قال السبكي ـ رحمه الله في طبقاته (9/116ـ117) :
وبعد أن نظمت هذه الأبيات وقفت على قصيدة غراء لبعض الأدباء أحببت تخليدها في هذا الكتاب وهي :
( سلا صاحبي الجزع من أبرق الحمى *** عن الظبيات الخرد البيض كالدمى )
( وعوجا على أهل الخيام بحاجر *** ورامة من أهل العراق فسلما )
( وإن سفهت ريح الشمال عليكما *** وريح الصبا في أرضها فتحلما )
( فبين الخيام أغيد يخطف الحشا *** مريض جفون للصحيحات أسقما )
( يريك الدياجي إن غدا متجهما *** وشمس الضحى إن ما بدا متبسما )
( ويفتر عن در يصان بهاؤه *** ويحرس بالظلم الممنع واللما )
( كأن قضيب البان في ميسانه *** رأى قده لما انثنى فتعلما )
( إذا الريح جالت حول عطفيه أصبحت *** تهب نسيما ما أرق وأنعما )
( يقيد من تعريجه الصدغ عقربا *** ويرسل من رجع الذؤابة أرقما )
( له في قلوب العالمين مهابة *** تبلغه في حكمه ما تيمما )
( وحثا إلى عبد الرحيم ركائبا *** تحاكي قسي النبع فوقن أسهما )
( فتى جمعت فيه الفضائل راضعا *** ونال العلى من قبل أن يتكلما )
( حليف التقى ترب الوقار مهذب الـ***ـخلال يرى كسب المحامد مغنما )
( يبيت نديما للسماح معاقرا *** ويصبح صبا بالمعالي متيما )
( له خلق كالروض غب سمائه *** تضوع مسكا أذفرا وتبسما )
( إذا جئتماه فامنحاه تحية *** ملوكية أو كبراه وأعظما )
( وقولا له اسمع ما نقول ولا تكن *** ضجورا به مستثقلا متبرما )
( رأيناك في أثناء قولك معجبا *** بكونك أوفى الناس فهما وأعلما )
( فإن كنت من أهل الكتابة واثقا *** بنفسك فيها لا تخاف تهضما )
( فما ألف من بعد ياء مريضة *** مصاحبة عينا تخوفها العما )
( وما مصدر قد ألزم الرفع دائما *** وما اسمان إن فتشت بالجر ألزما )
( وما نون جمع تطلب الكسر شهوة *** وتكره أن ترقى إلى الفتح سلما )
( ترى الكسر غنما في يديها محصلا *** ويعتد ذاك الفتح خسرا ومغرما )
( وإن كنت في علم العروض ووزنه *** وجمع القوافي للورى متقدما )
( فكيف السباح واللباس ونافد *** إذا البيت زاد الوزن فيه وأخرما )
( وكيف السناد والرفاد إذا غدا *** بوصل إلى أصل الزحاف قد انتما )
( وما كلمات الوزن إن كنت عارفا *** بهن وما فعلان فيه وفعلما )
( وما الهزج المرمول إن رمت شرحه *** عن القضيب والبيت الطويل إذا جما )
( وما الجث في بحر الخفيف إذا غدا *** سريعا فلاقى جانيا فترمرما )
( وما الكامل المحسوب في بحر إلفه *** بسيطا إذا أضحى مذالا ململما )
( وما الخبل المطوي أصبح ناشرا *** إذا هو بالتشعيث صار مهشما )
( وما الكف والقبض المضارع مشكل *** بناء المديد بعد أن يتهدما )
( وما الثلم إن رمت اقتراب اتفاقه *** وما الحذف إن ألفى بتارا وأثرما )
( وإن كنت في نظم القريض مجودا *** وكنت عليه قادرا متحكما )
( فكيف يكون الرفع والقطع واصلا *** فريد المعاني حين أصبح توأما )
( وكيف الروي المستقيم وما الذي *** تقول إذا أنشأت تنعت عندما )
( وكيف ترى وصف السحاب وذكره *** إذا أحفرت أهدابه وإذا همى )
( ووصف أثافي الديار إذا انطوت *** محاسنها وابيض ما كان أسحما )
( وكيف خروج المدح والهجو بعده *** جميعا إذا كان النسيب متمما )
( وما وصف دوح مطمئن قراره *** يرى مضمحلا بالزيادة والنما )
( وغادية كالطود تحسب جرسها *** جوادا رأى الخيل العراب فحمحما )
( تميل إليها الغاديات رواجيا *** جناها لتكسوهن وشيا منمنما )
