إليكم تفريغ {الحوثيـون والإرجاف}
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في بيان قول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾[الأحزاب: ٥۹-٦٢]
قال: يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم تسلمياً أن يأمر النساء المؤمنات خاصة أزواجه وبناته لشرفهن بأن يدنين عليهن من جلابيبهن بأن يتمزن عن سماة الجاهلية" بدءاً بنسائه وبناته
وسماة الإماء والجلباب هو الرداء فوق الخمار قاله ابن مسعود، وعبيدة، وقتادة، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وعطاء الخراساني، وغير واحد. وهو بمنزلة الإزار اليوم.
قال الجوهري: الجلباب: الملحفة، قالت امرأة من هذيل ترثي قتيلا لها:
تَمْشي النُّسور إليه وَهْيَ لاهيةٌ *** مَشْيَ العَذَارى عَلَيْهِنَّ الجَلابيبُ.
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينًا واحدة.
وقال محمد بن سيرين: سألت عَبيدةَ السّلماني عن قول الله تعالى: { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } ، فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى.
وقال عكرمة: تغطي ثُغْرَة نحرها بجلبابها تدنيه عليها.هذا تفسير لكمة {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ}" والقصد أنه إذا كانت ثياب ثخينة فأسدلت من أعلى إلى أسفل تبقي فتحة على ما ترى به من عين واحدة والباقي تغطيه وإن كانت ممكن أن ترى من شفافتها مع ستر الوجه فتدنيه كله وفي هذا اللبس للنساء حالياً ما يتضمن ما يدخل تحت هذا المعنى من كونها تدنيه من أعلى إلى أسفل فتغطي وجهها وترى طريقها.
وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبو عبد الله الظَّهراني فيما كتب إليّ، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن ابن خُثَيْم، عن صفية بنت شيبة، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لما نزلت هذه الآية: { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } ، خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها .
وقال ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح، حدثني الليث، حدثنا يونس بن يزيد قال: وسألناه يعني: الزهري -: هل على الوليدة خمار متزوجة أو غير متزوجة؟ قال: عليها الخمار إن كانت متزوجة، وتنهى عن الجلباب لأنه يكره لهن أن يتشبهن بالحرائر إلا محصنات وتغطي وجهها درأً للفتنة وقد قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } واختصاص أزواجه وبناته للشرف لشرفهن كانت عناية بهن وإبعادهن عن مناظر الناس وكل ما كانت المرأة أشرف وكانت رعاية لها رعاية أحسن كانت على ذلك المنوال وكل ما كانت على سوء رعاية وعدم عناية كانت أشد تكشفاً وهذا يضع من قدر المرأة ويسوء إليها جيداً كشف وجهها وكشف رأسها كما يفعل في التمدن وكشف ساقها وذراعها وهكذا تكشف مخزي.
قالت: لما نزلت هذه الآية: { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } ، خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها" وهذه إجابة للهدى سرعة إستجابة للحق وعدم وتواني
وقال ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح، حدثني الليث، حدثنا يونس بن يزيد قال: وسألناه يعني: الزهري -: هل على الوليدة خمار متزوجة أو غير متزوجة؟ قال: عليها الخمار إن كانت متزوجة، وتنهى عن الجلباب لأنه يكره لهن أن يتشبهن بالحرائر إلا محصنات ذكر الآية
وروي عن سفيان الثوري أنه قال: لا بأس بالنظر إلى زينة نساء أهل الذمة، إنما ينهى عن ذلك لخوف الفتنة؛ لا لحرمتهن، واستدل بقوله تعالى: { وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ } هذا خطأ هذا خطأ لجامع الفتنة
وقوله: { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ } أي: إذا فعلن ذلك عُرِفْنَ أنَّهن حرائر، لسن بإماء ولا عواهر" في الجاهلية الإماء والعواهر كن على تفسخ عن عواهر ولهذا صان الله نساء المؤمنين عن التشبه بالجاهليات وكان هذا من تميز الصالحات عن الفاسدات {يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} تعرف أنها حرة وأنها العفيفة فلا تؤذى، وإنما التي تتكشف هي العاهرة في تلك الأزمنة فلهذا تعرض نفسها للأذى يُعرفن أنهن حرائر لسن بإماء ولا عواهر.
