دماج تنادي انصروني
ولا تخذلوني
كتبه :
أبو عبد الرحمن سمير بن بشير
البرايجي الجزائري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله، القائل في كتابه العزيز: { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَـٰدُ } غافر: ٥١ ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الحق المبين، نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده .وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله الصادق الأمين وحبيب رب العالمين الذي جاهد في الله حتى أتاه اليقين من ربه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديهم إلى يوم لقاء رب العالمين.
وبعد:
فلا يخفى عليكم أيها المسلمون عباد الله ما يحصل لإخوانكم أهل السنة والجماعة السلفيين في اليمن في محافظة صعدة بمنطقة دماج حرسها الله من كيد الكائدين ومكر الماكرين وحقد الحاقدين وحسد الحاسدين من قبل الرافضة الحوثيين الزنادقة الكفار المنافقين عملة أعداء الإسلام والمسلمين من البغي والعدوان والظلم على دار الحديث بدماج وأهلها من الطلاب وأصحاب البلاد الذين هم نحو خمسة عشر ألف نسمة أو أكثر من حصارٍ غاشم مطبق مُدمِر سدوا به كل الطرق والاتجاهات والمنافذ له أكثر من خمسين يومًا مُنع فيه إخواننا أهل السنة إدخال الطعام والشراب والأدوية وغير ذلك من القوت والأشياء الضرورية .عم هذا الحصار الرجال والنساء الصغير منهم والكبير حتى البهائم . ولم يكتفوا بهذا الجرم العظيم والفعل الشنيع بل زادوا على ذلك قتل وازهاق أرواح الأبرياء وجرح آخرين وإصابتهم وهدم مساجدهم وبيوتهم ومطاعمهم وإرهابهم وإرعابهم إلى غير ذلك من جرائمهم الفتاكة .
وكان ذلك باستعمالهم لأسلحة متنوعة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة كالدبابات والصواريخ (كاتيوشا) والها ونات والمدافع الميدانية ومضادات الطيران والرشاشات والمعدلات والقناصات النهارية والليلية وغير ذلك من الأسلحة التي بعضها الضرب بها ممنوع دوليًا. وهذا كله يدل على أن هناك يد طويلة تدعمهم من إيران وغيرها وتواطؤ كبير على هذا الفعل الإجرامي البشع الذي لا يقبله دين ولا شرع ولا عقل ولا عرف ولا حقوق إنسانية .
لذلك يجب على المسلمين من أهل اليمن خصوصًا وخارج اليمن عمومًا نصرة ومعاونة إخوانهم أهل السنة والجماعة السلفيين في ذلك المكان المبارك الذي نفع الله به العالم ؛ خصوصًا بعد ما طلبوا النصرة والمساعدة من إخوانهم المسلمين واستنفر وهم وذلك عملًا بالأدلة من كتاب الله وسنة رسوله ن على فهم سلف الأمة وأئمتهم . وسأذكر لك أيها المسلم الكريم بعض الأدلة وأقوال العلماء في ذلك . قال الله عز وجل: { وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِى ٱلدِّينِ فَعَلَيۡڪُمُ ٱلنَّصۡرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۭ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَ?ُم مِّيثَـٰقٌ۬ۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ۬ }الأنفال: ٧٢ ذهب جمع من العلماء رحمهم الله أن الآية تدل على وجوب نصرة ومعاونة المسلمين على الكفار إلى أن يكون لهم ميثاق وليس بين أهل السنة والجماعة في دماج وبين الرافضة الحوثيين الزنادقة الكفار الخونة أية ميثاق .
قال العلامة ابن كثير : في ” تفسيره “ (4/97) يقول تعالى: وإن استنصروكم هؤلاء الأعراب، الذين لم يهاجروا في قتال ديني، على عدو لهم فانصروهم، فإنه واجب عليكم نصرهم؛ لأنهم إخوانكم في الدين، إلا أن يستنصروكم على قوم من الكفار {بينكم وبينهم ميثاق} أي: مهادنة إلى مدة، فلا تخفروا ذمتكم، ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم. وهذا مروي عن ابن عباس، رضي الله عنه. اهـ
وقال البيضاوي : في ” تفسيره “ (3/68)
وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ فواجب عليكم أن تنصروهم على المشركين. إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ عهد فإنه لا ينقض عهدهم لنصرهم عليهم. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. اهـ
وقال النسفي في ” مدارك التنزيل وحقائق التأويل “ (1/659)
{وَإِنِ استنصروكم} أي من أسلم ولم يهاجر {فِي الدين فَعَلَيْكُمُ النصر} أي إن وقع بينهم وبين الكفار قتال وطلبوا معونة فواجب عليكم أن تنصروهم على الكافرين {إِلاَّ على قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مّيثَاقٌ} فإنه لا يجوز لكم نصرهم عليهم لأنهم لا يبتدئون بالقتال إذ الميثاق مانع من ذلك {والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} تحذير عن تعدي حد الشرع . اهـ
وقال أبو مسعود في” إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم “(4/38)
{وَإِنِ استنصروكم في الدين فَعَلَيْكُمُ النصر} فواجبٌ عليكم أن تنصُروهم على المشركين {إِلاَّ على قَوْمٍ} منهم{بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ ميثاق} معاهدةٌ فإنه لا يجوز نقضُ عهدِهم بنصرهم عليهم{والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فلا تخالفوا أمرَه كيلا يحِلَّ بكم عقابُه. اهـ
وقال ابن عجيبة في ” تفسيره “ (2/351)
وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ على المشركين فِي إظهار الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ أي: فواجب عليكم نصرهم وإعانتهم، لئلا يستولي الكفر على الإيمان، إِلَّا عَلى قَوْمٍ كان بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ عهد ومِيثاقٌ، فلا تنقضوا عهدهم بنصرهم، فإن الخيانة ليست من شأن أهل الإيمان. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ لا يخفى عليه مَن أوفى ومن نقض. اهـ
قال أحمد محمد بن علي محمد الكَرَجي القصَّاب في ” النكت الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام “ (1/475 -476):- قوله: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) دليل على وجوب إغاثة الملهوف ونصر المظلوم وإن كان بعيدا. اهـ
وقال الشوكاني : في ” فتح القدير “ (2/375)
وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ أَيْ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا، وَلَمْ يُهَاجِرُوا، إِذَا طَلَبُوا مِنْكُمُ النُّصْرَةَ لَهُمْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ أَيْ: فَوَاجِبٌ عَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا أَنْ يَسْتَنْصِرُوكُمْ عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَلَا تَنْصُرُوهُمْ، وَلَا تَنْقُضُوا الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أُولَئِكَ الْقَوْمِ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّتُهُ .اهـ المقصود
وقال صديق بن حسن خان : في ” نيل المرام من آيات الأحكام “ (1/318)
وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ: أي هؤلاء الذين آمنوا ولا يهاجروا إذا طلبوا منكم النصرة لهم على المشركين.
فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ: أي فواجب عليكم، إِلَّا أن يستنصروكم، عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فلا تنصروهم، ولا تنقضوا العهد الذي بينكم وبين أولئك القوم حتى تنقضي مدته. اهـ
وفي ” الصحيحين “ عن ابن عباس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ: ((لاَ هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ، فَانْفِرُوا)) .
قال أبو السعادات : في ” النهاية “ (5/92):- ((وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا)) الِاسْتِنْفَارُ: الاستِنْجاد والاسْتِنْصار: أَيْ إِذَا طُلِبَ مِنْكُمُ النُّصْرة فأجِيبوا وانْفِرُوا خارِجين إِلَى الْإِعَانَةِ. ونَفِيرُ الْقَوْمِ: جَماعَتُهم الَّذِينَ يَنْفِرُونَ فِي الأمْر. اهـ
وقد أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنصرة المظلوم بل ونصرة حتى الظالم وذلك بنهيه ومنعه عن الظلم كما في ” صحيح البخاري “ عن أنس س ، قال: قال رَسُولُ اللهِ ن: ((انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا))فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: ((تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ، مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ)) .
وفي لفظ آخر له : فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: ((تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ)) .
وفي ” صحيح مسلم “ عَنْ جَابِرٍ بن عبد الله رضي الله عنه ، قَالَ: اقْتَتَلَ غُلَامَانِ غُلَامٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَغُلَامٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَنَادَى الْمُهَاجِرُ أَوِ الْمُهَاجِرُونَ، يَا لَلْمُهَاجِرِينَ وَنَادَى الْأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَارِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((مَا هَذَا دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ)) قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللهِ إِلَّا أَنَّ غُلَامَيْنِ اقْتَتَلَا فَكَسَعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، قَالَ: ((فَلَا بَأْسَ وَلْيَنْصُرِ الرَّجُلُ أَخَاهُ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، إِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ، فَإِنَّهُ لَهُ نَصْرٌ وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ)) .
وفي ” الصحيحين “عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه ، قَالَ: ((أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ القَسَمِ، وَرَدِّ السَّلاَمِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ)) الحديث .
وعند أصحاب السنن غير الترمذي عن عبد الله بن عمرو وجاء بنحوه عن علي و ابن عباس ومعقل بن يسار رضي الله عنهم أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ. يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ ، وَمُتَسَرِّيهِمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ)) .
قال الخطابي : في ” معالم السنن “ (4/17):- قوله وهم يد على من سواهم معناه النصرة والمعونة من بعضهم لبعض. اهـ
وقال : في(2/314):- وقوله وهم يد على من سواهم فإن معنى اليد المعاونة والمظاهرة إذا استنفروا وجب عليهم النفير وإذا استنجدوا انجدوا ولم يتخلفوا ولم يتخاذلوا اهـ
وقال البغوي : في ” شرح السنة “ (10/ 173)
قَوْلُهُ: ((الْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ)) ، فَمَعْنَى الْيَدِ: النُّصْرَةُ، وَالْمَعُونَةُ بِالْمُحَارَبَةِ مَعَ جَمِيعِ أَهْلِ الْمِلَلِ، وَالْمُعَاوَنَةُ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَإِذَا اسْتُنْفِرُوا، فَعَلَيْهِمُ النَّفِيرُ، وَلا يَسَعُهُمُ التَّخَلَّفُ، وَالتَّخَاذُلُ. اهـ
ونصرة أولياء الله المظلومين على أعداء الله ورسوله الكافرين من صفات عباد الله الصالحين كما في قصة ورقة بن نوفل س عندما قال لرسول ن : ((لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا)) الحديث في ” الصحيحين “ بتمامه .
وكانوا يتحالفون في الجاهلية على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم وشهد النبي ن مع عمومته حلف المطيبين فأقره وأثنى عليه وبين أنه لا يحب أن ينكثه وإن كان له حمر النعم . فقد أخرج الإمام أحمد في ” المسند “ (3/193) برقم (1655) بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،قال: ((شَهِدْتُ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ مَعَ عُمُومَتِي وَأَنَا غُلامٌ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ، وَأَنِّي أَنْكُثُهُ)) وأخرجه كذلك في :(3/210)برقم (1676) وأخرجه البخاري في ” الأدب المفرد “ برقم (567) وابن حبان برقم (2062) والحاكم (2/220) وغيرهم وهو في ”الصحيحة“ للعلامة الألباني : (4/524)برقم (1900) .
وحلف المطيِّبين : اجتمعَ بَنُو هَاشِمٍ وبَنُو زُهْرة وتَيْمٌ فِي دارِ ابْنِ جُدْعان فِي الجاهليَّة، وجَعلوا طِيباً فِي جَفْنةٍ وغَمَسوا أَيْدِيَهُمْ فِيهِ، وتحالَفُوا عَلَى التَّناصُر والأخذِ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالم، فسُمُّوا المُطَيَّبِين. اهـ من ” النهاية “ (3/149) .
وأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتمسك بحلف الجاهلية الذي وافق حكم الشرع، وبين ن أنه لم يزده الإسلام وهذا الدين الحنيف إلا حفظا وكرامة ونصرة .ففي ” مسند “ أحمد(5/66) وغيره عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحِلْفِ، فَقَالَ: ((مَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَتَمَسَّكُوا بِهِ، وَلَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ )) . والحديث صحيح بشواهده وهو في ” الصحيحة “ (5/333)برقم (2262)وفي ” صحيح الجامع “ (2/987)برقم (5656) للألباني : .
وفي ” صحيح مسلم “ برقم (2530) وغيره عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً)) . ولا تعارض بين نهيه عن الحلف في الإسلام وبين مدحه بالأمر بالتمسك به .
