((لماذا لم يكتب الشيخ ربيع المدخلي مقدمة لكتاب الإبانة للشيخ محمد بن عبد الله الإمام؟؟!!))
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .
أما بعد:
فقد كتب الشيخ محمد بن عبد الله الإمام كتابا بعنوان:"الإبانة عن كيفية التعامل مع الخلاف بين أهل السنة والجماعة".
ومن خلال عنون المؤلف للكتاب بقوله:( الإبانة عن كيفية التعامل مع الخلاف بين أهل السنة والجماعة) يتوقع القارئ أن يقف على نقول إجماع السلف وسرد تقريراتهم المتفق عليها والعزو إلى مصنفاتهم المعتمدة في تقرير منهج أهل السنة.
إلا أن الكتاب لا يحتوي على ما يتناسب إلى ما نسبه "منهج أهل السنة والجماعة"ويفتقر كثيرا إلى نقول وإجماع السلف وسرد تقريراتهم المتفق عليها والعزو إلى مصنفاتهم المعتمدة في تقرير منهج أهل السنة، والجماعة.
يريد الشيخ محمد الإمام من هذا الكتاب التأصيل لمنهج أهل السنة والجماعة وكأنه يرى أن هناك نقصا لما كتبه السلف وأصلوه في كتبهم، والتراث الذي تركه لنا سلفنا الصالح لا يستوعب السلفيين اليوم؟!
ولذلك ألف هذا الكتاب بهذا العنوان، وشحنه بالضوابط والقواعد والأصول ناصحا بها أهل السنة والجماعة أن يأخذوا بها في منهجهم ويتعاملوا بها في حياتهم.
وهذا بحد ذاته يكفي كل سلفي أن يعرف طريقة الحزبيين ومنهجهم الذي لا يقوم إلا على مثل هذه الكتابات التي تعرض عن نقول السلف المتفق عليها وجماعتهم المذكورة في كتب أهل السنة المعتمدة في بيان منهج أهل السنة التي فيها الغنية والكفاية عن كتابات وضوابط الشيخ محمد الإمام وغيره .
لقد كانت نظرة الشيخ محمد بن عبد الله الإمام في تأليفه لهذا الكتاب نظرة الذين يرون أن منهج السلفيين اليوم لم يقُم على طريقة سليمة لذلك فهم ينادون جهارا إلى وضع أصول وقواعد ليسير عليها السلفيون على حد زعمهم .
فكان تأليفه لهذا الكتاب قائماً على طريقة الذين يضعون المناهج، ويقعدون القواعد، ويؤصلون أصولا كلها بعيدة عن منهج الإسلام ويضربون عليها جسر الولاء والبراءة.
فكم نادى الحزبيون إلى التعامل بالقواعد والأصول وكم ألفوا من كتب في وضع القواعد والضوابط والأصول لمنهج أهل السنة والجماعة وهم بعيدون كل البعد عن منهج أهل السنة والجماعة وطريقة السلف الصالح.
وما تجد أحدا ينادي بالقواعد والضوابط والتأصيل إلا وجدت عنده من القواعد المدمرة للحق ما الله بها عليم فكم نادى السروريون بهذه الضوابط وكم نادى القطبييون أيضا بها وهكذا ممن جاءوا بعدهم من أمثال عدنان عرعور و المغراوي .
وهكذا اليوم نجد من ينادي بهذه الضوابط في المنهج السلفي ويخصصون كتباً في بيان منهج أهل السنة وموقفهم من أهل الأهواء و البدع وهم والله ليس لهم موقف في الفتن إلا المواقف المضطربة التي لا تفيد الإسلام ولا تحق حقاً ولا تبطل باطلاً كما هو تاريخ مواقف الشيخ محمد الإمام من الفتن التي حلت بالدعوة السلفية في اليمن.
ولا شك إن من أهم المهمات وأوجب الواجبات في المنهج السلفي أن يعي كل من يحترم العلم والدين أن منهج وأصول أهل السنة بينة واضحة مستقرأة بيِّنة في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ظاهرة معلومة منتشرة في الكتـاب والسنة واستقرأها علماء الأمة من سلف هذه الأمة وكتبوها ودونها في كتب السنة وشرحوها ،فلا يحتاج اليوم إلى بيانٍ لها و تأليفٍ فيها وكتابة في بيان أصولهم وجعل لها الضوابط والتأصيلات أكثر مما بينوه وإن أصولهم ومناهجهم معصومة لأن منشأها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما أجمع عليه سلف الأمة وهذه أصول معصومة.
