الغناء وصوت المرأة للشيخ محمد بن إبراهيم ال الشيخ
فصل الغناء وصوت المرأة في الإذاعة
الغناء، وصوت المرأة في الإذاعة، وتوظيفها في الأعمال التي تسبب مخالطتها للرجال، وبيان الفوارق الطبيعية والشرعية بين الرجال والنساء ، ودفع شبهات ...
الحمد لله ووحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . وبعد :
فنظراً لما حدث مؤخراً في هذه البلاد من الأمور التي توجب غضب الرب ، وفساد المجتمع والتحلل من الأخلاق الفاضلة ولما أوجب الله على أهل العلم من النصح لولاة الأمور ، وبيان حكم كل حادثة ، وما أوجبه الله على ولاة الأمور من حماية الدين وتعزيزه والقضاء على الفساد ، وسد أبوابه وطرقه ، وحسم مواده والوسائل المفضية إليه : رأينا تعزيز الكتب السابقة بهذا الكتاب موضحين أدلة ما طلبنا من سموكم منعه وإزالته ، وفيما يلي ذكر بعض الأدلة :
(1) الغناء وصوت المرأة في الإذاعة ، وغيرها :
تظاهرت أدلة الكتاب والسنة على تحريمه في الجملة ، وحكى غير واحد من العلماء إجماع العلماء على تحريمه منهم : القرطبي في تفسيره المشهور ،وقد بسط ابن القيم رحمه الله أدلة المنع في كتابه (إغاثة اللهفان) ونقل الأدلة من الكتاب والسنة وكلام أهل العلم في ذمه وتحريمه وبيان ما يترتب عليه من الفاسد الكثيرة والعواقب الوخيمة ، هذا كله إذا كان غناءً مجرداً من آلات العزف والطرب . فأما إذا اقترن بشيء من ذلك صار التحريم أشد، والإثم أكبر، والمفاسد أكثر.
وقد حكى العلامة ابن الصلاح إجماع العلماء على تحريم الغناء إذا اقترن به شي من آلات اللهو والطرب نقله عنه العلامة ابن القيم وغيره .
ومن أدلة الكتاب على ذلك قوله سبحانه : ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهينحكى غير واحد من المفسرين كالواحدي وغيره عن أكثر العلماء تفسير (اللهو) هنا بالغناء .
وبذلك فسره عبد الله بن مسعود ، وابن عباس وابن عمر، وكان عبد الله بن مسعود يحلف على ذلك . وهؤلاء الثلاثة من خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمائهم ، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة وهم أعلم الناس بتفسير كتاب الله .
وقد تبعهم على ذلك أكثر العلماء :إن الآية الكريمة شاملة للغناء وغيره من آلات اللهو وأخبار الكفرة وغير ذلك مما يصد عن ذكر الله . والآية الكريمة تدل على أن الاشتغال بلهو الحديث بفضي بأهله إلى الضلال عن سبيل الله ، واتخاذ آيات الله هزواً وكفى بذلك قبحاً وشناعة وذماً للغناء وما يقترن به من آلات اللهو والطرب .
ومن ذلك قوله : واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك
فسر كثير من السلف (الصوت) بالغناء وآلات الطرب وكل صوت يدعو إلى باطل .
ومن ذلك قوله سبحانه : وللذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً
فسر كثير من العلماء (الزور) بالغناء وآلات اللهو ،
ولا شك أنه داخل في ذلك ، والزور يشمله وغيره من أنواع الباطل .
وهذه الآيات الكريمات تدل دلالة واضحة على ذم الغناء والتحذير منه ، سواء كان المغني رجلاً أو امرأة . ولا شك أن الغناء إذا كان من الأنثى كانت الفتنة به أعظم ، والفساد الناتج عنه أكثر . وقد دل القرآن الكريم على تحريم خضوع المرأة بالقول في قوله سبحانه : يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً وإذا كان أمهات المؤمنين ينهين عن الخضوع في القول مع طهارتهن وتقواهن فكيف بغيرهن من النساء اللاتي لا نسبة بينهن وبين أمهات الؤمنين في كمال التقوى والطهارة فكيف بنساء العصر الفاتنات المفتونات إلا من شاء الله منهن .