وقوله: { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ } أي: إذا فعلن ذلك عُرِفْنَ أنَّهن حرائر، لسن بإماء ولا عواهر، قال السدي في قوله تعالى: { [ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ] قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ } قال: كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طرق المدينة، يتعرضون للنساء، وكانت مساكن أهل المدينة ضَيِّقة، فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق يقضين حاجتهن، فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن، فإذا رأوا امرأة عليها جلباب قالوا: هذه حرة، كفوا عنها. وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب، قالوا: هذه أمة. فوثبوا إليها .
وقال مجاهد: يتجلببن فيعلم أنهن حرائر، فلا يتعرض لهن فاسق بأذى ولا ريبة.
هذا يفيد على أن التي تتعرض للأذى يصيبها الأذى فالمتكشفة والمتبرجة هي التي يتبعها الفساق والمتحصنة والمتعففة التي مع محرمها ووليها هي التي تصون نفسها عنهم، (والطيور على أشكالها تقع) الفاسق يعرف الفاسقة والفاسقة تعرف الفاسق هكذا من لباس وهيئة وتصنع وغير ذلك.
وقوله: { وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } أي: لما سلف في أيام الجاهلية" يعني بالجاهلية قبل الإسلام
حيث لم يكن عندهن علم بذلك.
ثم قال تعالى متوعدًا للمنافقين، وهم الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر: { وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } قال عكرمة وغيره: هم الزناة هاهنا { وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ } يعني: الذين يقولون: "جاء الأعداء" و"جاءت الحروب"، وهو كذب وافتراء
المرجفون الذين هيبون على الناس، الناس آمنون هادؤون ساكنون وهو إذا جلس هيبوا أرجفوا خوف الناس بما لا مقتضى له وهذا ديدن الحوثيين بهذا الأزمان فإنك تجد عندهم أناس يقاتلون يؤذون عندهم أناس أرجافيون أرهابيون في أوساط مجالس تخزين وأوساط مجالس الناس وركوب السيارات والحافلات وما إلى ذلك لا إله إلا الله ماذا صنعوا وقد أخذوا جبل كذا وفعلوا كذا يرعبون الناس فمن كان على ضعف الإيمان ربما ارتعد من هذا الكلام وأنت ترى كل من يأتي ممن يخرجون الدعوة ويأتون زواراً يقولون هذه الدعايات أن الحوثيين انتشروا الدعايات ضيقة ضعيفة وواقع أنهم مالهم من كبير الرواج المستوى الذي يذكرون عنه في الإعلام بل دون ذلك فعلم هذا الرواج مفتعل ومقصود للإرجاف لأوساط الناس شأن المنافقين وهم وظيفة المنافقين الإرجاف وهو من صفاتهم وسماتهم التهويل.
لئن لم ينتهوا عن ذلك ويرجعوا إلى الحق { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أي: لنسلطنَّك عليهم. وقال قتادة، رحمه الله: لنحرّشَنَّك بهم" وبمعناه أي نمكنك منهم هؤلاء المرجفون ومؤذون للناس إن لم ينتهوا تُمكن منهم وما برز للمنافقين قرن إلا كسر
وقال السدي: لنعلمنك بهم.
{ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا } أي: في المدينة { إِلا قَلِيلا * مَلْعُونِينَ } حال منهم" كلمة ملعونين: أي حال كونهم ملعونين
في مدة إقامتهم في المدينة مدة قريبة مطرودين مبعدين، { أَيْنَمَا ثُقِفُوا } أي: وجدوا، { أُخِذُوا } لذلتهم وقلتهم، { وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا }. فإذاً لا يصنع شيء المنافق لاسيما وقد فطن الناس له مأخوذ مقتول ملعون مطرود لا يصنع شيء لا يضر إلا نفسه
ثم قال: { سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ } أي: هذه سنته في المنافقين إذا تمردوا على نفاقهم معنى مرنوا عليه واستمروا عليه.
"وكفرهم ولم يرجعوا عما هم فيه، أن أهل الإيمان يسلطون عليهم ويقهرونهم" وهذا يأيده التأريخ أيضاً فإنها قامت أهواء كثيرة فتنوا على أهل السنة مِنهم مَنهم بسيوفهم ومِنهم مَنهم بأقلامهم وأذلهم الله ومكن الله أهل الحق منهم
{ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا } أي: وسنة الله في ذلك لا تبدل ولا تغير.
سبحانه وهذا يزيد المؤمن إيمانا أنه سنته الجارية الماضية نصرة عباده المؤمنين وذلة أعائدهم المنافقين ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾[الأحزاب: ٦٢]، ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾[الحج: ٤٠] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ﴾ [المجادلة: ٢٠]
وإلى هـنا وفقكم الله.
