إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تفريغ خطبة: (تذكير المؤمنين بمعنى يوم الدين) لشيخنا العلامة/يحيى الحجوري حفظه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تفريغ خطبة: (تذكير المؤمنين بمعنى يوم الدين) لشيخنا العلامة/يحيى الحجوري حفظه الله


    بسم الله الرحمن الرحيم

    تفريغ خطبة جمعة بعنوان

    "تذكير المؤمنين بمعنى يوم الدين"

    لشيخنا العلامة / يحيى بن علي الحجوري حفظه الله تعالى

    سجلت هذه المادة في :19 ربيع الثاني 1434هـجرية.






    الخطبة الأولى:


    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.



    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ]سورة آل عمران:102[.

    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} ]سورة النساء: 1[.



    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) } ]سورة الأحزاب[



    أما بعد،،



    فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدى هدى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.



    أيها الناس،


    إن سورة الفاتحة لها شأن عظيم، ولهذا صارت أعظم وأفضل سورة في القرآن كما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:


    قال : ((ليهنك العلم أبا المنذر)).


    ((أي سورة معك أعظم؟)) قال : الحمدلله رب العالمين.

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته)). ]رواه البخاري[.


    فسماها القرآن العظيم وسماها السبع المثاني, وسماها الفاتحة، سميت الفاتحة لأنها أول القرآن. ولا تصح الصلاة إلا بها.
    سأل أُبَياً، فأجابه بهذا الجواب، فهنأه بالعلم. هي السبع المثاني والقرآن العظيم.


    وهي الصلاة كما في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم : ((قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل. فإذا قال العبد: (الحمد لله رب العالمين), قال الله تعالى : حمدني عبدي, وإذا قال: الرحمن الرحيم, قال الله تعالى : أثنى علي عبدي. وإذا قال: مالك يوم الدين. قال : مجدني عبدي. فإذا قال : (إياك نعبد ونستعين). قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال: (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين). قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل)). رواه مسلم.

    ومن هذه السورة العظيمة آية واحدة (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ). (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (1) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2))) وكل آية يندرج تحتها معاني كثيرة لأنها السورة هي السبع المثاني والقرآن العظيم ونأخذ في هذا اليوم معنى مالك يوم الدين. معنى هذه العظيمة ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) هو الله سبحانه وتعالى الذي لا يملك ذلك اليوم غيره.
    ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) متفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم.


    ((لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)) سورة غافر:16.


    والدين هو الجزاء. ومن معنى هذه الآية قول الله سبحانه وتعالى:


    ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35) )) سورة الحجر.

    أي إلى يوم الجزاء، إلى يوم الحساب، إلى يوم يدان الناس بأعمالهم، يدينهم الله عز وجل بأعمالهم. إن خيرا فخير وإن شرا فشر. فيوم الدين هو يوم الجزاء، هو يوم الحساب، هو يوم يدان الناس بأعمالهم. وقال نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام :


    ((قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) )) سورة الشعراء.

    أي يوم الجزاء، يوم الحساب، وقال الله سبحانه وتعالى عن الكفار:

    ((وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ)) سورة الصافات:20.

    أي حين أن يبعثهم الله يوم الجزاء، قال الله:

    ((هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ...))

    أي أصنافهم وأضرابهم


    ((... وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ))


    هذا هو جزاءهم. يوم الجزاء.


    ((احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ (24) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (25) )) سورة الصافات. الآيات... لما كانوا غافلين تعجبوا حين بعثوا وقالوا: ((يا ويلنا)).


    وقال الله :


    ((وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6) )) سورة الذاريات. أي الجزاء. بعد هذه الأقسام يقسم الله أن الجزاء واقع على كل صغيرة وكبيرة من قول أو فعل لأن ذلك محفوظ مدون ((مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)) سورة ق:18.


