إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل قاتل نفسه مخلد في النار وإن كان مسلمًا؟ (الجواب للشيخ المجاهد يحيى بن علي الحجوري)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل قاتل نفسه مخلد في النار وإن كان مسلمًا؟ (الجواب للشيخ المجاهد يحيى بن علي الحجوري)

    هل قاتل نفسه مخلد في النار وإن كان مسلمًا؟!(1)
    السؤال: ما ردكم على من يقول بتخليد قاتل نفسه في النار مع أنه يحكم بإسلامه ولا يكفره بذلك، ويحتج بحديث ابن عباس في عدم التوبة، ويطلب إجماع الأمة كلها في مسألة من مسائل العقيدة؟
    الإجابة:
    القول بتخليد القاتل المسلم في النار خطأ، يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾; [آل عمران:85] مفهوم الآية: أن من مات على الإسلام فهو في الآخرة ليس بخاسر، بل هو من المفلحين، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قد أفلح من أسلم، ورزق كفافًا وقنعه الله بما آتاه»(2)، ومن حديث ربيعة بن عباد الديلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: كان يتابع المشركين في أسواق ذي المجنة وذي المجاز وعكاظ، ويقول: «قولوا: (لا إله إلا الله) تفلحوا»(3)، ومن حديث أبي هريرة في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يا أبا هريرة! لقد علمت أنه لا يسأل عن هذا أحد قبلك؛ لما علمت من حرصك على العلم» لما قال: من أسعد الناس بشفاعتك؟ ثم أجابه: «أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة: من قال: (لا إله إلا الله) صدقًا من قلبه»(4)، وربنا سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ الله غَفُورًا رَحِيمًا﴾; [الفرقان:68-70]، وهذه الآية تبينها أيضًا الآية الأخرى: ﴿إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾; [النساء:48]، ويبينها حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من قال: (لا إله إلا الله) دخل الجنة يومًا من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه»(5) ويبينها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم ينكر على من صلى على قاتل نفسه، كما أن قاتل نفسه من العصاة ويستحقون الصلاة عليهم للشفاعة لهم، والصلاة على المسلمين للشفاعة فيهم.
    وإنما ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة على قاتل نفسه؛ لأنه من باب اعتزال أهل الفضل الصلاة على أهل المعاصي كهذا، وهذا باب عليه أدلته، أما أنه كافر، فهذا خطأ -ما لم يستحل ذلك- وما جاء من الأدلة، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ومن قتل نفسه بحديدة فهو يجأ في بطنه خالدًا مخلدًا.. »(6) وما كان من حديث ثابت بن الضحاك(7) أو من حديث جندب(8) أو من حديث سهل(9)، أو ما كان من هذا الباب من الأدلة، فإن المقصود بالخلود هنا المكث الطويل، من باب قول الله عز وجل: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾; [النساء:93]، قال بعض أهل العلم عند هذه الآية: إنها منسوخة؛ لقول الله عز وجل: ﴿إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾; [النساء:48] وهذا القول انتقد، والصحيح عدم النسخ فيها، إذ أن أكثر أهل العلم على أن النسخ لا يدخل الأخبار، وقال بعضهم: لأنها مخصصة بأدلة منها: قوله جل شأنه: ﴿إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾; [النساء:48]، وأتوا على هذه الآية بتأويلات في الجمع بين قول الله عز وجل: ﴿إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾; [النساء:48] وبين هذه الآية، فأتوا بأقوال نحو ستة أقوال، منها: (خالدًا فيها): ماكثًا طويلًا، كذا قال ابن كثير وجماعة من أهل التفسير: هذا لا يقتضي التأبيد، إن أراد الله تبارك وتعالى أن يجازيه بأعماله وأن يعذبه يكون ماكثًا طويلًا، فإن فعله ذاك لا يستحق به التخليد ما لم يكن مستحلًا له.
    وأما ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله: إنها لم تنسخ كما في الصحيح.. فقد جاء عند في الأدب المفرد للبخاري القول بتوبة القاتل، وهذا آخر أقواله، وهو الصحيح الموافق للأدلة ولأقوال عامة السلف، والحمد لله.

    وفقنا الله وإياكم لكل خير لرابط الموضوع من هنا:http://www.sh-yahia.net/show_books_36.html
يعمل...
X