فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: (السّعي بين الصفا والمروة)
س 938: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ذكر بعض العلماء- رحمهم الله تعالى- أن استلام الحجر بعد الركعتين تحية للمسعى ما توجيه هذا القول؟
فأجاب فضيلته بقول: هذا غير صحيح، فكيف يحيا السعي في مكان ليس هو المسعى.
س 939: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل تشترط الموالاة بين الطواف والسعي؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا تشترط الموالاة بين الطواف والسعي، فيجوز للإنسان أن يطوف ثم يستريح، ثم يسعى، أو يطوف في أول النهار، ويسعى في آخر النهار، ولكن الموالاة أفضل.
س 940: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل للفصل بين الطواف والسعي زمن محدود؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس للفصل بين الطواف والسعي زمن محدود، فالموالاة بينهما ليست بشرط، لكن لا شك أن الأفضل أنه إذا طاف يسعى، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - والى بين سعيه وطوافه، ولكن لو أخر فطاف في أول النهار وسعى في آخره، أو بعد يوم أو يومين، فلا حرج عليه في هذا، لأن الموالاة بين الطواف وبين السعي سنة، وليست واجبة.
س 941: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل السعي بعد طواف القدوم للقارن والمفرد والمتمتع يجزىء عن سعي الحج؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما القارن والمفرد فسعيه بعد طواف القدوم يجزىء؛ لأن أفعال العمرة دخلت في الحج، إذ إن القارن أفعاله كأفعال المفرد تماماً، ومن المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم- الذين كانوا معه- أي قارنين- لم يسعوا مرتين.
وأما المتمتع فلا يكفيه سعي العمرة عن سعي الحج؛ لأن النسكين انفصلا، وتميز بعضهما عن الآخر، فيجب على المتمتع طواف العمرة حين يقدم مكة وسعي العمرة، ويجب عليه طواف الإفاضة، وسعي الحج، فالطواف والسعي الأول للعمرة، والطواف والسعي الثاني للحج ولا بد.
س 942: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
إذا سعى المعتمر قبل الطواف ثم طاف فماذا يلزمه؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا سعى المعتمر قبل أن يطوف ثم طاف فإنه لا يعيد إلا السعي فقط، وذلك لأن الترتيب بين الطواف والسعي واجب، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رتب بينهما وقال: "لتأخذوا عني مناسككم " وإذا أخذنا عنه - صلى الله عليه وسلم - مناسكه بدأنا بالطواف أولاً ثم بالسعي ثانياً، ولكن لو قال: أنا تعبت في السعي الأول، قلنا: إنه يؤجر على تعبه، ولكن لا يقر على الخطأ.
وذهب بعض التابعين، وبعض العلماء إلى أنه إذا سعى قبل الطواف في العمرة ناسياً، أو جاهلاً، فلا شيء عليه، كما لو كان ذلك في الحج. والله أعلم.
س 943: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ذهبت أنا وزوجتي للعمرة فلما بلغنا الحرم حاضت زوجتي فأجلستها في المسعى، ثم ذهبت وطفت ثم سعيت أنا وهي جميعاً فلما طهرت طافت فهل هذا الفعل صحيح، حيث قدمت سعي العمرة على طواف العمرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الفعل ليس بصحيح، لأنه لا يجوز تقديم سعي العمرة على طوافها، بخلاف الحج، فالحج يجوز أن تقدم سعيه على طوافه، وأما العمرة فلا، وبناء على هذا نقول: الواجب الآن عليك أن تتجنب زوجتك، أن تذهب بها من أجل أن تسعى بين الصفا والمروة، وهي لا زالت باقية على إحرامها، فعليها أن تتجنب محظورات الإحرام حتى تصل إلى مكة، وتسعى بين الصفا والمروة، وتقصر لتحل من إحرامها.
س 944: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
رجل أثناء العمرة، أدى السعي بالزيادة لأنه كان يظن أن السعي من الصفا إلى الصفا واحدة فأرجو منكم الإفادة حول هذا؟
فأجاب فضيلته بقوله: الإفادة حول هذا أن سبعة من هذه الأشواط هي صحيحة، والموافقة للشرع، والسبعة الباقية فعلها عن اجتهاد، ونرجو الله تعالى أن يثاب عليها، لكنها ليست مشروعة، فالسعي من الصفا للمروة شوط، والرجوع من المروة إلى الصفا شوط آخر، وعلى هذا فيكون ابتداؤك من الصفا وانتهاؤك بالمروة.
س 945: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
رجل سعى بدأ بالصفا ويرجع من المروة ويعتبره شوطاً واحداً جهلاً منه هل يصح سعيه؟
فأجاب بقوله: نعم يصح منه سعيه، والباقي يأجره الله على التعب، مع أن إبن القيم- رحمه الله- ذكر أن بعض العلماء توهم في هذا، وظن أن السعي دورة كاملة، فعلى هذا يسعى أربعة عشر شوطاً، وقد اشتهر بين الطلبة أن هذا عن ابن حزم- رحمه الله- وليس كذلك، والذي عن ابن حزم أن الرمل في الأشواط الثلاثة فقط في السعي كالطواف، وسبب وهمه -رحمه الله- أنه لم يحج والإنسان الذي لم يحج لا يتصور الحج كما يمكن، والعجب أنه لم يحج ويتكلم عن أحكام الحج بأحسن ما يكون من الكلام من العلماء الذين حجوا، وليس بغريب على فطاحلة العلماء، فها هو شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- لم يتزوج وإذا تكلم فيما يتعلق بالنساء وعشرتهن وغير ذلك قلت: هذا من المتزوجين.
س 946: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يعتبر السعي من الصفا إلى المروة شوطًا ومن المروة إلى الصفا شوطًا أم شوطين. أفيدونا وفقكم الله وقد كنا نحتسب الذهاب من الصفا إلى المروة والعكس شوطاً واحداً ونحن نجهل ذلك وفقكم الله؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما عملكم هذا فهو خلاف المشروع، لكن نظرًا لجهلكم يجزئكم، ويكون السعي المشروع الذي تثابون عليه هو السبعة الأشوط الأولى فقط، التي هي في حسابكم ثلاثة أشواط ونصفًا والسعي بين الصفا والمروة من الصفا إلى المروة شوط، والرجوع من المروة إلى الصفا هو الشوط الثاني، وهكذا حتى تتم الأشواط السبعة، ويكون الانتهاء بالمروة لا بالصفا، وهذا هو ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأجمع المسلمون عليه، ولم يقل أحد بخلافه إلا قولاً يكون وهما من قائله.
س 947: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
قدمت زوجتي للحج متمتعة وقامت بأداء عمرة الحج ثم تحللت بنية التمتع، ثم قمنا بأداء فريضة الحج غير أنها لم تكرر السعي واكتفينا بالسعي الأول في العمرة عملاً بقول من قال بذلك من العلماء حيث قرأنا أن في المسألة خلافاً بين العلماء وأرشدنا أحد الأخوة إلى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- بأن سعي العمرة يجزىء عن سعي الحج، وبناء عليه لم تسع وعدنا إلى جدة فنرجو من فضيلة الشيخ إرشادنا إلى الصواب جزاكم الله خيراً؟
فأجاب فضيلته بقوله: الواقع أن كثيرًا من مسائل الفقه في الدين لا تخلو من خلاف، وإذا كان العامي الذي لا يعرف يطالع كتب العلماء ويعمل بالأسهل عنده فإن هذا حرام، وقد قال العلماء: من تتبع الرخص فقد فسق، أي صار فاسقاً، والمعلوم أن اختيار شيخ الإسلام- رحمه الله- هو ما ذكره السائل، من أن المتمتع يكفيه السعي الأول الذي في العمرة، وله أدلة فيها شبهة، ولكن الصحيح أن المتمتع يلزمه سعيان، سعي للحج، وسعي للعمرة، ويدل لذلك حديثا عائشة، وابن عباس- رضي الله عنهم- وهما في صحيح البخاري، والنظر يقتضي ذلك؛ لأن كل عبادة منفردة عن الأخرى، ولهذا لو أفسد العمرة لم يفسد الحج، ولو أفسد الحج لم تفسد العمرة، ولو فعل محظوراً من المحظورات في العمرة لم يلزمه حكمه بالحج، بل الحج منفرد بأركانه وواجباته ومحظوراته، والعمرة منفردة بأركانها وواجباتها ومحظوراتها، فالأثر والنظر يقتضي انفراد كل من العمرة والحج بسعي في حق المتمتع، وعلى هذا فإن كنت متبعاً لقول شيخ الإسلام- رحمه الله- بناء على استفتاء من نثق به لعلمه وأمانته
فليس عليك شيء، لكن لا تعد لمثل ذلك، والتزم سعيين: سعياً في الحج، وسعياً في العمرة، إذا كنت متمتعاً.
س 948: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
إذا طاف من عليه سعي ثم خرج ولم يسع وأخبر بعد خمسة أيام بأن عليه سعياً فهل يجوز أن يسعى فقط ولا يطوف قبله؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا طاف الإنسان معتقداً أنه لا سعي عليه، ثم بعد ذلك أخبر بأن عليه سعياً فإنه يأتي بالسعي فقط، ولا حاجة إلى إعادة الطواف، وذلك لأنه لا يشترط الموالاة بين الطواف والسعي، حتى لو فرض إن الرجل ترك ذلك عمداً- أي أخر السعي عن الطواف عمداً- فلا حرج عليه. ولكن الأفضل أن يكون السعي موالياً للطواف.
س 949: سئل فضيلة الشيخ -رحمه الله تعالى-:
رجل جاء بالإفراد فطاف طواف القدوم وبدا له أن يسعى بعد يومين من طوافه للقدوم فهل له ذلك أم لا؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين: نعم يجوز للمفرد الذي قدم إلى مكة بنية الحج وحده أن يطوف للقدوم ويؤخر السعي يوما، أو يومين، أو أكثر، وله أن يؤخر السعي أيضاً إلى ما بعد طواف الإفاضة في يوم العيد، ولكن الأفضل أن يكون السعي موالياً للطواف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه- رضي الله عنهم- طافوا أول ما قدموا وسعوا، فهذا هو الأفضل، ولكن تأخيره لا حرفيه.
س 950: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
حجت والدتي متمتعة لكنها لم تسع بين الصفا والمروة إلا أربعة أشواط؛ لأنها مريضة وطلبت أن أحضر لها العربة لحملها عليها وأكمل معها السعي، ولكنها رفضت لجهلها وظنا منها أنها تشعر بالحرج والعجز مع العلم بأنني في العام التالي ذبحت هديًا في مكة المكرمة ولكن هل يجزىء ذلك أم نكمل لها الأشواط المتبقية مع العلم بأنها مصرة، ومن الصعب أن تحضر مرة أخرى وذلك لمرضها جزاكم الله خيراً
فأجاب فضيلته بقوله: مسألتها مشكلة على قواعد الفقهاء - رحمهم الله- وذلك لأن عملها هذا يتضمن أنها أحرمت بالحج قبل أن تتم العمرة في وقت لا يصح فيه إدخال الحج على العمرة؛ لأن إدخال الحج على العمرة إنما يكون قبل الشروع في طوافها، وهذه قد طافت وسعت أربعة أشواط، فيكون إدخال الحج على العمرة في هذه المسالة خطأ، فمن العلماء من يقول: إن إحرامها بالحج غير منعقد، وأنه لا حج لها، وفي هذه الحال يجب أن ترجع إلى مكة على إحرامها وتسعى وتقصر، لكن لو قال قائل: إنه في مثل هذه الضرورة بحكم بصحة إدخال الحج على العمرة، وتكون بذلك قارنة ويكفيها سعي واحد، وكنت أرجو أن لا بأس بذلك.
ثم إنه يقول إن أمه أبت أن يأتي بالعربة لتكمل عليها أشواط السعي. أقول في مثل هذه الحال: حتى لو أبت الأم يجب عليه أن يبين أن عمرتها لم تتم، وأنه يلزمها أن تتم عمرتها، ويؤكد عليها حتى لو غضبت، ولو زعلت؛ لأن هذا أمر عبادة لا يمكن أن يراعى فيها جانب المخلوق.
س 951: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يجوز للحاج أن يسعى ماشياً لبعض الأشواط وراكباً في بعضها الآخر إذا كان يتعب من السير المتواصل؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز، ولا حرج عليه في ذلك، والدليل على هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لأم سلمة- رضي الله عنها- أن تطوف وهي راكبة، حيث اشتكت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لها: "طوفي وراء الناس وأنتِ راكبة"
س 952: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يجوز للحاج وهو يسعى أن يجلس ليستريح ثم يواصل ويجلس وهكذا؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز له هذا، وقد ذكر أهل العلم أن الموالاة بين أشواط السعي سنة وليست بشرط، وعلى هذا فله أن يستريح ولو طال الزمن، ثم يبتدىء السعي، ولكن كلما كانت الأشواط متوالية فهو أفضل بحسب ما يستطيع.
س 953: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
إذا توقف الإنسان للاستراحة أثناء السعي فهل يباح له أن يخرج من المسعى؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يباح له أن يخرج يعني يذهب لقضاء حاجته أو يشرب وما أشبه ذلك.
س 954: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما حكم السعي في سطح المسعى، أو في الطابق الثاني، أو في الخلوة (القبو) وهل يصح السعي في تلك الحال؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما السعي فوق سواء في السطح الأعلى، أو في الأوسط فهذا لا بأس به. وأما في الخلوة أو في القبو فلا أعرف أن تخط المسعى قبوًا فليس تحته قبو، فعلى هذا يكون محل الطواف ومحل السعي ثلاثة: الأرض، والسطح الذي فوقها، والسطح الأعلى، ولو بنوا سطحاً رابعا فلا حرج، ولو بنوا خامساً فلا حرج؛ لأن الهواء تابع للقرار، كما أنه لو قدر أنه فتح قبو على طول المسعى فإنه يجزىء السعي فيه.
س 955: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
رجل سعى فأكمل الشوط الأول ومن شدة الزحام انتقل إلى السطح هل يلغي الشوط الأول أو يبني عليها؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس أن يبني على الأول إذا كان سعى ثم شق عليه للزحام فانتقل إلى فوق فلا حرج، ويكمل على الشوط الأول؛ لأنه كله مسعى، وليس هناك مدة طويلة بين انتقاله إلى السطح الأعلى من السطح الأسفل.
س 956: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
إذا كان الرجل معه امرأة أو نساء في المسعى فهل يهرولن معه أم لا؟
فأجاب فضيلته بقوله: ذكر بعض أهل العلم أن العلماء أجمعوا بأن المرأة لا تهرول لا في الطواف ولا في السعي وكان يتراءى لي في الأول أن المرأة في السعي تسعى بين العلمين- أي تركض- لأن أصل السعي من أجل أم إسماعيل، فأم إسماعيل لما تركها إبراهيم عليه الصلاة والسلام وولدها في مكة، وترك عندهما جراباً من التمر ووعاءً من الماء، فلما نفد التمر والماء قل لبنها على ابنها، وصار الابن يجوع فجعل يصيح، فضاقت عليها الأرض بما رحبت، فنظرت أقرب جبل إليها؛ لأن الولد كان عند محل الكعبة، فأقرب جبل إليها هو الصفا، فذهبت فصعدت تتسمع لعل الله يأتي بأحد، وفي هذا الوقت لم يكن أحد، فلم تسمع، فنزلت متجهة إلى المروة؛ لأنه أقرب جبل أيضاً، وفي أثناء مسيرها مرت بالوادي، وهو عادة يكون منخفضاً، فلما هبطت الوادي أسرعت لئلا يغيب عنها ولدها، فلما صعدت مشت على العادة، حتى أتت المروة فلما أتمت سبع مرات، نزل الفرج من رب الأرض والسماوات، نزل جبريل- عليه الصلاة والسلام- فركل برجله أو جناحه محل زمزم، حتى نبع الماء، فجعلت من شفقتها تحجره لئلا ينساب في الأرض، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لكانت عيناً معيناً" وجعلت تشرب من هذا الماء وكان ماءُ زمزم لما شرب له فكان يغنيها عن الطعام والشراب، فدرت على والدها، فمر ركب من جرهم ورأوا الطيور تنزل على هذه الجهة لتشرب من الماء، فتعجبوا فقالوا: ليس في هذا المكان ماء فكيف يكون؟ فذهبوا نحو ما تأوي إليه الطيور، فإذا بأم إسماعيل وولدها فنزلوا عندها، وصارت قرية- سبحان الله- بعد أن لم يكن فيها إلا الوحش، وإسماعيل وأمه.
كان يتراءى لي أن المرأة تسعى بين العلمين؛ لأن أصله من سعي أم إسماعيل، لكن لما رأيت بعض أهل العلم نقل إجماع العلماء على أن المرأة تمشي ولا تسعى رأيت أن الصواب أن تمشي بلا سعي.
بقي علينا المحرم الذي معها هل يرمل في الطواف، وهل يسعى ويتركها أم يمشى معها حسب مشيها؟
نقول: إن كانت المرأة تهتدي بنفسها وامرأة مجربة ولا يخشى عليها فلا حرج أن يرمل في الأشواط الثلاثة، ويقول لها في آخر الطواف: نلتقي عند مقام إبراهيم، وإن كانت لا تستقل بنفسها ويخشى عليها فإن مشيه معها أفضل من الرمل، وأفضل من السعي الشديد بين العلمين.
س 957: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
امرأة حاضت وقد تحفظت تحفظاً كاملا فهل يجوز لها الجلوس بالمسعى من أجل البراد حتى ينتهي أهلها من عمرتهم أم تخرج خارج المسجد في التوسعة الجديدة أم ماذا تفعل؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا حرج عليها أن تجلس في المسعى؛ لأن المسعى ليس من المسجد خارج المسجد، فله حدود معينة وجدر تحجزه عن المسجد الحرام، فليس من المسجد، وإذا جلست فيه الحائض فلا حرج عليها تنتظر أهلها، أو ما أشبه ذلك.
س 958: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل المسعى من المسجد الحرام؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذي يظهر أن المسعى ليس من المسجد الحرام، ولذلك جعلوا جداراً فاصلا بينهما، لكنه جدار قصير كما هو مشاهد في الدور الأرضي، أما الدور الأعلى فهو جدار قائم طويل فيه أبواب. وهذا لا شك أنه خير للناس لأنه لو أدخل في المسجد وجعل منه، لكانت المرأة إذا حاضت بين الطواف والسعي امتنع عليها أن تسعى.
والذي أفتي به أنها إذا حاضت بعد الطواف وقبل السعي فإنها تسعى؛ لأن المسعى لا يعتبر من المسجد. والله أعلم.
س 959: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: جماعة طافوا للعمرة بعد صلاة العصر ثم سعوا بعد صلاة المغرب وفي السعي حاضت أمهم فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا السؤال تضمن مسألتين:
المسألة الأولى: فيما ظهر لي منها: الفصل بين الطواف والسعي، والفصل بين الطواف والسعي لا بأس به، وإن كان الأفضل الموالاة بينهما، ولكن لو طاف أول النهار وسعى في الليل، أو آخر النهار فلا حرج.
المسألة الثانية: أن أمه حاضت بعد الطواف في أثناء السعي وهذا أيضاً لا بأس به، وعمرتها تامة ولا حرج عليها؛ لأن السعي ليست من شرطه الطهارة، بخلاف الطواف، فإذا أكملت المرأة الطواف وجاءها الحيض ولو قبل الركعتين خلف المقام، فإن عمرتها صحيحة ولا حرج عليها في ذلك.
س 960: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
لو قطع الساعي سعيه في منتصف الشوط الرابع للحاجة كالصلاة فهل يعيد الشوط الرابع من أوله؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا قطع الشوط سواء في الطواف، أو السعي قطعاً يبيح له المواصلة فيما بعد، فإنه يبدأ من المكان الذي قطعه منه، ولا يلزمه إعادة الشوط، حتى في الطواف فمثلاً لو أقيمت الصلاة وهو عند باب الكعبة، فإنه إذا فرغ من الصلاة يبتدئ من باب الكعبة، ولا يلزمه أن يبتدئ من الحجر؛ لأنه لا دليل على بطلان ما سبق.
س 961: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
قدمنا للحج ولما دخلنا السعي وجدنا الزحام ولم نستطع إكماله إلا شوطاً واحداً وخوفاً على أنفسنا وأطفالنا وبعد مضي ساعة تقريباً صعدنا إلى الدور الثاني وأكملنا السعي مبتدئين من الشوط الثاني فهل يجوز هذا أم لا نرجو منكم إفتاءنا؟
فأجاب فضيلته بقوله: الأفضل لو أعدتم الشوط الأول حتى تكون الأشواط متوالية، ولكن الأمر قد وقع وفات فليس عليكم شيء، إنما لو وقع مثل هذا الأمر فإن إعادة الأشواط السابقة أولى وأحسن، خروجًا من خلاف من يرى أن الموالاة في السعي شرط وليست بسنة.
س 962: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يشترط رؤية البيت إذا سعى؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس بشرط، لكن جابرًا- رضي الله عنه- يقول (حتى رأى البيت) ليبين مقدار ارتفاعه.
س 963: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما حكم من حج مع رفقائه، وهو جاهل بمناسك الحج والعمرة، وبعدما قضى حجه ومضى على ذلك مدة، عرف مناسك الحج والعمرة، وشك بقوة في أنه لم يسع فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذي نرى أنه إذا شك الإنسان في أنه طاف، أو سعى، أو رمى مع طول المدة، فإنه لا يلتفت لهذا الشك، وذلك لأن النسيان يرد كثيراً على الإنسان، فليطرح الشك وليبعده عن قلبه؛ لأن الإنسان إذا طرأت عليه الشكوك وكثرت عليه، تذبذب في حياته وتعب، ولحقه الوسواس في طهارته وصلاته، بل وفي أهله، فالذي أرى أن يعرض عن هذا الشك ويتلهى عنه. أما إذا تيقن فحينئذ يفتى بما يقتضيه الحال، وأما إذا كان مجرد شك: هل سعى أو لم يسع، فالأصل أنه سعى، وأن هؤلاء الرفقة سيسعون وسيسعى معهم، فأرى أن يتلهى عن ذلك ولا يخطر على باله، والأصل السلامة.
ولهذا قال العلماء قاعدة ينبغي أن نفهمها، وهي: (أن الشك بعد فراغ العبادة لا يؤثر ما لم يتيقن) فمثلاً لو سلمت من الصلاة ثم بعد السلام شككت هل صليت ثلاثاً، أو أربعاً، فلا تلتفت إلى هذا الشك، إلا إذا تيقنت بأنك صليت ثلاثاً فحينئذ تأتي بما يلزمك في هذه المسألة.
س 964: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
رجل أدى عمرة ولكن سعيه ناقص شوطًا فماذا يلزمه؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الرجل لا يزال على إحرامه يجب أن يخلع ثيابه ويتجنب محظورات الإحرام ويلبس ثياب الإحرام من بلده الذي هو فيها فوراً، ويذهب إلى مكة ويسعى من جديد؟ لأنه إلى الآن في عمرته.
س 965: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما هي السنة عند الصعود على الصفا للمعتمر؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا أعرف بالنسبة للعمرة سنة في ذلك، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع لما أقبل على الصفا قرأ (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) "أبدأ بما بدأ الله به" والأصل أن ما ثبت في الحج ثبت في العمرة إلا ما دل الدليل، أو الإجماع على خلافه. والدليل على هذا الأصل أن النبي قال للمتغمس في الخلوق "واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك " وأخذ من هذا الحديث العام أن كل ما ثبت في الحج ثبت في العمرة، إلا مادل الدليل أو الإجماع على خلافه، وهذا أوجب لي أن أذهب إلى ما ذهب إليه الشافعي وكثير من أهل العلم- رحمهم الله- من وجوب طواف الوداع للمعتمر كما يجب ذلك للحاج.
