بسم الله الرحمن الرحيم
مَأسَاةُ حَلبِ صورةٌ لربيعِ العربِ
.........................
أَبكِي مِنَ الرُومِ أَمْ أَبكِي مِنَ العَرَبِ ... وَهُمْ يَرَونَ نَزِيفَ الجُرْح فِي حَلَبِ
مَا جَفَّ دَمْعِي وَلَا جَفَّتْ مَنَابِعُهُ ... لَكِنْ بَكَيْتُ بَدَمْعٍ غَيْرِ مُنْسَكِبِ
مَاذَا يَفِيْدُ بُكَائِي لَوْ بَكَيْتُ دَمَا ... هَلْ يُنْقِذ القَرْيَةَ الثَّكْلَى بُكَاءُ صَبِي
شَابَتْ دُمُوعُ المَآقِي وَهِي تَنْدُبُهَا ... شِعْرَاً وَنَثْرَاً وَلِيلُ الخَطْبِ لَمْ يَشِبِ
فَأَيْنَ مَنْ أَوْقَدُوا نِيْرَانَ مِحْنتَهَا ... حَتَى إذَا احْتَدَمَتْ فَرُّوا مِنَ الَّلهَبِ
وَأَيْنَ مَنْ أَشْعَلُوا شُؤبوبَ مِرْجَلِهَا ... مَا بَالُهُمْ لَمْ يَقُودُوا مِرْجَلَ الغَضَبِ
قُلْنَا لَهُمْ لا تَمُدُّوا لِلْخُرُوجِ يَدًا .... مَا فِي الخُرُوجِ عَلَى الحُكَّامِ مِنْ أَرَبِ
وَقَدْ سَرَدْنَا لَهُمْ حُكْمَ الخُرُوجِِ عَلَى ... ولاتِنَا أنَّهُ يُفْضِي إلَى العَطَبِ
وَأَنَّهُ فِيهِ مَا فِيهِ فَمَا سَمِعُوا ... حَتَى رَمَوا قَوْمَنَا فِي ظُلْمَةِ الكُرَبِ
هُمْ يُحْسِنُونَ دُخُول البَاب مِنْ فِتَنٍ ... حَتَى إذا وَقَعَتْ بَالُوْا عَلَى الرُّكَبِ
فَليتَكُمْ إذْ دَخَلْتُمْ جُحْرَ ضَبِّهُمُ ... مِنْهُ خَرَجْتُمْ وَمَاءُ الوَجْه لَمْ يُصَبِ
لَكِنْمَا بَعْضُكُمْ أَنْحَى بِلَائِمَةٍ ... عَلَى الشُّعُوْبِ وبَعْضٌ تَابَ مِنْ لَعِبِ
مِنْ بَعْدِ مَا مَلَأَ الدُّنْيَا صُرَاخُهُمُ ... وَأَصْبَحَ القَتْلُ لا يُحْصَى بِلَا سبَبِ
وَلَيْسَ هَذَا مُقَامُ الَّلوم أُرْسِلُهُ ... لَكِنْمَا يُرجَمُ الشَّيْطَانُ بِالشُّهُبِ
فَأَيْنَ مَنْ طَبَّلُوا والحَرْبُ رَاقِدَةٌ ... مَابَالُهُمْ رَقَدُوا والحَرْبُ فْي الْهُدُبِ
مُظَاهَرَاتٌ وثَوْرَاتٌ يُهِيبُ بِهَا ... إعْلَامُهُمْ أفْرَغَتْ فِي الْعَالَمِ العَرَبِي
قُولُوا لِمَنْ يَذْرفُونَ اليَومَ أَدْمُعَهُمْ ... حُزْنًا عَلَيْهَا وبَعْضُ الدَّمْع مِنْ كَذِبِ
مَنْ غَيْرُكُمْ أَوْقَدَ الأَحْزَانَ فِي بَلَدِي ... وَفِي سِواهاوَلَمْ يَخْسَرْ سِوى الخُطَبِ؟!
اللهُ أَكْبَرُ مَا أَقْسَى قُلُوبَهُمُ ... حَتَى الدِّمَاءَ تُكَالُ اليومَ بالنَّشَبِ
عُذْراً أَيَا شَامَنَا لَيْسَ العِتَاب سِوى ... وَضْع النّقَاط عَلَى حَرْفٍ مِنَ الأَدَبِ
نَخْشَى عَلَى غَيْرهَا مِنْ مِثْلِ نَكْبَتهَا ... إنْ لَمْ نَكُفَّ عَنِ التَرْويجِ لِلشَّغَبِ
اليوم هَذَا بِجَاري ثَار جَاحمهَا ... وبَعْدَهُ فِي دِيَارِي أَلْسُنُ الَّلهَبِ
قَدْ كُنْتُ أُوثرُ أَنْ لَا أُنْحِيَنَّ عَلَى ... قَوْمِي بِلَائِمَةٍ مِنْ كَثْرَة الصَّخَبِ
لَكنْنَي قَدْ وَجَدْتُ الصِّدْقَ عَاقِبَةً ... أَشْهَى جَنًى مِنْ لَذيذِ العِذْقِ لِلرُّطَبِ
غَيْرُ الدُّعَاء لَهُمْ لَا شَيءَ نَمْلِكُهُ ... يَارَبِّ فَاجْبُرْ مُصَابَ القَوم فِي حَلَبِ
--------------------
أبو عمر
عبدالكريم الجعمي
١٦ / ربيع أول/ ١٤٣٨هـ
مَأسَاةُ حَلبِ صورةٌ لربيعِ العربِ
.........................
