بسم الله الرحمن الرحيم
(تحذير ذوي الفطن من دعاة الخوارج والفتن)
الحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد القائل ( إن بين يدي الساعة سنوات خداعة يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين ويتكلم الرويبضة قيل يارسول الله : ما الرويبضة : قال الفويسق يتكلم في أمر العامة ). وهذا الحديث علم من أعلام نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم .
يتحقق حيناً بعد حين ونحن في زمن أصبح الكثير من الناس يستقى من الإعلام الذي يهيج ويدعوا الناس إلى الرذيلة وإلا الفساد ومن أعظم الفساد تهييج العامة على ولاة أمور المسلمين وقد أصبح كثير من الناس لا يميز بين من يدعوا إلى الله وبين من يدعوا إلى الإنحطاط وإلى فساد عقائد المسلمين وإلى الخروج على ولاة الامور المسلمين.
فإذا نطق السفيه وجب على أهل الحق إظهار الحق حتى يقل كيد الكائدين وينكسر خبث المرجفين فمن هذا المنطلق أردنا أن نبين ماذا يجب على المسلم نحو ولي أمره تعبداً لله لا تزلفاً فعقيدة أهل السنة بيضاء نقيه من سار عليها نجا ومن تأخر عنها هلك والسلامة كل السلامة بأن يسير المسلم بسير من مضى من سلفنا الصالح.
نسأل الله أن يبصرنا بعيوبنا وأن يعلمنا ديننا إنه جواد كريم.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ج28/390 يجب أن يُعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالإجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض ولا بد لهم عند الإجتماع من رأس حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ) . رواه أبو داود من حديث أبي سعيد وأبي هريرة وروى الأمام أحمد في المسند عن عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم) فأوجب صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الإجتماع القليل العارض في السفر تنبيهاً بذلك على سائر أنواع الإجتماع ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة ولهذا روى : (أن السلطان ظل الله في الأرض) .
ويقال : ستون سنه مع إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بلا سلطان والتجربه تبين ذلك .
ولهذا كان السلف – كالفضيل بن عياض واحمد بن حنبل وغيرهم يقولون لو كان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسلطان .
قال إبن رجب في جامع العلوم والحكم وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا وبها تنتظم مصالح العباد في معاشهم وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم كما قال على بن أبي طالب رضي الله عنه : ( إن الناس لا يصلحهم إلا إمام برً أو فاجر إن كان فاجراً عبد المؤمن فيه ربه وحمل الفاجر فيها أجله ).
وقال الحسن في الأمراء : وهم يلون من أمورنا خمساً الجمعة والجماعة والعيد والثغور والحدود والله لا يستقيم الدين إلا بهم وإن جاروا وظلموا والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون مع أن طاعتهم والله لغيظ وإن فرقتهم لكفر .
وقال عبد الله بن المبارك :
كم يدفع الله بالسلطان معضلة في ديننا رحمةً منه ودنيانا
لولا الخلافة لم تؤمن لنا سبل وكان أضعفنا نهباً لأقوانا
من عقيدة أهل السنة والجماعة عدم الخروج على ولاة أمور المسلمين
قال الإمام الطحاوى في متن العقيدة الطحاوية( ص24) ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ولا ندعو عليهم ولا ننزع يداً من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله عزوجل فريضة مالم يأمروا بمعصية وندعو لهم بالصلاح والمعافاة.
قال إبن أبي العز في شرح الطحاوية( ص 379) شارحاً لما تقدم قال تعالى ) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم ).
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني )) وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف ) وعند البخاري : (ولو لحبشي كأن رأسه زبيبه) وفي الصحيحين أيضاً (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب الله وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) وعن حذيفة ابن اليمان قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت : يارسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال ( نعم " فقلت : هل بعد ذلك الشرمن خير ؟ قال نعم وفيه دخن قال : قلت وما دخنه ؟ قال قوم يسنون بغير سنتي ويهدون بغير هدي تعرف منهم وتنكر فقلت : هل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال نعم : دعاة على أبواب جهنم ما أجابهم إليها قذفوه فيها فقلت : يارسول الله صفهم لنا ؟ يا رسول الله ؟ قال : نعم قوم من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا قلت : يارسول الله فما ترى إذا أدركني ذلك ؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم " فقلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال فأعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعظ على أًصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك) .