من هـنا المادة
فرغها الفقير إلى الله:
أبو سُليم عبد الله الصومالي
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في بيان قول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾[الأحزاب: ٥۹-٦٢]
قال: يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم تسلمياً أن يأمر النساء المؤمنات خاصة أزواجه وبناته لشرفهن بأن يدنين عليهن من جلابيبهن بأن يتمزن عن سماة الجاهلية" بدءاً بنسائه وبناته
وسماة الإماء والجلباب هو الرداء فوق الخمار قاله ابن مسعود، وعبيدة، وقتادة، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وعطاء الخراساني، وغير واحد. وهو بمنزلة الإزار اليوم.
قال الجوهري: الجلباب: الملحفة، قالت امرأة من هذيل ترثي قتيلا لها:
تَمْشي النُّسور إليه وَهْيَ لاهيةٌ *** مَشْيَ العَذَارى عَلَيْهِنَّ الجَلابيبُ.
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينًا واحدة.
وقال محمد بن سيرين: سألت عَبيدةَ السّلماني عن قول الله تعالى: { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } ، فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى.
وقال عكرمة: تغطي ثُغْرَة نحرها بجلبابها تدنيه عليها.هذا تفسير لكمة {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ}" والقصد أنه إذا كانت ثياب ثخينة فأسدلت من أعلى إلى أسفل تبقي فتحة على ما ترى به من عين واحدة والباقي تغطيه وإن كانت ممكن أن ترى من شفافتها مع ستر الوجه فتدنيه كله وفي هذا اللبس للنساء حالياً ما يتضمن ما يدخل تحت هذا المعنى من كونها تدنيه من أعلى إلى أسفل فتغطي وجهها وترى طريقها.
وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبو عبد الله الظَّهراني فيما كتب إليّ، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن ابن خُثَيْم، عن صفية بنت شيبة، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لما نزلت هذه الآية: { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } ، خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها .
وقال ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح، حدثني الليث، حدثنا يونس بن يزيد قال: وسألناه يعني: الزهري -: هل على الوليدة خمار متزوجة أو غير متزوجة؟ قال: عليها الخمار إن كانت متزوجة، وتنهى عن الجلباب لأنه يكره لهن أن يتشبهن بالحرائر إلا محصنات وتغطي وجهها درأً للفتنة وقد قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } واختصاص أزواجه وبناته للشرف لشرفهن كانت عناية بهن وإبعادهن عن مناظر الناس وكل ما كانت المرأة أشرف وكانت رعاية لها رعاية أحسن كانت على ذلك المنوال وكل ما كانت على سوء رعاية وعدم عناية كانت أشد تكشفاً وهذا يضع من قدر المرأة ويسوء إليها جيداً كشف وجهها وكشف رأسها كما يفعل في التمدن وكشف ساقها وذراعها وهكذا تكشف مخزي.
قالت: لما نزلت هذه الآية: { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } ، خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها" وهذه إجابة للهدى سرعة إستجابة للحق وعدم وتواني
وقال ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح، حدثني الليث، حدثنا يونس بن يزيد قال: وسألناه يعني: الزهري -: هل على الوليدة خمار متزوجة أو غير متزوجة؟ قال: عليها الخمار إن كانت متزوجة، وتنهى عن الجلباب لأنه يكره لهن أن يتشبهن بالحرائر إلا محصنات ذكر الآية
وروي عن سفيان الثوري أنه قال: لا بأس بالنظر إلى زينة نساء أهل الذمة، إنما ينهى عن ذلك لخوف الفتنة؛ لا لحرمتهن، واستدل بقوله تعالى: { وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ } هذا خطأ هذا خطأ لجامع الفتنة
وقوله: { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ } أي: إذا فعلن ذلك عُرِفْنَ أنَّهن حرائر، لسن بإماء ولا عواهر" في الجاهلية الإماء والعواهر كن على تفسخ عن عواهر ولهذا صان الله نساء المؤمنين عن التشبه بالجاهليات وكان هذا من تميز الصالحات عن الفاسدات {يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} تعرف أنها حرة وأنها العفيفة فلا تؤذى، وإنما التي تتكشف هي العاهرة في تلك الأزمنة فلهذا تعرض نفسها للأذى يُعرفن أنهن حرائر لسن بإماء ولا عواهر.
وقوله: { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ } أي: إذا فعلن ذلك عُرِفْنَ أنَّهن حرائر، لسن بإماء ولا عواهر، قال السدي في قوله تعالى: { [ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ] قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ } قال: كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طرق المدينة، يتعرضون للنساء، وكانت مساكن أهل المدينة ضَيِّقة، فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق يقضين حاجتهن، فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن، فإذا رأوا امرأة عليها جلباب قالوا: هذه حرة، كفوا عنها. وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب، قالوا: هذه أمة. فوثبوا إليها .
