إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كشف السموم الدفينة في الجامعة الإسلامية بالمدينة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كشف السموم الدفينة في الجامعة الإسلامية بالمدينة

    كشف السموم الدفينة
    في الجامعة الإسلامية بالمدينة



    كتبه الفقير إلى الله:
    أبو فيروز عبد الرحمن بن سوكايا الإندونيسي
    الجاوي القدسي آل الطوري عفا الله عنه

    بسم الله الرحمن الرحيم
    مقدمة المؤلف –عفى الله عنه-

    الحمد لله كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد:
    فقد أرسل إلي أخ مفضال رسالة يطلب مني فيها أن أبيّن حكم الدراسة في الجامعة الإسلامية بالمدينة؟
    فمن باب النصح للمسلمين أقول مستعينا بالله:


    الباب الأول: الجامعة الإسلامية الآن مليئة بالمبتدعة

    إن تلك الجامعة الآن مليئة بالحزبيين وسيطر عليها المبتدعة، وإن وجد بعض السلفيين فهم أقلّ القليل، وهم مستضعفون. والحكم ينبني على الأغلب.
    قال الإمام ابن القيم رحمه الله: والأحكام إنما هي للغالب الكثير، والنادر في حكم المعدوم. ("زاد المعاد"/5/ص 378/الرسالة).
    والغالب على الجامعة الإسلامية بالمدينة هم منحرفون.
    ولا تنس أن كينونة أبي الحسن الندوي الجشتي الصوفي عضوا في الجامعة الإسلامية بالمدينة تعتبر اندساساً! قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله: ومن كبار مشايخ التبليغيين أبو الحسن الندوي، وقد ترجم له محمد أسلم في ص22-26 من كتابه المسمى جماعة التبليغ عقيدتها وأفكار مشايخها، وذكر أنه من خلفاء ورفقاء وتلامذة الشيخ محمد إلياس مؤسس جماعة التبليغ. ثم ذكر: الأستاذ أبو الحسن علي الندوي الجشتي الصوفي، وهو من كبار علماء جماعة التبليغ، ومدير دار العلوم الندوة العلماء لكهنو – الهند، وعضو لرابطة العالم الإسلامي، وعضو لمجلس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. اهـ النقل ("القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ" /ص137).
    وقال شيخنا أبو عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله: وهذا رسالة أخينا الشيخ الفاضل محمد بن هادي المدخلي أحد المدرسين في الجامعة الإسلامية مع أخينا الشيخ حسن بن قاسم الريمي -حفظهما الله- إلى شيخنا مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله- قال الأخ حسن في رسالته التي ناقش فيها جملة من كلام الشيخ عبيد عن الجامعة الإسلامية، وأثبت بصفته أحد المتخرجين منها أن الأغلبية والسيطرة في الجامعة الإسلامية للحزبيين، وهذا ما نقله عن فضيلة الشيخ محمد بن هادي أنه قال له: أخْبر الشيخ مقبلا بأن الجامعة الإسلامية ليست بأيدي السلفيين. ("التوضيح" /ص7 /لشيخنا يحيى الحجوري حفظه الله).
    و في الجامعة الإسلامية بالمدينة أحد المدرسين سابقا : الدكتور عبد العزيز القاري وهو الذي صوّر أن أهل السنة ظلموا الصوفية. (راجع "كشف زيف الصوفية" /للشيخ ربيع المدخلي هداه الله /ص13-14).
    ومما يدل على سيطرة المبتدعة عليها: أن الطلاب الجدد لا تُسمح لهم الدراسة فيها إلا بتزكية من عبد المجيد الزنداني، أو أبي الحسن المصري، أو رؤوس جمعية أنصار السنة أو غيرهم من الحزبيين، وأما تزكية الإمام الوادعي أو العلامة الحجوري فلا تقبل.
    وقد أخبرنا بعض الفضلاء الذين دخلوا في المقابلة هناك أنهم لما لم يثنوا على الزنداني وغيرهم من رؤوس الإخوان المسلمين طردوا من الجامعة.
