بِسْم اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ
الحمْدُ للهِ الذِي جَعَلَ الرِّبَاطَ في سَبِيلِهِ مِن أَشْرَفِ وأَفْضَلِ الأَعمَالِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى نَبِينَا محمد من شوَّق الصالحين للرباط فقويت عندهم العزائم والآمال، وعلى صحابته وآله من كانوا ذروة المرابطين فهم قدوة الأجيال
أما بعد: فهذه مطوية في فضل الرباط والحراسة في سبيل الله على الثغور والمواقع التي منها تتم المحافظة على بيضة الإسلام وعقيدة الموحدين من كيد الكائدين واعتداء المعتدين، فيرد بغيهم وعدوانهم، متى ما حصل ذلك منهم.
الرباط لغةً: مأخوذ من ربط يربِطُ رَبطاً. والرِّباط: هو الشَّيءُ الذّي يُرْبَطُ به، وجَمْعُه: رُبُط. والرِّباط: ملازمة ثغر العدو، والرجل مرابط. انظر: كتاب العين للفراهيدي [7/422].
تعريف الرباط اصطلاحاً: قَالَ السُّيُوطِيُّ: الرِّبَاطُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ الْخَفِيفَةِ مُلَازَمَةُ الْمَكَانِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ لِحِرَاسَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ.
حكم الرباط: قال سليمان الباجي القرطبي رحمه الله في المنتقى شرح الموطأ [3/162]: وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ الْجِهَادَ لِسَفْكِ دِمَاءِ الْمُشْرِكِينَ، وَالرِّبَاطَ لِحَقْنِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَحَقْنُ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ الْمُشْرِكِينَ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ حِينَ دَخَلَ فِي الْجِهَادِ مَا دَخَلَ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ بِثَغْرٍ مِنْ الثُّغُورِ قَدْ اشْتَدَّ حَتَّى خِيفَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَاسْتُنْفِرُوا لِإِدْرَاكِ ذَلِكَ الثَّغْرِ، فَإِنَّ قَصْدَ ذَلِكَ الثَّغْرِ حِينَئِذٍ يَكُونُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حَقْنَ دِمَاءِ أَهْلِهِ أَفْضَلُ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ الْمُشْرِكِينَ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَقْصِدُ ثَغْرًا مِنْ الثُّغُورِ لِلرِّبَاطِ فِيهِ لَا لِعَدُوٍّ يَتَرَقَّبُ نُزُولَهُ وَيَتْرُكُ الْغَزْوَ إلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ فَقَدْ تَرَكَ الْأَفْضَلَ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ نِكَايَةٌ فِيهِمْ، وَإِهَانَةٌ لَهُمْ، وَفِيهِ مَعَ ذَلِكَ حِفْظٌ لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ نِكَايَةَ الْعَدُوِّ تُضْعِفُهُمْ عَنْ غَزْوِ الْمُسْلِمِينَ.
(فضل الرباط في سبيل الله)
اِعلم وفقك الله: أن الرباط في سبيل الله على الثغور يعتبر من جنس الجهاد للعدو في سبيل الله بل وأفضل من جنس حج بيت الله الحرام، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى [2/445]: الْمُرَابَطَةُ مِنْ جِنْسِ الْجِهَادِ، وَالْمُجَاوَرَةُ مِنْ جِنْسِ الْحَجِّ، وَجِنْسُ الْجِهَادِ أَفْضَلُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ جِنْسِ الْحَجِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التوبة:19-22].اهـ
ومما استدل به ابن تيمية على ما قال: أثر أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لَأَنْ أُرَابِطَ لَيْلَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُومَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ.
قلت: وقد أورده المنذري في الترغيب والترهيب مرفوعاً وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم: [1223]: عن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان في الرباط ففزعوا إلى الساحل ثم قيل: لا بأس، فانصرف الناس ووقف أبو هريرة فمر به إنسان فقال: ما يوقفك يا أبا هريرة؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود) رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي وغيرهما.