س 966: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما حكم رفع اليدين عند التكبير فوق الصفا أو المروة؟ وأقصد رفع اليدين كهيئة من يريد الدخول في الصلاة فأنا أرى الناس يفعلون ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: هؤلاء الذين يرفعون أيديهم على الصفا والمروة ويشيرون بها كأنما يريدون أن يكبروا في الصلاة ليس عندهم علم، والمشروع في رفع اليدين على الصفا وعلى المروة أن يرفعهما رفع دعاء، وهكذا أيضاً عند إشارة إلى الحجر الأسود كثير من الناس يشيرون إليه كأنما يريدون الدخول في الصلاة، وهذا أيضاً لا أصل له، الإشارة بيد واحدة وهي اليمنى.
س 967: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
قد يشق على الساعي الصعود على الصفا والمروة من الزحام فهل يوجد حد أدنى للصعود عليهما، نأمل تحديده تماماً؟
فأجاب فضيلته بقوله: حد السعي الواجب استيعابه هو الحد الفاصل بالعربيات، فنهاية طريق العربيات هو منتهاه، هو حد المكان الذي يجما استيعابه في السعي لأن الذين وضعوا طريق العربيات وضعوه على منتهى ما يجب السعي فيه، ومع هذا فلو أن الإنسان إذا وصل إلى حد طريق العربيات تقدم قليلاً نحو متر ثم رجع فقد تم سعيه، وإن لم ينته من الصعود إلى أعلى الصفا وأعلى المروة.
س 968: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يلزم الإنسان إذا سعى في الدور الثاني أو السطح أن يدور على قبة الصفا وقبة المروة أو أن ذلك ليس بلازم حيث نرى الزحام في الدوران عليهما؟
فأجاب فضيلته بقوله: الدوران على قبة الصفا أوالمروة ليس بلازم؛ لأن الواجب استيعاب المسعى إلى نهاية ممر العربيات، وممر العربيات دون مكان الدوران بكثير.
س 969: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-
ما هي السنة في سعي المرأة بين العلامتين الخضراوين هل تسرع في السعي أم لا؟
فأجاب فضيلته بقوله: المرأة لا تسرع لا في الطواف في الثلاثة أشواط الأولى ولا بين العمودين الأخضرين في السعي، وقد حكى بعض العلماء إجماع أهل العلم على أن المرأة لا يلزمها ركض ولا رمل، وعلى هذا يكون الدليل المخصص هو إجماع العلماء- رحمهم الله- أن المرأة لا تسعى ولا ترمل.
س 970: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-
هل يجوز للحائض أن تسعى قبل طواف الإفاضة ويبقى عليها طواف الإفاضة إذا طهرت؟ وهل تطوف في نفس الوقت طواف وداع؟
فأجاب فضيلته بقوله: يجوز للحائض وغير الحائض أن تقدم السعي على طواف الإفاضة، ولكن الأفضل أن يبدأ بالطواف ويسعى بعده، وطواف الإفاضة مجزىء عن طواف الوداع، إذا جعله الإنسان عند خروجه، يعنى أن السعي بعد الطواف لا يمنع من كون الطواف آخر ما يكون؛ لأن هذا السعي تابع للطواف.
س 971: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
أديت العمرة ونظراً لمرضي لم أستطع السعي، فطفت وصليت ركعتين وتحللت، فهل عمرتي صحيحة؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذه العمرة ليس صحيحة؛ لأن السعي ركن في العمرة، فلابد أن تسعى، ولهذا فعلى السائل أن يذهب الآن ويلبس ثياب الإحرام، ويسعى بين الصفا والمروة ويقصر رأسه؛ لأن التقصير الأول في غير محله، أو يحلق رأسه.
ويجب على الإنسان أن لا يقدم على شيء يخل بالعبادة إلا بعد سؤال أهل العلم؛ لئلا يقدم على أمر منكر عظيم وهو لا يشعر، والعبادات ليست على هوى الإنسان، يحذف منها ما يشاء ويقتصر على ما يشاء.
وهذا السائل لا يترتب على عمله هذا إثم لأنه جاهل، فحتى لو جامع أهله وهو جاهل فلا شيء عليه، وهكذا جميع المحظورات إذا فعلها الإنسان جاهلاً، أو ناسياً، أو غير قاصد كالمكره فلا إثم عليه، ولا كفارة.
س 972: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هذا الرجل الذي ترك السعي هل يلزمه غير القضاء وهو متزوج؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يلزمه غير القضاء، ولكن يحرم عليه النساء فيتجنب زوجته حتى يسعى.
س 973: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
إذا أذن للصلاة وهو في المسعى بين الصفا والمروة وهو على غير طهارة فهل يجوز له أن يخرج خارج الحرم ليتوضأ ويرجع ليصلي مع الناس ثم يكمل سعيه؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم لابد أن يخرج ويتوضأ ويصلي مع الجماعة، وفي هذه الحال إن كان الفصل طويلاً استأنف السعي، وإن كان قصيراً فلا يستأنف، فإذا قدر أن الميضأة قريبة من المسعى، ولن يستغرق وقتاً، وأنه من حين جاء أقيمت الصلاة فهذا زمن قليل فليتم السعي، وأما إذا كان الزمن طويلاً مثل أن تكون الميضأة بعيدة، بحيث يكون الفاصل بين أجزاء السعي فاصلاً طويلاً فإنه يأتي بالسعي من أوله.
س 974: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-
رجل خرج منه ريح أثناء السعي بين الصفا والمروة فهل عليه شيء؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا خرج من الإنسان ريح وهو يسعى فلا إثم عليه، لأن السعي لا تشترط له الطهارة وكذلك لو خرج منه ريح وهو يطوف فلا شيء عليه على ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- ولا سيما في مثل هذه الأوقات التي يكون فيها الزحام شديداً ولو ذهب الإنسان يتوضأ ثم عاد وبدأ في الطواف من الأول لكان فيه مشقة عليه وأذية لغيره، وأما السعي فلا إشكال فيه أنه إذا أحدث يتم ولا شيء عليه.
س 975: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
قام أخي بأداء العمرة في أول شهر رمضان، ولكنه بدأ من المروة في السعي وانتهى في الصفا ثم تحلل وحلق ولقد سافر إلى بلده وهي بعيدة فهل يحق لي أن أكمل الشوط الأخير بدلا عنه؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا سؤال غريب يقول إن أخاه في السعي بدأ بالمروة وختم بالصفا إذن ما بقي عليه إلا شوط واحد وهو أن يرجع من الصفا إلى المروة فيتم له سبعة أشواط ويلغي الشوط الأول الذي ابتدأه من المروة لكن هذا يسأل هل يجوز بعد أن تحلل أخوه وذهب إلى بلده وربما يكون قد تزوج أو ربما جامع زوجته أن كانت له زوجة أن أكمل عنه هذا الشوط، أقول لهذا السائل: لو أن أخاك توضأ وبقي على وضوئه أن يغسل إحدى يديه ثم ذهب وصلى وانتهى من صلاته ثم غسلت يدك هل يجزي هذا أو لا يجزيء؟
لا يجزيء! هذا أيضاً مثله، ولهذا أقول: يجب عليك الآن أن تتصل بأخيك هاتفياً وتقول له اخلع ثيابك لأنك لم تزل محرماً اخلع ثيابك وأت بثياب الإحرام إلى مكة واسع من أول الأمر من جديد وقصر أو أحلق ثم إذا أردت أن تطوف إلى بلدك تطوف للوداع لأن العمرة لابد فيها من وداع ثم تسافر، وإنني بهذه المناسبة أن لا يقدموا على عمل صالح يتعبدون به لله إلا وقد عرفوا كيف يعملون من أجل أن يعبد الله على بصيرة لأنه إذا عملوا عملاً مخلاً ثم جاءوا يسألون لا فائدة من ذلك ليسأل أو لا، ثم يعمل، ولهذا قال البخاري- رحمه الله- في صحيحه. باب العلم قبل القول والعمل. ثم استدل بقوله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) أرأيتم لو أن إنساناً أراد أن يسافر من هنا إلى المدينة وليس هناك خط مسفلت هل يخرج من مكة ويقول أنا متجه إلى المدينة وهو لا يعرف الطريق أو لابد أن يسأل قبل أن يسافر؟ لابد أن يسأل وإذا كان الإنسان لابد يسأل في الطريق الحسي فكذلك في الطريق المعنوي وهو الطريق الموصل إلى الله، نسأل الله أن يهدينا وإياكم إلى الصراط المستقيم.
س 976: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
رجل اعتمر هو وزوجته فهل يسعى هو سعياً شديداً بين العلمين؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يسعى لا سيما في أيام المواسم والزحام؛ لأنه لو سعى ضيعها، فلا يسعى مطلقاً، لكن ذكر بعضهم هنا إشكالاً وهو إذا كان أصل سعينا بين العلمين من أجل سعي أم إسماعيل وهي امرأة فلماذا لا نقول إن النساء أيضاً يسعين.
فالجواب من وجهين:
الأول: أن أم إسماعيل سعت لوحدها، ليس معها رجال.
الثاني: أن بعض العلماء كابن المنذر حكى الإجماع على أن المرأة لا ترمل في الطواف، ولا تسعى بين العلمين، وحينئذ لا يصح لأنه قياس مع الفارق، والثاني: مخالفة الإجماع إن صح.
س 977: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما هو الدعاء والذكر المشروع عند الصفا والمروة، وهل يرفع يديه عند الدعاء والتكبير. وما كيفية ذلك وما القدر المجزىء صعوده في كل من الصفا والمروة. وهل تسرع النساء، أو من معه نساء بين العلمين الأخضرين، وهل هناك دعاء مشروع في أثناء السعي، وما الحكمة في السرعة بين العلمين الأخضرين؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا السؤال يشتمل على عدة نقاط: أما النقطة الأولى: فإن المشروع عند الصفا والمروة أن الإنسان إذا دنا من الصفا في أول ابتداء السعي فإنه يقرأ قول الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) أبدأ بما بدأ الله به، ثم يصعد الصفا حتى يرى البيت، ثم يرفع يديه كرفعهما في الدعاء ويكبر، ويقول: لا إله إلا الله وحده، لا شريك له له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو بما شاء، ثم يعيد الذكر مرة ثانية، ثم يدعو بما شاء، ثم يعيد الذكر مرة ثالثة، ثم ينزل ماشيًا إلى العلم الأخضر، فإذا وصل العلم الأخضر سعى سعياً شديداً، أي ركض ركضاً شديداً إلى العلم الآخر، ثم مشى على عادته، إلا النساء فإنهنَّ لا يسعين بين العلمين، وكذلك من كان مصاحباً للمرأة لا يسعى من أجل مراعاة المرأة والحفاظ عليها، وإذا أقبل على المروة لا يقرأ: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ). وكذلك إذا أقبل علِ الصفا في المرة الثانية لا يقرأ: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) لأن ذلك لم يرد.
ويدعو في سعيه بما أحب، وله أن يقرأ القرآن، وأن يذكر الله عز وجل، ويسبِّح ويهلل ويكبِّر، فإذا وصل إلى المروة صعد عليها، وفعل مثل ما فعل على الصفا.
أما الفقرة الثانية وهي قوله: ما هو القدر الذي يكفي للصعود على الصفا والمروة فنقول: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ارتقى على الصفا حتى رأى البيت، أو رأى الكعبة، وهذا يحصل بأدنى قدر من الصعود.
وأما الحكمة من السعي بين العلمين اتباع سنة النبي، - صلى الله عليه وسلم - وتذكر حال أم إسماعيل، حيث كانت إذا هبطت الوادي وهو ما بين العلمين أسرعت لكي تلاحظ ابنها إسماعيل، والقصة مطولة في صحيح البخاري (1).
س 978: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
قلتم لا يدعو بعد التكبيرة الثالثة عند السعي فما الدليل؟
فأجاب فضيلته بقوله: لأن حديث جابر- رضي الله عنه- قال: "ثم دعا بين ذلك " ولم يقل دعا بعد ذلك.
س 979: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء على الصفا والمروة أو بعد الدعاء مطلقاً؟
فأجاب فضيلته بقوله: الصحيح أن مسح الوجه باليدين بعد الدعاء ليس بمشروع؛ لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك شيء.
س 980: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما هي الأخطاء الواقعة عند الذهاب إلى المسعى وفي المسعى والدعاء فيه؟
فأجاب فضيلته بقوله: الأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج في هذه الأمور. أما بالنسبة للخروج إلى المسعى فلا يحضرني شيء من ذلك الآن، وأما في المسعى فإنه يحضرني الأخطاء التالية:
الخطأ الأول: النطق بالنية فإن بعض الحجاج إذا أقبل على الصفا قال: إني نويت أن أسعى سبعة أشواط لله تعالى، ويعين النسك الذي يسعى فيه، يقول ذلك أحياناً إذا أقبل إلى الصفا، وأحياناً إذا صعد على الصفا، وقد سبق أن النطق بالنية من البدع، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم ينطق بالنية لا سراً ولا جهراً، وقد قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)) (1) وقال النبي: "إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها" وهذا الخطأ يتلافى بأن يقتصر الإنسان على ما في قلبه من النية، وهو إنما ينوي إلى الله عز وجل، والله تعالى عليم بذات الصدور.
الخطأ الثاني: أن بعض الناس إذا صعد إلى الصفا واستقبل القبلة جعل يرفع يديه ويشير بهما، كما ذلك في تكبيرات الصلاة صلاة الجنازة، أو تكبيرات الإحرام، أو في الركوع والرفع منه، أو القيام من التشهد الأول، يرفعهما إلى حذو منكبيه ويشير، وهذا خطأ فإن الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك أنه رفع يديه وجعل يدعو، وهذا يدل على أن رفع اليدين هنا رفع دعاء، وليس رفعاً كرفع التكبير، وعليه فينبغي للإنسان إذا صعد الصفا أن يتجه إلى القبلة، ويرفع يديه للدعاء، ويأتي بالذكر الوارد عن النبي في هذا المقام، ويدعو كما ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
الخطأ الثالث: أن بعض الحجاج يمشي بين الصفا والمروة مشياً واحداً، مشيه المعتاد، ولا يلتفت إلى السعي الشديد بين العلمين الأخضرين، وهذا خلاف السنة، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسعى سعياً شديدًا في هذا المكان، أعني المكان الذي بين العلمين الأخضرين، وهما إلى الصفا أقرب منهما إلى المروة، فالمشروع للإنسان إذا وصل إلى العلم الخضر الأول الذي يلي الصفا أن
يسعى شديداً بقدر ما يتحمله، بشرط أن لا يتأذى أحداً بذلك، وهذا إنما يكون حينما يكون المسعى خفيفاً فيسعى بين هذين العلمين، ثم يمشي إلى المروة مشيه المعتاد، هذه هي السنة.
الخطأ الرابع: على العكس من ذلك فإن بعض الناس إذا كان يسعى تجده يرمل في جميع السعي من الصفا إلى المروة، ومن المروة إلى الصفا فيحصل في ذلك مفسدتان، أو أكثر:
المفسدة الأولى: مخالفة السنة.
والمفسدة الثانية: الإشقاق على نفسه، فإن بعض الناس يجد المشقة الشديدة في هذا العمل، لكنه يتحمل بناء على اعتقاده أن ذلك هو السنة، فتجده يرمل من الصفا إلى المروة، ومن المروة إلى الصفا، وهكذا حتى ينتهي سعيه، ومن الناس من يفعل ذلك
لا تحريًا للخير، ولكن حبًا للعجلة، وإنهاءً للسعي بسرعة، وهذا شر مما قبله؛ لأن هذا ينبىء عن تبرم الإنسان بالعبادة، وملله منها، وحبه الفرار منها، والذي ينبغي للمسلم أن يكون قلبه مطمئناً، وصدره منشرحا، بالعبادة يحب أن يتأنى فيها على الوجه المشروع الذي جاءت به سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أما أن يفعلها وكأنه يريد الفرار منها، فهذا دليل على نقص إيمانه، وعدم اطمئنانه بالعبادة.
والمفسدة الثالثة: في الرمل في جميع أشواط السعي: أنه يؤذي الساعين، فأحياناً يصطدم بهم ويؤذيهم وأحياناً، وأحيانًا يكون مضيقًا عليهم، ومزاحمًا لهم فيتأذون بذلك، فالنصيحة لإخواني المسلمين في هذا المقام أن يتأسوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن هديه خير الهدي، وأن يمشوا في جميع الأشواط إلا في ما بين العلمين، فإنهم يسعون سعياً شديداً، كما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مالم يتأذوا بذلك، أو يؤذوا غيرهم.
الخطأ الخامس: أن بعض الناس يتلو قول الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) في كل شوط كلما أقبل على الصفا، وكلما أقبل على المروة، وهذا خلاف السنة، فإن السنة الواردة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تلاوة هذه الآية أنه تلاها حين دنا من الصفا، بعد أن أتم الطواف وركعتي الطواف، وخرج إلى المسعى، فلما دنا من الصفا قرأ: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)، أبدأ بما بدأ الله به إشارة منه - صلى الله عليه وسلم - أنه إنما جاء ليسعى، لأن هذا من شعائر الله عز وجل، وأنه إنما بدأ من الصفا؛ لأن الله تعالى بدأ به، فتكون تلاوة هذه الآية مشروعة عند ابتداء السعي إذا دنا من الصفا وليست مشروعة كلما دنا من الصفا في كل شوط، ولا كلما دنا من المروة، وإذا لم تكن مشروعة فلا ينبغي للإنسان أن يأتي بها إلا في الموضع الذي أتى بها فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
الخطأ السادس: أن بعض الذين يسعون يخصصون كل شوط بدعاء، وقد سبق أن هذا من البدع، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يخصص كل شوط بدعاء معين، لا في الطواف، ولا في السعي أيضاً، وإذا كان هذا من البدع، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل بدعة ضلالة" وعليه فاللائق بالمؤمن أن يدع هذه الأدعية، وأن يشتغل بالدعاء الذي يرغبه ويريده، فيدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة، ويذكر الله ويقرأ القرآن، وما أشبه ذلك من الأقوال المقربة إلى الله سبحانه وتعالى فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما جعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله".
الخطأ السابع: الدعاء من كتاب لا يعرف معناه، فإن كثيراً من الكتب التي بأيدي الحجاج لا يعرف معناها بالنسبة لحاملها، وكأنهم يقرؤونها تعبداً لله تعالى بتلاوة ألفاظها؛ لأنهم لا يعرفون المعنى، لاسيما إذا كانوا غير عالمين باللغة العربية، وهذا من الخطأ أن تدعو الله سبحانه وتعالى بدعاء لا تعرف معناه.
والمشروع لك أن تدعو الله سبحانه وتعالى بدعاء تعرف معناه، وترجو حصوله من الله عز وجل، وعليه فالدعاء بما تريده أنت بالصيغة التي تريدها، ولا تخالف الشرع أفضل بكثير من الدعاء بهذه الأدعية التي لا تعرف معناها، وكيف يمكن لشخص أن يسأل الله تعالى شيئاً وهو لا يدري ماذا يسأله، وهل هذا إلا من إضاعة الوقت والجهل؟ ولو شئت لقلت: إن هذا من سوء الأدب مع الله عز وجل أن تدعو الله سبحانه وتعالى بأمر لا تدري ما تريده منه.
الخطأ الثامن: البداءة بالمروة، فإن بعض الناس يبدأ بالمروة جهلاً منه، يظن أن الأمر سواء فيما إذا بدأ من الصفا أو بدأ من المروة، أو يسوقه تيار الخارجين من المسجد حتى تكون المروة أقرب إليه من الصفا، فيبدأ بالمروة جهلاً منه، وإذا بدأ الساعي بالمروة فإنه يلغى الشوط الأول، فلو فرضنا أنه بدأ بالمروة، فأتم سبعة أشواط فإنه لا يصح منها إلا ستة؛ لأن الشوط الأول يكون لاغياً، وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى وجوب البداءة بالصفا حيث قال: "أبدأ بما بدأ الله به".
الخطأ التاسع: أن بعض الناس يعتبر الشوط الأول من الصفا إلى الصفا، يظن أنه لابد من إتمام دورة كاملة كما يكون في الطواف من الحجر إلى الحجر، فيبدأ بالصفا وينتهي إلى المروة ويجعل هذا نصف الشوط لا كله، فإذا رجع من المروة إلى الصفا اعتبر هذا شوطاً واحد، وعلى هذا فيكون سعيه أربعة عشر شوطاً، وهذا أيضاً خطأ عظيم وضلال بَيَّن، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعى بين الصفا
والمروة سبعة أشواط، لكنه ابتدأ بالصفا، واختتم بالمروة، وجعل الذهاب من الصفا إلى المروة شوطاً، والرجوع من المروة إلى الصفا شوطاً آخر، وهذا الذي يقع من بعض الحجاج إنما يكون جهلاً منهم بالسنة وتفريطاً منهم في عدم التعلم، وقد أشرنا مراراً إلى أنه ينبغي، بل يجب على المسلم إذا أراد أن يفعل العبادة أن يعلم حدود الله فيها قبل أن يفعلها، وهذا التعلم من فروض الأعيان؛ لأنه لا يستقيم دين المرء إلا به، فيجب عليه أن يتعلم حدود ما أنزل الله في هذه العبادة، ليعبد الله تعالى على بصيرة.
الخطأ العاشر: السعي في غير النسك، يعنى أن بعض الناس يتعبد الله تعالى بالسعي بين الصفا والمروة في غير حج ولا عمرة، يظن أن التطوع بالسعي مشروع كالتطوع بالطواف، وهذا أيضاً خطأ، والذي يدلنا على هذا، أنك تجد بعض الناس في زمن العمرة- أي في غير زمن الحج- يسعى بين الصفا والمروة بدون أن يكون عليه ثياب الإحرام، مما يدل على أنه محل فإذا سألته: لماذا فعلت؟
قال: لأني أتعبد الله عز وجل بالسعي كما أتعبد بالطواف. وهذا جهل مركب؛ لأنه صار جاهلاً بحكم الله، وجاهلاً بحاله، حيث ظن أنه عالم وليس بعالم، أما إذا كان السعي في زمن الحج بعد الوقوف بعرفة فيمكن أن يسعى الإنسان وعليه ثيابه المعتادة؛ لأنه يتحلل برمي جمرة العقبة يوم العيد، بالحلق أو التقصير، ثم يلبس ثيابه، ثم يأتي إلى مكة ليطوف ويسعى بثيابه المعتادة.
على كل حال أقول: إن بعض الناس يتعبد لله تعالى بالسعي بغير حج ولا عمرة، وهذا لا أصل له، بل هو بدعة، وهو لا يقع غالباً إلا من شخص جاهل، لكنه يعتبر من الأخطاء في السعي.
الخطأ الحادي عشر: التهاون بالسعي على العربة من غير عذر، فإن بعض الناس يتهاون بذلك، ويسعى على العربة بدون عذر، مع أن كثيراً من أهل العلم قالوا: إن السعي راكباً لا يصح إلا بعذر، وهذه المسألة مسألة خلاف بين العلماء، أي هل يشترط في السعي أن يكون الساعي ماشياً إلا من عذر أو لا يشترط؟ ولكن الإنسان ينبغي له أن يحتاط لدينه، وأن يسعى ماشياً مادام قادراً، فإن عجز فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -لأم سلمة- رضي الله عنها- حين قالت: إني أريد أن أطوف وأجدني شاكية، قال: "طوفي من وراء الناس وأنت راكبة"فأذن لها بالركوب في الطواف؛ لأنها مريضة، وهكذا نقول في السعي: إن الإنسان إذا كان لا يستطيع، أو يشق عليه مشقة تتعبه فلا حرج عليه أن يسعى على العربة. هذا ما يحضرني من الأخطاء في السعي.