    وقال شيخنا الناصح الأمين حفظه الله: بل هو المعلوم عند كثير من أهل السنة، إن لم يكن أكثرهم سواء ممن يدرس في الجامعة، أو ممن درس فيها أخيرًا، أو اختبر ورد من أجل عدم مناسبة جوابه عن حال بعض الحزبيين الذين يمتحن الطلاب بالسؤال عنهم، فإن أثنى عليه قبلوه، وإن أنكر عليه ردوه، أو من خلال كثرة تزاكي الزنداني وغيره من الإخوان المسلمين وغيرهم من أصحاب جمعية الحكمة والإحسان والتراث وأنصار السنة في السودان وأبي الحسن المصري وغيرهم. وإليك نماذج من ذلك: قال أخونا أحد طلاب العلم حفاظ القرآن الدعاة الأفاضل ما يلي:
    أنا محمد بن مهدي ظافر ، قدر لله أني عزمت على الالتحاق بالجامعة الإسلامية؛ تلبية لطلب والدي الكريمين، فسافرت في سنة 1422هـ في شهر رمضان إلى الجامعة، وكان عندي شروط القبول متوفرة جدًا، حيث من نظر إليها يجزم بعد توفيق الله أنني سأقبل مباشرة بدون تردد؛ من حفظ قرآن، واستفادة طيبة من المراكز السلفية باليمن، وشهادة علمية ثانوية كما يطلبون، ومعدل فوق الثمانين، وغيرها مما يذكرون من شروط القبول في الظاهر، ثم أجريت اختبار القبول فكانت المفاجئة!! أن وجه الدكتور إلي تسعة أسئلة، ستة أسئلة علمية، سؤال في القرآن، وسؤال في العقيدة، وسؤال في التوحيد، وسؤال في الفقه، وسؤال عن الدروس التي درستها في المراكز السلفية باليمن، وسؤال ثقافي عام كما يقولون، وهذه الأسئلة هي التي ينبغي أن يقوَّم الطالب من خلالها، ومن خلالها يقبل أو يرد؛ لو كانت جامعة سلفية بحتة، وخالية من حزبيين وغيرهم، لكن لما كانت على خلاف ما ذُكر، وأخونا الدكتور الذي اختبرني من ضمن الحزبيين الذين فيها، لم يعتبر بإجاباتي المسددة كلها، ورمى بها عرض الحائط، ووجه الأسئلة المعتبرة عنده، ولتكن الأولى تمهيدًا لها، ومن خلال الأسئلة المعتبرة عنده يُقوم الطالب.
    وكان بعد إجابتي عن الأسئلة الستة أظهر لي الدكتور السرور والترحاب الذي عرفت من خلاله أنني قد حُزت على الرتبة الأولى في اختبار القبول لذلك العام، لكنه وجه إلي أسئلته الثلاثة التي من خلالها سيعرف طريقة اتجاهي إليهم أم لا، فقال: ما آخر مجلة قرأتها؟ وكان من حسن حظي -ولله الحمد- أنني قرأت المجلة السلفية في عددها السابع عام 1422هـ فقلت: المجلة السلفية، ثم قال: فما محتوياتها؟ قلت: فيها بيان حال بعض المبطلين؛ كسيد قطب وحسن البناء من فتاوى الألباني وابن باز -رحمهما الله- وإنكار لبعض الأفكار المنحرفة؛ كالفكر الحزبي بقلم المحدث الشيخ أحمد النجمي -حفظه الله- وغيره، فبدأ الدكتور يتغير عليّ ثم قال: فما رأيك عن الجماعات الإسلامية؟ قلت: ماذا تعني الجماعات التي أعايشها في بلادي؟ قال: نعم، فقلت: والله عندنا جماعة الإخوان المسلمون والشيعة وجماعة التبليغ والصوفية والعياذ بالله، وعندنا الدعوة السلفية ولله الحمد، فقال: فما الجماعة التي تراها أنها على الحق؟ قلت: قبل أن أجيبك نجعل الميزان الكتاب والسنة، قال: طيب، قلت: والله ما رأيت جماعة منطلقها الكتاب والسنة ومردها إلى الكتاب والسنة غير الدعوة السلفية.