وإذا كان الله نهى عن الخضوع في القول فالغناء من باب أولى وأحرى ، لأن الفتنة فيه أشد من مجرد القول . ولا يخفى على كل من أدنى بصيرة ما في صوت المرأة بالغناء ومخاطبتها الناس في الإذاعة ونحوها من الفتنة وإثارة الغرائز ، لا سيما مع ترخيم الصوت وتحسينه . وعلاوة على ذلك ما يترتب على ذلك من اختلاطهن بالرجال . وخلوتهم بها والتساهل بالحجاب أو تركه بالكلية ، كما هو الواقع من نساء العصر المخالطات للرجال . وتحريم هذا معلوم من الدين بالضرورة .
ومن الادلة على ذلك قوله عز وجل : وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن
وقوله عز وجل : وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهم ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آباء بعولتهن الآية
وأصح ما قيل في تفسير قوله : ( إلا ما ظهر منها ) أنه الملابس الظاهرة : قاله ابن مسعود وغيره . ومن فسره بالوجه والكفين فمراده مع أمن الفتنة والمحافظة على العفة وستر ما سوى ذلك ، والواقع من نساء العصر خلاف ذلك لضعف إيمانهن ، وقلة حيائهن ، ومعلوم أن سد الذرائع المفضية للمحرمات من أهم أبواب الشريعة الكاملة
وقال تعالى : والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وإن يستعففن خير لهن الآية . فإذا كان القواعد وهن العجائز يمنعن من وضع الثياب على محاسنهن كالوجه والكفين ونحو ذلك ، فكيف بالشابات الجميلات الفاتنات . وإذا كان العجائز يمنعن من التبرج بالزينة فهو في الشابات أشد منعاً والفتنة بسببهن أكبر . ولما ذكر ابن القيم رحمه الله (الغناء) وما ورد فيه عن ابن عباس وغيره من الذم ، وأنه من الباطل الذي لا يرضاه الله ،
قال ما نصه : فهذا جواب ابن عباس رضي الله عنهما عن غناء الأعراب الذي ليس فيه مدح الخمر والزنا واللواط والتشبيب بالأجنبيات وأصوات المعازف والآلات والمطربات ، فإن غناء القوم لم يكن فيه شيء من ذلك ، ولو شاهدوا هذا الغناء لقالوا فيه أعظم قول ، فإن مضرته وفتنته فوق مضرة شرب الخمر بكثير وأعظم من فتنته ، ومن أبطل الباطل أن تأتي شريعة بإباحته ، فمن قاس هذا على غناء القوم فقياسه من جنس قياس الربا على البيع ، والميتة على المذكاة ، والتحليل الملعون فاعله على النكاح الذي هو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . اهـ.
وإذا كان هذا كلام ابن القيم في غناء أهل عصره فكيف بغناء هذا العصر الذي يذاع ويسمع الرجال والنساء والخاص والعام فيما شاء الله من البلاد ، فتعم مضرته ، وتنتشر الفتنة به ، لا شك أن هذا أشد إثماً وأعظم مضرة .
وأما الأحاديث فمنها ما رواه الترمذي وحسنه ، عن عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان ، وصوت عند مصيبة خمش وجوده وشق جيوب ورنة) قال ابن القيم رحمه الله بعد هذا الحديث : فانظر إلى هذا النهي المؤكد بتسمية صوت الغناء صوتاً أحمق . ولم يقتصر على ذلك حتى وصفه بالفجور ، ولم يقتصر على ذلك حتى سماه من مزامير الشيطان . وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر على تسميته (الغناء) مزمور الشيطان في الحديث الصحيح ، فإن لم نستفد التحريم من هذا لم نستفده من نهي أبداً . ثم قال : فكيف يستجيز العارف إباحة ما نهى عنه رسول الله صلى عليه وسلم وسماه (صوتاً أحمق فاجراً ومزمور الشيطان) وجعله والنياحة التي لعن فاعلها أخوين ، وأخرج النهي عنهما مخرجاً واحداً ، ووصفهما بالحمق والفجور وصفاً واحداً .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل .
وفي صحيح البخاري ، عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه . أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم بحاجة فيقولوا ارجع إلينا غداً ، فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير ) قال ابن القيم رحمه الله في هذا الحديث : إسناده صحيح . قال: وقد توعد مستحل المعازف فيه بأن يخسف الله بهم الأرض ويمسخهم قردة وخنازير . قال و (المعازف) هي آلات اللهو كلها ، لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك . قال : ولو كانت حلالاً لما ذمهم على استحلالها ، ولما قرن استحلالها باستحلال الخمر والحر . اهـ. ولقد وقد مصداق ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم من استحلال بعض أمته المعازف وصوت المغنيات ، ولا شك أن هذا من تزيين الشيطان وخداعه للناس حتى يفعلوا هذه المعاصي . وفيما ذكرناه من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم الدلالة الصريحة والبرهان القاطع على تحريم الأغاني وآلات الملاهي من الرجال والنساء ، لما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة التي تقدم بيان بعضها . ومما يؤكد تحريم ذلك ويوجب مضاعفة الإثم كون ذلك يلقى في مهبط الوحي ومطلع شمس الرسالة لما يترتب على ذلك من إضلال الناس وفتنتهم ولبس الأمور عليهم ، حتى يعتقدوا أن ذلك من الحق كونه صدر من مهبط الوحي وحماة الحرمين الشريفين الذين هم محط أنظار العالم وأمل المسلمين . ومما يزيد الإثم أيضاً ويضاعف الفتنة أن يشارك في ذلك النساء بأصواتهن الفاتنة المثيرة للغرائز ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) . رواه البخاري ، وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للنساء : ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم منكن) هذا مع تحجبهن وتأدبهن بالآداب الشرعية ، فكيف بحال نسائنا اليوم .
فصل الغناء وصوت المرأة في الإذاعة
الغناء، وصوت المرأة في الإذاعة، وتوظيفها في الأعمال التي تسبب مخالطتها للرجال، وبيان الفوارق الطبيعية والشرعية بين الرجال والنساء ، ودفع شبهات ...
الحمد لله ووحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . وبعد :
فنظراً لما حدث مؤخراً في هذه البلاد من الأمور التي توجب غضب الرب ، وفساد المجتمع والتحلل من الأخلاق الفاضلة ولما أوجب الله على أهل العلم من النصح لولاة الأمور ، وبيان حكم كل حادثة ، وما أوجبه الله على ولاة الأمور من حماية الدين وتعزيزه والقضاء على الفساد ، وسد أبوابه وطرقه ، وحسم مواده والوسائل المفضية إليه : رأينا تعزيز الكتب السابقة بهذا الكتاب موضحين أدلة ما طلبنا من سموكم منعه وإزالته ، وفيما يلي ذكر بعض الأدلة :
(1) الغناء وصوت المرأة في الإذاعة ، وغيرها :
تظاهرت أدلة الكتاب والسنة على تحريمه في الجملة ، وحكى غير واحد من العلماء إجماع العلماء على تحريمه منهم : القرطبي في تفسيره المشهور ،وقد بسط ابن القيم رحمه الله أدلة المنع في كتابه (إغاثة اللهفان) ونقل الأدلة من الكتاب والسنة وكلام أهل العلم في ذمه وتحريمه وبيان ما يترتب عليه من الفاسد الكثيرة والعواقب الوخيمة ، هذا كله إذا كان غناءً مجرداً من آلات العزف والطرب . فأما إذا اقترن بشيء من ذلك صار التحريم أشد، والإثم أكبر، والمفاسد أكثر.
وقد حكى العلامة ابن الصلاح إجماع العلماء على تحريم الغناء إذا اقترن به شي من آلات اللهو والطرب نقله عنه العلامة ابن القيم وغيره .