وعن إبن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من رأي من أميره شيئأً يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات فميتته جاهلية ) . وفي رواية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا بويع لخليفتين فأقتلوا الآخر منهما ).
وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (: خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم فقلنا : (يارسول الله أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك ؟ قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة ألا من ولى عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصيته الله ولا ينزعن يداً من طاعة ).
فقد دل الكتاب والسنة على وجوب طاعة أولى الأمر مالم يأمروا بمعصية .
فتأمل قوله تعالى (( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم )) كيف قال (( وأطيعوا الرسول )) ولم يقل : وأطيعوا أولى الأمر منكم ؟ لأن أولي الأمر لا يفردون بالطاعة بل يطاعون فيما هو طاعة لله ورسوله وأعاد الفعل مع الرسول لأن من يطع الرسول فقد أطاع الله بإن الرسول لا يأمر بغير طاعة الله فلا يطاع إلا فيما هو طاعة لله ورسوله وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم بل الصبر على جورهم تكفير السيئات ومضاعفة الأجور .
فإن الله ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا والجزاء من جنس العمل فعلينا الأجتهاد في الإستغفار والتوبة وإصلاح العمل قال تعالى (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير )) وقال تعالى (( أولما أًصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم )).
وقال تعالى (( ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابكم من سيئة فمن نفسك )).
فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم فليتركوا الظلم .
وعن مالك بن دينار أنه جاء في بعض كتب الله :(( أنا الله مالك الملك قلوب الملوك بيدي فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ولكن توبوا أعطفهم عليكم)) .
حكم من أهان ولي أمر المسلمين
أخرج الإمام أحمد رقم (20705) والترمذي رقم (2224) من طريق زياد بن كسيب العدوى عن أبي بكرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من أكرم سلطان الله تبارك الله وتعالى في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة ومن أهان سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أهانه الله يوم القيامة ) قال الترمذي حديث حسن غريب .
وقال العلامة الألباني في الصحيحه رقم (2297)فالحديث حسن عندي .
قال إبن العربي في عارضة الأحوذي ج5/51 والسلطان الغالب بيد أو بحجة وقد جعل الله الخلافة مصلحة في الخلق ونيابة عن الخالق وضابطاً للقانون وكافأ عن الإسترسال بحكم الهوى وتسكيناً لثائرة وثائرة الغوغاء .
وقال المناوى في فيض القدير ج6/37 وهذا خبر أو دعاء مفهومه أن من أهانه أهانه الله .
وقال المباركفوى في تحفة الأحوذي ج6/476 من أهان من أعزه الله وألبسه خلعة السلطنة أهانه الله .
قلت جاء في مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ).
وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن عمرو قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أي المسلمين خير ؟ قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده ).
وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ).
قال النووي في شرح مسلم ج1/341 السب في اللغة الشتم والتكلم في عرض الإنسان بما يعيبه والفسق في اللغة : الخروج والمراد به في الشرع الخروج عن الطاعة . وأما معنى الحديث : فسب المسلم بغير حق حرام بإجماع الأمة وفاعله فاسق كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم .
أقول اعلم من وفقك الله أن الوقيعه في السلطان هي أحدى علامات الخوارج .
قال الأمام البربهاري في شرح السنة( ص113) إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فأعلم أنه صاحب هوى وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فأعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله لقول فضيل بن عياض : لو كانت لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان .
قيل له : يا أبا علي فسر لنا هذا .
قال : إذا جعلتها في نفسي لم تعدٌني وإذا جعلتها في السلطان صلح فصلح بصلاحه العباد والبلاد .
فأمرنا أن ندعوا لهم بالصلاح ولم نؤمر أن ندعو عليهم وإن ظلموا وإن جاروا لأن ظلمهم وجورهم على أنفسهم وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين .
أقول كيف لو رأى سلفنا الصالح أصحاب الأهواء في زماننا اليوم وهم في الشوارع يصرخون ويلعنون ويسبون أئمة المسلمين بل ويهيجون العامة والغوغاء ضدهم في كل بلد فحسبنا الله ونعم الوكيل .