( تحط بأغوار البلاد رحاها *** وقد صافحت من قبل نسرا ومرزما )
( وإن كنت في القرآن أتقن حافظ *** وأدرى بأصناف الخلاف وأفهما )
( فمن جعل الأحزاب تسعين آية *** وزاد على التسعين عشرا فتمما )
( ومن جعل الفرقان من بعد فاطر *** وصير قبل الكهف سورة مريما )
( وعمن روى ابن الحاجبية وحده *** قراءته حتى على الناس قدما )
( ومن حقق الهمزات في سورة النسا *** ولينها في العنكبوت وأدغما )
( ومن زاد في مد الحروف وهمزها *** على ابن كثير أو أمال المفخما )
( ومن قال في القرآن عشرون سجدة *** وست ويروي ذاك عمن تقدما )
( ومن شدد النون التي قبل ربه *** وخفف لكن التي بعدها رمى )
( ومن وصل الآيات جحدا لقطعها *** ومد الضحى من بعد ما قصر السما )
( ومن حذف الياءات من غير علة *** وأنكر في القرآن تضعيف ربما )
( وإن كنت ذا فقه بدين محمد *** على ذكره صلى الإله وسلما )
( فمن جعل الإجماع في البيع حجة *** وصيره كالعرف ظنا مرجما )
( ومن رد ما قال ابن عباس عامدا *** ودان بما قال ابن حفص توهما )
( وماذا يرى النعمان في أهل قرية *** أقاموا إماما للأنام مجذما )
( وكيف ترى رأي ابن إدريس في فتى *** عصى وغدا في فعله متأثما )
( وما حجة الثوري فيما يقيسه *** إذا لم يثبت فيه أصلا مسلما )
( وما رأى شيخ العلم مالك في امرئ *** تمجس قصدا بعد ما كان أسلما )
( يحل إذا ما أحرم الناس بالضحى *** وإما أحل الناس بالليل أحرما )
( وليس بذي ذنب يقاد بفعله *** ولا قيل يوما قد أساء وأجرما )
( وإن كنت في حفظ النوائب أوحدا *** تجمع من أخبارها وما تقسما )
( فمن فرض التعفير قبل صلاته *** وأوجب في إثر الركوع التيمما )
( ومن جعل التسوير في الزند شرعة *** ومن سن في إحدى اليدين التختما )
( ومن فرض الصوم الربيعين بعد أن *** يصوم جمادى كله والمحرما )
( ومن حظر التزويج إلا بثيب *** وصير تزويج البكار محرما )
( ومن أوجب التكبير بعد صلاته *** على قومه فيما يقال وألزما )
( وقال زكاة المرء من نصف ماله *** تكون وإلا صار نهبا مقسما )
( ومن قال إن البيع ليس بجائز *** على المرء إلا أن يكون بعسرما )
( ومن طاف حول البيت سبعين مرة *** يرى ذلك التطواف فرضا محتما )
( ومن فرض التسليم في كل ركعة *** وأوجب فيها رنة وترنما )
( وإن كنت ممن يدعي علم سيرة *** وحفظا لأخبار الأوائل محكما )
( فمن صام عن أكل الطعام نهاره *** مع الليل يطوي الصوم حولا مجرما )
( ومن طاف نحوا من ثمانين حجة *** على حاجة ليست تماثل درهما )
( وفي يده أموال قارون كلها *** ونمرود كنعان وأموال علقما )
( ومن قطع البحرين في بعض يومه *** وواصل أقصى البر ساعة أعتما )
( ومن عاش ألفا بعد ألف كوامل *** يعوذ بدر الثدي من خيفة الظما )
( ومن ملك الدنيا الخئون بأسرها *** ثمانين يوما بعد عام تصرما )
( يذبح أولاد الأنام تجبرا *** ويستحي للنسوان منهم تذمما )
( ومن هاب خوض النيل ساعة زخره *** وخاض سواء البحر والبحر قد طما )
( ومن سار طول الأرض يوما وليلة *** وعاد على أعقابه ما تلوما )
( لعمرك إنا قد سألناك هينا *** ولم نقصد المعنى العويص المغمغما )
( ففكر ولا تعجل بما أنت قائل *** وسر منجدا تبغي الجواب ومتهما )
( فإن أنت فيما قد سألنا بيانه *** أصبت فحق أن تعز وتكرما )
( وإن أنت أخطأت الصواب ولم تعجب *** فحقك أن يحثى عليك وترجما )
( فما لك علم بالأمور وإنما *** قصاراك أن تروي كلاما منظما )
