نجاة موسى - عليه الصلاة والسلام – وقومه - فضل صيام يوم عاشوراء
خطبة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد الله الذي أعزَّ أولياءه بنصره، وأذل أعداءه بخذله، فنِعم المولى ونِعم النصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، البشير النذير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم المصير، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .
أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون، اتّقوا الله تعالى حق التقوى، واعتصموا بالإسلام فهو العروة الوثقى، واتّقوا عذاب النار؛ فإن أجسامكم على النار لا تقوى .
عباد الله، اذكروا أيام الله لعلّكم تذكّرون وتعتبرون، اذكروا أيام الله بنصر أنبيائه وأتباعهم لعلّكم تشكرون، واذكروا أيام الله بخذل أعدائه ومَن والاهم لعلّكم تتقون، واذكروا أيام الله إذا نزل للقضاء بين عباده يوم القيام لعلّكم توقنون .
أيها الإخوة المسلمون، إن نصر الله لأوليائه في كل زمان ومكان وأمة انتصارٌ للحق وذلٌّ للباطل، وأخذٌ للمتكبر ونعمة على المؤمنين إلى يوم القيامة؛ لأن كل مؤمن يُسَرُّ بذلك؛ لأن فيه نصر دين الله عزَّ وجل، وفي هذا الشهر - شهر المحرم - كانت نجاة موسى - عليه الصلاة والسلام - وقومه من فرعون وجنوده، لقد أرسله الله تعالى إلى فرعون بالآيات البيّنات والبرهان القاطع على نبوَّته، أرسله إلى فرعون الذي تكبَّر على الملإ وقال: +أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى" [النازعات: 24]، فجاءه موسى بالآيات العظيمة ودعاه إلى توحيد الله تعالى، إلى خالق السماوات والأرض رب العالمين فقال فرعون مكابرًا ومنكرًا وجاحدًا: +وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ" [الشعراء: 23]، أنكرَ الرب العظيم الذي قامت بأمره السماء والأرض، وفي كل شيء له آية تدلّ على وجوده وربوبيّته وعلمه وقدرته وحكمته، وأنه الرب الواحد الذي يجب إفراده بالعبادة كما هو منفردٌ بالخلق والتدبير، فأجابه موسى - عليه الصلاة السلام - قائلاً: +رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ" [الشعراء: 24]، يعني: هذا رب العالمين وذلك أن في السماوات والأرض وما بينهما من الآيات ما يوجب الإيمان واليقين، فردَّ فرعون مقالةَ موسى ساخرًا به ومستهزئًا ومحتقرًا، +قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ" [الشعراء: 25]، يقول هذا سخرية واستهزاءً فأجاب موسى - صلى الله عليه وسلم - مُذكِّرًا لهم أصلهم وأنهم مخلوقون مربوبون وكما خُلقوا فهم صائرون إلى العدم طريقة آبائهم الأولين فقال: +رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ" [الشعراء: 26]، وحينئذٍ بُهت فرعون فلم يستطع أن يُجيب ولكنّه ادَّعى دعوى الكاذب المغبون فقال: +إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ" [الشعراء: 27]، وهكذا يكون رد الخائب الخاسر الذي ليس عنده برهان أن يلجأ إلى الطعن وإلى اللجاج وإلى الغضب، فطعن فرعون بالرسول وبِمَن أرسله فأجابه موسى مُبيِّنًا مَن هو الأحق بوصف الجنون، أهو المؤمن بالله خالق السماوات والأرض ومالك المشرق والمغرب أم هو المنكر لذلك ؟ فقال موسى: +رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ" [الشعراء: 28]، ومَنْ الذي يملك المشرق والمغرب ؟ مَن الذي يملك الأفاق سوى الملك الخلاق، فلمّا عجز فرعون عن مقاومة الحق وأفحمه موسى بالحجة والبرهان لجأ إلى ما يلجأ إليه العاجزون المتكبّرون من الإرهاب والوعيد فتوعَّد موسى بالاعتقال والسجن قائلاً: +لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ" [الشعراء: 29]، وتأمّل لم يقل: لأسجننك، بل قال: +لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ" إشارة إلى أن لديه مساجين كثيرين؛ ليزيد في إرهاب موسى حيث إن له من القوة والسلطان ما مكَّنه من سجن الناس الذين سيكون موسى من جملتهم على حدِّ تهديده، قال: +لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ" [الشعراء: 29]، ومازال موسى يأتي بالآيات واضحة وضوح النهار وفرعون يحاول بكل جهوده ودعاته أن يقضي عليها بالرد والكتمان حتى قال لموسى عليه الصلاة والسلام: +أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى" [طه: 57-58]، أي: مكانًا مستويًا لا يحجب عن الرؤية فيه وادٍ ولا جبل، فواعدهم موسى موعد الواثق بنصر الله وقال لهم: +مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى" [طه: 59]، و +يَوْمُ الزِّينَةِ" هو: يوم العيد، و+أَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى" أي: في أول النهار؛ حتى لا يبغتهم الليل، فاجتمع الناس وأتى فرعون بكل ما يستطيع من كيد ومكر فقال لهم موسى: +وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى" [طه: 61]، فوقعت هذه الكلمة الواحدة الصادرة عن إيمان ويقين بين الناس أشد من السلاح الفتّاك فتنازعوا أمرهم بينهم وتفرّقت كلمتهم وصارت العاقبة لنبي الله موسى صلى الله عليه وسلم، وأعلن خصومُه من السحرة إيمانهم به +فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ" [الشعراء: 46-48]، وقالوا لفرعون حين توعدهم: +لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى" [طه: 72-73] .