إن مثل هذا الحديث مما تعجبت منه، وانبهرت له، بل وأعجبني على الرغم من أنه عُلم عند كثير من الناس أن ليلة القدر أفضل ليلة على الإطلاق، فكيف تكون ساعة في الرباط خير من قيام ليلة القدر في أشرف مكان على وجه الأرض ألا وهو المسجد الحرام، بل وعند الحجر الأسود، وهذا يقتضي بل ويكون من باب أولى أن ليلةً في عبادة الرباط والحراسة أفضل من ليلة القدر، ويؤيد ذلك: ما ثبت عند الحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم ليلة أفضل من ليلة القدر: حارس حرس في أرض خوف لعله أن لا يرجع إلى أهله) صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب
برقم: [1232].
الحمْدُ للهِ الذِي جَعَلَ الرِّبَاطَ في سَبِيلِهِ مِن أَشْرَفِ وأَفْضَلِ الأَعمَالِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى نَبِينَا محمد من شوَّق الصالحين للرباط فقويت عندهم العزائم والآمال، وعلى صحابته وآله من كانوا ذروة المرابطين فهم قدوة الأجيال
أما بعد: فهذه مطوية في فضل الرباط والحراسة في سبيل الله على الثغور والمواقع التي منها تتم المحافظة على بيضة الإسلام وعقيدة الموحدين من كيد الكائدين واعتداء المعتدين، فيرد بغيهم وعدوانهم، متى ما حصل ذلك منهم.
الرباط لغةً: مأخوذ من ربط يربِطُ رَبطاً. والرِّباط: هو الشَّيءُ الذّي يُرْبَطُ به، وجَمْعُه: رُبُط. والرِّباط: ملازمة ثغر العدو، والرجل مرابط. انظر: كتاب العين للفراهيدي [7/422].
تعريف الرباط اصطلاحاً: قَالَ السُّيُوطِيُّ: الرِّبَاطُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ الْخَفِيفَةِ مُلَازَمَةُ الْمَكَانِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ لِحِرَاسَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ.
حكم الرباط: قال سليمان الباجي القرطبي رحمه الله في المنتقى شرح الموطأ [3/162]: وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ الْجِهَادَ لِسَفْكِ دِمَاءِ الْمُشْرِكِينَ، وَالرِّبَاطَ لِحَقْنِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَحَقْنُ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ الْمُشْرِكِينَ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ حِينَ دَخَلَ فِي الْجِهَادِ مَا دَخَلَ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ بِثَغْرٍ مِنْ الثُّغُورِ قَدْ اشْتَدَّ حَتَّى خِيفَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَاسْتُنْفِرُوا لِإِدْرَاكِ ذَلِكَ الثَّغْرِ، فَإِنَّ قَصْدَ ذَلِكَ الثَّغْرِ حِينَئِذٍ يَكُونُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حَقْنَ دِمَاءِ أَهْلِهِ أَفْضَلُ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ الْمُشْرِكِينَ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَقْصِدُ ثَغْرًا مِنْ الثُّغُورِ لِلرِّبَاطِ فِيهِ لَا لِعَدُوٍّ يَتَرَقَّبُ نُزُولَهُ وَيَتْرُكُ الْغَزْوَ إلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ فَقَدْ تَرَكَ الْأَفْضَلَ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ نِكَايَةٌ فِيهِمْ، وَإِهَانَةٌ لَهُمْ، وَفِيهِ مَعَ ذَلِكَ حِفْظٌ لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ نِكَايَةَ الْعَدُوِّ تُضْعِفُهُمْ عَنْ غَزْوِ الْمُسْلِمِينَ.