    ثم وجه إلي السؤال الثالث الذي كان هو الحد الفاصل قال: فما رأيك في الشيخ الزنداني؟، فابتسمت في وجهه متعجبًا من هذا السؤال! فقلت: والله هذا الرجل عنده بعض الهفوات والزلات.
    فنهرني الدكتور!! وأساء الأدب معي، وكأن هذا الجواب عن الزنداني رقية شرعية قرأت على ممسوس، فنهض الدكتور، وقفز من على كرسيه متجهًا بيده إليَّ وقال ها!! ها!! أتسب العلماء، أتجرح علماء الأمة!! فابتسمت في وجهه بعين الحلم، -ولله الحمد والمنة-؛ لأن الحق له طمأنينة على القلب وثبات في اللسان، وقلت: يا فضيلة الدكتور! إن كان هذا الرجل الذي أخبرتني به من العلماء لا مانع من أن تكون عنده هفوات وزلات، فإن العصمة ليس للعلماء وإنما العصمة للأنبياء.
    ثانيًا: هذا الكلام ليس من عندي، أنا طالب علم، هذا كلام شيخنا مقبل، والشيخ فلان وفلان وعددت له من علماء السنة، ثم أردت أن أبين بعض هفوات صاحبنا الزنداني التي تمس بجانب التوحيد والعقيدة؛ إلا أن الدكتور نهرني بشدة، وقال: يكفي! يكفي!!، وأشار بيده بالطرد إلى الباب وقال: تفضل تفضل.
    فقمت مسرورًا -ولله الحمد- معتزًا بعقيدتي ومنهجي الذي يبيض الوجه، ويرفع الرؤوس، ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الملك:22].
    ثم لحقني إلى الباب وقال: ها ها الزنداني من علماء الإخوان. فقلت: نعم، فسكت ومشى، بعد أن رأيته يشطب على درجات أجوبتي الصحيحة، ثم حاولت على إخراج هذه المقابلة، لأريها إخواني السلفيين، عن الجامعة التي قد غُيرت وبُدلت بعد مؤسسها الوالد الحنون الإمام عبد العزيز ابن باز -عليه رحمة الله- ومن كان سائرًا بعده على ذلك، والحمد لله رب العالمين، والله من وراء القصد، وهو على كل شيء شهيد. انتهى.
    قلت: وكم حصل لغير المذكور من السلفيين مثله بما لو جمعت أقوالهم في ذلك لجاءت في جزء مفرد.
    وقال الأخ عبد الباسط السوفي الجزائري: الحمد لله رب العالمين وبعد: فأشهد أني لما تقدمت بالدخول للجامعة الإسلامية سنة 1423هـ أردت أن أتشفع بالدكتور عبد الله المطرفي -مدرس مادة الحديث بالجامعة- لأنه كان رئيس لجنة إفريقيا الخاصة بالمسابقات في الجامعة، ثم فصل، فقال لي: اللجنة الآن كلها حزبية، إلا واحد غير متعصب، ولكنه منهم.
    وكذلك سمعت الشيخ ربيع -حفظه الله- في بيته بالمدينة لما زارها في شعبان 1423هـ يقول: إن الجامعة الإسلامية تحتوي مدرسين حزبيين، لكن المناهج سلفية، ونصح بالدراسة فيها وقال: خذوا المناهج واحذروا الحزبيين. انتهى
    وقال الأخ عادل السياغي: الحمد لله رب العالمين وبعد: فقد استضافنا بعض إخواننا طلبة العلم إلى الجامعة الإسلامية، وإلى سكنه الخاص بهم، وأثناء زيارتي إلى مقر الجامعة أحببت أن أتعرف على شروط الدراسة عندهم، ولم يكن عندي ذلك الوقت شك أنهم يحاربون طلبة العلم، وبخاصة من جاء من دار الحديث بدماج، ولكن قلت في نفسي ليس الخبر كالمعاينة، فذهبت وسألت عن مقر لجنة التسجيل، فلما دخلت إلى صالة الانتظار إذا بي التقي بشاب يمني، عنده أوراقه وتزكياته، فسألت عن شروطهم فقال: أهم شيء تزكية من عالمين مشهورين عندهم، فقلت له أمثال من؟ فقال: أمثال عبد لمجيد الزنداني -الذي هو زعيم الإخوان المسلمين في اليمن- وأبي الحسن المصري، فقلت له: إذا كانت التزكية بك من الشيخ مقبل -رحمه الله- أو الشيخ محمد الإمام، فقال: يأخذون أوراقك ويقولون سنتصل بك، ولكن متى؟ الله يعلم، وربما يردونك من حينه، وإذا أردت القبول سريعًا فأتي بتزكية من أحد الإخوان المسلمين المشهورين عندهم.. انتهى.
    (انتهى النقل من "التوضيح"/لشيخنا/ص3-4).
    وقد صار معروفًا لدى السلفيين في بلدنا أن مندوب المقابلة للجامعة الإسلامية جلّهم –إن لم أقلْ كلهم- من الحزبيين، ونزلوا في مراكز الحزبيين، ولا يقبل إلا من زكاه حزبيو بلدنا. إلا نادر جدا، والنادر لا ينبني عليه حكم. وهذا كله يدل على أن السيطرة للحزبيين ليس للسلفيين كما في البداية.
    وأخبرني الشيخ عبد الحكيم الريمي حفظه الله أنه لما زار الجامعة الإسلامية بالمدينة ودخل في سكن الطلاب وجد أغلبهم إخوانيين وغيرهم من المبتدعة.
    فهذا البيان اليسير كاف في إدانة تلك الجامعة بأنها مليئة بالمبتدعة.

    الباب الثاني: لا يجوز أخذ العلم عند المبتدعة

    إذا علمتم ذلك، فلا تشرع الدراسة عند الجامعة الإسلامية بالمدينة والحالة هذه. قال الله تعالى: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى﴾ [النجم: 29، 30].
    قال الله تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ الله يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ الله جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ [النساء: 140].
    قال الإمام محمد بن أحمد القرطبي رحمه الله: فدلّ بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر، لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم، والرضا بالكفر كفر، قال الله عزوجل: ﴿إنكم إذا مثلهم﴾. فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية.
    وقد روي عن عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه أنه أخذ قوما يشربون الخمر، فقيل له عن أحد الحاضرين: إنه صائم، فحمل عليه الأدب وقرأ هذه الآية ﴿إنكم إذا مثلهم﴾() أي إن الرضا بالمعصية معصية، ولهذا يؤاخذ الفاعل والراضي بعقوبة المعاصي حتى يهلكوا بأجمعهم. وهذه المماثلة ليست في جميع الصفات، ولكنه إلزام شبه بحكم الظاهر من المقارنة، كما قال: * فكل قرين بالمقارن يقتدي *
    وقد تقدم. وإذا ثبت تجنب أصحاب المعاصي كما بينا فتجنب أهل البدع والأهواء أولى.
    ("الجامع لأحكام القرآن"/5 /ص418).
    فالدراسة عند المبتدعة حرام بالإجماع.
    وقال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث إلا أن يكون يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه أو يولد ( به ) على نفسه مضرة في دينه أو دنياه. فإن كان ذلك فقد رخص له في مجانبته وبعده. وربّ صرم جميل خير من مخالطة مؤذية. ("التمهيد"/6 /ص127).
    وقال الإمام ابن بطة رحمه الله: ... مما أجمع على شرحنا له أهل الإسلام وسائر الأمة – إلى قوله:- ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئا مما ذكرناه وهجرانه، والمقت له، وهجران من والاه ونصره وذب عنه وصاحبه، وإن كان الفاعل لذلك يظهر السنة. ("الـشرح والإبانة" /لابن بطة العنكبري/ص65/دار الآثار).
    وقال الإمام أبو عثمان إسماعيل ابن عبد الرحمـن الصابوني - رحمه الله - حاكياً مذهب السلف أهل الحديث: واتفقـوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع، وإذلالهم، وإخزائهم، وإبعادهم، وإقصائهم، والتباعد منهم، ومن مصاحبتهم، ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم. ("عقيدة السلف وأصحاب الحديث" /ص 114/دار المنهاج).