س 981: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل من السنة صعود المرأة إلى الصفا؟
فأجاب فضيلته بقوله: المعروف عند الفقهاء أنه لا يُسنُّ للمرأة أن تصعد الصفا والمروة، وإنما تقف عند أصولهما، ثم تنحرف لتأتى ببقية الأشواط، لكن لعل هؤلاء النساء اللاتي يشاهدن صاعدات على الصفا والمروة يكن مع محارمهن، ولا يتسنى لهن مفارقة المحارم؛ لأنهن يخشين من الضياع، وإلا فإن الأولى للمرأة أن لا تزاحم الرجال في أمر ليس مطلوبًا منها.
س 982: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يلزم السعي الشديد في العودة من المروة إلى الصفا بين العلمين الأخضرين؟
فأجاب فضيلته بقوله: السعي الشديد ليس بلازم، لكن الأفضل أن يسعى سعياً شديداً بين العلمين في ذهابه من الصفا إلى المروة، وفي رجوعه من المروة إلى الصفا؛ لأن كل مرة من هذه شوط، والسعي بين العلمين مشروع في كل شوط.
س 983: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يشرع للحاج عندما يصعد للصفا أن يقرأ قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ) إلى آخر الآية، أم يقتصر على قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) وهل يشرع أن يقول: "أبدأ بما بدأ الله به " كلما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
فأجاب فضيلته بقوله: الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث جابر قوله- أي جابر رضي الله عنه فلما دنا من الصفا قرأ (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)فيتحمل أنه قرأ الآية كلها، ويحتمل أنه قرأ هذا الجزء منها، فإن كمل الآية فلا حرج عليه.
وأما قوله "أبدأ بما بدأ الله به" فيقولها الإنسان أيضاً اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإشعاراً لنفسه أنه فعل ذلك طاعة لله عز وجل، حيث ذكر الله تعالى أنهما من شعائر الله وبدأ بالصفا.
س 984: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ذكرتم من الأخطاء في الطواف والسعي الدعاء من الكتب فهل ينطبق هذا على الناس الذين يطوفون ويسعون بهم ويقولون أدعية يرددها الناس خلفهم؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم، هو ينطبق على هؤلاء؛ لأن هؤلاء أيضاً كانوا قد حفظوا هذه الأدعية من هذا الكتاب، ولعلك لو ناقشت بعضهم- أي بعض هؤلاء المطوفين- عن معاني ما يقول لم يكن عنده من ذلك خبر ولكن مع ذلك قد يكون من خلفه لا يعلمون اللغة العربية، ولا يعرفون معنى ما يقولون، وإنما يرددونه تقليداً لصوته فقط، وهذا من الخلل الذي يكون من المطوفين، ولو أن المطوفين أمسكوا الحجاج الذين يطوفونهم، وعلموهم تعليماً عند كل طواف، وعند كل سعي، فيقولون لهم مثلاً: أنتم الآن ستطوفون فقولوا كذا، وافعلوا كذا، وادعوا بما شئتم، ونحن معكم نرشدكم إن ضللتم فهذا طيب، وهو أحسن من أن يرفعوا أصواتهم بتلقينهم الدعاء الذي لا يعرفون معناه، والذي قد يكون فيه تشويش على الطائفين، فهم إذا قالوا: نحن أمامكم وأنتم افعلوا كذا أشيروا مثلاً إلى الحجر، أو استلموه إن تيسر لكم، أو ما أشبه ذلك، وقولوا كذا، وكبروا عند محاذاة الحجر الأسود وقولوا بينه وبين الركن اليماني (ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) إلى غير ذلك من التوجيهات لكان هذا أنفع للحاج وأخشع، أما أن يؤتى بالحاج وكأنه ببغاء يقلد بالقول والفعل هذا المطوف، ولا يدري عن شيء أبدًا، وربما لو قيل له بعد ذلك: طف. ما استطاع أن يطوف لأنه لا يعرف الطواف، وإنما كان يمشى يردد وراء هذا المطوف، فهذا هو الذي أرى أنه أنفع للمطوفين والطائفين أيضاً.
س 985: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
بالنسبة للتقصير والحلق بعد السعي للعمرة أو الإحلال من الحج في منى هل هناك أخطاء؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم، في الحلق أو التقصير في العمرة يحصل أخطاء منها:
الخطأ الأول: أن بعض الناس يحلق بعض رأسه حلقاً تاماً بموسى ويبقى البقية، وقد شاهدت ذلك بعيني، فقد شاهدت رجلاً يسعى بين الصفا والمروة، وقد حلق نصف رأسه تماماً، وأبقى بقية شعره، وهو شعر كثيف بيَّن، فأمسكت به وقلت له: لماذا صنعت هذا؟ فقال: صنعت هذا؛ لأني أريد أن أعتمر مرتين، فحلقت نصفه للعمرة الأولى، وأبقيت نصفه لعمرتي هذه.
وهذا جهل وضلال لم يقل به أحد من أهل العلم.
الخطأ الثاني: أن بعض الناس إذا أراد أن يتحلل من العمرة، قصر شعرات قليلة من رأسه، ومن جهة واحدة، وهذا خلاف ظاهر الآية الكريمة، فإن الله تعالى يقول:(مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ)
فلابد أن يكون للتقصير أثر بيَّن على الرأس، ومن المعلوم أن قص شعرة، أو شعرتين، أو ثلاث شعرات لا يؤثر، ولا يظهر على المعتمر أنه قصّر، فيكون مخالفًا لظاهر الآية الكريمة.
ودواء هذين الخطأين أن يحلق جميع الرأس إذا أراد حلقه، وأن يقصر من جميع الرأس إذا أراد تقصيره، ولا يقصر على شعرة أو شعرتين.
وهناك خطأ ثالث، وذلك أنه إذا فرغ من السعي، ولم يجد حلاَّقاً يحلق عنده أو يقصر، ذهب إلى بيته فتحلل ولبس ثيابه، ثم حلق أو قصر بعد ذلك، وهذا خطأ عظيم؛ لأن الإنسان لا يحل من العمرة إلا بالحلق، أو التقصير؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أمر أصحابه في حجة الوداع، أمر من لم يسق الهدي أن يجعلها عمرة، قال: "فليقصر ثم ليحلل " وهذا يدل على أنه لا حل إلا بعد التقصير.
وعلى هذا فإذا فرغ الحاج من السعي ولم يجد حلاَّقًا، أو أحداً يقصر رأسه، فليبق على إحرامه حتى يحلق أو يقصر، ولا يحل له أن يتحلل قبل ذلك، فلو قدر أن شخصاً فعل هذا جاهلاً بأن تحلل قبل أن يحلق أو يقصر ظناً منه أن ذلك جائز، فإنه لا حرج عليه لجهله، ولكن يجب عليه حين يعلم أن يخلع ثيابه، ويلبس ثياب الإحرام، لأنه لا يجوز له التمادي في الحل مع علمه بأنه لم يحل ثم إذا حلق أو قصر تحلل.
هذا ما يحضرني الآن من الأخطاء في الحلق والتقصير.
س 986: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما حكم الحلق أو التقصير في العمرة؟ وأيهما أفضل؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحلق أو التقصير بالنسبة للعمرة واجب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة في حجة الوداع وطاف وسعى، أمر كل من لم يسق الهدي أن يقصر ثم يحل، فلما أمرهم أن يقصروا، والأصل في الأمر الوجوب، دل على أنه لابد من التقصير، ويدل لذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم حين أحصروا في غزوة الحديبية أن يحلقوا، حتى إنه - صلى الله عليه وسلم - غضب حين توانوا في ذلك.
وأما هل الأفضل في العمرة التقصير أو الحلق؟ فالأفضل الحلق إلا للمتمتع الذي قدم متأخراً، فإن الأفضل في حقه التقصير من أجل أن يوفر الحلق للحج.
س 987: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
حاج متمتع طاف وسعى للعمرة ولبس ملابسه العادية ولم يقصر ولم يحلق وسأل بعد الحج فأخبر أنه أخطأ فماذا يفعل؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الرجل يعتبر تاركاً لواجب من واجبات العمرة وهو الحلق أو التقصير، وعليه عند أهل العلم أن يذبح فدية في مكة، ويوزعها على فقراء مكة، وهو باق على تمتعه وعمرته صحيحة.
س 988: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة تقول:
قمت بعمل عمرة وهي أول عمرة لي، ونسيت أن أقص من شعري، فقلت: عندما أذهب للبيت سوف أقصه: ولكنني عندما ذهبت إلى البيت نسيت ذلك فماذا على الآن؟
فأجاب فضيلته بقوله: كان الواجب عليها أن تسأل في وقت العمرة، والآن كم لها من وقت، فلا أستطيع أن أفتيها وهي لم تبين لي متى كان ذلك؟
س 989: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
امرأة اعتمرت هذا العام ونسيت أن تقصر من شعرها، وحلت من الإحرام بعد الطواف والسعي، ولم تذكر التقصير إلا في الرياض، فما الحكم جزاكم الله خيراً؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين، وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، إذا نسيت أن تقصر في العمرة ولم تذكر إلا وهي في الرياض فإنها تقصر، ولا حرج عليها إن شاء الله.
وإنني بهذه المناسبة: أود أن أذكر إخواننا المسلمين أنهم إذا أرادوا أن يفعلوا عبادة- أي عبادة كانت- فليقبلوا عليها بجد، وليشغلوا قلوبهم بها، وليهتموا بها.
والناحية الثانية: أن يتعلموا أحكامها، وماذا يجب عليهم فيها، حتى يعبدوا الله تعالى على بصيرة، وما أكثر الذين يسألون عن أشياء أخلوا بها في مناسكهم في الحج أو العمرة، وربما يمضي عليهم سنوات كثيرة لم يتفطنوا إلا بعد مضي هذه السنوات، وهذا لا شك أنه نقص. فالإنسان لو أراد أن يسافر إلى بلد فإنه لن يسافر إلا بهاد يدله الطريق، أو بهاد يصف له الطريق حتى يعرف كيف يسير إلى هذه البلاد، وإلى أين يتجه، فما بالك بالسير إلى جنات النعيم أليس الأجدر بالإنسان أن يهتم به اهتماماً بالغاً؟! وهكذا في المعاملات ينبغي للتاجر أن لا يشتغل بالتجارة حتى يعرف ما الذي يجوز منها، وما الذي لا يجوز، وهكذا في ما يسمونه بالأحوال الشخصية كالنكاح، والطلاق، فالإنسان لا يطلق حتى يعرف حدود الله تعالى في الطلاق، إلى غير ذلك من شرائع الدين. وشعائره، فإنه ينبغي للإنسان أن يتلقاها بهمة وعزيمة، ونشاط، واحضار قلب، وأن يقوم بها على علمِ وبصيرة، فقد قال الله تبارك تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).
س 990: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
أحرمنا للعمرة من ميقات المدينة ثم قدمنا إلى مكة ودخلنا الحرم وطفنا حول الكعبة سبع مرات ثم صلينا ركعتين قبل السعي ثم سعينا سبعة أشواط ثم خرجنا من الحرم هذا كل ما فعلنا في العمرة، إلا أن واحداً منا خرج من الحرم بعد إكمال الطواف وقبل السعي وقص شيئاً من شعر رأسه ولم ينزع لباس إحرامه، وبعد ذلك عاد إلى الحرم وسعى، وبعد إكماله للسعي خرجنا من مكة إلى المدينة ولم نطف طواف الوداع، فما الحكم فيمن قص شيئاً من شعره في السعي وما حكم ترك طواف الوداع جهلاً؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذي فهمته من هذا السؤال أنه لم يقصر أحد منهم إلا هذا الذي قصر قبل أن يسعى، فإن كان هؤلاء كذلك فقد تركوا التقصير، والتقصير من واجبات العمرة، فإذا كانوا تركوه جهلاً فلا حرج عليهم أن يقصروا ولو في مكانهم في بلدهم الذي يقيمون فيه.
وأما هذا الذي قصر قبل السعي جاهلاً فلا شيء عليه؛ لأن جميع محظورات الإحرام إذا فعلها المحرم جاهلاً، أو ناسياً، أو مكرهاً فإنه لا شيء عليه، ولكن على هذا الرجل الذي قصر قبل السعي أن يقصر الآن؛ لأنه قصر في غير محل التقصير.
وأما خروجكم بعد قضاء العمرة إلى المدينة مباشرة فإنه لا شيء عليكم، أما لو أقام المعتمر في مكة ولو قليلاً فإنه يجب عليه طواف الوداع لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت ". ويقول - صلى الله عليه وسلم -:"اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك ". وهذا عام إلا فيما خصه الدليل كالوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ورمي الجمار، والمبيت بمنى، فإن هذا لا يجب في العمرة بالنص والإجماع. والله الموفق.
س 991: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
اعتمرت لوالدي المتوفَّى وفي نهاية العمرة نسيت أن أقصر من شعري، ثم قمت مباشرة بالطواف لأختي أي أخذت لها سبع، وأختي مقيمة في الرياض ويمنعها زوجها من العمرة، ولا أعلم هل يستمر في منعها أم لا، بحجة أنه لا يحب السفر، وبعد الانتهاء من الطواف لأختي قمت بالتقصير من شعري مرة واحدة فقط عن العمرة لوالدي وأسأل يا فضيلة الشيخ حكم الطواف لأختي في هذه الحالة والفقرة الأخرى هل أقصر من شعري بعد السبع؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم الطواف لأختك صحيح وكونك قصرتي بعد هذا الطواف عن العمرة صحيح أيضاً.
وأما كون زوج أختك يمنعها من العمرة فهذا أمر يعود إليه هو أعلم بشأن زوجته، قد يرى أنه من المصلحة أن يمنعها فيمنعها، فله الحق في ذلك؛ لأن النبي قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه " هذا الحديث أو معناه، فمنع النبي - صلى الله عليه وسلم - المرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه؛ لأنها إذا صامت تمنعه من كمال ما يريد منها، وإن فعل ما يريد صار في قلبه حرج وقلق، وإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الصوم الذي يكون به منع الزوج مما يريد، فما بالك في السفر، فإن منعه زوجته من السفر حق له ولا لوم عليه في ذلك، لكن ينبغي للزوج أن يراعي الأحوط، فإذا قدر أن هذه المرأة لم تعتمر من قبل وصار أهلها سيذهبون للعمرة وهو لا يشق عليه فراقها فليأذن لها في العمرة لتؤدي واجباً لله، ويا حبذا لو اصطحبها أيضاً فإن هذا تكون فيه الفة بين الأصهار بعضهم مع بعض، ويكون فيه الخير الكثير إن شاء الله.
س 992: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
من أحرم بالحج متمتعاً واعتمر ولم يتحلل من إحرامه بتقصير شعره إلى أن ذبح الهدي جاهلاً فماذا عليه؟ وهل حجه صحيح؟
فأجاب فضيلته بقوله: يجب أن يعرف أن الإنسان إذا أحرم متمتعاً فإنه إذا طاف وسعى قصر من شعره من جميع الرأس وحل من إحرامه، هذا هو الواجب، فإذا استمر في إحرامه فإن كان قد نوى الحج قبل أن يشرع في الطواف- أي طواف العمرة- فهذا لا حرج عليه؛ لأنه في هذه الحال يكون قارناً، ويكون ما أدى من الهدي عن القران.
وإن كان قد بقي على نية العمرة حتى طاف وسعى فإن كثيرًا من أهل العلم يقولون: إن إحرامه بالحج غير صحيح؛ لأنه لا يصح إدخال الحج على العمرة بعد الشروع في طوافها، ويرى بعض أهل العلم أنه لا بأس به، وحيث إنه جاهل فالذي أرى أنه لا شيء عليه وأن حجه صحيح إن شاء الله. والله الموفق.
س 993: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حججنا مع والدي عام 1401 هـ أول مرة نحج فيها ولما أحرمنا وطفنا طواف القدوم قصينا من شعر الرأس وكنا محرمين بالحج مفردين، والوالد رجع إلى السودان وأنا حضرت إلى الرياض وأعمل هنا وقد صمت عشرة أيام في الرياض والوالد لم يصم، أرجو إفادتي في ذلك وما هو المطلوب مني ومن والدي بارك الله فيكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليك وعلى والدك شيء وذلك أن تقصيركما للرأس كان عن جهل، لم تريدا به التحلل من الإحرام، لأنكما مفردان للحج، والمفرد للحج لا يحل من إحرامه إلاَّ يوم العيد إذا رمى وحلق وقصر، وكل من فعل شيئاً من محظورات الإحرام جاهلاً فليس عليه إثم، وليس عليه فدية لقوك الله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وقوله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) وقوله تعالى في الصيد: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)والجاهل غير متعمد للإثم فهو غير آثم، وإذا كان غير آثم لم يترتب عليه كفارة الإثم، والخلاصة أنه لا شيء عليك ولا على أبيك.
س 994: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يقول:
أدينا العمرة ثم قصرنا من بعض الشعر ولم نقصر منه كله وتحللنا من إحرامنا فما العمل؟
فأجاب فضيلته بقوله: الواجب في التقصير أن يكون شاملاً لجميع الرأس لقول الله تعالى: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) فلابد أن يعم كل الرأس، ومن قصر من بعضه فإنه لم يقم بالواجب إلا على رأي بعض العلماء، فمن قصر تبعاً لهؤلاء الذين أفتوه في ذلك فلا شيء عليه، يعني من قصر بعض الرأس تابعاً للعلماء الذين أفتوه فلا شيء عليه، وإلا وجب عليه الآن أن يخلع ثيابه، لأنه لم يحل له لبسها حتى الآن، ثم يلبس ثياب الإحرام ثم يقصر التقصير الواجب.
س 995: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
من أحرم متمتعاً ولم يقصر أو يحلق لعمرته وأكمل مناسك الحج ماذا عليه؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الحاج ترك التقصير في عمرته، والتقصير من واجبات العمرة، وفي ترك الواجب عند أهل العلم دم يذبحه الإنسان في مكة، ويوزعه على الفقراء، وعلى هذا فنقول لهذا الحاج: يجب عليك على ما قاله أهل العلم أن تذبح فدية بمكة، وتوزعها على الفقراء، وبهذا تتم عمرتك وحجك، وإن كان خارج مكة فإنه يوصي من يذبح له الفدية بمكة.
س 996: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
متمتع لم يجد الهدي فصام ثلاثة أيام في الحج ولم يصم السبعة الباقية ومضى على ذلك ثلاث سنوات فماذا يفعل؟
فأجاب فضيلته بقوله: يلزمه أن يصوم بقية الأيام العشرة وهي سبعة أيام، ونسأل الله له العون.
س 997: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
شخص يحلق شعره للعمرة في بلده فما حكم عمرته؟
فأجاب فضيلته بقوله: يقول أهل العلم: إن حلق الرأس لا يختص بمكان فإذا حلق في مكة، أو في غير مكة فلا بأس، لكن الحلق في العمرة يتوقف عليه الحل، وأيضاً سيكون بعد الحلق طواف وداع، فالعمرة هكذا ترتيبها: طواف، وسعي، وحلق أو تقصير، وطواف وداع إذا أقام الإنسان بعد أداء العمرة، وأما إذا سافر من حين أن أتى بأفعال العمرة فلا وداع عليه، إذًا معناه لابد أن يحلق رأسه أو يقصره وهو في مكة إذا كان يريد الإقامة لأنه سيأتي بعده طواف الوداع، أما إذا طاف وسعى وخرج إلى بلده فوراً، فإنه لا حرج عليه أن يقصر أو يحلق في بلده، لكنه سيبقى على إحرامه حتى يقصر أو يحلق. والله أعلم.
س 998: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يجوز أن أقص شعري في المروة بعد نهاية السعي؟ وهل يجزىء حلق أو قص بعض الرأس؟ وماذا يفعل من كان أصلعاً أو محلوق الرأس؟
وهل يجوز للساعي والطائف الاستراحة إذا تعب أثناء السعي، أو الطواف؟ وأيهما أفضل الحلق أو التقصير مع دليل ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا فرغ الإنسان من السعي وكان في عمرة فإنه يحلق أو يقصر، والحلق أفضل؛ لأنه أبلغ في تعظيم الله؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم –"دعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة". ومن كان أصلعًا أو قد حلق رأسه فإنه يسقط عنه الحلق، أو التقصير؛ لأنه لا شعر له، وهذا في الأصلع ظاهر، لأن الأصلع لا ينبت شعره، وأما من حلق، فإنه قد يقال: إنه يجمب عليه أن ينتظر حتى ينبت أدنى نبات ثم يحلق.
وأما حلق بعض الرأس أو تقصير بعض الرأس فلا يجزىء لأن الله تعالى قال:(مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) ( سورة الفتح، الآية: 27) فلا بد من أن يكون الحلق أو التقصير شاملاً جميع الرأس، وأحسن ما يقصر به وأعمَّه أن يكون التقصير في المكائن المعروفة التي يستعملها الناس اليوم لأنها يحصل بما التقصير العام، وعلى وجه متساوٍ فهي أحسن من المقص.
وقولنا إن الحلق أفضل، هذا بالنسبة للرجال، أما النساء فليس في حقهن إلا التقصير.
أما قول السائل: إذا تعب الساعي أو الطائف وجلس فهل يضر ذلك؟
والجواب: أنه لا يضره، ولكن يلاحظ أنه لا يجلس جلوساً طويلاً، ولكن يجلس قليلاً حتى يرتد إليه نفسه وترتاح أعصابه، ثم يواصل، وإن احتاج إلى جلسة أخرى فلا بأس، أو ثالثة، أو رابعة.
س 999: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
أخذت عمرة فطفت وسعيت ولكنني لم أحلق ولم أقصر لأنني اعتقدت أن التقصير قبل ذلك فقصرت قبل وصولي إلى مكة وأنا في مدينة الرياض فماذا عليّ؟ علمًا بأني لما علمت الحكم حلقت بنية النسك؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
فأجاب فضيلته بقوله: ما دمت كنت جاهلاً بوجوب الحلق أو التقصير بعد الطواف والسعي للعمرة، ثم لما علمت حلقت بنية النسك فإنه لا شيء عليك، وإن قدر أنك فعلت شيئاً من محظورات الإحرام قبل الحلق أو التقصير، فإنه ليس عليك شيء أيضاً لأن هذا صدر عن جهل، قال الله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (سورة البقرة، الآية: 286) ..
س 1000: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
من اعتمر ولم يحلق أو لم يقصر ناسياً أو جاهلاً فما حكم عمرته؟
فأجاب فضيلته بقوله: العمرة صحيحة وإن لم يحلق أو يقصر، وذلك لأن الحلق أو التقصير ليس من أركان العصرة، وإنما هو من الواجبات، وإذا تركه الإنسان ناسياً فإنه يحلق متى ذكر إلا إذا فات الأوان، فإنه يذبح في مكة فدية يتصدق بها على الفقراء، وإذا تركه جاهلاً، وعَلِم فإنه يحلق، إلأَ إذا فات الأوان فإنه يذبح في مكة فدية يتصدق بها على الفقراء، ولا إثم عليه هذه الحال ما دام ناسياً أو جاهلاً. والله أعلم.
