قصة عالم سني يمني(1305-1370هـ) <?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
وشجاعته ضد حاكم ظالم وزمرته الفاسدة <o:p></o:p>
يحيى شاكر – رحمه الله -<o:p></o:p>
بسم الله الرحمن الرحيم<o:p></o:p>
يحيى بن محمد بن لطف بن محمد شاكر: إمام مبرز في علوم الحديث والتفسير، مشارك مشاركةً قويةً في النحو، والصرف، والمعاني، والبيان، والقراءات، مع معرفة قوية بالفقه والفرائض وعلم الأصول.<o:p></o:p>
اجتهد في طلب العلم وتحصيله حتى فاق أقرانه، وزاحم شيوخه فتخطاهم، ولما عرف أن العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحدهما هو الحق الذي يجب أن يتبع، نبذ التقليد وانقطع لدراسة علوم الكتاب والسنة حتى صار مجتهدًا مطلقًا، وأخذ يدعو إلى ترك التقليد، كما نعى على علماء عصره تمسكهم به، وأنكر على الإمام يحيى بن محمد حميد الدين أمورًا يعملها على أنّها من الدين، وهي ليست من الدين في شيء -كما قال- وذلك في رسالة وجهها إليه وعدّ بعض تلك الأمور نوعًا من الشرك والكفر، وانتقد المذهب الزيدي لتسامحه في تلك الأمور، فاستشاط الإمام يحيى منه غيظًا واستدعاه إلى صنعاء، وكلف أحمد بن عبدالله الكبسي وأحمد بن علي الكحلاني وعبدالله بن محمد السرحي ومحمد بن محمد زبارة بالاطلاع على تلك الرسالة الموجهة إلى الإمام ومناظرته والردّ عليه، وقد اجتمعوا به بحضور محمد بن حسن الوادعي وعبدالرحمن بن حسين الشامي لمراجعته للعدول عن رأيه، ولكنه أصرّ على تمسكه بما جاء في رسالته وعزّزها برسالة إلى أولئك العلماء ((كان الإمام يحيى يريد من العلماء أن يجدوا مسوغًا شرعيًا لقتله، ذلك لأنه كفَّره، ولكنهم كانوا يوافقون صاحب الترجمة في كثير مما ذهب إليه. (الأكوع).هذا نصها:<o:p></o:p>
الحمد لله، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.. حفظكم الله تعالى وعافاكم، وكفاكم مهمات الدارين آمين.<o:p></o:p>
لم أرد بما ذكرته في الرسالة من الشرك والكفر إلا ما أراده الله ورسوله، فأنا غير مخطئ ولا آثم بذكرهما يقينًا لا أشك فيه، وقد أشتهر أن الإمام حفظه الله منصف وسيظهر صدق ذلك من كذبه الآن. فأقول: لا يمكن إزالة ما ذكرته في الرسالة من الشرك والكفر إلا بعد حصول أحد ثلاثة أمور:<o:p></o:p>
أحدهما: إزالة جميع المنكرات والبدع الموجودة الآن، من قبب (قباب جمع قبّة) ومشاهد (شواهد القبور) ومكوس (جمع مكس وهو ما يؤخذ على التجار من ضرائب مقدار عشرة في المئة) وإسبال (عدم ضم اليدين في الصلاة) وجمع بين الصلاتين (الظهر والعصر، والمغرب والعشاء) وتكفير أهل السنة، وإيثار قراءة غير الكتاب والسنة وما يوصل إليهما.<o:p></o:p>
فإذا أزيلت هذه الأمور، وأمر الإمام بالمعروف، ونهى عن كل منكر وبدعة تحت وطأته بادرت بإزالة ما في الرسالة من شرك وكفر، وإن كان حقًا، فإن زعم عدم قدرته على إزالة ما ذكر فهو كاذب يكذبه كلّ عاقل.<o:p></o:p>