قال أبو السعادات : في ” النهاية “ (1/424-425)
أَصْلُ الحِلْف: المُعاقَدةُ وَالْمُعَاهَدَةُ عَلَى التَّعاضُد والتَّساعُد وَالِاتِّفَاقِ، فَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى الفِتَن وَالْقِتَالِ بَيْنَ الْقَبَائِلِ والغاراتِ فَذَلِكَ الَّذِي وَرَدَ النَّهْي عَنْهُ فِي الْإِسْلَامِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا حِلْف فِي الْإِسْلَامِ» وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى نَصْر المَظْلوم وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ كَحِلْفِ المُطَيَّبين وَمَا جرى مَجْراه، فذلك الذي قَالَ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْه الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً» يُرِيدُ مِنَ المُعاقدة عَلَى الْخَيْرِ ونصرة الحق، وَبِذَلِكَ يَجْتَمِعُ الْحَدِيثَانِ، وَهَذَا هُوَ الحِلْفُ الَّذِي يَقْتَضِيه الْإِسْلَامُ، والمَمْنُوع مِنْهُ مَا خَالَفَ حُكْم الْإِسْلَامِ. اهـ المقصود
فياليت شعري ألسنا نحن أيها المسلمون أحق وأولى بالتحالف على نصرة إخواننا المظلومين في دماج ونمد لهم بيد العون ونكسر شوكة الرافضة الحوثيين الذين هم كما قال الشيخ الإسلام في ” منهاج السنة “ (5/159):- أَضَرُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ جَمِيعِ الْأَعْدَاءِ . اهـ
والنصرة لإخواننا السلفيين في دماج حرسها الله تكون بالنفير للجهاد في سبيل الله عز وجل وهو أعظم نصرة، والأصل فيه أنه فرض كفاية إذا فعله من تحصل بهم الكفاية من اليمنين سقط الحرج عن الباقين من أهل اليمن وغيرهم، وإن تركوهُ كلُّهُم أثمُوا كُلُّهم. فإن لم يكن في أهل اليمن كفاية وجب على غيرهم من بلدان المسلمين تتميمُ الكفاية .
وتكون النصرة والمعاونة لهم كذلك: بالأموال كأن يجهز غازيًا في سبيل الله إلى أرض كتاف وغيرها من مواقع أهل السنة الذين جاءوا ليفكوا الحصار عن إخوانهم في دماج وله بذلك فضل عظيم وثواب جزيل يقول النبي ن : ((مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا)) متفق عليه عن زيد ابن خالد الجهني رضي الله عنه .
أو يشتري بهذه الأموال الأسلحة و الرصاص والأطعمة و الألبسة والأدوية وما أشبه ذلك لإخواننا في كتاف وغيرها الذين قدموا نصرة لإخوانهم في دماج حرسها الله .
وهاتين النصرتين والمعاونتين تجارة عظيمة مع الله عز وجل تنجيان العبد من العذاب الأليم قال الله تعالى: { يَـٰٓأَيُّ?َا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَـٰرَةٍ۬ تُنجِيكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٍ۬ (١٠) تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٲلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ ذَٲلِكُمۡ خَيۡرٌ۬ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ } الصف : ١٠ – ١١.
وتكون النصرة والمعاونة لهم كذلك: بالدعاء لهم لمن تعذر له الذهاب للقتال في سبيل الله عز وجل بنفسه فإن الدعاء منزلته عظيمة وهو سلاح فتاك قد أهلك الله أممًا بسبب دعاء الصالحين فلا يستهان به ولا ينبغي التقصير فيه، ولا التقليل من شأنه خصوصًا في أوقات الاستجابة.
قال الله تعالى: { وَقَالَ رَبُّڪُمُ ٱدۡعُونِىٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِى سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } غافر: ٦٠ و قال تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِى وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ } البقرة: ١٨٦ و قال تعالى: { ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعً۬ا وَخُفۡيَةًۚ إِنَّهُ ۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ } الأعراف: ٥٥ و قال تعالى:{ أَمَّن يُجِيبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكۡشِفُ ٱلسُّوٓءَ وَيَجۡعَلُڪُمۡ خُلَفَآءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَـٰهٌ۬ مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِيلاً۬ مَّا تَذَڪَّرُونَ } النمل: ٦٢ وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ)) أخرجه مسلم في ” صحيحه “ برقم (482) عن أبي هريرة رضي الله عنه .
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يَنْزِلُ اللهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْمَلِكُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ )) أخرجه البخاري برقم(1145) ومسلم برقم(758) واللفظ لمسلم.
وأنواع النصرة والمعاونة غير ما ذكر كثيرة ولاكن هذه الأنواع اشارة إلى ما عداها والله المستعان.
ولتعلموا معاشر المسلمين وفقكم الله لطاعته أن ضد النصرة: الخَذلُ. فلا يجوز خِذلان إخوانكم في دماج حرسها الله بعدم النصرة والمعاونة لهم بالتخلف عن الجهاد والتخاذل عنه وتخذيل الناس عن القتال والذهاب إلى جبهة كتاف وغيرها من مواقع أهل السنة والجماعة المناصرين؛ فإن هذا مخالف لأدلة الكتاب والسنة وهو من صفات الكفار والمنافقين وهو سبب في كثرة الفتن في الأرض والفساد.
قال تعالى: { يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمۡ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ أَرَضِيتُم بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مِنَ ٱلۡأَخِرَةِۚ فَمَا مَتَـٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فِى ٱلۡأَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (٣٨) إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡڪُمۡ عَذَابًا أَلِيمً۬ا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَڪُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡـًٔ۬اۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ ڪُلِّ شَىۡءٍ۬ قَدِيرٌ } التوبة: ٣٨ - ٣٩ وفي ” صحيح مسلم “ برقم(2564) عن أبي هريرة رضي الله عنه ،قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم : ((لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ)).
قال النووي : في ” شرح مسلم “ (16/130):- وَأَمَّا لَا يَخْذُلُهُ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ الْخَذْلُ تَرْكُ الْإِعَانَةِ وَالنَّصْرِ وَمَعْنَاهُ إِذَا اسْتَعَانَ بِهِ فِي دَفْعِ ظَالِمٍ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ إِعَانَتَهُ إِذَا أَمْكَنَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ. اهـ المقصود
وفي ” مسند “ أحمد (3/322،323-339)وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه،أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِثَ عَشْرَ سِنِينَ يَتَّبِعُ الْحَاجَّ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْمَوْسِمِ وَبِمَجَنَّةٍ وَبِعُكَاظٍ، وَبِمَنَازِلِهِمْ بِمِنًى يَقُولُ: ((مَنْ يُؤْوِينِي، مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَاتِ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّةُ؟ ))، فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَنْصُرُهُ وَيُؤْوِيهِ الحديث بطوله. وهو صحيح وقد صححه الألباني : في ” الصحيحة “ (1/133-134)برقم(63).
وقال تعالى:{ وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِى ٱلدِّينِ فَعَلَيۡڪُمُ ٱلنَّصۡرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۭ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَ?ُم مِّيثَـٰقٌ۬ۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ۬ (٧٢)وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُ?ُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٍۚ إِلَّا تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةٌ۬ فِى ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادٌ۬ ڪَبِيرٌ۬ ۚ } الأنفال: ٧٢ – ٧٣.
فالهاء في قوله تعالى: { إِلَّا تَفۡعَلُوهُ } تعود على النصر والمعنى :إلا تناصروا وتعاونوا، أيها المؤمنون في الدين تكون فتنة في الأرض وفساد كبير.
