إِجْمَاع الْعُلَمَاء عَلَى نَجَاسَة بَوْل الصَّبِيّ ، وَأَنَّهُ لَمْ يُخَالِف فِيهِ إِلَّا دَاوُدُ الظَّاهِرِيّ
ذكرذلك النووي في شرحه على صحيح مسلم تحت بَاب حُكْمِ بَوْلِ الطِّفْلِ الرَّضِيعِ وَكَيْفِيَّةِ غَسْلِهِ
وقال:وَقَدْ نَقَلَ بَعْض أَصْحَابنَا إِجْمَاع الْعُلَمَاء عَلَى نَجَاسَة بَوْل الصَّبِيّ ، وَأَنَّهُ لَمْ يُخَالِف فِيهِ إِلَّا دَاوُدُ الظَّاهِرِيّ ،
وإليك الشرح
( بَاب حُكْم بَوْل الطِّفْل الرَّضِيع وَكَيْفِيَّة غَسْلِهِ ) فِيهِ ( عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيُبَرِّك عَلَيْهِمْ وَيُحَنِّكهُمْ فَأُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَال عَلَيْهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ بَوْله وَلَمْ يَغْسِلهُ ) وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( أُتِيَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِيٍّ يَرْضَع فَبَالَ فِي حِجْرِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ ) وَفِي رِوَايَة أُمّ قَيْس : ( أَنَّهَا أَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنٍ لَهَا لَمْ يَأْكُل الطَّعَام فَوَضَعَتْهُ فِي حِجْرِهِ فَبَال فَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ نَضَحَ بِالْمَاءِ ) وَفِي رِوَايَة ( فَدَعَا بِمَاءٍ فَرَشَّهُ ) وَفِي رِوَايَة : ( فَنَضَحَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَغْسِلهُ غَسْلًا ) الصِّبْيَان بِكَسْرِ الصَّاد هَذِهِ اللُّغَة الْمَشْهُورَة وَحَكَى اِبْن دُرَيْد ضَمّهَا . قَوْله : ( فَيُبَرِّك عَلَيْهِمْ ) أَيْ : يَدْعُو لَهُمْ وَيَمْسَح عَلَيْهِمْ ، وَأَصْل الْبَرَكَة : ثُبُوت الْخَيْر وَكَثْرَته . وَقَوْلهَا : ( فَيُحَنِّكهُمْ ) قَالَ أَهْل اللُّغَة : التَّحْنِيك أَنْ يَمْضُغَ التَّمْر أَوْ نَحْوه ثُمَّ يُدَلُّك بِهِ حَنَك الصَّغِير ، وَفِيهِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ حَنَّكْته وَحَنَكْته بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد ، وَالرِّوَايَة هُنَا ( فَيُحَنِّكهُمْ ) بِالتَّشْدِيدِ وَهِيَ أَشْهَر اللُّغَتَيْنِ . وَقَوْلهَا : ( فَبَالَ فِي حِجْره ) يُقَال بِفَتْحِ الْحَاء وَكَسْرهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ . وَقَوْلهَا : ( بِصَبِيٍّ يَرْضَع ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاء أَيْ رَضِيع وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُفْطَم .
أَمَّا أَحْكَام الْبَاب : فَفِيهِ : اِسْتِحْبَاب تَحْنِيك الْمَوْلُود . وَفِيهِ : التَّبَرُّك بِأَهْلِ الصَّلَاح وَالْفَضْل . وَفِيهِ : اِسْتِحْبَاب حَمْل الْأَطْفَال إِلَى أَهْل الْفَضْل لِلتَّبَرُّكِ بِهِمْ ، وَسَوَاء فِي هَذَا الِاسْتِحْبَاب الْمَوْلُود فِي حَال وِلَادَته وَبَعْدهَا . وَفِيهِ : النَّدْب إِلَى حُسْن الْمُعَاشَرَة وَاللِّين وَالتَّوَاضُع وَالرِّفْق بِالصِّغَارِ وَغَيْرهمْ . وَفِيهِ : مَقْصُود الْبَاب وَهُوَ : أَنَّ بَوْل الصَّبِيّ يَكْفِي فِيهِ النَّضْح ، وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي كَيْفِيَّة طَهَارَة بَوْل الصَّبِيّ وَالْجَارِيَة عَلَى ثَلَاثَة مَذَاهِب وَهِيَ ثَلَاثَة أَوْجُه لِأَصْحَابِنَا : الصَّحِيح الْمَشْهُور الْمُخْتَار : أَنَّهُ يَكْفِي النَّضْح فِي بَوْل الصَّبِيّ ، وَلَا يَكْفِي فِي بَوْل الْجَارِيَة ، بَلْ لَا بُدّ مِنْ غَسْلِهِ كَسَائِرِ النَّجَاسَات . وَالثَّانِي : أَنَّهُ يَكْفِي النَّضْح فِيهِمَا . وَالثَّالِث : لَا يَكْفِي النَّضْح فِيهِمَا . وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ حَكَاهُمَا صَاحِب التَّتِمَّة مِنْ أَصْحَابنَا وَغَيْره ، وَهُمَا شَاذَّانِ ضَعِيفَانِ ، وَمِمَّنْ قَالَ بِالْفَرْقِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَعَطَاء بْن أَبِي رَبَاح وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْهِ وَجَمَاعَة مِنْ السَّلَف وَأَصْحَاب الْحَدِيث وَابْن وَهْب مِنْ أَصْحَاب مَالِك رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَة ، وَمِمَّنْ قَالَ بِوُجُوبِ غَسْلهمَا أَبُو حَنِيفَة وَمَالِك فِي الْمَشْهُور عَنْهُمَا وَأَهْل الْكُوفَة .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَاف إِنَّمَا هُوَ فِي كَيْفِيَّة تَطْهِير الشَّيْء الَّذِي بَال عَلَيْهِ الصَّبِيّ ، وَلَا خِلَاف فِي نَجَاسَته ، وَقَدْ نَقَلَ بَعْض أَصْحَابنَا إِجْمَاع الْعُلَمَاء عَلَى نَجَاسَة بَوْل الصَّبِيّ ، وَأَنَّهُ لَمْ يُخَالِف فِيهِ إِلَّا دَاوُدُ الظَّاهِرِيّ ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره : وَلَيْسَ تَجْوِيز مَنْ جَوَّزَ النَّضْح فِي الصَّبِيّ مِنْ أَجْل أَنَّ بَوْله لَيْسَ بِنَجِسٍ ، وَلَكِنَّهُ مِنْ أَجْل التَّخْفِيف فِي إِزَالَته ، فَهَذَا هُوَ الصَّوَاب . وَأَمَّا مَا حَكَاهُ أَبُو الْحَسَن بْن بَطَّال ثُمَّ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ الشَّافِعِيّ وَغَيْره أَنَّهُمْ قَالُوا : بَوْل الصَّبِيّ طَاهِر فَيُنْضَح ، فَحِكَايَة بَاطِلَة قَطْعًا .
وَأَمَّا حَقِيقَة النَّضْح هُنَا فَقَدْ اِخْتَلَفَ أَصْحَابنَا فِيهَا ، فَذَهَبَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَالْقَاضِي حُسَيْن وَالْبَغَوِيّ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : أَنَّ الشَّيْء الَّذِي أَصَابَهُ الْبَوْل يُغْمَر بِالْمَاءِ كَسَائِرِ النَّجَاسَات بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ لَا يُعْصَر . قَالُوا : وَإِنَّمَا يُخَالِف هَذَا غَيْره فِي أَنَّ غَيْره يُشْتَرَط عَصْرُهُ عَلَى أَحَد الْوَجْهَيْنِ ، وَهَذَا لَا يُشْتَرَط بِالِاتِّفَاقِ ، وَذَهَبَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَالْمُحَقِّقُونَ إِلَى أَنَّ النَّضْح أَنْ يُغْمَرَ وَيُكَاثَر بِالْمَاءِ مُكَاثَرَة لَا يَبْلُغ جَرَيَان الْمَاء وَتَرَدُّدَه وَتَقَاطُره ، بِخِلَافِ الْمُكَاثَرَة فِي غَيْره فَإِنَّهُ يُشْتَرَط فِيهَا أَنْ يَكُون بِحَيْثُ يَجْرِي بَعْض الْمَاء وَيُقَاطَر مِنْ الْمَحَلّ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَط عَصْره ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمُخْتَار وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَوْلهَا ( فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلهُ ) . وَقَوْله ( فَرَشَّهُ ) أَيْ نَضَحَهُ . وَاللَّهُ أَعْلَم .
ثُمَّ إِنَّ النَّضْح إِمَّا يَجْزِي مَا دَامَ الصَّبِيّ يَقْتَصِر بِهِ عَلَى الرَّضَاع أَمَّا إِذَا أَكَلَ الطَّعَام عَلَى جِهَة التَّغْذِيَة فَإِنَّهُ يَجِب الْغَسْل بِلَا خِلَاف . وَاللَّهُ أَعْلَم .