    ((وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ))


    الجزاء واقع لا بد منه، الحساب واقع لا بد منه. قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :
    ((اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ)) سورة الشورى:47.
    هذا اليوم ما له مرد. يوم لا مرد له من الله وليس فيه ريب أبدا ولا شك عند مؤمن. فإن الشك فيه والريب فيه كفر مخرج من الملة.
    قال الله في كتابه:

    هذا يوم لا مرد له من الله، يوم لا ريب فيه، لا شك فيه، واقع ، حاصل. فالتكذيب به كفر. ((وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ)). إلى قوله :
    ((فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)) سورة آل عمران:25.
    وقال الله:

    ((قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (11) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) )) سورة الذاريات. أي في الدنيا، يُكَذِّبون، وبسبب تكذيبهم صاروا خراصين كذابين على الله وعلى دينه. كفروا. فعلوا جميع الجرائم لأنهم مكذبين بيوم الدين. قال الله سبحانه وتعالى : ((كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42))) انظر ايش السبب الذي جعلهم يدخلون ويسلكون سقر. وكلمة يسلك ذكر المفسرون نكتة أو معنى أنها تدخل في أجوافهم وتسلك فيهم. ((مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) )) سورة المدثر.
    ((رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)) سورة آل عمران:9.

    هذا الذي جعلهم يسلكون سقر، تكذيبهم بيوم الدين بعث فيهم جميع العظائم والجرائم. فإن الذي يؤمن بيوم الدين حقا هو الذي يعد له عدته ويأخذ له أهبته. تأمل قول الله سبحانه وتعالى :


    ((يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا..)) يوم الدين هذا ((وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا)). يوم الدين شره مستطير.

    ما في بصر إلا وهو شاخص وليس هناك ومضات فيه بل هو شاخص مفتوح. هذا يوم عظيم. كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :
    ((وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا...))
    ليس به أحد ضاحك، أبدا، إنما الأبصار شاخصة .

    ((وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) )) - يوم عظيم – ((يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) )) سورة المطففين.
    ((وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء (43) )) سورة إبراهيم.

    ((سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7) )) سورة المعارج. في هذا اليوم عجائب وعظائم

    ((يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ (8) )) كالزيت. ((وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) )) كالإسفنج. ((وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) )) . هذا هو : ((لِيَوْمٍ عَظِيمٍ)) سورة المطففين:5. قال الله سبحانه وتعالى:
    ثم يوم القيامة لأن الناس يقومون لرب العالمين. يقفون في أرض المحشر، يقفون، يبلغ العرق بهم أي مبلغ. خمسين ألف سنة. كما قال تعالى :

    ((وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6) وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ (7) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ (8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (9) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (11) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) )) سورة الذاريات. قال الله:

    ((يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13) )) سورة الذاريات. هذا اليوم الذي كذبوا به، هذا هو يومهم الآن على النار يفتنون يعذبون. ((ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ)) نعم، جزاء بتكذيبهم.


    1.وقال الله سبحانه وتعالى :


    (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20) )) سورة النبأ. وقال : ((هَذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ)) سورة المرسلات:35.
    فهو ميقات، ذلك اليوم ميقات يجتمع فيه جميع الناس، ميقات الزمن، وميقات المكان، لا يتخلف عنه أحد.
    ((يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ)) سورة التغابن:9.

    هذا هو اليوم العظيم الذي ذكره الله سبحانه الذي هو يوم الدين. ولهذا يذكر القرطبي رحمه الله أن مدار الأيام على هذا اليوم، فكل من يعيش ومن يخلق مصيره إلى يوم الدين ويوم الجزاء
    فهو يجتمع فيه جميع الناس، جميع المخلوفات، من لدن آدم إلى قيام الساعة. قال الله:
    ((يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ)). وقال الله:
    ((ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) )) سورة هود. الآيات.

    ((إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26) )) الغاشية.
    وابتلى الله العباد وخلق الخلق وخلق الجنة والنار وأنزل الكتب وأرسل الرسل ليبلوهم أيهم أحسن عملا وليعلم المفسد من المصلح وليجازى كل بما عمله يوم الدين.
    ((فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) )) سورة الزلزلة. جزاء المؤمنين بما عملوا وجزاء الكافرين بما عملوا. ((الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)) سورة غافر:17.
    هذا يوم الدين. يقول الله سبحانه وتعالى :
    ((يا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ (8) كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) )) سورة الإنفطار
    . ذم الله الكفار على تكذيبهم به.

