إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

{تفضيل الآخرة على الدنيا}

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • {تفضيل الآخرة على الدنيا}

    تفضيل الآخرة على الدنيا
    الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وصلى الله وسلم على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
    فهذه آيات كريمات من كتاب الله عز وجل في تفضيل الآخرة على الدنيا الفانية أحببت أن أذكرها نفسي أولاً وإخواني ثانياً:


    قال تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (*) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران : 14 - 15].
    وقال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران : 185].

    وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ [النساء : 77].

    وقال تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام : 32].

    وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [يونس : 24]

    وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ﴾ [الرعد : 26]

    قال تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (*) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا﴾ [الكهف : 7 - 8]
    وقال تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (*)الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف : 46 -45]
    وقال عز من قائل: ﴿ مَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (*) أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ [القصص : 60 - 61]
    وقال تبارك وتعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص : 77]
    وقال سبحانه : ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [القصص : 79]
    وقال جلﹼفي علاه: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ﴾ [القصص : 80
    ]

    وقال الله تعالى: ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت : 64
    ]

    وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [لقمان : 33]

    وقال تعالى: ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾ [غافر : 39]

    وقال عز وجل: ﴿ فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الشورى : 36]

    وقال تعالى: ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [الزخرف : 32]

    وقال الله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ﴾ [محمد : 36]

    وقال سبحانه وتعالى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [الحديد : 20]

    وقال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [الجمعة : 11]

    وقال تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (*) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ﴾ [القيامة : 20 ، 21]

    وقال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا﴾ [الإنسان : 27]

    وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى
    (*) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (*) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (*) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (*) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات : 37 – 41]

    وقال تعالى: ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (*) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الأعلى : 16 - 17]

    وقال تعالى : ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾ [الفجر : 20]

    وقال تعالى: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ [التكاثر : 1].

  • #2
    جزاك الله خيرا أخي
    الفاضل خضر على
    هذا التذكير الطيب
    وهذه الحياة الدنيا
    إنما هي عبارة عن
    مزرعة للدار الآخرة
    دار النعيم والسرور

    تعليق


    • #3
      وإياك يا أبا الحسن الفاضل وشارك من حيث الأحاديث

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيراً أخانا أبا حمزة وبارك الله فيك

        عن مستور بن شداد رضي الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم-« وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِى الآخِرَةِ إِلاَّ مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ - وَأَشَارَ يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ - فِى الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ ».رواه مسلم
        عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِى النِّسَاءِ ». رواه مسلم
        عن أَبِي سَعِيدٍ الْخدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، فَقَالَ: إِنِّي مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوَ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقِيلَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ تُكَلِّمُ النَبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَلاَ يُكَلِّمُكَ فَرَأَيْنَا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ قَالَ فَمَسَحَ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ، فَقَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ؛ فَقَالَ: إِنَّهُ لاَ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ، وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَو يُلِمُّ، إِلاَّ آكِلَةَ الْخَضْرَاءِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا اْمتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ، فَثَلَطَت وَبَالَتْ وَرَتَعَتْ، وَإِنَّ هذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ مَا أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ أَوْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَيَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ متفق عليه
        عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: لاَ يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ: فِي حُبِّ الدُّنْيَا وَطُولِ الأَمَلِ". متفق عليه

