الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
كان العالم عامة والعرب خاصة قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم في جاهلية جهلاء وضلالة عمياء فبعث الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، أرسله إلى العالم عامة وإلى العرب خاصة كما قال تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)، فعلم الأميين الذين كانوا جهالا يعيشون على هامش الأمم من حولهم حتى صاروا علماء الدنيا وقادة الدعوة والجهاد، فتحوا القلوب بالدعوة والعلم والبلاد بالجهاد في سبيل الله حتى صاروا سادة الدنيا ومعلمي الإنسانية ونشروا العلم والإيمان في مشارق الأرض ومغاربها وسقطت أمامهم دولة فارس والروم أعظم دولتين في العالم في وقتهم من حيث القوة المادية وأرقى الناس حضارة لكن لما كانت دولهم وحضاراتهم مؤسستين على الجهل والشرك والكفر لم يكتب لهما الثبات والبقاء وتحقق وعد الله بظهور دين الإسلام على أديان أهل الأرض كلها. لأن البقاء للأصلح، وانتشرت ثقافة الإسلام المستمدة من الكتاب والسنة واستمرت إلى أن عربت الكتب الرومية في عهد المأمون العباسي فغيرت من ثقافة الإسلام عند كثير من الناس وزحفت بواسطتها العقائد الفاسدة المبنية على علم الكلام والمنطق ولكن بقي من أبطال علماء الإسلام من صارع هذه الثقافة المنحرفة الوافدة حتى أوقفوا زحفها – ولله الحمد – وبقي في المسلمين اليوم من يروج لهذه الثقافة الوافدة الهزيلة من خلال صحفنا ومجلاتنا ومعارض الكتب التي تجلب فيها كتب بلا شك، وكانت تقام في الجامعات السعودية وتشارك فيها المكتبات الكبار المحلية وغيرها دور النشر بما لديها من الكتب المفيدة في مختلف العلوم الدينية واللغة العربية وآدابها والثقافة الإسلامية وكان الناس يتطلعون إلى هذه المعارض ويرتادونها ليتزودوا منها بما يثرى معلوماتهم ويملأ مكتباتهم، وفي هذه الأيام تبنت وزارة الثقافة والإعلام في المملكة إقامة هذه المعارض وهو عمل تشكر عليه ولكن نريد منها أن تمنع الغزو الثقافي الذي يريد طمس ثقافتنا الإسلامية وترويج الثقافة الغربية وأن تكون معارضنا ناشرة لثقافتنا كسالف عهدها وأن تمنع ما يحصل فيها من اختلاط بين الرجال والنساء، وحبذا لو خصصت جناحا خاصاً للنساء من المعرض، وتركت لرجال الحسبة القيام بدورهم في مراقبة الوضع تلافيا لحصول المخالفات التي تنشأ ضرورة من كثرة المرتادين واختلاف توجهاتهم ورغباتهم حتى يكون المعرض مؤد لغرضه المنشود، وهذا ما نؤمله في وزارتنا الموقرة ثم لا بد من تشكيل لجنة علمية في بداية إقامة كل معرض من رجال العلم والأدب والمعرفة يشرفون على أنواع الكتب المعروضة لمنع ما لا يناسب عرضه فيها حتى لا يرتاد المعرض إلا ذوو المقاصد الحسنة الراغبون في الاستفادة العلمية النزيهة لنا أمل كبير في معالي وزير الثقافة والإعلام ومعاونيه لتكون معارضنا متميزة ومؤدية لغرضها على الوجه المطلوب، ونسأل الله تعالى أن يحقق الخير وما فيه المنفعة للإسلام والمسلمين، فكما أن بلادنا متميزة على غيرها بأنها بلاد الحرمين الشريفين وأنها بلاد التوحيد ومبعث الرسالة ومهبط الوحي وقلب العالم الإسلامي نرجوا أن تكون معارضنا في مستوى ما يتطلع إليه المسلمون في هذه البلاد وغيرها من نشر الكتب المفيدة وعرضها وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه