الرد على مقدمة كتاب أسامة بن عطايا
(الانتصار لأهل السنة برد مكائد أهل الغلو والفتنة)
(الانتصار لأهل السنة برد مكائد أهل الغلو والفتنة)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
ففي الوقت الذي اشتد به أذى أهل التحزب والفتن وتداعت أحزاب الكفر وعملاء الصهاينة من الرافضة الزنادقة على محاربة الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج وشيخها العلامة يحيى بن علي الحجوري –حفظه الله-، وفي ظل ما تعرض له الدعوة السلفية في دار الحديث من نوازلٍ ونكباتٍ وما تقوم به جهات معادية للدعوة من مؤامرات وأحداث لم تنكف أقلام وألسنة الحزب الجديد الذي يقوده الشيخ ربيع المدخلي ضد الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج والذي يعتبر حامل لواء الحرب على السلفية والسلفيين بمواقفه العدائية وتتبع عثراتهم والبحث عن زلاتهم ليتوصل بذلك إلى تبديعهم ورميهم بأشد الأحكام وأغلظ العبارات.
وقد كان مبدأ الشيخ ربيع المدخلي في أول الأمر التظاهر بأنه طرف مصلح، ولا يريد غير الإصلاح بين الشيخ العلامة يحيى الحجوري ومن أثاروا الفتنة عليه في دار الحديث بدماج ويرى الجميع أهل سنة سلفيين وقد طلب من الشيخ العلامة يحيى الحجوري حفظه الله بأن يعفو عن عبد الرحمن العدني ويسكت عنه وعن أنصاره.
هكذا كان بادئ أمر الشيخ ربيع المدخلي فلما لم يستجب الشيخ يحيى الحجوري لهذا الطلب وأرد من عبد الرحمن العدني التراجع عن كل ما قام به من إثارة الفتن على الدعوة السلفية في دار الحديث والتنفير منها انتهى حال الشيخ ربيع المدخلي إلى تبديع الشيخ يحيى الحجوري واتهام الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج بأنها دعوة مبتدعة حدادية عندهم غلو لا أحد أشد غلو منهم وأنها دعوة تطعن في الصحابة رضي الله عنهم وتثلب الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وساءت معاملته للدعوة السلفية في دار الحديث حتى إنه لا ينهى الجائرين عن جوْرهم، ولا يردع الظّالمين عن ظلمهم، وأصبح يتحامل على الدعوة السلفية في دار الحديث ولا يتورع في تنـزيل الأحكام عليهم وهذا ظاهر في كل ردوده تجده يتحامل ويطعن في الدعوة السلفية في دار الحديث.
لماذا يصنع الشيخ ربيع المدخلي كل هذا لأنه أدرك أن هذا الأمر الذي طلبه الشيخ يحيى الحجوري من عبد الرحمن العدني من التراجع والبيان يضعه في أمر لا يحسد عليه ويكشف حقيقة من الذي أثار هذه الفتنة وسعى وراءها من البداية، وجند لها الرجال وعد عدتها وعتادها من المال واشترى الذمم وخندق لها الخنادق في جنوب اليمن وشمالها لذلك شن هجمته الشرسة عليهم، ويكيل على الدعوة السلفية الاتهامات وينـزل عليها الأحكام الظالمة الغليظة الشديدة، ويفتح عليهم أسهم النقد وباب الردود على مصراعيه ويجرئ السفهاء والمجاهيل والمتسترين بأسماء مجهولة وألقاب مستعارة ويشجعهم على أفاعيلهم وكتاباتهم ويرفع أناسا قد تشبعوا في الفتن وقليل العلم والبضاعة ليتطاولوا على العلماء في الكتابة من جانب سيئ لا أدب ولا دراية بالعلم ولا معرفة لقدر العلماء ومكانة العلم، وكان هذا أصل من أصول الشيخ ربيع المدخلي يسير عليه في محاربة الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج.
ومن أخر ما وقفت عليه من هذه الكتابات المطبوعة التي ملئت جهلا وسفاهة ومن الذين جرأهم الشيخ ربيع المدخلي كتاب أسامة بن عطايا المسمى : (الانتصار لأهل السنة برد مكائد أهل الغلو والفتنة رد على يحيى الحجوري والحجاورة) يرد به على الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج وشيخها العلامة يحيى الحجوري رفعه الله قدره.
وقد ملأ كتابه هذا بالجهل والتقول على أصول أهل السنة والجماعة كذبا وبهتانا وافتراءاً في أوضح المسائل في منهج وأصول أهل السنة والجماعة وهذه مصيبة في العلم شجعهم عليها الشيخ ربيع المدخلي لينفذ به حيله ومخططاته في التشويه لمن يخاصمهم من علماء الدعوة السلفية ويشغّب عليهم وينفر منهم .