        تعليق


        • #5
          جزى الله أخانا الفاضل أبا حمزة خيراً وبارك فيه وفي وقته

          قال الله تبارك وتعالى: ﴿
          أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ [البقرة : ٨٦].
          قال العلامة السعدي – رحمه الله تعالى – في تفسير هذه الآية:
          ثم أخبر تعالى عن السبب الذي أوجب لهم الكفر ببعض الكتاب، والإيمان ببعضه فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ } توهموا أنهم إن لم يعينوا حلفاءهم حصل لهم عار، فاختاروا النار على العار، فلهذا قال: { فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ } بل هو باق على شدته، ولا يحصل لهم راحة بوقت من الأوقات، { وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ } أي: يدفع عنهم مكروه.اهـ المراد
          قال لله تبارك وتعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }[آل عمران : 185].
          قال الإمام ابن كثير – رحمه الله – في تفسيرها:
          وقوله: { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ } تصغيرًا لشأن الدنيا، وتحقيرًا لأمرها، وأنها دنيئة فانية قليلة زائلة، كما قال تعالى: { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى } [الأعلى:16، 17] [وقال تعالى: { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ } [الرعد:26] وقال تعالى: { مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ] } [النحل:96]. وقال تعالى: { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى } [القصص:60]
          وفي الحديث: "
          واللهِ ما الدنيا في الآخرة إلا كما يَغْمِسُ أحدُكُم إصبعه في اليَمِّ، فلينظر بِمَ تَرْجِع إليه؟" .
          وقال قتادة في قوله: { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ } هي متاع، هي متاع، متروكة، أوشكت -والله الذي لا إله إلا هو-أن تَضْمَحِلَّ عن أهلها، فخذوا من هذا المتاع طاعة الله إن استطعتم، ولا قوة إلا بالله. اهـ المراد.
          قال العلامة السعدي – رحمه الله – في تفسيرها:
          هذه الآية الكريمة فيها التزهيد في الدنيا بفنائها وعدم بقائها، وأنها متاع الغرور، تفتن بزخرفها، وتخدع بغرورها، وتغر بمحاسنها، ثم هي منتقلة، ومنتقل عنها إلى دار القرار، التي توفى فيها النفوس ما عملت في هذه الدار، من خير وشر.
          { فمن زحزح } أي: أخرج، { عن النار وأدخل الجنة فقد فاز } أي: حصل له الفوز العظيم من العذاب الأليم، والوصول إلى جنات النعيم، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
          ومفهوم الآية، أن من لم يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فإنه لم يفز، بل قد شقي الشقاء الأبدي، وابتلي بالعذاب السرمدي.
          وفي هذه الآية إشارة لطيفة إلى نعيم البرزخ وعذابه، وأن العاملين يجزون فيه بعض الجزاء مما عملوه، ويقدم لهم أنموذج مما أسلفوه، يفهم هذا من قوله: { وإنما توفون أجوركم يوم القيامة } أي: توفية الأعمال التامة، إنما يكون يوم القيامة، وأما ما دون ذلك فيكون في البرزخ، بل قد يكون قبل ذلك في الدنيا كقوله تعالى: { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر } .اهـ المراد
          وقال البغوي – رحمه الله -:
          قوله عز وجل: { كُلّ نَفْسٍ } منفوسة، { ذَائِقَة الْمَوْتِ } وفي الحديث: "لمّا خلق الله تعالى آدم اشتكت الأرض إلى ربها لما أخذ منها فوعدَها أن يرُدَّ فيها ما أخذ منها فما من أحد إلا يدفن في التربة التي خلق منها"، { وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ } توفون جزاء أعمالكم، { يَوْمَ الْقِيَامَةِ } إن خيرا فخير وإن شرا فشر، { فَمَنْ زُحْزِحَ } نُجيِّ وأزيل، { عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ } ظفر بالنجاة ونجا من الخوف، { وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلا مَتَاع الْغُرُورِ } يعني منفعة ومتعة كالفأس والقدر والقصعة ثم تزول ولا تبقى.
          وقال الحسن: كخضرة النبات ولعب البنات لا حاصل له.اهـ المراد
          قال العلامة السعدي – رحمه الله – في تفسيرها:
          "......ثم إن الله وعظهم عن هذه الحال التي فيها التخلف عن القتال فقال: { قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى } أي: التمتع بلذات الدنيا وراحتها قليل، فتحمل الأثقال في طاعة الله في المدة القصيرة مما يسهل على النفوس ويخف عليها؛ لأنها إذا علمت أن المشقة التي تنالها لا يطول لبثها هان عليها ذلك، فكيف إذا وازنت بين الدنيا والآخرة، وأن الآخرة خير منها، في ذاتها، ولذاتها وزمانها، فذاتها -كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت عنه-"أن موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها" .ولذاتها صافية عن المكدرات، بل كل ما خطر بالبال أو دار في الفكر من تصور لذة، فلذة الجنة فوق ذلك كما قال تعالى: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ } وقال الله على لسان نبيه:"أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر" .
          وأما لذات الدنيا فإنها مشوبة بأنواع التنغيص الذي لو قوبل بين لذاتها وما يقترن بها من أنواع الآلام والهموم والغموم، لم يكن لذلك نسبة بوجه من الوجوه.
          وأما زمانها، فإن الدنيا منقضية، وعمر الإنسان بالنسبة إلى الدنيا شيء يسير، وأما الآخرة فإنها دائمة النعيم وأهلها خالدون فيها، فإذا فكّر العاقل في هاتين الدارين وتصور حقيقتهما حق التصور، عرف ما هو أحق بالإيثار، والسعي له والاجتهاد لطلبه، ولهذا قال:
          { وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى} أي: اتقى الشرك، وسائر المحرمات. { وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا } أي: فسعيكم للدار الآخرة ستجدونه كاملا موفرًا غير منقوص منه شيئًا".اهـ المراد
          وقال عز وجل: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنعام : 32]
          قال العلامة السعدي – رحمه الله – في تفسيرها:
          هذه حقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة، أما حقيقة الدنيا فإنها لعب ولهو، لعب في الأبدان ولهو في القلوب، فالقلوب لها والهة، والنفوس لها عاشقة، والهموم فيها متعلقة، والاشتغال بها كلعب الصبيان. اهـ المراد
          وقال عز من قائل: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس : 24].
          قال الإمام ابن كثير – رحمه الله – في تفسيرها:
          ضرب تبارك وتعالى مثلا لزهرة الحياة الدنيا وزينتها وسرعة انقضائها وزوالها، بالنبات الذي أخرجه الله من الأرض بما أنزل من السماء من الماء، مما يأكل الناس من زرع وثمار، على اختلاف أنواعها وأصنافها، وما تأكل الأنعام من أب وقَضْب وغير ذلك، { حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا } أي: زينتها الفانية، {وَازَّيَّنَتْ } أي: حَسُنت بما خرج من رُباها من زهور نَضِرة مختلفة الأشكال والألوان، {وَظَنَّ أَهْلُهَا } الذين زرعوها وغرسوها { أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا } أي: على جَذاذها وحصادها فبيناهم كذلك إذ جاءتها صاعقة، أو ريح بادرة، فأيبست أوراقها، وأتلفت ثمارها؛ ولهذا قال تعالى: {أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا } أي: يبسا بعد تلك الخضرة والنضارة، {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ } أي: كأنها ما كانت حسناء قبل ذلك.
          وقال قتادة: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ } كأن لم تنعم.
          وهكذا الأمور بعد زوالها كأنها لم تكن؛ ولهذا جاء في الحديث يؤتى بأنعم أهل الدنيا، فيُغْمَس في النار غَمْسَة ثم يقال له: هل رأيت خيرًا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا. ويؤتى بأشد الناس عذابًا في الدنيا فيغمس في النعيم غمسة، ثم يقال له: هل رأيت بؤسا قط؟ فيقول: لا"
          وقال تعالى إخبارًا عن المهلكين:
          { فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا } [ هود : 94 ، 95 ].
          ثم قال تعالى:
          { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ} أي: نبين الحُجج والأدلة،
          {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } فيعتبرون بهذا المثل في زوال الدنيا من أهلها سريعًا مع اغترارهم بها، وتمكنهم بمواعيدها وتَفَلّتها منهم، فإن من طبعها الهرب ممن طلبها، والطلب لمن هرب منها، وقد ضرب الله مثل الحياة الدنيا بنبات الأرض، في غير ما آية من كتابه العزيز، فقال في سورة الكهف: { وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا } [ الكهف : 45 ]، وكذا في سورة الزمر والحديد يضرب بذلك مثل الحياة الدنيا كماء. اهـ المراد
          وقال العلامة السعدي – رحمه الله تعالى – في فسيرها:
          وهذا المثل من أحسن الأمثلة، وهو مطابق لحالة الدنيا، فإن لذاتها وشهواتها وجاهها ونحو ذلك يزهو لصاحبه إن زها وقتًا قصيرًا، فإذا استكمل وتم اضمحل، وزال عن صاحبه، أو زال صاحبه عنه، فأصبح صفر اليدين منها، ممتلئ القلب من همها وحزنها وحسرتها.
          فذلك {
          كَمَاءٍ أَنزلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرْضِ } أي: نبت فيها من كل صنف، وزوج بهيج { مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ } كالحبوب والثمار { وَ } مما تأكل { الأنْعَامُ } كأنواع العشب، والكلأ المختلف الأصناف.
          {
          حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ } أي: تزخرفت في منظرها، واكتست في زينتها، فصارت بهجة للناظرين، ونزهة للمتفرجين، وآية للمتبصرين، فصرت ترى لها منظرًا عجيبًا ما بين أخضر، وأصفر، وأبيض وغيره.
          {
          وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا} أي: حصل معهم طمع، بأن ذلك سيستمر ويدوم، لوقوف إرادتهم عنده، وانتهاء مطالبهم فيه.
          فبينما هم في تلك الحالة { أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ } أي: كأنها ما كانت فهذه حالة الدنيا، سواء بسواء.
          { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ } أي: نبينها ونوضحها، بتقريب المعاني إلى الأذهان، وضرب الأمثال { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } أي: يعملون أفكارهم فيما ينفعهم.
          وأما الغافل المعرض، فهذا لا تنفعه الآيات، ولا يزيل عنه الشك البيان. اهـ المراد