وإن السلف قد أخذوا بهذا المنهج على ما أراده الله وما شرعه لدينه فراعوا المهمات ورتبوا الأولويات وأوْلَوا عنايته التامة بأن يأخذ كل شيء قدره وأن توزن القضايا بالميزان الصحيح ومنظورها الشرعي وأن تدرك تفاصيلها وفروعها دون غلو وإفراط ودون جفاء وتفريط وأن لا يطغى جانب الهوى في حكم من الأحكام ولو كان القصد حسنا و الهدف نبيلا .
ولهذا كانت هناك مسائل في هذا الدين خطير أمرها عظيم شأنها دقيق فهمها هي مزلة أقدام ومضلة أفهام وبسببها يخلط فيها الكثير ،فاحتاج أئمة السنة في تأليفهم في السنة وشروحها أن يذكروا وينبهوا على مواضع الاتفاقات، والإجماع الذي كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم وترك الإحداث، والابتداع فمن أجل ذلك بيِّنوا ما استقر عليه أئمة السنة من الأصول ،لكي لا يتعثر في ساحتها من ليس بمحقق فقيه دقيق، ويتبلد عند تشعب طرائقها من ليس بعالم رباني ضليع.
وأكثر ما ذكره الشيخ محمد الإمام من القواعد والضوابط في كتابه إنما ذلك من فهمه ، ولا يوجد في نصوص الكتاب والسنة، وكلام أهل العلم ما يدل على أنها أصول وقواعد وضوابط في منهج أهل السنة، وإنما هي من أصوله التي يسير عليها هو وغيره ممن يدعي التأصيل والقواعد والضوابط في منهج أهل السنة والجماعة، فيؤصلون أصولا، ويضعون قواعد للعدوان على اصطلاحات وتأصيلات علماء الإسلام التي ساروا عليها من فجر تاريخ تدوين علم الكتاب والسنة وأصول المنهج السلفي.
واغرب من هذا كثرة استدلاله بكلام شيخ الإسلام الذي لا يستفيد منه إلا أهل البدع الحزبيين ولا يكون إلا حماية للمخطئين، ولا يضع للقواعد السلفية المتفق عليها أي اعتبار فينقل الكلام المجمل والنقول التي لا يقصد شيخ الإسلام أنها قاعدة مما بل لربما لا تكون إلا عبارة عن اجتهاد علم كبير القدر جليل المكانة .
وليس لأحد أن يتذرع باجتهاد عالم فحل قد عرفت الأمة مكانته ويجعله أصلا من أصول أهل السنة والجماعة في مقابل النصوص الكثيرة الصريحة الواضحة المحكمة وإجماع السلف .
وإن الاستدلال بمثل هذا من أصول أهل البدع الذين يجعلون زلات العلماء أصولا ومحلَّ اتفاقٍ .
قال الشاطبي:«فكثيرا ما ترى المتأخرين ممن يتشبه بهم ، يرتكب من الأعمال ما أجمع الناس على فساده شرعاً ، ويحتجُّ بحكاياتٍ هي قضايا أحوال ، إن صحت لم يكن فيها حُجةٌ لوجوه عدَّة ، ويترك من كلامهم وأحوالهم ما هو أوضح في الحق الصريح ، والإتباع الصحيح ؛ شأن من اتبع من الأدلة الشرعية ما تشابه منها ». انظر الاعتصام (1/ 166) .
وقال -رحمه الله-أيضاً : « وهم بهذا ينحون منحى أهل الزيغ وإتباع المتشابه ، وذلك بأن الضلال في غالب الأمر إنما يُستعمل في موضع يزِل صاحبُه لشبهة تُعرض لـه ، أو تقليد مَن عرضت لـه الشبهة ، فيتخذ ذلك الزلل شرعاً وديناً يدين به ، مع وجود واضحة الطريق الحق ومحض الصواب .
