هل النبي يجتهد فيخطئ فيصوبه الوحي ؟ يجيبك العلامة ربيع المدخلي
قال حفظه الله: في قضية الأسرى بعد ما نصر الله رسوله وأظهره على أعدائه قتلوا من قريش سبعين وأسروا سبعين وأخذوا الأسرى وهم متجهون إلى المدينة فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ما رأيكم في هؤلاء الأسرى ؟ وقال : ( والله لو كان المطعم بن عدى حياً وسألني هؤلاء النتنى لأعطيتهم إياه )[1] ، ما رأيك يا أبا بكر ؟ ما رأيك يا عمر ؟ قال أبو بكر وبعض الناس : يا رسول الله هم قومنا وعشيرتنا نأخذ منهم المال نتقوى به ونستعين به لعل الله أن يهديهم في يوم من الأيام إلى الإسلام ، وقال عمر : يا رسول الله هؤلاء صناديد قريش وما أرى ما رأى أبو بكر – رضي الله عنه – أرى أن تمكننا من قتلهم ومن استئصال شأفتهم فإن هؤلاء صناديد قريش إذا قتلناهم لا تقوم للكفر قائمة ، فهوي رسول الله رأي أبي بكر ومال إلى رأيه وأخذ الفداء ، جاء في اليوم الثاني عمر وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يبكيان فقال عمر : ما يبكيكما ؟ إن رأيت بكاء بكيت وإلا تباكيت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أبكي للذي عرض على قومك والله لقد عُرض عليَّ عذابهم دون هذه الشجرة ) ( الحديث في صحيح مسلم ) [2]وأنزل الله تبارك وتعالى:( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(الأنفال:67) (لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (لأنفال:68) ، هذا نقد وتوجيه وتربية لرسول الله وأصحابه ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه رأوا الفداء وعمر رأى غير ذلك وجاء الصواب لمن ؟ لعمر رضي الله عنه .
وآيات كثيرة في هذا النقد ، نقد الكفار نقد اليهود نقد النصارى نقد المشركين نقد الصحابة نقد المنافقين ، آيات كثيرة كلها في البيان والنقد والتوضيح ، وفي السنة شئ كثير كذلك .
فمثلاً من القرآن : قوله تعالى : (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) (التوبة:43) اجتهاد من النبي عليه الصلاة والسلام ، جاء المنافقون يعتذرون ، فيقولون :يا رسول الله أنا عندي كذا وأنا عندي كذا وهذا يقول : أنا مريض والرسول يعذرهم ، والأعذار هذه كلها أكاذيب فأنزل الله هذه الآية : (عفا الله عنك) الآية ، يعني هذا درس لرسول الله وللأمة إلى الأبد . ثم أنزل الله في المنافقين : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ )(التوبة: من الآية80) .
لما مات عبد الله بن أُبي جاء ابنه عبد الله قال : يا رسول الله أبي توفي وأريد أن تكفنه بثوبك فوافق النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخرجوه وأخذ ثوبه وكفنه به وأجلسه على ركبتيه وكفنوه وحنطوه وأنزله في القبر ودفنه ، ولما قام يصلي عليه قال عمر : يا رسول الله أتصلي عليه – ومسك ثوبه - وقد قال يوم كذا كذا وكذا وفعل يوم كذا كذا وكذا ؟ قال : إن الله خيرني فقال : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ)(التوبة: من الآية80) ، والله لو علمت أني أستغفر لهم أكثر من سبعين مرة ويغفر الله لهم لاستغفرت لهم )[3] ، فالرسول عليه الصلاة والسلام فهم التخيير فأنزل الله : (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ)(التوبة: من الآية84) ، وقال سبحانه : (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى)(التوبة: من الآية113) كل هذا فيه توجيه ولو للرسول صلى الله عليه وسلم ، يعني تصرفات الرسول ما يقرها إذا ما وافقت ما عند الله ، كاجتهاد حصل فيه خطأ يأتي – والله – التوجيه والعتاب والتصحيح ، ما يقال : فيه إيذاء لشخص محمد عليه الصلاة والسلام ، أو قال : أنا رسول الله لا يُعترض علي ، لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتم شيئاً لكتم هذه الأشياء ، كما قالت عائشة رضي الله عنها : لو كان محمداً كاتماً شيئاً لكتم هذه الآية : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ)(الأحزاب: من الآية37) في قضية زينب[4] ، انظر هذا النقد لرسول الله الكريم عليه الصلاة والسلام .
النقد منهج شرعي
للشيخ : ربيع بن هادي المدخلي
[1] الحديث أخرجه : البخاري في فرض الخمس (3139) ، وفي المغازي (4024) ، وأحمد في أول مسند االمدنين من حديث جبير بن مطعم (27546 ) .
[2] الحديث أخرجه : مسلم في الجهاد والسير (1763) باب : الإمداد بالملائكة في غزوة بدر ، والترمذي في االتفسير (3081 ) ، وأبو داود في الجهاد (2690) ، وأحمد في مسند العشرة (208،221) .
[3] الحديث أخرجه : البخاري في التفسير (4670) ، ومسلم في فضائل الصحابة (2400)، وفي صفات المنافقين (2774) ، والترمذي في التفسير
(3098) والنسائي في الجنائز (1900) ، والنسائي في الجنائز (1523) ، وابن ماجه في الجنائز (1523) ، وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة
(4666) .
[4] الحديث أخرجه : البخاري في بدء الخلق (3234) ، ومسلم في الإيمان (177) ، والترمذي في التفسير (3068) ، وأحمد في باقي مسند الأنصار(23707،25510،25763) .