          هذا تفسير بعض الآيات في أول هذا الموضوع فإذا كان هناك وقت فأتبعه إن شاء الله

          قال شيخ الإسلام ابن القيم – رحمه الله -:
          لو كان يدري العبد أن مصابه ... في هذه الدنيا هما الشران
          جعل التعوذ منهما ديدانه ... حتى تراه داخل الأكفان
          وسل العياذ من التكبر والهوى ... فهما لكل الشر جامعتان
          وهما يصدان الفتى عن كل طر ... ق الخير إذ في قلبه يلجان
          فتراه يمنعه هواه تارة ... والكبر أخرى ثم يشتركان
          والله ما في النار إلا تابع ... هذين فاسأل ساكني النيران
          والله لو جردت نفسك منهما ... لأتت إليك وفود كل تها.

          وقال رحمه الله عليه:
          قد آثروا الدنيا ولذة عيشها الـ ... ـفاني على الجنات والرضوان
          صحبوا الأماني وابتلوا بحظوظهم ... ورضوا بكل مذلة وهوان
          كدحا وكدا لا يفتر عنهم ... ما فيه من غم ومن أحزان
          والله لو شاهدت هاتيك الصدو ... ر رأيتها كمراجل النيران
          ووقودها الشهوات والحسرات والآ ... لام لا تخبو مدى الأزمان
          أبدانهم أجداث هاتيك النفو ... س اللاء قد قبرت مع الأبدان
          أرواحهم في وحشة وجسومهم ... في كدحها لا في رضا الرحمن
          هربوا من الرق الذي خلقوا له ... فبلو برق النفس والشيطان
          لا ترض ما اختاروه هم لنفوسهم ... فقد ارتضوا بالذل والحرمان
          لو ساوت الدنيا جناح بعوضة ... لم يسق منها الرب ذا الكفران
          لكنها والله أحقر عنده ... ذا الجناح القاصر الطيران
          ولقد تولت بعد عن أصحابها ... فالسعد منها حل بالدبران
          لا يرتجى منها الوفاء لصبها ... أين الوفا من غادر خوان
          طبعت على كدر فكيف ينالها ... صفو أهذا قط في الإمكان
          ياعاشق الدنيا تأهب للذي ... قد ناله العشاق كل زمان

          وقال – رحمه الله -:
          والله لم تخرج إلى الدنيا للذ ... ة عيشها أو للحطام الفاني
          لكن خرجت لكي تعد الزاد للـ ... أخرى فجئت بأقبح الخسران
          أهملت جمع الزاد حتى فات بل ... فات الذي ألهاك عن ذا الشان
          والله لو أنّ القلوب سليمة ... لتقطعت أسفا من الحرمان
          لكنها سكرى بحب حياتها الد ... نيا وسوف تفيق بعد زمان

          وقال القحطاني في نونيته:
          أعرض عن الدنيا الدنية زاهدا ... فالزهد عند أولي النهى زهدان
          زهد عن الدنيا وزهد في الثنا ... طوبى لمن أمسى له الزهدان


          وأسأل الله أن ينفعني بها من قرأها، وأن يجنبنا فتنة الدنيا
          والله الموفق وصلى الله وسلم على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


          التعديل الأخير تم بواسطة أبو سُليم عبد الله بن علي الحجري; الساعة 27-06-2012, 12:02 PM.

          تعليق


          • #6
            جزاك الله خيراً أبا حمزة خضر بن عبدالله على هذا الموضوع
            وتكملة للفائدة قال أبو إسحاق إبراهيم بن مسعود الألبيري الأندلسي رحمه الله:
            فليست هذه الدنيا بشيئ ::: تسوؤك حقبة وتسر وقتاً
            وغايتها إذا فكرت فيها ::: كفيئك أو كحلمك إذا حلمتا
            سجنت بها وأنت لها محب ::: فكيف تحب ما فيه سجنتا
            وتطعمك الطعام وعن قريب ::: ستطعم منك ما فيها طعمتا
            وتعرى إنه لبثت بها ثياباً ::: وتكسى إن ملابسها خلعتا
            وتشهد كل يوم دفن خل ::: كأنك لا تراد لما شهدتا
            ولم تخلق لتعمرها ولكن ::: لتعبرها فجد لما خلقتا
            وإن هدمت فزدها أن هدماً ::: وحصن أمر دينك ما استطعتا
            ولا تحزن على ما فات منها ::: إذا ما أنت في أخراك فزتا
            فليس بنافع ما نلت منها ::: من الفاني إذا الباقي حرمتا