قال ابن جرير الطبري : في ” تفسيره “ (14/86):- ... وإذ كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ أن أولى التأويلين بقوله: (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ، تأويلُ من قال: إلا تفعلوا ما أمرتكم به من التعاون والنصرة على الدين، تكن فتنة في الأرض ...
وقال إسماعيل حقي بن مصطفى الحنفي في ” روح البيان “ (3/378) في قوله تعالى: { إِلَّا تَفۡعَلُوهُ }:- ... وفيه اشارة الى مساعدة طالب النصرة بأي وجه كان فان تركها يؤدى إلى الخسران وارتفاع الامان وفى الحديث (انصر أخاك ظالما او مظلوما) ونصرة الظالم بنهيه عن الظلم وفى فتاوى ضيخان إذا وقع النفير من قبل الروم فعلى كل من يقدر على القتال أن يخرج الى الغزو إذا ملك الزاد والراحلة ولا يجوز له التخلف الا بعذر بين ...
ولكن نبشر إخواننا أهل السنة والجماعة في دماج وكتاف وغيرهما من مواقع أهل السنة أن هذا التخاذل والتخذيل لا يضرهم أبدًا بل هو راجع على أصحابه بالخزي والعار يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ)) أخرجه البخاري برقم(3641) ومسلم برقم(1037) عن معاوية رضي الله عنه .
وأُبشِرُ إخواني أهل السنة في دماج وغيرها بما بشرهم الله في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين ن أن الله سينصرهم ويمكنهم في الأرض ما داموا مؤمنين بالله متمسكين بكتابه وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الحج: ٣٩ – ٤٠
و قال تعالى : {وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوۡمِهِمۡ فَجَآءُوهُم بِٱلۡبَيِّنَـٰتِ فَٱنتَقَمۡنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجۡرَمُواْۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ } الروم: ٤٧ و قال تعالى : { ذَٲلِكَ وَمَنۡ عَاقَبَ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبَ بِهِۦ ثُمَّ بُغِىَ عَلَيۡهِ لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ۬} الحج: ٦٠ و و قال تعالى : {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَـٰدُ } غافر:٥١ و قال تعالى : {يَـٰٓأَيُّ?َا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ } محمد: ٧
و قال تعالى : {وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِى ٱلۡأَرۡضِ ڪَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَ?ُمُ ٱلَّذِى ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّ?ُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنً۬اۚ يَعۡبُدُونَنِى لَا يُشۡرِكُونَ بِى شَيۡـًٔ۬اۚ وَمَن ڪَفَرَ بَعۡدَ ذَٲلِكَ فَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ } النور: ٥٥ .
وعن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالنُّصْرَةِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ، وَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ)) أخرجه أحمد وابنه في زوائد ” المسند “ (35/144-146-147-148)وابن حبان في ” صحيحه “ (2/132)و الحاكم في ” المستدرك “(4/346)و البيهقي في ” شعب الإيمان “ (9/155-156)و(12/537)ط/مكتبة الرشد قال الحاكم صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ و وافقه الذهبي وصححه العلامة الألباني : في ” أحكام الجنائز “ ص52 و ” صحيح الترغيب “ (1/6)و(2/57)و ” صحيح الجامع “ (1/545).
وفي ” صحيح ابن حبان “ (1/261)وغيره عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ - وهو قرة ابن إياس رضي الله عنه - قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ خِذْلَانُ من خذلهم حتى تقوم الساعة)) وإسناده صحيح وهو في ” صحيح الجامع “ (2/1219) للألباني : .
قال الإمام النووي : في ” شرح مسلم “ (13/66-67):- وَأَمَّا هَذِهِ الطَّائِفَةُ فَقَالَ الْبُخَارِيُّ هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ الْحَدِيثِ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِنَّمَا أَرَادَ أَحْمَدُ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَمَنْ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَدِيثِ قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ مُفَرَّقَةٌ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ شُجْعَانٌ مُقَاتِلُونَ وَمِنْهُمْ فُقَهَاءُ وَمِنْهُمْ مُحَدِّثُونَ وَمِنْهُمْ زُهَّادٌ وَآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفَ وَنَاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَمِنْهُمْ أَهْلُ أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونُوا مُجْتَمَعِينَ بَلْ قَدْ يَكُونُونَ مُتَفَرِّقِينَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ. اهـ
وما أحسن كلام ابن العربي : في ” أحكام القرآن “ (2/440) ونقله عنه القرطبي : في ” تفسيره “ (8/57):- إلَّا أَنْ يَكُونُوا أُسَرَاءَ مُسْتَضْعَفِينَ؛ فَإِنَّ الْوِلَايَةَ مَعَهُمْ قَائِمَةٌ، وَالنُّصْرَةَ لَهُمْ وَاجِبَةٌ بِالْبَدَنِ بِأَلَّا يَبْقَى مِنَّا عَيْنٌ تَطْرِفُ حَتَّى نَخْرُجَ إلَى اسْتِنْقَاذِهِمْ إنْ كَانَ عَدَدُنَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ، أَوْ نَبْذُلَ جَمِيعَ أَمْوَالِنَا فِي اسْتِخْرَاجِهِمْ، حَتَّى لَا يَبْقَى لِأَحَدٍ دِرْهَمٌ كَذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ وَجَمِيعُ الْعُلَمَاءِ: فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ عَلَى مَا حَلَّ بِالْخَلْقِ فِي تَرْكِهِمْ إخْوَانَهُمْ فِي أَسْرِ الْعَدُوِّ، وَبِأَيْدِيهِمْ خَزَائِنُ الْأَمْوَالِ وَفُضُولُ الْأَحْوَالِ وَالْعُدَّةُ وَالْعَدَدُ، وَالْقُوَّةُ وَالْجَلَدُ. اهـ
فلا نامت أعين الجبناء. فو الله وتالله وبالله لا يهدأ لنا بالٌ ولا يقرُ لنا قرارٌ ولا يهنأ لنا عيشٌ حتى يفك الحصار عن إخواننا في دماج فدماؤنا وأنفسنا وأرواحنا وأعراضنا وأموالنا فداك يا دماج وفداكم يا اخوتاه .
فنسأل الله عزوجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ينصر إخواننا أهل السنة في دماج و غيرها وأن يثبت أقدامهم ويربط على قلوبهم ويمددهم بجند من عنده وأسأله سبحانه أن يهلك الرافضة الحوثيين وأن يقتلهم بددا و يحصهم عددا ولا يبقي منهم أحدا .