ومن أدلة الكتاب على ذلك قوله سبحانه : ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهينحكى غير واحد من المفسرين كالواحدي وغيره عن أكثر العلماء تفسير (اللهو) هنا بالغناء .
وبذلك فسره عبد الله بن مسعود ، وابن عباس وابن عمر، وكان عبد الله بن مسعود يحلف على ذلك . وهؤلاء الثلاثة من خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمائهم ، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة وهم أعلم الناس بتفسير كتاب الله .
وقد تبعهم على ذلك أكثر العلماء :إن الآية الكريمة شاملة للغناء وغيره من آلات اللهو وأخبار الكفرة وغير ذلك مما يصد عن ذكر الله . والآية الكريمة تدل على أن الاشتغال بلهو الحديث بفضي بأهله إلى الضلال عن سبيل الله ، واتخاذ آيات الله هزواً وكفى بذلك قبحاً وشناعة وذماً للغناء وما يقترن به من آلات اللهو والطرب .
ومن ذلك قوله : واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك
فسر كثير من السلف (الصوت) بالغناء وآلات الطرب وكل صوت يدعو إلى باطل .
ومن ذلك قوله سبحانه : وللذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً
فسر كثير من العلماء (الزور) بالغناء وآلات اللهو ،
ولا شك أنه داخل في ذلك ، والزور يشمله وغيره من أنواع الباطل .
وهذه الآيات الكريمات تدل دلالة واضحة على ذم الغناء والتحذير منه ، سواء كان المغني رجلاً أو امرأة . ولا شك أن الغناء إذا كان من الأنثى كانت الفتنة به أعظم ، والفساد الناتج عنه أكثر . وقد دل القرآن الكريم على تحريم خضوع المرأة بالقول في قوله سبحانه : يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً وإذا كان أمهات المؤمنين ينهين عن الخضوع في القول مع طهارتهن وتقواهن فكيف بغيرهن من النساء اللاتي لا نسبة بينهن وبين أمهات الؤمنين في كمال التقوى والطهارة فكيف بنساء العصر الفاتنات المفتونات إلا من شاء الله منهن .
وإذا كان الله نهى عن الخضوع في القول فالغناء من باب أولى وأحرى ، لأن الفتنة فيه أشد من مجرد القول . ولا يخفى على كل من أدنى بصيرة ما في صوت المرأة بالغناء ومخاطبتها الناس في الإذاعة ونحوها من الفتنة وإثارة الغرائز ، لا سيما مع ترخيم الصوت وتحسينه . وعلاوة على ذلك ما يترتب على ذلك من اختلاطهن بالرجال . وخلوتهم بها والتساهل بالحجاب أو تركه بالكلية ، كما هو الواقع من نساء العصر المخالطات للرجال . وتحريم هذا معلوم من الدين بالضرورة .
ومن الادلة على ذلك قوله عز وجل : وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن
وقوله عز وجل : وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهم ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آباء بعولتهن الآية
وأصح ما قيل في تفسير قوله : ( إلا ما ظهر منها ) أنه الملابس الظاهرة : قاله ابن مسعود وغيره . ومن فسره بالوجه والكفين فمراده مع أمن الفتنة والمحافظة على العفة وستر ما سوى ذلك ، والواقع من نساء العصر خلاف ذلك لضعف إيمانهن ، وقلة حيائهن ، ومعلوم أن سد الذرائع المفضية للمحرمات من أهم أبواب الشريعة الكاملة
وقال تعالى : والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وإن يستعففن خير لهن الآية . فإذا كان القواعد وهن العجائز يمنعن من وضع الثياب على محاسنهن كالوجه والكفين ونحو ذلك ، فكيف بالشابات الجميلات الفاتنات . وإذا كان العجائز يمنعن من التبرج بالزينة فهو في الشابات أشد منعاً والفتنة بسببهن أكبر . ولما ذكر ابن القيم رحمه الله (الغناء) وما ورد فيه عن ابن عباس وغيره من الذم ، وأنه من الباطل الذي لا يرضاه الله ،
قال ما نصه : فهذا جواب ابن عباس رضي الله عنهما عن غناء الأعراب الذي ليس فيه مدح الخمر والزنا واللواط والتشبيب بالأجنبيات وأصوات المعازف والآلات والمطربات ، فإن غناء القوم لم يكن فيه شيء من ذلك ، ولو شاهدوا هذا الغناء لقالوا فيه أعظم قول ، فإن مضرته وفتنته فوق مضرة شرب الخمر بكثير وأعظم من فتنته ، ومن أبطل الباطل أن تأتي شريعة بإباحته ، فمن قاس هذا على غناء القوم فقياسه من جنس قياس الربا على البيع ، والميتة على المذكاة ، والتحليل الملعون فاعله على النكاح الذي هو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . اهـ.