ومازال فرعون ينابذ دعوة موسى - صلى الله عليه وسلم - حتى استخفَّ +قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ" [الزخرف: 54]، قال الله عزَّ وجل: +فَلَمَّا آَسَفُونَا" - أي: أغضبونا - +انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلاً لِلآَخِرِينَ" [الزخرف: 55-56]، وكان من قصة إغراقهم أن الله أوحى +إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي" [طه: 77]، ليلاً من مِصر فاهتمَّ لذلك فرعون اهتمامًا عظيمًا فأرسل في جميع مدائن مِصر أن يُحشر الناس للوصول إليه لأمر يريده الله عزَّ وجل، فاجتمع الناسُ إليه فخرجَ بهم في أثر موسى وقومه ليقضي عليهم حتى أدركهم عند البحر الأحمر، +فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ" [الشعراء:61]، البحر أمامنا فإن خضناه غرقنا وفرعون وقومه خلفنا وسيأخذوننا، فقال لهم موسى عليه السلام: +كَلا" - أي: لستم مدركين - +إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ" [الشعراء: 62]، هكذا الإيقان والإيمان وهكذا الثقة بوعد الله ونصره، فأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق - بإذن الله - اثني عشر طريقًا، صار هذا الماء السيّال بينها ثابتًا كأطواد الجبال فدخلَ موسى وقومه يمشون بين جبال الماء في طُرق يابسة أَيْبَسها الله تعالى بلحظة آمنين، فلما تكاملوا خارجين وتبعهم فرعون بجنوده داخلين أمرَ الله البحر أن يعود إلى حاله فانطبق على فرعون وجنوده حتى غرقوا عن آخرهم(ث1) فلمَّا أدرك فرعون الغرقُ قال: +آَمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ" [يونس:90]، ولكن لم ينفعه الإيمانُ حينئذٍ فقيل له توبيخًا +آَلآَنَ" - يعني: آلآنَ تؤمن - +وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" [يونس: 91]، قال الله عزَّ وجل: +فَأَخْرَجْنَاهُمْ" - يعني: فرعون وقومه - +مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ" [الدخان: 25-29]، فأورث اللهُ بني إسرائيل أرضَ فرعون وقومه المجرمين؛ لأن بني إسرائيل حينذاك كانوا على الحق سائرين ولِوحْي الله الذي أنزله على موسى متَّبعين، فكانوا وارثين لأرض الله كما وعدَ اللهُ عزَّ وجل، +إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" [الأعراف: 138]، +وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ" [الأنبياء: 105-106] .
أمّا فرعون فلما كان مرعبًا لبني إسرائيل قال الله عزَّ وجل: +فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً" [يونس: 93]، فأنجى الله بدنه حتى شاهده بنو إسرائيل طافيًا على الماء فأيقنوا أنه هلك ثم أنه هلكَ فيمن هلكَ وأكلتْهُ الحيتان كما هي العادة، أمَّا ما يوجد في أهرام مِصر اليوم فليس هو فرعون موسى .
أيها الناس، إن نجاة نبي الله موسى وقومه من عدو الله فرعون وجنوده لَنِعْمَةٌ كبرى تستوجب الشكر لله عزَّ وجل .
فاللهم إنا نشكرك على خذلان أعداء الله وعلى انتصار أولياء الله؛ ولهذا لـمَّا قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وجدَ اليهود يصومون اليوم العاشر من هذا الشهر - شهر المحرم - فقال: «ما هذا ؟» قالوا: يومٌ صالح نَجّى الله فيه موسى وقومه من عدوهم فصامَه موسى، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «فأنا أحقّ بموسى منكم»(1) فصامَه وأمر بصيامه، وسُئل عن فضل صيامه - أي: اليوم العاشر - فقال: «أحتسبُ على الله أن يكفِّر السنة التي قبله»(2).
اللهم وفّقنا لشكر نعمتك وحسن عبادتك وانصر أولياءك على أعدائك يا رب العالمين .
اللهم انصر إخوننا المسلمين في كسوفا على أعدائهم النصارى المجرمين، يا ذا الجلال والإكرام .
وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تُنقذ قائلها يوم يلاقيه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فقد سمعتم أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - صامَ يوم عاشوراء وأمر الناس بصيامه ولكنّه أمر أمّته أن تُخالف اليهود: أن «يصوموا يومًا قبله أو يومًا بعده»(3) وقال: «لئن عشت إلى قابلٍ لأصومنَّ التاسع»(4)؛ يعني: مع العاشر .