            تعليق


            • #7
              قال تعالى:﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ﴾ [الرعد : 26].
              قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيرها:
              يذكر تعالى أنه هو الذي يوسع الرزق على من يشاء، ويقتره على من يشاء، لما له في ذلك من الحكمة والعدل. وفرح هؤلاء الكفار بما أوتوا في الحياة الدنيا استدراجا لهم وإمهالا كما قال تعالى: { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ } [المؤمنون: 55، 56] .
              ثم حقر الحياة الدنيا بالنسبة إلى ما ادخره تعالى لعباده المؤمنين في الدار الآخرة فقال: { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ } كما قال: { قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا } [النساء: 77] وقال { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى } [الأعلى: 16 ، 17] .
              وقال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع ويحيى بن سعيد قالا حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن المستورد أخي بني فهر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما الدنيا في الآخرة إلا كمثل ما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم، فلينظر بم ترجع" وأشار بالسبابة. ورواه مسلم في صحيحه.
              وفي الحديث الآخر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بِجَدْيٍ أسكَّ ميتٍ -والأسك الصغير الأذنين -فقال: "والله للدنيا أهون على الله من هذا على أهله حين ألقوه".

              وقال تعالى: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا [الكهف : 7 - 8]
              قال الإمام ابن كثير عليه رحمة الله :
              ثم أخبر تعالى أنه جعل الدنيا دارًا فانية مُزيَّنة بزينة زائلة. وإنما جعلها دار اختبار لا دار قرار، فقال: { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا } .
              قال قتادة، عن أبي نَضْرة، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الدنيا خضرة حلوة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء"
              ثم أخبر تعالى بزوالها وفنائها، وفراغها وانقضائها، وذهابها وخرابها، فقال: { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا } أي: وإنا لمصيروها بعد الزينة إلى الخراب والدمار، فنجعل كل شيء عليها هالكًا { صَعِيدًا جُرُزًا } : لا يُنْبِت ولا ينتفع به، كما قال العوفي، عن ابن عباس في قوله تعالى { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا } يقول: يهلك كل شيء عليها ويبيد. وقال مجاهد: { صَعِيدًا جُرُزًا } بلقعًا.
              وقال قتادة: الصعيد: الأرض التي ليس فيها شجر ولا نبات.
              وقال ابن زيد: الصعيد: الأرض التي ليس فيها شيء، ألا ترى إلى قوله تعالى: { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ } [السجدة:27].
              وقال محمد بن إسحاق: { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا } يعني الأرض، إن ما عليها لفان وبائد، وإن المرجع لإلى الله فلا تأس ولا يحزنك ما تسمع وترى. اهـ المراد

              وقال العلامة السعدي رحمه الله :
              يخبر تعالى: أنه جعل جميع ما على وجه الأرض، من مآكل لذيذة، ومشارب، ومساكن طيبة، [ ص 471 ] وأشجار، وأنهار، وزروع، وثمار، ومناظر بهيجة، ورياض أنيقة، وأصوات شجية، وصور مليحة، وذهب وفضة، وخيل وإبل ونحوها، الجميع جعله الله زينة لهذه الدار، فتنة واختبارا. { لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا } أي: أخلصه وأصوبه، ومع ذلك سيجعل الله جميع هذه المذكورات، فانية مضمحلة، وزائلة منقضية.
              وستعود الأرض صعيدا جرزا قد ذهبت لذاتها، وانقطعت أنهارها، واندرست أثارها، وزال نعيمها، هذه حقيقة الدنيا، قد جلاها الله لنا كأنها رأي عين، وحذرنا من الاغترار بها، ورغبنا في دار يدوم نعيمها، ويسعد مقيمها، كل ذلك رحمة بنا، فاغتر بزخرف الدنيا وزينتها، من نظر إلى ظاهر الدنيا، دون باطنها، فصحبوا الدنيا صحبة البهائم، وتمتعوا بها تمتع السوائم، لا ينظرون في حق ربهم، ولا يهتمون لمعرفته، بل همهم تناول الشهوات، من أي وجه حصلت، وعلى أي حالة اتفقت، فهؤلاء إذا حضر أحدهم الموت، قلق لخراب ذاته، وفوات لذاته، لا لما قدمت يداه من التفريط والسيئات.
              وأما من نظر إلى باطن الدنيا، وعلم المقصود منها ومنه، فإنه يتناول منها، ما يستعين به على ما خلق له، وانتهز الفرصة في عمره الشريف، فجعل الدنيا منزل عبور، لا محل حبور، وشقة سفر، لا منزل إقامة، فبذل جهده في معرفة ربه، وتنفيذ أوامره، وإحسان العمل، فهذا بأحسن المنازل عند الله، وهو حقيق منه بكل كرامة ونعيم، وسرور وتكريم، فنظر إلى باطن الدنيا، حين نظر المغتر إلى ظاهرها، وعمل لآخرته، حين عمل البطال لدنياه، فشتان ما بين الفريقين، وما أبعد الفرق بين الطائفتين".اهـ ما أردت نقله.

