الفصل الأول :
للشيخ صالح الفوزانتعريفها:
البدعة في اللغة مأخوذة من البدع, وهو الاختراع عل غير مثال سابق. ومنه قوله ـ تعالى ـ } بديع السماوات والأرض { ]البقرة:113[ .أي مخترعها على غير مثال سابق . وقوله ـ تعالى ـ } قل ما كنت بدعا من الرسل{ ]الأحقاف:9[ . أي ما كـنت أول من جاء بالرسالة من الله إلى العباد. بل تقدمني كثير من الرسل. ويقال : ابتدع فلان بدعة, يعني ابتدأ طريقة لم يسبق إليها.
والابتداع على قسمين: ابتداع في العادات كابتداع المخترعات الحديثة. وهذا مباح لأن الأصل في العادات الإباحة. وابتداع في الدين وهذا محرم, لأن الإصل فيه التوقيف. قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) وفي رواية : (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )) .
أنواع البدع:
البدعة في الدين نوعان: النوع الأول بدعة قولية اعتقادية, كمقالات الجهمية والمعتزلة والرافضة, وسائر الفرق الضالة واعتقاداتهم. النوع الثاني : بدعة في العبادات كالتعبد لله بعبادة لم يشرعها, وهي أنواع:
النوع الأول : ما يكون في أصل العبادة. ـ بأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع, كأن يحدث صلاة غير مشروعة أو صياما غير مشروع. أو أعيادا غير مشروعة, كأعياد الموالد وغيرها.
النوع الثاني : ما يكون في الزيادة على العبادة الشروعة . كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر مثلا.
النوع الثـالث : ما يكون في صفة أداء العبادة بأن يؤديها على صفة غير مشروعة. وذلك كأداء الأذكار الشروعة بأصوات جماعية مطربة, وكالتـشديد على النفس في العبادات إلى حد يخرج عن سنة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
النوع الرابع : ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة لم يخصصه الشرع, كتخصيص يوم النصف من شعبان, وليلته بصيام وقيام. فإن أصل الصيام والقيام مشروع, ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل.
حكم البدعة في الدين بجميع أنواعها:
كـل بدعة في الدين فهي محرمة وضلالة. لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( وإياكم ومحدثات الأمور. فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )) وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) وفي رواية (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) فدل الحديث على أن كل محدث في الدين فهو بدعة. وكل بدعة ضلالة مردودة. ومعنى ذلك أن البدع في العبادات والاعتقادات محرمة, ولكن التحريم يتفاوت بحسب نوعية البدعة. فمنها ما هو كفر صراح. كالطواف بالقبور تقربا إلى أصحابها, وتقديم الذبائح والنذور لها, ودعاء أصحابها والاستغاثة بهم, وكمقالات غلاة الجهمية والمعتزلة. ومنها ما هو من وسائل الشرك, كالبناء على القبور والصلاة والدعاء عندها, ومنها ما هو فسق اعتقادي كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة في أقوالهم واعتقاداتهم المخالفة للأدلة الشرعية. ومنها ما هو معصية كبدعة التبتل والصيام قائما في الشمس, والخصاء بقصد قطع شهوة الجماع. ] انظر الاعتصام للشاطبي (2/ 37) [
تنبيــــــــه:
من قسم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة فهو غالط ومخطيء, ومخالف لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( فإن كل بدعة ضلالة )). لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حكم على البدع كلها بأنها ضلالة. وهذا يقول ليس كل بدعة ضلالة بل هناك بدعة حسنة, قال الحافظ ابن رجب في شرح الأربعين : فقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( كل بدعة ضلالة)) من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء, وهو أصل عظيم من أصول الدين. وهو شبيه بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة. والدين بريء منه. وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة انتهى . ] جامع العلوم والحكم ص 223[
وليس لهؤلاء حجة على أن هناك بدعة حسنة إلا قول عمر ـ رضي الله عنه ـ في صلاة التروايح : (( نعمت البدعة هذه)) , وقالوا أيضا : إنها أحدثت أشياء لم يستنكرها السلف مثـل جمع القراّ ن في كتاب واحد, وكتابة الحديث وتدوينه, والجواب عن ذلك أن هذه الأمور لها أصل في الشرع, فليست محدثة, وقول عمر : ((نعمت البدعة)) يريد البدعة اللغوية لا الشرعية, فما كان له أصل في الشرع يرجع إليه, إذا قيل إنه بدعة فهو بدعة لغة لا شرعا, لأن البدعة شرعا, ما ليس له أصل في الشرع يرجع إليه, وجمع القراّ ن في كتاب واحد له أصل في الشرع لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يأمر بكتابة القراّ ن, لكن كان مكتوبا متفرقا, فجمعه الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في مصحف واحد, حفظا له, والتراويح قد صلاها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأصحابه ليالي وتخلف عنهم في الأخير خشية أن تفرض عليهم, واستمر الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يصلونها أوزاعا متفرقين في حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعد وفاته إلى أن جمعهم عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ خلف إمام واحد كما كانوا خلف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وليس هذا بدعة في الدين, وكتابة الحديث أيضا لها أصل في الشرع, فقد أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بكتابة بعض الأحاديث لبعض أصحابه لما طلب منه ذلك, وكان المحذور من كتابته بصفة عامة في عهده ـ صلى الله عليه وسلم ـ خشية أن يختلط بالقراّ ن ما ليس منه, فلما توفي ـ صلى الله عليه وسلم ـ انتفى هذا المحذور, لأن القراّ ن قد تكامل وضبط قبل وفاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فدون المسلمون السنة بعد ذلك حفظا لها من الضياع فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا حيث حفظوا كتاب ربهم وسنة نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الضياع وعبث العابثين .
