تفريغ :
الدرس الأول من تفسير سورة النمل من تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى وفيه: هل الحوثيون هم أنصار الله!!!
للشيخ العلامة
يحيى بن علي الحجوري
حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام أبو الفداء إسملعيل ابن عمر إبن كثير -رحمه الله – في تفسير قول الله عز وجل ، نحن بادؤون في تفسير سورة النمل قال وهي مكية وعرفة المدني والمكي يعينك على فهم القرآن وعلى تفسيره وعلى شيء من أحكامه ففيه فائدة عظيمة، والمدني قليل نحو تسع وعشرون سورة ، وغالب القرآن مكي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بمكة وبقي فيها ثلاث عشر سنة والقرآن ينزل عليه ،فنزل في هذا الوقت أكثر القرآن, ثم هاجر إلى المدينة ،لأن المكي ما نزل بالمكي وحولها ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، نزل ما بقي من القرآن أي من كتاب الله عز وجل المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في غضون عشر سنين تنقص قليلا في المدينة وما حولها ، وهذه السورة من السور المكية ، ولمعرفة المكي والمدني ضوابط ذكرها العلماء واعتنى بذلك من صنف في الشأن بخصوصه، كالزركشي ، والسيوطي ، وغير واحد ممن اعتنى بما يتعلق بعلم القرآن ، من قبلهما وبعدهما ، ولكن هذان المصنفان في البرهان والإتقان اشتمل على خير كثير في فن القرآن، وصار من الأصول فيهما في هذا الفن،قال رحمه الله في بيان قول الله عز وجل
بسم الله الرحمن الرحيم
{طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1)}[سورة النمل]
هو ما ذكر البسملة، ولكن ذكر البسملة في أول القرآن مهم فإنها للفصل بين السور ، -في نسختكم-هذه النسخة حذف البسملة، ولا ينبغي حذفها في أول السور لأنها للفصل بين السور على الصحيح،{طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)} تلك ما قال هذه مع أنه قريب بين يديه نزل عليه ولكن هذا إشارة للبعد مع قربه للتعظيم (هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)آيات القرآن وكتاب مبين هذ هدى قرآن هدى هذى بشرى لا بشرى أعظم من كتاب الله ولا هدى أعظم منه (هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ) هذه صفة صفة للمؤمنين من هم المؤمنون قال (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3))اشتمل على سائر أمور الإيمان ، من أقام الصلاة وآت الزكات وآمن بالآخرة أدى به ذلك إلى إشتمال جميع أمور الإيمان (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4))هذا شأن الكفار والمنافقين ، ويا سبحان الله، كيف ترى هذين الصنفين تتزين لهم أعمالهم الباطلة ، وهكذا ينفخهم الشيطان بالكبر، حتى يرى المعروف منكرا ،والمنكر معروفا ، وتتقلب عندهم الحقائق ، وهذه كلها ابتلاء من الله عز وجل ، واستدراج لهلكتهم ،(زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ )، يعني في عمى،(يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)على أي حال كان من الإجرام، ولو نظرتم إلى الكفار كيف يحتقرون المسلمين تتعجبون يعني من أفعالهم قديما وتاريخهم حتى في حالهم الوقت الآن ، يعتبرون المسلمين مساكين ، ومن أجل هذا الكبر سيطروا عليهم وأذلوهم ،ذلك لأن الله زين لهم أعمالهم زين للكفار أعمالهم ، وجعلهم في عماية لا يرون الحسن وكل من كان ضَعُفَ إيمانه باليوم الآخر ، من أهل الكفر ، ومن أهل النفاق، أو زال إيمانه باليوم الآخر، هذِ رتبته زين له أعماله، ويتسلط عليه الشيطان، ويبتلا ويستدرج حتى يصل إلى أشد العذاب وأشد المهانة والذل، والكبرياء والبغي، ولعلكم ترون رأي العين ما يحتاج إلى مزيد شرح بأعينكم ، هؤلاء الذين يقتلون المسلمين ويقطعون الطرق ويأتون بأعظم العظائم، والبوائق من الشرك بالله عز وجل، والسحر وترك الصلاة ، والبغي والعدوان ، وقتل النساء والصبيان ،وإيش يسمون أنفسهم أنصار الله، هذا من أين ؟ (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ )أوتوا من هذا الجانب مع هذا ما يقولون المجرمون الفجر معاكم الفجرة لا معاكم المجرمون من أنت ! ما يقول معك المجرم، معك القاتل ، معك المدبر ، ما يقول هذا ، بل من أنت معك أنصار الله، هذا هو معك المجاهدون،تارك صلاة ، سكير عربيد ، مارد من المردة، كيف ترجم له , كيف ترجم له من رأسه ولا من رجليه صحيح كيف ترجم له كيف تستطيع ، كل بلاء ، ومع ذلك أنظر من هذا الجانب , هذا والله مثال حي ، أنصار الله!! ، من أي جانب تنصر ربيّ!! من أي وجه من أي جهة ، هل تنصر من توحيد !! هل تنصروه من عقيدة صحيحة ؟! هل تنصروه من عبادة؟ هل تنصروه من عدل وإنصاف !! هل تنصروه من خلق حسن ؟! من أي جانب وصلت إلى هذه الرتبة ؟! أنك من أنصار الله !!
والله يقول { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ }والعبيديون الفاطميون الفجرة ,لما تشوهوا عند الناس، أتوا لهم بألقاب ضخمة ، يحاولون بتلك الألقاب يملسون بها على فضايحهم، فكان أحدهم يعني كبرائهم يلقب نفس بعز الدين! مجد الدين! علاء الدين! نصر الدين ! وهكذا وانتشرت هذ الألقاب من عندعم الدين الدين ، كلها من هذه الألقاب ومن هذه التزيينات، فيزين له الشيطان أنه خلاص صار مجد الدين هو! وصار النصر للدين هو!ونصر الدين عن طريق أفعال... عن تلك الأفعال، لهذا كره العلماء هذه الألقاب قالوا هذه شعارات لأناس مفسدين ،ضلال عرابدة ، ما كانت في زمان الصحابة ممن هم أنصار الله فعلا كما هو مبين بأدلته ، ولكن لما حصل الفساد في الأرض من قبيل هؤلاء ،أرادوا أن يأتوا بديكور ، وتلميعات وزخرف من القول يزيلون به تلك البغضاء للناس أو أقل ما فيه، يزيلون به بعض التلميحات عليهم التي من أجلها كرههم الناس ، وهذا كله والله كذب ما ينفع أبدا حتى لو سمى نفسه يعني دين الله الحق ، هو نفسه ... هكذا ما ينفع، كله هذا كذب إنما الذي ينفع هو الصدق مع الله سبحانه وتعالى، والحقائق معوفة عند الناس ، فالناس لا ينظرون إلى مجرد الألقاب ، وإلا لو كان الألقاب لادعى أناس دماء قوم وأموالهم وادعوا ما ليس لهم في الدين وغير ذلك، إنما ينظرون إلى الأفعال والأقوال ، أنت الذي تنصر الله كما تقول و أحمد نصر الله ، وما إلى ذلك نصر الله ، لماذا تقتلون الناس هذا من نصر الله !!! لما تقطعون الطرق هذا من نصر الله !! يعني جميع الإجرام موجود عندكم تشركون بالله هذا من نصر!! الله وتسحرون هذا من نصر!!! تسبون الصحابة هذا من نصر!!الصفات تنكرون السنة هذا من نصر!! أش ...فإذاً هذا كله كذب ،هذا تعليق على هذه الآية العظيمة،{زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ }أي في غاية من العماية ما يرون فضائحهم ،ما يرون فضائحهم، وفضائحهم ملأت الأرض وفتنتهم وشرهم، وهم قد تعامت أعينهم عنها واشتد عليهم العمى {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24)}