اهـ
وبعد أن نظمت هذه الأبيات وقفت على قصيدة غراء لبعض الأدباء أحببت تخليدها في هذا الكتاب وهي :
( سلا صاحبي الجزع من أبرق الحمى *** عن الظبيات الخرد البيض كالدمى )
( وعوجا على أهل الخيام بحاجر *** ورامة من أهل العراق فسلما )
( وإن سفهت ريح الشمال عليكما *** وريح الصبا في أرضها فتحلما )
( فبين الخيام أغيد يخطف الحشا *** مريض جفون للصحيحات أسقما )
( يريك الدياجي إن غدا متجهما *** وشمس الضحى إن ما بدا متبسما )
( ويفتر عن در يصان بهاؤه *** ويحرس بالظلم الممنع واللما )
( كأن قضيب البان في ميسانه *** رأى قده لما انثنى فتعلما )
( إذا الريح جالت حول عطفيه أصبحت *** تهب نسيما ما أرق وأنعما )
( يقيد من تعريجه الصدغ عقربا *** ويرسل من رجع الذؤابة أرقما )
( له في قلوب العالمين مهابة *** تبلغه في حكمه ما تيمما )
( وحثا إلى عبد الرحيم ركائبا *** تحاكي قسي النبع فوقن أسهما )
( فتى جمعت فيه الفضائل راضعا *** ونال العلى من قبل أن يتكلما )
( حليف التقى ترب الوقار مهذب الـ***ـخلال يرى كسب المحامد مغنما )
( يبيت نديما للسماح معاقرا *** ويصبح صبا بالمعالي متيما )
( له خلق كالروض غب سمائه *** تضوع مسكا أذفرا وتبسما )
( إذا جئتماه فامنحاه تحية *** ملوكية أو كبراه وأعظما )
( وقولا له اسمع ما نقول ولا تكن *** ضجورا به مستثقلا متبرما )
( رأيناك في أثناء قولك معجبا *** بكونك أوفى الناس فهما وأعلما )
( فإن كنت من أهل الكتابة واثقا *** بنفسك فيها لا تخاف تهضما )
( فما ألف من بعد ياء مريضة *** مصاحبة عينا تخوفها العما )
( وما مصدر قد ألزم الرفع دائما *** وما اسمان إن فتشت بالجر ألزما )
( وما نون جمع تطلب الكسر شهوة *** وتكره أن ترقى إلى الفتح سلما )
( ترى الكسر غنما في يديها محصلا *** ويعتد ذاك الفتح خسرا ومغرما )
( وإن كنت في علم العروض ووزنه *** وجمع القوافي للورى متقدما )
( فكيف السباح واللباس ونافد *** إذا البيت زاد الوزن فيه وأخرما )
( وكيف السناد والرفاد إذا غدا *** بوصل إلى أصل الزحاف قد انتما )
( وما كلمات الوزن إن كنت عارفا *** بهن وما فعلان فيه وفعلما )
( وما الهزج المرمول إن رمت شرحه *** عن القضيب والبيت الطويل إذا جما )
( وما الجث في بحر الخفيف إذا غدا *** سريعا فلاقى جانيا فترمرما )
( وما الكامل المحسوب في بحر إلفه *** بسيطا إذا أضحى مذالا ململما )
( وما الخبل المطوي أصبح ناشرا *** إذا هو بالتشعيث صار مهشما )
( وما الكف والقبض المضارع مشكل *** بناء المديد بعد أن يتهدما )
( وما الثلم إن رمت اقتراب اتفاقه *** وما الحذف إن ألفى بتارا وأثرما )
( وإن كنت في نظم القريض مجودا *** وكنت عليه قادرا متحكما )
( فكيف يكون الرفع والقطع واصلا *** فريد المعاني حين أصبح توأما )
( وكيف الروي المستقيم وما الذي *** تقول إذا أنشأت تنعت عندما )
( وكيف ترى وصف السحاب وذكره *** إذا أحفرت أهدابه وإذا همى )
( ووصف أثافي الديار إذا انطوت *** محاسنها وابيض ما كان أسحما )
( وكيف خروج المدح والهجو بعده *** جميعا إذا كان النسيب متمما )
( وما وصف دوح مطمئن قراره *** يرى مضمحلا بالزيادة والنما )
( وغادية كالطود تحسب جرسها *** جوادا رأى الخيل العراب فحمحما )
( تميل إليها الغاديات رواجيا *** جناها لتكسوهن وشيا منمنما )
( تحط بأغوار البلاد رحاها *** وقد صافحت من قبل نسرا ومرزما )
( وإن كنت في القرآن أتقن حافظ *** وأدرى بأصناف الخلاف وأفهما )
( فمن جعل الأحزاب تسعين آية *** وزاد على التسعين عشرا فتمما )
( ومن جعل الفرقان من بعد فاطر *** وصير قبل الكهف سورة مريما )
( وعمن روى ابن الحاجبية وحده *** قراءته حتى على الناس قدما )
( ومن حقق الهمزات في سورة النسا *** ولينها في العنكبوت وأدغما )
( ومن زاد في مد الحروف وهمزها *** على ابن كثير أو أمال المفخما )
( ومن قال في القرآن عشرون سجدة *** وست ويروي ذاك عمن تقدما )
( ومن شدد النون التي قبل ربه *** وخفف لكن التي بعدها رمى )
( ومن وصل الآيات جحدا لقطعها *** ومد الضحى من بعد ما قصر السما )
( ومن حذف الياءات من غير علة *** وأنكر في القرآن تضعيف ربما )
( وإن كنت ذا فقه بدين محمد *** على ذكره صلى الإله وسلما )
( فمن جعل الإجماع في البيع حجة *** وصيره كالعرف ظنا مرجما )
( ومن رد ما قال ابن عباس عامدا *** ودان بما قال ابن حفص توهما )
( وماذا يرى النعمان في أهل قرية *** أقاموا إماما للأنام مجذما )
( وكيف ترى رأي ابن إدريس في فتى *** عصى وغدا في فعله متأثما )
( وما حجة الثوري فيما يقيسه *** إذا لم يثبت فيه أصلا مسلما )
( وما رأى شيخ العلم مالك في امرئ *** تمجس قصدا بعد ما كان أسلما )
( يحل إذا ما أحرم الناس بالضحى *** وإما أحل الناس بالليل أحرما )
( وليس بذي ذنب يقاد بفعله *** ولا قيل يوما قد أساء وأجرما )
( وإن كنت في حفظ النوائب أوحدا *** تجمع من أخبارها وما تقسما )
( فمن فرض التعفير قبل صلاته *** وأوجب في إثر الركوع التيمما )
( ومن جعل التسوير في الزند شرعة *** ومن سن في إحدى اليدين التختما )
( ومن فرض الصوم الربيعين بعد أن *** يصوم جمادى كله والمحرما )
( ومن حظر التزويج إلا بثيب *** وصير تزويج البكار محرما )
( ومن أوجب التكبير بعد صلاته *** على قومه فيما يقال وألزما )
( وقال زكاة المرء من نصف ماله *** تكون وإلا صار نهبا مقسما )
( ومن قال إن البيع ليس بجائز *** على المرء إلا أن يكون بعسرما )
( ومن طاف حول البيت سبعين مرة *** يرى ذلك التطواف فرضا محتما )
( ومن فرض التسليم في كل ركعة *** وأوجب فيها رنة وترنما )
( وإن كنت ممن يدعي علم سيرة *** وحفظا لأخبار الأوائل محكما )
( فمن صام عن أكل الطعام نهاره *** مع الليل يطوي الصوم حولا مجرما )
( ومن طاف نحوا من ثمانين حجة *** على حاجة ليست تماثل درهما )
( وفي يده أموال قارون كلها *** ونمرود كنعان وأموال علقما )
( ومن قطع البحرين في بعض يومه *** وواصل أقصى البر ساعة أعتما )
( ومن عاش ألفا بعد ألف كوامل *** يعوذ بدر الثدي من خيفة الظما )
( ومن ملك الدنيا الخئون بأسرها *** ثمانين يوما بعد عام تصرما )
( يذبح أولاد الأنام تجبرا *** ويستحي للنسوان منهم تذمما )
( ومن هاب خوض النيل ساعة زخره *** وخاض سواء البحر والبحر قد طما )
( ومن سار طول الأرض يوما وليلة *** وعاد على أعقابه ما تلوما )
( لعمرك إنا قد سألناك هينا *** ولم نقصد المعنى العويص المغمغما )
( ففكر ولا تعجل بما أنت قائل *** وسر منجدا تبغي الجواب ومتهما )
( فإن أنت فيما قد سألنا بيانه *** أصبت فحق أن تعز وتكرما )
( وإن أنت أخطأت الصواب ولم تعجب *** فحقك أن يحثى عليك وترجما )
( فما لك علم بالأمور وإنما *** قصاراك أن تروي كلاما منظما )
اهـ