تحريم التقليد في الدين
المرجع : كتاب نشر الصحيفة للشيخ رحمه الله.
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ [الزخرف :21-25 ]
وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ﴾ [البقرة : 170 ]
وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ﴾ [سورة المائدة : 104 ]
وقال تعالى: ﴿اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ [سورة الأعراف: 3 ]
وقال تعالى: ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ﴾[سورة التوبة:31]
وقال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [سورة الإسراء:36 ]
وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً﴾ [الفرقان : 27-29 ]
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً﴾ [الأحزاب : 66-68 ]
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ [الأنبياء : 51-54 ]
وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [سورة الأعراف : 28 ]
وقال تعالى حاكياً عن قوم هود في سورة الأعراف: ﴿قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [سورة الأعراف : 70 ]
وقال تعالى حاكياً عن قوم صالح في سورة هود: ﴿قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾ [سورة هود : 62 ]
وقال تعالى مخبراً عن قوم شعيب: ﴿قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ [سورة هود : 87 ]
وقال تعالى مخبراً عن قوم نوح في سورة المؤمنين: ﴿فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ [سورة المؤمنون : 24 ]
فإن قال قائل: إن هذه الآيات في ذم التقليد على الكفر،
فالجواب: أنه يؤخذ منها ذم التقليد في الدين وتحريمه، فالتقليد الذي هو اتباع من ليس بحجة بدون حجة جعل حاجزاً بين كثير من المسلمين وكتاب ربهم وسنة نبيهم، حتى أصبح كثير منهم لا يعرف إلا قول فلان ويتعصب له أعظم مما يتعصب للكتاب والسنة حتى قال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي وهو من رجال التهذيب:
أقول : فهلاّ أوصى الناس أن يتمسكوا بالكتاب والسنة!! .
وقال أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الهروي بعده :
وقال بعض جهلة المالكية : لولا مالك كان الدين هالك .
ولا إله إلا الله كم فتن حدثت بسبب المذاهب وإن شئت قرأت «البداية والنهاية» لابن كثير ترى ما يدهشك من الخصام والقتال بين أصحاب المذاهب، كل هذا بسبب التقليد الذي انتهى بكثير من المسلمين أن يقلدوا أعداء الإسلام فإنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل .
فإن قلت : فماذا يصنع العامي الذي لا يفهم الكتاب والسنة، فالجواب:يتعلم فهو ممن يشمله قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ ويشمله قوله تعالى: ﴿اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ .وتعليم العامي بالفعل أبلغ، والتعليم بالفعل له أصل أصيل فقد صلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأصحابه على المنبر، وإذا أراد أن يسجد نزل وسجد على الأرض، اللهم إنا نبرأ إليك من التقليد الذي شتت شمل المسلمين وحال بين كثير منهم وبين كتاب ربهم وسنة نبيهم وسهل عليهم اتباع أعداء الإسلام .
وإني أنصح بقراءة «القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد» للشوكاني
و«إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد» للصنعاني .
فإن قلت أيهما أضر على الدين المذاهب أم الحزبية؟ فالجواب: الحزبية،
لأنها مستوردة من قبل أعداء الإسلام لهدم الدين كما أوضحنا ذلك في كتبنا:
1- «إجابة السائل عن أهم المسائل» .
2- «الفواكه الجنية» .
3- «المصارعة» .
4- «القول الأمين في بيان فضائح المذبذبين» .
5- «قمع المعاند» . وكل هذه مطبوعة منشورة .
6- وكذا في «غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة» قد رصّ وكذا في «فضائح ونصائح» .
ونحن إذ نحذّرمن تقليد أبي حنيفة فلسنا ندعو الناس إلى مذهبنا فليس لنا مذهب إلا كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولسنا ندعو الناس إلى اتباعنا فلسنا أهلاً لأن نتبع بل ندعو الناس إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
فهما الأمان من الضلال: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾ [الإسراء : 9 ]
* قال الإمام البخاري رحمه الله (ج3 ص205) حديث (1338) :
حدثنا عياش حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد قال ... وقال لي خليفة:
حدثنا ابن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه – حتى أنه ليسمع قرع نعالهم- أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل – محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ - فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعد له من النار: أبدلك الله به مقعداً من الجنة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: فيراهما جميعاً، وأما الكافر أو المنافق فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بي أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين» .
وأعاده البخاري في (ص232) من طريق عياش بن الوليد به .
أخرجه مسلم (ج4 ص220) فقال رحمه الله: حدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد حدثنا شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة به .
* قال البخاري رحمه الله (ج3 ص222) :
حدثنا إسحاق أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثني أبي عن صالح عن ابن شهاب قال أخبرني سعيد بن المسيب عن أبيه أنه أخبره أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى عليه وعلى آله وسلم فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأبي طالب: «يا عم، قل: لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله»، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أميه: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعرضها عليه ويعودان بتلك المقالة حتى قال أبو طالب: آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك؟» فأنزل الله تعالى فيه الآية .
الحديث أخرجه في مواضع من صحيحه منها (ج8 ص194) وفيه فنزلت:
﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [سورة التوبة : 113] ، ونزلت: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [سورة القصص : 56 ]
الحديث أخرجه مسلم (ج1 ص214) .
وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ﴾ [البقرة : 170 ]
وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ﴾ [سورة المائدة : 104 ]
وقال تعالى: ﴿اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ [سورة الأعراف: 3 ]
وقال تعالى: ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ﴾[سورة التوبة:31]
وقال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [سورة الإسراء:36 ]
وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً﴾ [الفرقان : 27-29 ]
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً﴾ [الأحزاب : 66-68 ]
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ [الأنبياء : 51-54 ]
وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [سورة الأعراف : 28 ]
وقال تعالى حاكياً عن قوم هود في سورة الأعراف: ﴿قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [سورة الأعراف : 70 ]
وقال تعالى حاكياً عن قوم صالح في سورة هود: ﴿قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾ [سورة هود : 62 ]
وقال تعالى مخبراً عن قوم شعيب: ﴿قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ [سورة هود : 87 ]
وقال تعالى مخبراً عن قوم نوح في سورة المؤمنين: ﴿فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ [سورة المؤمنون : 24 ]
فإن قال قائل: إن هذه الآيات في ذم التقليد على الكفر،
فالجواب: أنه يؤخذ منها ذم التقليد في الدين وتحريمه، فالتقليد الذي هو اتباع من ليس بحجة بدون حجة جعل حاجزاً بين كثير من المسلمين وكتاب ربهم وسنة نبيهم، حتى أصبح كثير منهم لا يعرف إلا قول فلان ويتعصب له أعظم مما يتعصب للكتاب والسنة حتى قال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي وهو من رجال التهذيب:
ومن شعب الإيمان حب ابن شافع
وفرض أكيـد حبه لا تطوع
أنا شافعي ما حييت وإن أمـت
فوصيتي للناس أن يتشفـعوا
وفرض أكيـد حبه لا تطوع
أنا شافعي ما حييت وإن أمـت
فوصيتي للناس أن يتشفـعوا
أقول : فهلاّ أوصى الناس أن يتمسكوا بالكتاب والسنة!! .
وقال أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الهروي بعده :
أنا حنبلي ما حييت وإن أمت
فوصيتي للناس أن يتحنبلوا
فوصيتي للناس أن يتحنبلوا
وقال بعض جهلة المالكية : لولا مالك كان الدين هالك .
ولا إله إلا الله كم فتن حدثت بسبب المذاهب وإن شئت قرأت «البداية والنهاية» لابن كثير ترى ما يدهشك من الخصام والقتال بين أصحاب المذاهب، كل هذا بسبب التقليد الذي انتهى بكثير من المسلمين أن يقلدوا أعداء الإسلام فإنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل .
فإن قلت : فماذا يصنع العامي الذي لا يفهم الكتاب والسنة، فالجواب:يتعلم فهو ممن يشمله قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ ويشمله قوله تعالى: ﴿اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ .وتعليم العامي بالفعل أبلغ، والتعليم بالفعل له أصل أصيل فقد صلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأصحابه على المنبر، وإذا أراد أن يسجد نزل وسجد على الأرض، اللهم إنا نبرأ إليك من التقليد الذي شتت شمل المسلمين وحال بين كثير منهم وبين كتاب ربهم وسنة نبيهم وسهل عليهم اتباع أعداء الإسلام .
وإني أنصح بقراءة «القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد» للشوكاني
و«إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد» للصنعاني .
فإن قلت أيهما أضر على الدين المذاهب أم الحزبية؟ فالجواب: الحزبية،
لأنها مستوردة من قبل أعداء الإسلام لهدم الدين كما أوضحنا ذلك في كتبنا:
1- «إجابة السائل عن أهم المسائل» .
2- «الفواكه الجنية» .
3- «المصارعة» .
4- «القول الأمين في بيان فضائح المذبذبين» .
5- «قمع المعاند» . وكل هذه مطبوعة منشورة .
6- وكذا في «غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة» قد رصّ وكذا في «فضائح ونصائح» .
ونحن إذ نحذّرمن تقليد أبي حنيفة فلسنا ندعو الناس إلى مذهبنا فليس لنا مذهب إلا كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولسنا ندعو الناس إلى اتباعنا فلسنا أهلاً لأن نتبع بل ندعو الناس إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
فهما الأمان من الضلال: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾ [الإسراء : 9 ]
* قال الإمام البخاري رحمه الله (ج3 ص205) حديث (1338) :
حدثنا عياش حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد قال ... وقال لي خليفة:
حدثنا ابن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه – حتى أنه ليسمع قرع نعالهم- أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل – محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ - فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعد له من النار: أبدلك الله به مقعداً من الجنة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: فيراهما جميعاً، وأما الكافر أو المنافق فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بي أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين» .
وأعاده البخاري في (ص232) من طريق عياش بن الوليد به .
أخرجه مسلم (ج4 ص220) فقال رحمه الله: حدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد حدثنا شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة به .
* قال البخاري رحمه الله (ج3 ص222) :
حدثنا إسحاق أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثني أبي عن صالح عن ابن شهاب قال أخبرني سعيد بن المسيب عن أبيه أنه أخبره أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى عليه وعلى آله وسلم فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأبي طالب: «يا عم، قل: لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله»، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أميه: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعرضها عليه ويعودان بتلك المقالة حتى قال أبو طالب: آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك؟» فأنزل الله تعالى فيه الآية .
الحديث أخرجه في مواضع من صحيحه منها (ج8 ص194) وفيه فنزلت:
﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [سورة التوبة : 113] ، ونزلت: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [سورة القصص : 56 ]
الحديث أخرجه مسلم (ج1 ص214) .
المرجع : كتاب نشر الصحيفة للشيخ رحمه الله.
تعليق