{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)}أي هذا الوحي في البشرى للمؤمنين والهدى للمؤمنين تقدمه من الله عز وجل من الحروف المقطعة ،.. التي هي من كلام الله عز وجل وتأخر في هذه الآيات بيان أن هذا القرآن الذي تتلوه، والذي نزل عليك ، من لدن حكيم بالعباد، عليم بأحوالهم في الدنيا، يا سبحان الله ، الذي ينكر تناسب القرآن يعني يتعارض مع هذا الواقع الصحيح ومع هذا الوضوح ، تناسب عجيب والله تناسب عجيب، تناسب عجيب في آيات القرآن ، الله سبحانه وتعالى هو الحكيم وهو العليم بعباده وجعل كلاً في رتبته لحكمة، هذا الذي زينت له أعماله لحكمة، والذي صار أعمى لحكمة ، والله يعلمه ما يخفى عليه ذلك ، والذي بشره الله سبحانه وتعالى وجعله مؤمنين بالآخرة مقيم للصلاة.. لحكمة , الله يسره للهدى ووفقه هو يعلمه، وكل شيء بقدر الله سبحانه وتعالى ، فليحمد الله المؤمن أن الله هيّأه ويسره للخير ، ذلك محض فضل الله سبحانه وتعالى، فوالله من تيسر لذلك هنيئا له، واما من يسر للعسرى هذِ شقاوته الله علم أنه من أهل النار ويسره للنار، قال قد تقدم الكلام في سورة البقرة على الحروف المقطعة في أول السور وقوله تعالى تلك آيات أي هذه آيات القرآن وكتاب مبين أي بيّن واضح و..يشرى للمؤمنين أي إنما تحصل الهدايةوالبشارة من القرآن لمن آمن به واتبعه وصدقه ، وعمل بما فيه وأقام الصلاة المكتوبة وآت الزكاة المفروضة ،وآمن بالدار الآخرة والبعث بعد الموت ،والجزاء على الأعمال خيرها وشرها والجنة والنار كما قال تعالى { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)}وقال {لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97) }ولهذا قال هاهنا { إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ-أي يكذبون بها ويستبعدون وقوعها - زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ }أي حسّنا لهم ما هم فيه ومددنا لهم في غيّهم فهم يَتِيهون في ضلالهم وكان هذا جزاء على ما كذبوا به في الدار الآخرة كما قال تعالى {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110) }[الأنعام ].
{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ } ــ أي في الدنيا والآخرة {وَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ} حتى في الدنيا والله إنهم معذّبون والله ما تطمئن نفوسهم ما هم في راحة ، فهم في بلاء مهما تمتعوا في دنياهم في بلاء ،إنما الخير كل الخير للمؤمن الذي تطمئن قلبه والذي مُعتمِد على الله وواثق به، والله لا سياسة تنفع الكافر والفاجر و المجرم المدبر المجرم لا سياسة تنفعه غيره مثله، هو يَلفّ وغيره يلفّ نعم ، وهو يبرم وغيره يبرم ، وهو يكذب وغيره يكذب ، ويلقى ما يلقاه غيره ، وغيره يلقى من هو هكذا كلها ، هلكة، والخير كله في الصدق والأمانة والإخلاص والتوكل على الله ، الخير في دين الله .
الذي يريد السعادة حقا يلتمسها في تحقيق دين الله ـ عز وجل ـ تحقيق توحيده، والتمسك بكتابه وسنة رسله صلى الله عليه وسلم، هذا وعد الله وكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذكران بذلك ، وأما المغالطات " على نفسها برقش تجني " كما يقولون ، تعود عليك طارق من أنت ــ {وَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ} ـ أي ليس يخسروا أنفسهم وأموالهم سواهم من أهل من الشر وقوله {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } أي يا محمد قال قتادة {لَتُلَقَّى}أي لتأخذ القرآن من لدن حكيم عليم ، أي من عند حكيم عليم ، أي حكيم في أوامره و نواهيه، عليم بالأمور جليلها وحقيرها، مثل خبره هوالصدق المحض ، وحكمه هو العدل التام كما قال تعالى {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا }[ الأنعام :115].
إلى هنا بارك الله فيكم .
قام بتفريغ هذه المادة
أبو إبراهيم مصطفى موقدار
أكادير المملكة المغربية
المادة الصوتية من هنا