إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حماية الثوابت من تحريف النوابت مقال لشيخنا الهلالي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حماية الثوابت من تحريف النوابت مقال لشيخنا الهلالي

    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
    أما بعد
    فلقد استطاعت الحزبية -بمكر ودهاء- تحت غطاء كثيف من السرية إشغال الأمة -شيباً وشباناً- بـ«بروتوكولات حكماء صهيون»، و«حجارة على رقعة الشطرنج»، و«لعبة الأمم»، و«الحكومة الخفية» فقذفت بغثائها الرّابي الذي يدفعه سيلها العرم إلى مراكز تتحكم بثوابت عقيدة الأمة ومنهجها؛ فأضحى إيمان كثير من العباد على حرف، وأمن كثير من البلاد على شفا جرف.
    وقد أمسى صيد مخططات الحزبيين وضحاياهم يظنون أنفسهم على شيء من الإصلاح لأمتهم ودفع السوء عنها، وَصُوِّر لهم أن ذلك يأتي من خلال تنظيمات عنقودية وأخرى هرمية؛ قوامها الانقلابات، وباطنها التكفير، وظاهرها التفجير والتدمير، ودعوتها مظاهرات ومسيرات وإضرابات ومهرجانات واغتيالات وانقلابات...
    والناس بإزاء هذه الفتنة ثلاثة:
    أولاً: علماء ربانيون -وهم أفراد قليلون-؛ كأشياخنا الأماجد: الألباني، وابن باز، وابن عثيمين -رحمهم الله، وأسكنهم الفردوس الأعلى من الجنة- وأمثالهم ممن سار على نهجهم من غير تحريف ولا تبديل، بذلوا وسعهم في النّصح لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين و عامّتهم، و في التربية للشباب المسلم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح، وفي التحذير من فتنة التكفير، وبيان خطورة التفجير.
    وقد اجتمعت كلمتهم على ذلك -بالحقِّ- ليس تثبيطاً للعامل أو تثبيتاً للخامل؛ فلا يجوز لمن دونهم أن ينازعوهم أو يخالفوهم!
    ثانياً: مسترشدون من طلبة العلم، وقفوا حيث وقف أكابر أهل العلم، وتمسكوا بِغَرْزِهم، وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف، لم يُذيعوا به -سفهاً-، بل ردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله، وإلى أولي الأمر من علماء الأمة الربانيين؛ لأن العالم يرى -ببصيرته- الفتنة قبل وقوعها، وأما غيره؛ فلا يعرفها إلا إذا أدبرت، وقد لا يعرفها.
    قال -تعالى-: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً. وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لا تبعتم الشيطان إلا قليلاً} [النساء: 82و83].
    قال الحسن البصري- رحمه الله- :«إن هذه الفتنة إذا أقبلت عرفها كلّ عالم، وإذا أدبرت عرفها كلّ جاهل».
    ثالثاً: همج رعاع -حطب الفتنة ووقودها- لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق؛ أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح يحسبونها صباً؛ وهي دَبُور، وبخاصة أن أكثرهم مخدوعون بما قَلَّب لهم الحزبيون والحركيون لهم الأمور بدعاوى ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب ...فهم مظلومون ومحرومون ومضطهدون ومستضعفون، يجب أن يثوروا- ولو كُنَّ نساءً- على الطريقة الشيوعية؛ قال سلمان العودة في محاضرة -له- بعنوان «هموم ملتزمة» يخاطب النساء: «... إنني أعتقد أن زمن الشكوى قد انتهى أو كاد؛ أعني: أن دور الخيّرين والخيّرات لا يجوز أبداً أن يتوقف عند مجرد رفع الشكاوى إلى الجهات المختصة...».
    ثم قال: «ضغوط الناس لا يمكن إهمالها بحال من الأحوال الآن! ونحن في عصر صار للجماهير تأثير كبير؛ فأسقطوا زعماء كباراً، وهزوا عروشاً، وحطموا أسواراً وحواجز، ولا زالت صورة العزّل الذين يواجهون الدبابات بصدورهم في الاتحاد السوفييتي...».