س 1001: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم من نسي التقصير في العمرة وتحلل من إحرامه وفعل بعضر محظورات الإحرام؟
فأجاب فضيلته بقوله: حكم من نسي التقصير في العمرة حتى تحلل من إحرامه وفعل شيئاً من محظورات الإحرام أن تحلله من إحرامه ليس عليه فيه شيء، وما فعله من محظورات ولو كان الجماع ليس عليه فيه شيء، لأنه ناس للحلق، وجاهل في فعل المحظور، فليس عليه شيء، ولكن إذا ذكر وجب عليه أن يخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام لأجل أن يقصر وهو محرم، هذا إذا كان رجلاً، إما إذا كانت امرأة فإنه لا يلزمها أن تخلع ثيابها بل تقصر وإن لم يكن عليها ثيابها التي أحرمت بها؛ لأن المرأة ليس لها ثياب خاصة للإحرام، فالمرأة تلبس في الإحرام ما شاءت من الثياب إلا أنها لا تتبرج بالزينة. والله أعلم.
س 1002: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج قدم متمتعاً فلما طاف وسعى لبس ملابسه العادية ولم يقصر أو يحلق وسأل بعد الحج وأخبر أنه أخطأ فكيف يفعل وقد ذهب الحج بعد وقت العمرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الرجل يعتبر تاركاً لواجب من واجبات العمرة وهو الحلق أو التقصير، وعليه عند اهل العلم أن يذبح فدية في مكة، ويوزعها على فقراء مكة، وهو باق على تمتعه.
س 1003: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن رجل طاف طواف العمرة وسعى ولم يحلق رأسه ناسياً وغادر مكة أو أثناء الطريق تذكر فخلع ثيابه وحلق رأسه وتحلل؟
فأجاب فضيلته بقوله: أرجو أن لا شيء عليه.
س 1004: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل تحلل من عمرته بعد أن طاف وسعى ولم يحلق ولم يقصر ثم أحرم بالحج، ماذا يلزمه جزاك الله خيراً؟
فأجاب فضيلته بقوله: الظاهر أنه باقٍ على تمتعه، ولكنه يلزمه عن ترك الحلق أو التقصير فدية، بناء على ما هو مشهور عند الفقهاء من أن ترك الواجب تلزم فيه الفدية، فإذا كان موسراً قادراً وجب عليه أن يذبح فدية في مكة وتوزع كلها على الفقراء، وإن لم يكن قادراً فلا شيء عليه، أما النسك فهو تمتع، لأن هذه هي نيته.
س 1005: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن رجل أحرم بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج ولم يصل مكة إلا في اليوم الثامن من ذي الحجة فعند فراغه من العمرة هل يحلق رأسه أو يقصر؟ وما حكم الاغتسال بعد العمرة للإحرام بالحج؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا أحرم الإنسان بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج ولم يصل إلى مكة إلا في اليوم الثامن، فإنه في هذه الحال لا يحلق شعر رأسه عند الإحلال، ولكنه يقصره، من أجل أن يبقى الشعر للحج، فإذا أنهى العمرة بالطواف والسعي والتقصير فإنه يغتسل للإحرام بالحج، وهذا الاغتسال ليس بواجب؛ لأن الاغتسال عند النسك سنة، وليس بواجب.
س 1006: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن رجل يقول: ذهبت أنا وعائلتي للعمرة وبعد الفراغ من الطواف والسعي حللنا ولم ثقصر ولم نحلق وخرجنا من مكة لأننا كنا نعتقد أن الحلق أو التقصير خاص بالحج وقد مضى على ذلك زمن فماذا يلزمنا الآن؟
فأجاب فضيلته بقوله: يلزم كل واحد منهم فدية تذبح بمكة وتوزع على الفقراء، وأنصح كل إنسان أخل بشيء من المناسك أن يسأل فوراً، وأن لا يتأخر.
س 1007: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- هل يجوز أن يوصي من يذبح الفدية عنه وعن عائلته بمكة؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز، وإن ذهب فهو طيب يأخذ عمرة ويفدي.
س 1008: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: يقول صاحب السؤال أعلاه: إنه ليس من أهل المملكة ولا يعرف أحداً فما الحل؟
فأجاب فضيلته بقوله: يعطينا أربعمائة ريال عن كل فرد، وإن شاء الله نجد أحداً والله الموفق.
س 1009: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل قام بأداء العمرة ونسي أن يقصر أو يحلق ولبس ثيابه وذكر في مكة أنه لم يقصر ولم يحلق وسافر إلى بلده فما حكم عمرته وماذا يفعل؟
فأجاب فضيلته بقوله: عمرته صحيحة، لكن بقي عليه الحلق أو التقصير، ولكن من العلماء من يقول: يحلق ويقصر يعنى يخلع ثيابه الآن لأنه يحرم عليه أن يلبس الثياب قبل الحلق أو التقصير، فيخلع الثياب، ويلبس ثياب الإحرام، فيحلق ويقصر.
ومنهم من قال: إنه ثبت عليه الدم بمغادرة مكة، ويذبح بمكة فدية توزع على الفقراء، وأرى الأخير أحسن أن يذبح فدية في مكة وتوزع على الفقراء، هذا إن كان غنياً أما إذا كان فقيراً فلا شيء عليه.
س 1010: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- حاج أتم الطواف والسعي ولبس ملابسه ولم يقصر ولم يحلق فماذا يفعل الآن؟
فأجاب فضيلته بقوله: قال العلماء- رحمهم الله- إن الحلق أو التقصير إنه من واجبات الحج وقالوا قاعدة: (كل من ترك واجباً من واجبات الحج فعليه فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء) وعلى هذا فنقول لهذا الأخ اذبح فدية في مكة ووزعها على الفقراء وفي هذا يتم حجك.
س 1011: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- رجل يقول: اديت أنا وزوجتي العمرة ثم حلقت شعري بعد الانتهاء من العمرة ولكن زوجتي لم تقصر لعدم وجود مقص وأخبرتني بذلك بعد خروجي من مكة وبعد فترة جامعتها نسياناً وجهلاً منها في الشرع فما الحكم في ذلك؟ وإذا لم تقصر حتى الآن فما العمل؟
فأجاب فضيلته بقوله: الواجب عليها أن تبادر من حين أن ذكرت أنها لم تقصر وتقصر رأسها، ولايحل لها التهاون في هذا الأمر الخطير، أما ما حصل من المباشرة بينكما وهو صادر عن جهل أو نسيان فإن ذلك لا يؤثر على النسك شيئاً؛ لأن لدينا قاعدة مهمة يجب لطالب العلم أن يفهمها وهي: (أن ارتكاب المحظور نسياً أو جهلاً لا أثر له) كل المحظورات: محظورات الإحرام ومحظورات الصيام ومحظورات الصلاة كلها إذا وقعت عن جهل أو نسيان فإنها لا تؤثر شيئاً، فلو أن الإنسان في صلاته تكلم يظن أن الكلام لا يبطل الصلاة فصلاته صحيحة؛ لأنه فعل المحظور جاهلاً، ولو أن الإنسان احتجم وهو صائم يظن أن الحجامة لاتفطر فصيامه صحيح، وإن جامع الرجل زوجته وهو يظن أن المحرم الجماع بالإنزال دون الجماع بلا إنزال فصيامه صحيح؛ لأن بعض الناس يظن هذا؛ حتى حدثني بعض الناس أنه كان يجامع زوجته ولا يغتسل بناء على أن الاغتسال إنما يجب بناءً على الإنزال؛ وأن الجماع بلا إنزال ليس فيه شيء، وأنه كالقبلة، ولا شك أن هذا جهل عظيم، ولا ينبغي للمسلم أن يجهل مثل هذه الحال لكن إذا وقع جهلاً فلا حكم له، ولهذا يجب أن نتفطن فالغسل يجب بواحد من أمرين: إما الإنزال، أو الجماع ولو بدون إنزال، فإن حصل جماع وإنزال فيجب الغسل من باب أولى. فينبغي للشباب الذين يتزوجون حديثاً أن ينتبهوا لهذه المسألة فبعضهم يقول بعد مضي سبع سنين أو ما أشبه ذلك كان يجامع زوجته دائماً لكن بلا إنزال ولا يغتسل لا الزوج ولا الزوجة، وهذا خطأ عظيم، فمتى
حصل الجماع ولو بدون إنزال وجب الغسل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل ".
س 1012: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة ذهبت للعمرة مع ابنها وهو صغير لم يبلغ فلما اعتمرت لم تقصر شعره فما الحكم في ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذي يظهر لي أن الصغير لا يلزمه شيء من أحكام الحج، لأنه غير مكلف، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يفيق " فإذا فعل محظوراً في الإحرام، أو ترك واجباً فلا شيء عليه، لأنه غير مكلف، بل ولو تخلص من الإحرام وقال: أنا لا إريد أن أكمل، فله ذلك، لأنه غير مكلف.
س 1013: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة اعتمرت في رمضان وعندما طافت طواف الوداع خرجت من مكة وقصرت من شعرها لتحل من العمرة علماً بأن هذا كله كان في نفس اليوم؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما إذا تعمدت فلا شك أنها قد أساءت إذ أخرت التقصير عن طواف وداع وأما إذا كانت ناسية وتذكرت بعد طواف الوداع، فإنه لا حرج عليها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذها".فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة المنسية تصلى إذا ذكرت، وهذا التقصير نقول: لها قصري متى ذكرتي.
س 1014: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: شخص حلق شعره وبعده بيوم ذهب إلى العمرة فلما انتهى من السعي لم يحلق فلما وصل إلى بلده قيل له: إنك أخطأت لأنك لم تمر الموسى على رأسك، فهل يجب عليه شيء في هذا؟
فأجاب فضيلته بقوله: نقول: لابد أن يمر الموسى على رأسه، لأن الحلق وإن كان قريباً لابد أن ينبت الشعر، فالشعر ينبت بسرعة، إلا أنه لم يفعل، فأرى أنه من باب الاحتياط أن يذبح فدية في مكة، ويوزعها على الفقراء، ولا يحلق، لأن الفدية بدل عن الحلق، والحلق فاته وقد تحلل، واعتقد أنه انتهى من العمرة، وإن حلق حين علم، ولم يذبح فدية فأرجو أن لا حرج.
س 1015: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل اعتمر ونسي أن يحلق رأسه وهو لا يزال الآن في مكة فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: لابد أن يخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام، ويتجنب جميع محظورات الإحرام، لأنه لم يحل بعد، ثم يحلق ويحل من إحرامه.
س 1016: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل صحيح أن العمرة لها تحللان وأن التقصير يصح في أي مكان خارح مكة؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحج ثبت أن له تحللين: أما العمرة لم يثبت، ولا يمكن أن يتحلل الإنسان منها إلا بالحلق بعد السعي، والسعي بعد الطواف، ثلاثة مرتبة: طواف، سعي، حلق أوتقصير. لكن هل يلزم أن يكون الحلق في مكة أو التقصير؟
ليس بلازم، فلو خرج من مكة وهو باق على إحرامه وحلق في جدة مثلاً فلا حرج عليه، مع أن الأفضل أن يحلق من حين ما ينهي من السعي.
س 1017: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: المتمتع إذا نسي التقصير من شعره ثم دخل في الحج وتذكر بعد ما دخل في الحج فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذه مسألة عظيمة، بعض العلماء يقول: لا حج له؛ لأنه أحرم بالحج في غير موضعه، إذ إنه لو كان يريد أن يكون قارناً لأحرم بالحج قبل الطواف، فهو الآن لا قارن، ولا متمتع، والذي نرى أنه متمتع، وأنه يلزمه فدية لترك الحلق، أو لترك التقصير، وعمرة المتمتع ما فيها حلق فيلزمه فدية لترك التقصير وحجه صحيح إن شاء الله.
س 1018: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قلتم في الفتوى السابقة إنه يكون متمتعاً ويدخل في أعمال الحج فكيف يكون متمتعاً وهو لم يحل من العمرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: نسي التقصير فنقول له: تمتع. إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى، ولكنه يبقى الآن أنه لا يمكن أن يحلق؛ لأنه دحْل في الإحرام فالأحوط فيما أراه أنه يذبح فدية في مكة، يوزعها على الفقراء في الحرم، بالإضافة إلى هدي التمتع.
س 1019: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما رأى فضيلتكم فيمن يقصر للعمرة من بعض الرأس فقط؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا لم يتم تقصيره والواجب عليه أن يخلع ثيابه، ويلبس ثياب الإحرام، ويقصر تقصيراً صحيحاً، ثم بعد ذلك يتحلل.
وإننى بهذه المناسبة: أود أن أنبه إلى أنه يجب عل كل مؤمن أراد أن يتعبد لله بعبادة يجب عليه أن يعرف حدود ما أنزل الله على رسوله فيها، ليعبد الله على بصيرة، لا على جهل، قال الله تعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) ولو أن إنسانًا أراد أن يسافر من مكة إلى المدينة وليس هناك خطوط مسفلتة فإنه لا يخرج حتى يسأل عن الطريق، فإذا كان هذا في الطرق الحسية، فلماذا لا يكون في الطرق المعنوية التي هي الطرق الموصلة إلى الله؟!.
والتقصير هو الأخذ من الشعر جميعه، وأفضل ما يكون في التقصير أن يستعمل الماكينة لأنها تعم الرأس كله، وإن كان يجوز أن يقصر بالمقص، لكن بشرط أن يمر على جميع الرأس، كما أنه في الوضوء يمر على جميع الرأس، فكذلك في التقصير. والله أعلم.
س 1020: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج قصر من بعض شعره جهلاً منه وتحلل فما يلزمه؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الحاج الذي قصر من بعض شعره جاهلاً بذلك ثم تحلل لا شيء عليه في هذا التحلل، لأنه جاهل، ولكن يبقى عليه إتمام التقصير لشعر رأسه.
وإنني بهذه المناسبة: أنصح إخواني إذا أرادوا شيئاً من العبادات أن لا يدخلوا فيها حتى يعرفوا حدود الله عز وجل فيها، لئلا يتلبسوا بأمر يخل بهذه العبادة، لقوله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)) (سورة يوسف، الآية: 108) وقوله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) (سورة الزمر، الآية: 9) فكون الإنسان يعبد الله عز وجل على بصيرة عالماً بحدوده في هذه العبادة خيرًا بكثير من كونه يعبد الله سبحانه وتعالى على جهل، بل مجرد تقليد لقوم يعلمون أو لا يعلمون.
س 1021: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: بعد السعي للعمرة قمت بقص شعرات من رأسي هل يصح ذلك أو يكون التقصير للشعر كله؟
فأجاب فضيلته بقوله: الواجب أن يكون التقصير للشعر كله في العمرة وفي الحج، بأن يكون التقصير شاملاً لجميع الرأس، لا لكل شعرة بعينها، وما يفعله بعض الناس من كونه يقص عند المروة شعرات إما ثلاث، أو أربعاً، فإن ذلك لا يجزىء؛ لأن الله تعالى قال: (مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) ومعلوم أن أخذ شعرات ثلاث، أو أربع من الرأس، لا يترك فيه أثرًا للتقصير، فلابد من تقصير يظهر له أثر على الرأس، وهذا لا يمكن إلا إذا عم التقصير جميع الرأس وتبين أثره، وعليه فالذي أرى أن من الأحوط لك أن تذبح فدية في مكة توزع على الفقراء هناك، لأنك تركت واجبًا وهو التقصير، وقد ذكر أهل العلم أن ترك الواجب فيه فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء هناك.
س 1022: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أديت فريضة الحج ولم أقصر من رأسي من جميع النواحي ولكنني أخذت البعض فما الحكم وهل الحج صحيح؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم الحج صحيح إن شاء الله، والحكم أن عليك فدية تذبحها في مكة، وتوزعها على الفقراء هناك، كما قال هذا أهل العلم فيمن ترك واجباً من واجبات الحج، والحلق أو التقصير من واجبات الحج.
س 1023: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا قصر الحاج والمعتمر من جانب رأسه ثم حل إحرامه وهو لم يعمم الرأس فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحكم إن كان في الحج وقد طاف ورمى فإنه يبقى في ثيابه، ويكمل حلق رأسه أو تقصيره، وإن كان في عمرة فعليه أن يخلع ثيابه ويعود إلى ثياب الإحرام، ثم يحلق أو يقصر تقصيراً يعم جميع الرأس، وهو محرم أي وهو لابس ثياب الإحرام.
س 1024: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل طاف للعمرة وسعى ثم قصر من جانب واحد من رأسه ثم ذهب إلى أهله فماذا يلزمه في الحالين: في حال تعذر عودته لمكة، وفي حال عدم تعذر عودته لذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: الواجب عليه أن يحلق الآن أو يقصر، ويكون ما فعله من المحظورات قبل ذلك في محل العفو؛ لأنه كان جاهلاً، والحلق أو التقصير لا يشترط أن يكون في مكة، بل يجوز في مكة وفي غيرها، فنقول لهذا السائل: الآن اخلع ثيابك التي عليك؛ لأنك لم تحل بعد، ثم قصر تقصيراً صحيحاً، أو احلق، هذا ما لم تكن حين تقصيرك الأول تعتقد أن هذا هو الواجب عليك بناء على فتوى سمعتها مثلاً، فإنه في هذه الحال ليس عليك شيء؛ لأن الله تعالى يقول: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، وبعض أهل العلم يرى أن التقصير من بعض الرأس كالتقصير من كل الرأس.
س 1025: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن رجل اعتمر وقصر من مقدمة الرأس ومؤخرته فقط؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الذي ذهب إلى العمرة وقصر يجب أن يكون التقصير شاملاً لكل الرأس، ومن الخطاء أن يقص من جانب واحد، أو من جانبين، أو من ثلاثة، أو من أربعة، بل لابد أن يكون التقصير شاملاً لكل الرأس، ولهذا نرى أنه لو استعمل الإنسان هذه المكائن على نمرة أربعة، أو ما أشبه ذلك لحصل المقصود، فينظر إذا كان التقصير لأكثر الرأس كفى، وإلا فعليه فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء.
س 1026: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: نشاهد وبكثرة من بعض الحجاج- هداهم الله- أنه إذا أراد أن يقصر من شعر رأسه في حج أو عمرة أخذ من كل جانب شعرات واكتفى بذلك، ولربما أخذ من عارضيه فما حكم عمله ذلك في الحالات التالية: أولاً: إذا رأيناه يفعل ذلك وهم كثير على المروة، ثانياً: إذا فعل ذلك ورجع إلى أهله، ثالثاً: إذا فعل ذلك قبل سنوات كثيرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: سألني سائل مرة، وقال: إني اعتمرت وكل شيء فعلته إلا أنني لم أحلق، ويقول: هكذا. بلحيته لم أحلق، يعنى ما حلقت اللحية، ظن أن حلق اللحية من شعائر الله، فقال: كل شيء عملته، إلا أنني لم أحلق ويشير كذا بلحيته يمسحها أمامي، فقلت: الحمد لله الذي هداك إلى هذا، هذا هو الحق أن لا تحلق لحيتك؛ لأن حلق اللحية حرام بكل حال، فهؤلاء القوم الذين نراهم عند المروة، يقصرون من بعض الرؤوس، هم على قول قاله بعض العلماء؛ لأن العلماء- رحمهم الله- مختلفون: هل الحلق والتقصير نسك، أو الحلق والتقصير علامة على أن النسك انتهى؟ فالذي يقول: إنه علامة على أن النسك انتهى يقول: إذا قصرت أدنى شيء لو شعرتين، أو ثلاث فقد كفى؛ لأن المحرم لا يجوز أن يحلق رأسه فإذا حلقت معناه إنك انتهيت، ومن قال: إنه نسك وهو الصحيح، قال: يجب أن يقصر من جميع الرأس عموماً، وهذا هو الحلق، فإذا رأيت شخصاً قابلاً للنصيحة والتوجيه وجهه، أما إذا رأيت شخصاً لا يعرفك، ولا يأخذ بقولك، ولا يبالي وتكلمت معه ولكنه لم يلتفت إليك فلا تلح عليه.
س 1027: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل اعتمر أو حج وعند الحلق لم يعمم جميع شعره، وكان قد مضى على حجه أو عمرته سنوات فما الحكم في ذلك، ونريد أيضاً قاعدة متى يؤمر الحاج أو المعتمر إذا ترك شيئاً من نسكه أن يرجع إلى مكة للإتيان به؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الرجل ترك واجباً، وترك الواجب يجب فيه فدية تذبح في مكة، وتوزع على الفقراء، وبهذا يتم حجه، وإما ما يلزم الحاج فعله إذا تركه فهي الأركان، أما الواجبات فإذا فات وقتها تجبر بدم.
س 1028: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قمت بأداء فريضة العمرة ولكنني لم أقصر من رأسي ظناً منى بأنها سنة للرجال فقط، وأن النساء ليس عليهن تقصير، وبعد أن رجعت من العمرة علمت بأن عليَّ دمًا ولكن زوجي لا يريد أن يذبح عني وأنا لا أملك المال لكي أذبح عن نفسي فماذا أفعل يا فضيلة الشيخ؟
فأجاب فضيلته بقوله: أقول لا تفعل شيئاً؛ لأن الإنسان إذا وجب عليه شيء ولم يقدر عليه سقط لقول الله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) وقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) وقال العلماء- رحمهم الله- (لا واجب مع العجز).
ولكني أنصح هذه المرأة وغيرها بنصيحة وأرجو أن تكون نافعة وهي: أن الإنسان إذا أراد أن يحج فليعرف أحكام الحج قبل أن يحج، وإذا أراد أن يعتمر فليعلم أحكام العمرة قبل أن يعتمر، وهكذا بقية العبادات، حتى يعبد الله على بصيرة وعلى علم، لئلا يقع في الزلل والخطأ، ثم بعد ذلك يفتش عن من ينتشله من هذا
الخطأ، أنصح إخواننا المسلمين كلهم هذه النصيحة أن لا يقوموا بشيء من العبادات حتى يتعلموها قبل أن يعملوها، ولهذا ترجم البخاري رحمه الله في صحيحه على هذه المسألة فقال: (باب العلم قبل القول والعمل) وصدق.
أما هذه فكما قلت أولاً: لا شيء عليها لأنها عاجزة عن الفدية فتسقط عنها، وليس هناك دليل على أن من عجز عن الفدية في ترك الواجب أنه يصوم عشرة أيام، وما دام أنه لا دليل على ذلك، فلا نلزم عباد الله بما لم يلزمهم الله به، فنقول: من وجب عليه دم وهو قادر عليه فليفعل، ومن لم يجد سقط عنه، إلا دم المتعة والقران، فإن الله تعالى صرح بأن من لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
س 1029: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا كان شعر المرأة قصيراً بحيث لا يمكنها أن تضفره ضفائر فكيف تقصر منه في الحج أو العمرة؟
فأجاب بقوله: هذه المرأة إذا لم يكن لها ضفائر فإنها تأخذ من أطراف الشعر بقدر أنملة، والأنملة هي فصلة الأصبع.
س 1030: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من أين تقص المرأة شعرها بعد فك الإحرام أهو من مؤخرة الضفيرة أم من مقدمة الرأس جزاكم الله خيراً؟
فأجاب فضيلته بقوله: تقص المرأة من رأسها إذا كانت محرمة بحج أو عمرة من أطراف الشعر، من أطراف الضفائر إن كانت قد ضفرته أي جدلته، أو من أطرافه إذا لم تجدله من كل ناحية من الأمام، ومن اليمين، ومن الشمال، ومن الخلف.
س 1031: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا قصرت المرأة شعرها بنفسها فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا قصرت امرأة شعرها بنفسها، أو حلق الرجل رأسه بنفسه، أو حلقه له محرم، أو حلقه محل كل هذا جائز.