ثانيًا: أن تعرض الرسالة على جميع العلماء الذين هم تحت وطأة الإمام فإذا أجمعوا على أن ذكر الشرك والكفر مخالف لأمر الله وأمر رسوله، ولمراد الله ومراد رسوله، ولمحبة الله ومحبة رسوله، قلت لهم: {تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثمّ نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين}سورة آل عمران، الآية:61.، أنا أو هم.<o:p></o:p>
ثالثًا: إنّهم إذا تأبّوا عن المباهلة رقم كل واحد منهم شهادته على بطلان ما ذكرته، وأن الإمام مصيب في كل ما فعله، ولفظ الشهادة التي يرقمونها: نشهد لله أن ما ذكره فلان من الشرك والكفر في رسالته باطل، وأنه مخالف لأمر الله وأمر رسوله، ولمراد الله ومراد رسوله، ولمحبة الله ومحبة رسوله، ونشهد لله أنه لا يلزم الإمام رفع شيء من المكوس التي يأخذها على المسلمين، ولا يلزمه هدم القبب والمشاهد، ولا نهي الناس عن التسريج عليها وقبول النذر لها، ولا يلزمه إزالة أي بدعة من هذه البدع الموجودة الآن من الإسبال في الصلاة والجمع بين الصلاتين تقديمًا، وتكفير أهل السنة وإيثار غير الكتاب والسنة عليهما، ولا يلزمه شيء من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.<o:p></o:p>
فمتى رقموا هذه الشهادة، وكتب كل عالم من علماء دولة الإمام علامته، وسلّمت إليّ محوت الشرك والكفر، أو أحرقت الرسالة بالكلية فإن أبوا عن الشهادة للإمام بأنه لا يلزمه شيء إلى آخر فليرقموا شهادتهم عليه بأنه يلزمه ما ذكر من إزالة المكوس وغيرها.<o:p></o:p>
فإن لم يحصل شيء مما ذكر البتة، وكذا إذا اختار الإمام أحد الثلاثة -أي الأمور- وأخل بشعبة من شعب ذلك الأمر الذي اختاره فلا يمكن، فإن ادعى أنه لا يمكنه إزالتها دفعةً، بل على التدريج فليفعلها على التدريج، ومتى أكملها فعلت المشار إليه، وإلا فلا يمكن محوها البتة، لو فعلوا بي ما فعلوا فإني من ديني على بصيرة، فلا قلق من شيء البتة لو أجتمع عليّ أهل الأرض ما باليت بهم في ذات الله لأني أعلم من نفسي أن هواي مع الله ورسوله لا مع نفسي أو مع أحد من المخلوقين، كما هو دين أكثر أهل العصر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حرر آخر (محرم سنة 1357).<o:p></o:p>
من يحيى بن محمد بن لطف، لطف الله به.. آمين.<o:p></o:p>
اجتهد في طلب العلم وتحصيله حتى فاق أقرانه، وزاحم شيوخه فتخطاهم، ولما عرف أن العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحدهما هو الحق الذي يجب أن يتبع، نبذ التقليد وانقطع لدراسة علوم الكتاب والسنة حتى صار مجتهدًا مطلقًا، وأخذ يدعو إلى ترك التقليد، كما نعى على علماء عصره تمسكهم به، وأنكر على الإمام يحيى بن محمد حميد الدين أمورًا يعملها على أنّها من الدين، وهي ليست من الدين في شيء -كما قال- وذلك في رسالة وجهها إليه وعدّ بعض تلك الأمور نوعًا من الشرك والكفر، وانتقد المذهب الزيدي لتسامحه في تلك الأمور، فاستشاط الإمام يحيى منه غيظًا واستدعاه إلى صنعاء، وكلف أحمد بن عبدالله الكبسي وأحمد بن علي الكحلاني وعبدالله بن محمد السرحي ومحمد بن محمد زبارة بالاطلاع على تلك الرسالة الموجهة إلى الإمام ومناظرته والردّ عليه، وقد اجتمعوا به بحضور محمد بن حسن الوادعي وعبدالرحمن بن حسين الشامي لمراجعته للعدول عن رأيه، ولكنه أصرّ على تمسكه بما جاء في رسالته وعزّزها برسالة إلى أولئك العلماء ((كان الإمام يحيى يريد من العلماء أن يجدوا مسوغًا شرعيًا لقتله، ذلك لأنه كفَّره، ولكنهم كانوا يوافقون صاحب الترجمة في كثير مما ذهب إليه. (الأكوع).هذا نصها:<o:p></o:p>