هذا ونسأله سبحانه أن يوفقنا لطاعته و يرزقنا الشهادة في سبيله ويدخلنا فسيح جناته بمنه وكرمه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
كتبه:
أبو عبد الرحمن سمير بن بشير البرايجي الجزائري
يوم الخميس 25 محرم 1435هـ
رابط التحميل ورد وبي دي آف : هنا
ولا تخذلوني
كتبه :
أبو عبد الرحمن سمير بن بشير
البرايجي الجزائري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله، القائل في كتابه العزيز: { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَـٰدُ } غافر: ٥١ ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الحق المبين، نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده .وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله الصادق الأمين وحبيب رب العالمين الذي جاهد في الله حتى أتاه اليقين من ربه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديهم إلى يوم لقاء رب العالمين.
وبعد:
فلا يخفى عليكم أيها المسلمون عباد الله ما يحصل لإخوانكم أهل السنة والجماعة السلفيين في اليمن في محافظة صعدة بمنطقة دماج حرسها الله من كيد الكائدين ومكر الماكرين وحقد الحاقدين وحسد الحاسدين من قبل الرافضة الحوثيين الزنادقة الكفار المنافقين عملة أعداء الإسلام والمسلمين من البغي والعدوان والظلم على دار الحديث بدماج وأهلها من الطلاب وأصحاب البلاد الذين هم نحو خمسة عشر ألف نسمة أو أكثر من حصارٍ غاشم مطبق مُدمِر سدوا به كل الطرق والاتجاهات والمنافذ له أكثر من خمسين يومًا مُنع فيه إخواننا أهل السنة إدخال الطعام والشراب والأدوية وغير ذلك من القوت والأشياء الضرورية .عم هذا الحصار الرجال والنساء الصغير منهم والكبير حتى البهائم . ولم يكتفوا بهذا الجرم العظيم والفعل الشنيع بل زادوا على ذلك قتل وازهاق أرواح الأبرياء وجرح آخرين وإصابتهم وهدم مساجدهم وبيوتهم ومطاعمهم وإرهابهم وإرعابهم إلى غير ذلك من جرائمهم الفتاكة .
وكان ذلك باستعمالهم لأسلحة متنوعة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة كالدبابات والصواريخ (كاتيوشا) والها ونات والمدافع الميدانية ومضادات الطيران والرشاشات والمعدلات والقناصات النهارية والليلية وغير ذلك من الأسلحة التي بعضها الضرب بها ممنوع دوليًا. وهذا كله يدل على أن هناك يد طويلة تدعمهم من إيران وغيرها وتواطؤ كبير على هذا الفعل الإجرامي البشع الذي لا يقبله دين ولا شرع ولا عقل ولا عرف ولا حقوق إنسانية .
لذلك يجب على المسلمين من أهل اليمن خصوصًا وخارج اليمن عمومًا نصرة ومعاونة إخوانهم أهل السنة والجماعة السلفيين في ذلك المكان المبارك الذي نفع الله به العالم ؛ خصوصًا بعد ما طلبوا النصرة والمساعدة من إخوانهم المسلمين واستنفر وهم وذلك عملًا بالأدلة من كتاب الله وسنة رسوله ن على فهم سلف الأمة وأئمتهم . وسأذكر لك أيها المسلم الكريم بعض الأدلة وأقوال العلماء في ذلك . قال الله عز وجل: { وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِى ٱلدِّينِ فَعَلَيۡڪُمُ ٱلنَّصۡرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۭ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَ?ُم مِّيثَـٰقٌ۬ۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ۬ }الأنفال: ٧٢ ذهب جمع من العلماء رحمهم الله أن الآية تدل على وجوب نصرة ومعاونة المسلمين على الكفار إلى أن يكون لهم ميثاق وليس بين أهل السنة والجماعة في دماج وبين الرافضة الحوثيين الزنادقة الكفار الخونة أية ميثاق .
قال العلامة ابن كثير : في ” تفسيره “ (4/97) يقول تعالى: وإن استنصروكم هؤلاء الأعراب، الذين لم يهاجروا في قتال ديني، على عدو لهم فانصروهم، فإنه واجب عليكم نصرهم؛ لأنهم إخوانكم في الدين، إلا أن يستنصروكم على قوم من الكفار {بينكم وبينهم ميثاق} أي: مهادنة إلى مدة، فلا تخفروا ذمتكم، ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم. وهذا مروي عن ابن عباس، رضي الله عنه. اهـ
وقال البيضاوي : في ” تفسيره “ (3/68)
وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ فواجب عليكم أن تنصروهم على المشركين. إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ عهد فإنه لا ينقض عهدهم لنصرهم عليهم. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. اهـ
وقال النسفي في ” مدارك التنزيل وحقائق التأويل “ (1/659)
{وَإِنِ استنصروكم} أي من أسلم ولم يهاجر {فِي الدين فَعَلَيْكُمُ النصر} أي إن وقع بينهم وبين الكفار قتال وطلبوا معونة فواجب عليكم أن تنصروهم على الكافرين {إِلاَّ على قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مّيثَاقٌ} فإنه لا يجوز لكم نصرهم عليهم لأنهم لا يبتدئون بالقتال إذ الميثاق مانع من ذلك {والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} تحذير عن تعدي حد الشرع . اهـ
وقال أبو مسعود في” إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم “(4/38)
{وَإِنِ استنصروكم في الدين فَعَلَيْكُمُ النصر} فواجبٌ عليكم أن تنصُروهم على المشركين {إِلاَّ على قَوْمٍ} منهم{بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ ميثاق} معاهدةٌ فإنه لا يجوز نقضُ عهدِهم بنصرهم عليهم{والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فلا تخالفوا أمرَه كيلا يحِلَّ بكم عقابُه. اهـ
وقال ابن عجيبة في ” تفسيره “ (2/351)
وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ على المشركين فِي إظهار الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ أي: فواجب عليكم نصرهم وإعانتهم، لئلا يستولي الكفر على الإيمان، إِلَّا عَلى قَوْمٍ كان بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ عهد ومِيثاقٌ، فلا تنقضوا عهدهم بنصرهم، فإن الخيانة ليست من شأن أهل الإيمان. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ لا يخفى عليه مَن أوفى ومن نقض. اهـ
قال أحمد محمد بن علي محمد الكَرَجي القصَّاب في ” النكت الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام “ (1/475 -476):- قوله: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) دليل على وجوب إغاثة الملهوف ونصر المظلوم وإن كان بعيدا. اهـ
وقال الشوكاني : في ” فتح القدير “ (2/375)
وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ أَيْ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا، وَلَمْ يُهَاجِرُوا، إِذَا طَلَبُوا مِنْكُمُ النُّصْرَةَ لَهُمْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ أَيْ: فَوَاجِبٌ عَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا أَنْ يَسْتَنْصِرُوكُمْ عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَلَا تَنْصُرُوهُمْ، وَلَا تَنْقُضُوا الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أُولَئِكَ الْقَوْمِ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّتُهُ .اهـ المقصود
وقال صديق بن حسن خان : في ” نيل المرام من آيات الأحكام “ (1/318)
وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ: أي هؤلاء الذين آمنوا ولا يهاجروا إذا طلبوا منكم النصرة لهم على المشركين.
فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ: أي فواجب عليكم، إِلَّا أن يستنصروكم، عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فلا تنصروهم، ولا تنقضوا العهد الذي بينكم وبين أولئك القوم حتى تنقضي مدته. اهـ
وفي ” الصحيحين “ عن ابن عباس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ: ((لاَ هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ، فَانْفِرُوا)) .
قال أبو السعادات : في ” النهاية “ (5/92):- ((وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا)) الِاسْتِنْفَارُ: الاستِنْجاد والاسْتِنْصار: أَيْ إِذَا طُلِبَ مِنْكُمُ النُّصْرة فأجِيبوا وانْفِرُوا خارِجين إِلَى الْإِعَانَةِ. ونَفِيرُ الْقَوْمِ: جَماعَتُهم الَّذِينَ يَنْفِرُونَ فِي الأمْر. اهـ
وقد أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنصرة المظلوم بل ونصرة حتى الظالم وذلك بنهيه ومنعه عن الظلم كما في ” صحيح البخاري “ عن أنس س ، قال: قال رَسُولُ اللهِ ن: ((انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا))فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: ((تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ، مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ)) .
وفي لفظ آخر له : فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: ((تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ)) .
وفي ” صحيح مسلم “ عَنْ جَابِرٍ بن عبد الله رضي الله عنه ، قَالَ: اقْتَتَلَ غُلَامَانِ غُلَامٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَغُلَامٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَنَادَى الْمُهَاجِرُ أَوِ الْمُهَاجِرُونَ، يَا لَلْمُهَاجِرِينَ وَنَادَى الْأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَارِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((مَا هَذَا دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ)) قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللهِ إِلَّا أَنَّ غُلَامَيْنِ اقْتَتَلَا فَكَسَعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، قَالَ: ((فَلَا بَأْسَ وَلْيَنْصُرِ الرَّجُلُ أَخَاهُ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، إِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ، فَإِنَّهُ لَهُ نَصْرٌ وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ)) .
وفي ” الصحيحين “عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه ، قَالَ: ((أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ القَسَمِ، وَرَدِّ السَّلاَمِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ)) الحديث .
وعند أصحاب السنن غير الترمذي عن عبد الله بن عمرو وجاء بنحوه عن علي و ابن عباس ومعقل بن يسار رضي الله عنهم أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ. يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ ، وَمُتَسَرِّيهِمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ)) .
قال الخطابي : في ” معالم السنن “ (4/17):- قوله وهم يد على من سواهم معناه النصرة والمعونة من بعضهم لبعض. اهـ
وقال : في(2/314):- وقوله وهم يد على من سواهم فإن معنى اليد المعاونة والمظاهرة إذا استنفروا وجب عليهم النفير وإذا استنجدوا انجدوا ولم يتخلفوا ولم يتخاذلوا اهـ
وقال البغوي : في ” شرح السنة “ (10/ 173)
قَوْلُهُ: ((الْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ)) ، فَمَعْنَى الْيَدِ: النُّصْرَةُ، وَالْمَعُونَةُ بِالْمُحَارَبَةِ مَعَ جَمِيعِ أَهْلِ الْمِلَلِ، وَالْمُعَاوَنَةُ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَإِذَا اسْتُنْفِرُوا، فَعَلَيْهِمُ النَّفِيرُ، وَلا يَسَعُهُمُ التَّخَلَّفُ، وَالتَّخَاذُلُ. اهـ
ونصرة أولياء الله المظلومين على أعداء الله ورسوله الكافرين من صفات عباد الله الصالحين كما في قصة ورقة بن نوفل س عندما قال لرسول ن : ((لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا)) الحديث في ” الصحيحين “ بتمامه .
وكانوا يتحالفون في الجاهلية على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم وشهد النبي ن مع عمومته حلف المطيبين فأقره وأثنى عليه وبين أنه لا يحب أن ينكثه وإن كان له حمر النعم . فقد أخرج الإمام أحمد في ” المسند “ (3/193) برقم (1655) بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،قال: ((شَهِدْتُ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ مَعَ عُمُومَتِي وَأَنَا غُلامٌ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ، وَأَنِّي أَنْكُثُهُ)) وأخرجه كذلك في :(3/210)برقم (1676) وأخرجه البخاري في ” الأدب المفرد “ برقم (567) وابن حبان برقم (2062) والحاكم (2/220) وغيرهم وهو في ”الصحيحة“ للعلامة الألباني : (4/524)برقم (1900) .
وحلف المطيِّبين : اجتمعَ بَنُو هَاشِمٍ وبَنُو زُهْرة وتَيْمٌ فِي دارِ ابْنِ جُدْعان فِي الجاهليَّة، وجَعلوا طِيباً فِي جَفْنةٍ وغَمَسوا أَيْدِيَهُمْ فِيهِ، وتحالَفُوا عَلَى التَّناصُر والأخذِ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالم، فسُمُّوا المُطَيَّبِين. اهـ من ” النهاية “ (3/149) .
وأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتمسك بحلف الجاهلية الذي وافق حكم الشرع، وبين ن أنه لم يزده الإسلام وهذا الدين الحنيف إلا حفظا وكرامة ونصرة .ففي ” مسند “ أحمد(5/66) وغيره عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحِلْفِ، فَقَالَ: ((مَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَتَمَسَّكُوا بِهِ، وَلَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ )) . والحديث صحيح بشواهده وهو في ” الصحيحة “ (5/333)برقم (2262)وفي ” صحيح الجامع “ (2/987)برقم (5656) للألباني : .
وفي ” صحيح مسلم “ برقم (2530) وغيره عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً)) . ولا تعارض بين نهيه عن الحلف في الإسلام وبين مدحه بالأمر بالتمسك به .