س 938: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ذكر بعض العلماء- رحمهم الله تعالى- أن استلام الحجر بعد الركعتين تحية للمسعى ما توجيه هذا القول؟
فأجاب فضيلته بقول: هذا غير صحيح، فكيف يحيا السعي في مكان ليس هو المسعى.
س 939: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل تشترط الموالاة بين الطواف والسعي؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا تشترط الموالاة بين الطواف والسعي، فيجوز للإنسان أن يطوف ثم يستريح، ثم يسعى، أو يطوف في أول النهار، ويسعى في آخر النهار، ولكن الموالاة أفضل.
س 940: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل للفصل بين الطواف والسعي زمن محدود؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس للفصل بين الطواف والسعي زمن محدود، فالموالاة بينهما ليست بشرط، لكن لا شك أن الأفضل أنه إذا طاف يسعى، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - والى بين سعيه وطوافه، ولكن لو أخر فطاف في أول النهار وسعى في آخره، أو بعد يوم أو يومين، فلا حرج عليه في هذا، لأن الموالاة بين الطواف وبين السعي سنة، وليست واجبة.
س 941: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل السعي بعد طواف القدوم للقارن والمفرد والمتمتع يجزىء عن سعي الحج؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما القارن والمفرد فسعيه بعد طواف القدوم يجزىء؛ لأن أفعال العمرة دخلت في الحج، إذ إن القارن أفعاله كأفعال المفرد تماماً، ومن المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم- الذين كانوا معه- أي قارنين- لم يسعوا مرتين.
وأما المتمتع فلا يكفيه سعي العمرة عن سعي الحج؛ لأن النسكين انفصلا، وتميز بعضهما عن الآخر، فيجب على المتمتع طواف العمرة حين يقدم مكة وسعي العمرة، ويجب عليه طواف الإفاضة، وسعي الحج، فالطواف والسعي الأول للعمرة، والطواف والسعي الثاني للحج ولا بد.
س 942: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
إذا سعى المعتمر قبل الطواف ثم طاف فماذا يلزمه؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا سعى المعتمر قبل أن يطوف ثم طاف فإنه لا يعيد إلا السعي فقط، وذلك لأن الترتيب بين الطواف والسعي واجب، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رتب بينهما وقال: "لتأخذوا عني مناسككم " وإذا أخذنا عنه - صلى الله عليه وسلم - مناسكه بدأنا بالطواف أولاً ثم بالسعي ثانياً، ولكن لو قال: أنا تعبت في السعي الأول، قلنا: إنه يؤجر على تعبه، ولكن لا يقر على الخطأ.
وذهب بعض التابعين، وبعض العلماء إلى أنه إذا سعى قبل الطواف في العمرة ناسياً، أو جاهلاً، فلا شيء عليه، كما لو كان ذلك في الحج. والله أعلم.
س 943: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ذهبت أنا وزوجتي للعمرة فلما بلغنا الحرم حاضت زوجتي فأجلستها في المسعى، ثم ذهبت وطفت ثم سعيت أنا وهي جميعاً فلما طهرت طافت فهل هذا الفعل صحيح، حيث قدمت سعي العمرة على طواف العمرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الفعل ليس بصحيح، لأنه لا يجوز تقديم سعي العمرة على طوافها، بخلاف الحج، فالحج يجوز أن تقدم سعيه على طوافه، وأما العمرة فلا، وبناء على هذا نقول: الواجب الآن عليك أن تتجنب زوجتك، أن تذهب بها من أجل أن تسعى بين الصفا والمروة، وهي لا زالت باقية على إحرامها، فعليها أن تتجنب محظورات الإحرام حتى تصل إلى مكة، وتسعى بين الصفا والمروة، وتقصر لتحل من إحرامها.
س 944: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
رجل أثناء العمرة، أدى السعي بالزيادة لأنه كان يظن أن السعي من الصفا إلى الصفا واحدة فأرجو منكم الإفادة حول هذا؟
فأجاب فضيلته بقوله: الإفادة حول هذا أن سبعة من هذه الأشواط هي صحيحة، والموافقة للشرع، والسبعة الباقية فعلها عن اجتهاد، ونرجو الله تعالى أن يثاب عليها، لكنها ليست مشروعة، فالسعي من الصفا للمروة شوط، والرجوع من المروة إلى الصفا شوط آخر، وعلى هذا فيكون ابتداؤك من الصفا وانتهاؤك بالمروة.
س 945: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
رجل سعى بدأ بالصفا ويرجع من المروة ويعتبره شوطاً واحداً جهلاً منه هل يصح سعيه؟
فأجاب بقوله: نعم يصح منه سعيه، والباقي يأجره الله على التعب، مع أن إبن القيم- رحمه الله- ذكر أن بعض العلماء توهم في هذا، وظن أن السعي دورة كاملة، فعلى هذا يسعى أربعة عشر شوطاً، وقد اشتهر بين الطلبة أن هذا عن ابن حزم- رحمه الله- وليس كذلك، والذي عن ابن حزم أن الرمل في الأشواط الثلاثة فقط في السعي كالطواف، وسبب وهمه -رحمه الله- أنه لم يحج والإنسان الذي لم يحج لا يتصور الحج كما يمكن، والعجب أنه لم يحج ويتكلم عن أحكام الحج بأحسن ما يكون من الكلام من العلماء الذين حجوا، وليس بغريب على فطاحلة العلماء، فها هو شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- لم يتزوج وإذا تكلم فيما يتعلق بالنساء وعشرتهن وغير ذلك قلت: هذا من المتزوجين.
س 946: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يعتبر السعي من الصفا إلى المروة شوطًا ومن المروة إلى الصفا شوطًا أم شوطين. أفيدونا وفقكم الله وقد كنا نحتسب الذهاب من الصفا إلى المروة والعكس شوطاً واحداً ونحن نجهل ذلك وفقكم الله؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما عملكم هذا فهو خلاف المشروع، لكن نظرًا لجهلكم يجزئكم، ويكون السعي المشروع الذي تثابون عليه هو السبعة الأشوط الأولى فقط، التي هي في حسابكم ثلاثة أشواط ونصفًا والسعي بين الصفا والمروة من الصفا إلى المروة شوط، والرجوع من المروة إلى الصفا هو الشوط الثاني، وهكذا حتى تتم الأشواط السبعة، ويكون الانتهاء بالمروة لا بالصفا، وهذا هو ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأجمع المسلمون عليه، ولم يقل أحد بخلافه إلا قولاً يكون وهما من قائله.
س 947: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
قدمت زوجتي للحج متمتعة وقامت بأداء عمرة الحج ثم تحللت بنية التمتع، ثم قمنا بأداء فريضة الحج غير أنها لم تكرر السعي واكتفينا بالسعي الأول في العمرة عملاً بقول من قال بذلك من العلماء حيث قرأنا أن في المسألة خلافاً بين العلماء وأرشدنا أحد الأخوة إلى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- بأن سعي العمرة يجزىء عن سعي الحج، وبناء عليه لم تسع وعدنا إلى جدة فنرجو من فضيلة الشيخ إرشادنا إلى الصواب جزاكم الله خيراً؟
فأجاب فضيلته بقوله: الواقع أن كثيرًا من مسائل الفقه في الدين لا تخلو من خلاف، وإذا كان العامي الذي لا يعرف يطالع كتب العلماء ويعمل بالأسهل عنده فإن هذا حرام، وقد قال العلماء: من تتبع الرخص فقد فسق، أي صار فاسقاً، والمعلوم أن اختيار شيخ الإسلام- رحمه الله- هو ما ذكره السائل، من أن المتمتع يكفيه السعي الأول الذي في العمرة، وله أدلة فيها شبهة، ولكن الصحيح أن المتمتع يلزمه سعيان، سعي للحج، وسعي للعمرة، ويدل لذلك حديثا عائشة، وابن عباس- رضي الله عنهم- وهما في صحيح البخاري، والنظر يقتضي ذلك؛ لأن كل عبادة منفردة عن الأخرى، ولهذا لو أفسد العمرة لم يفسد الحج، ولو أفسد الحج لم تفسد العمرة، ولو فعل محظوراً من المحظورات في العمرة لم يلزمه حكمه بالحج، بل الحج منفرد بأركانه وواجباته ومحظوراته، والعمرة منفردة بأركانها وواجباتها ومحظوراتها، فالأثر والنظر يقتضي انفراد كل من العمرة والحج بسعي في حق المتمتع، وعلى هذا فإن كنت متبعاً لقول شيخ الإسلام- رحمه الله- بناء على استفتاء من نثق به لعلمه وأمانته
فليس عليك شيء، لكن لا تعد لمثل ذلك، والتزم سعيين: سعياً في الحج، وسعياً في العمرة، إذا كنت متمتعاً.
س 948: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
إذا طاف من عليه سعي ثم خرج ولم يسع وأخبر بعد خمسة أيام بأن عليه سعياً فهل يجوز أن يسعى فقط ولا يطوف قبله؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا طاف الإنسان معتقداً أنه لا سعي عليه، ثم بعد ذلك أخبر بأن عليه سعياً فإنه يأتي بالسعي فقط، ولا حاجة إلى إعادة الطواف، وذلك لأنه لا يشترط الموالاة بين الطواف والسعي، حتى لو فرض إن الرجل ترك ذلك عمداً- أي أخر السعي عن الطواف عمداً- فلا حرج عليه. ولكن الأفضل أن يكون السعي موالياً للطواف.
س 949: سئل فضيلة الشيخ -رحمه الله تعالى-:
رجل جاء بالإفراد فطاف طواف القدوم وبدا له أن يسعى بعد يومين من طوافه للقدوم فهل له ذلك أم لا؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين: نعم يجوز للمفرد الذي قدم إلى مكة بنية الحج وحده أن يطوف للقدوم ويؤخر السعي يوما، أو يومين، أو أكثر، وله أن يؤخر السعي أيضاً إلى ما بعد طواف الإفاضة في يوم العيد، ولكن الأفضل أن يكون السعي موالياً للطواف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه- رضي الله عنهم- طافوا أول ما قدموا وسعوا، فهذا هو الأفضل، ولكن تأخيره لا حرفيه.
س 950: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
حجت والدتي متمتعة لكنها لم تسع بين الصفا والمروة إلا أربعة أشواط؛ لأنها مريضة وطلبت أن أحضر لها العربة لحملها عليها وأكمل معها السعي، ولكنها رفضت لجهلها وظنا منها أنها تشعر بالحرج والعجز مع العلم بأنني في العام التالي ذبحت هديًا في مكة المكرمة ولكن هل يجزىء ذلك أم نكمل لها الأشواط المتبقية مع العلم بأنها مصرة، ومن الصعب أن تحضر مرة أخرى وذلك لمرضها جزاكم الله خيراً
فأجاب فضيلته بقوله: مسألتها مشكلة على قواعد الفقهاء - رحمهم الله- وذلك لأن عملها هذا يتضمن أنها أحرمت بالحج قبل أن تتم العمرة في وقت لا يصح فيه إدخال الحج على العمرة؛ لأن إدخال الحج على العمرة إنما يكون قبل الشروع في طوافها، وهذه قد طافت وسعت أربعة أشواط، فيكون إدخال الحج على العمرة في هذه المسالة خطأ، فمن العلماء من يقول: إن إحرامها بالحج غير منعقد، وأنه لا حج لها، وفي هذه الحال يجب أن ترجع إلى مكة على إحرامها وتسعى وتقصر، لكن لو قال قائل: إنه في مثل هذه الضرورة بحكم بصحة إدخال الحج على العمرة، وتكون بذلك قارنة ويكفيها سعي واحد، وكنت أرجو أن لا بأس بذلك.
ثم إنه يقول إن أمه أبت أن يأتي بالعربة لتكمل عليها أشواط السعي. أقول في مثل هذه الحال: حتى لو أبت الأم يجب عليه أن يبين أن عمرتها لم تتم، وأنه يلزمها أن تتم عمرتها، ويؤكد عليها حتى لو غضبت، ولو زعلت؛ لأن هذا أمر عبادة لا يمكن أن يراعى فيها جانب المخلوق.
س 951: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يجوز للحاج أن يسعى ماشياً لبعض الأشواط وراكباً في بعضها الآخر إذا كان يتعب من السير المتواصل؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز، ولا حرج عليه في ذلك، والدليل على هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لأم سلمة- رضي الله عنها- أن تطوف وهي راكبة، حيث اشتكت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لها: "طوفي وراء الناس وأنتِ راكبة"
س 952: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يجوز للحاج وهو يسعى أن يجلس ليستريح ثم يواصل ويجلس وهكذا؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز له هذا، وقد ذكر أهل العلم أن الموالاة بين أشواط السعي سنة وليست بشرط، وعلى هذا فله أن يستريح ولو طال الزمن، ثم يبتدىء السعي، ولكن كلما كانت الأشواط متوالية فهو أفضل بحسب ما يستطيع.
س 953: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
إذا توقف الإنسان للاستراحة أثناء السعي فهل يباح له أن يخرج من المسعى؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يباح له أن يخرج يعني يذهب لقضاء حاجته أو يشرب وما أشبه ذلك.
س 954: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما حكم السعي في سطح المسعى، أو في الطابق الثاني، أو في الخلوة (القبو) وهل يصح السعي في تلك الحال؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما السعي فوق سواء في السطح الأعلى، أو في الأوسط فهذا لا بأس به. وأما في الخلوة أو في القبو فلا أعرف أن تخط المسعى قبوًا فليس تحته قبو، فعلى هذا يكون محل الطواف ومحل السعي ثلاثة: الأرض، والسطح الذي فوقها، والسطح الأعلى، ولو بنوا سطحاً رابعا فلا حرج، ولو بنوا خامساً فلا حرج؛ لأن الهواء تابع للقرار، كما أنه لو قدر أنه فتح قبو على طول المسعى فإنه يجزىء السعي فيه.
س 955: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
رجل سعى فأكمل الشوط الأول ومن شدة الزحام انتقل إلى السطح هل يلغي الشوط الأول أو يبني عليها؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس أن يبني على الأول إذا كان سعى ثم شق عليه للزحام فانتقل إلى فوق فلا حرج، ويكمل على الشوط الأول؛ لأنه كله مسعى، وليس هناك مدة طويلة بين انتقاله إلى السطح الأعلى من السطح الأسفل.
س 956: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
إذا كان الرجل معه امرأة أو نساء في المسعى فهل يهرولن معه أم لا؟
فأجاب فضيلته بقوله: ذكر بعض أهل العلم أن العلماء أجمعوا بأن المرأة لا تهرول لا في الطواف ولا في السعي وكان يتراءى لي في الأول أن المرأة في السعي تسعى بين العلمين- أي تركض- لأن أصل السعي من أجل أم إسماعيل، فأم إسماعيل لما تركها إبراهيم عليه الصلاة والسلام وولدها في مكة، وترك عندهما جراباً من التمر ووعاءً من الماء، فلما نفد التمر والماء قل لبنها على ابنها، وصار الابن يجوع فجعل يصيح، فضاقت عليها الأرض بما رحبت، فنظرت أقرب جبل إليها؛ لأن الولد كان عند محل الكعبة، فأقرب جبل إليها هو الصفا، فذهبت فصعدت تتسمع لعل الله يأتي بأحد، وفي هذا الوقت لم يكن أحد، فلم تسمع، فنزلت متجهة إلى المروة؛ لأنه أقرب جبل أيضاً، وفي أثناء مسيرها مرت بالوادي، وهو عادة يكون منخفضاً، فلما هبطت الوادي أسرعت لئلا يغيب عنها ولدها، فلما صعدت مشت على العادة، حتى أتت المروة فلما أتمت سبع مرات، نزل الفرج من رب الأرض والسماوات، نزل جبريل- عليه الصلاة والسلام- فركل برجله أو جناحه محل زمزم، حتى نبع الماء، فجعلت من شفقتها تحجره لئلا ينساب في الأرض، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لكانت عيناً معيناً" وجعلت تشرب من هذا الماء وكان ماءُ زمزم لما شرب له فكان يغنيها عن الطعام والشراب، فدرت على والدها، فمر ركب من جرهم ورأوا الطيور تنزل على هذه الجهة لتشرب من الماء، فتعجبوا فقالوا: ليس في هذا المكان ماء فكيف يكون؟ فذهبوا نحو ما تأوي إليه الطيور، فإذا بأم إسماعيل وولدها فنزلوا عندها، وصارت قرية- سبحان الله- بعد أن لم يكن فيها إلا الوحش، وإسماعيل وأمه.
كان يتراءى لي أن المرأة تسعى بين العلمين؛ لأن أصله من سعي أم إسماعيل، لكن لما رأيت بعض أهل العلم نقل إجماع العلماء على أن المرأة تمشي ولا تسعى رأيت أن الصواب أن تمشي بلا سعي.
بقي علينا المحرم الذي معها هل يرمل في الطواف، وهل يسعى ويتركها أم يمشى معها حسب مشيها؟
نقول: إن كانت المرأة تهتدي بنفسها وامرأة مجربة ولا يخشى عليها فلا حرج أن يرمل في الأشواط الثلاثة، ويقول لها في آخر الطواف: نلتقي عند مقام إبراهيم، وإن كانت لا تستقل بنفسها ويخشى عليها فإن مشيه معها أفضل من الرمل، وأفضل من السعي الشديد بين العلمين.
س 957: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
امرأة حاضت وقد تحفظت تحفظاً كاملا فهل يجوز لها الجلوس بالمسعى من أجل البراد حتى ينتهي أهلها من عمرتهم أم تخرج خارج المسجد في التوسعة الجديدة أم ماذا تفعل؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا حرج عليها أن تجلس في المسعى؛ لأن المسعى ليس من المسجد خارج المسجد، فله حدود معينة وجدر تحجزه عن المسجد الحرام، فليس من المسجد، وإذا جلست فيه الحائض فلا حرج عليها تنتظر أهلها، أو ما أشبه ذلك.
س 958: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل المسعى من المسجد الحرام؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذي يظهر أن المسعى ليس من المسجد الحرام، ولذلك جعلوا جداراً فاصلا بينهما، لكنه جدار قصير كما هو مشاهد في الدور الأرضي، أما الدور الأعلى فهو جدار قائم طويل فيه أبواب. وهذا لا شك أنه خير للناس لأنه لو أدخل في المسجد وجعل منه، لكانت المرأة إذا حاضت بين الطواف والسعي امتنع عليها أن تسعى.
والذي أفتي به أنها إذا حاضت بعد الطواف وقبل السعي فإنها تسعى؛ لأن المسعى لا يعتبر من المسجد. والله أعلم.
س 959: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: جماعة طافوا للعمرة بعد صلاة العصر ثم سعوا بعد صلاة المغرب وفي السعي حاضت أمهم فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا السؤال تضمن مسألتين:
المسألة الأولى: فيما ظهر لي منها: الفصل بين الطواف والسعي، والفصل بين الطواف والسعي لا بأس به، وإن كان الأفضل الموالاة بينهما، ولكن لو طاف أول النهار وسعى في الليل، أو آخر النهار فلا حرج.
المسألة الثانية: أن أمه حاضت بعد الطواف في أثناء السعي وهذا أيضاً لا بأس به، وعمرتها تامة ولا حرج عليها؛ لأن السعي ليست من شرطه الطهارة، بخلاف الطواف، فإذا أكملت المرأة الطواف وجاءها الحيض ولو قبل الركعتين خلف المقام، فإن عمرتها صحيحة ولا حرج عليها في ذلك.
س 960: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
لو قطع الساعي سعيه في منتصف الشوط الرابع للحاجة كالصلاة فهل يعيد الشوط الرابع من أوله؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا قطع الشوط سواء في الطواف، أو السعي قطعاً يبيح له المواصلة فيما بعد، فإنه يبدأ من المكان الذي قطعه منه، ولا يلزمه إعادة الشوط، حتى في الطواف فمثلاً لو أقيمت الصلاة وهو عند باب الكعبة، فإنه إذا فرغ من الصلاة يبتدئ من باب الكعبة، ولا يلزمه أن يبتدئ من الحجر؛ لأنه لا دليل على بطلان ما سبق.
س 961: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
قدمنا للحج ولما دخلنا السعي وجدنا الزحام ولم نستطع إكماله إلا شوطاً واحداً وخوفاً على أنفسنا وأطفالنا وبعد مضي ساعة تقريباً صعدنا إلى الدور الثاني وأكملنا السعي مبتدئين من الشوط الثاني فهل يجوز هذا أم لا نرجو منكم إفتاءنا؟
فأجاب فضيلته بقوله: الأفضل لو أعدتم الشوط الأول حتى تكون الأشواط متوالية، ولكن الأمر قد وقع وفات فليس عليكم شيء، إنما لو وقع مثل هذا الأمر فإن إعادة الأشواط السابقة أولى وأحسن، خروجًا من خلاف من يرى أن الموالاة في السعي شرط وليست بسنة.
س 962: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يشترط رؤية البيت إذا سعى؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس بشرط، لكن جابرًا- رضي الله عنه- يقول (حتى رأى البيت) ليبين مقدار ارتفاعه.
س 963: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما حكم من حج مع رفقائه، وهو جاهل بمناسك الحج والعمرة، وبعدما قضى حجه ومضى على ذلك مدة، عرف مناسك الحج والعمرة، وشك بقوة في أنه لم يسع فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذي نرى أنه إذا شك الإنسان في أنه طاف، أو سعى، أو رمى مع طول المدة، فإنه لا يلتفت لهذا الشك، وذلك لأن النسيان يرد كثيراً على الإنسان، فليطرح الشك وليبعده عن قلبه؛ لأن الإنسان إذا طرأت عليه الشكوك وكثرت عليه، تذبذب في حياته وتعب، ولحقه الوسواس في طهارته وصلاته، بل وفي أهله، فالذي أرى أن يعرض عن هذا الشك ويتلهى عنه. أما إذا تيقن فحينئذ يفتى بما يقتضيه الحال، وأما إذا كان مجرد شك: هل سعى أو لم يسع، فالأصل أنه سعى، وأن هؤلاء الرفقة سيسعون وسيسعى معهم، فأرى أن يتلهى عن ذلك ولا يخطر على باله، والأصل السلامة.
ولهذا قال العلماء قاعدة ينبغي أن نفهمها، وهي: (أن الشك بعد فراغ العبادة لا يؤثر ما لم يتيقن) فمثلاً لو سلمت من الصلاة ثم بعد السلام شككت هل صليت ثلاثاً، أو أربعاً، فلا تلتفت إلى هذا الشك، إلا إذا تيقنت بأنك صليت ثلاثاً فحينئذ تأتي بما يلزمك في هذه المسألة.
س 964: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
رجل أدى عمرة ولكن سعيه ناقص شوطًا فماذا يلزمه؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الرجل لا يزال على إحرامه يجب أن يخلع ثيابه ويتجنب محظورات الإحرام ويلبس ثياب الإحرام من بلده الذي هو فيها فوراً، ويذهب إلى مكة ويسعى من جديد؟ لأنه إلى الآن في عمرته.
س 965: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما هي السنة عند الصعود على الصفا للمعتمر؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا أعرف بالنسبة للعمرة سنة في ذلك، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع لما أقبل على الصفا قرأ (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) "أبدأ بما بدأ الله به" والأصل أن ما ثبت في الحج ثبت في العمرة إلا ما دل الدليل، أو الإجماع على خلافه. والدليل على هذا الأصل أن النبي قال للمتغمس في الخلوق "واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك " وأخذ من هذا الحديث العام أن كل ما ثبت في الحج ثبت في العمرة، إلا مادل الدليل أو الإجماع على خلافه، وهذا أوجب لي أن أذهب إلى ما ذهب إليه الشافعي وكثير من أهل العلم- رحمهم الله- من وجوب طواف الوداع للمعتمر كما يجب ذلك للحاج.