الحمد لله، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.. حفظكم الله تعالى وعافاكم، وكفاكم مهمات الدارين آمين.<o:p></o:p>
لم أرد بما ذكرته في الرسالة من الشرك والكفر إلا ما أراده الله ورسوله، فأنا غير مخطئ ولا آثم بذكرهما يقينًا لا أشك فيه، وقد أشتهر أن الإمام حفظه الله منصف وسيظهر صدق ذلك من كذبه الآن. فأقول: لا يمكن إزالة ما ذكرته في الرسالة من الشرك والكفر إلا بعد حصول أحد ثلاثة أمور:<o:p></o:p>
أحدهما: إزالة جميع المنكرات والبدع الموجودة الآن، من قبب (قباب جمع قبّة) ومشاهد (شواهد القبور) ومكوس (جمع مكس وهو ما يؤخذ على التجار من ضرائب مقدار عشرة في المئة) وإسبال (عدم ضم اليدين في الصلاة) وجمع بين الصلاتين (الظهر والعصر، والمغرب والعشاء) وتكفير أهل السنة، وإيثار قراءة غير الكتاب والسنة وما يوصل إليهما.<o:p></o:p>
فإذا أزيلت هذه الأمور، وأمر الإمام بالمعروف، ونهى عن كل منكر وبدعة تحت وطأته بادرت بإزالة ما في الرسالة من شرك وكفر، وإن كان حقًا، فإن زعم عدم قدرته على إزالة ما ذكر فهو كاذب يكذبه كلّ عاقل.<o:p></o:p>
ثانيًا: أن تعرض الرسالة على جميع العلماء الذين هم تحت وطأة الإمام فإذا أجمعوا على أن ذكر الشرك والكفر مخالف لأمر الله وأمر رسوله، ولمراد الله ومراد رسوله، ولمحبة الله ومحبة رسوله، قلت لهم: {تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثمّ نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين}سورة آل عمران، الآية:61.، أنا أو هم.<o:p></o:p>
ثالثًا: إنّهم إذا تأبّوا عن المباهلة رقم كل واحد منهم شهادته على بطلان ما ذكرته، وأن الإمام مصيب في كل ما فعله، ولفظ الشهادة التي يرقمونها: نشهد لله أن ما ذكره فلان من الشرك والكفر في رسالته باطل، وأنه مخالف لأمر الله وأمر رسوله، ولمراد الله ومراد رسوله، ولمحبة الله ومحبة رسوله، ونشهد لله أنه لا يلزم الإمام رفع شيء من المكوس التي يأخذها على المسلمين، ولا يلزمه هدم القبب والمشاهد، ولا نهي الناس عن التسريج عليها وقبول النذر لها، ولا يلزمه إزالة أي بدعة من هذه البدع الموجودة الآن من الإسبال في الصلاة والجمع بين الصلاتين تقديمًا، وتكفير أهل السنة وإيثار غير الكتاب والسنة عليهما، ولا يلزمه شيء من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.<o:p></o:p>
فمتى رقموا هذه الشهادة، وكتب كل عالم من علماء دولة الإمام علامته، وسلّمت إليّ محوت الشرك والكفر، أو أحرقت الرسالة بالكلية فإن أبوا عن الشهادة للإمام بأنه لا يلزمه شيء إلى آخر فليرقموا شهادتهم عليه بأنه يلزمه ما ذكر من إزالة المكوس وغيرها.<o:p></o:p>