    سمي يوم الدين لعظمته، ذلك اليوم ما فيه، أنها نفس تملك لنفس شيئا. لا والد لولده ولا ولده لوالده، ((إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ (41) )) سورة الدخان. يوم يفر فيه المرء من أخيه وأمه وأبيه كما قال الله : ((يوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) )) سورة عبس.
    ((كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا..))
    يوم جزائرهم

    حتى سمي يوم الفرار، لأنه يفر كل واحد من أخيه وأبيه وأقرب قريب، لا يلوي على أحد لشدة الهول ولعظمته، هذا يوم فيه حسرات عظيمة.
    (() وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19) )) سورة الإنفطار.


    قال الله عز وجل: ((وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ)) سورة مريم:39.
    يوم الحسرة... ((وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (39) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (40) )) سورة مريم. يوم الحسرة يوم الدين كما قال الله :
    ((أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (58) بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (59) وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ (60) )) سورة الزمر.
    يوم تبيض فيه وجوه وتسود وجوه، قال الله سبحانه :
    ((يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) )) سورة آل عمران.
    هذا هو يوم الدين يوم الجزاء، يوم الحساب. قال الله سبحانه :
    ((وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (16) اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ..)) سورة ص.
    هكذا لما قالوا عجل لنا قطنا أي نصيبنا، وحظنا من العذاب. استعجالا لعذاب الله. قال الله:
    ((اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ...)) سورة ص:17.

    يسمى يوم النشور، قال الله عز وجل في سورة فاطر بعد أن ذكر احياء الأرض بعد موتها ((كَذَلِكَ النُّشُورُ)) آية 9.
    وقال الله: ((يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)) سورة ص:26.
    صاحب موسى، مؤمن آل فرعون، ((إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) )) سورة غافر. حساب وبعث، ((وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ..))
    يسمى يوم البعث ((..وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)) سورة الروم:56. هذا هو يوم الدين.

    قال الله سبحانه وتعالى في كتابه : ((قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ (22) كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23) )) سورة عبس. قال الله سبحانه في كتابه الكريم مبيناً عن هذا يوم التغابن :
    ((يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ .. )) سورة التغابن:9.
    أي أن الناس يغبنون فيه، ويحسرون، ما من أحد تفوته ساعة أو مجلساً يجلس فيه لا يذكر الله إلا وكان عليه حسرة، ولكن هذه الحسرة تختلف عن حسرة الكافرين. ((وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ...)) سورة مريم:39.
    يوم هو يوم الآزفة، أي تأزف، تقرب، أزف الشيء أي القرب. يوم الآزفة أي قرب. يأزف. كل شيء من قريبه الحساب داني والوقوف داني، وكل ذلك آزف. يوم الجزاء حتى بين الناطحة والمنطوحة
    ((لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء)) رواه مسلم وغيره.
    هذا هو القصاص. وفي حديث القصاص يقول الله :

    هذا يوم الدين، يوم الجزاء، يوم لا تظلم نفس في ذلك اليوم أبدا. قال الله سبحانه في كتابه :
    ((أنا الملك أنا الدَّيَّان ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وله عند أحد من أهل الجنة حق حتى أقُصَّهُ..)) رواه البخاري معلقا وأحمد موصولاً وغيرهما وصححه الألباني. قال :((أتدرون ما المفلس؟)) .
    قالوا :المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال :
    ((إن المفلس من أمتي: من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه ثم طرح في النار)) رواه مسلم.

    ((هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (30) )) سورة يونس. فهو يوم الدين يوم الجزاء. ((إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ ...)) أي جزاءهم الحق ((...وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) )) سورة النور.
    هذا هو يوم الحق ليس فيه مظلمة لأحد

    ((وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) )) سورة الكهف.

    الخطبة الثانية:

    يوم لا يجادل أحد عن أحد لا عن قريب ولا عن بعيد. يوم تجادل كل نفس عن نفسها
    ((يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ )) سورة آل عمران:30.