س 966: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما حكم رفع اليدين عند التكبير فوق الصفا أو المروة؟ وأقصد رفع اليدين كهيئة من يريد الدخول في الصلاة فأنا أرى الناس يفعلون ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: هؤلاء الذين يرفعون أيديهم على الصفا والمروة ويشيرون بها كأنما يريدون أن يكبروا في الصلاة ليس عندهم علم، والمشروع في رفع اليدين على الصفا وعلى المروة أن يرفعهما رفع دعاء، وهكذا أيضاً عند إشارة إلى الحجر الأسود كثير من الناس يشيرون إليه كأنما يريدون الدخول في الصلاة، وهذا أيضاً لا أصل له، الإشارة بيد واحدة وهي اليمنى.
س 967: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
قد يشق على الساعي الصعود على الصفا والمروة من الزحام فهل يوجد حد أدنى للصعود عليهما، نأمل تحديده تماماً؟
فأجاب فضيلته بقوله: حد السعي الواجب استيعابه هو الحد الفاصل بالعربيات، فنهاية طريق العربيات هو منتهاه، هو حد المكان الذي يجما استيعابه في السعي لأن الذين وضعوا طريق العربيات وضعوه على منتهى ما يجب السعي فيه، ومع هذا فلو أن الإنسان إذا وصل إلى حد طريق العربيات تقدم قليلاً نحو متر ثم رجع فقد تم سعيه، وإن لم ينته من الصعود إلى أعلى الصفا وأعلى المروة.
س 968: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يلزم الإنسان إذا سعى في الدور الثاني أو السطح أن يدور على قبة الصفا وقبة المروة أو أن ذلك ليس بلازم حيث نرى الزحام في الدوران عليهما؟
فأجاب فضيلته بقوله: الدوران على قبة الصفا أوالمروة ليس بلازم؛ لأن الواجب استيعاب المسعى إلى نهاية ممر العربيات، وممر العربيات دون مكان الدوران بكثير.
س 969: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-
ما هي السنة في سعي المرأة بين العلامتين الخضراوين هل تسرع في السعي أم لا؟
فأجاب فضيلته بقوله: المرأة لا تسرع لا في الطواف في الثلاثة أشواط الأولى ولا بين العمودين الأخضرين في السعي، وقد حكى بعض العلماء إجماع أهل العلم على أن المرأة لا يلزمها ركض ولا رمل، وعلى هذا يكون الدليل المخصص هو إجماع العلماء- رحمهم الله- أن المرأة لا تسعى ولا ترمل.
س 970: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-
هل يجوز للحائض أن تسعى قبل طواف الإفاضة ويبقى عليها طواف الإفاضة إذا طهرت؟ وهل تطوف في نفس الوقت طواف وداع؟
فأجاب فضيلته بقوله: يجوز للحائض وغير الحائض أن تقدم السعي على طواف الإفاضة، ولكن الأفضل أن يبدأ بالطواف ويسعى بعده، وطواف الإفاضة مجزىء عن طواف الوداع، إذا جعله الإنسان عند خروجه، يعنى أن السعي بعد الطواف لا يمنع من كون الطواف آخر ما يكون؛ لأن هذا السعي تابع للطواف.
س 971: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
أديت العمرة ونظراً لمرضي لم أستطع السعي، فطفت وصليت ركعتين وتحللت، فهل عمرتي صحيحة؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذه العمرة ليس صحيحة؛ لأن السعي ركن في العمرة، فلابد أن تسعى، ولهذا فعلى السائل أن يذهب الآن ويلبس ثياب الإحرام، ويسعى بين الصفا والمروة ويقصر رأسه؛ لأن التقصير الأول في غير محله، أو يحلق رأسه.
ويجب على الإنسان أن لا يقدم على شيء يخل بالعبادة إلا بعد سؤال أهل العلم؛ لئلا يقدم على أمر منكر عظيم وهو لا يشعر، والعبادات ليست على هوى الإنسان، يحذف منها ما يشاء ويقتصر على ما يشاء.
وهذا السائل لا يترتب على عمله هذا إثم لأنه جاهل، فحتى لو جامع أهله وهو جاهل فلا شيء عليه، وهكذا جميع المحظورات إذا فعلها الإنسان جاهلاً، أو ناسياً، أو غير قاصد كالمكره فلا إثم عليه، ولا كفارة.
س 972: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هذا الرجل الذي ترك السعي هل يلزمه غير القضاء وهو متزوج؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يلزمه غير القضاء، ولكن يحرم عليه النساء فيتجنب زوجته حتى يسعى.
س 973: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
إذا أذن للصلاة وهو في المسعى بين الصفا والمروة وهو على غير طهارة فهل يجوز له أن يخرج خارج الحرم ليتوضأ ويرجع ليصلي مع الناس ثم يكمل سعيه؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم لابد أن يخرج ويتوضأ ويصلي مع الجماعة، وفي هذه الحال إن كان الفصل طويلاً استأنف السعي، وإن كان قصيراً فلا يستأنف، فإذا قدر أن الميضأة قريبة من المسعى، ولن يستغرق وقتاً، وأنه من حين جاء أقيمت الصلاة فهذا زمن قليل فليتم السعي، وأما إذا كان الزمن طويلاً مثل أن تكون الميضأة بعيدة، بحيث يكون الفاصل بين أجزاء السعي فاصلاً طويلاً فإنه يأتي بالسعي من أوله.
س 974: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-
رجل خرج منه ريح أثناء السعي بين الصفا والمروة فهل عليه شيء؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا خرج من الإنسان ريح وهو يسعى فلا إثم عليه، لأن السعي لا تشترط له الطهارة وكذلك لو خرج منه ريح وهو يطوف فلا شيء عليه على ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- ولا سيما في مثل هذه الأوقات التي يكون فيها الزحام شديداً ولو ذهب الإنسان يتوضأ ثم عاد وبدأ في الطواف من الأول لكان فيه مشقة عليه وأذية لغيره، وأما السعي فلا إشكال فيه أنه إذا أحدث يتم ولا شيء عليه.
س 975: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
قام أخي بأداء العمرة في أول شهر رمضان، ولكنه بدأ من المروة في السعي وانتهى في الصفا ثم تحلل وحلق ولقد سافر إلى بلده وهي بعيدة فهل يحق لي أن أكمل الشوط الأخير بدلا عنه؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا سؤال غريب يقول إن أخاه في السعي بدأ بالمروة وختم بالصفا إذن ما بقي عليه إلا شوط واحد وهو أن يرجع من الصفا إلى المروة فيتم له سبعة أشواط ويلغي الشوط الأول الذي ابتدأه من المروة لكن هذا يسأل هل يجوز بعد أن تحلل أخوه وذهب إلى بلده وربما يكون قد تزوج أو ربما جامع زوجته أن كانت له زوجة أن أكمل عنه هذا الشوط، أقول لهذا السائل: لو أن أخاك توضأ وبقي على وضوئه أن يغسل إحدى يديه ثم ذهب وصلى وانتهى من صلاته ثم غسلت يدك هل يجزي هذا أو لا يجزيء؟
لا يجزيء! هذا أيضاً مثله، ولهذا أقول: يجب عليك الآن أن تتصل بأخيك هاتفياً وتقول له اخلع ثيابك لأنك لم تزل محرماً اخلع ثيابك وأت بثياب الإحرام إلى مكة واسع من أول الأمر من جديد وقصر أو أحلق ثم إذا أردت أن تطوف إلى بلدك تطوف للوداع لأن العمرة لابد فيها من وداع ثم تسافر، وإنني بهذه المناسبة أن لا يقدموا على عمل صالح يتعبدون به لله إلا وقد عرفوا كيف يعملون من أجل أن يعبد الله على بصيرة لأنه إذا عملوا عملاً مخلاً ثم جاءوا يسألون لا فائدة من ذلك ليسأل أو لا، ثم يعمل، ولهذا قال البخاري- رحمه الله- في صحيحه. باب العلم قبل القول والعمل. ثم استدل بقوله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) أرأيتم لو أن إنساناً أراد أن يسافر من هنا إلى المدينة وليس هناك خط مسفلت هل يخرج من مكة ويقول أنا متجه إلى المدينة وهو لا يعرف الطريق أو لابد أن يسأل قبل أن يسافر؟ لابد أن يسأل وإذا كان الإنسان لابد يسأل في الطريق الحسي فكذلك في الطريق المعنوي وهو الطريق الموصل إلى الله، نسأل الله أن يهدينا وإياكم إلى الصراط المستقيم.
س 976: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
رجل اعتمر هو وزوجته فهل يسعى هو سعياً شديداً بين العلمين؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يسعى لا سيما في أيام المواسم والزحام؛ لأنه لو سعى ضيعها، فلا يسعى مطلقاً، لكن ذكر بعضهم هنا إشكالاً وهو إذا كان أصل سعينا بين العلمين من أجل سعي أم إسماعيل وهي امرأة فلماذا لا نقول إن النساء أيضاً يسعين.
فالجواب من وجهين:
الأول: أن أم إسماعيل سعت لوحدها، ليس معها رجال.
الثاني: أن بعض العلماء كابن المنذر حكى الإجماع على أن المرأة لا ترمل في الطواف، ولا تسعى بين العلمين، وحينئذ لا يصح لأنه قياس مع الفارق، والثاني: مخالفة الإجماع إن صح.
س 977: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما هو الدعاء والذكر المشروع عند الصفا والمروة، وهل يرفع يديه عند الدعاء والتكبير. وما كيفية ذلك وما القدر المجزىء صعوده في كل من الصفا والمروة. وهل تسرع النساء، أو من معه نساء بين العلمين الأخضرين، وهل هناك دعاء مشروع في أثناء السعي، وما الحكمة في السرعة بين العلمين الأخضرين؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا السؤال يشتمل على عدة نقاط: أما النقطة الأولى: فإن المشروع عند الصفا والمروة أن الإنسان إذا دنا من الصفا في أول ابتداء السعي فإنه يقرأ قول الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) أبدأ بما بدأ الله به، ثم يصعد الصفا حتى يرى البيت، ثم يرفع يديه كرفعهما في الدعاء ويكبر، ويقول: لا إله إلا الله وحده، لا شريك له له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو بما شاء، ثم يعيد الذكر مرة ثانية، ثم يدعو بما شاء، ثم يعيد الذكر مرة ثالثة، ثم ينزل ماشيًا إلى العلم الأخضر، فإذا وصل العلم الأخضر سعى سعياً شديداً، أي ركض ركضاً شديداً إلى العلم الآخر، ثم مشى على عادته، إلا النساء فإنهنَّ لا يسعين بين العلمين، وكذلك من كان مصاحباً للمرأة لا يسعى من أجل مراعاة المرأة والحفاظ عليها، وإذا أقبل على المروة لا يقرأ: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ). وكذلك إذا أقبل علِ الصفا في المرة الثانية لا يقرأ: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) لأن ذلك لم يرد.
ويدعو في سعيه بما أحب، وله أن يقرأ القرآن، وأن يذكر الله عز وجل، ويسبِّح ويهلل ويكبِّر، فإذا وصل إلى المروة صعد عليها، وفعل مثل ما فعل على الصفا.
أما الفقرة الثانية وهي قوله: ما هو القدر الذي يكفي للصعود على الصفا والمروة فنقول: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ارتقى على الصفا حتى رأى البيت، أو رأى الكعبة، وهذا يحصل بأدنى قدر من الصعود.
وأما الحكمة من السعي بين العلمين اتباع سنة النبي، - صلى الله عليه وسلم - وتذكر حال أم إسماعيل، حيث كانت إذا هبطت الوادي وهو ما بين العلمين أسرعت لكي تلاحظ ابنها إسماعيل، والقصة مطولة في صحيح البخاري (1).
س 978: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
قلتم لا يدعو بعد التكبيرة الثالثة عند السعي فما الدليل؟
فأجاب فضيلته بقوله: لأن حديث جابر- رضي الله عنه- قال: "ثم دعا بين ذلك " ولم يقل دعا بعد ذلك.
س 979: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء على الصفا والمروة أو بعد الدعاء مطلقاً؟
فأجاب فضيلته بقوله: الصحيح أن مسح الوجه باليدين بعد الدعاء ليس بمشروع؛ لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك شيء.
س 980: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما هي الأخطاء الواقعة عند الذهاب إلى المسعى وفي المسعى والدعاء فيه؟
فأجاب فضيلته بقوله: الأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج في هذه الأمور. أما بالنسبة للخروج إلى المسعى فلا يحضرني شيء من ذلك الآن، وأما في المسعى فإنه يحضرني الأخطاء التالية:
الخطأ الأول: النطق بالنية فإن بعض الحجاج إذا أقبل على الصفا قال: إني نويت أن أسعى سبعة أشواط لله تعالى، ويعين النسك الذي يسعى فيه، يقول ذلك أحياناً إذا أقبل إلى الصفا، وأحياناً إذا صعد على الصفا، وقد سبق أن النطق بالنية من البدع، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم ينطق بالنية لا سراً ولا جهراً، وقد قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)) (1) وقال النبي: "إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها" وهذا الخطأ يتلافى بأن يقتصر الإنسان على ما في قلبه من النية، وهو إنما ينوي إلى الله عز وجل، والله تعالى عليم بذات الصدور.
الخطأ الثاني: أن بعض الناس إذا صعد إلى الصفا واستقبل القبلة جعل يرفع يديه ويشير بهما، كما ذلك في تكبيرات الصلاة صلاة الجنازة، أو تكبيرات الإحرام، أو في الركوع والرفع منه، أو القيام من التشهد الأول، يرفعهما إلى حذو منكبيه ويشير، وهذا خطأ فإن الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك أنه رفع يديه وجعل يدعو، وهذا يدل على أن رفع اليدين هنا رفع دعاء، وليس رفعاً كرفع التكبير، وعليه فينبغي للإنسان إذا صعد الصفا أن يتجه إلى القبلة، ويرفع يديه للدعاء، ويأتي بالذكر الوارد عن النبي في هذا المقام، ويدعو كما ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
الخطأ الثالث: أن بعض الحجاج يمشي بين الصفا والمروة مشياً واحداً، مشيه المعتاد، ولا يلتفت إلى السعي الشديد بين العلمين الأخضرين، وهذا خلاف السنة، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسعى سعياً شديدًا في هذا المكان، أعني المكان الذي بين العلمين الأخضرين، وهما إلى الصفا أقرب منهما إلى المروة، فالمشروع للإنسان إذا وصل إلى العلم الخضر الأول الذي يلي الصفا أن
يسعى شديداً بقدر ما يتحمله، بشرط أن لا يتأذى أحداً بذلك، وهذا إنما يكون حينما يكون المسعى خفيفاً فيسعى بين هذين العلمين، ثم يمشي إلى المروة مشيه المعتاد، هذه هي السنة.
الخطأ الرابع: على العكس من ذلك فإن بعض الناس إذا كان يسعى تجده يرمل في جميع السعي من الصفا إلى المروة، ومن المروة إلى الصفا فيحصل في ذلك مفسدتان، أو أكثر:
المفسدة الأولى: مخالفة السنة.
والمفسدة الثانية: الإشقاق على نفسه، فإن بعض الناس يجد المشقة الشديدة في هذا العمل، لكنه يتحمل بناء على اعتقاده أن ذلك هو السنة، فتجده يرمل من الصفا إلى المروة، ومن المروة إلى الصفا، وهكذا حتى ينتهي سعيه، ومن الناس من يفعل ذلك
لا تحريًا للخير، ولكن حبًا للعجلة، وإنهاءً للسعي بسرعة، وهذا شر مما قبله؛ لأن هذا ينبىء عن تبرم الإنسان بالعبادة، وملله منها، وحبه الفرار منها، والذي ينبغي للمسلم أن يكون قلبه مطمئناً، وصدره منشرحا، بالعبادة يحب أن يتأنى فيها على الوجه المشروع الذي جاءت به سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أما أن يفعلها وكأنه يريد الفرار منها، فهذا دليل على نقص إيمانه، وعدم اطمئنانه بالعبادة.
والمفسدة الثالثة: في الرمل في جميع أشواط السعي: أنه يؤذي الساعين، فأحياناً يصطدم بهم ويؤذيهم وأحياناً، وأحيانًا يكون مضيقًا عليهم، ومزاحمًا لهم فيتأذون بذلك، فالنصيحة لإخواني المسلمين في هذا المقام أن يتأسوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن هديه خير الهدي، وأن يمشوا في جميع الأشواط إلا في ما بين العلمين، فإنهم يسعون سعياً شديداً، كما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مالم يتأذوا بذلك، أو يؤذوا غيرهم.
الخطأ الخامس: أن بعض الناس يتلو قول الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) في كل شوط كلما أقبل على الصفا، وكلما أقبل على المروة، وهذا خلاف السنة، فإن السنة الواردة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تلاوة هذه الآية أنه تلاها حين دنا من الصفا، بعد أن أتم الطواف وركعتي الطواف، وخرج إلى المسعى، فلما دنا من الصفا قرأ: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)، أبدأ بما بدأ الله به إشارة منه - صلى الله عليه وسلم - أنه إنما جاء ليسعى، لأن هذا من شعائر الله عز وجل، وأنه إنما بدأ من الصفا؛ لأن الله تعالى بدأ به، فتكون تلاوة هذه الآية مشروعة عند ابتداء السعي إذا دنا من الصفا وليست مشروعة كلما دنا من الصفا في كل شوط، ولا كلما دنا من المروة، وإذا لم تكن مشروعة فلا ينبغي للإنسان أن يأتي بها إلا في الموضع الذي أتى بها فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
الخطأ السادس: أن بعض الذين يسعون يخصصون كل شوط بدعاء، وقد سبق أن هذا من البدع، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يخصص كل شوط بدعاء معين، لا في الطواف، ولا في السعي أيضاً، وإذا كان هذا من البدع، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل بدعة ضلالة" وعليه فاللائق بالمؤمن أن يدع هذه الأدعية، وأن يشتغل بالدعاء الذي يرغبه ويريده، فيدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة، ويذكر الله ويقرأ القرآن، وما أشبه ذلك من الأقوال المقربة إلى الله سبحانه وتعالى فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما جعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله".
الخطأ السابع: الدعاء من كتاب لا يعرف معناه، فإن كثيراً من الكتب التي بأيدي الحجاج لا يعرف معناها بالنسبة لحاملها، وكأنهم يقرؤونها تعبداً لله تعالى بتلاوة ألفاظها؛ لأنهم لا يعرفون المعنى، لاسيما إذا كانوا غير عالمين باللغة العربية، وهذا من الخطأ أن تدعو الله سبحانه وتعالى بدعاء لا تعرف معناه.
والمشروع لك أن تدعو الله سبحانه وتعالى بدعاء تعرف معناه، وترجو حصوله من الله عز وجل، وعليه فالدعاء بما تريده أنت بالصيغة التي تريدها، ولا تخالف الشرع أفضل بكثير من الدعاء بهذه الأدعية التي لا تعرف معناها، وكيف يمكن لشخص أن يسأل الله تعالى شيئاً وهو لا يدري ماذا يسأله، وهل هذا إلا من إضاعة الوقت والجهل؟ ولو شئت لقلت: إن هذا من سوء الأدب مع الله عز وجل أن تدعو الله سبحانه وتعالى بأمر لا تدري ما تريده منه.
الخطأ الثامن: البداءة بالمروة، فإن بعض الناس يبدأ بالمروة جهلاً منه، يظن أن الأمر سواء فيما إذا بدأ من الصفا أو بدأ من المروة، أو يسوقه تيار الخارجين من المسجد حتى تكون المروة أقرب إليه من الصفا، فيبدأ بالمروة جهلاً منه، وإذا بدأ الساعي بالمروة فإنه يلغى الشوط الأول، فلو فرضنا أنه بدأ بالمروة، فأتم سبعة أشواط فإنه لا يصح منها إلا ستة؛ لأن الشوط الأول يكون لاغياً، وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى وجوب البداءة بالصفا حيث قال: "أبدأ بما بدأ الله به".
الخطأ التاسع: أن بعض الناس يعتبر الشوط الأول من الصفا إلى الصفا، يظن أنه لابد من إتمام دورة كاملة كما يكون في الطواف من الحجر إلى الحجر، فيبدأ بالصفا وينتهي إلى المروة ويجعل هذا نصف الشوط لا كله، فإذا رجع من المروة إلى الصفا اعتبر هذا شوطاً واحد، وعلى هذا فيكون سعيه أربعة عشر شوطاً، وهذا أيضاً خطأ عظيم وضلال بَيَّن، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعى بين الصفا
والمروة سبعة أشواط، لكنه ابتدأ بالصفا، واختتم بالمروة، وجعل الذهاب من الصفا إلى المروة شوطاً، والرجوع من المروة إلى الصفا شوطاً آخر، وهذا الذي يقع من بعض الحجاج إنما يكون جهلاً منهم بالسنة وتفريطاً منهم في عدم التعلم، وقد أشرنا مراراً إلى أنه ينبغي، بل يجب على المسلم إذا أراد أن يفعل العبادة أن يعلم حدود الله فيها قبل أن يفعلها، وهذا التعلم من فروض الأعيان؛ لأنه لا يستقيم دين المرء إلا به، فيجب عليه أن يتعلم حدود ما أنزل الله في هذه العبادة، ليعبد الله تعالى على بصيرة.
الخطأ العاشر: السعي في غير النسك، يعنى أن بعض الناس يتعبد الله تعالى بالسعي بين الصفا والمروة في غير حج ولا عمرة، يظن أن التطوع بالسعي مشروع كالتطوع بالطواف، وهذا أيضاً خطأ، والذي يدلنا على هذا، أنك تجد بعض الناس في زمن العمرة- أي في غير زمن الحج- يسعى بين الصفا والمروة بدون أن يكون عليه ثياب الإحرام، مما يدل على أنه محل فإذا سألته: لماذا فعلت؟
قال: لأني أتعبد الله عز وجل بالسعي كما أتعبد بالطواف. وهذا جهل مركب؛ لأنه صار جاهلاً بحكم الله، وجاهلاً بحاله، حيث ظن أنه عالم وليس بعالم، أما إذا كان السعي في زمن الحج بعد الوقوف بعرفة فيمكن أن يسعى الإنسان وعليه ثيابه المعتادة؛ لأنه يتحلل برمي جمرة العقبة يوم العيد، بالحلق أو التقصير، ثم يلبس ثيابه، ثم يأتي إلى مكة ليطوف ويسعى بثيابه المعتادة.
على كل حال أقول: إن بعض الناس يتعبد لله تعالى بالسعي بغير حج ولا عمرة، وهذا لا أصل له، بل هو بدعة، وهو لا يقع غالباً إلا من شخص جاهل، لكنه يعتبر من الأخطاء في السعي.
الخطأ الحادي عشر: التهاون بالسعي على العربة من غير عذر، فإن بعض الناس يتهاون بذلك، ويسعى على العربة بدون عذر، مع أن كثيراً من أهل العلم قالوا: إن السعي راكباً لا يصح إلا بعذر، وهذه المسألة مسألة خلاف بين العلماء، أي هل يشترط في السعي أن يكون الساعي ماشياً إلا من عذر أو لا يشترط؟ ولكن الإنسان ينبغي له أن يحتاط لدينه، وأن يسعى ماشياً مادام قادراً، فإن عجز فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -لأم سلمة- رضي الله عنها- حين قالت: إني أريد أن أطوف وأجدني شاكية، قال: "طوفي من وراء الناس وأنت راكبة"فأذن لها بالركوب في الطواف؛ لأنها مريضة، وهكذا نقول في السعي: إن الإنسان إذا كان لا يستطيع، أو يشق عليه مشقة تتعبه فلا حرج عليه أن يسعى على العربة. هذا ما يحضرني من الأخطاء في السعي.
