بدعة رفع الصوت مع الجنازة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (لا يستحب رفع الصوت مع الجنازة، لا بقراءة، ولا ذكر، ولا غير ذلك، هذا مذهب الأئمة الأربعة وهو المأثور عن السلف من الصحابة والتابعين، ولا أعلم فيه مخالفاً، بل قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه نهى أن يتبع بصوت أو نار) رواه أبو داود.وسمع عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما رجلا يقول في جنازة: استغفروا لأخيكم، فقال ابن عمر: لا غفر اللّه لك).
وقال قيس بن عباد -وهو من أكابر التابعين من أصحاب علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه- : (كانوا يستحبون خفض الصوت عند الجنائز، وعند الذكر، وعند القتال).
وقد اتفق أهل العلم بالحديث والآثار أن هذا لم يكن على عهد القرون الثلاثة المفضلة.
وأما قول السائل: إن هذا قد صار إجماعاً من الناس فليس كذلك، بل مازال في المسلمين من يكره ذلك، وما زالت جنائز كثيرة تخرج بغير هذا في عدة أمصار من أمصار المسلمين.
وأما كون أهل بلد، أو بلدين، أو عشر تعودوا ذلك فليس هذا بإجماع، بل أهل مدينة النبي صلى الله عليه وسلم التي نزل فيها القرآن والسنة، وهي دار الهجرة والنصرة والإيمان والعلم، لم يكونوا يفعلون ذلك، بل لو اتفقوا في مثل زمن مالك وشيوخه على شيء ولم ينقلوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أو خلفائه لم يكن إجماعهم حجة عند جمهور المسلمين، وبعد زمن مالك وأصحابه ليس إجماعهم حجة، باتفاق المسلمين فكيف بغيرهم من أهل الأمصار.
وأما قول القائل: إن هذا يشبه بجنائز اليهود والنصارى، فليس كذلك، بل أهل الكتاب عادتهم رفع الأصوات مع الجنائز، وقد شرط عليهم في شروط أهل الذمة ألا يفعلوا ذلك، ثم إنما نهينا عن التشبه بهم فيما ليس هو من طريق سلفنا الأول، وأما إذا اتبعنا طريق سلفنا الأول كنا مصيبين وإن شاركنا في بعض ذلك من شاركنا كما إنهم يشاركوننا في الدفن في الأرض وفي غير ذلك).
انظر [مجموع الفتاوى 24/293-294]
تعليق