تخريج حديث
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاث : " نقرة الغراب ، وعن فرشة السبع، وأن يوطن الرجل المكان الذي يصلي فيه كما يوطن البعير "
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاث : " نقرة الغراب ، وعن فرشة السبع، وأن يوطن الرجل المكان الذي يصلي فيه كما يوطن البعير "
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد ..
فهذا تخريج لي على حديث النهي عن نقرة الغراب وعن فرشة السبع وأن يوطن الرجل المكان الذي يصلي فيه كما يوطن البعير.
وبيان ضعفه وما جاء لبعض فقراته من شواهد ترتقي بها الى درجة الصحة ، وقد راجعه شيخنا العلامة يحى بن علي الحجوري –حفظه الله – وعلق عليه تعليقات مفيدة ، وقد وضعت تعليقاته ضمن المتن واضعاً تحتها خطاً كي تتميز عن كلامي .
الحديث أخرجه أبو داود (862) والنسائي في [الصغرى] (1112) وابن ماجه (1429) وابن حبان (2277) وابن خزيمة (662)،(1319) والحاكم في [المستدرك] (1/492) والبيهقي في [الكبرى] (3/238)،(3/239) وتحرف فيه تميم بن محمود إلى عثمان بن محمود ، وابن أبي شيبة في [المصنف] (5016) والبغوي في [شرح السنة] (666) كلهم من طريق جعفر بن عبد الله الأنصاري عن تميم بن محمود عن عبد الرحمن بن شبل مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات ؛ غير تميم بن محمود ، قال البخاري في [التاريخ الكبير] (2/137) : فيه نظر ، وقال الذهبي في [ الكاشف](1/1608) : في حديثه نظر ، وقال ابن عدي في [الكامل] (2/282) : ليس له في الحديث إلا عن عبد الرحمن بن شبل وعبد الرحمن له صحبة وله حديثان أو ثلاثة ، وقد ذكره العقيلي والدولابي وابن الجارود في جملة الضعفاء ، وقال الحافظ في [التقريب] (130) : فيه لين .
وعلى هذا فالحديث ضعيف لضعف تميم بن محمود .
شاهد للحديث :
جاء له شاهد مرسل عند الإمام في [مسنده] (5/447) ، وابن قانع في [معجم الصحابة] (3/232) ، والمزي في [تهذيب الكمال](16/434) من طرق عن عثمان البتي عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه مرسلاً فذكره .
قلت : وعبد الحميد بن سلمة وأبيه مجهولان ، قال الحافظ في [التهذيب] (6/115): روى الدارقطني حديثاً من طريقه وقال : عبد الحميد بن سلمة وأبوه وجده لا يعرفون .
وقال أيضاً في [التقريب] (3763) : مجهول من السادسة ، وقال الذهبي في [المغني في الضعفاء](1/527) : لا يعرف .
وعلى هذا فالحديث يبقى على ضعفه لجهالة عين عبد الحميد بن سلمة وأبيه .
ومما يدل على أن الحديث غير محفوظ لا سيما لفظة : [النهي عن أن يوطن الرجل المكان الذي يصلي فيه كما يوطن البعير] ؛ ما جاء عن بعض الصحابة والتابعين منهم سعد بن أبي وقاص والمسور بن مخرمة – رضي الله عنهما - ، وسعيد بن المسيب ، والقاسم بن محمد ، أنهم كانوا يتخذون أماكن يصلون فيها ، ومن تلك الآثار التي تدل على ذلك :
ما جاء عند ابن أبي شيبة في [مصنفه](5018) من طريق يحيى بن سعيد القطان عن عمر بن نبيه عن جهمان أن سعداً جاء مراراً والناس في الصلاة ، فمشى بين الصف والجدار حتى انتهى إلى مصلاه ، وكان يصلي عند الاسطوانة الخامسة .
قلت : هذا إسناد لا باس به .
وجاء عند ابن أبي شيبة في [مصنفه] كذلك (5019) من طريق سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد قال : رأيت المسور بن مخرمة بعدما تقام الصلاة يتخلل الصفوف حتى ينتهي إلى الثاني أو الأول.
قلت : وهذا إسناده صحيح .
وجاء عنده كذلك (5020) من طريق معن بن عيسى عن محمد بن صالح التمار قال : رأيت القاسم بن محمد يلزم مصلى واحداً في المسجد يصلي فيه ، ولا يصلي في غيره ، ورأيت سعيد بن المسيب يفعل ذلك .
ففعلهم هذا يدل على أنه لم يكن هناك نص معلوم عندهم على النهى عن ذلك وإلا لما خالفوه – رضي الله عنهم- وكذلك لم ينكر فعلهم أحد من الصحابة فيما نعلم ، أو على فرض القول بثبوت الفقرة المذكورة من الحديث يكون المقصود بالنهي عن استيطان مكان في المسجد استيطان تملك ؛ بحيث لو سبقه إلى ذلك المكان أحد غيره لغضب وحاول إبعاده عنه، فهذا المعنى من الاستيطان محرم ؛ لأنه يتضمن تملك ما هو عام له ولغيره من الذاكرين الله في المسجد .
شواهد لبعض فقرات الحديث :
ومما ينبغي التنبيه عليه أن هناك شواهد لبعض فقرات الحديث ، منها النهي عن نقرة الغراب وفرشة السبع .
فقد عند الإمام أحمد في [مسنده] (7595)و(8106) والطيالسي في [مسنده](2593) من طرق عن يزيد بن أبي يزيد عن مجاهد عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : " نهى رسول الله عن فرشة السبع ونقرة الغراب " .
قلت : وفيه يزيد بن أبي يزيد ضعيف ، كما في التقريب ، وجاء أيضاً عند أبي يعلي الموصلي في [مسنده](2619) من طريق محمد بن عبيد الله عن عطاء عن أبي هريرة قال : نهاني خليلي عن ثلاث ، وأمرني بثلاث : نهاني عن نقرة الديك وأن التفت التفات الثعلب ، أو أُقعي أقعاء السبع .
وجاء عند البيهقي في [الكبرى] (2/120) والطبراني في [الكبير](6957) من طرق عن الحسن عن سمرة بن حندب –رضي الله عنه – قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإقعاء في الصلاة .
قلت : فيه الحسن البصري مدلس ، وقد عنعن ، واختلف في سماعه من سمرة بن جندب –رضي الله عنه- والراجح عدم سماعه بالجملة .
وجاء عند البخاري (822) ومسلم (439) وأبو داود (897) من طريق شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اعتدلوا في السجود ، ولا يبسط أحدكم زراعيه انبساط الكلب".
وجاء عند الترمذي (275) وابن ماجه (891) وابن خزيمة (644) وأحمد في [مسنده] (3/315)،(3/305)،(3/389) من طرق مدارها على الأعمش عن أبي سفيان عن جابر – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا سجد أحدكم فليعتدل ، ولا يفترش ذراعيه افتراش الكلب " .
وفي الباب عن عائشة رضي الله عنها وغيرها .
وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه : أبو مريم حسام بن مصطفى المصري
كتبه : أبو مريم حسام بن مصطفى المصري
تعليق