(فضل الرباط في سبيل الله)
اِعلم وفقك الله: أن الرباط في سبيل الله على الثغور يعتبر من جنس الجهاد للعدو في سبيل الله بل وأفضل من جنس حج بيت الله الحرام، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى [2/445]: الْمُرَابَطَةُ مِنْ جِنْسِ الْجِهَادِ، وَالْمُجَاوَرَةُ مِنْ جِنْسِ الْحَجِّ، وَجِنْسُ الْجِهَادِ أَفْضَلُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ جِنْسِ الْحَجِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التوبة:19-22].اهـ
ومما استدل به ابن تيمية على ما قال: أثر أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لَأَنْ أُرَابِطَ لَيْلَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُومَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ.
قلت: وقد أورده المنذري في الترغيب والترهيب مرفوعاً وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم: [1223]: عن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان في الرباط ففزعوا إلى الساحل ثم قيل: لا بأس، فانصرف الناس ووقف أبو هريرة فمر به إنسان فقال: ما يوقفك يا أبا هريرة؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود) رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي وغيرهما.
إن مثل هذا الحديث مما تعجبت منه، وانبهرت له، بل وأعجبني على الرغم من أنه عُلم عند كثير من الناس أن ليلة القدر أفضل ليلة على الإطلاق، فكيف تكون ساعة في الرباط خير من قيام ليلة القدر في أشرف مكان على وجه الأرض ألا وهو المسجد الحرام، بل وعند الحجر الأسود، وهذا يقتضي بل ويكون من باب أولى أن ليلةً في عبادة الرباط والحراسة أفضل من ليلة القدر، ويؤيد ذلك: ما ثبت عند الحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم ليلة أفضل من ليلة القدر: حارس حرس في أرض خوف لعله أن لا يرجع إلى أهله) صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب
برقم: [1232].
- ومن فضائله أنه خير من الدنيا وما فيها: فقد جاء عن سهل بن سعد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رباط يوم في سبيل الله، خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها) متفق عليه.
- ومن فضائله: أن رباطَ يومٍ وليلة خيرٌ من صيامِ شهرٍ وقيامهِ، فقد جاء عن سلمانَ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: (رباطُ يومٍ وليلةٍ خيرٌ من صيامِ شهرٍ وقيامهِ، وإن ماتَ فيه جرى عليه عمله الذي كان يعملُ، وأجريَ عليهِ رزقهُ، وأمِنَ منَ الفتانِ) رواه مسلم.
- بومن فضائل الرباط: أن عمله يستمرُ أجره بعد موته،ل ويؤمن فتنة الملكين في قبره، كما تقدم في حديث سلمان، وثبت نحوه من حديث فضالة بن عبيدٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كلُ ميتٍ يختمُ على عملهِ إلا المرابطَ في سبيلِ اللهِ فإنه يُنمى لهُ عملهُ إلى يومِ القيامةِ، ويؤمن من فتنةِ القبرِ) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وصححه ابن حبان الحاكم.
قلت: وصححه الألباني رحمه الله في الترغيب والترهيب
برقم: (1218) وهو في الصحيح المسند برقم: (1057).
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلُّ عملٍ ينقطع عن صاحبه إذا ماتَ، إلا المرابط في سبيل الله فإنه يُنمى لهُ عمله، ويجرى عليه رزقه إلى يومِ القيامةِ) رواه الطبراني في الكبير بإسنادين رواة أحدهما ثقات،
قال الألباني في الترغيب والترهيب برقم (1220): حسن صحيح.
برقم: (1218) وهو في الصحيح المسند برقم: (1057).
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلُّ عملٍ ينقطع عن صاحبه إذا ماتَ، إلا المرابط في سبيل الله فإنه يُنمى لهُ عمله، ويجرى عليه رزقه إلى يومِ القيامةِ) رواه الطبراني في الكبير بإسنادين رواة أحدهما ثقات،
قال الألباني في الترغيب والترهيب برقم (1220): حسن صحيح.