فإن لم يحصل شيء مما ذكر البتة، وكذا إذا اختار الإمام أحد الثلاثة -أي الأمور- وأخل بشعبة من شعب ذلك الأمر الذي اختاره فلا يمكن، فإن ادعى أنه لا يمكنه إزالتها دفعةً، بل على التدريج فليفعلها على التدريج، ومتى أكملها فعلت المشار إليه، وإلا فلا يمكن محوها البتة، لو فعلوا بي ما فعلوا فإني من ديني على بصيرة، فلا قلق من شيء البتة لو أجتمع عليّ أهل الأرض ما باليت بهم في ذات الله لأني أعلم من نفسي أن هواي مع الله ورسوله لا مع نفسي أو مع أحد من المخلوقين، كما هو دين أكثر أهل العصر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حرر آخر (محرم سنة 1357).<o:p></o:p>
من يحيى بن محمد بن لطف، لطف الله به.. آمين.<o:p></o:p>
فلما قرأ هؤلاء العلماء هذه الرسالة صاروا في أمر مريج، فهم لم يكونوا من الشجاعة في قول الحق ما يجعلهم يقفون إلى جانب صاحب الترجمة، ولا هم من ضعف الإيمان بالدرجة التي تجعلهم ينكرون على صاحب الترجمة ما جاء في رسالته جملة وتفصيلاً.<o:p></o:p>
وقد انتهى الأمر بأن أبلغ العلماء الإمام بموقف صاحب الترجمة وإصراره على عقيدته في الإمام، فما كان منه إلا أن أذن له بالعودة إلى معمرة ليبعده عن صنعاء فعاد بعد أن أدى ما أوجب الله عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.<o:p></o:p>
ولكنه بقي في نفس الإمام عليه من الكره والحقد والألم مالا تستطيع السنون محوه، ولهذا فإنه ما كاد الخلاف بين صاحب الترجمة وبين بعض علماء معمرة المتعصبين لمذهبهم الزيدي الهادوي يستطير لإعلانه وجوب التمسك بالعمل بالكتاب وصحيح السنة كالأذان بالتربيع وحذف (حي على خير العمل) والرفع والضم والتأمين في الصلاة حتى تصدى له حسين بن محمد الشرفي ومنعه من الأذان في المسجد فكان يؤذن من سطح داره أذان أهل السنة، وكان إذا قال في الصلاة آمين ومدّ بها صوته عارضه حسين الشرفي بقوله: (طاعون!) مما حمله بعد أن لاقى من المتاعب في سبيل نشر السنة ما لاقى أن وصف "شرح الأزهار" -كما أخبرني أخوه القاضي لطف بن محمد ابن لطف بن محمد شاكر- بأنه طاغوت الزيدية، وذلك لما يوجد فيه من مسائل مخالفة لنصوص الكتاب والسنة، فقد يذكر في المسائل الخلافية الأدلة من الكتاب أو من السنة أو كليهما فإذا لم يأخذ المذهب بها فإن أتباعه يقولون: والمذهب بخلافه، أي أن الواجب العمل بالمذهب وليس بالأدلة النقلية.<o:p></o:p>
هذا وقد اغتنم الإمام يحيى فرصة الخلاف بينه وبين بعض العلماء المقلدين الذين يقال: إنه هو الذي أذكى أواره، فأرسل جنودًا من عنده من صنعاء إلى معمرة لإحضاره إليه وحضر في الوقت نفسه مناوؤه ليقيموا عليه دعاويهم فلما مثلوا بين يدي الإمام خاطبه الإمام بقوله: ما الذين بينك وبين هؤلاء العلماء؟ فأجاب عليه بأنه ليس بينه وبينهم إلا ما يقع عادة بين العلماء، ولا يريد لهم إلا الخير، ثم قال للإمام: ولكنك غريم الخاص والعام والغني والفقير لأنك ترسل جنودك على الناس من أجل نفر [النفر: مُدّان] ذرة من زكاة الفطر إذا تأخر تسليمها إليك أو إلى عمالك، مع أن الله أمر على لسان رسوله أن تدفع تلك الزكاة إلى الفقراء قبل صلاة عيد الفطر طهورًا للصائم.<o:p></o:p>
