تفريغ : خطبة الجمعة لشيخنا العلامة / صالح بن فوزان الفوزان-حفظه الله-
والتي كانت بعنوان " تقوى الله"
والتي ألقاها في التاسع عشر من شهر ربيع الآخر 1434هـجرية
في جامع الأمير متعب بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية.
والتي كانت بعنوان " تقوى الله"
والتي ألقاها في التاسع عشر من شهر ربيع الآخر 1434هـجرية
في جامع الأمير متعب بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية.
الخطبة الأولى :
الحمد لله رب العالمين أغنانا بحلاله عن حرامه وكفانا بفضله عما سواه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا نعبد إلا إياه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ومصطفاه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن والاه وسلم تسليما كثيراً.
أما بعد,,,,,,,,,,,
أيها الناس
اتقوا الله تعالى واعلموا فإن تقوى الله هي التي تقربكم إلى الله
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)،
فتقوى الله لها فوائد عظيمة ولذلك أوصى الله بها الأولين والآخرين، فقال سبحانه وتعالى:
(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ)،
وتقوى الله التقوى كلمة جامعة لكل خصال الخير كلها تدخل تحت تقوى الله عز وجل، وتقوى الله فيها خيرات كثيرة ورتب الله عليها نتائج عظيمة
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)،
(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)،
(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)،
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)،
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ)،
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ)،
(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ)،
والجنة أعدها الله للمتقين فهي دار المتقين فهذه الكلمة كلمة التقوى كلمة جامعة، ولهذا سمى الله لا إله إلا الله كلمة التقوى لأن من قالها عالما بمعناها عاملا بمقتضاها ظاهرا وباطنا فقد اتقى الله سبحانه وتعالى وقال سبحانه وتعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)،
وذلك أن يطاع فلا يعصى أن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر هذا معنى قوله حق تقاته عند سلف هذه الأمة، وعند المفسرين، وهل أحد يستطيع أن يتقي الله حق تقاته، الله جل وعلا بين ذلك في آية أخرى فقال سبحانه:
(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)،
وقال تعالى:
(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا)،
فمن اتقى الله بحسب استطاعته وسعته فقد اتقى الله حق تقاته فعلى المسلم أن يتقي الله دائما وأبدا وفي أي مكان، يتقي الله في عسره ويسره يتقي الله في حال وجوده مع الناس ويتقي الله في حال خلوته عن الناس كما قال صلى الله عليه وسلم:
"اتق الله حيث ما كنت"،
أما من يتقي الله في الظاهر وعند الناس فإذا خلا يبارز الله بالمعاصي فهذه طريقة المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا، فالمؤمن يتقي الله دائما وأبدا في حال الشدة وفي حال الرخاء وفي أي مكان يراقب الله ويتقيه هذا هو المتقي لله حق فلازموا التقوى بارك الله فيكم، والتقوى أمرنا الله أن نتقيه :
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ)،
أي اتقوا الأرحام أيضا فلا تقطعوها، اتقوا القطيعة قطيعة الأرحام فالواجب على المسلم أن يتقي الله في كل أمر يأتيه، الله أمرنا أن نتقي النار :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)،
قوا أنفسكم جنبوا أنفسكم هذه النار وجنبوا أولادكم هذه النار كيف تجنب نفسك وأولادك هذه النار، بأن تتجنب أسباب دخولها أسباب دخولها أن تتجنبها فهي لها لدخولها أسباب وهي المعاصي والشرور والمنكرات وحفت بالشهوات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فأتق النار وابتعد عنها بفعل الأسباب الواقية منها وأبعد أولادك ومن تحت يدك فإنك مكلف بوقايتهم وحمايتهم من النار، وكذلك ليتقي الإنسان الفتن،
(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)،
فيتقي الفتن ويبتعد عنها ويحذر منها ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر هذا اتقاء الفتن تجعل بينك وبين النار وقاية تجعل بينك وبين الله وقاية بفعل أوامره واجتناب نواهيه وبطاعته فلا يقيك إلا طاعة الله سبحانه وتعالى ومن الفتن التي تتقى وهي شديدة وخطيرة فتنة النساء قال صلى الله عليه وسلم:
"ما تركت من بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"،
وقال عليه الصلاة والسلام:
"واتقوا النساء فإن فتنة بني اسرائيل كانت في النساء"،
فحافظوا على نسائكم حافظوا عليهن من كل فتنة ومن كل شر لا يختلطن بالرجال في المكاتب أو في الشوارع أو في أي مكان اختلاط يثير الشهوة ويسبب الفتنة امنعوا نسائكم من الخلوة مع الرجال فلا تخلوا امرأة مع رجل إلا كان ثالثهما الشيطان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم،