قال حفظه الله: في قضية الأسرى بعد ما نصر الله رسوله وأظهره على أعدائه قتلوا من قريش سبعين وأسروا سبعين وأخذوا الأسرى وهم متجهون إلى المدينة فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ما رأيكم في هؤلاء الأسرى ؟ وقال : ( والله لو كان المطعم بن عدى حياً وسألني هؤلاء النتنى لأعطيتهم إياه )[1] ، ما رأيك يا أبا بكر ؟ ما رأيك يا عمر ؟ قال أبو بكر وبعض الناس : يا رسول الله هم قومنا وعشيرتنا نأخذ منهم المال نتقوى به ونستعين به لعل الله أن يهديهم في يوم من الأيام إلى الإسلام ، وقال عمر : يا رسول الله هؤلاء صناديد قريش وما أرى ما رأى أبو بكر – رضي الله عنه – أرى أن تمكننا من قتلهم ومن استئصال شأفتهم فإن هؤلاء صناديد قريش إذا قتلناهم لا تقوم للكفر قائمة ، فهوي رسول الله رأي أبي بكر ومال إلى رأيه وأخذ الفداء ، جاء في اليوم الثاني عمر وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يبكيان فقال عمر : ما يبكيكما ؟ إن رأيت بكاء بكيت وإلا تباكيت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أبكي للذي عرض على قومك والله لقد عُرض عليَّ عذابهم دون هذه الشجرة ) ( الحديث في صحيح مسلم ) [2]وأنزل الله تبارك وتعالى:( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(الأنفال:67) (لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (لأنفال:68) ، هذا نقد وتوجيه وتربية لرسول الله وأصحابه ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه رأوا الفداء وعمر رأى غير ذلك وجاء الصواب لمن ؟ لعمر رضي الله عنه .
وآيات كثيرة في هذا النقد ، نقد الكفار نقد اليهود نقد النصارى نقد المشركين نقد الصحابة نقد المنافقين ، آيات كثيرة كلها في البيان والنقد والتوضيح ، وفي السنة شئ كثير كذلك .
فمثلاً من القرآن : قوله تعالى : (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) (التوبة:43) اجتهاد من النبي عليه الصلاة والسلام ، جاء المنافقون يعتذرون ، فيقولون :يا رسول الله أنا عندي كذا وأنا عندي كذا وهذا يقول : أنا مريض والرسول يعذرهم ، والأعذار هذه كلها أكاذيب فأنزل الله هذه الآية : (عفا الله عنك) الآية ، يعني هذا درس لرسول الله وللأمة إلى الأبد . ثم أنزل الله في المنافقين : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ )(التوبة: من الآية80) .
لما مات عبد الله بن أُبي جاء ابنه عبد الله قال : يا رسول الله أبي توفي وأريد أن تكفنه بثوبك فوافق النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخرجوه وأخذ ثوبه وكفنه به وأجلسه على ركبتيه وكفنوه وحنطوه وأنزله في القبر ودفنه ، ولما قام يصلي عليه قال عمر : يا رسول الله أتصلي عليه – ومسك ثوبه - وقد قال يوم كذا كذا وكذا وفعل يوم كذا كذا وكذا ؟ قال : إن الله خيرني فقال : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ)(التوبة: من الآية80) ، والله لو علمت أني أستغفر لهم أكثر من سبعين مرة ويغفر الله لهم لاستغفرت لهم )[3] ، فالرسول عليه الصلاة والسلام فهم التخيير فأنزل الله : (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ)(التوبة: من الآية84) ، وقال سبحانه : (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى)(التوبة: من الآية113) كل هذا فيه توجيه ولو للرسول صلى الله عليه وسلم ، يعني تصرفات الرسول ما يقرها إذا ما وافقت ما عند الله ، كاجتهاد حصل فيه خطأ يأتي – والله – التوجيه والعتاب والتصحيح ، ما يقال : فيه إيذاء لشخص محمد عليه الصلاة والسلام ، أو قال : أنا رسول الله لا يُعترض علي ، لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتم شيئاً لكتم هذه الأشياء ، كما قالت عائشة رضي الله عنها : لو كان محمداً كاتماً شيئاً لكتم هذه الآية : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ)(الأحزاب: من الآية37) في قضية زينب[4] ، انظر هذا النقد لرسول الله الكريم عليه الصلاة والسلام .
النقد منهج شرعي
للشيخ : ربيع بن هادي المدخلي
[1] الحديث أخرجه : البخاري في فرض الخمس (3139) ، وفي المغازي (4024) ، وأحمد في أول مسند االمدنين من حديث جبير بن مطعم (27546 ) .
[2] الحديث أخرجه : مسلم في الجهاد والسير (1763) باب : الإمداد بالملائكة في غزوة بدر ، والترمذي في االتفسير (3081 ) ، وأبو داود في الجهاد (2690) ، وأحمد في مسند العشرة (208،221) .
[3] الحديث أخرجه : البخاري في التفسير (4670) ، ومسلم في فضائل الصحابة (2400)، وفي صفات المنافقين (2774) ، والترمذي في التفسير
(3098) والنسائي في الجنائز (1900) ، والنسائي في الجنائز (1523) ، وابن ماجه في الجنائز (1523) ، وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة
(4666) .
[4] الحديث أخرجه : البخاري في بدء الخلق (3234) ، ومسلم في الإيمان (177) ، والترمذي في التفسير (3068) ، وأحمد في باقي مسند الأنصار(23707،25510،25763) .
تعليق