ألا ترى إلى قوله تعالى : ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ﴾الآية[آل عمران:7] فأثبت لهم الزَّيغ أولاً –وهو الميل عن الصواب – ثم اتِّباع المتشابه – وهو خلاف المحكم ، والمحكم الواضح المعني هو أمُّ الكتاب ومعظمه ومتشابهه على هذا قليل - ،فتركوا المعْظَم إلى اتباع الأقل المتشابه الذي لا يعطي مفهوماً واضحاً ؛ ابتغاء تأويله،وطلبا لمعناه الذي لا يعلمه إلا الله ». انظر الاعتصام ( 1/ 238-244) .
فأنا أسأل الشيخ الإمام: فهل شيخ الإسلام يريد بكلامه الذي تستدل به وضع قواعد وأصول وضوابط يستفيد منها أهل البدع ومن وافقهم من الحزبيين، والسياسيين؟!.
وإلا فلماذا ينشر كتابك هذا أبو الحسن المصري ومن على منهجه ويتهافت عليه الحزبيون !!!!
فكثير من قواعد محمد الإمام هي حماية للمخطئين ودفاعا عنهم، وأنهم كلهم عنده في دائرة أهل السنة لأن الخلاف عنده الذي يخرج صاحبه من دائرة أهل السنة هو خلاف في المسائل الكبار لأن الشخص قد يخالف لكن لنقص علمه وجهله.
وإن مما يشاهد مما ذكره من الأصول والقواعد والضوابط الشيخ محمد الإمام-أصلحه الله- ما يلي:
1- إن أكثر تلك التقريرات ينشأ من النظر إلى جانب واحد مع إهمال الجانب الأخر من الحق المقرر من كلام السلف وأصولهم.
2- تقريره للمسائل تقريراً عاماً مطلقاً ويستدل بعد ذلك لهذا التقرير بأدلة من فهمه للنصوص أو لكلام العلماء بما ليس بمحله، ويجعل ذلك أصولا وضوابطَ لمنهج السلف بينما يمكن للمتابع أن يجمع أضعاف أمثالها من أقوال العلماء تناقضها وتدحضها .
وهذا الأمر كما هو معلوم -خطير جدا -؛وذلك لما يترتب على الكلام فيه من الجهل بمنهج السلف، وهذا هو الذي أدى إلى الاختلاف في تلك المسائل العلمية الواضحة وضوح الشمس، والذي أدى بمن جهلها أنهم لم يعرفوا حكم من خالف فيها، رغم إنها مسائل علمية أصولية ،الجهل بها مخل ممن صدر نفسه لبيانها، فنتج عن ذلك: التساهل في تشخيص حال من صدرت منه تلك المخالفة
[color=darkred]وتقويمه وإلى مدى ضلاله، ومن ثم تحديد المواقف العملية تجاهه، color]
[color=darkred]وتقويمه وإلى مدى ضلاله، ومن ثم تحديد المواقف العملية تجاهه، color]
3- إن الشيخ محمد الإمام يركز في كتابه على الرد على نصائح الشيخ يحيى الحجوري تجاه عبد الرحمن العدني وحزبه، والتهميش لمكانة دار الحديث بدماج وأنها هي التي يستنار بها عند الفتن. ويؤكد ذلك بطريقة تحتاج إلى موضوعية وتجرد قائم على النـزاهة التي يفتقدها الشيخ محمد الإمام تجاه دماج .
فإن دار الحديث بدماج يعتبر مكان الدعوة السلفية التجديدية، وهي المكان الذي يهابه خصوم الدعوة السلفية في اليمن وخارجها وقد كانت ولا زالت يمتحن بها أهل البدع ويتميز في محبتها السني من الحزبي.
ومعلوم قيام حملة عبد الرحمن العدني وحزبه تجاه دار الحديث بدماج على المفارقة ويكيلون عليهم التهم والأباطيل والكذب، وينتقصون بالطعن فيهم بدعوتهم، وإقامة الولاء الحزبي ضد دماج والولاء الأقليمي الذي شاع وذاع عنهم في جنوب اليمن وحشد الشباب العدني حولهم وحول دعاياتهم وشعاراتهم المزيفة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
كتبه :أبو مصعب علي بن ناصر بن محمد
العـــدني
العـــدني
تعليق