- ومن فضائل الرباطِ في سبيلِ اللهِ: أنَّ صاحِبَهُ إذا رابط شهراً كان ذلك خيرًا له من صيامِ دهرٍ، بل وأمنَ من الفزع الأكبر، وجيء له برزقٍ وريحٍ من الجنة، فقد ثبت عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رباطُ شهرٍ خيرٌ من صيامِ دهرٍ، ومن مَّاتَ مرابطاً في سبيلِ اللهِ أمن من الفزع الأكبرِ، وغُديَ عليهِ برزقهِ وريحٍ من الجنَّةِ، ويجري عليه أجرُ المرابطِ حتى يبعَثَهُ اللهُ عزَّ وجل) رواه الطبراني ورواته ثقات.
قال الألباني رحمه الله في صحيح الجامع برقم (3479 ): صحيح.
- ومن فضائله: أن ألفَ يومٍ بغير رباطٍ لا يعدل يوماً واحداً مع الرباط (الله أكبر)، فقد ثبت عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (رباطُ يومٍ في سبيل الله خيرٌ من ألف يوم فيما سواهُ منَ المنازلِ) رواهُ النسائي والترمذي وقال: حديث حسن غريب، ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم.
قال الألباني في صحيح سنن النسائي برقم (3169): حسن.
- ومن فضائله: أن من جمع بين الرباط الذي صاحبه مستعد لتعزيز إخوانه المجاهدين في أي وقت يحتاج إليه، والإقبال على الله بالعبادة التي منها طلب العلم وهو من أشرف العبادات بل وأفضل من النوافل، حاز على خير معاش، فقد جاء عند مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من خير معاش الناس لهم: رجل يمسك بعنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو فزعة طار على متنه يبتغي القتل أو الموت مظانه. ورجل في غنيمة في ( رأس ) شعفة من هذه الشعاف، أو بطن وادٍ من هذه الأودية، يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين ليس من الناس إلا في خير).
- ومن فضائله: أن المرابط من خير الناس،فعن أم مالك البهزية رضي الله عنها قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنةً فقرَّبها قالت: قلت: يا رسول الله من خير الناس فيها؟ قال: (رجلٌ في ماشيةٍ يؤدي حقها ويعبدُ ربه. ورجلٌ آخذٌ برأس فرسهِ يخيف العدو ويخيفونه) رواه الترمذي، قال الألباني في صحيح الترغيب برقم (1227): صحيح لغيره.
اعلم رحمني الله وإياك:أن الرباط من أعظم الأمور التي يُحمى ويُحرس به الدين، والدماء، والأعراض، والبلدان، فيكفيه شرفاً وفخراً، ولهذا كان سبباً للنجاة من النار على مستوى العين التي تنظر وتحرس العدو, فكيف بباقي البدن، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله) رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب. وقال الألباني في المشكاة برقم (3829): صحيح.
قال المناوي كما في كتابه التيسير بشرح الجامع الصغير [2/151] عند قوله صلى الله عليه وسلم: (عينان لا تمسهما النار): أَي لَا تمس صَاحبهمَا فَعبر بالجزء عَن الْجُمْلَة. اهـ
وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ترى أعينهم النار: عين حرست في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله، وعين كفت عن محارم الله) رواه الطبراني، قال الألباني في صحيح الترغيب برقم (1231): حسن لغيره.
وعن أبي ريحانة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فأتينا ذات يوم على شرف فبتنا عليه فأصابنا برد شديد حتى رأيت من يحفر في الأرض حفرة يدخل فيها ويلقي عليه الجحفة -يعني: الترس- فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس قال: (من يحرسنا الليلة وأدعو له بدعاء يكون فيه فضل؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله! قال: ادنه. فدنا، فقال: من أنت؟ فتسمى له الأنصاري، ففتح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء فأكثر منه, قال أبو ريحانة: فلما سمعت ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أنا رجل آخر، قال: ادنه. فدنوت، فقال: من أنت؟ فقلت: أبو ريحانة، فدعا لي بدعاء وهو دون ما دعا للأنصاري، ثم قال: حرمت النار على عين دمعت أو بكت من خشية الله، وحرمت النار على عين سهرت في سبيل الله عز وجل) رواه أحمد.
