دماج يوم الرحيل
عند الرحيلِ تقطّعتْ أحشائي ** يا صبْرَ قلبي من أليم قضاءِ
دارَ العـلوم فـداكِ كـلُّ مهذبٍ ** ومـهـنّدٍ يـا مـعـهدَ الفقهاء
يا دار شيخي,يا ترابَ سهولها ** كم ذكرياتٍ أُمْزجتْ بدماء
ذكرى الدروس وعطرها هل ينتهي!**ذكرى الصمود وبسمةِ الشهداء
ذكرى التجوّلِ في رحاب علومها ** وطوافِنا للحفظ والإملاء
وحنينـُنا لسـماع درس شيوخنا ** ولقـاؤنا بالإخوة الغرباء
وذهابُـنا نحو المتارس في الدجى ** أو حُصْنِنا براقةِ الظلماء
لُعِن الذي حالتْ مكـائدُ مكـره ** أن نسـتمرَّ بروضة غنّاء
يوم الرحيل كيوم وُوريَ مقبلٌ ** أو أنه أنكى على الأبناء
رحلَ المشايخُ عنوةً من سوحها ** ودموعُهم كالجمرة الحمراء
رحلتْ علومُ الدار وهي نضيرةٌ **هل يا تُرى من عودةٍ ولقاء؟!
ليس البكاءُ على الديار ورسمها ** لكنْ لهدم السنة الغراء
ما ضرَّ غيثَ العلم وقتُ رحيله ** في أيِّ صقعٍ أثمرتْ بعطاء
وترى مشاتلَ غرسه تنمو كما ** تنمو الزروعُ بوابلٍ سحّاء
لكنّه الظلم الذي لا يُرتضى** وسكوت عبد الدرهم الوضاء
تسعون يوماً بل يزيد حصارها ** أين المشاعرُ من أنين نساء؟!
ما هزّهم طفلٌ رضيعٌ يلتوي** جوعاً وخوفاً دون أيِّ غطاء
أين الشهامةُ والرجولة بل وبل ** أين الحقوق؟ فمن يجيبُ ندائي؟!
تسعون يوماً والقوارح فوقهم ** مطراً ولكنْ من لظىً حمراء
تسعون يوماً والجـموع سواكتٌ **وكأننا في كوكب الزهراء
ماتتْ ينابيعُ الحياة بأسرها** وبقى الرجال كقلعة شماء
ما ذنبهم ؟ ما ذنب أطفالٌ بها**إنّ الجواب بذمة الأمراء
لو هرةٌ حُصِرتْ لقام لنصرها** أهلُ الفساد وزمرةُ الأعداء
أرأيتَ يا زمن التقدم ! قصتي** أتقدمٌ أم قسوةُ الكبراء
أرأيتَ يا زمن التقدم !محنتي**أين الحقوقُ معاشرَ الرحماء؟!
أرأيتَ يا زمن التقدم ! أزمتي** تتفرّجون سُويْعةَ الإفناء
حقاً مؤامرةٌ لها أجنادها ** من خارجٍ , وحثالةَ العملاء
لكنّ رب الكونِ جـل جلاله ** أدرى بـهم فأحـاط بالإكلاء
فهدى الحجوريْ شيخنَا وأعانه** نجّى الورى من قبضة الأعداء
شعر أبي سعيد أحمد بن سعيد باغوث الحضرمي
يوم الأربعاء 14ربيع الأول 1435هـ