قال أبو السعادات : في ” النهاية “ (1/424-425)
أَصْلُ الحِلْف: المُعاقَدةُ وَالْمُعَاهَدَةُ عَلَى التَّعاضُد والتَّساعُد وَالِاتِّفَاقِ، فَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى الفِتَن وَالْقِتَالِ بَيْنَ الْقَبَائِلِ والغاراتِ فَذَلِكَ الَّذِي وَرَدَ النَّهْي عَنْهُ فِي الْإِسْلَامِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا حِلْف فِي الْإِسْلَامِ» وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى نَصْر المَظْلوم وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ كَحِلْفِ المُطَيَّبين وَمَا جرى مَجْراه، فذلك الذي قَالَ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْه الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً» يُرِيدُ مِنَ المُعاقدة عَلَى الْخَيْرِ ونصرة الحق، وَبِذَلِكَ يَجْتَمِعُ الْحَدِيثَانِ، وَهَذَا هُوَ الحِلْفُ الَّذِي يَقْتَضِيه الْإِسْلَامُ، والمَمْنُوع مِنْهُ مَا خَالَفَ حُكْم الْإِسْلَامِ. اهـ المقصود
فياليت شعري ألسنا نحن أيها المسلمون أحق وأولى بالتحالف على نصرة إخواننا المظلومين في دماج ونمد لهم بيد العون ونكسر شوكة الرافضة الحوثيين الذين هم كما قال الشيخ الإسلام في ” منهاج السنة “ (5/159):- أَضَرُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ جَمِيعِ الْأَعْدَاءِ . اهـ
والنصرة لإخواننا السلفيين في دماج حرسها الله تكون بالنفير للجهاد في سبيل الله عز وجل وهو أعظم نصرة، والأصل فيه أنه فرض كفاية إذا فعله من تحصل بهم الكفاية من اليمنين سقط الحرج عن الباقين من أهل اليمن وغيرهم، وإن تركوهُ كلُّهُم أثمُوا كُلُّهم. فإن لم يكن في أهل اليمن كفاية وجب على غيرهم من بلدان المسلمين تتميمُ الكفاية .
وتكون النصرة والمعاونة لهم كذلك: بالأموال كأن يجهز غازيًا في سبيل الله إلى أرض كتاف وغيرها من مواقع أهل السنة الذين جاءوا ليفكوا الحصار عن إخوانهم في دماج وله بذلك فضل عظيم وثواب جزيل يقول النبي ن : ((مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا)) متفق عليه عن زيد ابن خالد الجهني رضي الله عنه .
أو يشتري بهذه الأموال الأسلحة و الرصاص والأطعمة و الألبسة والأدوية وما أشبه ذلك لإخواننا في كتاف وغيرها الذين قدموا نصرة لإخوانهم في دماج حرسها الله .
وهاتين النصرتين والمعاونتين تجارة عظيمة مع الله عز وجل تنجيان العبد من العذاب الأليم قال الله تعالى: { يَـٰٓأَيُّ?َا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَـٰرَةٍ۬ تُنجِيكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٍ۬ (١٠) تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٲلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ ذَٲلِكُمۡ خَيۡرٌ۬ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ } الصف : ١٠ – ١١.
وتكون النصرة والمعاونة لهم كذلك: بالدعاء لهم لمن تعذر له الذهاب للقتال في سبيل الله عز وجل بنفسه فإن الدعاء منزلته عظيمة وهو سلاح فتاك قد أهلك الله أممًا بسبب دعاء الصالحين فلا يستهان به ولا ينبغي التقصير فيه، ولا التقليل من شأنه خصوصًا في أوقات الاستجابة.
قال الله تعالى: { وَقَالَ رَبُّڪُمُ ٱدۡعُونِىٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِى سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } غافر: ٦٠ و قال تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِى وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ } البقرة: ١٨٦ و قال تعالى: { ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعً۬ا وَخُفۡيَةًۚ إِنَّهُ ۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ } الأعراف: ٥٥ و قال تعالى:{ أَمَّن يُجِيبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكۡشِفُ ٱلسُّوٓءَ وَيَجۡعَلُڪُمۡ خُلَفَآءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَـٰهٌ۬ مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِيلاً۬ مَّا تَذَڪَّرُونَ } النمل: ٦٢ وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ)) أخرجه مسلم في ” صحيحه “ برقم (482) عن أبي هريرة رضي الله عنه .
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يَنْزِلُ اللهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْمَلِكُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ )) أخرجه البخاري برقم(1145) ومسلم برقم(758) واللفظ لمسلم.
وأنواع النصرة والمعاونة غير ما ذكر كثيرة ولاكن هذه الأنواع اشارة إلى ما عداها والله المستعان.
ولتعلموا معاشر المسلمين وفقكم الله لطاعته أن ضد النصرة: الخَذلُ. فلا يجوز خِذلان إخوانكم في دماج حرسها الله بعدم النصرة والمعاونة لهم بالتخلف عن الجهاد والتخاذل عنه وتخذيل الناس عن القتال والذهاب إلى جبهة كتاف وغيرها من مواقع أهل السنة والجماعة المناصرين؛ فإن هذا مخالف لأدلة الكتاب والسنة وهو من صفات الكفار والمنافقين وهو سبب في كثرة الفتن في الأرض والفساد.
قال تعالى: { يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمۡ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ أَرَضِيتُم بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مِنَ ٱلۡأَخِرَةِۚ فَمَا مَتَـٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فِى ٱلۡأَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (٣٨) إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡڪُمۡ عَذَابًا أَلِيمً۬ا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَڪُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡـًٔ۬اۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ ڪُلِّ شَىۡءٍ۬ قَدِيرٌ } التوبة: ٣٨ - ٣٩ وفي ” صحيح مسلم “ برقم(2564) عن أبي هريرة رضي الله عنه ،قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم : ((لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ)).
قال النووي : في ” شرح مسلم “ (16/130):- وَأَمَّا لَا يَخْذُلُهُ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ الْخَذْلُ تَرْكُ الْإِعَانَةِ وَالنَّصْرِ وَمَعْنَاهُ إِذَا اسْتَعَانَ بِهِ فِي دَفْعِ ظَالِمٍ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ إِعَانَتَهُ إِذَا أَمْكَنَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ. اهـ المقصود
وفي ” مسند “ أحمد (3/322،323-339)وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه،أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِثَ عَشْرَ سِنِينَ يَتَّبِعُ الْحَاجَّ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْمَوْسِمِ وَبِمَجَنَّةٍ وَبِعُكَاظٍ، وَبِمَنَازِلِهِمْ بِمِنًى يَقُولُ: ((مَنْ يُؤْوِينِي، مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَاتِ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّةُ؟ ))، فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَنْصُرُهُ وَيُؤْوِيهِ الحديث بطوله. وهو صحيح وقد صححه الألباني : في ” الصحيحة “ (1/133-134)برقم(63).
وقال تعالى:{ وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِى ٱلدِّينِ فَعَلَيۡڪُمُ ٱلنَّصۡرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۭ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَ?ُم مِّيثَـٰقٌ۬ۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ۬ (٧٢)وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُ?ُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٍۚ إِلَّا تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةٌ۬ فِى ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادٌ۬ ڪَبِيرٌ۬ ۚ } الأنفال: ٧٢ – ٧٣.
فالهاء في قوله تعالى: { إِلَّا تَفۡعَلُوهُ } تعود على النصر والمعنى :إلا تناصروا وتعاونوا، أيها المؤمنون في الدين تكون فتنة في الأرض وفساد كبير.