قال الألباني في صحيح الترغيب برقم (1234): حسن لغيره.
وعن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه: أنهم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فأطنبوا السير حتى كان عشية فحضرت صلاة الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فارس فقال:
يا رسول الله! إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعت على جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة أبيهم بظعنهم ونعمهم ونسائهم اجتمعوا إلى حنين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: تلك غنيمة المسلمين غداً إن شاء الله تعالى. ثم قال: من يحرسنا الليلة؟ قال أنس بن أبي مرثد الغنوي: أنا يا رسول الله! قال: اركب. فركب فرساً له، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه، ولا نُغرَّن من قبلك الليلة. فلما أصبحنا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصلاه فركع ركعتين ثم قال: هل أحسستم فارسكم؟ قالوا يا رسول الله! ما أحسسناه، فثوب بالصلاة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب، حتى إذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته وسلم قال: أبشروا فقد جاء فارسكم. فجعلنا ننظر إلى خلال الشجر في الشعب فإذا هو قد جاء حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشعب حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحت اطلعت الشعبين كلاهما فنظرت فلم أر أحداً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل نزلت الليلة؟ قال: لا، إلا مصلياً أو قاضي حاجة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أوجبت فلا عليك أن لا تعمل بعدها) رواه النسائي وأبو داود واللفظ له.
قال الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (2259): إسناده صحيح.
قال المنذري رحمه الله: (أوجبت أي: أتيت بفعل أوجب لك الجنة).
وبعد أن عرفت هذا الفضل العظيم والكرامة الكبرى ألا وهي عبادة الرباط والحراسة ينبغي أن لا تتساهل في هذا العمل الصالح والخير العظيم، لا سيما إذا كان الأمر يستوجب منك ذلك؛ لأن الرباط في هذه الأيام صار واجباً عليك؛ لأن المظلومين قد استنصروك والله عز وجل يقول: (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر) [الأنفال: 72]، فعلينا أن نتق الله وأن نستشعر المسؤولية الشرعية التي أوجبها الله علينا، ونضع أنفسنا مكان هؤلاء المظلومين، حتى نعرف ضرورة وأهمية الحاجة للنصرة والله المستعان.
علماً أن من أراد التماس الخير العظيم من هذه العبادة الجليلة المبينة في هذه الأحاديث فليبادر مسرعاً في هذه الأيام قبل أن تفوته الفرصة، فإننا والله نرى راية النصر على الحوثي بدأت ترفرف، وشمسه بدأت تغرب، وبدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة -ولله الحمد والمنة-.
فهل من مشمر إلى ميادين الشرف والبطولة، ومواطن العز والرجولة؟ جبهات القوة والقهر -بإذن الله- لكل من تسول له نفسه الوقوف أمام دعوة الله التي فاز بشرفها أهل السنة والجماعة.
فائدة: إن مما حظي به أهل السنة مع عبادة الرباط، عبادة طلب العلم وما ذاك والله إلا نورٌ على نور وجلب لسعادة الدارين -ولله الحمد والمنة-.
