مثل رباني فيه أسرار وحكم وعلوم
قال الله تعالى:
{ ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون}.
((الكلمة الطيبة هي شهادة أن لا إله إلا الله
فإنها تثمر جميع الأعمال الصالحة الظاهرة و الباطنة)).
((والمقصود أن كلمة التوحيد
إذا شهد المؤمن بها
عارفا بمعناها وحقيقتها نفيا واثباتا
متصفا بموجبها
قائما قلبه ولسانه وجوارحه بشهادته
فهذه الكلمة من هذا الشاهد أصلها ثبات راسخ في قلبه وفروعها متصلة مثل النخلة والمؤمن بالسماء وهي مخرجة لثمرتها كل وقت)).
((فشبه سبحانه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة
لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع)).
أيها الأحبة:أن من فوائد ضرب الأمثال أن فيه زيادة تذكير وتفهيم وتصوير وتقريب للمعاني،وفتح أبواب العلوم النافعة،وترطيب القلوب لأستقبالها والتفاعل معها والأنتفاع بها.
وهذا المثل العظيم كما ترون قد حوى الكثير من العجائب والعلوم والفوائد والحكم النافعة،التي ذكرنا بها المولى الرحيم جل جلاله،وقرب معاني الشيء الذي ضرب من أجله المثل، وفهمنا إياها عندما بينها لنا بضرب هذا المثل الكريم.
وقد أجاد وأفاد الحبر العلامة بن القيم رحمه الله تعالى في توضيح هذه الأسرار التي حواها هذا المثل المبارك عندما كشف لنا عن معانيه وغاص في أعماقه فأخرج لنا درره ومحاريه،
بأسلوب سلفي متين.
فدونك إياه فتدبره أخي الحبيب:
((وفي هذا المثل من الأسرار والعلوم والمعارف
ما يليق ويقتضيه علم الذي تكلم به سبحانه وحكمته
فمن ذلك أن الشجرة لا بد لها من عروق وساق وفروع وورق وثمر
فكذلك شجرة الإيمان والإسلام
ليطابق المشبه المشبه به
فعروقها العلم والمعرفة واليقين
وساقها الإخلاص
وفروعها الأعمال
وثمرتها ما توجبه الأعمال الصالحة من الآثار الحميدة والصفات الممدوحة والأخلاق الزكية والسمت الصالح والهدى والدل المرضى
فيستدل على غرس هذه الشجرة في القلب وثبوتها فيه بهذه الأمور
فإذا كان العلم صحيحا مطابقا لمعلومه الذي أنزل الله كتابه به
والاعتقاد مطابقا لما أخبر به عن نفسه وأخبرت به عنه رسله صلوات الله وسلامه عليهم
والإخلاص قائم في القلب
والأعمال موافقة للأمر
والهدى والدل والسمت مشابه لهذه الأصول مناسب لها
علم أن شجرة الإيمان في القلب أصلها ثابت وفرعها في السماء
وإذا كان الأمر بالعكس
علم أن القائم بالقلب إنما هو الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار
ومنها أن الشجرة لا تبقى حية إلا بمادة تسقيها وتنميها فإذا انقطع عنها السقي أوشك أن تيبس
فهكذا شجرة الإسلام في القلب
إن لم يتعاهدها صاحبها بسقيها كل وقت بالعمل النافع والعمل الصالح والعود بالتذكر على التفكر والتفكر على التذكر وإلا أوشك أن تيبس
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: رسول الله-صلى الله عليه وسلم- (( إن الإيمان يخلق في القلب كما يخلق الثوب فجددوا إيمانكم بالغرس الطيب)).