في سنتنا هذه اليوم العاشر يوم الإثنين والتاسع يوم الأحد، أمّا يوم السبت فإنه اليوم الثامن هكذا دلَّت السنة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أمر إذا لم يُرَ هلال الشهر أن يكمّل الشهر الذي قبله ثلاثين يومًا؛ وعلى هذا فليس هناك شك ولا ارتياب في يوم عاشوراء؛ لأن القاعدة الشرعية - ولله الحمد - واضحة: إن رؤي الهلال فعلى حسب الرؤية وإذا لم يُرَ الهلال فإنه يكمّل الشهر السابق ثلاثين يومًا ولم نسمع أنه رؤي هلال هذا الشهر قبل تمام ذي الحجة ثلاثين يومًا؛ وعليه فنكمّل شهر ذي الحجة ثلاثين يومًا ثم يكون دخول شهر المحرم فلا إشكال ولا قلق، وقد كان يلحق بعض الناس بَلْبَلَةٌ في دخول الشهر ولكن الأمر في السنَّة واضح ولله الحمد، ومَن كان من عادته أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر فصام يوم السبت والأحد والإثنين أجزأه ذلك؛ لأنه يصدق عليه أنه صام ثلاثة أيام من الشهر وفضل الله واسع، والأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى .
أيها الإخوة، تعلمون ما حلَّ بإخوانكم في إقليم كوسوفا وهم مسلمون من أعدائكم وأعدائهم النصارى الكافرين بالله واليوم الآخر من القتل والتشريد وانتهاك الأعراض؛ ولهذا ينبغي لنا أن ندعو الله لهم في كل مناسبة: أن ندعو الله لهم في السجود وبعد التشهد الأخير وفي آخر الليل وما بين الأذان والإقامة وفي كل حالٍ أو موطنٍ تُرجى فيه إجابة الدعاء .
وقد كان من توفيق الله لهذه الحكومة الموفَّقة أن أَمَرَت أن يقنت الناس في صلاة الفجر بالدعاء لهم بالنصر وخذلان أعدائهم؛ وعلى هذا فمن الغد لصلاة الفجر اقنتوا أيها الإخوة، ليَقْنت إمام المسجد بجماعته بعد ركوعه في الركعة الثانية، والقنوت هنا ليس قنوت الوتر؛ أي: ليس يقال فيه: اللهم اهدنا فيمن هديت إلى آخره ولكنّه قنوت بالدعاء لإخواننا بالنصر ولأعدائهم بالخذلان، فيكفي مثلاً أن تقول: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم مجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزم أعداءنا الصرب وأَذِقْهم الذل، وفرِّق كلمتهم، وشتِّت شملهم، واهزم جندهم، وانصر إخواننا المسلمين في كوسوفا عليهم، وامنحهم رقابهم وأموالهم يا رب العالمين .
وهذا كافٍ في الدعاء كافٍ في القنوت؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لـمَّا قنت للنوازل لم يزد على دعاء مناسب قليل؛ حتى لا يملّ الناس ويسأموا من الدعاء .
إذاً: فمن الغد - إن شاء الله - يقنت الناس في صلاة الفجر بعد الركوع من الركعة الثانية وذلك امتثالاً لأمر ولاة الأمر؛ لأن مثل هذه الأمور العامة يُقتصر فيها على أمر ولي الأمر العام ولا ينفرد كل واحد بما يرى؛ فإن كل واحد منّا ليس له الولاية على جميع الشعب ولا على المسلمين عمومًا وإنما الولاية لشخص واحد هو الذي يأمر أو لا يأمر بالقنوت، فلمَّا أمر بالقنوت صار القنوت مستحبًّا لوجوه:
الأول: أنه أمرٌ من ولاة أمورنا ليس فيه معصية لله عزَّ وجل، وأمر ولي الأمر إذا لم يكن فيه معصية كان امتثاله من طاعة الله عزَّ وجل .
ثانيًا: أن فيه دعاءً لإخواننا المسلمين أن ينصرهم الله على عدوهم .
ثالثًا: أن فيه دعاءً على أعدائنا وأعدائهم من النصارى المعتدين المجرمين .
رابعًا: أن فيه إيقاظًا للهمم؛ لأن هذا أمرٌ ليس بمعتاد، فإذا فعله الناس قالوا ما هذا واستيقظت هممهم وصار في ذلك دفع للمسلمين في نصرة إخوانهم .