الفصــــــــــل الثــاني :
ظهور البدع في حياة المسلمين والأسباب التي أدت إلى ذلك .
أولا: ظهور البدع في حياة المسلمين.
وتحته مسألتان:
المسألة الأولى : وقت ظهور البدع:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ـ واعلم أن عامة البدع المتعلقة بالعلوم والعبادات إنما وقع في الأمة في أواخر خلافة الخلفاء الراشدين, كما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث قال : (( من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا . فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي )) وأول بدعة ظهرت بدعة القدر, وبدعة الإرجاء, وبدعة التشيع والخوارج هذه البدع ظهرت في القرن الثاني, والصحابة موجودون, وقد أنكروا على أهلها, ثم ظهرت بدعة الاعتزال, وحدثت الفتن بين المسلمين وظهر اختلاف الاّراء والميل إلى البدع والأهواء, وظهرت بدعة التصوف وبدعة البناء على القبور بعد القرون المفضلة وهكذا كلما تأخر الوقت زادت البدع وتنوعت.
*
تعريف البدعـة أنواعها وأحكامهــا
للشيخ صالح الفوزان
البدعة في اللغة مأخوذة من البدع, وهو الاختراع عل غير مثال سابق. ومنه قوله ـ تعالى ـ } بديع السماوات والأرض { ]البقرة:113[ .أي مخترعها على غير مثال سابق . وقوله ـ تعالى ـ } قل ما كنت بدعا من الرسل{ ]الأحقاف:9[ . أي ما كـنت أول من جاء بالرسالة من الله إلى العباد. بل تقدمني كثير من الرسل. ويقال : ابتدع فلان بدعة, يعني ابتدأ طريقة لم يسبق إليها.
والابتداع على قسمين: ابتداع في العادات كابتداع المخترعات الحديثة. وهذا مباح لأن الأصل في العادات الإباحة. وابتداع في الدين وهذا محرم, لأن الإصل فيه التوقيف. قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) وفي رواية : (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )) .
أنواع البدع:
البدعة في الدين نوعان: النوع الأول بدعة قولية اعتقادية, كمقالات الجهمية والمعتزلة والرافضة, وسائر الفرق الضالة واعتقاداتهم. النوع الثاني : بدعة في العبادات كالتعبد لله بعبادة لم يشرعها, وهي أنواع:
النوع الأول : ما يكون في أصل العبادة. ـ بأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع, كأن يحدث صلاة غير مشروعة أو صياما غير مشروع. أو أعيادا غير مشروعة, كأعياد الموالد وغيرها.
النوع الثاني : ما يكون في الزيادة على العبادة الشروعة . كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر مثلا.
النوع الثـالث : ما يكون في صفة أداء العبادة بأن يؤديها على صفة غير مشروعة. وذلك كأداء الأذكار الشروعة بأصوات جماعية مطربة, وكالتـشديد على النفس في العبادات إلى حد يخرج عن سنة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
النوع الرابع : ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة لم يخصصه الشرع, كتخصيص يوم النصف من شعبان, وليلته بصيام وقيام. فإن أصل الصيام والقيام مشروع, ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل.
