إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

:::: تذكير العقلاء بالصبر على البلاء :::

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • :::: تذكير العقلاء بالصبر على البلاء :::

    ::: تذكير العقلاء بالصبر على البلاء :::

    إِن الْحَمد لله نحمده، ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ ، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وَمن سيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا اله إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله.
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران102].*
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}[النساء:01] .
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}[الأحزاب:70-71].
    أما بعد:

    الإبتلاء سُنَّة الله الجارية في خلقه؛*فهناك من يُبتلى بنقمة أو مرض أو ضيق في الرزق أو حتى بنعمة .. فقد قضى الله عزَّ وجلَّ على كل إنسان نصيبه من البــــلاء؛ قال تعالى*{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ**فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}*[الإنسان: 2,3]* .
    فمنهم من سيفهم حكمة الله تعالى في ابتلاءه، فيهون عليه الأمر .. ومنهم من سيجزع ويتسخَّط، فيزداد الأمر سوءًا عليه ..

    يقول العلامة ابن قيم الجوزية :
    كان محمد بن شبرمة إذا نزل به بلاء، قال*"سحابة صيف ثم تنقشع"
    [عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين*(19:2)].

    فكيــــف تنــــال هذا الفضل العظيــــم وتصير من عبــــاد الله الصــابريـــن؟؟

    اعلم إنك لن تتحصل على الصبر إلا بالتدريب قال رسول الله*"..**[متفق عليه]*.
    وعلى قدر استعدادك، يكن صبرك على المشاكل والابتلاءات التي تعتريك في الطريق ..

    فعليك أن تستعد بأخذ الأسباب وخطوات التصبر التالية؛ حتى يهون عليك البلاء وتنال عظيم الثواب:

    أولاً: معرفة الحكمة من البـــلاء ..*فالله سبحانه وتعالى يبتلي ليُهذب لا ليُعذب .. فعليك أن تفهم لماذا يبتليك الله تعالى ..

    1) البلاء في حق المؤمن كفارة وطهور ..*فقد نُبتلي بذنوبنا ومعاصينا؛ كي يُكفِّرها الله عزَّ وجلَّ عنا فلا نقابله بها، ويوم القيامة ستتمنى لو أنه قد أعطاك المزيد من الابتلاءات في الدنيـــا ..

    عن النبي قال*"ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه"*[متفق عليه]*..

    وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله يقول*"ما ابتلى الله عبدًا ببلاء وهو على طريقة يكرهها، إلا جعل الله ذلك البلاء كفارة وطهورا ما لم ينزل ما أصابه من البلاء بغير الله عزَّ وجلَّ أو يدعو غير الله في كشفه"[رواه ابن أبي الدنيا وحسنه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب*(3401)]

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله*"ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة"*[رواه الترمذي وصححه الألباني، صحيح الجامع*(5815)]

    وعن سفيان، قال:*"ليس بفقيه من لم يعد البلاء نعمة، والرخاء مصيبة"*[سير أعلام النبلاء*(13:306)].

    2) البـــلاء دليل حب الله للعبد ..*والمُحِب لا يتضجر من فعل حبيبه أبدًا، قال رسول الله*"إذا أحب الله قومًا ابتلاهم، فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع"*[رواه أحمد وصححه الألباني]*.. وقال رسول الله*"مَنْ يُرِد الله به خيرًا يُصِبْ منه"*[صحيح البخاري ].

    3) البـــلاء يُبلغك المنازل العلا ..*برفقة النبي محمد ، فالعبد تكون له عند الله المنزلة، فما يبلغها بعمل، فما يزال الله يبتليه بما يكره، حتى يبلغه إياها .. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله*"إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها"[رواه أبو يعلى وابن حبان وقال الألباني: حسن صحيح، صحيح الترغيب والترهيب*(3408)]*

    يقول الإمام الذهبي :
    كان شُريح يقول*"إني لأصاب بالمصيبة، فأحمد الله عليها أربع مرات: أحمد إذ لم يكن أعظم منها، وأحمد إذ رزقني الصبر عليها، وأحمد إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو من الثواب، وأحمد إذ لم يجعلها في ديني"*[سير أعلام النبلاء(7:112)]*..