وكذلك جاء من ولي الأمر أن نجمع لهؤلاء اللاجئين من أموالنا ما يكون لهم عونًا في محنتهم التي نزلت بهم لحكمة الله وقدره، وسنقرأ - إن شاء الله - الكتاب الذي وردنا في هذا الأسبوع بعد صلاة الجمعة وسيكون على أبواب المساجد إخوانٌ يجمعون التبرعات، فتبرّعوا بما يتيسّر بالريال، والخمسة، والعشرة، والخمسين، والمائة، والمائتين، والخمسمائة، والأكثر من ذلك ولو بِشيْكات على أرصدتكم في محلّها؛ فإن فضل الله واسع، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال: «اتّقوا النار ولو بشقِّ تمرة»(5)، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الإنسان إذا تصدّق بما يعادل التمرة من كسب طيِّب ولا يقبل الله تعالى إلا الطيب فإن الله تعالى «يأخذها بيمينه ويربِّيها حتى تكون مثل الجبل» (6) .
أَخْلِصوا لله تعالى بالإنفاق في سبيل الله يثبكم الله، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والإنسان إذا تصدّق يريد بذلك وجه الله وقعت موقعها حتى وإن لم تصبه في الواقع وذلك لِـمَا ثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - «أن رجلاً خرج ذات يوم بصدقة - أو ذات ليلة - فتصدّق بها فأصبح الناس يتحدثون: تُصدق الليلة على غني، فقال: الحمد الله، على غني، ثم إنه تصدق في الليلة الثانية على سارق فجعل الناس يتحدثون: تُصدق الليلة على سارق، فقال: الحمد لله، ثم تصدّق في الليلة الثالثة فوقعت الصدقة في يد بغي - أي: في يد زانية - فأصبح الناس يتحدثون: تُصدق الليلة على بغي، فقال: الحمد لله على غني وعلى سارق وعلى بغي ثم قيل له: أمَّا صدقتك فقد قُبلت»(7)، فلعلَّ الغني يقتدي فيتصدق ولعلَّ السارق يكتفي فلا يسرق ولعلَّ الزانية تتعفَّف بما جاءها من المال عن الزنى .
فالمهم أن النيَّة الخالصة تبلغ مبلغها مهما كان الأمر .
اللهم إنا نسألك الإخلاص لك في عبادتك، ونسألك اتباع شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ونسألك اللهم أن تجعلنا مِمَّن يتعاونون على البر والتقوى .
أيها الإخوة، اعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة - يعني: في الدين - بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يحصل لكم فوائد منها:
امتثال أمر الله عزَّ وجل؛ فإن الله تعالى قال في كتابه العظيم: +إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" [الأحزاب: 56] .
ومن ذلك أنكم تُثابون عليها أكثر من العمل؛ فإن مَن صلى عليه مرَّة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا .
ومنها: أنكم تقضون بعض حق النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - عليكم؛ فإن حق نبيكم عليكم أعظم من حق والديكم عليكم .
فسمعًا لأمر الله واحتسابًا لثواب الله وقضاءً لبعض حقوق الله .
نسألك اللهم أن تصلي وتسلم على نبيك محمد، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ونبيِّك محمد، اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرًا وباطنًا، اللهم توفّنا على ملّته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم أسقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء والصالحين .
اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين، وعن زوجاته أمهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم ارضَ عنّا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين .
+رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" [الحشر: 10] .
عباد الله، إن الله تعالى أمركم أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم، فقال الله تبارك وتعالى: +وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ" [البقرة: 186]، وقال الله تبارك وتعالى: +ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً" [الأعراف: 55]، وقال تعالى: +وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ" [غافر:60] .
وما من داعٍ لله تعالى بإخلاص إلا حصل له أحد فوائد ثلاث:
إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يصرف عنه من السوء ما هو أعظم، وإما أن يدّخر ذلك له عنده يوم القيامة .
أَلِحّوا على الله تعالى بالدعاء أن يغيثكم؛ فإن الله قريب مجيب .
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أسقنا الغيث والرحمة ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أسقنا غيثًا مغيثًا، هنيئًا مريئًا، غدقًا مجلّلاً، عامًّا نافعًا غير ضار .
اللهم أسقنا غيثًا تُحيي به البلاد وترحم به العباد وتجعله بلاغًا للحاضر والباد، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، +رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [الأعراف: 23] .
اللهم إننا نعترف بالإساءة والتقصير، ونؤمن بأنك أنت الحي القيوم أهل التقوى وأهل المغفرة، اللهم فاغفر لنا، اللهم فاغفر لنا، اللهم فاغفر لنا، +رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [الأعراف: 23] .
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا .
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
----------------
(ث1) انظر إلى هذا الأثر في هذه القصة العظيمة في تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى في جـ3 ص448.
(1) أخرجه البخاري، في كتاب الصوم (1865)، ومسلم، في كتاب الصيام (1911)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما.
(3) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم (2047) .
(4) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم (3003) (3044) (1869) .
(5) أخرجه الإمام البخاري (1324)، ومسلم، في كتاب الزكاة (1689)، من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه .
(6) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الزكاة (321) و(6878)، ومسلم في كتاب الزكاة (1685) و(597) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والإمام أحمد في مسنده، في باقي مسند المكثرين من الصحابة (9064) .