              وقال الله عز وجل: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (*) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ [الكهف : 45 – 46].
              قال العلامة السعدي رحمه الله:
              يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أصلا ولمن قام بوراثته بعده تبعا: اضرب للناس مثل الحياة الدنيا ليتصوروها حق التصور، ويعرفوا ظاهرها وباطنها، فيقيسوا بينها وبين الدار الباقية، ويؤثروا أيهما أولى بالإيثار. وأن مثل هذه الحياة الدنيا، كمثل المطر، ينزل على الأرض، فيختلط نباتها، تنبت من كل زوج بهيج، فبينا زهرتها وزخرفها تسر الناظرين، وتفرح المتفرجين، وتأخذ بعيون الغافلين، إذ أصبحت هشيما تذروه الرياح، فذهب ذلك النبات الناضر، والزهر الزاهر، والمنظر البهي، فأصبحت الأرض غبراء ترابا، قد انحرف عنها النظر، وصدف عنها البصر، وأوحشت القلب، كذلك هذه الدنيا، بينما صاحبها قد أعجب بشبابه، وفاق فيها على أقرانه وأترابه، وحصل درهمها ودينارها، واقتطف من لذته أزهارها، وخاض في الشهوات في جميع أوقاته، وظن أنه لا يزال فيها سائر أيامه، إذ أصابه الموت أو التلف لماله، فذهب عنه سروره، وزالت لذته وحبوره، واستوحش قلبه من الآلام وفارق شبابه وقوته وماله، وانفرد بصالح، أو سيئ أعماله، هنالك يعض الظالم على يديه، حين يعلم حقيقة ما هو عليه، ويتمنى العود إلى الدنيا، لا ليستكمل الشهوات، بل ليستدرك ما فرط منه من الغفلات، بالتوبة والأعمال الصالحات، فالعاقل الجازم الموفق، يعرض على نفسه هذه الحالة، ويقول لنفسه: قدري أنك قد مت، ولا بد أن تموتي، فأي: الحالتين تختارين؟ الاغترار بزخرف هذه الدار، والتمتع بها كتمتع الأنعام السارحة، أم العمل، لدار أكلها دائم وظلها، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين؟ فبهذا يعرف توفيق العبد من خذلانه، وربحه من خسرانه.
              وقال رحمه الله:
              ولهذا أخبر تعالى أن المال والبنين، زينة الحياة الدنيا، أي: ليس وراء ذلك شيء، وأن الذي يبقى للإنسان وينفعه ويسره، الباقيات الصالحات، وهذا يشمل جميع الطاعات الواجبة والمستحبة من حقوق الله، وحقوق عباده، من صلاة، وزكاة، وصدقة، وحج، وعمرة، وتسبيح، وتحميد، وتهليل، وتكبير، وقراءة، وطلب علم نافع، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، وصلة رحم، وبر والدين، وقيام بحق الزوجات، والمماليك، والبهائم، وجميع وجوه الإحسان إلى الخلق، كل هذا من الباقيات الصالحات، فهذه خير عند الله ثوابا وخير أملا فثوابها يبقى، ويتضاعف على الآباد، ويؤمل أجرها وبرها ونفعها عند الحاجة، فهذه التي ينبغي أن يتنافس بها المتنافسون، ويستبق إليها العاملون، ويجد في تحصيلها المجتهدون، وتأمل كيف لما ضرب الله مثل الدنيا وحالها واضمحلالها ذكر أن الذي فيها نوعان: نوع من زينتها، يتمتع به قليلا ثم يزول بلا فائدة تعود لصاحبه، بل ربما لحقته مضرته وهو المال والبنون ونوع يبقى وينفع صاحبه على الدوام، وهي الباقيات الصالحات. اهـ المراد
              وقال تبارك وتعالى: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ [القصص : 60 - 61]
              قال الإمام ابن كثير طيب الله ثراه:
              يقول تعالى مخبرًا عن حقارة الدنيا ، وما فيها من الزينة الدنيئة والزهرة الفانية بالنسبة إلى ما أعده الله لعباده الصالحين في الدار الآخرة من النعيم العظيم المقيم، كما قال: { مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ } [ النحل : 96 ] ، وقال : { وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأبْرَارِ } [ آل عمران : 198 ] ، وقال : { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ } [ الرعد : 26 ] ، وقال : { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى } [ الأعلى : 16 ، 17 ] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله ما الدنيا في الآخرة، إلا كما يَغْمِس أحدكم إصبعه في اليم، فَلْينظُر ماذا يرجع إليه".
              وقوله: { أَفَلا يَعْقِلُونَ } أي: أفلا يعقل مَنْ يقدم الدنيا على الآخرة؟.
              وقوله: { أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ } : يقول: أفمن هو مؤمن مصدق بما وعده الله على صالح أعماله من الثواب الذي هو صائر إليه لا محالة، كمَنْ هو كافر مكذب بلقاء الله ووعده ووعيده، فهو ممتع في الحياة الدنيا أيامًا قلائل، { ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ } قال مجاهد، وقتادة: من المعذبين.
              ثم قد قيل: إنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أبي جهل. وقيل: في حمزة وعلي وأبي جهل، وكلاهما عن مجاهد. والظاهر أنها عامة، وهذا كقوله تعالى إخبارا عن ذلك المؤمن حين أشرف على صاحبه، وهو في الدرجات وذاك في الدركات: { وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ } [ الصافات : 57 ]، وقال تعالى: { وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } [ الصافات : 158 ]. اهـ المراد

              وقال العلامة السعدي رحمه الله:
              هذا حض من الله لعباده على الزهد في الدنيا وعدم الاغترار بها، وعلى الرغبة في الأخرى، وجعلها مقصود العبد ومطلوبه، ويخبرهم أن جميع ما أوتيه الخلق، من الذهب، والفضة، والحيوانات والأمتعة، والنساء، والبنين، والمآكل، والمشارب، واللذات، كلها متاع الحياة الدنيا وزينتها، أي: يتمتع به وقتا قصيرا، متاعا قاصرا، محشوا بالمنغصات، ممزوجا بالغصص.
              ويزين به زمانا يسيرا، للفخر والرياء، ثم يزول ذلك سريعا، وينقضي جميعا، ولم يستفد صاحبه منه إلا الحسرة والندم، والخيبة والحرمان.
              { وَمَا عِنْدَ اللَّهِ } من النعيم المقيم، والعيش السليم { خَيْرٌ وَأَبْقَى } أي: أفضل في وصفه وكميته، وهو دائم أبدا، ومستمر سرمدا.
              { أَفَلا تَعْقِلُونَ } أي: أفلا يكون لكم عقول، بها تزنون أي: الأمور أولى بالإيثار، وأي: الدارين أحق للعمل لها فدل ذلك أنه بحسب عقل العبد، يؤثر الأخرى على الدنيا، وأنه ما آثر أحد الدنيا إلا لنقص في عقله، ولهذا نبه العقول على الموازنة بين عاقبة مؤثر الدنيا ومؤثر الآخرة، فقال: { أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لاقِيهِ }.
              أي: هل يستوي مؤمن ساع للآخرة سعيها، قد عمل على وعد ربه له، بالثواب الحسن، الذي هو الجنة، وما فيها من النعيم العظيم، فهو لاقيه من غير شك ولا ارتياب، لأنه وعد من كريم صادق الوعد، لا يخلف الميعاد، لعبد قام بمرضاته وجانب سخطه، { كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } فهو يأخذ فيها ويعطي، ويأكل ويشرب، ويتمتع كما تتمتع البهائم، قد اشتغل بدنياه عن آخرته، ولم يرفع بهدى الله رأسا، ولم ينقد للمرسلين، فهو لا يزال كذلك، لا يتزود من دنياه إلا الخسار والهلاك.
              { ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ } للحساب، وقد علم أنه لم يقدم خيرا لنفسه، وإنما قدم جميع ما يضره، وانتقل إلى دار الجزاء بالأعمال، فما ظنكم إلى ما يصير إليه؟ وما تحسبون ما يصنع به؟ فليختر العاقل لنفسه، ما هو أولى بالاختيار، وأحق الأمرين بالإيثار. اهـ المراد