    وقال أبو الحسن الأشعري رحمه الله: وأجمعوا على ذم سائر أهل البدع والتبري منهم، وهو الرافض والخوارج والمرجئة والقدرية، وترك الاختلاط بهم لما روي عن النبي –رضي الله عنه- في ذلك، وما أمر به من الإعراض عنهم في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ [الأنعام : 68] إلخ. ("رسالة إلى أهل الثغر"/ص307-309/مكتبة العلوم والحكم).
    ولا ينبغني التساهل في هذه المسألة والركون إلى قوة الإيمان بأن القلوب ضعيفة والشبهات خطّافة.
    وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سمع بالدجال فلينأ عنه فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات أو لما يبعث به من الشبهات ». (أخرجه أبو داود" رقم (4311) وصححه الإمام الوادعي رحمه الله في "الصحيح المسند" رقم ( 1019)).
    قال الإمام ابن بطة رحمه الله: فالله الله معشر المسلمين، لا يحملن أحدا منكم حسن ظنه بنفسه، وما عهده من معرفته بصحة مذهبه على المخاطرة بدينه في مجالسة بعض أهل هذه الأهواء، فيقول: (أداخله لأناظره، أو لأستخرج منه مذهبه)، فإنهم أشد فتنة من الدجال، وكلامهم ألصق من الجرب، وأحرق للقلوب من اللهب، ولقد رأيت جماعة من الناس كانوا يلعنونهم، ويسبونهم، فجالسوهم على سبيل الإنكار، والردّ عليهم ، فما زالت بهم المباسطة وخفي المكر، ودقيق الكفر حتى صبوا إليهم اهـ. ("الإبانة الكبرى" /تحت رقم (480)).
    وبهذا البيان السلفي ظهر قصر نظر من جعل هجر المبتدعة كدواء المريض فقط فإذا لم ينجع غُيّر بدواء آخر فلا يجوز هجرهم. أفلا يرون أن المرض مرضاً معدياً لا يجوز للأصحاء مقاربته، سواء نجع الدواء أو لم ينجع؟
    وعن أبي هريرة يحدث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: «لا عدوى» .ويحدث مع ذلك: «لا يورد الممرض على المصح». (أخرجه مسلم (2221)).
    وسئل شيخ الإسلام رحمه الله عن رجل مبتلي سكن في دار بين قوم أصحاء، فقال بعضهم : لا يمكننا مجاورتك، ولا ينبغي أن تجاور الأصحاء، فهل يجوز إخراجه ؟
    فأجاب : نعم لهم أن يمنعوه من السكن بين الأصحاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا يورد ممرض على مصح» فنهى صاحب الإبل المرض أن يوردها على صاحب الإبل الصحاح، مع قوله : «لا عدوي ولا طيرة» . وكذلك روي أنه لما قدم مجذوم ليبايعه، أرسل إليه بالبيعة، ولم يأذن له في دخول المدينة . ("مجموع الفتاوى/24 /ص284-285).
    وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: فصل في هديه صلى الله عليه و سلم في التحرز من الأدواء المعدية بطبعها وإرشاده الأصحاء إلى مجانبة أهلها. ثبت في "صحيح مسلم" من حديث جابر بن عبد الله أنه كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي صلى الله عليه و سلم : «ارجع فقد بايعناك». ("زاد المعاد"/4/ص134).
    وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وعندي مخنث فسمعته يقول لعبد الله بن أبي أمية: يا عبد الله أرأيت إن فتح الله عليكم الطائف غدا فعليك بابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يدخلن هؤلاء عليكن». (أخرجه البخاري (4324) ومسلم (2180)).
    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وفي هذه الأحاديث مشروعية إخراج كل من يحصل به التأذي للناس عن مكانه إلى أن يرجع عن ذلك أو يتوب. ("فتح الباري"/10 /ص334).