أَبكِي مِنَ الرُومِ أَمْ أَبكِي مِنَ العَرَبِ ... وَهُمْ يَرَونَ نَزِيفَ الجُرْح فِي حَلَبِ
مَا جَفَّ دَمْعِي وَلَا جَفَّتْ مَنَابِعُهُ ... لَكِنْ بَكَيْتُ بَدَمْعٍ غَيْرِ مُنْسَكِبِ
مَاذَا يَفِيْدُ بُكَائِي لَوْ بَكَيْتُ دَمَا ... هَلْ يُنْقِذ القَرْيَةَ الثَّكْلَى بُكَاءُ صَبِي
شَابَتْ دُمُوعُ المَآقِي وَهِي تَنْدُبُهَا ... شِعْرَاً وَنَثْرَاً وَلِيلُ الخَطْبِ لَمْ يَشِبِ
فَأَيْنَ مَنْ أَوْقَدُوا نِيْرَانَ مِحْنتَهَا ... حَتَى إذَا احْتَدَمَتْ فَرُّوا مِنَ الَّلهَبِ
وَأَيْنَ مَنْ أَشْعَلُوا شُؤبوبَ مِرْجَلِهَا ... مَا بَالُهُمْ لَمْ يَقُودُوا مِرْجَلَ الغَضَبِ
قُلْنَا لَهُمْ لا تَمُدُّوا لِلْخُرُوجِ يَدًا .... مَا فِي الخُرُوجِ عَلَى الحُكَّامِ مِنْ أَرَبِ
وَقَدْ سَرَدْنَا لَهُمْ حُكْمَ الخُرُوجِِ عَلَى ... ولاتِنَا أنَّهُ يُفْضِي إلَى العَطَبِ
وَأَنَّهُ فِيهِ مَا فِيهِ فَمَا سَمِعُوا ... حَتَى رَمَوا قَوْمَنَا فِي ظُلْمَةِ الكُرَبِ
هُمْ يُحْسِنُونَ دُخُول البَاب مِنْ فِتَنٍ ... حَتَى إذا وَقَعَتْ بَالُوْا عَلَى الرُّكَبِ
فَليتَكُمْ إذْ دَخَلْتُمْ جُحْرَ ضَبِّهُمُ ... مِنْهُ خَرَجْتُمْ وَمَاءُ الوَجْه لَمْ يُصَبِ
لَكِنْمَا بَعْضُكُمْ أَنْحَى بِلَائِمَةٍ ... عَلَى الشُّعُوْبِ وبَعْضٌ تَابَ مِنْ لَعِبِ
مِنْ بَعْدِ مَا مَلَأَ الدُّنْيَا صُرَاخُهُمُ ... وَأَصْبَحَ القَتْلُ لا يُحْصَى بِلَا سبَبِ
وَلَيْسَ هَذَا مُقَامُ الَّلوم أُرْسِلُهُ ... لَكِنْمَا يُرجَمُ الشَّيْطَانُ بِالشُّهُبِ
فَأَيْنَ مَنْ طَبَّلُوا والحَرْبُ رَاقِدَةٌ ... مَابَالُهُمْ رَقَدُوا والحَرْبُ فْي الْهُدُبِ
مُظَاهَرَاتٌ وثَوْرَاتٌ يُهِيبُ بِهَا ... إعْلَامُهُمْ أفْرَغَتْ فِي الْعَالَمِ العَرَبِي
قُولُوا لِمَنْ يَذْرفُونَ اليَومَ أَدْمُعَهُمْ ... حُزْنًا عَلَيْهَا وبَعْضُ الدَّمْع مِنْ كَذِبِ
مَنْ غَيْرُكُمْ أَوْقَدَ الأَحْزَانَ فِي بَلَدِي ... وَفِي سِواهاوَلَمْ يَخْسَرْ سِوى الخُطَبِ؟!
اللهُ أَكْبَرُ مَا أَقْسَى قُلُوبَهُمُ ... حَتَى الدِّمَاءَ تُكَالُ اليومَ بالنَّشَبِ
عُذْراً أَيَا شَامَنَا لَيْسَ العِتَاب سِوى ... وَضْع النّقَاط عَلَى حَرْفٍ مِنَ الأَدَبِ
نَخْشَى عَلَى غَيْرهَا مِنْ مِثْلِ نَكْبَتهَا ... إنْ لَمْ نَكُفَّ عَنِ التَرْويجِ لِلشَّغَبِ
اليوم هَذَا بِجَاري ثَار جَاحمهَا ... وبَعْدَهُ فِي دِيَارِي أَلْسُنُ الَّلهَبِ
قَدْ كُنْتُ أُوثرُ أَنْ لَا أُنْحِيَنَّ عَلَى ... قَوْمِي بِلَائِمَةٍ مِنْ كَثْرَة الصَّخَبِ
لَكنْنَي قَدْ وَجَدْتُ الصِّدْقَ عَاقِبَةً ... أَشْهَى جَنًى مِنْ لَذيذِ العِذْقِ لِلرُّطَبِ
غَيْرُ الدُّعَاء لَهُمْ لَا شَيءَ نَمْلِكُهُ ... يَارَبِّ فَاجْبُرْ مُصَابَ القَوم فِي حَلَبِ
--------------------
أبو عمر
عبدالكريم الجعمي
١٦ / ربيع أول/ ١٤٣٨هـ