    الحمدلله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا.


    أما بعد،،،


    تأمل في هذا النداء
    ((وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) )) سورة غافر.
    قال أهل العلم : سمي يوم التناد لما فيه من كثرة النداءات فنداءات الله عز وجل للعباد.
    ونداءات العباد للعباد ومن ذلك قول الله سبحانه:
    ((وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنبَاء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءلُونَ (66) )) سورة القصص.
    هذا النداء حاصل لكل من لم يجب المرسلين ينادى. يناديه الله،
    ((وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ)).
    فمن لم يجب المرسلين، من لم يتبع سنتهم وهديهم وطريقهم
    (( فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنبَاء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءلُونَ)). قال الله:
    ومن هذا التنادِ، نداء أهل الجنة لأهل النار
    ((وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (62) قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) )) سورة القصص. ((وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (74) وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (75) )) سورة القصص.
    لم يجدوا أي شريك لله عز وجل ومن هذا أيضا نداءات أهل النار لمالك
    ((وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78) )) سورة الزخرف.

    ((وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) )) سورة الأعراف.
    ومناداة أصحاب الأعراف
    ((وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ (49) )) سورة الأعراف.
    ومناداة أهل النار لأهل الجنة أن يفيضوا عليهم من الماء
    ((وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51) )) سورة الأعراف.
    ومناداة المنافقين للمؤمنين قال الله سبحانه وتعالى :
    ((يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15) )) سورة الحديد.
    هذا معنى يوم التناد لمعانيه الكثيرة لما يحصل حتى ينادي الوالد ولده فيفر منه، لقوله :
    ((يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) )) سورة عبس. فإنه يناديه، يناديه، وهكذا. يوم التناد ((وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) )) سورة ق.
    فهو من أسمائه يوم الخروج من أسمائه يوم الخلود فإن الله عز وجل يطلع على أهل النار ويناديهم : يا أهل النار خلود بلا موت. بعد ذبح الموت. وينادي أهل الجنة : يا أهل الجنة خلود بلا موت. فلا أشد فرحا لأهل الجنة من ذلك اليوم. ولا أشد بؤسا على أهل النار من ذلك اليوم. يوم التناد.

    وهو يوم الوعيد قال الله سبحانه :
    ((وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20))) سورة ق.
    يوم الوعيد، أي يوم يحصل الوعيد الذي توعد الله به الكافرين فيعذبهم ((إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26) )) سورة الغاشية.
    قال الله:
    ((....فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) )) سورة الحج.
    هنا، ذاك يومهم،
    ((هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)) سورة الأنبياء:103.
    هذا يوم الوعيد. وقال الله سبحانه وتعالى مبيناً عن أصحاب الشمال
    (( وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ (43) لّا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ (46) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) أَوَ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ (48) )) سورة الواقعة.
    إلى آخر الآيات. هذا جزاؤهم. جزاء يوم الدين. هذا يوم الوعيد.

    أيها الناس،،،

    إن هذه السورة العظيمة، معانيها عظيمة. وإن هذا من معنى آية من معانيها ألا وهو يوم الدين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً أنه يوم الآخر : ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)) متفق عليه. وهو اليوم الآخر كما قال الله سبحانه وتعالى :
    ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) )) سورة البقرة.
    الآيات. قال :
    ((الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا)) سورة النساء:37.
    في سياق الإيمان باليوم الآخر وهو يوم الدين وله أسماء كثيرة كلها مدارها على أنه يوم الحساب، يوم الجزاء، يوم يدان الناس بأعمالهم، يوم يجزى الناس ما عملوا ، فإن خيرا فخير وإن شر فشر على ما دلت به الآيات.

    ***والحمد لله رب العالمين ***

    قام بتفريغه: أبو عمر شريف

    وللاستماع لها صوتياً من هنا :


    التعديل الأخير تم بواسطة علي بن إبراهيم جحاف; الساعة 03-03-2013, 10:48 AM.
يعمل...
X