إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

القصاصون

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القصاصون

    من هم القَصَّاصُون
    يقول ابن الجوزي رحمه الله :
    " القاص هو الذي يتبع القصة الماضية بالحكاية عنها والشرح لها...
    والتذكير هو تعريف الخلق نِعَمَ الله عز وجل عليهم ، وحثهم على
    شكره ، وتحذيرهم من مخالفته .
    وأما الوعظ فهو تخويف يرق له القلب..
    وقد صار اسم القاصِّ عامًّا للأحوال الثلاثة " انتهى . "القُصَّاص والمذكرون" (157-159) .
    والقصص والوعظ محمود وممدوح من حيث الأصل ؛ وذلك أن الله تعالى
    يقول :
    ( فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) الأعراف/176
    وقال تعالى : ( وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ
    قَوْلاً بَلِيغاً ) النساء/63 .
    وقال تعالى : ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ
    الْمُؤْمِنِينَ ) الذاريات/55 .
    كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُذكِّرُ الناس ويعظهم ، ويقص
    عليهم من أنباء الأمم السابقة ما فيه العبرة والموعظة .
    فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال :
    ( وَعَظَنَا رَسُولُ الَّلهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    مَوعِظَةً بَلِيغَةً ، ذَرَفَت مِنهَا العُيونُ ، وَوَجِلَت مِنهَا القُلوبُ ) . رواه الترمذي (2676) وقال : حسن صحيح وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
    وعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ حدث الناس عن قصة الثلاثة نفر الذين انطبقت عليهم الصخرة في الغار ،
    فسألوا الله بأعمالهم الصالحة أن يفرجها عنهم حتى انفرجت . رواه البخاري(2215) ومسلم ( 2743) .
    وهكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يذكرون الناس بالله تعالى ،
    ويقرؤون عليهم القرآن والحديث ، ويدعونهم إلى الاعتبار والادكار بأحوال الماضين .
    فعن أبي وائل قال : ( كَانَ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعُودٍ يُذَكِّرُ
    النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ ، فَقَالَ لَه رَجُلٌ : يَا أَبَا عَبدِ الرَّحمَن ،
    لَوَدِدتُ أَنَّك ذَكَّرتَنَا كُلَّ يَومٍ ، قَالَ : أَمَا إِنَّه يَمنَعُنِي مِن
    ذَلك أَنِّي أَكرَه أَن أُمِلَّكم ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُم بِالمَوعِظَةِ كَمَا
    كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ
    السَّآمَةِ عَلَينَا ) . رواه البخاري (70) ومسلم (2821) .
    فمن سار على هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    وأصحابه فوعظ الناس وذكرهم بالله تعالى على علم وبصيرة ، ولم يَتَقَحَّم أبوابَ الكذب والرياء والمبالغة والجهل ، فذلك لا سبيل إلى الإنكار عليه ، بل هو مأجور مشكور.
    قال الإمام أحمد : إذا كان القاص صدوقاً فلا أرى بمجالسته بأساً.
    وسئل الأوزاعي عن القوم يجتمعون فيأمرون رجلا فيقص عليهم فقال :
    إذا كان ذلك يوما بعد الأيام فليس به بأس .
    وروى الخلال عن أبي بكر المروذي قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول :
    يعجبني أمر القصاص لأنهم يذكرون الميزان وعذاب القبر ، قلت له : فترى الذهاب إليهم؟
    قال : إي لعمري إذا كان صدوقا .
    قال : وجاء رجل إلى الإمام أحمد فشكا له الوسوسة فقال : عليك
    بالقاص ، ما أنفع مجالستهم .
    ولكن لما دخل في باب الوعظ والقص والتذكير من يتقحم ما لا علم له
    به ، فيكذب في الحديث أو يزيد وينقص ، أو يظهر عليه حب الظهور والسمعة ، أو يكون سيئ السيرة والعمل ، لما كان ذلك : اضطر الأئمة من أهل العلم إلى التحذير من أمثال هؤلاء والتنفير منهم
    .
    فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يخرج من المسجد ويقول : ما
    أخرجني إلا القصاص ولولاهم ما خرجت .
    وعن أم الدرداء أنها بعثت إلى رجلين من الناس : قل لهما فليتقيا
    الله تعالى وتكون موعظتهما للناس لنفسهما .
    وعن شعبة بن الحجاج أنه دنا منه شاب فسأل عن حديث فقال له : أقاص أنت ؟ فقال : نعم ، قال : اذهب فإنا لا نحدث القصاص ، فقال له : لم ؟
    قال : يأخذون الحديث منا شبرا فيجعلونه ذراعا ! أي أنهم يزيدون في الحديث .
    وسئل سفيان الثوري : نستقبل القصاص بوجوهنا ؟ فقال : ولوا البدع
    ظهوركم .
    انظر الآثار السابقة في "الآداب الشرعية" (2/82-89) .
    وقال ابن الجوزي : "معظم البلاء في وضع الحديث إنما يجري من
    القصاص" انتهى . "القصاص" (308)
    فالحاصل : أن القص ليس مذموما لذاته ، وإنما لما قد يختلط به من
    الكذب والمبالغة والجرأة على الدين .
    يقول ابن الجوزي : " والقُصَّاصُ لا يُذَمون من حيث هذا الاسم ،
    وإنما ذُم القُصَّاصُ لأن الغالب منهم الاتساع بذكر القَصَصِ دون ذكر العلم المفيد، ثم غالبُهم يُخَلِّط فيما يورده ، وربما اعتمد على ما أكثره محال " انتهى . "تلبيس إبليس" (134) .

    وقال الإمام أحمد : " القصاص الذي يذكر الجنة والنار والتخويف
    وله نية وصدق الحديث ، فأما هؤلاء الذين أحدثوا من وضع الأخبار والأحاديث فلا أراه" انتهى . "الآداب الشرعية" (2/85)
    وبذلك تعلم أن وصف الراوي بأنه من القُصَّاص لا يَلزم منه توثيقا
    له ولا تجريجا ، فقد كان من القصاص الرواة الثقات ، كما كان منهم الضعفاء ، وهذه بعض الأمثلة :
    سعيد بن حسان المخزومي : قاص أهل مكة ، قال ابن معين وأبو داود
    والنسائي : ثقة "تهذيب التهذيب" (4/15) .
    عائذ الله بن عبد الله بن عمرو : قال مكحول : ما رأيت أعلم منه ،
    وقال الزهري : كان قاص أهل الشام وقاضيهم . "تهذيب التهذيب" (5/74) .
    ثابت بن أسلم البناني : قال أحمد : ثابت يتثبت في الحديث ، وكان
    يقص ، وقتادة كان يقص . "تهذيب التهذيب" (2/3) .
    قال ابن الجوزي : وقد بلغنا عن حماد بن سلمة أنه قال : كنت أسمع
    أن القصاص لا يحفظون الحديث ، فكنت أقلب الأحاديث على ثابت ، أجعل أنسا لابن أبي ليلى ، وأجعل ابن أبي ليلى لأنس ، أشوشها عليه ، فيجيء بها على الاستواء " انتهى . "القصاص" (260) .
    يعني : أنه اختبره فوجده حافظاً للحديث .
    وممن كان يقص من الضعفاء :
    أحمد بن عبد الله بن عياض المكي : له مناكير ، قال أبو حاتم :
    كان يقص . "ميزان الاعتدال" (1/248) .
    دراج أبو السمح : قال أحمد : أحاديثه مناكير ولَيَّنَه ، وقال
    ابن يونس : كان يقص بمصر . "ميزان الاعتدال" (3/40) .
    والله أعلم .
يعمل...
X