س 981: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل من السنة صعود المرأة إلى الصفا؟
فأجاب فضيلته بقوله: المعروف عند الفقهاء أنه لا يُسنُّ للمرأة أن تصعد الصفا والمروة، وإنما تقف عند أصولهما، ثم تنحرف لتأتى ببقية الأشواط، لكن لعل هؤلاء النساء اللاتي يشاهدن صاعدات على الصفا والمروة يكن مع محارمهن، ولا يتسنى لهن مفارقة المحارم؛ لأنهن يخشين من الضياع، وإلا فإن الأولى للمرأة أن لا تزاحم الرجال في أمر ليس مطلوبًا منها.
س 982: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يلزم السعي الشديد في العودة من المروة إلى الصفا بين العلمين الأخضرين؟
فأجاب فضيلته بقوله: السعي الشديد ليس بلازم، لكن الأفضل أن يسعى سعياً شديداً بين العلمين في ذهابه من الصفا إلى المروة، وفي رجوعه من المروة إلى الصفا؛ لأن كل مرة من هذه شوط، والسعي بين العلمين مشروع في كل شوط.
س 983: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يشرع للحاج عندما يصعد للصفا أن يقرأ قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ) إلى آخر الآية، أم يقتصر على قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) وهل يشرع أن يقول: "أبدأ بما بدأ الله به " كلما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
فأجاب فضيلته بقوله: الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث جابر قوله- أي جابر رضي الله عنه فلما دنا من الصفا قرأ (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)فيتحمل أنه قرأ الآية كلها، ويحتمل أنه قرأ هذا الجزء منها، فإن كمل الآية فلا حرج عليه.
وأما قوله "أبدأ بما بدأ الله به" فيقولها الإنسان أيضاً اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإشعاراً لنفسه أنه فعل ذلك طاعة لله عز وجل، حيث ذكر الله تعالى أنهما من شعائر الله وبدأ بالصفا.
س 984: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ذكرتم من الأخطاء في الطواف والسعي الدعاء من الكتب فهل ينطبق هذا على الناس الذين يطوفون ويسعون بهم ويقولون أدعية يرددها الناس خلفهم؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم، هو ينطبق على هؤلاء؛ لأن هؤلاء أيضاً كانوا قد حفظوا هذه الأدعية من هذا الكتاب، ولعلك لو ناقشت بعضهم- أي بعض هؤلاء المطوفين- عن معاني ما يقول لم يكن عنده من ذلك خبر ولكن مع ذلك قد يكون من خلفه لا يعلمون اللغة العربية، ولا يعرفون معنى ما يقولون، وإنما يرددونه تقليداً لصوته فقط، وهذا من الخلل الذي يكون من المطوفين، ولو أن المطوفين أمسكوا الحجاج الذين يطوفونهم، وعلموهم تعليماً عند كل طواف، وعند كل سعي، فيقولون لهم مثلاً: أنتم الآن ستطوفون فقولوا كذا، وافعلوا كذا، وادعوا بما شئتم، ونحن معكم نرشدكم إن ضللتم فهذا طيب، وهو أحسن من أن يرفعوا أصواتهم بتلقينهم الدعاء الذي لا يعرفون معناه، والذي قد يكون فيه تشويش على الطائفين، فهم إذا قالوا: نحن أمامكم وأنتم افعلوا كذا أشيروا مثلاً إلى الحجر، أو استلموه إن تيسر لكم، أو ما أشبه ذلك، وقولوا كذا، وكبروا عند محاذاة الحجر الأسود وقولوا بينه وبين الركن اليماني (ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) إلى غير ذلك من التوجيهات لكان هذا أنفع للحاج وأخشع، أما أن يؤتى بالحاج وكأنه ببغاء يقلد بالقول والفعل هذا المطوف، ولا يدري عن شيء أبدًا، وربما لو قيل له بعد ذلك: طف. ما استطاع أن يطوف لأنه لا يعرف الطواف، وإنما كان يمشى يردد وراء هذا المطوف، فهذا هو الذي أرى أنه أنفع للمطوفين والطائفين أيضاً.
س 985: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
بالنسبة للتقصير والحلق بعد السعي للعمرة أو الإحلال من الحج في منى هل هناك أخطاء؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم، في الحلق أو التقصير في العمرة يحصل أخطاء منها:
الخطأ الأول: أن بعض الناس يحلق بعض رأسه حلقاً تاماً بموسى ويبقى البقية، وقد شاهدت ذلك بعيني، فقد شاهدت رجلاً يسعى بين الصفا والمروة، وقد حلق نصف رأسه تماماً، وأبقى بقية شعره، وهو شعر كثيف بيَّن، فأمسكت به وقلت له: لماذا صنعت هذا؟ فقال: صنعت هذا؛ لأني أريد أن أعتمر مرتين، فحلقت نصفه للعمرة الأولى، وأبقيت نصفه لعمرتي هذه.
وهذا جهل وضلال لم يقل به أحد من أهل العلم.
الخطأ الثاني: أن بعض الناس إذا أراد أن يتحلل من العمرة، قصر شعرات قليلة من رأسه، ومن جهة واحدة، وهذا خلاف ظاهر الآية الكريمة، فإن الله تعالى يقول:(مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ)
فلابد أن يكون للتقصير أثر بيَّن على الرأس، ومن المعلوم أن قص شعرة، أو شعرتين، أو ثلاث شعرات لا يؤثر، ولا يظهر على المعتمر أنه قصّر، فيكون مخالفًا لظاهر الآية الكريمة.
ودواء هذين الخطأين أن يحلق جميع الرأس إذا أراد حلقه، وأن يقصر من جميع الرأس إذا أراد تقصيره، ولا يقصر على شعرة أو شعرتين.
وهناك خطأ ثالث، وذلك أنه إذا فرغ من السعي، ولم يجد حلاَّقاً يحلق عنده أو يقصر، ذهب إلى بيته فتحلل ولبس ثيابه، ثم حلق أو قصر بعد ذلك، وهذا خطأ عظيم؛ لأن الإنسان لا يحل من العمرة إلا بالحلق، أو التقصير؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أمر أصحابه في حجة الوداع، أمر من لم يسق الهدي أن يجعلها عمرة، قال: "فليقصر ثم ليحلل " وهذا يدل على أنه لا حل إلا بعد التقصير.
وعلى هذا فإذا فرغ الحاج من السعي ولم يجد حلاَّقًا، أو أحداً يقصر رأسه، فليبق على إحرامه حتى يحلق أو يقصر، ولا يحل له أن يتحلل قبل ذلك، فلو قدر أن شخصاً فعل هذا جاهلاً بأن تحلل قبل أن يحلق أو يقصر ظناً منه أن ذلك جائز، فإنه لا حرج عليه لجهله، ولكن يجب عليه حين يعلم أن يخلع ثيابه، ويلبس ثياب الإحرام، لأنه لا يجوز له التمادي في الحل مع علمه بأنه لم يحل ثم إذا حلق أو قصر تحلل.
هذا ما يحضرني الآن من الأخطاء في الحلق والتقصير.
س 986: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
ما حكم الحلق أو التقصير في العمرة؟ وأيهما أفضل؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحلق أو التقصير بالنسبة للعمرة واجب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة في حجة الوداع وطاف وسعى، أمر كل من لم يسق الهدي أن يقصر ثم يحل، فلما أمرهم أن يقصروا، والأصل في الأمر الوجوب، دل على أنه لابد من التقصير، ويدل لذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم حين أحصروا في غزوة الحديبية أن يحلقوا، حتى إنه - صلى الله عليه وسلم - غضب حين توانوا في ذلك.
وأما هل الأفضل في العمرة التقصير أو الحلق؟ فالأفضل الحلق إلا للمتمتع الذي قدم متأخراً، فإن الأفضل في حقه التقصير من أجل أن يوفر الحلق للحج.
س 987: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
حاج متمتع طاف وسعى للعمرة ولبس ملابسه العادية ولم يقصر ولم يحلق وسأل بعد الحج فأخبر أنه أخطأ فماذا يفعل؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الرجل يعتبر تاركاً لواجب من واجبات العمرة وهو الحلق أو التقصير، وعليه عند أهل العلم أن يذبح فدية في مكة، ويوزعها على فقراء مكة، وهو باق على تمتعه وعمرته صحيحة.
س 988: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة تقول:
قمت بعمل عمرة وهي أول عمرة لي، ونسيت أن أقص من شعري، فقلت: عندما أذهب للبيت سوف أقصه: ولكنني عندما ذهبت إلى البيت نسيت ذلك فماذا على الآن؟
فأجاب فضيلته بقوله: كان الواجب عليها أن تسأل في وقت العمرة، والآن كم لها من وقت، فلا أستطيع أن أفتيها وهي لم تبين لي متى كان ذلك؟
س 989: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
امرأة اعتمرت هذا العام ونسيت أن تقصر من شعرها، وحلت من الإحرام بعد الطواف والسعي، ولم تذكر التقصير إلا في الرياض، فما الحكم جزاكم الله خيراً؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين، وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، إذا نسيت أن تقصر في العمرة ولم تذكر إلا وهي في الرياض فإنها تقصر، ولا حرج عليها إن شاء الله.
وإنني بهذه المناسبة: أود أن أذكر إخواننا المسلمين أنهم إذا أرادوا أن يفعلوا عبادة- أي عبادة كانت- فليقبلوا عليها بجد، وليشغلوا قلوبهم بها، وليهتموا بها.
والناحية الثانية: أن يتعلموا أحكامها، وماذا يجب عليهم فيها، حتى يعبدوا الله تعالى على بصيرة، وما أكثر الذين يسألون عن أشياء أخلوا بها في مناسكهم في الحج أو العمرة، وربما يمضي عليهم سنوات كثيرة لم يتفطنوا إلا بعد مضي هذه السنوات، وهذا لا شك أنه نقص. فالإنسان لو أراد أن يسافر إلى بلد فإنه لن يسافر إلا بهاد يدله الطريق، أو بهاد يصف له الطريق حتى يعرف كيف يسير إلى هذه البلاد، وإلى أين يتجه، فما بالك بالسير إلى جنات النعيم أليس الأجدر بالإنسان أن يهتم به اهتماماً بالغاً؟! وهكذا في المعاملات ينبغي للتاجر أن لا يشتغل بالتجارة حتى يعرف ما الذي يجوز منها، وما الذي لا يجوز، وهكذا في ما يسمونه بالأحوال الشخصية كالنكاح، والطلاق، فالإنسان لا يطلق حتى يعرف حدود الله تعالى في الطلاق، إلى غير ذلك من شرائع الدين. وشعائره، فإنه ينبغي للإنسان أن يتلقاها بهمة وعزيمة، ونشاط، واحضار قلب، وأن يقوم بها على علمِ وبصيرة، فقد قال الله تبارك تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).
س 990: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
أحرمنا للعمرة من ميقات المدينة ثم قدمنا إلى مكة ودخلنا الحرم وطفنا حول الكعبة سبع مرات ثم صلينا ركعتين قبل السعي ثم سعينا سبعة أشواط ثم خرجنا من الحرم هذا كل ما فعلنا في العمرة، إلا أن واحداً منا خرج من الحرم بعد إكمال الطواف وقبل السعي وقص شيئاً من شعر رأسه ولم ينزع لباس إحرامه، وبعد ذلك عاد إلى الحرم وسعى، وبعد إكماله للسعي خرجنا من مكة إلى المدينة ولم نطف طواف الوداع، فما الحكم فيمن قص شيئاً من شعره في السعي وما حكم ترك طواف الوداع جهلاً؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذي فهمته من هذا السؤال أنه لم يقصر أحد منهم إلا هذا الذي قصر قبل أن يسعى، فإن كان هؤلاء كذلك فقد تركوا التقصير، والتقصير من واجبات العمرة، فإذا كانوا تركوه جهلاً فلا حرج عليهم أن يقصروا ولو في مكانهم في بلدهم الذي يقيمون فيه.
وأما هذا الذي قصر قبل السعي جاهلاً فلا شيء عليه؛ لأن جميع محظورات الإحرام إذا فعلها المحرم جاهلاً، أو ناسياً، أو مكرهاً فإنه لا شيء عليه، ولكن على هذا الرجل الذي قصر قبل السعي أن يقصر الآن؛ لأنه قصر في غير محل التقصير.
وأما خروجكم بعد قضاء العمرة إلى المدينة مباشرة فإنه لا شيء عليكم، أما لو أقام المعتمر في مكة ولو قليلاً فإنه يجب عليه طواف الوداع لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت ". ويقول - صلى الله عليه وسلم -:"اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك ". وهذا عام إلا فيما خصه الدليل كالوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ورمي الجمار، والمبيت بمنى، فإن هذا لا يجب في العمرة بالنص والإجماع. والله الموفق.
س 991: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
اعتمرت لوالدي المتوفَّى وفي نهاية العمرة نسيت أن أقصر من شعري، ثم قمت مباشرة بالطواف لأختي أي أخذت لها سبع، وأختي مقيمة في الرياض ويمنعها زوجها من العمرة، ولا أعلم هل يستمر في منعها أم لا، بحجة أنه لا يحب السفر، وبعد الانتهاء من الطواف لأختي قمت بالتقصير من شعري مرة واحدة فقط عن العمرة لوالدي وأسأل يا فضيلة الشيخ حكم الطواف لأختي في هذه الحالة والفقرة الأخرى هل أقصر من شعري بعد السبع؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم الطواف لأختك صحيح وكونك قصرتي بعد هذا الطواف عن العمرة صحيح أيضاً.
وأما كون زوج أختك يمنعها من العمرة فهذا أمر يعود إليه هو أعلم بشأن زوجته، قد يرى أنه من المصلحة أن يمنعها فيمنعها، فله الحق في ذلك؛ لأن النبي قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه " هذا الحديث أو معناه، فمنع النبي - صلى الله عليه وسلم - المرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه؛ لأنها إذا صامت تمنعه من كمال ما يريد منها، وإن فعل ما يريد صار في قلبه حرج وقلق، وإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الصوم الذي يكون به منع الزوج مما يريد، فما بالك في السفر، فإن منعه زوجته من السفر حق له ولا لوم عليه في ذلك، لكن ينبغي للزوج أن يراعي الأحوط، فإذا قدر أن هذه المرأة لم تعتمر من قبل وصار أهلها سيذهبون للعمرة وهو لا يشق عليه فراقها فليأذن لها في العمرة لتؤدي واجباً لله، ويا حبذا لو اصطحبها أيضاً فإن هذا تكون فيه الفة بين الأصهار بعضهم مع بعض، ويكون فيه الخير الكثير إن شاء الله.
س 992: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
من أحرم بالحج متمتعاً واعتمر ولم يتحلل من إحرامه بتقصير شعره إلى أن ذبح الهدي جاهلاً فماذا عليه؟ وهل حجه صحيح؟
فأجاب فضيلته بقوله: يجب أن يعرف أن الإنسان إذا أحرم متمتعاً فإنه إذا طاف وسعى قصر من شعره من جميع الرأس وحل من إحرامه، هذا هو الواجب، فإذا استمر في إحرامه فإن كان قد نوى الحج قبل أن يشرع في الطواف- أي طواف العمرة- فهذا لا حرج عليه؛ لأنه في هذه الحال يكون قارناً، ويكون ما أدى من الهدي عن القران.
وإن كان قد بقي على نية العمرة حتى طاف وسعى فإن كثيرًا من أهل العلم يقولون: إن إحرامه بالحج غير صحيح؛ لأنه لا يصح إدخال الحج على العمرة بعد الشروع في طوافها، ويرى بعض أهل العلم أنه لا بأس به، وحيث إنه جاهل فالذي أرى أنه لا شيء عليه وأن حجه صحيح إن شاء الله. والله الموفق.
س 993: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حججنا مع والدي عام 1401 هـ أول مرة نحج فيها ولما أحرمنا وطفنا طواف القدوم قصينا من شعر الرأس وكنا محرمين بالحج مفردين، والوالد رجع إلى السودان وأنا حضرت إلى الرياض وأعمل هنا وقد صمت عشرة أيام في الرياض والوالد لم يصم، أرجو إفادتي في ذلك وما هو المطلوب مني ومن والدي بارك الله فيكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليك وعلى والدك شيء وذلك أن تقصيركما للرأس كان عن جهل، لم تريدا به التحلل من الإحرام، لأنكما مفردان للحج، والمفرد للحج لا يحل من إحرامه إلاَّ يوم العيد إذا رمى وحلق وقصر، وكل من فعل شيئاً من محظورات الإحرام جاهلاً فليس عليه إثم، وليس عليه فدية لقوك الله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وقوله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) وقوله تعالى في الصيد: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)والجاهل غير متعمد للإثم فهو غير آثم، وإذا كان غير آثم لم يترتب عليه كفارة الإثم، والخلاصة أنه لا شيء عليك ولا على أبيك.
س 994: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يقول:
أدينا العمرة ثم قصرنا من بعض الشعر ولم نقصر منه كله وتحللنا من إحرامنا فما العمل؟
فأجاب فضيلته بقوله: الواجب في التقصير أن يكون شاملاً لجميع الرأس لقول الله تعالى: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) فلابد أن يعم كل الرأس، ومن قصر من بعضه فإنه لم يقم بالواجب إلا على رأي بعض العلماء، فمن قصر تبعاً لهؤلاء الذين أفتوه في ذلك فلا شيء عليه، يعني من قصر بعض الرأس تابعاً للعلماء الذين أفتوه فلا شيء عليه، وإلا وجب عليه الآن أن يخلع ثيابه، لأنه لم يحل له لبسها حتى الآن، ثم يلبس ثياب الإحرام ثم يقصر التقصير الواجب.
س 995: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
من أحرم متمتعاً ولم يقصر أو يحلق لعمرته وأكمل مناسك الحج ماذا عليه؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الحاج ترك التقصير في عمرته، والتقصير من واجبات العمرة، وفي ترك الواجب عند أهل العلم دم يذبحه الإنسان في مكة، ويوزعه على الفقراء، وعلى هذا فنقول لهذا الحاج: يجب عليك على ما قاله أهل العلم أن تذبح فدية بمكة، وتوزعها على الفقراء، وبهذا تتم عمرتك وحجك، وإن كان خارج مكة فإنه يوصي من يذبح له الفدية بمكة.
س 996: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
متمتع لم يجد الهدي فصام ثلاثة أيام في الحج ولم يصم السبعة الباقية ومضى على ذلك ثلاث سنوات فماذا يفعل؟
فأجاب فضيلته بقوله: يلزمه أن يصوم بقية الأيام العشرة وهي سبعة أيام، ونسأل الله له العون.
س 997: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
شخص يحلق شعره للعمرة في بلده فما حكم عمرته؟
فأجاب فضيلته بقوله: يقول أهل العلم: إن حلق الرأس لا يختص بمكان فإذا حلق في مكة، أو في غير مكة فلا بأس، لكن الحلق في العمرة يتوقف عليه الحل، وأيضاً سيكون بعد الحلق طواف وداع، فالعمرة هكذا ترتيبها: طواف، وسعي، وحلق أو تقصير، وطواف وداع إذا أقام الإنسان بعد أداء العمرة، وأما إذا سافر من حين أن أتى بأفعال العمرة فلا وداع عليه، إذًا معناه لابد أن يحلق رأسه أو يقصره وهو في مكة إذا كان يريد الإقامة لأنه سيأتي بعده طواف الوداع، أما إذا طاف وسعى وخرج إلى بلده فوراً، فإنه لا حرج عليه أن يقصر أو يحلق في بلده، لكنه سيبقى على إحرامه حتى يقصر أو يحلق. والله أعلم.
س 998: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
هل يجوز أن أقص شعري في المروة بعد نهاية السعي؟ وهل يجزىء حلق أو قص بعض الرأس؟ وماذا يفعل من كان أصلعاً أو محلوق الرأس؟
وهل يجوز للساعي والطائف الاستراحة إذا تعب أثناء السعي، أو الطواف؟ وأيهما أفضل الحلق أو التقصير مع دليل ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا فرغ الإنسان من السعي وكان في عمرة فإنه يحلق أو يقصر، والحلق أفضل؛ لأنه أبلغ في تعظيم الله؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم –"دعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة". ومن كان أصلعًا أو قد حلق رأسه فإنه يسقط عنه الحلق، أو التقصير؛ لأنه لا شعر له، وهذا في الأصلع ظاهر، لأن الأصلع لا ينبت شعره، وأما من حلق، فإنه قد يقال: إنه يجمب عليه أن ينتظر حتى ينبت أدنى نبات ثم يحلق.
وأما حلق بعض الرأس أو تقصير بعض الرأس فلا يجزىء لأن الله تعالى قال:(مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) ( سورة الفتح، الآية: 27) فلا بد من أن يكون الحلق أو التقصير شاملاً جميع الرأس، وأحسن ما يقصر به وأعمَّه أن يكون التقصير في المكائن المعروفة التي يستعملها الناس اليوم لأنها يحصل بما التقصير العام، وعلى وجه متساوٍ فهي أحسن من المقص.
وقولنا إن الحلق أفضل، هذا بالنسبة للرجال، أما النساء فليس في حقهن إلا التقصير.
أما قول السائل: إذا تعب الساعي أو الطائف وجلس فهل يضر ذلك؟
والجواب: أنه لا يضره، ولكن يلاحظ أنه لا يجلس جلوساً طويلاً، ولكن يجلس قليلاً حتى يرتد إليه نفسه وترتاح أعصابه، ثم يواصل، وإن احتاج إلى جلسة أخرى فلا بأس، أو ثالثة، أو رابعة.
س 999: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
أخذت عمرة فطفت وسعيت ولكنني لم أحلق ولم أقصر لأنني اعتقدت أن التقصير قبل ذلك فقصرت قبل وصولي إلى مكة وأنا في مدينة الرياض فماذا عليّ؟ علمًا بأني لما علمت الحكم حلقت بنية النسك؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
فأجاب فضيلته بقوله: ما دمت كنت جاهلاً بوجوب الحلق أو التقصير بعد الطواف والسعي للعمرة، ثم لما علمت حلقت بنية النسك فإنه لا شيء عليك، وإن قدر أنك فعلت شيئاً من محظورات الإحرام قبل الحلق أو التقصير، فإنه ليس عليك شيء أيضاً لأن هذا صدر عن جهل، قال الله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (سورة البقرة، الآية: 286) ..
س 1000: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-:
من اعتمر ولم يحلق أو لم يقصر ناسياً أو جاهلاً فما حكم عمرته؟
فأجاب فضيلته بقوله: العمرة صحيحة وإن لم يحلق أو يقصر، وذلك لأن الحلق أو التقصير ليس من أركان العصرة، وإنما هو من الواجبات، وإذا تركه الإنسان ناسياً فإنه يحلق متى ذكر إلا إذا فات الأوان، فإنه يذبح في مكة فدية يتصدق بها على الفقراء، وإذا تركه جاهلاً، وعَلِم فإنه يحلق، إلأَ إذا فات الأوان فإنه يذبح في مكة فدية يتصدق بها على الفقراء، ولا إثم عليه هذه الحال ما دام ناسياً أو جاهلاً. والله أعلم.