(7) أخرجه الإمام البخاري، في كتاب الزكاة (1332)، ومسلم، في كتاب الزكاة (1698)، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، ت ط ع
وللاستماع لها صوتيًا
من هنا
خطبة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد الله الذي أعزَّ أولياءه بنصره، وأذل أعداءه بخذله، فنِعم المولى ونِعم النصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، البشير النذير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم المصير، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .
أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون، اتّقوا الله تعالى حق التقوى، واعتصموا بالإسلام فهو العروة الوثقى، واتّقوا عذاب النار؛ فإن أجسامكم على النار لا تقوى .
عباد الله، اذكروا أيام الله لعلّكم تذكّرون وتعتبرون، اذكروا أيام الله بنصر أنبيائه وأتباعهم لعلّكم تشكرون، واذكروا أيام الله بخذل أعدائه ومَن والاهم لعلّكم تتقون، واذكروا أيام الله إذا نزل للقضاء بين عباده يوم القيام لعلّكم توقنون .
أيها الإخوة المسلمون، إن نصر الله لأوليائه في كل زمان ومكان وأمة انتصارٌ للحق وذلٌّ للباطل، وأخذٌ للمتكبر ونعمة على المؤمنين إلى يوم القيامة؛ لأن كل مؤمن يُسَرُّ بذلك؛ لأن فيه نصر دين الله عزَّ وجل، وفي هذا الشهر - شهر المحرم - كانت نجاة موسى - عليه الصلاة والسلام - وقومه من فرعون وجنوده، لقد أرسله الله تعالى إلى فرعون بالآيات البيّنات والبرهان القاطع على نبوَّته، أرسله إلى فرعون الذي تكبَّر على الملإ وقال: +أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى" [النازعات: 24]، فجاءه موسى بالآيات العظيمة ودعاه إلى توحيد الله تعالى، إلى خالق السماوات والأرض رب العالمين فقال فرعون مكابرًا ومنكرًا وجاحدًا: +وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ" [الشعراء: 23]، أنكرَ الرب العظيم الذي قامت بأمره السماء والأرض، وفي كل شيء له آية تدلّ على وجوده وربوبيّته وعلمه وقدرته وحكمته، وأنه الرب الواحد الذي يجب إفراده بالعبادة كما هو منفردٌ بالخلق والتدبير، فأجابه موسى - عليه الصلاة السلام - قائلاً: +رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ" [الشعراء: 24]، يعني: هذا رب العالمين وذلك أن في السماوات والأرض وما بينهما من الآيات ما يوجب الإيمان واليقين، فردَّ فرعون مقالةَ موسى ساخرًا به ومستهزئًا ومحتقرًا، +قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ" [الشعراء: 25]، يقول هذا سخرية واستهزاءً فأجاب موسى - صلى الله عليه وسلم - مُذكِّرًا لهم أصلهم وأنهم مخلوقون مربوبون وكما خُلقوا فهم صائرون إلى العدم طريقة آبائهم الأولين فقال: +رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ" [الشعراء: 26]، وحينئذٍ بُهت فرعون فلم يستطع أن يُجيب ولكنّه ادَّعى دعوى الكاذب المغبون فقال: +إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ" [الشعراء: 27]، وهكذا يكون رد الخائب الخاسر الذي ليس عنده برهان أن يلجأ إلى الطعن وإلى اللجاج وإلى الغضب، فطعن فرعون بالرسول وبِمَن أرسله فأجابه موسى مُبيِّنًا مَن هو الأحق بوصف الجنون، أهو المؤمن بالله خالق السماوات والأرض ومالك المشرق والمغرب أم هو المنكر لذلك ؟ فقال موسى: +رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ" [الشعراء: 28]، ومَنْ الذي يملك المشرق والمغرب ؟ مَن الذي يملك الأفاق سوى الملك الخلاق، فلمّا عجز فرعون عن مقاومة الحق وأفحمه موسى بالحجة والبرهان لجأ إلى ما يلجأ إليه العاجزون المتكبّرون من الإرهاب والوعيد فتوعَّد موسى بالاعتقال والسجن قائلاً: +لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ" [الشعراء: 29]، وتأمّل لم يقل: لأسجننك، بل قال: +لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ" إشارة إلى أن لديه مساجين كثيرين؛ ليزيد في إرهاب موسى حيث إن له من القوة والسلطان ما مكَّنه من سجن الناس الذين سيكون موسى من جملتهم على حدِّ تهديده، قال: +لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ" [الشعراء: 29]، ومازال موسى يأتي بالآيات واضحة وضوح النهار وفرعون يحاول بكل جهوده ودعاته أن يقضي عليها بالرد والكتمان حتى قال لموسى عليه الصلاة والسلام: +أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى" [طه: 57-58]، أي: مكانًا مستويًا لا يحجب عن الرؤية فيه وادٍ ولا جبل، فواعدهم موسى موعد الواثق بنصر الله وقال لهم: +مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى" [طه: 59]، و +يَوْمُ الزِّينَةِ" هو: يوم العيد، و+أَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى" أي: في أول النهار؛ حتى لا يبغتهم الليل، فاجتمع الناس وأتى فرعون بكل ما يستطيع من كيد ومكر فقال لهم موسى: +وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى" [طه: 61]، فوقعت هذه الكلمة الواحدة الصادرة عن إيمان ويقين بين الناس أشد من السلاح الفتّاك فتنازعوا أمرهم بينهم وتفرّقت كلمتهم وصارت العاقبة لنبي الله موسى صلى الله عليه وسلم، وأعلن خصومُه من السحرة إيمانهم به +فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ" [الشعراء: 46-48]، وقالوا لفرعون حين توعدهم: +لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى" [طه: 72-73] .