وبالجملة فالغرس إن لم يتعاهده صاحبه أوشك أن يهلك ومن هنا يعلم شدة حاجة العباد إلى ما أمر الله به من العبادات على تعاقب الأوقات وعظيم رحمته وتمام نعمته وإحسانه إلى عباده بأن وضعها عليهم وجعلها مادة لسقي غراس التوحيد الذي غرسه في قلوبهم
ومنها إن الغرس والزرع النافع قد أجرى الله سبحانه العادة أنه لا بد أن يخالطه دغل ونبت غريب ليس من جنسه
فإن تعاهده ربه ونقاه وقلمه كمل الغرس والزرع واستوى وتم نباته
وكان أوفر لثمرته وأطيب وأزكى
وإن تركه أوشك أن يغلب على الغرس والزرع ويكون الحكم له
أو يضعف الأصل ويجعل الثمرة ذميمة ناقصة بحسب كثرته وقلته
ومن لم يكن له فقه
يقيس في هذا ومعرفته به فإنه يفوته ربح كثير وهو لا يشعر
فالمؤمن دائم سعيه في شيئين:
سقي هذه الشجرة
وتنقية ما حولها
فبسقيها تبقى وتدوم
وبتنقية ما حولها تكمل وتتم
والله المستعان وعليه التكلان )).
(( فهذا بعض ما تضمنه هذا المثل العظيم الجليل من:
الأسرار والحكم
ولعلها قطرة من بحر!!!
بحسب أذهاننا الواقعة وقلوبنا المخبطة وعلومنا القاصرة وأعمالنا التي توجب التوبة والاستغفار وإلا فلو طهرت منا القلوب وصفت الأذهان وزكت النفوس وخلصت الأعمال وتجردت الهمم
للتقي عن الله تعالى ورسوله
لشاهدنا من معاني كلام الله عز وجل وأسراره وحكمه
ما تضمحل عنده العلوم وتتلاشى عنده معارف الحق
وبهذا يعرف قدر علوم الصحابة ومعارفهم رضي الله عنهم
وإن التفاوت الذي بين علومهم وعلوم من بعدهم كالتفاوت الذي بينهم في الفضل والله أعلم حيث يجعل مواقع فضله ومن يختص برحمته )).
ما بين الأقواس من كلام بن القيم رحمه الله من كتابه (الأمثال في القرآن الكريم)
أخوكم المحب:عماد الحديدي
قال الله تعالى:
{ ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون}.
((الكلمة الطيبة هي شهادة أن لا إله إلا الله
فإنها تثمر جميع الأعمال الصالحة الظاهرة و الباطنة)).
((والمقصود أن كلمة التوحيد
إذا شهد المؤمن بها
عارفا بمعناها وحقيقتها نفيا واثباتا
متصفا بموجبها
قائما قلبه ولسانه وجوارحه بشهادته
فهذه الكلمة من هذا الشاهد أصلها ثبات راسخ في قلبه وفروعها متصلة مثل النخلة والمؤمن بالسماء وهي مخرجة لثمرتها كل وقت)).
((فشبه سبحانه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة
لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع)).
أيها الأحبة:أن من فوائد ضرب الأمثال أن فيه زيادة تذكير وتفهيم وتصوير وتقريب للمعاني،وفتح أبواب العلوم النافعة،وترطيب القلوب لأستقبالها والتفاعل معها والأنتفاع بها.
وهذا المثل العظيم كما ترون قد حوى الكثير من العجائب والعلوم والفوائد والحكم النافعة،التي ذكرنا بها المولى الرحيم جل جلاله،وقرب معاني الشيء الذي ضرب من أجله المثل، وفهمنا إياها عندما بينها لنا بضرب هذا المثل الكريم.
وقد أجاد وأفاد الحبر العلامة بن القيم رحمه الله تعالى في توضيح هذه الأسرار التي حواها هذا المثل المبارك عندما كشف لنا عن معانيه وغاص في أعماقه فأخرج لنا درره ومحاريه،
بأسلوب سلفي متين.