وإذا كان هذا كلام ابن القيم في غناء أهل عصره فكيف بغناء هذا العصر الذي يذاع ويسمع الرجال والنساء والخاص والعام فيما شاء الله من البلاد ، فتعم مضرته ، وتنتشر الفتنة به ، لا شك أن هذا أشد إثماً وأعظم مضرة .
وأما الأحاديث فمنها ما رواه الترمذي وحسنه ، عن عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان ، وصوت عند مصيبة خمش وجوده وشق جيوب ورنة) قال ابن القيم رحمه الله بعد هذا الحديث : فانظر إلى هذا النهي المؤكد بتسمية صوت الغناء صوتاً أحمق . ولم يقتصر على ذلك حتى وصفه بالفجور ، ولم يقتصر على ذلك حتى سماه من مزامير الشيطان . وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر على تسميته (الغناء) مزمور الشيطان في الحديث الصحيح ، فإن لم نستفد التحريم من هذا لم نستفده من نهي أبداً . ثم قال : فكيف يستجيز العارف إباحة ما نهى عنه رسول الله صلى عليه وسلم وسماه (صوتاً أحمق فاجراً ومزمور الشيطان) وجعله والنياحة التي لعن فاعلها أخوين ، وأخرج النهي عنهما مخرجاً واحداً ، ووصفهما بالحمق والفجور وصفاً واحداً .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل .
وفي صحيح البخاري ، عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه . أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم بحاجة فيقولوا ارجع إلينا غداً ، فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير ) قال ابن القيم رحمه الله في هذا الحديث : إسناده صحيح . قال: وقد توعد مستحل المعازف فيه بأن يخسف الله بهم الأرض ويمسخهم قردة وخنازير . قال و (المعازف) هي آلات اللهو كلها ، لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك . قال : ولو كانت حلالاً لما ذمهم على استحلالها ، ولما قرن استحلالها باستحلال الخمر والحر . اهـ. ولقد وقد مصداق ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم من استحلال بعض أمته المعازف وصوت المغنيات ، ولا شك أن هذا من تزيين الشيطان وخداعه للناس حتى يفعلوا هذه المعاصي . وفيما ذكرناه من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم الدلالة الصريحة والبرهان القاطع على تحريم الأغاني وآلات الملاهي من الرجال والنساء ، لما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة التي تقدم بيان بعضها . ومما يؤكد تحريم ذلك ويوجب مضاعفة الإثم كون ذلك يلقى في مهبط الوحي ومطلع شمس الرسالة لما يترتب على ذلك من إضلال الناس وفتنتهم ولبس الأمور عليهم ، حتى يعتقدوا أن ذلك من الحق كونه صدر من مهبط الوحي وحماة الحرمين الشريفين الذين هم محط أنظار العالم وأمل المسلمين . ومما يزيد الإثم أيضاً ويضاعف الفتنة أن يشارك في ذلك النساء بأصواتهن الفاتنة المثيرة للغرائز ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) . رواه البخاري ، وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للنساء : ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم منكن) هذا مع تحجبهن وتأدبهن بالآداب الشرعية ، فكيف بحال نسائنا اليوم .