    وكتب أحد رؤوس جبهة الإنقاذ الجزائرية كتاب «العصيان المدني» جمع فيه بين طريقة الشيوعيين وطريقة الديمقراطيين من انقلابات ومظاهرات وتجمعات ومسيرات واعتصامات في الساحات العامة وإضراب عن الطعام والعمل.
    وتناسى هؤلاء سنة الله في أمثالهم! والتي بينها المؤرخون؛ قال ابن خلدون - رحمه الله- في «المقدمة» (1/280-281): « ومن هذا الباب أحوال الثوار القائمين بتغيير المنكر من العامة والفقهاء؛ فإن كثيراً من المنتحلين للعبادة وسلوك الدين يذهبون إلى القيام على أهل الجور من الأمراء ، داعين إلى تغيير المنكر والنهي عنه، والأمر بالمعروف رجاء في الثواب عليه من الله؛ فيكثر اتباعهم والمتشبثون بهم من الغوغاء والدهماء، ويعرضون أنفسهم في ذلك للمهالك، وأكثرهم يهلكون في تلك السبيل مأزورين غير مأجورين؛ لأن الله -سبحانه- لم يكتب ذلك عليهم».
    وتنكَّر هؤلاء الحزبيون لطريق العلماء الربانيين: التعليم والتزكية والتصفية والتربية على منهاج النبوة.
    قال العلامة عبد الحميد بن باديس -مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين- رحمه الله-؛ كما في «آثار الإمام ابن باديس» (4/98):
    « اتقوا الله! ارحموا عباد الله! اخدموا العلم بتعلمه ونشره، تحمّلوا كلّ بلاء ومشقة في سبيله، وَلْيَهُنْ عليكم كلّ عزيز، وَلْتَهُنْ عليكم أرواحكم من أجله.
    أما الأمور الحكومية وما يتصل بها؛ فدعوها لأهلها ، وإياكم أن تتعرضوا لها بشيء».
    وقد جلّى -رحمه الله- أسباب اختياره هذا الطريق للنهوض بالأمة؛ كما في مجلته «الصراط السوي» (رقم 15/رمضان 1352هـ) قائلاُ:
    «وبعد، فإننا اخترنا الخطّة الدينية على غيرها عن علم وبصيرة وتمسكاً بما هو مناسب لفطرتنا وتربيتنا من النصح والإرشاد، وبثّ الخير والثبات على وجه واحد، والسير في خط مستقيم، وما كنا لنجد هذا كله؛ إلا فيما تفرّغنا له من خدمة العلم والدين، وفي خدمتهما أعظم خدمة، وأنفعها للإنسانية عامة.
    ولو أردنا أن ندخل الميدان السياسي لدخلناه جهراً، ولضربنا فيه المثل بما عرف عنا من ثباتنا وتضحياتنا، ولقُدنا الأُمة كلّها للمطالبة بحقوقها، ولكان أسهل شيء علينا أن نسير بها على ما نرسمه لها، وأن نبلغ من نفوسها إلى أقصى غايات التأثير عليها، فإن مما نعلمه - ولا يخفى على غيرنا- أن القائد الذي يقول للأمة: إنك مظلومة في حقوقك، وإنني أريد إيصالك إليها؛ يجد منها مالا يجد من يقول لها: إنك ضالة عن أصول دينك، وإنني أريد هدايتك ، فذلك تُلَبِّيه كلُّها، وهذا يقاومه معظمها أو شطرها. وهذا كله نعلمه، ولكننا اخترنا ما اخترنا لما ذكرنا وبينّا، وإننا فيما اخترناه بإذن الله لماضون، وعليه متوكلون».
    ولم يكتف الحركيون والحزبيون عند التهييج السياسي -فحسب-، بل ركبوا مطايا الشر جهاراً نهاراً، فراحوا يكيلون التهم لأهل العلم وطلابه أطناناً، ويغيرون على ثوابت العقيدة والمنهج تأويلاً وتشكيكاً وتضعيفاً -بألوان شتّى- تحت شعار حراسة الفضيلة.
    فمن ذلك:
    1- الطعن في صحة أدلة منهج السلف الصالح؛ كما فعل (هدام السنة ابن عبد المنان){1} في حديث التجديد، وحديث:« عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين» وحديث عودة الخلافة الراشدة في آخر الزمان، ومقولة عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: كفر دون كفر وغيرها...