فدونك إياه فتدبره أخي الحبيب:
((وفي هذا المثل من الأسرار والعلوم والمعارف
ما يليق ويقتضيه علم الذي تكلم به سبحانه وحكمته
فمن ذلك أن الشجرة لا بد لها من عروق وساق وفروع وورق وثمر
فكذلك شجرة الإيمان والإسلام
ليطابق المشبه المشبه به
فعروقها العلم والمعرفة واليقين
وساقها الإخلاص
وفروعها الأعمال
وثمرتها ما توجبه الأعمال الصالحة من الآثار الحميدة والصفات الممدوحة والأخلاق الزكية والسمت الصالح والهدى والدل المرضى
فيستدل على غرس هذه الشجرة في القلب وثبوتها فيه بهذه الأمور
فإذا كان العلم صحيحا مطابقا لمعلومه الذي أنزل الله كتابه به
والاعتقاد مطابقا لما أخبر به عن نفسه وأخبرت به عنه رسله صلوات الله وسلامه عليهم
والإخلاص قائم في القلب
والأعمال موافقة للأمر
والهدى والدل والسمت مشابه لهذه الأصول مناسب لها
علم أن شجرة الإيمان في القلب أصلها ثابت وفرعها في السماء
وإذا كان الأمر بالعكس
علم أن القائم بالقلب إنما هو الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار
ومنها أن الشجرة لا تبقى حية إلا بمادة تسقيها وتنميها فإذا انقطع عنها السقي أوشك أن تيبس
فهكذا شجرة الإسلام في القلب
إن لم يتعاهدها صاحبها بسقيها كل وقت بالعمل النافع والعمل الصالح والعود بالتذكر على التفكر والتفكر على التذكر وإلا أوشك أن تيبس
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: رسول الله-صلى الله عليه وسلم- (( إن الإيمان يخلق في القلب كما يخلق الثوب فجددوا إيمانكم بالغرس الطيب)).
وبالجملة فالغرس إن لم يتعاهده صاحبه أوشك أن يهلك ومن هنا يعلم شدة حاجة العباد إلى ما أمر الله به من العبادات على تعاقب الأوقات وعظيم رحمته وتمام نعمته وإحسانه إلى عباده بأن وضعها عليهم وجعلها مادة لسقي غراس التوحيد الذي غرسه في قلوبهم
ومنها إن الغرس والزرع النافع قد أجرى الله سبحانه العادة أنه لا بد أن يخالطه دغل ونبت غريب ليس من جنسه
فإن تعاهده ربه ونقاه وقلمه كمل الغرس والزرع واستوى وتم نباته
وكان أوفر لثمرته وأطيب وأزكى
وإن تركه أوشك أن يغلب على الغرس والزرع ويكون الحكم له
أو يضعف الأصل ويجعل الثمرة ذميمة ناقصة بحسب كثرته وقلته
ومن لم يكن له فقه
يقيس في هذا ومعرفته به فإنه يفوته ربح كثير وهو لا يشعر
فالمؤمن دائم سعيه في شيئين:
سقي هذه الشجرة
وتنقية ما حولها
فبسقيها تبقى وتدوم
وبتنقية ما حولها تكمل وتتم
والله المستعان وعليه التكلان )).
(( فهذا بعض ما تضمنه هذا المثل العظيم الجليل من:
الأسرار والحكم
ولعلها قطرة من بحر!!!
بحسب أذهاننا الواقعة وقلوبنا المخبطة وعلومنا القاصرة وأعمالنا التي توجب التوبة والاستغفار وإلا فلو طهرت منا القلوب وصفت الأذهان وزكت النفوس وخلصت الأعمال وتجردت الهمم
للتقي عن الله تعالى ورسوله
لشاهدنا من معاني كلام الله عز وجل وأسراره وحكمه
ما تضمحل عنده العلوم وتتلاشى عنده معارف الحق
وبهذا يعرف قدر علوم الصحابة ومعارفهم رضي الله عنهم
وإن التفاوت الذي بين علومهم وعلوم من بعدهم كالتفاوت الذي بينهم في الفضل والله أعلم حيث يجعل مواقع فضله ومن يختص برحمته )).
ما بين الأقواس من كلام بن القيم رحمه الله من كتابه (الأمثال في القرآن الكريم)
أخوكم المحب:عماد الحديدي
تعليق