إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهديه ونتوبُ إليه، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله، وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه وصفِيُّه وخليلُه -صلى الله عليه وسلم-، وعلى آلِه وصحابته أجمعين. وبعد:
فإنَّ مِن عوائد الجاهليةِ التي نَهى عنها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وحذَّر أمتَه منها: اتخاذَ التمائمِ التي يَعتقد بعضُ الناسِ أنها تدفعُ العينَ وتَمنع الضَّرر؛ كالقلائدِ والخرزاتِ التي تُعلَّقُ على الأولادِ والبهائم بقصدِ دفع العين والحسد؛ لأنها مِن جنس الشرك بالله تعالى الذي مَقَتَه اللهُ، وجعله سببًا في الحِرمان مِن الجنة؛ حيث قال تعالى: ﴿إنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾ [المائدة: 72]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلًا بَعِيدًا﴾ [النساء: 116].
وقد رَوى الإمامُ أحمدُ عن عقبةَ بن عامرٍ الجهني -رضي الله عنه-: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أقبل إليه رهطٌ فبايع تسعةً وأمسك عن واحد، فقيل له: يا رسول الله! بايعتَ تسعةً وتركتَ هذا؟! قال: «إنَّ عليه تَميمة»، فأدخل يده فَقطعها، فبايعه، وقال: «مَن علَّق تميمة؛ فقد أشرك»، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": رجال أحمد ثقات.
وعن ابنِ مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنَّ الرقى والتمائِمَ والتولة: شِركٌ»، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكمُ، وصححه، وأقره الذهبي].
ومما يدخلُ في ذلك: تعليقُ التمائم على السيارات، حيث تُوضَعُ خِرقةٌ في مقدمَةِ السيارةِ أو مؤخِّرتِها يُعتقدُ أنها تَدفعُ الحسدَ وتَمنعُ الحوادثَ! فإنَّ هذا مِن جنس عمَلِ أهلِ الجاهلية؛ حيث كانوا يقلِّدون البَهائم خوفًا عليها مِن العين! وقد أمر رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بقطعِها:
فعن أبي بشير الأنصاري -رضي الله عنه- أنه كان مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في بعضِ أسفارِه فأرسل رسولًا: «أن لا يبقين في رقبةِ بعيرٍ قلادة مِن وتر أو قلادة إلا قُطِعت» متفق عليه.
قال الإمام مالك -رحمه الله-: «أرى ذلك مِن العين، أي: نهاهم عن تعليقِها؛ لأنهم كانوا يَعتقدون أنَّ تقليدَ الخيلِ بالأوتار يَدفع عنها العينَ والأذى، فتكون كالعوذة لها، فنهاهم، وأعلمهم أنها لا تدفع ضررًا ولا تَصرف حذرًا».
وقد شدَّد علماءُ الحنفية في ذلك، ورأوا أنه شِرك، قال الإمام الطحاوي الحنفي: «ذلك عندنا -والله أعلم-: ما عُلِّق قبل نزولِ البلاء ليُدفع، وذلك ما لا يَستطيعه غيرُ الله -عز وجل- فنهى عن ذلك؛ لأنه شِرك».
وقال الزيلعي الحنفي: «التميمةُ: خيط كان يُربط في العنق أو اليدِ في الجاهلية؛ ليَدفع المضرَّة عن أنفسِهم -على زعمهم-، وهو مَنهي عنه».
وقال الخادمي الحنفي: «ويُستدل بهذا الحديثِ: على منعِ الناس أن يعلِّقوا على أولادِهم التمائمَ والخيوطَ والخرزاتِ وغيرَ ذلك مما تختلفُ أنواعُه ويظنون أنَّ ذلك يَنفعهم أو يدفعُ عنهم العينَ ومَسَّ الشيطان. وفيه نوعٌ مِن الشرك -أعاذنا اللهُ تعالى مِن ذلك-؛ فإن النفعَ والضرَّ بيدِ الله لا بيد غيرِه».
وقد دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على مَن اتخذ تميمةً، سواء كانت على نفسِه أو ولدِه أو بهيمتِه أو سيارتِه؛ فروى الإمامُ أحمد وأبو يَعلى والطبراني عن عقبةَ بن عامر الجهني -رضي الله عنه- قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «مَن علَّق تميمة؛ فلا أتَمَّ اللهُ له، ومَن علَّق ودعة؛ فلا وَدَع اللهُ له» وصححه الحاكم وأقره الذهبي. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «فلا أتَمَّ اللهُ له»: دعاءٌ عليه أنْ لا يُتِمَّ اللهُ له ما أرادَ مِن دفع المَكروه بالوسيلةِ المُحَرَّمة، وقد وقعت حوادثُ شنيعةٌ لبعضِ الذين عقدوا على سياراتِهم هذه الخيوطَ؛ فلم تنفعْهم، وعرفوا معنى قول الله تعالى: ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُر فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [يونس: 107].
وروى أحمد والترمذي والطبراني عن عبد الله بن عكيم الجهني -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَن تعلَّق شيئًا وُكِل إليه»، صححه الحاكم.
وحسْب الإنسان خذلانًا أن يتخلى الله عن حفظه ويكله إلى مخلوق ضعيف لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا ضرًّا، وإنا نَهيب بإخوانِنا المسلمين أن يَحذَروا مِن وسائلِ الشركِ، وأن يُحسِنوا في توكُّلهم على اللهِ تعالى وحده لا شريكَ له، فهو حسبنا ونِعم الوكيل.
اللهم إنا نسألك فعلَ الخيراتِ وتركَ المنكرات.
وصلى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آلِه وصحبِه أجمعين.