    فلا تستعجب إن رأيت أعداء الله يُمكَّن لهم في الأرض، بينما أهل الإيمان مُستضعفون في كل مكان فقد قال رسول الله*"مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الرياح تصرعها مرة وتعدلها أخرى حتى يأتيه أجله، ومثل المنافق كمثل الأرزة المجذية التي لا يصيبها شيء حتى يكون انجعافها مرة واحدة"*
    [متفق عليه]

    وهكذا يكون حال المؤمن ما بين الابتلاءات ونزول الرحمات حتي يُلاقي الله عزَّ وجلَّ، أما الكافر فإذا أخذه لم يفلته ..

    وكم في البلية من نعمةٍ خفية ..

    وليس معنى هذا أن تتمنى البـــلاء، ولكن عليك أن تسأل الله العفو والعافيــة.

    ثانيًا: تذكَّر أحوال الأشد منك بلاءً ..*فمن يرى بلاء غيره، يهون عليه بلائه ..

    يقول الإمام الألمعي ابن قيم الجوزية :
    قال سلام بن أبى مطيع: دخلت على مريض أعوده، فإذا هو يئن .. فقلت له: اذكر المطروحين على الطريق، اذكر الذين لا مأوى لهم ولا لهم من يخدمهم، قال: ثم دخلت عليه بعد ذلك، فسمعته يقول لنفسه: اذكري المطروحين في الطريق، اذكري من لا مأوى له ولا له من يخدمه.*[عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين*(22:27)]

    يقول الإمام الذهبي :
    وتذكَّر لطف الله تعالى عليك ..*مات ابن لعروة بن الزبير وكان قد بُترت ساقه، فقال رضي الله عنه*"اللهم إن كنت ابتليت فقد عافيت، وإن كنت أخذت فقد أبقيت؛ أخذت عضوًا وأبقيت أعضاء، وأخذت ابنًا وأبقيت أبناء"*[الكبائر للذهبي(1:183)].

    ثالثًا: تلقى البـــلاء بالرضا بقضــاء الله وقدره وهذا من أعظم ما يُعين العبد على المصيبة، قال تعالى*{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}*[الحديد: 22]

    فالبلاء من قدر الله المحتوم، وقدر الله لا يأتي إلا بخيـــر ..*قال ابن مسعود:"لأن أعض على جمرة أو أن أقبض عليها حتى تبرد فى يدى أحب إلى من أن أقول لشيءٍ قضاه الله: ليته لم يكن"*[طريق الهجرتين وباب السعادتين(16:35)].

    عن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله*"ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا"*[رواه مسلم]*.
    فالرضا بقضاء الله يورث حلاوة الإيمان التي تهوِّن من أثر الشوك تحت الأقدام.

    رابعًا: الجزع وعدم الرضا لا ينفعا ..*فالتحسر على المفقود لا يأتي به .
    يقول العلامة ابن الجوزي البغدادي :
    كان يحيي بن معاذ يقول*"يا ابن آدم، ما لك تأسف على مفقود لا يرده عليك الفوت؟!، وما لك تفرح بموجود لا يتركه في يديك الموت؟!"*[صفة الصفوة(2:295)].

    خامسًا: معرفة طبيعة الدنيـــا وأنها دار عنــاء فالدنيـــا بمثابة القنطرة التي تعبر بها إلى الدار الآخرة، فلا تحزن على ما فاتك فيها .

    قال العلامة ابن الجوزي*"أما بعد؛ فإني رأيت عموم الناس ينزعجون لنزول البلاء انزعاجًا يزيد عن الحد، كأنهم ما علموا أن الدنيا على ذا وضعت!
    وهل ينتظر الصحيح إلا السقم؟، والكبير إلا الهرم ؟، والموجود سوى العدم ؟!"
    [تسلية أهل المصائب*(1:71)]

    وقال أيضًا*"ولولا أن الدنيا دار ابتلاء لم تَعْتَوِرْ فيها الأمراضُ والأكدار، ولم يضق العيش فيها على الأنبياء والأخيار ولو خُلِقت الدنيا للذة لم يكن حظّ للمؤمن منها"*
    [موسوعة فقه الابتلاء(4:129)].

    سادسًا: معرفة ثواب الصبر العظيم ..*وحينها يهون عليك كل بــلاء، قال تعالى*{.. إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}*[الزمر: 10]*.