قال الحافظ ابن حجر في بداية مقدمته للفتح: (أما بعد: فإن أولى ما صرفت فيه نفائس الأيام، وأعلى ما خص بمزيد الاهتمام: الاشتغال بالعلوم الشرعية المتلقاة عن خير البرية، ولا يرتاب عاقل في أن مدارها على كتاب الله المقتفى، وسنة نبيه المصطفى، وأن باقي العلوم إما آلات لفهمهما، وهي: الضالة المطلوبة، أو أجنبية عنهما وهي: الضارة المغلوبة) ا.هـ
فالله الله لتعطي رعاك الله كل شيءٍ حقه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة -زاد في رواية: وعبد القطيفة- إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع) رواه البخاري.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: انظر: الأول: عبد خميصة وخميلة، أما الثاني: ما يبالي بنفسه، أهم شيء عنده هو عبادة الله ورضا الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الساقة كان في الساقة، يعني معناه: أنه لا يبالي أية منزلة ينزلها إذا كانت فيها مصلحة الجهاد فإنه يكون فيها، هذا هو الذي ربح الدنيا والآخرة. فالحاصل: أن من الناس من يشرك بالله وهو لا يعلم، وأنت يا أخي إذا رأيت الدنيا قد ملأت قلبك، وأنه ليس لك هم إلا هي، تنام عليها وتستيقظ عليها، فاعلم: أن في قلبك شركاً؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (تعس عبد الدينار) ويدل لهذا أنه يحرص على الحصول على المال سواء بالحلال أو بالحرام، والذي يعبد الله حقًّا لا يمكن أن يأخذ المال بالحرام إطلاقًا؛ لأن الحرام فيه سخط الله، والحلال فيه رضا الله عز وجل، والإنسان الذي يعبد الله حقًّا يقول: لا يمكن أن آخذ المال إلا بطريقة، ولا أصرفه إلا بطريقة) ا.هـ
كتبه بأرض وائلة:
أبوبلال
مصطفى بن محمد بن علي النعمي
(غفر الله له)
14/صفر/1435هـ
للتحميل بصيغة وورد من هنا
قال المناوي كما في كتابه التيسير بشرح الجامع الصغير [2/151] عند قوله صلى الله عليه وسلم: (عينان لا تمسهما النار): أَي لَا تمس صَاحبهمَا فَعبر بالجزء عَن الْجُمْلَة. اهـ
وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ترى أعينهم النار: عين حرست في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله، وعين كفت عن محارم الله) رواه الطبراني، قال الألباني في صحيح الترغيب برقم (1231): حسن لغيره.
وعن أبي ريحانة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فأتينا ذات يوم على شرف فبتنا عليه فأصابنا برد شديد حتى رأيت من يحفر في الأرض حفرة يدخل فيها ويلقي عليه الجحفة -يعني: الترس- فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس قال: (من يحرسنا الليلة وأدعو له بدعاء يكون فيه فضل؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله! قال: ادنه. فدنا، فقال: من أنت؟ فتسمى له الأنصاري، ففتح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء فأكثر منه, قال أبو ريحانة: فلما سمعت ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أنا رجل آخر، قال: ادنه. فدنوت، فقال: من أنت؟ فقلت: أبو ريحانة، فدعا لي بدعاء وهو دون ما دعا للأنصاري، ثم قال: حرمت النار على عين دمعت أو بكت من خشية الله، وحرمت النار على عين سهرت في سبيل الله عز وجل) رواه أحمد.
قال الألباني في صحيح الترغيب برقم (1234): حسن لغيره.
وعن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه: أنهم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فأطنبوا السير حتى كان عشية فحضرت صلاة الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فارس فقال:
يا رسول الله! إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعت على جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة أبيهم بظعنهم ونعمهم ونسائهم اجتمعوا إلى حنين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: تلك غنيمة المسلمين غداً إن شاء الله تعالى. ثم قال: من يحرسنا الليلة؟ قال أنس بن أبي مرثد الغنوي: أنا يا رسول الله! قال: اركب. فركب فرساً له، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه، ولا نُغرَّن من قبلك الليلة. فلما أصبحنا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصلاه فركع ركعتين ثم قال: هل أحسستم فارسكم؟ قالوا يا رسول الله! ما أحسسناه، فثوب بالصلاة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب، حتى إذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته وسلم قال: أبشروا فقد جاء فارسكم. فجعلنا ننظر إلى خلال الشجر في الشعب فإذا هو قد جاء حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشعب حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحت اطلعت الشعبين كلاهما فنظرت فلم أر أحداً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل نزلت الليلة؟ قال: لا، إلا مصلياً أو قاضي حاجة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أوجبت فلا عليك أن لا تعمل بعدها) رواه النسائي وأبو داود واللفظ له.