    2- التشكيك في دلالات أدلة منهج السلف وضوابط فهم العقيدة؛ كقول شيخه المفتون به(2) في «إرشاد الساري إلى عبادة الباري» (القسم الأول ص189-190 ط الثامنة): « وقد شغف الناس قديماً وحديثاً بالمقولة المنسوبة إلى ابن عباس- رضي الله عنهما- :«كفر دون كفر...إلخ» ، وهي لو صحت نسبتها لابن عباس، ولم يتطرق لإسنادها أو لمتنها وهن ترد به، فإنها لم تفهم على مراد ابن عباس ، ولم يؤت إليها من الجهة التي ينبغي أن يؤتى منها إليها، بل لقفتها الأسماع وسودتها الأقلام في الصحائف، وتداولتها القرون، غير اعتداد بما عهد عن ابن عباس- رضي الله عنهما- من دقة نظر، وحسن تأول، وسعة إحاطة ، ومن غير استحضار للمناسبة التي جرى لسان ابن عباس بهذه المقولة- لو صحت!- عليها.
    وإني لأعجب حقاً؛ كيف مضت هذه القرون على هذه الكلمة ولم يتنبه إلى الخطأ الجسيم- الذي جللها- أحد من أهل العلم؛ على وفرة عددهم، وكثرة جماعاتهم؟! حتى أضحى هذا الخطأ جزءاً من هذه المقولة، لا ينفك عنها، ولا تنفك عنه، وحتى صارت هذه الكلمة أن كادت أن تكون نسبتها إلى بعض أهل العلم- ممن شهروا بالولوع بتردادها- أقرب من نسبتها إلى ابن عباس- رضي الله عنهما- ؛ على ما هي عليه!».
    3- التشكيك في منهج التلقي والاستدلال؛ وذلك بجعل لغة العرب هي الفيصل في فهم الكتاب والسنة وليس فهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كقول شيخه السابق في كتابه السابق: (ص202) « ونحن لا نفهم الشرع بأحكامه وقواعده وحقائقه؛ إلا من لغة العرب التي خاطب الله بها المكلفين من العباد».
    4- الغمز والطعن في حملة المنهج ودعاته، وتوجيه الاتهامات لهم؛ فتارة يتهمونهم بالعمالة، وأخرى ينسبونهم إلى السرقات العلمية، وثالثة بعدم فقه الواقع، وأخيراً قذفوهم بالإرجاء.
    وزاد تنمرهم وقوي توثبهم وصول بعض رؤوس الحزبية المقنّعة إلى مراكز التوجيه التي كانت تُتهم من قَبْلُ من قِبَلِ الأحزاب -نفسها-؛ بأنها أوكار للعملاء العميان!!.. فتحولت بين عشية وضحاها -بقدرة قادر- إلى مرجعية عالمية لا يجوز مخالفتها -أو الاعتراض عليها-، وبخاصة بعد أن كسر الباب بموت مشايخنا الألباني وابن باز وابن عثيمين -رحمهم الله-.
    ...فكان لا بدّ من وقفة لله صابرة صامدة تتضمن حماية الثوابت من تحريف النوابت؛ {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيَّ عن بينة} [ الأنفال:42]؛ فإن حَمَلَةَ المنهج السلفي ودعاته لا يزالون يقاتلون عليه لا يضرّهم مَن خالفهم ولا من خذلهم حتى يقاتل آخرهم الدجال وجنده من اليهود والخوارج والدهماء...
    والله المستعان
    {1} يقصد شيخنا به المدعو الساقط الخبيث حسان عبد المنان الطاعن في صحيح البخاري ومسلم
    وقد رد عليه الإمام المحدث الألباني رحمه الله
    في كتابه النافع {{ النصيحة بالتحذير من تخريبات ابن عبد المنان في الكتب الصحيحة}}
    {2}يقصد شيخنا به الضال المضل شيبة السوء ابو مالك شقرة رآس السرورية في بلاد الشام عليه من الله ما يستحق
    وقد رد شيخنا الهلالي عليه برسالة بعنوان {{ نبذة مختصرة عن تاريخ محمد شقرة }} وهي مطبوعة
    التعديل الأخير تم بواسطة فتحي العلي; الساعة 03-09-2012, 11:07 AM.
يعمل...
X