              قال البغوي في تفسير هذه الآيتان:
              { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا } تتمتعون بها أيام حياتكم ثم هي إلى فناء وانقضاء، { وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ } أن الباقي خير من الفاني. قرأ عامة القراء: "تعقلون" بالتاء وأبو عمرو بالخيار بين التاء والياء.
              { أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا } أي الجنةُ { فَهُوَ لاقِيهِ } مصيبه ومدركه وصائر إليهُ { كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } ويزول عن قريب { ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ } النار... اهـ المراد

              وقال الطبراني رحمه الله:
              يقول تعالى ذكره: وما أعطيتم أيها الناس من شيء من الأموال والأولاد، فإنما هو متاع تتمتعون به في هذه الحياة الدنيا، وهو من زينتها التي يتزين به فيها، لا يغني عنكم عند الله شيئا، ولا ينفعكم شيء منه في معادكم، وما عند الله لأهل طاعته وولايته خير مما أوتيتموه أنتم في هذه الدنيا من متاعها وزينتها(وأبقى)، يقول: وأبقى لأهله؛ لأنه دائم لا نفاد له.اهـ المراد

              وقال الحافظ الحكمي رحمه الله رحمة واسعة كما في قصيدة الهائية:
              وما لِي وللدنيا وليست ببغيتي **** ولا منتهى قصدي ولست أنا لها
              ولست بِميال إليها ولا إلى **** رئاستها نتنًا وقبحًا لحالها
              هي الدار دار الهم والغم والعنا **** سريع تَقَضِّيها قريب زوالها
              مياسيرها عسر وحزن سرورها **** وأرباحها خسر ونقص كمالها
              إذا أضحكتْ أبكتْ وإن رام وصلها **** غبي فيا سرع انقطاع وصالها
              فأسأل ربي أن يحول بحولـه **** وقوَّته بيني وبين اغتيالها
              فيا طالب الدنيا الدنيئة جاهدًا **** ألا اطلب سواها إنَّها لا وفا لها
              فكم قد رأينا من حريص ومشفق **** عليها فلم يظفر بِها أن ينالها

              لقد جاء في آي الحديد ويونس **** وفي الكهف إيضاح بضرب مثالها
              وفي آل عمران وسورة فاطر **** وفي غافر قد جاء تبيان حالها
              وفي سورة الأحقاف أعظم واعظ **** وكم من حديث موجب لاعتزالها

              لقد نظروا قوم بعين بصيرة **** إليها فلم تغررهم باختيالها
              أولئك أهل الله حقًّا وحزبه **** لهم جنة الفردوس إرثًا ويالها
              ومال إليها آخرون لجهلهم **** فلما اطمأنوا أرشقتهم نبالها
              أولئك قوم آثروها فأعقبوا **** بِها الخزي في الأخرى وذاقوا وبالها
              فقل للذين استعذبوها رويدكم **** سينقلب السم النقيع زلالها
              ليلهوا ويغتروا بِها ما بدا لهم **** متى تبلغ الحلقوم تصرم حبالها

              انتهى ما أردت نقله
              اللهم اجعلنا صالحين مصلحين، وبشرعك عاملين، ولنبيك متبعين، ولولاة أمورنا ناصحين، ولأوامرهم في المعروف منفذين، ولهم محبين، وفي الولاء لهم في الحق والبر صادقين، وانصرنا جميعًا على القوم المفسدين وإن تسموا باسم الدعوة والدين.

              تعليق


              • #8
                وقال سبحانه : ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [القصص : 79].
                قال العلامة السعدي رحمه الله :
                { فَخَرَجَ } ذات يوم { فِي زِينَتِهِ } أي: بحالة أرفع ما يكون من أحوال دنياه، قد كان له من الأموال ما كان، وقد استعد وتجمل بأعظم ما يمكنه، وتلك الزينة في العادة من مثله تكون هائلة، جمعت زينة الدنيا وزهرتها وبهجتها وغضارتها وفخرها، فرمقته في تلك الحالة العيون، وملأت بِزَّتُهُ القلوب، واختلبت زينته النفوس، فانقسم فيه الناظرون قسمين، كل تكلم بحسب ما عنده من الهمة والرغبة.
                فـ { قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } أي: الذين تعلقت إرادتهم فيها، وصارت منتهى رغبتهم، ليس لهم إرادة في سواها، { يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ } من الدنيا ومتاعها وزهرتها { إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } وصدقوا إنه لذو حظ عظيم، لو كان الأمر منتهيا إلى رغباتهم، وأنه ليس وراء الدنيا، دار أخرى، فإنه قد أعطي منها ما به غاية التنعم بنعيم الدنيا، واقتدر بذلك على جميع مطالبه، فصار هذا الحظ العظيم، بحسب همتهم، وإن همة جعلت هذا غاية مرادها ومنتهى مطلبها، لَمِنْ أدنى الهمم وأسفلها وأدناها، وليس لها أدنى صعود إلى المرادات العالية والمطالب الغالية.اهـ المراد
                وقال الطبري رحمه الله:
                ".... { قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ } يقول تعالى ذكره: قال الذين يريدون زينة الحياة الدنيا من قوم قارون: يا ليتنا أُعطينا مثل ما أعطي قارون من زينتها{ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } يقول: إن قارون لذو نصيب من الدنيا.اهــ المراد
                قال البغوي رحمه الله:
                { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ } قال إبراهيم النخعي: خرج هو وقومه في ثياب حمر وصفر، قال ابن زيد: في سبعين ألفا عليهم المعصفرات. [قال مجاهد: علي براذين بيض عليها سرج الأرجوان] قال مقاتل: خرج على بغلة شهباء عليها سرج من ذهب عليه الأرجوان، ومعه أربعة آلاف فارس عليهم وعلى دوابهم الأرجوان، ومعه ثلثمائة جارية بيض عليهن الحلي والثياب الحمر، وهن على البغال الشهب، { قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } من المال.اهـ المراد