فأمر الإمام بأن يبقى في صنعاء كمعتقل ولا يسمح له بالخروج منها، فاستأذن المؤرخ محمد بن أحمد الحجري أن ينْزل عنده في بيته فوافق الإمام، وبقي في صنعاء حتى أذن له الإمام بعد مراجعة من أخيه لطف بن محمد ومن غيره على أن يلزم بيته في معمرة، فكان طلبة العلم الراغبين في دراسة علم السنة يقصدونه إلى بيته للأخذ عنه.<o:p></o:p>
وكان قد سبق لصاحب الترجمة أن عانى من المتاعب الشديدة، والصعاب الجمة، وذلك حينما وفقه الله إلى نبذ التقليد وتحوله لدراسة علوم الكتاب والسنة على شيخه العلامة المجتهد الكبير أحمد بن عبدالله الجنداري الذي وصفه بقوله: وله عليه المنة العظمى في تهذيبه وتعليمه وإنقاذه من هوّة الجهل المركب فرحمه الله ورضي عنه ونوّر ضريحه. حتى ضاق جده لطف بن محمد شاكر به ذرعًا، لأنه رغم علمه الواسع بعلوم العربية -كما بينا ذلك في ترجمته في علمان- إلا أنه كان غارقًا في التقليد يكره من يعمل بالكتاب والسنة مجتهدًا فكان يقول لحفيده صاحب الترجمة: أختر أحد أمرين: إما وتقتصر على الدراسة عندي في علمان، وإما واقتصرت على الجنداري والانقطاع إليه في العنسق. فاستخار الله تعالى فقضت إرادته جلت قدرته أن يختار الذهاب شيخه الجنداري في العنسق الذي زوجه ابنته فخرج منه هذا العالم الجليل الزاهد التقي الشجاع في إعلاء كلمة الله.<o:p></o:p>
وقد رحل إلى الحجاز فأخذ عن كبار علماء الحرمين وانتفع بهم، ومن قبل رحل إلى صنعاء فأخذ عن كبار علمائها واستجاز من شيوخه فأجازوه كما بيّنا ذلك في ترجمته بقلمه.<o:p></o:p>
مولده سنة (1305هـ) تقريبًا، ووفاته في عاهم يوم (18 شوال، سنة 1370هـ). في ثاني يوم من خروجه من معمرة، وكان في طريقه إلى مكة المكرمة للحج. اهـ.<o:p></o:p>
المصدر : ذكره الشيخ مقبل بن هادي الوادعي – رحمه الله – في كتابه تحفة المجيب ص32 : نقلا عن القاضي إسماعيل بن علي الأكوع حفظه الله في كتابه "هجر العلم ومعاقله في اليمن" (ج4 ص2088 – 2094)<o:p></o:p>
وقد انتهى الأمر بأن أبلغ العلماء الإمام بموقف صاحب الترجمة وإصراره على عقيدته في الإمام، فما كان منه إلا أن أذن له بالعودة إلى معمرة ليبعده عن صنعاء فعاد بعد أن أدى ما أوجب الله عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.<o:p></o:p>
ولكنه بقي في نفس الإمام عليه من الكره والحقد والألم مالا تستطيع السنون محوه، ولهذا فإنه ما كاد الخلاف بين صاحب الترجمة وبين بعض علماء معمرة المتعصبين لمذهبهم الزيدي الهادوي يستطير لإعلانه وجوب التمسك بالعمل بالكتاب وصحيح السنة كالأذان بالتربيع وحذف (حي على خير العمل) والرفع والضم والتأمين في الصلاة حتى تصدى له حسين بن محمد الشرفي ومنعه من الأذان في المسجد فكان يؤذن من سطح داره أذان أهل السنة، وكان إذا قال في الصلاة آمين ومدّ بها صوته عارضه حسين الشرفي بقوله: (طاعون!) مما حمله بعد أن لاقى من المتاعب في سبيل نشر السنة ما لاقى أن وصف "شرح الأزهار" -كما أخبرني أخوه القاضي لطف بن محمد ابن لطف بن محمد شاكر- بأنه طاغوت الزيدية، وذلك لما يوجد فيه من مسائل مخالفة لنصوص الكتاب والسنة، فقد يذكر في المسائل الخلافية الأدلة من الكتاب أو من السنة أو كليهما فإذا لم يأخذ المذهب بها فإن أتباعه يقولون: والمذهب بخلافه، أي أن الواجب العمل بالمذهب وليس بالأدلة النقلية.<o:p></o:p>