س 1001: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم من نسي التقصير في العمرة وتحلل من إحرامه وفعل بعضر محظورات الإحرام؟
فأجاب فضيلته بقوله: حكم من نسي التقصير في العمرة حتى تحلل من إحرامه وفعل شيئاً من محظورات الإحرام أن تحلله من إحرامه ليس عليه فيه شيء، وما فعله من محظورات ولو كان الجماع ليس عليه فيه شيء، لأنه ناس للحلق، وجاهل في فعل المحظور، فليس عليه شيء، ولكن إذا ذكر وجب عليه أن يخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام لأجل أن يقصر وهو محرم، هذا إذا كان رجلاً، إما إذا كانت امرأة فإنه لا يلزمها أن تخلع ثيابها بل تقصر وإن لم يكن عليها ثيابها التي أحرمت بها؛ لأن المرأة ليس لها ثياب خاصة للإحرام، فالمرأة تلبس في الإحرام ما شاءت من الثياب إلا أنها لا تتبرج بالزينة. والله أعلم.
س 1002: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج قدم متمتعاً فلما طاف وسعى لبس ملابسه العادية ولم يقصر أو يحلق وسأل بعد الحج وأخبر أنه أخطأ فكيف يفعل وقد ذهب الحج بعد وقت العمرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الرجل يعتبر تاركاً لواجب من واجبات العمرة وهو الحلق أو التقصير، وعليه عند اهل العلم أن يذبح فدية في مكة، ويوزعها على فقراء مكة، وهو باق على تمتعه.
س 1003: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن رجل طاف طواف العمرة وسعى ولم يحلق رأسه ناسياً وغادر مكة أو أثناء الطريق تذكر فخلع ثيابه وحلق رأسه وتحلل؟
فأجاب فضيلته بقوله: أرجو أن لا شيء عليه.
س 1004: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل تحلل من عمرته بعد أن طاف وسعى ولم يحلق ولم يقصر ثم أحرم بالحج، ماذا يلزمه جزاك الله خيراً؟
فأجاب فضيلته بقوله: الظاهر أنه باقٍ على تمتعه، ولكنه يلزمه عن ترك الحلق أو التقصير فدية، بناء على ما هو مشهور عند الفقهاء من أن ترك الواجب تلزم فيه الفدية، فإذا كان موسراً قادراً وجب عليه أن يذبح فدية في مكة وتوزع كلها على الفقراء، وإن لم يكن قادراً فلا شيء عليه، أما النسك فهو تمتع، لأن هذه هي نيته.
س 1005: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن رجل أحرم بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج ولم يصل مكة إلا في اليوم الثامن من ذي الحجة فعند فراغه من العمرة هل يحلق رأسه أو يقصر؟ وما حكم الاغتسال بعد العمرة للإحرام بالحج؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا أحرم الإنسان بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج ولم يصل إلى مكة إلا في اليوم الثامن، فإنه في هذه الحال لا يحلق شعر رأسه عند الإحلال، ولكنه يقصره، من أجل أن يبقى الشعر للحج، فإذا أنهى العمرة بالطواف والسعي والتقصير فإنه يغتسل للإحرام بالحج، وهذا الاغتسال ليس بواجب؛ لأن الاغتسال عند النسك سنة، وليس بواجب.
س 1006: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن رجل يقول: ذهبت أنا وعائلتي للعمرة وبعد الفراغ من الطواف والسعي حللنا ولم ثقصر ولم نحلق وخرجنا من مكة لأننا كنا نعتقد أن الحلق أو التقصير خاص بالحج وقد مضى على ذلك زمن فماذا يلزمنا الآن؟
فأجاب فضيلته بقوله: يلزم كل واحد منهم فدية تذبح بمكة وتوزع على الفقراء، وأنصح كل إنسان أخل بشيء من المناسك أن يسأل فوراً، وأن لا يتأخر.
س 1007: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- هل يجوز أن يوصي من يذبح الفدية عنه وعن عائلته بمكة؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز، وإن ذهب فهو طيب يأخذ عمرة ويفدي.
س 1008: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: يقول صاحب السؤال أعلاه: إنه ليس من أهل المملكة ولا يعرف أحداً فما الحل؟
فأجاب فضيلته بقوله: يعطينا أربعمائة ريال عن كل فرد، وإن شاء الله نجد أحداً والله الموفق.
س 1009: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل قام بأداء العمرة ونسي أن يقصر أو يحلق ولبس ثيابه وذكر في مكة أنه لم يقصر ولم يحلق وسافر إلى بلده فما حكم عمرته وماذا يفعل؟
فأجاب فضيلته بقوله: عمرته صحيحة، لكن بقي عليه الحلق أو التقصير، ولكن من العلماء من يقول: يحلق ويقصر يعنى يخلع ثيابه الآن لأنه يحرم عليه أن يلبس الثياب قبل الحلق أو التقصير، فيخلع الثياب، ويلبس ثياب الإحرام، فيحلق ويقصر.
ومنهم من قال: إنه ثبت عليه الدم بمغادرة مكة، ويذبح بمكة فدية توزع على الفقراء، وأرى الأخير أحسن أن يذبح فدية في مكة وتوزع على الفقراء، هذا إن كان غنياً أما إذا كان فقيراً فلا شيء عليه.
س 1010: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- حاج أتم الطواف والسعي ولبس ملابسه ولم يقصر ولم يحلق فماذا يفعل الآن؟
فأجاب فضيلته بقوله: قال العلماء- رحمهم الله- إن الحلق أو التقصير إنه من واجبات الحج وقالوا قاعدة: (كل من ترك واجباً من واجبات الحج فعليه فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء) وعلى هذا فنقول لهذا الأخ اذبح فدية في مكة ووزعها على الفقراء وفي هذا يتم حجك.
س 1011: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- رجل يقول: اديت أنا وزوجتي العمرة ثم حلقت شعري بعد الانتهاء من العمرة ولكن زوجتي لم تقصر لعدم وجود مقص وأخبرتني بذلك بعد خروجي من مكة وبعد فترة جامعتها نسياناً وجهلاً منها في الشرع فما الحكم في ذلك؟ وإذا لم تقصر حتى الآن فما العمل؟
فأجاب فضيلته بقوله: الواجب عليها أن تبادر من حين أن ذكرت أنها لم تقصر وتقصر رأسها، ولايحل لها التهاون في هذا الأمر الخطير، أما ما حصل من المباشرة بينكما وهو صادر عن جهل أو نسيان فإن ذلك لا يؤثر على النسك شيئاً؛ لأن لدينا قاعدة مهمة يجب لطالب العلم أن يفهمها وهي: (أن ارتكاب المحظور نسياً أو جهلاً لا أثر له) كل المحظورات: محظورات الإحرام ومحظورات الصيام ومحظورات الصلاة كلها إذا وقعت عن جهل أو نسيان فإنها لا تؤثر شيئاً، فلو أن الإنسان في صلاته تكلم يظن أن الكلام لا يبطل الصلاة فصلاته صحيحة؛ لأنه فعل المحظور جاهلاً، ولو أن الإنسان احتجم وهو صائم يظن أن الحجامة لاتفطر فصيامه صحيح، وإن جامع الرجل زوجته وهو يظن أن المحرم الجماع بالإنزال دون الجماع بلا إنزال فصيامه صحيح؛ لأن بعض الناس يظن هذا؛ حتى حدثني بعض الناس أنه كان يجامع زوجته ولا يغتسل بناء على أن الاغتسال إنما يجب بناءً على الإنزال؛ وأن الجماع بلا إنزال ليس فيه شيء، وأنه كالقبلة، ولا شك أن هذا جهل عظيم، ولا ينبغي للمسلم أن يجهل مثل هذه الحال لكن إذا وقع جهلاً فلا حكم له، ولهذا يجب أن نتفطن فالغسل يجب بواحد من أمرين: إما الإنزال، أو الجماع ولو بدون إنزال، فإن حصل جماع وإنزال فيجب الغسل من باب أولى. فينبغي للشباب الذين يتزوجون حديثاً أن ينتبهوا لهذه المسألة فبعضهم يقول بعد مضي سبع سنين أو ما أشبه ذلك كان يجامع زوجته دائماً لكن بلا إنزال ولا يغتسل لا الزوج ولا الزوجة، وهذا خطأ عظيم، فمتى
حصل الجماع ولو بدون إنزال وجب الغسل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل ".
س 1012: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة ذهبت للعمرة مع ابنها وهو صغير لم يبلغ فلما اعتمرت لم تقصر شعره فما الحكم في ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذي يظهر لي أن الصغير لا يلزمه شيء من أحكام الحج، لأنه غير مكلف، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يفيق " فإذا فعل محظوراً في الإحرام، أو ترك واجباً فلا شيء عليه، لأنه غير مكلف، بل ولو تخلص من الإحرام وقال: أنا لا إريد أن أكمل، فله ذلك، لأنه غير مكلف.
س 1013: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة اعتمرت في رمضان وعندما طافت طواف الوداع خرجت من مكة وقصرت من شعرها لتحل من العمرة علماً بأن هذا كله كان في نفس اليوم؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما إذا تعمدت فلا شك أنها قد أساءت إذ أخرت التقصير عن طواف وداع وأما إذا كانت ناسية وتذكرت بعد طواف الوداع، فإنه لا حرج عليها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذها".فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة المنسية تصلى إذا ذكرت، وهذا التقصير نقول: لها قصري متى ذكرتي.
س 1014: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: شخص حلق شعره وبعده بيوم ذهب إلى العمرة فلما انتهى من السعي لم يحلق فلما وصل إلى بلده قيل له: إنك أخطأت لأنك لم تمر الموسى على رأسك، فهل يجب عليه شيء في هذا؟
فأجاب فضيلته بقوله: نقول: لابد أن يمر الموسى على رأسه، لأن الحلق وإن كان قريباً لابد أن ينبت الشعر، فالشعر ينبت بسرعة، إلا أنه لم يفعل، فأرى أنه من باب الاحتياط أن يذبح فدية في مكة، ويوزعها على الفقراء، ولا يحلق، لأن الفدية بدل عن الحلق، والحلق فاته وقد تحلل، واعتقد أنه انتهى من العمرة، وإن حلق حين علم، ولم يذبح فدية فأرجو أن لا حرج.
س 1015: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل اعتمر ونسي أن يحلق رأسه وهو لا يزال الآن في مكة فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: لابد أن يخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام، ويتجنب جميع محظورات الإحرام، لأنه لم يحل بعد، ثم يحلق ويحل من إحرامه.
س 1016: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل صحيح أن العمرة لها تحللان وأن التقصير يصح في أي مكان خارح مكة؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحج ثبت أن له تحللين: أما العمرة لم يثبت، ولا يمكن أن يتحلل الإنسان منها إلا بالحلق بعد السعي، والسعي بعد الطواف، ثلاثة مرتبة: طواف، سعي، حلق أوتقصير. لكن هل يلزم أن يكون الحلق في مكة أو التقصير؟
ليس بلازم، فلو خرج من مكة وهو باق على إحرامه وحلق في جدة مثلاً فلا حرج عليه، مع أن الأفضل أن يحلق من حين ما ينهي من السعي.
س 1017: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: المتمتع إذا نسي التقصير من شعره ثم دخل في الحج وتذكر بعد ما دخل في الحج فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذه مسألة عظيمة، بعض العلماء يقول: لا حج له؛ لأنه أحرم بالحج في غير موضعه، إذ إنه لو كان يريد أن يكون قارناً لأحرم بالحج قبل الطواف، فهو الآن لا قارن، ولا متمتع، والذي نرى أنه متمتع، وأنه يلزمه فدية لترك الحلق، أو لترك التقصير، وعمرة المتمتع ما فيها حلق فيلزمه فدية لترك التقصير وحجه صحيح إن شاء الله.
س 1018: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قلتم في الفتوى السابقة إنه يكون متمتعاً ويدخل في أعمال الحج فكيف يكون متمتعاً وهو لم يحل من العمرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: نسي التقصير فنقول له: تمتع. إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى، ولكنه يبقى الآن أنه لا يمكن أن يحلق؛ لأنه دحْل في الإحرام فالأحوط فيما أراه أنه يذبح فدية في مكة، يوزعها على الفقراء في الحرم، بالإضافة إلى هدي التمتع.
س 1019: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما رأى فضيلتكم فيمن يقصر للعمرة من بعض الرأس فقط؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا لم يتم تقصيره والواجب عليه أن يخلع ثيابه، ويلبس ثياب الإحرام، ويقصر تقصيراً صحيحاً، ثم بعد ذلك يتحلل.
وإننى بهذه المناسبة: أود أن أنبه إلى أنه يجب عل كل مؤمن أراد أن يتعبد لله بعبادة يجب عليه أن يعرف حدود ما أنزل الله على رسوله فيها، ليعبد الله على بصيرة، لا على جهل، قال الله تعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) ولو أن إنسانًا أراد أن يسافر من مكة إلى المدينة وليس هناك خطوط مسفلتة فإنه لا يخرج حتى يسأل عن الطريق، فإذا كان هذا في الطرق الحسية، فلماذا لا يكون في الطرق المعنوية التي هي الطرق الموصلة إلى الله؟!.
والتقصير هو الأخذ من الشعر جميعه، وأفضل ما يكون في التقصير أن يستعمل الماكينة لأنها تعم الرأس كله، وإن كان يجوز أن يقصر بالمقص، لكن بشرط أن يمر على جميع الرأس، كما أنه في الوضوء يمر على جميع الرأس، فكذلك في التقصير. والله أعلم.
س 1020: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج قصر من بعض شعره جهلاً منه وتحلل فما يلزمه؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الحاج الذي قصر من بعض شعره جاهلاً بذلك ثم تحلل لا شيء عليه في هذا التحلل، لأنه جاهل، ولكن يبقى عليه إتمام التقصير لشعر رأسه.
وإنني بهذه المناسبة: أنصح إخواني إذا أرادوا شيئاً من العبادات أن لا يدخلوا فيها حتى يعرفوا حدود الله عز وجل فيها، لئلا يتلبسوا بأمر يخل بهذه العبادة، لقوله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)) (سورة يوسف، الآية: 108) وقوله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) (سورة الزمر، الآية: 9) فكون الإنسان يعبد الله عز وجل على بصيرة عالماً بحدوده في هذه العبادة خيرًا بكثير من كونه يعبد الله سبحانه وتعالى على جهل، بل مجرد تقليد لقوم يعلمون أو لا يعلمون.
س 1021: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: بعد السعي للعمرة قمت بقص شعرات من رأسي هل يصح ذلك أو يكون التقصير للشعر كله؟
فأجاب فضيلته بقوله: الواجب أن يكون التقصير للشعر كله في العمرة وفي الحج، بأن يكون التقصير شاملاً لجميع الرأس، لا لكل شعرة بعينها، وما يفعله بعض الناس من كونه يقص عند المروة شعرات إما ثلاث، أو أربعاً، فإن ذلك لا يجزىء؛ لأن الله تعالى قال: (مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) ومعلوم أن أخذ شعرات ثلاث، أو أربع من الرأس، لا يترك فيه أثرًا للتقصير، فلابد من تقصير يظهر له أثر على الرأس، وهذا لا يمكن إلا إذا عم التقصير جميع الرأس وتبين أثره، وعليه فالذي أرى أن من الأحوط لك أن تذبح فدية في مكة توزع على الفقراء هناك، لأنك تركت واجبًا وهو التقصير، وقد ذكر أهل العلم أن ترك الواجب فيه فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء هناك.
س 1022: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أديت فريضة الحج ولم أقصر من رأسي من جميع النواحي ولكنني أخذت البعض فما الحكم وهل الحج صحيح؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم الحج صحيح إن شاء الله، والحكم أن عليك فدية تذبحها في مكة، وتوزعها على الفقراء هناك، كما قال هذا أهل العلم فيمن ترك واجباً من واجبات الحج، والحلق أو التقصير من واجبات الحج.
س 1023: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا قصر الحاج والمعتمر من جانب رأسه ثم حل إحرامه وهو لم يعمم الرأس فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحكم إن كان في الحج وقد طاف ورمى فإنه يبقى في ثيابه، ويكمل حلق رأسه أو تقصيره، وإن كان في عمرة فعليه أن يخلع ثيابه ويعود إلى ثياب الإحرام، ثم يحلق أو يقصر تقصيراً يعم جميع الرأس، وهو محرم أي وهو لابس ثياب الإحرام.
س 1024: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل طاف للعمرة وسعى ثم قصر من جانب واحد من رأسه ثم ذهب إلى أهله فماذا يلزمه في الحالين: في حال تعذر عودته لمكة، وفي حال عدم تعذر عودته لذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: الواجب عليه أن يحلق الآن أو يقصر، ويكون ما فعله من المحظورات قبل ذلك في محل العفو؛ لأنه كان جاهلاً، والحلق أو التقصير لا يشترط أن يكون في مكة، بل يجوز في مكة وفي غيرها، فنقول لهذا السائل: الآن اخلع ثيابك التي عليك؛ لأنك لم تحل بعد، ثم قصر تقصيراً صحيحاً، أو احلق، هذا ما لم تكن حين تقصيرك الأول تعتقد أن هذا هو الواجب عليك بناء على فتوى سمعتها مثلاً، فإنه في هذه الحال ليس عليك شيء؛ لأن الله تعالى يقول: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، وبعض أهل العلم يرى أن التقصير من بعض الرأس كالتقصير من كل الرأس.
س 1025: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن رجل اعتمر وقصر من مقدمة الرأس ومؤخرته فقط؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الذي ذهب إلى العمرة وقصر يجب أن يكون التقصير شاملاً لكل الرأس، ومن الخطاء أن يقص من جانب واحد، أو من جانبين، أو من ثلاثة، أو من أربعة، بل لابد أن يكون التقصير شاملاً لكل الرأس، ولهذا نرى أنه لو استعمل الإنسان هذه المكائن على نمرة أربعة، أو ما أشبه ذلك لحصل المقصود، فينظر إذا كان التقصير لأكثر الرأس كفى، وإلا فعليه فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء.
س 1026: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: نشاهد وبكثرة من بعض الحجاج- هداهم الله- أنه إذا أراد أن يقصر من شعر رأسه في حج أو عمرة أخذ من كل جانب شعرات واكتفى بذلك، ولربما أخذ من عارضيه فما حكم عمله ذلك في الحالات التالية: أولاً: إذا رأيناه يفعل ذلك وهم كثير على المروة، ثانياً: إذا فعل ذلك ورجع إلى أهله، ثالثاً: إذا فعل ذلك قبل سنوات كثيرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: سألني سائل مرة، وقال: إني اعتمرت وكل شيء فعلته إلا أنني لم أحلق، ويقول: هكذا. بلحيته لم أحلق، يعنى ما حلقت اللحية، ظن أن حلق اللحية من شعائر الله، فقال: كل شيء عملته، إلا أنني لم أحلق ويشير كذا بلحيته يمسحها أمامي، فقلت: الحمد لله الذي هداك إلى هذا، هذا هو الحق أن لا تحلق لحيتك؛ لأن حلق اللحية حرام بكل حال، فهؤلاء القوم الذين نراهم عند المروة، يقصرون من بعض الرؤوس، هم على قول قاله بعض العلماء؛ لأن العلماء- رحمهم الله- مختلفون: هل الحلق والتقصير نسك، أو الحلق والتقصير علامة على أن النسك انتهى؟ فالذي يقول: إنه علامة على أن النسك انتهى يقول: إذا قصرت أدنى شيء لو شعرتين، أو ثلاث فقد كفى؛ لأن المحرم لا يجوز أن يحلق رأسه فإذا حلقت معناه إنك انتهيت، ومن قال: إنه نسك وهو الصحيح، قال: يجب أن يقصر من جميع الرأس عموماً، وهذا هو الحلق، فإذا رأيت شخصاً قابلاً للنصيحة والتوجيه وجهه، أما إذا رأيت شخصاً لا يعرفك، ولا يأخذ بقولك، ولا يبالي وتكلمت معه ولكنه لم يلتفت إليك فلا تلح عليه.
س 1027: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل اعتمر أو حج وعند الحلق لم يعمم جميع شعره، وكان قد مضى على حجه أو عمرته سنوات فما الحكم في ذلك، ونريد أيضاً قاعدة متى يؤمر الحاج أو المعتمر إذا ترك شيئاً من نسكه أن يرجع إلى مكة للإتيان به؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الرجل ترك واجباً، وترك الواجب يجب فيه فدية تذبح في مكة، وتوزع على الفقراء، وبهذا يتم حجه، وإما ما يلزم الحاج فعله إذا تركه فهي الأركان، أما الواجبات فإذا فات وقتها تجبر بدم.
س 1028: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قمت بأداء فريضة العمرة ولكنني لم أقصر من رأسي ظناً منى بأنها سنة للرجال فقط، وأن النساء ليس عليهن تقصير، وبعد أن رجعت من العمرة علمت بأن عليَّ دمًا ولكن زوجي لا يريد أن يذبح عني وأنا لا أملك المال لكي أذبح عن نفسي فماذا أفعل يا فضيلة الشيخ؟
فأجاب فضيلته بقوله: أقول لا تفعل شيئاً؛ لأن الإنسان إذا وجب عليه شيء ولم يقدر عليه سقط لقول الله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) وقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) وقال العلماء- رحمهم الله- (لا واجب مع العجز).
ولكني أنصح هذه المرأة وغيرها بنصيحة وأرجو أن تكون نافعة وهي: أن الإنسان إذا أراد أن يحج فليعرف أحكام الحج قبل أن يحج، وإذا أراد أن يعتمر فليعلم أحكام العمرة قبل أن يعتمر، وهكذا بقية العبادات، حتى يعبد الله على بصيرة وعلى علم، لئلا يقع في الزلل والخطأ، ثم بعد ذلك يفتش عن من ينتشله من هذا
الخطأ، أنصح إخواننا المسلمين كلهم هذه النصيحة أن لا يقوموا بشيء من العبادات حتى يتعلموها قبل أن يعملوها، ولهذا ترجم البخاري رحمه الله في صحيحه على هذه المسألة فقال: (باب العلم قبل القول والعمل) وصدق.
أما هذه فكما قلت أولاً: لا شيء عليها لأنها عاجزة عن الفدية فتسقط عنها، وليس هناك دليل على أن من عجز عن الفدية في ترك الواجب أنه يصوم عشرة أيام، وما دام أنه لا دليل على ذلك، فلا نلزم عباد الله بما لم يلزمهم الله به، فنقول: من وجب عليه دم وهو قادر عليه فليفعل، ومن لم يجد سقط عنه، إلا دم المتعة والقران، فإن الله تعالى صرح بأن من لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
س 1029: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا كان شعر المرأة قصيراً بحيث لا يمكنها أن تضفره ضفائر فكيف تقصر منه في الحج أو العمرة؟
فأجاب بقوله: هذه المرأة إذا لم يكن لها ضفائر فإنها تأخذ من أطراف الشعر بقدر أنملة، والأنملة هي فصلة الأصبع.
س 1030: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من أين تقص المرأة شعرها بعد فك الإحرام أهو من مؤخرة الضفيرة أم من مقدمة الرأس جزاكم الله خيراً؟
فأجاب فضيلته بقوله: تقص المرأة من رأسها إذا كانت محرمة بحج أو عمرة من أطراف الشعر، من أطراف الضفائر إن كانت قد ضفرته أي جدلته، أو من أطرافه إذا لم تجدله من كل ناحية من الأمام، ومن اليمين، ومن الشمال، ومن الخلف.
س 1031: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا قصرت المرأة شعرها بنفسها فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا قصرت امرأة شعرها بنفسها، أو حلق الرجل رأسه بنفسه، أو حلقه له محرم، أو حلقه محل كل هذا جائز.