                قال تعالى : ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت : 64].
                قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيرها:
                يقول تعالى مخبرا عن حقارة الدنيا وزوالها وانقضائها، وأنها لا دوام لها، وغاية ما فيها لهو ولعب: { وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ } أي: الحياة الدائمة الحق الذي لا زوال لها ولا انقضاء، بل هي مستمرة أبد الآباد.
                وقوله: { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } أي: لآثروا ما يبقى على ما يفنى.اهـ المراد
                وقال العلامة السعدي رحمه الله – في تفسير الآية:
                يخبر تعالى عن حالة الدنيا والآخرة، وفي ضمن ذلك، التزهيد في الدنيا والتشويق للأخرى، فقال: { وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا } في الحقيقة { إِلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ } تلهو بها القلوب، وتلعب بها الأبدان، بسبب ما جعل اللّه فيها من الزينة واللذات، والشهوات الخالبة للقلوب المعرضة، الباهجة للعيون الغافلة، المفرحة للنفوس المبطلة الباطلة، ثم تزول سريعا، وتنقضي جميعا، ولم يحصل منها محبها إلا على الندم والحسرة والخسران.
                وأما الدار الآخرة، فإنها دار { الحيوان } أي: الحياة الكاملة، التي من لوازمها، أن تكون أبدان أهلها في غاية القوة، وقواهم في غاية الشدة، لأنها أبدان وقوى خلقت للحياة، وأن يكون موجودا فيها كل ما تكمل به الحياة، وتتم به اللذات، من مفرحات القلوب، وشهوات الأبدان، من المآكل، والمشارب، والمناكح، وغير ذلك، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } لما آثروا الدنيا على الآخرة، ولو كانوا يعقلون لما رغبوا عن دار الحيوان، ورغبوا في دار اللهو واللعب، فدل ذلك على أن الذين يعلمون، لا بد أن يؤثروا الآخرة على الدنيا، لما يعلمونه من حالة الدارين.اهـ المراد
                وقال الطبي رحمه الله في تفسير الآية:
                يخبر تعالى عن حالة الدنيا والآخرة، وفي ضمن ذلك، التزهيد في الدنيا والتشويق للأخرى، فقال: { وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا } في الحقيقة { إِلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ } تلهو بها القلوب، وتلعب بها الأبدان، بسبب ما جعل اللّه فيها من الزينة واللذات، والشهوات الخالبة للقلوب المعرضة، الباهجة للعيون الغافلة، المفرحة للنفوس المبطلة الباطلة، ثم تزول سريعا، وتنقضي جميعا، ولم يحصل منها محبها إلا على الندم والحسرة والخسران.
                وأما الدار الآخرة، فإنها دار { الحيوان } أي: الحياة الكاملة، التي من لوازمها، أن تكون أبدان أهلها في غاية القوة، وقواهم في غاية الشدة، لأنها أبدان وقوى خلقت للحياة، وأن يكون موجودا فيها كل ما تكمل به الحياة، وتتم به اللذات، من مفرحات القلوب، وشهوات الأبدان، من المآكل، والمشارب، والمناكح، وغير ذلك، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } لما آثروا الدنيا على الآخرة، ولو كانوا يعقلون لما رغبوا عن دار الحيوان، ورغبوا في دار اللهو واللعب، فدل ذلك على أن الذين يعلمون، لا بد أن يؤثروا الآخرة على الدنيا، لما يعلمونه من حالة الدارين.اهـ المراد
                وقال البغوي رحمه الله تعالى – في تفسير الآية:
                قوله تعالى: { وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ } الله و هو: الاستمتاع بلذات الدنيا، واللعب: العبث، سميت بهما لأنها فانية. { وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ } أي: الحياة الدائمة الباقية، و"الحيوان": بمعنى الحياة، أي: فيها الحياة الدائمة، { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } فناء الدنيا وبقاء الآخرة.اهـ المراد
                وقال الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}[لقمان : 33]
                قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيرها:
                يقول تعالى منذرا للناس يوم المعاد، وآمرا لهم بتقواه والخوف منه، والخشية من يوم القيامة حيث { لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ } أي: لو أراد أن يفديه بنفسه لما قبل منه. وكذلك الولد لو أراد فداء والده بنفسه لم يتقبل منه.
                ثم عاد بالموعظة عليهم بقوله: { فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا } [أي: لا تلهينكم بالطمأنينة فيها عن الدار الآخرة]. { وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ } يعني: الشيطان. قاله ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وقتادة. فإنه يغر ابن آدم ويَعدهُ ويمنيه، وليس من ذلك شيء بل كما قال تعالى:
                { يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا } [النساء:120].
                قال وهب بن منبه: قال عزير، عليه السلام: لما رأيت بلاء قومي اشتد حزني وكثر همي، وأرق نومي، فضرعت إلى ربي وصليت وصمت فأنا في ذلك أتضرع أبكي إذ أتاني الملك فقلت له: أخبرني هل تشفع أرواح المصدقين للظلمة، أو الآباء لأبنائهم؟ قال: إن القيامة فيها فصل القضاء وملك ظاهر، ليس فيه رخصة، لا يتكلم فيه أحد إلا بإذن الرحمن، ولا يؤخذ فيه والد عن ولده، ولا ولد عن والده، ولا أخ عن أخيه، ولا عبد عن سيده، ولا يهتم أحد بغيره ولا يحزن لحزنه، ولا أحد يرحمه، كل مشفق على نفسه، ولا يؤخذ إنسان عن إنسان، كل يَهُم همه ويبكي عَوله، ويحمل وزره، ولا يحمل وزره معه غيره. رواه ابن أبي حاتم.اهـ المراد من تفسير ابن كثير.
                وقال العلامة السعدي رحمه الله في تفسير الآية:
                يأمر تعالى الناس بتقواه، التي هي امتثال أوامره، وترك زواجره، ويستلفتهم لخشية يوم القيامة، اليوم الشديد، الذي فيه كل أحد لا يهمه إلا نفسه فـ { لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا } لا يزيد في حسناته ولا ينقص من سيئاته، قد تم على كل عبد عمله، وتحقق عليه جزاؤه.
                فلفت النظر في هذا لهذا اليوم المهيل، مما يقوي العبد ويسهِّل عليه تقوى اللّه، وهذا من رحمة اللّه بالعباد، يأمرهم بتقواه التي فيها سعادتهم، ويعدهم عليها الثواب، ويحذرهم من العقاب، ويزعجهم إليه بالمواعظ والمخوفات، فلك الحمد يا رب العالمين.
                { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } فلا تمتروا فيه، ولا تعملوا عمل غير المصدق، فلهذا قال: { فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا } بزينتها وزخارفها وما فيها من الفتن والمحن.
                { وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ } الذي هو الشيطان، الذي ما زال يخدع الإنسان ولا يغفل عنه في جميع الأوقات، فإن للّه على عباده حقا، وقد وعدهم موعدا يجازيهم فيه بأعمالهم، وهل وفوا حقه أم قصروا فيه.
                وهذا أمر يجب الاهتمام به، وأن يجعله العبد نصب عينيه، ورأس مال تجارته، التي يسعى إليها.
                ومن أعظم العوائق عنه والقواطع دونه، الدنيا الفتانة، والشيطان الموسوس الْمُسَوِّل، فنهى تعالى عباده، أن تغرهم الدنيا، أو يغرهم باللّه الغرور { يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا }.اهـ المراد من تفسير السعدي.
                وقال الله تبارك وتعالى:
                {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر : 39].

                قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى – في تفسيرها:
                { يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ } أي: قليلة زائلة فانية عن قريب تذهب وتزول وتضمحل، { وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ } أي: الدار التي لا زوال لها، ولا انتقال منها ولا ظعن عنها إلى غيرها، بل إما نعيم وإما جحيم، ولهذا قال { مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا } أي: واحدة مثلها { وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي: لا يتقدر بجزاء بل يثيبه الله، ثوابا كثيرا لا انقضاء له ولا نفاد.اهــ المراد
                قال العلامة السعدي رحمه الله في تفسير الآية:
                { يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ } يتمتع بها ويتنعم قليلا ثم تنقطع وتضمحل، فلا تغرنكم وتخدعنكم عما خلقتم له { وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ } التي هي محل الإقامة، ومنزل السكون والاستقرار، فينبغي لكم أن تؤثروها، وتعملوا لها عملا يسعدكم فيها.اهــ المراد

                وينسب إلى ديوان الشافعي رحمه الله:
                بَلَوْتُ بَني الدُّنيا فَلَمْ أَرَ فِيهمُ *** سوى من غدا والبخلُ ملءُ إهابه
                فَجَرَّدْتُ مِنْ غِمْدِ القَنَاعَةِ صَارِماً *** قطعتُ رجائي منهم بذبابه
                فلا ذا يراني واقفاً في طريقهِ *** وَلاَ ذَا يَرَانِي قَاعِداً عِنْدَ بَابِهِ
                غنيِّ بلا مالٍ عن النَّاس كلهم *** وليس الغنى إلا عن الشيء لابه
                إِذَا مَا ظَالِمٌ اسْتَحْسَنَ الظُّلْمَ مَذْهباً *** وَلَجَّ عُتُوّاً فِي قبيحِ اكْتِسابِهِ

                فَكِلْهُ إلى صَرْفِ اللّيَالِي فَإنَّها *** ستبدي له مالم يَكُنْ في حسابهِ
                فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا ظَالِماً مُتَمَرِّداً *** يَرَى النَّجْمَ تِيهاً تحْتَ ظِلِّ رِكابِهِ
                فَعَمَّا قليلٍ وَهْوَ في غَفَلاتِهِ *** أَنَاخَتْ صُروفُ الحادِثَاتِ بِبابِهِ
                فَأَصْبَحَ لا مَالٌ وَلاَ جاهٌ يُرْتَجَى *** وَلا حَسَناتٌ تَلْتَقي فِي كتَابِهِ
                وجوزي بالأمرِ الذي كان فاعلاً *** وصبَّ عليهِ الله سوطَ عذابه

                وينسب أيضاً:
                يا مَنْ يُعَانِقُ دُنْيَا لا بَقَاءَ لَهَا *** يُمسِي وَيُصْبِحُ في دُنْيَاهُ سَفَّاراً
                هَلاَّ تَرَكْتَ لِــذِي الدُّنْيَا مُعَانَقَةً *** حتى تعاتقَ في الفردوسِ أبكاراً
                إن كنت تبغي جنانَ الخلد تسكنها *** فَيَنْبَغِي لكَ أنْ لا تَأْمَنَ النَّاراً.
                اهــ المراد

                انتهى ما أردت نقله
                اللهم إننا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تيسر لنا الذهاب إلى دماج الخير يا مجيب الدعوات.
                وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
                وصلى الله وسلم على رسوله الصادق الأمين وعلى آله وأزواجه الطيبين الطاهرين وصحبه أجمعين.
                التعديل الأخير تم بواسطة أبو أحمد علي السيد; الساعة 04-10-2012, 02:56 PM.

                تعليق


                • #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة أبو سليم عبد الله الحجري مشاهدة المشاركة
                  اللهم إننا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تيسر لنا ذهاب إلى دماج الخير يا مجيب


                  اللهم آمين اللهم آمين اللهم آمين
                  التعديل الأخير تم بواسطة أبو يحيى عبد الله بن ناصر المري; الساعة 07-08-2012, 03:03 AM.

                  تعليق

                  يعمل...
                  X