ذكرذلك النووي في شرحه على صحيح مسلم تحت بَاب حُكْمِ بَوْلِ الطِّفْلِ الرَّضِيعِ وَكَيْفِيَّةِ غَسْلِهِ
وقال:وَقَدْ نَقَلَ بَعْض أَصْحَابنَا إِجْمَاع الْعُلَمَاء عَلَى نَجَاسَة بَوْل الصَّبِيّ ، وَأَنَّهُ لَمْ يُخَالِف فِيهِ إِلَّا دَاوُدُ الظَّاهِرِيّ ،
وإليك الشرح
( بَاب حُكْم بَوْل الطِّفْل الرَّضِيع وَكَيْفِيَّة غَسْلِهِ ) فِيهِ ( عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيُبَرِّك عَلَيْهِمْ وَيُحَنِّكهُمْ فَأُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَال عَلَيْهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ بَوْله وَلَمْ يَغْسِلهُ ) وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( أُتِيَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِيٍّ يَرْضَع فَبَالَ فِي حِجْرِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ ) وَفِي رِوَايَة أُمّ قَيْس : ( أَنَّهَا أَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنٍ لَهَا لَمْ يَأْكُل الطَّعَام فَوَضَعَتْهُ فِي حِجْرِهِ فَبَال فَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ نَضَحَ بِالْمَاءِ ) وَفِي رِوَايَة ( فَدَعَا بِمَاءٍ فَرَشَّهُ ) وَفِي رِوَايَة : ( فَنَضَحَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَغْسِلهُ غَسْلًا ) الصِّبْيَان بِكَسْرِ الصَّاد هَذِهِ اللُّغَة الْمَشْهُورَة وَحَكَى اِبْن دُرَيْد ضَمّهَا . قَوْله : ( فَيُبَرِّك عَلَيْهِمْ ) أَيْ : يَدْعُو لَهُمْ وَيَمْسَح عَلَيْهِمْ ، وَأَصْل الْبَرَكَة : ثُبُوت الْخَيْر وَكَثْرَته . وَقَوْلهَا : ( فَيُحَنِّكهُمْ ) قَالَ أَهْل اللُّغَة : التَّحْنِيك أَنْ يَمْضُغَ التَّمْر أَوْ نَحْوه ثُمَّ يُدَلُّك بِهِ حَنَك الصَّغِير ، وَفِيهِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ حَنَّكْته وَحَنَكْته بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد ، وَالرِّوَايَة هُنَا ( فَيُحَنِّكهُمْ ) بِالتَّشْدِيدِ وَهِيَ أَشْهَر اللُّغَتَيْنِ . وَقَوْلهَا : ( فَبَالَ فِي حِجْره ) يُقَال بِفَتْحِ الْحَاء وَكَسْرهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ . وَقَوْلهَا : ( بِصَبِيٍّ يَرْضَع ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاء أَيْ رَضِيع وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُفْطَم .
أَمَّا أَحْكَام الْبَاب : فَفِيهِ : اِسْتِحْبَاب تَحْنِيك الْمَوْلُود . وَفِيهِ : التَّبَرُّك بِأَهْلِ الصَّلَاح وَالْفَضْل . وَفِيهِ : اِسْتِحْبَاب حَمْل الْأَطْفَال إِلَى أَهْل الْفَضْل لِلتَّبَرُّكِ بِهِمْ ، وَسَوَاء فِي هَذَا الِاسْتِحْبَاب الْمَوْلُود فِي حَال وِلَادَته وَبَعْدهَا . وَفِيهِ : النَّدْب إِلَى حُسْن الْمُعَاشَرَة وَاللِّين وَالتَّوَاضُع وَالرِّفْق بِالصِّغَارِ وَغَيْرهمْ . وَفِيهِ : مَقْصُود الْبَاب وَهُوَ : أَنَّ بَوْل الصَّبِيّ يَكْفِي فِيهِ النَّضْح ، وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي كَيْفِيَّة طَهَارَة بَوْل الصَّبِيّ وَالْجَارِيَة عَلَى ثَلَاثَة مَذَاهِب وَهِيَ ثَلَاثَة أَوْجُه لِأَصْحَابِنَا : الصَّحِيح الْمَشْهُور الْمُخْتَار : أَنَّهُ يَكْفِي النَّضْح فِي بَوْل الصَّبِيّ ، وَلَا يَكْفِي فِي بَوْل الْجَارِيَة ، بَلْ لَا