جمعها / فيصل بن يحيى بن مرشد الغولي
إب المعاين-مركز التوحيد
(تحذير ذوي الفطن من دعاة الخوارج والفتن)
الحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد القائل ( إن بين يدي الساعة سنوات خداعة يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين ويتكلم الرويبضة قيل يارسول الله : ما الرويبضة : قال الفويسق يتكلم في أمر العامة ). وهذا الحديث علم من أعلام نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم .
يتحقق حيناً بعد حين ونحن في زمن أصبح الكثير من الناس يستقى من الإعلام الذي يهيج ويدعوا الناس إلى الرذيلة وإلا الفساد ومن أعظم الفساد تهييج العامة على ولاة أمور المسلمين وقد أصبح كثير من الناس لا يميز بين من يدعوا إلى الله وبين من يدعوا إلى الإنحطاط وإلى فساد عقائد المسلمين وإلى الخروج على ولاة الامور المسلمين.
فإذا نطق السفيه وجب على أهل الحق إظهار الحق حتى يقل كيد الكائدين وينكسر خبث المرجفين فمن هذا المنطلق أردنا أن نبين ماذا يجب على المسلم نحو ولي أمره تعبداً لله لا تزلفاً فعقيدة أهل السنة بيضاء نقيه من سار عليها نجا ومن تأخر عنها هلك والسلامة كل السلامة بأن يسير المسلم بسير من مضى من سلفنا الصالح.
نسأل الله أن يبصرنا بعيوبنا وأن يعلمنا ديننا إنه جواد كريم.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ج28/390 يجب أن يُعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالإجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض ولا بد لهم عند الإجتماع من رأس حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ) . رواه أبو داود من حديث أبي سعيد وأبي هريرة وروى الأمام أحمد في المسند عن عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم) فأوجب صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الإجتماع القليل العارض في السفر تنبيهاً بذلك على سائر أنواع الإجتماع ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة ولهذا روى : (أن السلطان ظل الله في الأرض) .
ويقال : ستون سنه مع إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بلا سلطان والتجربه تبين ذلك .
ولهذا كان السلف – كالفضيل بن عياض واحمد بن حنبل وغيرهم يقولون لو كان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسلطان .
قال إبن رجب في جامع العلوم والحكم وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا وبها تنتظم مصالح العباد في معاشهم وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم كما قال على بن أبي طالب رضي الله عنه : ( إن الناس لا يصلحهم إلا إمام برً أو فاجر إن كان فاجراً عبد المؤمن فيه ربه وحمل الفاجر فيها أجله ).
وقال الحسن في الأمراء : وهم يلون من أمورنا خمساً الجمعة والجماعة والعيد والثغور والحدود والله لا يستقيم الدين إلا بهم وإن جاروا وظلموا والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون مع أن طاعتهم والله لغيظ وإن فرقتهم لكفر .
وقال عبد الله بن المبارك :
كم يدفع الله بالسلطان معضلة في ديننا رحمةً منه ودنيانا
لولا الخلافة لم تؤمن لنا سبل وكان أضعفنا نهباً لأقوانا
من عقيدة أهل السنة والجماعة عدم الخروج على ولاة أمور المسلمين
قال الإمام الطحاوى في متن العقيدة الطحاوية( ص24) ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ولا ندعو عليهم ولا ننزع يداً من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله عزوجل فريضة مالم يأمروا بمعصية وندعو لهم بالصلاح والمعافاة.
قال إبن أبي العز في شرح الطحاوية( ص 379) شارحاً لما تقدم قال تعالى ) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم ).
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني )) وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف ) وعند البخاري : (ولو لحبشي كأن رأسه زبيبه) وفي الصحيحين أيضاً (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب الله وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) وعن حذيفة ابن اليمان قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت : يارسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال ( نعم " فقلت : هل بعد ذلك الشرمن خير ؟ قال نعم وفيه دخن قال : قلت وما دخنه ؟ قال قوم يسنون بغير سنتي ويهدون بغير هدي تعرف منهم وتنكر فقلت : هل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال نعم : دعاة على أبواب جهنم ما أجابهم إليها قذفوه فيها فقلت : يارسول الله صفهم لنا ؟ يا رسول الله ؟ قال : نعم قوم من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا قلت : يارسول الله فما ترى إذا أدركني ذلك ؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم " فقلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال فأعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعظ على أًصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك) .