قال الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (2259): إسناده صحيح.
قال المنذري رحمه الله: (أوجبت أي: أتيت بفعل أوجب لك الجنة).
وبعد أن عرفت هذا الفضل العظيم والكرامة الكبرى ألا وهي عبادة الرباط والحراسة ينبغي أن لا تتساهل في هذا العمل الصالح والخير العظيم، لا سيما إذا كان الأمر يستوجب منك ذلك؛ لأن الرباط في هذه الأيام صار واجباً عليك؛ لأن المظلومين قد استنصروك والله عز وجل يقول: (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر) [الأنفال: 72]، فعلينا أن نتق الله وأن نستشعر المسؤولية الشرعية التي أوجبها الله علينا، ونضع أنفسنا مكان هؤلاء المظلومين، حتى نعرف ضرورة وأهمية الحاجة للنصرة والله المستعان.
علماً أن من أراد التماس الخير العظيم من هذه العبادة الجليلة المبينة في هذه الأحاديث فليبادر مسرعاً في هذه الأيام قبل أن تفوته الفرصة، فإننا والله نرى راية النصر على الحوثي بدأت ترفرف، وشمسه بدأت تغرب، وبدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة -ولله الحمد والمنة-.
فهل من مشمر إلى ميادين الشرف والبطولة، ومواطن العز والرجولة؟ جبهات القوة والقهر -بإذن الله- لكل من تسول له نفسه الوقوف أمام دعوة الله التي فاز بشرفها أهل السنة والجماعة.
فائدة: إن مما حظي به أهل السنة مع عبادة الرباط، عبادة طلب العلم وما ذاك والله إلا نورٌ على نور وجلب لسعادة الدارين -ولله الحمد والمنة-.
قال الحافظ ابن حجر في بداية مقدمته للفتح: (أما بعد: فإن أولى ما صرفت فيه نفائس الأيام، وأعلى ما خص بمزيد الاهتمام: الاشتغال بالعلوم الشرعية المتلقاة عن خير البرية، ولا يرتاب عاقل في أن مدارها على كتاب الله المقتفى، وسنة نبيه المصطفى، وأن باقي العلوم إما آلات لفهمهما، وهي: الضالة المطلوبة، أو أجنبية عنهما وهي: الضارة المغلوبة) ا.هـ
فالله الله لتعطي رعاك الله كل شيءٍ حقه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة -زاد في رواية: وعبد القطيفة- إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع) رواه البخاري.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: انظر: الأول: عبد خميصة وخميلة، أما الثاني: ما يبالي بنفسه، أهم شيء عنده هو عبادة الله ورضا الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الساقة كان في الساقة، يعني معناه: أنه لا يبالي أية منزلة ينزلها إذا كانت فيها مصلحة الجهاد فإنه يكون فيها، هذا هو الذي ربح الدنيا والآخرة. فالحاصل: أن من الناس من يشرك بالله وهو لا يعلم، وأنت يا أخي إذا رأيت الدنيا قد ملأت قلبك، وأنه ليس لك هم إلا هي، تنام عليها وتستيقظ عليها، فاعلم: أن في قلبك شركاً؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (تعس عبد الدينار) ويدل لهذا أنه يحرص على الحصول على المال سواء بالحلال أو بالحرام، والذي يعبد الله حقًّا لا يمكن أن يأخذ المال بالحرام إطلاقًا؛ لأن الحرام فيه سخط الله، والحلال فيه رضا الله عز وجل، والإنسان الذي يعبد الله حقًّا يقول: لا يمكن أن آخذ المال إلا بطريقة، ولا أصرفه إلا بطريقة) ا.هـ
كتبه بأرض وائلة:
أبوبلال
مصطفى بن محمد بن علي النعمي
(غفر الله له)
14/صفر/1435هـ
للتحميل بصيغة وورد من هنا