ألزموا نسائكم بالحجاب الساتر فإن هذا مما تتقى به الفتنة أما إذا تركت المرأة لهواها فإنها تتبرك وتتزين وتخرج على الناس بفتنتها وزينتها فلا بد من الأخذ على يدها والذي يأخذ على يدها أن كل من ولاه الله على امرأة أو نساء يلزمه أن يأخذ على أيديهن وإلا فإنه مسؤول عنهن أمام الله سبحانه وتعالى فأتقوا النساء فإن فتنة بني اسرائيل كانت في النساء،
والنساء ضعيفات إذا تركن بدون قيم وبدون راع فإنهن يسرحن ويمرحن ويتخبطن في الشبهات وتعاطي الزينة والمظاهر الفاتنة اقتداءا بالشقيات من النساء من الكافرات والفاسقات وما يشاهدنه في الشاشات وفي الحفلات أخطر شيء اليوم الحفلات حفلات النساء تحضرها النساء كاسيات عاريات كاشفات لصدورهن وظهورهن وأعضدهن وسيقانهن يحضرن الحفلات بهذه الصورة الشيطانية وهن بناتكم وأخواتكم وزوجاتكم وأنتم المسؤولون عنهن أمام الله سبحانه وتعالى فحافظوا على نسائكم فإنهن أشد فتنة في المجتمع وأشد ما وقع في بني اسرائيل من الفتن هي النساء لما تركوا نساءهم تبرجن وتزين فحصلت الفواحش ونزلت عليهم العقوبة والعياذ بالله،
نزلت عليهم الأمراض والأوبئة نزلت فيهم العقوبات الكثيرة مما ذكره الله وذكره الرسول صلى الله عليه وسلم وذكره التاريخ عنهم فأمر النساء خطير جدا،
إذا لم يكن هناك حماية لهن من دعاة الشر وداعيات الشر والفتنة فاتقوا الله عباد الله وحافظوا على تقوى الله سبحانه في كل حين وفي كل حال،
الله أمرنا أن نتقيه وأمرنا أن نتقي النار:
(وَاتَّقُوا النَّارَ)،
وأمرنا أن نتقي النساء وأمرنا أن نتقي الفتن كلها فعلينا أن نحذر لأننا في هذه الدنيا ما دمنا على قيد الحياة فنحن معرضون للفتن والشرور ولا سيما إذا تأخر الزمان فإنها تكثر الفتن ويكثر دعاة الشر دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها،
فلنتق الله ولنعرف مواقفنا في هذه الحياة مع أنفسنا ومع ذرارينا ومع مجتمع المسلمين عموما، فاتقوا الله عباد الله،
وحافظوا على حرمات الله عز وجل أن تقعوا فيها أو يقع فيها من تملكون منعه منها فإن هذا ضمانة من للنجاة من النار ومن غضب الجبار:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم،
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولي جميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنهُ هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكرهُ على توفيقهِ وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابهِ وسلم تسليماً كثيرا،
أما بعد:
أيُّها الناس،،
ومن أعظم تقوى الله أن الإنسان إذا وقع في معصية أو مخالفة فإنه لا ييأس من رحمة الله بل يبادر في التوبة يبادر بالتوبة والاستغفار والله يتوب على من تاب ويغفر لمن استغفره :
(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)،
فإن كثير من الناس قد يأتيهم الشيطان ويقول لهم ليس لكم توبة أو أنهم يتكاسلون عن التوبة أو ييأسون من رحمة الله سبحانه وتعالى أو لا يبالون بما حصل منهم ويعتادون ذلك فلا يبادرون في التوبة فيهلكون لأن السيئات إذا لم تمنع تتابع وتكثر ويجر بعضها بعض ولها دعاة ولها قدوات سيئة في المجتمعات فعلى المسلم أن يحذر من ذلك أن يحذر من ترك نفسه مع الذنوب بدون توبة صادقة وبدون استغفار صحيح يبادر بتوبة وإلا ليس هناك أحد معصوم من الوقوع بالأخطاء والمعاصي إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فنحن معرضون ولكن الحمد لله باب التوبة مفتوح ونحن مدعوون بأن نتوب ونبادر بذلك:
(وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً).
واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)،
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد،
وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةِ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين،
واجعل هذا البلد آمناً مستقرا وسائر بلاد المسلمين عامةً يا ربَّ العالمين،
اللَّهُمَّ احم بلادنا من كل عدو وكافر وملحد وزنديق ومن كل منافق وشرير،
اللهم احم هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين من كيد الكفار وشر الأشرار وعذاب النار يا حي يا قيوم يا سميع الدعاء،
اللَّهُمَّ أصلح ولاة أمورنا اللهم اجعلهم هداة مهتدين اللهم اصلح شأنهم
اللهم اجمع كلمتهم على الحق وأيدهم بنصرك وتوفيقك وحمايتك يا رب العالمين،
اللهم أعنهم على الحق، اللهم أيدهم بالحق وأيد الحق بهم إنك على كل شيء قدير،
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين،
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا،
اللهم أغثنا، اللهم أغث بلادنا،
اللهم أغث ديارنا،
اللهم أغث مزارعنا وآبارنا وأشجارنا،
اللهم اغثنا غيثا مغيثا، اللهم أحيي بلدك الميت،
اللهم أحي بلدك الميت،
اللهم أحي بلدك الميت بالغيث المبارك يا رب العالمين :
(رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
عبادَ الله،
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)،
(وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)،
فذكروا الله يذكركم، واشكُروه على نعمه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.