حكم دراسة الطب في الجامعة الإختلاطية
السؤال :ما حكم دراسة الطب في الجامعة الإختلاطية ،مع أهمية الطب ،وندور المدارس التي تدرسه بغير اختلاط ،إن وجدت ؟
الجواب :يقول ربنا سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الحج : 77] ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة : 2]والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول (( من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل )) ويقول عليه الصلاة والسلام كما في مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ((والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ))،ومن الأدلة العامة قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ))، ومنها :حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما المتفق عليه : ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ))،وهذه الأدلة تدل على أن الطبيب يقوم بعمل طيب لإخوانه المسلمين ،وأن عمله ذالك فرض الكفاية عليه ، ومن الأدلة على أنه فرض كفاية ما ثبت من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال ((إنها تأتيني من كتب يهود لا آمن من يهود ))، فأمر زيد بن ثابت رضي الله عنه أن يتعلم لغتهم قال :فتعلمتها في نصف شهر ،فإذا كان تعلم لغة يهود من أجل أن يأمن من مكر يهود ومن دس يهود ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا التعلم ، وكذلك تعلم الطب حتى يؤمن من كيد الكافرين ودس الكافرين في الأدوية بما يضر بالمسلمين في دينهم ودنياهم ، فالكفار لا يرضون في مؤمن إلا ولا ذمة ، ما يخافون الله عز وجل فيما بينهم وبين الله من التوحيد فكيف فيما بينهم وبين الإنسان؟! وهكذا في دينهم من حيث دس بعض الأدوية المحرمة وهم كما أخبر سبحانه وتعالى عنهم:(وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ) [محمد : 12]. لا يبالون أن يجعلوا المحرمات في الأدوية لأنهم ما يتحرون الحلال من الحرام ، وكم من الأدوية يدسون فيها بعض مشتقات الخنزيز مثل ما يسمى بـــ"الأنسولين" وهو إبر لمرض السكر ، يثبت الأطباء أن بعض هذه الإبر تحتوي على شيئ من الخنزيز ، ومع ذلك فإن هذه الإبر التي تحتوي على هذا النوع إن وجد بديل لها لا يجوز تناولها لأن فيها محرم ، وإن لم يوجد البديل فلا يجوز أيضاً إستعمال ذلك الدواء إلا عند الضرورة وقد أبان الله سبحانه وتعالى عند الضرورة إباحة المحرم فقال:(إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) [الأنعام : 119] الشاهد من ذلك أن تعلم الطب فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الأخرين ويجب أن يبتعد الإنسان عن المعاصي في تعلم دينه وأيضاً في تعلم ما يكتسب به الرزق من الحرف ، يجتنب المعاصي فلا يقترف معصية في نشر الدعوة ولا يرتكب محرماً ولا يتنازل عن واجب في نشر الدعوة وأيضاً لا يقترف المعصية فيما يكتسب به ذلك الرزق لا يرتكب محرماً ولا يتنازل عن واجب ، وقد علمنا جميعاً أن الإختلاط بين الرجال والنساء الأجنبيات محرم لأنه مدعاة إلى الفتنة كما في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم:(الا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسد فسد الجسد كله ألا وهي القلب).
والإختلاط مدعاة إلى فتنة القلوب من الذكر والأنثى فلا يجوز التعرض للمعاصي ولا يجوز الإقتحام في ذرائعها وقد روى الإمام مسلم من حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن الدنيا حلوة خضرة وأن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) وهذه الفتنة الموجودة في النساء ليست مخصوصة في زمن دون آخر ، بل يُخاف على هذه الأمة كثيراً من فتنة النساء ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :(ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن) وقال عليه الصلاة والسلام :(ما تركت على أمتي فتنة هي أضر عليهم من النساء على الرجال) ، فاليجتنب هذه الفتنة كل مسلم ، ولتلتمس الدراسة في هذه الفن ولهذا الواجب الكفائي في مدرسة لا إختلاط فيها ، وإن لم يكن إلا الإختلاط والحصول على هذا العمل بعد إرتكاب المعاصي فلا يجوز ذلك ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم:(ما نهيتكم فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) ، أخرجاه من حديث أبي هريرة ، رضي الله عنه .
والقاعدة عند اهل العلم:أن إجتناب المنهيات مقدم على إتيان المأمورات ، ومن هنا تعلم أنه إذا لم يوصل إلى الطب الذي هو فرض كفاية إلا بارتكاب المحرم في تلك الدراسة أنه لا يجوز أن يرتكب محرماً ليتوصل إلى واجب كفائي ، وإذا قام المستقيمون بما أوجب عليهم من البعد عن المحرمات سيجعل الله لهم فرجاً ، وييسرهم لليسرى في الدنيا والأخرى.اهـ
[الأجوبة الرضية على الأسئلة الطبية/له حفظه الله].
تعليق