هذا وقد اغتنم الإمام يحيى فرصة الخلاف بينه وبين بعض العلماء المقلدين الذين يقال: إنه هو الذي أذكى أواره، فأرسل جنودًا من عنده من صنعاء إلى معمرة لإحضاره إليه وحضر في الوقت نفسه مناوؤه ليقيموا عليه دعاويهم فلما مثلوا بين يدي الإمام خاطبه الإمام بقوله: ما الذين بينك وبين هؤلاء العلماء؟ فأجاب عليه بأنه ليس بينه وبينهم إلا ما يقع عادة بين العلماء، ولا يريد لهم إلا الخير، ثم قال للإمام: ولكنك غريم الخاص والعام والغني والفقير لأنك ترسل جنودك على الناس من أجل نفر [النفر: مُدّان] ذرة من زكاة الفطر إذا تأخر تسليمها إليك أو إلى عمالك، مع أن الله أمر على لسان رسوله أن تدفع تلك الزكاة إلى الفقراء قبل صلاة عيد الفطر طهورًا للصائم.<o:p></o:p>
فأمر الإمام بأن يبقى في صنعاء كمعتقل ولا يسمح له بالخروج منها، فاستأذن المؤرخ محمد بن أحمد الحجري أن ينْزل عنده في بيته فوافق الإمام، وبقي في صنعاء حتى أذن له الإمام بعد مراجعة من أخيه لطف بن محمد ومن غيره على أن يلزم بيته في معمرة، فكان طلبة العلم الراغبين في دراسة علم السنة يقصدونه إلى بيته للأخذ عنه.<o:p></o:p>
وكان قد سبق لصاحب الترجمة أن عانى من المتاعب الشديدة، والصعاب الجمة، وذلك حينما وفقه الله إلى نبذ التقليد وتحوله لدراسة علوم الكتاب والسنة على شيخه العلامة المجتهد الكبير أحمد بن عبدالله الجنداري الذي وصفه بقوله: وله عليه المنة العظمى في تهذيبه وتعليمه وإنقاذه من هوّة الجهل المركب فرحمه الله ورضي عنه ونوّر ضريحه. حتى ضاق جده لطف بن محمد شاكر به ذرعًا، لأنه رغم علمه الواسع بعلوم العربية -كما بينا ذلك في ترجمته في علمان- إلا أنه كان غارقًا في التقليد يكره من يعمل بالكتاب والسنة مجتهدًا فكان يقول لحفيده صاحب الترجمة: أختر أحد أمرين: إما وتقتصر على الدراسة عندي في علمان، وإما واقتصرت على الجنداري والانقطاع إليه في العنسق. فاستخار الله تعالى فقضت إرادته جلت قدرته أن يختار الذهاب شيخه الجنداري في العنسق الذي زوجه ابنته فخرج منه هذا العالم الجليل الزاهد التقي الشجاع في إعلاء كلمة الله.<o:p></o:p>
وقد رحل إلى الحجاز فأخذ عن كبار علماء الحرمين وانتفع بهم، ومن قبل رحل إلى صنعاء فأخذ عن كبار علمائها واستجاز من شيوخه فأجازوه كما بيّنا ذلك في ترجمته بقلمه.<o:p></o:p>
مولده سنة (1305هـ) تقريبًا، ووفاته في عاهم يوم (18 شوال، سنة 1370هـ). في ثاني يوم من خروجه من معمرة، وكان في طريقه إلى مكة المكرمة للحج. اهـ.<o:p></o:p>
المصدر : ذكره الشيخ مقبل بن هادي الوادعي – رحمه الله – في كتابه تحفة المجيب ص32 : نقلا عن القاضي إسماعيل بن علي الأكوع حفظه الله في كتابه "هجر العلم ومعاقله في اليمن" (ج4 ص2088 – 2094)<o:p></o:p>
تعليق