ومازال فرعون ينابذ دعوة موسى - صلى الله عليه وسلم - حتى استخفَّ +قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ" [الزخرف: 54]، قال الله عزَّ وجل: +فَلَمَّا آَسَفُونَا" - أي: أغضبونا - +انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلاً لِلآَخِرِينَ" [الزخرف: 55-56]، وكان من قصة إغراقهم أن الله أوحى +إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي" [طه: 77]، ليلاً من مِصر فاهتمَّ لذلك فرعون اهتمامًا عظيمًا فأرسل في جميع مدائن مِصر أن يُحشر الناس للوصول إليه لأمر يريده الله عزَّ وجل، فاجتمع الناسُ إليه فخرجَ بهم في أثر موسى وقومه ليقضي عليهم حتى أدركهم عند البحر الأحمر، +فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ" [الشعراء:61]، البحر أمامنا فإن خضناه غرقنا وفرعون وقومه خلفنا وسيأخذوننا، فقال لهم موسى عليه السلام: +كَلا" - أي: لستم مدركين - +إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ" [الشعراء: 62]، هكذا الإيقان والإيمان وهكذا الثقة بوعد الله ونصره، فأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق - بإذن الله - اثني عشر طريقًا، صار هذا الماء السيّال بينها ثابتًا كأطواد الجبال فدخلَ موسى وقومه يمشون بين جبال الماء في طُرق يابسة أَيْبَسها الله تعالى بلحظة آمنين، فلما تكاملوا خارجين وتبعهم فرعون بجنوده داخلين أمرَ الله البحر أن يعود إلى حاله فانطبق على فرعون وجنوده حتى غرقوا عن آخرهم(ث1) فلمَّا أدرك فرعون الغرقُ قال: +آَمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ" [يونس:90]، ولكن لم ينفعه الإيمانُ حينئذٍ فقيل له توبيخًا +آَلآَنَ" - يعني: آلآنَ تؤمن - +وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" [يونس: 91]، قال الله عزَّ وجل: +فَأَخْرَجْنَاهُمْ" - يعني: فرعون وقومه - +مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ" [الدخان: 25-29]، فأورث اللهُ بني إسرائيل أرضَ فرعون وقومه المجرمين؛ لأن بني إسرائيل حينذاك كانوا على الحق سائرين ولِوحْي الله الذي أنزله على موسى متَّبعين، فكانوا وارثين لأرض الله كما وعدَ اللهُ عزَّ وجل، +إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" [الأعراف: 138]، +وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ" [الأنبياء: 105-106] .
أمّا فرعون فلما كان مرعبًا لبني إسرائيل قال الله عزَّ وجل: +فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً" [يونس: 93]، فأنجى الله بدنه حتى شاهده بنو إسرائيل طافيًا على الماء فأيقنوا أنه هلك ثم أنه هلكَ فيمن هلكَ وأكلتْهُ الحيتان كما هي العادة، أمَّا ما يوجد في أهرام مِصر اليوم فليس هو فرعون موسى .
أيها الناس، إن نجاة نبي الله موسى وقومه من عدو الله فرعون وجنوده لَنِعْمَةٌ كبرى تستوجب الشكر لله عزَّ وجل .
فاللهم إنا نشكرك على خذلان أعداء الله وعلى انتصار أولياء الله؛ ولهذا لـمَّا قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وجدَ اليهود يصومون اليوم العاشر من هذا الشهر - شهر المحرم - فقال: «ما هذا ؟» قالوا: يومٌ صالح نَجّى الله فيه موسى وقومه من عدوهم فصامَه موسى، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «فأنا أحقّ بموسى منكم»(1) فصامَه وأمر بصيامه، وسُئل عن فضل صيامه - أي: اليوم العاشر - فقال: «أحتسبُ على الله أن يكفِّر السنة التي قبله»(2).
اللهم وفّقنا لشكر نعمتك وحسن عبادتك وانصر أولياءك على أعدائك يا رب العالمين .
اللهم انصر إخوننا المسلمين في كسوفا على أعدائهم النصارى المجرمين، يا ذا الجلال والإكرام .
وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تُنقذ قائلها يوم يلاقيه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فقد سمعتم أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - صامَ يوم عاشوراء وأمر الناس بصيامه ولكنّه أمر أمّته أن تُخالف اليهود: أن «يصوموا يومًا قبله أو يومًا بعده»(3) وقال: «لئن عشت إلى قابلٍ لأصومنَّ التاسع»(4)؛ يعني: مع العاشر .