بُدّ مِنْ غَسْلِهِ كَسَائِرِ النَّجَاسَات . وَالثَّانِي : أَنَّهُ يَكْفِي النَّضْح فِيهِمَا . وَالثَّالِث : لَا يَكْفِي النَّضْح فِيهِمَا . وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ حَكَاهُمَا صَاحِب التَّتِمَّة مِنْ أَصْحَابنَا وَغَيْره ، وَهُمَا شَاذَّانِ ضَعِيفَانِ ، وَمِمَّنْ قَالَ بِالْفَرْقِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَعَطَاء بْن أَبِي رَبَاح وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْهِ وَجَمَاعَة مِنْ السَّلَف وَأَصْحَاب الْحَدِيث وَابْن وَهْب مِنْ أَصْحَاب مَالِك رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَة ، وَمِمَّنْ قَالَ بِوُجُوبِ غَسْلهمَا أَبُو حَنِيفَة وَمَالِك فِي الْمَشْهُور عَنْهُمَا وَأَهْل الْكُوفَة .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَاف إِنَّمَا هُوَ فِي كَيْفِيَّة تَطْهِير الشَّيْء الَّذِي بَال عَلَيْهِ الصَّبِيّ ، وَلَا خِلَاف فِي نَجَاسَته ، وَقَدْ نَقَلَ بَعْض أَصْحَابنَا إِجْمَاع الْعُلَمَاء عَلَى نَجَاسَة بَوْل الصَّبِيّ ، وَأَنَّهُ لَمْ يُخَالِف فِيهِ إِلَّا دَاوُدُ الظَّاهِرِيّ ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره : وَلَيْسَ تَجْوِيز مَنْ جَوَّزَ النَّضْح فِي الصَّبِيّ مِنْ أَجْل أَنَّ بَوْله لَيْسَ بِنَجِسٍ ، وَلَكِنَّهُ مِنْ أَجْل التَّخْفِيف فِي إِزَالَته ، فَهَذَا هُوَ الصَّوَاب . وَأَمَّا مَا حَكَاهُ أَبُو الْحَسَن بْن بَطَّال ثُمَّ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ الشَّافِعِيّ وَغَيْره أَنَّهُمْ قَالُوا : بَوْل الصَّبِيّ طَاهِر فَيُنْضَح ، فَحِكَايَة بَاطِلَة قَطْعًا .
وَأَمَّا حَقِيقَة النَّضْح هُنَا فَقَدْ اِخْتَلَفَ أَصْحَابنَا فِيهَا ، فَذَهَبَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَالْقَاضِي حُسَيْن وَالْبَغَوِيّ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : أَنَّ الشَّيْء الَّذِي أَصَابَهُ الْبَوْل يُغْمَر بِالْمَاءِ كَسَائِرِ النَّجَاسَات بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ لَا يُعْصَر . قَالُوا : وَإِنَّمَا يُخَالِف هَذَا غَيْره فِي أَنَّ غَيْره يُشْتَرَط عَصْرُهُ عَلَى أَحَد الْوَجْهَيْنِ ، وَهَذَا لَا يُشْتَرَط بِالِاتِّفَاقِ ، وَذَهَبَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَالْمُحَقِّقُونَ إِلَى أَنَّ النَّضْح أَنْ يُغْمَرَ وَيُكَاثَر بِالْمَاءِ مُكَاثَرَة لَا يَبْلُغ جَرَيَان الْمَاء وَتَرَدُّدَه وَتَقَاطُره ، بِخِلَافِ الْمُكَاثَرَة فِي غَيْره فَإِنَّهُ يُشْتَرَط فِيهَا أَنْ يَكُون بِحَيْثُ يَجْرِي بَعْض الْمَاء وَيُقَاطَر مِنْ الْمَحَلّ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَط عَصْره ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمُخْتَار وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَوْلهَا ( فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلهُ ) . وَقَوْله ( فَرَشَّهُ ) أَيْ نَضَحَهُ . وَاللَّهُ أَعْلَم .
ثُمَّ إِنَّ النَّضْح إِمَّا يَجْزِي مَا دَامَ الصَّبِيّ يَقْتَصِر بِهِ عَلَى الرَّضَاع أَمَّا إِذَا أَكَلَ الطَّعَام عَلَى جِهَة التَّغْذِيَة فَإِنَّهُ يَجِب الْغَسْل بِلَا خِلَاف . وَاللَّهُ أَعْلَم .