    الباب الثالث: قول من قال: إن الجامعة تدرس هناك القرآن والسنة

    وأما قول من قال: إن الجامعة تدرس هناك القرآن والسنة، فنحن نأخذ الدليل!
    الجواب مستعيناً بالله:
    لا تظنن المبتدعة يظهرون شرورهم مباشرة، بل عندهم أسلوب في إغواء الناس من حيث لا يشعرون.
    وعن مفضل بن مهلهل رحمه الله قال: لو كان صاحب البدعة إذا جلست إليه يحدثك ببدعته حذرته، وفررت منه، ولكنه يحدثك بأحاديث السنة في بدو مجلسه ، ثم يدخل عليك بدعته ، فلعلها تلزم قلبك ، فمتى تخرج من قلبك اهـ. ("الإبانة الكبرى"/للإمام ابن بطة رحمه الله/رقم (399)/ط. الفاروق الحديثية/ بسند حسن).
    وقال الإمام البربهاري رحمه الله: مثل أصحاب البدع مثل العقارب يدفنون رؤوسهم وأبدانهم في التراب ويخرجون أذنابهم فإذا تمكنوا لدغوا وكذلك أهل البدع هم مختفون بين الناس فإذا تمكنوا بلغوا ما يريدون . ("طبقات الحنابلة"/2/ص 44/ترجمة الإمام حسن بن علي البربهاري/دار المعرفة).
    فيا من احترم نفسه وأحبّ سلامتها: فرّ من أهل الغواية فرارك من الأسد، فإن الأمر الدين، وإن المآل إما إلى جنة النعيم، وإما إلى نار الجحيم.
    قال الإمام الحسن البصري رحمه الله: يا ابن آدم، دينك دينك، فإنما هو لحمك ودمك، فإن تسلم فيا لها من راحة ويا لها من نعمة، وإن تكن أخرى فنعوذ بالله فإنما هي نار لا تطفأ وحجر لا تبرد ونفس لا تموت. (أخرجه الإمام الفريابي رحمه الله في "صفات النفاق"/رقم (49) وسنده صحيح).
    فصيانة الدين وسلامة العقيدة أمر ضروري.
    عن أسماء بن خارجة رحمه الله يحدث قال : دخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء ، فقالا : يا أبا بكر نحدثك بحديث ؟ قال : لا. قالا : فنقرأ عليك آية من كتاب الله عز وجل ؟ قال : لا ، لتقومن عني أو لأقومن اهـ. ("الشريعـة"/ ذم الجدال والخصومة/ رقم (114)/ دار الكتاب العربي/وصححه شيخنا أبو عمرو الحجوري حفظه الله).
    واختلاط السني وبدعي يضرّ دين السني.
    بعد أن ذكر قصة الإمام مالك رحمه الله ومبتدع، علق الإمام ابن عثيمين رحمه الله فقال: وهكذا ينبغي لأهل العلم إذا رأوا في صفوفهم مبتدعاً أن يطردوه عن صفوفهم ، لأن المبتدع وجوده في أهل السنة شر ، لأن البدعة مرض كالسرطان لا يرجى برؤه إلا أن يشاء الله ، قوله : ( إلا مبتدعاً ) : يحتمل أنه أراد ( إلا مبتدعاً ) بهذا السؤال أو ( إلا مبتدعاً ) إلا أنك من أهل البدع ، لأن أهل البدع هم الذين يكون دينهم عن المشتبهات من أجل التشويش على الناس، وأياً كان المعنى فهو يدل على أن من هدي السلف طرد المبتدعين عن صفوف المتعلمين. وهكذا ينبغي أن يطردوا عن المجتمع كله وأن يضيق النطاق عليهم حتى لا تنتشر بدعهم. ولا يقال : إن الإنسان حرّ، نعم هو حرّ لكن في حدود الشرع، أما إذا خالف الشرع فإنه يجب أن يضيق عليه ويبين له الحق، فإن رجع إليه فذاك، وإلا عومل بما تقتضيه بدعته من تكفير أو تفسيق. ("شرح العقيدة السفارينية"/1/ص171-172).

