته"1/512ـ513").
تعليق