    مات عبد الله بن مطرف، فخرج مطرف على قومه في ثياب حسنة وقد ادهن، فغضبوا وقالوا: يموت عبد الله ثم تخرج في ثياب مثل هذه مدهناً؟!!، قال: "فأستكين لها وقد وعدني ربي تبارك عليها ثلاث خصال كل خصلة منها أحب إلي من الدنيا كلها؟!، قال الله عزَّ وجلَّ*{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}*[البقرة: 156,157]*.
    فأستكين لها بعد هذا؟"*
    [صفة الصفوة(2:132)]

    والصبرُ مثلُ اسمه مُرٌّ مَذَاقُهُ* …* لكنْ عواقبه أحلى من العَسَلِ*

    سابعًا: ثِق بحدوث الفرج من الله سبحانه وتعالى إذا رأيت أمرًا لا تستطيع غيره، فاصبر وانتظر الفرج .. قال تعالى*{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}*[الشرح: 5,6].

    ثامنًا: استعن بالله والجأ إليه واطلب منه المعونة واسأله أن يُلهمك الصبر والرضـــا بقضائه؛ كي يهون عليك البلاء وتنجح في الامتحــان الذي يورثك الجنة إن شاء الله تعالى .. *

    فلابد من التوكل والاستعانة، كي تنال الصبر {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ..}*[النحل: 127].

    تاسعًا: إنما الصبر عند الصدمة الأولى*
    عن أنس قال: مر النبي بامرأة تبكي عند قبر، فقال*"اتقي الله واصبري"، قالت: إليك عني، فأنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه فقيل لها إنه النبي . فأتت باب النبي فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك. فقال*"إنما الصبر عند الصدمة الأولى"*[متفق عليه].

    عاشرًا: ترك التشكي ..*فينبغي أن تحفظ لسانك عن الشكوى لأي أحد، سوى الله عزَّ وجلَّ بُث شكواك إلى مولاك، كما فعل نبي الله يعقوب عليه السلام عندما قال*{قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ }*[يوسف: 86]*.
    يقول الإمام الذهبي :
    وكان ميمون بن مهران يقول*"إِنَّ النَّاسَ يُعَيِّرُوْنَ وَلاَ يَغْفِرُوْنَ، وَالله يَغْفِرُ وَلاَ يُعَيِّرُ"
    [سير أعلام النبلاء(9:81)].


    لمَنْ تشكو يــــا عبد الله؟! هل تشكو الـخـــالق للمخلــوق ؟؟!

    قال الإمام العلامة الألمعي ابن قيم الجوزية :
    رأى بعضهم رجلاً يشكو إلى آخر فاقة وضرورة، فقال : يا هذا! تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟! ثم أنشد :

    وإِذا أَتَتْكَ مصيبة فاصبر لها ... صبر الكريم فإِنه بك أَرحم
    وإِذا شكوت إِلى ابن آدم إِنما ... تشكو الرحيم إِلى الذى لا يرحم
    [مدارج السالكين*(2:161)]

    الحادي عشر: إيـــــاك والغضب عند البــــلاء فإن الغضب ينافي الصبر، قال تعالى*{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ}
    [القلم: 48]

    الثاني عشر: لا تستعجل فوِّض أمرك إلى الله وخذ بالأسباب، ولا تستعجل فكلٌ يأتي بقدر .

    عن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى النبي وهو متوسد بردة في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة، فقلنا: ألا تدعو الله؟، فقعد وهو محمر وجهه وقال*"كان الرجل فيمن كان قبلكم يُحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بمنشار فيوضع فوق رأسه فيشق باثنين فما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون"*[رواه البخاري].

    الثالث عشر: لا تيأس وتستسلم لتثبيط الشيطان لا تيأس مهما كانت شدة البـــلاء، فإنه دائمًا يبدأ كبيرًا ثمَّ يتلاشى وقد قال تعالى*{وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}*[الحجر: 56].

    الرابع عشر: التأمل في قصص الصابرين فأي بلاء قد تتعرض له، فقد تعرض النبي لمحن وابتلاءات أشد منه وكان خير الصابرين والشاكرين والحامدين فتأمل في صبره وصبر الصالحين من قبله وبعده ..

    يقول الإمام العلامة الألمعي ابن القيم الجوزية :
    "يا مخنث العزم أين أنت والطريق؟! .. طريق تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورُمِيَ في النار الخليل، وأضجع للذبح إسماعيل، وبيعَ يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونُشِرَ بالمنشار زكريا، وذُبِحَ السيد الحصور يحيى، وقاسى الضر أيوب، وزاد على المقدار بكاء داوود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد ... وتزهى أنت باللهو واللعب؟!"*
    [الفوائد*(1:42)].

    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    كتبه / أبومقبل أحمد بن نصرالدين العباسي
    8 /ربيع الثاني /1435هـ
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مقبل أحمد العباسي; الساعة 09-02-2014, 02:18 PM.
يعمل...
X