    الباب الرابع: أهل السنة والجماعة في غنى عن علوم المبتدعة

    نحن أهل السنة والجماعة في غنى عن علوم المبتدعين المشوبة بالأدران والأوساخ، لأن علماء السنة موجودون في كل زمن.
    عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك». (أخرجه مسلم (1920)).
    وجاء من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه. (أخرجه البخاري (7311) ومسلم (1921)).
    وجاء من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما. (أخرجه البخاري (7312) ومسلم (7031)).
    وجاء من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما. (أخرجه أبو داود (2484) وصححه الإمام الوادعي رحمه الله في "الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين" (1025)).
    قال النووي رحمه الله في شرح (لا تزال طائفة ...): وفي هذا الحديث معجزة ظاهرة فإن هذا الوصف ما زال بحمد الله تعالى من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى الآن ولا يزال حتى يأتي أمر الله المذكور –أي: مجيء الريح تقبض أرواح المؤمنين-. ("شرح النووي على مسلم"/13/ص67).
    وقال الإمام ابن دقيق العيد رَحِمَـهُ اللهُ في شرح خطبة "الإلمام": والأرض لا تخلو من قائم لله بالحجة، والأمة الشريفة لا بد لها من سالك إلى الحق على واضح المحجة، إلى أن يأتي أمر الله في أشراط الساعة الكبرى().
    وقال الإمام ابن القيم رَحِمَـهُ اللهُ: فإن هذه الأمة أكمل الأمم وخير أمة أخرجت للناس ونبيها خاتم النبيين لا نبي بعده فجعل الله العلماء فيها كلما هلك عالم خلقه عالم لئلا تطمس معالم الدين وتخفى أعلامه. ["مفتاح دار السعادة")1/143)].
    وقال رَحِمَـهُ اللهُ:... وهذا لأن الله سبحانه ضمن حفظ حججه وبيناته وأخبر رسول الله ﷺ أنه لا تزال طائفة من أمته على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى قيام الساعة، فلا يزال غرس الله الذين غرسهم في دينه يغرسون العلم في قلوب مَن أهّلهم الله لذلك، وارتضاهم، فيكونوا ورثة لهم كما كانوا هم ورثة لمن قبلهم فلا تنقطع حجج الله والقائم بها من الأرض وفي الأثر المشهور: «لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم بطاعته»() وكان من دعاء بعض من تقدم: (اللهـم اجعلنـي من غرسـك الذين تستعملهم بطاعتك). ولهذا ما أقام الله لهذا الدين من يحفظه ثم قبضه إليه إلا وقد زرع ما علمه من العلم والحكمة إما في قلوب أمثاله وإما في كتب ينتفع بها الناس بعده().
    حتى ولو كان في علم اللغة لا يجوز أخذه من المبتدعة، لأن مفسدة الدراسة عند المبتدعة أعظم من مصلحة حصول العلم منهم.
    قال العلامة محمد الزركشي رحمه الله: دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح. ("البحر المحيط في أصول الفقه"/7/ ص281).
    وقال العلامة علي المرداوي رحمه الله: واعتناء الشارع بدفع المفاسد أشد من جلب المصالح. ("التحبير شرح التحرير"/5/ ص2258).
    وقال الإمام ابن عثيمين رحمه الله: نرى أن الإنسان لا يجلس إلى أهل البدع والأهواء مطلقاً، حتى إن كان لا يجد علم العربية والبلاغة والصرف إلا فيهم، فسيجعل الله له خيراً منه، لأنا كوننا نأتي لهؤلاء ونتردد إليهم، لا شكّ أنه يوجب غرورهم، واغترار الناس بهم. ("شرح حلية طلب العلم"/ص90/ط. دار العقيدة).
    ولو فرض خلو الزمن من عالم سني، فلنكتف بأشرطة العلماء وكتبهم وطلابهم المستقيمين الموجودين ففي ذلك غنى وخير كثير، ولله الحمد.
    والله تعالى أعلم بالصواب، والحمد لله رب العالمين.
    صنعاء، 20 جمادى الأولى 1436 هـ.
يعمل...
X