القول الصواب في حديث: «نصرت بالشباب»
حديث اشتهر ذكره على الألسنة، وتكاثر وروده في المنتديات الشبابية على الشبكة العنكبوتية، وروددته القنوات الفضائية صباح مساء، بل جعلته إحدى المنظمات الشبابية العالمية شعاراً لحملة عالمية لجذب الشباب المسلم إليها! وتداوله العوام حتى يخيل إلى السامع أنه متوتر؛ فانهالتا علينا الأسئلة عن درجته وعن معناه ؟!
فسألنا شيخنا الدكتور المحدث سليم بن عيد الهلالي –وفقه الله-؛ فأطلعنا على تخريجه وما كتبه حول معناه في كتابه: «سلسلة الأحاديث التي لا أصل لها» (51):
حديث باطل لا أصل له؛ فلا يوجد له إسناد صحيح، ولا ضعيف، ولا موضوع، و إنما ورد ذكره بألفاظ مختلفة في كتب بعض التفسير و الأدب:
ذكره خفي في «تفسيره» فقال: «وقد أثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً حيث قال: «أوصيكم بالشبان خيراً؛ فإنهم أرق أفئدة، ألا و أن الله بعثني شاهداً ومبشراً ونذيراً، فخالفني الشبان، وحالفني الشيوخ».
وذكره الثعالبي في «اللطائف والطرائف» (ص250)؛ فقال: «في الحديث المرفوع: «أوصيكم بالشبان خيراً؛ فإنهم أرق أفئدة، إن الله بعثني بشيراً و نذيراً، فحالفني الشبان، وحالفني الشيوخ».
والحديث إنما روج له الروافض؛ فهو في كتبهم حيث أورده فريد مرتضى في كتاب: «روايات من مدرسة آل البيت» (1/349) بلفظ:" أوصيكم بالشبان خيراً، فإنهم أرق أفئدة، وإن الله بعثني بشيراً ونذيراً؛ فحالفني الشبان، و حالفني الشيوخ» ثم قرأ: ﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الحديد: 16].
وقصد الروافض خبيث حيث يريدون لمز الشيخين: أبي بكر و عمر -رضي الله عنهما- وتعظيم علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
وبهذا يتبين أن معناه غير صحيح خلافاً لما ذهب إليه قصاصو القنوات الفضائية؛ حيث قال أحدهم -ممن ينتحل الصناعة الحديثية بل يزعم مريدوه -كذباً- أنه خليفة الألباني-: «من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما بعث خالفه الشباب وحالفه الشيوخ»(!)
وقال آخر -يزعم مقلدوه- تدليساً – أنه إمام أهل السنة -: «الشباب هم الذين نصروا النبي صلى الله عليه وسلم حيث بعث».
وهم وأن لم يصرحوا بنسبة هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن تصحيحهم لمعناه، وإقرارهم له يجعل الحديث مستقراً في أذهان المستمعين والمشاهدين.
وبالحملة، فالحديث لا أصل له سنداً ولا متناً، وقد سألت شيخنا الإمام الألباني-رحمه الله- في بدايات مجالستي له عن هذا الحديث حيث كنا نسمعه كثيراً من أعضاء حزب الإخوان المسلمين -الذين كانوا معنا في المرحلة الثانوية و الجامعية-، فقال -رحمه الله- لي: «هذا الحديث لا أصل له، بل هو من وضع الشباب»؛ يشير -رحمه الله- إلى أن الشباب الحزبي الحركي أمثال حزب الإخوان المسلمين وإخوانهم هم الذين نشروه وروّجوه بين شباب أهل السنة والجماعة، ليجذبوا الشباب إلى صفوف حركاتهم، وينضموا إلى أحزابهم.
قال أبو أسامة الهلالي -عفا الله عنه-: فاظفر بهذه الفائدة عن شيخنا الإمام الألباني؛ فإنك لن تجدها في كتاب مسطور ولا شريط مسموع.
وتداول شباب حزب الأخوان المسلمين لهذا الحديث يدل من وجوه عديدة على تأثرهم بكتب الروافض وفكرهم؛ كما بينته بالأدلة و البراهين في كتابي: «الجماعات الإسلامية في ضوء الكتاب السنة»، و«صلة الحركات الإسلامية المعاصرة بالشيعة وموقفهم من التشيع».
تعليق