ما جاء في صيام عشر ذي الحجة من أحاديث والجمع بينها
سُئل الإمام العلامة ابن باز رحمه الله :
روى النسائي في سننه عن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها أن رسول اله صلى الله عليه وسلم كان لا يدع ثلاثاً: ((صيام العشر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتين قبل الغداة)). وروى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قولها: ((ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر قط)). وفي رواية: ((لم يصم العشر قط)). وقد ذكر الشوكاني في الجزء الرابع ص 324 من نيل الأوطار قول بعض العلماء في الجمع بين الحديثين، حديث حفصة، وحديث عائشة، إلا أن الجمع غير مقنع، فلعل لدى سماحتكم جمعاً مقنعاً بين الحديثين؟سُئل الإمام العلامة ابن باز رحمه الله :
قد تأملت الحديثين واتضح لي أن حديث حفصة فيه اضطراب، وحديث عائشة أصح منه. والجمع الذي ذكره الشوكاني فيه نظر، ويبعد جداً أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم يصوم العشر ويخفي ذلك على عائشة، مع كونه يدور عليها في ليلتين ويومين من كل تسعة أيام؛ لأن سودة وهبت يومها لعائشة، وأقر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فكان لعائشة يومان وليلتان من كل تسع. ولكن عدم صومه صلى الله عليه وسلم العشر لا يدل على عدم أفضلية صيامها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد تعرض له أمور تشغله عن الصوم. وقد دلَّ على فضل العمل الصالح في أيام العشر حديث ابن عباس المخرج في صحيح البخاري، وصومها من العمل الصالح. فيتضح من ذلك استحباب صومها في حديث ابن عباس، وما جاء في معناه. وهذا يتأيد بحديث حفصة وإن كان فيه بعض الاضطراب، ويكون الجمع بينهما على تقدير صحة حديث حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم العشر في بعض الأحيان، فاطلعت حفصة على ذلك وحفظته، ولم تطلع عليه عائشة، أو اطلعت عليه ونسيته. والله ولي التوفيق.