في سنتنا هذه اليوم العاشر يوم الإثنين والتاسع يوم الأحد، أمّا يوم السبت فإنه اليوم الثامن هكذا دلَّت السنة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أمر إذا لم يُرَ هلال الشهر أن يكمّل الشهر الذي قبله ثلاثين يومًا؛ وعلى هذا فليس هناك شك ولا ارتياب في يوم عاشوراء؛ لأن القاعدة الشرعية - ولله الحمد - واضحة: إن رؤي الهلال فعلى حسب الرؤية وإذا لم يُرَ الهلال فإنه يكمّل الشهر السابق ثلاثين يومًا ولم نسمع أنه رؤي هلال هذا الشهر قبل تمام ذي الحجة ثلاثين يومًا؛ وعليه فنكمّل شهر ذي الحجة ثلاثين يومًا ثم يكون دخول شهر المحرم فلا إشكال ولا قلق، وقد كان يلحق بعض الناس بَلْبَلَةٌ في دخول الشهر ولكن الأمر في السنَّة واضح ولله الحمد، ومَن كان من عادته أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر فصام يوم السبت والأحد والإثنين أجزأه ذلك؛ لأنه يصدق عليه أنه صام ثلاثة أيام من الشهر وفضل الله واسع، والأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى .
أيها الإخوة، تعلمون ما حلَّ بإخوانكم في إقليم كوسوفا وهم مسلمون من أعدائكم وأعدائهم النصارى الكافرين بالله واليوم الآخر من القتل والتشريد وانتهاك الأعراض؛ ولهذا ينبغي لنا أن ندعو الله لهم في كل مناسبة: أن ندعو الله لهم في السجود وبعد التشهد الأخير وفي آخر الليل وما بين الأذان والإقامة وفي كل حالٍ أو موطنٍ تُرجى فيه إجابة الدعاء .
وقد كان من توفيق الله لهذه الحكومة الموفَّقة أن أَمَرَت أن يقنت الناس في صلاة الفجر بالدعاء لهم بالنصر وخذلان أعدائهم؛ وعلى هذا فمن الغد لصلاة الفجر اقنتوا أيها الإخوة، ليَقْنت إمام المسجد بجماعته بعد ركوعه في الركعة الثانية، والقنوت هنا ليس قنوت الوتر؛ أي: ليس يقال فيه: اللهم اهدنا فيمن هديت إلى آخره ولكنّه قنوت بالدعاء لإخواننا بالنصر ولأعدائهم بالخذلان، فيكفي مثلاً أن تقول: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم مجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزم أعداءنا الصرب وأَذِقْهم الذل، وفرِّق كلمتهم، وشتِّت شملهم، واهزم جندهم، وانصر إخواننا المسلمين في كوسوفا عليهم، وامنحهم رقابهم وأموالهم يا رب العالمين .
وهذا كافٍ في الدعاء كافٍ في القنوت؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لـمَّا قنت للنوازل لم يزد على دعاء مناسب قليل؛ حتى لا يملّ الناس ويسأموا من الدعاء .
إذاً: فمن الغد - إن شاء الله - يقنت الناس في صلاة الفجر بعد الركوع من الركعة الثانية وذلك امتثالاً لأمر ولاة الأمر؛ لأن مثل هذه الأمور العامة يُقتصر فيها على أمر ولي الأمر العام ولا ينفرد كل واحد بما يرى؛ فإن كل واحد منّا ليس له الولاية على جميع الشعب ولا على المسلمين عمومًا وإنما الولاية لشخص واحد هو الذي يأمر أو لا يأمر بالقنوت، فلمَّا أمر بالقنوت صار القنوت مستحبًّا لوجوه:
الأول: أنه أمرٌ من ولاة أمورنا ليس فيه معصية لله عزَّ وجل، وأمر ولي الأمر إذا لم يكن فيه معصية كان امتثاله من طاعة الله عزَّ وجل .
ثانيًا: أن فيه دعاءً لإخواننا المسلمين أن ينصرهم الله على عدوهم .
ثالثًا: أن فيه دعاءً على أعدائنا وأعدائهم من النصارى المعتدين المجرمين .
رابعًا: أن فيه إيقاظًا للهمم؛ لأن هذا أمرٌ ليس بمعتاد، فإذا فعله الناس قالوا ما هذا واستيقظت هممهم وصار في ذلك دفع للمسلمين في نصرة إخوانهم .
وكذلك جاء من ولي الأمر أن نجمع لهؤلاء اللاجئين من أموالنا ما يكون لهم عونًا في محنتهم التي نزلت بهم لحكمة الله وقدره، وسنقرأ - إن شاء الله - الكتاب الذي وردنا في هذا الأسبوع بعد صلاة الجمعة وسيكون على أبواب المساجد إخوانٌ يجمعون التبرعات، فتبرّعوا بما يتيسّر بالريال، والخمسة، والعشرة، والخمسين، والمائة، والمائتين، والخمسمائة، والأكثر من ذلك ولو بِشيْكات على أرصدتكم في محلّها؛ فإن فضل الله واسع، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال: «اتّقوا النار ولو بشقِّ تمرة»(5)، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الإنسان إذا تصدّق بما يعادل التمرة من كسب طيِّب ولا يقبل الله تعالى إلا الطيب فإن الله تعالى «يأخذها بيمينه ويربِّيها حتى تكون مثل الجبل» (6) .