قال ابن جرير الطبري : في ” تفسيره “ (14/86):- ... وإذ كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ أن أولى التأويلين بقوله: (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ، تأويلُ من قال: إلا تفعلوا ما أمرتكم به من التعاون والنصرة على الدين، تكن فتنة في الأرض ...
وقال إسماعيل حقي بن مصطفى الحنفي في ” روح البيان “ (3/378) في قوله تعالى: { إِلَّا تَفۡعَلُوهُ }:- ... وفيه اشارة الى مساعدة طالب النصرة بأي وجه كان فان تركها يؤدى إلى الخسران وارتفاع الامان وفى الحديث (انصر أخاك ظالما او مظلوما) ونصرة الظالم بنهيه عن الظلم وفى فتاوى ضيخان إذا وقع النفير من قبل الروم فعلى كل من يقدر على القتال أن يخرج الى الغزو إذا ملك الزاد والراحلة ولا يجوز له التخلف الا بعذر بين ...
ولكن نبشر إخواننا أهل السنة والجماعة في دماج وكتاف وغيرهما من مواقع أهل السنة أن هذا التخاذل والتخذيل لا يضرهم أبدًا بل هو راجع على أصحابه بالخزي والعار يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ)) أخرجه البخاري برقم(3641) ومسلم برقم(1037) عن معاوية رضي الله عنه .
وأُبشِرُ إخواني أهل السنة في دماج وغيرها بما بشرهم الله في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين ن أن الله سينصرهم ويمكنهم في الأرض ما داموا مؤمنين بالله متمسكين بكتابه وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الحج: ٣٩ – ٤٠
و قال تعالى : {وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوۡمِهِمۡ فَجَآءُوهُم بِٱلۡبَيِّنَـٰتِ فَٱنتَقَمۡنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجۡرَمُواْۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ } الروم: ٤٧ و قال تعالى : { ذَٲلِكَ وَمَنۡ عَاقَبَ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبَ بِهِۦ ثُمَّ بُغِىَ عَلَيۡهِ لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ۬} الحج: ٦٠ و و قال تعالى : {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَـٰدُ } غافر:٥١ و قال تعالى : {يَـٰٓأَيُّ?َا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ } محمد: ٧
و قال تعالى : {وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِى ٱلۡأَرۡضِ ڪَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَ?ُمُ ٱلَّذِى ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّ?ُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنً۬اۚ يَعۡبُدُونَنِى لَا يُشۡرِكُونَ بِى شَيۡـًٔ۬اۚ وَمَن ڪَفَرَ بَعۡدَ ذَٲلِكَ فَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ } النور: ٥٥ .
وعن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالنُّصْرَةِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ، وَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ)) أخرجه أحمد وابنه في زوائد ” المسند “ (35/144-146-147-148)وابن حبان في ” صحيحه “ (2/132)و الحاكم في ” المستدرك “(4/346)و البيهقي في ” شعب الإيمان “ (9/155-156)و(12/537)ط/مكتبة الرشد قال الحاكم صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ و وافقه الذهبي وصححه العلامة الألباني : في ” أحكام الجنائز “ ص52 و ” صحيح الترغيب “ (1/6)و(2/57)و ” صحيح الجامع “ (1/545).
وفي ” صحيح ابن حبان “ (1/261)وغيره عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ - وهو قرة ابن إياس رضي الله عنه - قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ خِذْلَانُ من خذلهم حتى تقوم الساعة)) وإسناده صحيح وهو في ” صحيح الجامع “ (2/1219) للألباني : .
قال الإمام النووي : في ” شرح مسلم “ (13/66-67):- وَأَمَّا هَذِهِ الطَّائِفَةُ فَقَالَ الْبُخَارِيُّ هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ الْحَدِيثِ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إِنَّمَا أَرَادَ أَحْمَدُ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَمَنْ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَدِيثِ قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ مُفَرَّقَةٌ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ شُجْعَانٌ مُقَاتِلُونَ وَمِنْهُمْ فُقَهَاءُ وَمِنْهُمْ مُحَدِّثُونَ وَمِنْهُمْ زُهَّادٌ وَآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفَ وَنَاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَمِنْهُمْ أَهْلُ أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنَ الْخَيْرِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونُوا مُجْتَمَعِينَ بَلْ قَدْ يَكُونُونَ مُتَفَرِّقِينَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ. اهـ
وما أحسن كلام ابن العربي : في ” أحكام القرآن “ (2/440) ونقله عنه القرطبي : في ” تفسيره “ (8/57):- إلَّا أَنْ يَكُونُوا أُسَرَاءَ مُسْتَضْعَفِينَ؛ فَإِنَّ الْوِلَايَةَ مَعَهُمْ قَائِمَةٌ، وَالنُّصْرَةَ لَهُمْ وَاجِبَةٌ بِالْبَدَنِ بِأَلَّا يَبْقَى مِنَّا عَيْنٌ تَطْرِفُ حَتَّى نَخْرُجَ إلَى اسْتِنْقَاذِهِمْ إنْ كَانَ عَدَدُنَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ، أَوْ نَبْذُلَ جَمِيعَ أَمْوَالِنَا فِي اسْتِخْرَاجِهِمْ، حَتَّى لَا يَبْقَى لِأَحَدٍ دِرْهَمٌ كَذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ وَجَمِيعُ الْعُلَمَاءِ: فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ عَلَى مَا حَلَّ بِالْخَلْقِ فِي تَرْكِهِمْ إخْوَانَهُمْ فِي أَسْرِ الْعَدُوِّ، وَبِأَيْدِيهِمْ خَزَائِنُ الْأَمْوَالِ وَفُضُولُ الْأَحْوَالِ وَالْعُدَّةُ وَالْعَدَدُ، وَالْقُوَّةُ وَالْجَلَدُ. اهـ
فلا نامت أعين الجبناء. فو الله وتالله وبالله لا يهدأ لنا بالٌ ولا يقرُ لنا قرارٌ ولا يهنأ لنا عيشٌ حتى يفك الحصار عن إخواننا في دماج فدماؤنا وأنفسنا وأرواحنا وأعراضنا وأموالنا فداك يا دماج وفداكم يا اخوتاه .
فنسأل الله عزوجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ينصر إخواننا أهل السنة في دماج و غيرها وأن يثبت أقدامهم ويربط على قلوبهم ويمددهم بجند من عنده وأسأله سبحانه أن يهلك الرافضة الحوثيين وأن يقتلهم بددا و يحصهم عددا ولا يبقي منهم أحدا .
هذا ونسأله سبحانه أن يوفقنا لطاعته و يرزقنا الشهادة في سبيله ويدخلنا فسيح جناته بمنه وكرمه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
كتبه:
أبو عبد الرحمن سمير بن بشير البرايجي الجزائري
يوم الخميس 25 محرم 1435هـ
رابط التحميل ورد وبي دي آف : هنا