حكم البدعة في الدين بجميع أنواعها:
كـل بدعة في الدين فهي محرمة وضلالة. لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( وإياكم ومحدثات الأمور. فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )) وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) وفي رواية (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) فدل الحديث على أن كل محدث في الدين فهو بدعة. وكل بدعة ضلالة مردودة. ومعنى ذلك أن البدع في العبادات والاعتقادات محرمة, ولكن التحريم يتفاوت بحسب نوعية البدعة. فمنها ما هو كفر صراح. كالطواف بالقبور تقربا إلى أصحابها, وتقديم الذبائح والنذور لها, ودعاء أصحابها والاستغاثة بهم, وكمقالات غلاة الجهمية والمعتزلة. ومنها ما هو من وسائل الشرك, كالبناء على القبور والصلاة والدعاء عندها, ومنها ما هو فسق اعتقادي كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة في أقوالهم واعتقاداتهم المخالفة للأدلة الشرعية. ومنها ما هو معصية كبدعة التبتل والصيام قائما في الشمس, والخصاء بقصد قطع شهوة الجماع. ] انظر الاعتصام للشاطبي (2/ 37) [
تنبيــــــــه:
من قسم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة فهو غالط ومخطيء, ومخالف لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( فإن كل بدعة ضلالة )). لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حكم على البدع كلها بأنها ضلالة. وهذا يقول ليس كل بدعة ضلالة بل هناك بدعة حسنة, قال الحافظ ابن رجب في شرح الأربعين : فقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( كل بدعة ضلالة)) من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء, وهو أصل عظيم من أصول الدين. وهو شبيه بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة. والدين بريء منه. وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة انتهى . ] جامع العلوم والحكم ص 223[
وليس لهؤلاء حجة على أن هناك بدعة حسنة إلا قول عمر ـ رضي الله عنه ـ في صلاة التروايح : (( نعمت البدعة هذه)) , وقالوا أيضا : إنها أحدثت أشياء لم يستنكرها السلف مثـل جمع القراّ ن في كتاب واحد, وكتابة الحديث وتدوينه, والجواب عن ذلك أن هذه الأمور لها أصل في الشرع, فليست محدثة, وقول عمر : ((نعمت البدعة)) يريد البدعة اللغوية لا الشرعية, فما كان له أصل في الشرع يرجع إليه, إذا قيل إنه بدعة فهو بدعة لغة لا شرعا, لأن البدعة شرعا, ما ليس له أصل في الشرع يرجع إليه, وجمع القراّ ن في كتاب واحد له أصل في الشرع لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يأمر بكتابة القراّ ن, لكن كان مكتوبا متفرقا, فجمعه الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في مصحف واحد, حفظا له, والتراويح قد صلاها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأصحابه ليالي وتخلف عنهم في الأخير خشية أن تفرض عليهم, واستمر الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يصلونها أوزاعا متفرقين في حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعد وفاته إلى أن جمعهم عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ خلف إمام واحد كما كانوا خلف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وليس هذا بدعة في الدين, وكتابة الحديث أيضا لها أصل في الشرع, فقد أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بكتابة بعض الأحاديث لبعض أصحابه لما طلب منه ذلك, وكان المحذور من كتابته بصفة عامة في عهده ـ صلى الله عليه وسلم ـ خشية أن يختلط بالقراّ ن ما ليس منه, فلما توفي ـ صلى الله عليه وسلم ـ انتفى هذا المحذور, لأن القراّ ن قد تكامل وضبط قبل وفاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فدون المسلمون السنة بعد ذلك حفظا لها من الضياع فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا حيث حفظوا كتاب ربهم وسنة نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الضياع وعبث العابثين .
الفصــــــــــل الثــاني :
ظهور البدع في حياة المسلمين والأسباب التي أدت إلى ذلك .
أولا: ظهور البدع في حياة المسلمين.
وتحته مسألتان:
المسألة الأولى : وقت ظهور البدع:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ـ واعلم أن عامة البدع المتعلقة بالعلوم والعبادات إنما وقع في الأمة في أواخر خلافة الخلفاء الراشدين, كما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث قال : (( من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا . فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي )) وأول بدعة ظهرت بدعة القدر, وبدعة الإرجاء, وبدعة التشيع والخوارج هذه البدع ظهرت في القرن الثاني, والصحابة موجودون, وقد أنكروا على أهلها, ثم ظهرت بدعة الاعتزال, وحدثت الفتن بين المسلمين وظهر اختلاف الاّراء والميل إلى البدع والأهواء, وظهرت بدعة التصوف وبدعة البناء على القبور بعد القرون المفضلة وهكذا كلما تأخر الوقت زادت البدع وتنوعت.
*
من كتاب (( البدعة)) تعريفها ـ أنواعها ـ أحكامها بقلم فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان عضو هيئة كبار العلماء .