أَخْلِصوا لله تعالى بالإنفاق في سبيل الله يثبكم الله، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والإنسان إذا تصدّق يريد بذلك وجه الله وقعت موقعها حتى وإن لم تصبه في الواقع وذلك لِـمَا ثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - «أن رجلاً خرج ذات يوم بصدقة - أو ذات ليلة - فتصدّق بها فأصبح الناس يتحدثون: تُصدق الليلة على غني، فقال: الحمد الله، على غني، ثم إنه تصدق في الليلة الثانية على سارق فجعل الناس يتحدثون: تُصدق الليلة على سارق، فقال: الحمد لله، ثم تصدّق في الليلة الثالثة فوقعت الصدقة في يد بغي - أي: في يد زانية - فأصبح الناس يتحدثون: تُصدق الليلة على بغي، فقال: الحمد لله على غني وعلى سارق وعلى بغي ثم قيل له: أمَّا صدقتك فقد قُبلت»(7)، فلعلَّ الغني يقتدي فيتصدق ولعلَّ السارق يكتفي فلا يسرق ولعلَّ الزانية تتعفَّف بما جاءها من المال عن الزنى .
فالمهم أن النيَّة الخالصة تبلغ مبلغها مهما كان الأمر .
اللهم إنا نسألك الإخلاص لك في عبادتك، ونسألك اتباع شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ونسألك اللهم أن تجعلنا مِمَّن يتعاونون على البر والتقوى .
أيها الإخوة، اعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة - يعني: في الدين - بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يحصل لكم فوائد منها:
امتثال أمر الله عزَّ وجل؛ فإن الله تعالى قال في كتابه العظيم: +إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" [الأحزاب: 56] .
ومن ذلك أنكم تُثابون عليها أكثر من العمل؛ فإن مَن صلى عليه مرَّة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا .
ومنها: أنكم تقضون بعض حق النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - عليكم؛ فإن حق نبيكم عليكم أعظم من حق والديكم عليكم .
فسمعًا لأمر الله واحتسابًا لثواب الله وقضاءً لبعض حقوق الله .
نسألك اللهم أن تصلي وتسلم على نبيك محمد، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ونبيِّك محمد، اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرًا وباطنًا، اللهم توفّنا على ملّته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم أسقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء والصالحين .
اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين، وعن زوجاته أمهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم ارضَ عنّا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين .
+رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" [الحشر: 10] .
عباد الله، إن الله تعالى أمركم أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم، فقال الله تبارك وتعالى: +وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ" [البقرة: 186]، وقال الله تبارك وتعالى: +ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً" [الأعراف: 55]، وقال تعالى: +وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ" [غافر:60] .
وما من داعٍ لله تعالى بإخلاص إلا حصل له أحد فوائد ثلاث:
إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يصرف عنه من السوء ما هو أعظم، وإما أن يدّخر ذلك له عنده يوم القيامة .
أَلِحّوا على الله تعالى بالدعاء أن يغيثكم؛ فإن الله قريب مجيب .
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أسقنا الغيث والرحمة ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أسقنا غيثًا مغيثًا، هنيئًا مريئًا، غدقًا مجلّلاً، عامًّا نافعًا غير ضار .
اللهم أسقنا غيثًا تُحيي به البلاد وترحم به العباد وتجعله بلاغًا للحاضر والباد، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، +رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [الأعراف: 23] .
اللهم إننا نعترف بالإساءة والتقصير، ونؤمن بأنك أنت الحي القيوم أهل التقوى وأهل المغفرة، اللهم فاغفر لنا، اللهم فاغفر لنا، اللهم فاغفر لنا، +رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [الأعراف: 23] .
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا .
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
----------------
(ث1) انظر إلى هذا الأثر في هذه القصة العظيمة في تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى في جـ3 ص448.
(1) أخرجه البخاري، في كتاب الصوم (1865)، ومسلم، في كتاب الصيام (1911)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما.
(3) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم (2047) .
(4) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم (3003) (3044) (1869) .
(5) أخرجه الإمام البخاري (1324)، ومسلم، في كتاب الزكاة (1689)، من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه .
(6) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الزكاة (321) و(6878)، ومسلم في كتاب الزكاة (1685) و(597) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والإمام أحمد في مسنده، في باقي مسند المكثرين من الصحابة (9064) .
(7) أخرجه الإمام البخاري، في كتاب الزكاة (1332)، ومسلم، في كتاب الزكاة (1698)، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، ت ط ع
وللاستماع لها صوتيًا
من هنا