وقال مجاهد: يتجلببن فيعلم أنهن حرائر، فلا يتعرض لهن فاسق بأذى ولا ريبة.
هذا يفيد على أن التي تتعرض للأذى يصيبها الأذى فالمتكشفة والمتبرجة هي التي يتبعها الفساق والمتحصنة والمتعففة التي مع محرمها ووليها هي التي تصون نفسها عنهم، (والطيور على أشكالها تقع) الفاسق يعرف الفاسقة والفاسقة تعرف الفاسق هكذا من لباس وهيئة وتصنع وغير ذلك.
وقوله: { وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } أي: لما سلف في أيام الجاهلية" يعني بالجاهلية قبل الإسلام
حيث لم يكن عندهن علم بذلك.
ثم قال تعالى متوعدًا للمنافقين، وهم الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر: { وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } قال عكرمة وغيره: هم الزناة هاهنا { وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ } يعني: الذين يقولون: "جاء الأعداء" و"جاءت الحروب"، وهو كذب وافتراء
المرجفون الذين هيبون على الناس، الناس آمنون هادؤون ساكنون وهو إذا جلس هيبوا أرجفوا خوف الناس بما لا مقتضى له وهذا ديدن الحوثيين بهذا الأزمان فإنك تجد عندهم أناس يقاتلون يؤذون عندهم أناس أرجافيون أرهابيون في أوساط مجالس تخزين وأوساط مجالس الناس وركوب السيارات والحافلات وما إلى ذلك لا إله إلا الله ماذا صنعوا وقد أخذوا جبل كذا وفعلوا كذا يرعبون الناس فمن كان على ضعف الإيمان ربما ارتعد من هذا الكلام وأنت ترى كل من يأتي ممن يخرجون الدعوة ويأتون زواراً يقولون هذه الدعايات أن الحوثيين انتشروا الدعايات ضيقة ضعيفة وواقع أنهم مالهم من كبير الرواج المستوى الذي يذكرون عنه في الإعلام بل دون ذلك فعلم هذا الرواج مفتعل ومقصود للإرجاف لأوساط الناس شأن المنافقين وهم وظيفة المنافقين الإرجاف وهو من صفاتهم وسماتهم التهويل.
لئن لم ينتهوا عن ذلك ويرجعوا إلى الحق { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أي: لنسلطنَّك عليهم. وقال قتادة، رحمه الله: لنحرّشَنَّك بهم" وبمعناه أي نمكنك منهم هؤلاء المرجفون ومؤذون للناس إن لم ينتهوا تُمكن منهم وما برز للمنافقين قرن إلا كسر
وقال السدي: لنعلمنك بهم.
{ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا } أي: في المدينة { إِلا قَلِيلا * مَلْعُونِينَ } حال منهم" كلمة ملعونين: أي حال كونهم ملعونين
في مدة إقامتهم في المدينة مدة قريبة مطرودين مبعدين، { أَيْنَمَا ثُقِفُوا } أي: وجدوا، { أُخِذُوا } لذلتهم وقلتهم، { وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا }. فإذاً لا يصنع شيء المنافق لاسيما وقد فطن الناس له مأخوذ مقتول ملعون مطرود لا يصنع شيء لا يضر إلا نفسه
ثم قال: { سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ } أي: هذه سنته في المنافقين إذا تمردوا على نفاقهم معنى مرنوا عليه واستمروا عليه.
"وكفرهم ولم يرجعوا عما هم فيه، أن أهل الإيمان يسلطون عليهم ويقهرونهم" وهذا يأيده التأريخ أيضاً فإنها قامت أهواء كثيرة فتنوا على أهل السنة مِنهم مَنهم بسيوفهم ومِنهم مَنهم بأقلامهم وأذلهم الله ومكن الله أهل الحق منهم
{ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا } أي: وسنة الله في ذلك لا تبدل ولا تغير.
سبحانه وهذا يزيد المؤمن إيمانا أنه سنته الجارية الماضية نصرة عباده المؤمنين وذلة أعائدهم المنافقين ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾[الأحزاب: ٦٢]، ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾[الحج: ٤٠] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ﴾ [المجادلة: ٢٠]
وإلى هـنا وفقكم الله.
من هـنا المادة
فرغها الفقير إلى الله:
أبو سُليم عبد الله الصومالي