98) وسئل فضيلته : كلمة ( الصلاة خير من النوم ) هل هي في الأذان الأول أو في الأذان الثاني ؟
فأجاب بقوله : كلمة ( الصلاة خير من النوم ) في الأذان الأول كما جاء في الحديث : " فإذا أذنت أذان الصبح الأول فقل : ( الصلاة خير من النوم ) " (1) . فهي في الأذان الأول ، لا الثاني .
ولكن يجب أن يُعلم ما هو الأذان الأول في هذا الحديث ؟
هو الأذان الذي يكون بعد دخول الوقت ، والأذان الثاني هو الإقامة ؛ لأن الإقامة تسمى ( أذاناً ) قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بين كل أذانين صلاة " (2) . والمراد : الأذان والإقامة .
وفي صحيح البخاري أن أمير المؤمنين عثمان بن عفان زاد الأذان الثالث في الجمعة .
إذن الأذان الأول الذي أمر فيه بلال أن يقول : ( الصلاة خير من النوم ) هو الأذان لصلاة الفجر .
أما الأذان الذي قبل طلوع الفجر ، فليس أذاناً للفجر ، فالناس يسمون أذان آخر الليل الأذان الأول لصلاة الفجر ، والحقيقة أنه ليس لصلاة الفجر ، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : " إن بلالاً يؤذن بليل ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم " (3) . أي لأجل النائم يقوم ويتسحر ، والقائم يرجع ويتسحر .
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضاً لمالك بن الحويرث : " إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم " (4) . ومعلوم أن الصلاة لا تحضر إلا بعد طلوع الفجر. إذن الأذان الذي قبل طلوع الفجر ليس أذاناً للفجر .
وعليه فعمل الناس اليوم وقولهم ( الصلاة خير من النوم ) في الأذان الذي للفجر هذا هو الصواب .
وأما من توهم بأن المراد بالأذان الأول في الحديث هو الأذان الذي قبل طلوع الفجر ، فليس له حظ من النظر .
قال بعض الناس : الدليل أن المراد به الأذان الذي يكون في آخر الليل لأجل صلاة النافلة أنه يقال : ( الصلاة خير من النوم ) وكلمة (خير ) تدل على الأفضل .
فنقول : إن كلمة ( خير ) تكون في الشيء الواجب الذي هو من أوجب الواجبات ، مثل قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ *تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (5) . مع أنه إيمان . وقال تعالى في صلاة الجمعة :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) (6) .
فالخيرية تكون في الواجب وتكون في المستحب .
__________
(1) أخرجه الإمام أحمد 3/408 .
(2) أخرجه البخاري : كتاب الأذان / باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء ، ومسلم : كتاب صلاة المسافرين / باب بين كل أذانين صلاة .
(3) أخرجه البخاري : كتاب الأذان / باب الأذان قبل الفجر ، ومسلم : كتاب الصيام / باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل ....
(4) تقدم تخريجه ص160 .
(5) سورة الصف ، الآيتان : 10 ،11 .
(6) سورة الجمعة ، الآية : 9 .
مجموع فتاوى ورسائل العثيمين رحمه الله (كتاب الصلاة) "الأذان والإقامة"
نشر : دار الوطن - دار الثريا
نشر : دار الوطن - دار الثريا
تعليق