فإنَّ مِن عوائد الجاهليةِ التي نَهى عنها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وحذَّر أمتَه منها: اتخاذَ التمائمِ التي يَعتقد بعضُ الناسِ أنها تدفعُ العينَ وتَمنع الضَّرر؛ كالقلائدِ والخرزاتِ التي تُعلَّقُ على الأولادِ والبهائم بقصدِ دفع العين والحسد؛ لأنها مِن جنس الشرك بالله تعالى الذي مَقَتَه اللهُ، وجعله سببًا في الحِرمان مِن الجنة؛ حيث قال تعالى: ﴿إنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾ [المائدة: 72]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلًا بَعِيدًا﴾ [النساء: 116].
وقد رَوى الإمامُ أحمدُ عن عقبةَ بن عامرٍ الجهني -رضي الله عنه-: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أقبل إليه رهطٌ فبايع تسعةً وأمسك عن واحد، فقيل له: يا رسول الله! بايعتَ تسعةً وتركتَ هذا؟! قال: «إنَّ عليه تَميمة»، فأدخل يده فَقطعها، فبايعه، وقال: «مَن علَّق تميمة؛ فقد أشرك»، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": رجال أحمد ثقات.
وعن ابنِ مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنَّ الرقى والتمائِمَ والتولة: شِركٌ»، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكمُ، وصححه، وأقره الذهبي].
ومما يدخلُ في ذلك: تعليقُ التمائم على السيارات، حيث تُوضَعُ خِرقةٌ في مقدمَةِ السيارةِ أو مؤخِّرتِها يُعتقدُ أنها تَدفعُ الحسدَ وتَمنعُ الحوادثَ! فإنَّ هذا مِن جنس عمَلِ أهلِ الجاهلية؛ حيث كانوا يقلِّدون البَهائم خوفًا عليها مِن العين! وقد أمر رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بقطعِها:
فعن أبي بشير الأنصاري -رضي الله عنه- أنه كان مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في بعضِ أسفارِه فأرسل رسولًا: «أن لا يبقين في رقبةِ بعيرٍ قلادة مِن وتر أو قلادة إلا قُطِعت» متفق عليه.
قال الإمام مالك -رحمه الله-: «أرى ذلك مِن العين، أي: نهاهم عن تعليقِها؛ لأنهم كانوا يَعتقدون أنَّ تقليدَ الخيلِ بالأوتار يَدفع عنها العينَ والأذى، فتكون كالعوذة لها، فنهاهم، وأعلمهم أنها لا تدفع ضررًا ولا تَصرف حذرًا».
وقد شدَّد علماءُ الحنفية في ذلك، ورأوا أنه شِرك، قال الإمام الطحاوي الحنفي: «ذلك عندنا -والله أعلم-: ما عُلِّق قبل نزولِ البلاء ليُدفع، وذلك ما لا يَستطيعه غيرُ الله -عز وجل- فنهى عن ذلك؛ لأنه شِرك».
وقال الزيلعي الحنفي: «التميمةُ: خيط كان يُربط في العنق أو اليدِ في الجاهلية؛ ليَدفع المضرَّة عن أنفسِهم -على زعمهم-، وهو مَنهي عنه».
وقال الخادمي الحنفي: «ويُستدل بهذا الحديثِ: على منعِ الناس أن يعلِّقوا على أولادِهم التمائمَ والخيوطَ والخرزاتِ وغيرَ ذلك مما تختلفُ أنواعُه ويظنون أنَّ ذلك يَنفعهم أو يدفعُ عنهم العينَ ومَسَّ الشيطان. وفيه نوعٌ مِن الشرك -أعاذنا اللهُ تعالى مِن ذلك-؛ فإن النفعَ والضرَّ بيدِ الله لا بيد غيرِه».
وقد دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على مَن اتخذ تميمةً، سواء كانت على نفسِه أو ولدِه أو بهيمتِه أو سيارتِه؛ فروى الإمامُ أحمد وأبو يَعلى والطبراني عن عقبةَ بن عامر الجهني -رضي الله عنه- قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «مَن علَّق تميمة؛ فلا أتَمَّ اللهُ له، ومَن علَّق ودعة؛ فلا وَدَع اللهُ له» وصححه الحاكم وأقره الذهبي. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «فلا أتَمَّ اللهُ له»: دعاءٌ عليه أنْ لا يُتِمَّ اللهُ له ما أرادَ مِن دفع المَكروه بالوسيلةِ المُحَرَّمة، وقد وقعت حوادثُ شنيعةٌ لبعضِ الذين عقدوا على سياراتِهم هذه الخيوطَ؛ فلم تنفعْهم، وعرفوا معنى قول الله تعالى: ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُر فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [يونس: 107].
وروى أحمد والترمذي والطبراني عن عبد الله بن عكيم الجهني -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَن تعلَّق شيئًا وُكِل إليه»، صححه الحاكم.
وحسْب الإنسان خذلانًا أن يتخلى الله عن حفظه ويكله إلى مخلوق ضعيف لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا ضرًّا، وإنا نَهيب بإخوانِنا المسلمين أن يَحذَروا مِن وسائلِ الشركِ، وأن يُحسِنوا في توكُّلهم على اللهِ تعالى وحده لا شريكَ له، فهو حسبنا ونِعم الوكيل.
اللهم إنا نسألك فعلَ الخيراتِ وتركَ المنكرات.
وصلى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آلِه وصحبِه أجمعين.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
أحمد بن علي سير المباركي .. صالح بن فوزان الفوزان .. عبدالله بن عبدالرحمن الغديان .. عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ .. محمد بن حسن آل الشيخ .. سعد بن ناصر الشثري .. عبدالله بن محمد بن خنين .. عبدالله بن محمد المطلق
مصدر الفتوى (اضغط هنا)
تعليق