وعن إبن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من رأي من أميره شيئأً يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات فميتته جاهلية ) . وفي رواية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا بويع لخليفتين فأقتلوا الآخر منهما ).
وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (: خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم فقلنا : (يارسول الله أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك ؟ قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة ألا من ولى عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصيته الله ولا ينزعن يداً من طاعة ).
فقد دل الكتاب والسنة على وجوب طاعة أولى الأمر مالم يأمروا بمعصية .
فتأمل قوله تعالى (( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم )) كيف قال (( وأطيعوا الرسول )) ولم يقل : وأطيعوا أولى الأمر منكم ؟ لأن أولي الأمر لا يفردون بالطاعة بل يطاعون فيما هو طاعة لله ورسوله وأعاد الفعل مع الرسول لأن من يطع الرسول فقد أطاع الله بإن الرسول لا يأمر بغير طاعة الله فلا يطاع إلا فيما هو طاعة لله ورسوله وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم بل الصبر على جورهم تكفير السيئات ومضاعفة الأجور .
فإن الله ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا والجزاء من جنس العمل فعلينا الأجتهاد في الإستغفار والتوبة وإصلاح العمل قال تعالى (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير )) وقال تعالى (( أولما أًصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم )).
وقال تعالى (( ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابكم من سيئة فمن نفسك )).
فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم فليتركوا الظلم .
وعن مالك بن دينار أنه جاء في بعض كتب الله :(( أنا الله مالك الملك قلوب الملوك بيدي فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ولكن توبوا أعطفهم عليكم)) .
حكم من أهان ولي أمر المسلمين
أخرج الإمام أحمد رقم (20705) والترمذي رقم (2224) من طريق زياد بن كسيب العدوى عن أبي بكرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من أكرم سلطان الله تبارك الله وتعالى في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة ومن أهان سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أهانه الله يوم القيامة ) قال الترمذي حديث حسن غريب .
وقال العلامة الألباني في الصحيحه رقم (2297)فالحديث حسن عندي .
قال إبن العربي في عارضة الأحوذي ج5/51 والسلطان الغالب بيد أو بحجة وقد جعل الله الخلافة مصلحة في الخلق ونيابة عن الخالق وضابطاً للقانون وكافأ عن الإسترسال بحكم الهوى وتسكيناً لثائرة وثائرة الغوغاء .
وقال المناوى في فيض القدير ج6/37 وهذا خبر أو دعاء مفهومه أن من أهانه أهانه الله .
وقال المباركفوى في تحفة الأحوذي ج6/476 من أهان من أعزه الله وألبسه خلعة السلطنة أهانه الله .
قلت جاء في مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ).
وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن عمرو قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أي المسلمين خير ؟ قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده ).
وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ).
قال النووي في شرح مسلم ج1/341 السب في اللغة الشتم والتكلم في عرض الإنسان بما يعيبه والفسق في اللغة : الخروج والمراد به في الشرع الخروج عن الطاعة . وأما معنى الحديث : فسب المسلم بغير حق حرام بإجماع الأمة وفاعله فاسق كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم .
أقول اعلم من وفقك الله أن الوقيعه في السلطان هي أحدى علامات الخوارج .
قال الأمام البربهاري في شرح السنة( ص113) إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فأعلم أنه صاحب هوى وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فأعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله لقول فضيل بن عياض : لو كانت لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان .
قيل له : يا أبا علي فسر لنا هذا .
قال : إذا جعلتها في نفسي لم تعدٌني وإذا جعلتها في السلطان صلح فصلح بصلاحه العباد والبلاد .
فأمرنا أن ندعوا لهم بالصلاح ولم نؤمر أن ندعو عليهم وإن ظلموا وإن جاروا لأن ظلمهم وجورهم على أنفسهم وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين .
أقول كيف لو رأى سلفنا الصالح أصحاب الأهواء في زماننا اليوم وهم في الشوارع يصرخون ويلعنون ويسبون أئمة المسلمين بل ويهيجون العامة والغوغاء ضدهم في كل بلد فحسبنا الله ونعم الوكيل .
جمعها / فيصل بن يحيى بن مرشد الغولي
إب المعاين-مركز التوحيد