ونعوذ بالله من الخذلان ومن عظيم ما حل بهؤلاء المتنطعين بالجهل والعمى أنهم لا يعرفون في ردودهم إلا النقل من خصوم الدعوة السلفية من ملازمهم التي كتبت في فتنة أبي الحسن المصري ومن الأثريين أصحاب فالح الحربي ؛تلك الملازم التي دسوا فيها الأكاذيب والافتراءات وملئت بترا وحذفا لكثير ممن يجعلونه مخالفات، وزادوا على ذلك أن حكموا على دماج من تلك الملازم التي ملئت بترا وتلبيسا وخيانات وأفاعيل يخجل منها كبار أهل المكر والدهاء والكيد، والتي قد قام يرد عليها الشيخ يحيى الحجوري مرارا وتكرار وبيّن كذبهم وافتراءهم عليه بها، ولكن القوم يسيرون في نفق الحدادية المظلم لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة.
وقد صرح أسامة بن عطايا أنه اعتمد على كتاب عرفات المحمدي المعروف بالبرمكي وغيره من أصحاب المسميات المجهولة والألقاب المستعارة وعمدة عرفات فيما كتبه ونقله من ملازم وأشرطة رؤوس أصحاب أبي الحسن المصري ومنهم نعمان الوتر، وهكذا أصحاب المسميات المجهولة نقلوا الكثير مما يدعونه مؤاخذات على الشيخ يحيى الحجوري من شبكة الأثري أصحاب فالح الحربي، ويناقشون الشيخ يحيى الحجوري على الملازم والكتابات التي كتبها المندسون والحزبيون مع ما فيها من الخيانة والبتر والكذب مما يدل على أن لكل قوم وارث، وهؤلاء ورثة من سبقهم من أعداء الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج، وإنما اختلف الأشخاص فحسب ،فكلام أهل الباطل، وما كان يقوله أعداء الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج قديما هو عين كلام أهل الباطل وأعداء الدعوة السلفية في دار الحديث اليوم وإنما اختلف اللباس فقط.
فقد اعتنى حزب عبد الرحمن العدني وجماعة ربيع المدخلي بالملازم والكتابات التي كتبها المندسون والحزبيون مع ما فيها من الخيانة والبتر والكذب على الشيخ الفاضل يحيى الحجوري ثم قاموا بنشرها لضرب الدعوة بها وإحداث البلبلة وإشعال نار الخصومة ضد دار الحديث بدماج وشيخها الهُمام .
وقد تصدى لهم الأخ الفاضل ياسر بن مسعود الحجيلي في رده القيم المسمى : ((الرد المختصر على الطاعن في الشيخ يحيى الحجوري حفظه الله))، وهو على شبكة العلوم السلفية : http://aloloom.net/vb/showthread.php
وكان الشيخ ربيع المدخلي يرى هؤلاء من أشر أهل البدع خداعا وكذبا وتقليب للحقائق واليوم يُجيز ويسمح لأنصاره أن يغرفوا من ملازمهم وكتاباتهم ويعتبرها مخالفات وإدانات مسلمة على الدعوة السلفية في دار الحديث بدماج وشيخها العلامة الهمام يحيى بن علي الحجوري حفظه الله بينما كان يراهم قديما مبتدعة وضلال وأصحاب أكاذيب ومغالطات.
وفي الحقيقة ليس مع الشيخ ربيع المدخلي وأنصاره إلا الطوارف وتتبع الزلات والعثرات والهفوات التي لا يسلم منها أحد في العلم، والجري بشدة في الخصومة الباطلة والتعنت لخصومه في مسائل واضحة معروفة انها ليست مخالفات يبدع بها المخالف ولا دخل لها في باب الأحكام لأن الكلام فيها مدون في كتب أهل العلم قديما ، ولم يفعل أو يصنع أحد من أهل العلم ما فعله الشيخ ربيع المدخلي وأنصاره من الأفاعيل، ولكنه الكيد عليهم والمكر الكبير فيهم، والمغالطة في الحقائق العلمية ليطلبهم للزلل ويوقعهم في الغلط كيدا ومكرا منه بوسائل وطرق غاية في الظلم والاعتداء والدهاء لا تعرف إلا من أصحاب مذهب الكذب والخيانة.
وهذا منهج وأسلوب معروف أخذه من منهج الإخوان المسلمين الذي قضى معهم جل عمره فتأثر فيهم وأخذ عنهم هذه الأساليب المنهي عنها شرعا والمخالفة للمنهج السلفي قال العلامة أبو بكر محمد بن الحسين الآجري في"أخلاق العلماء"(1/97):
"وأما ما ذكرنا في الأغلوطات ، وتعقيد المسائل مما ينبغي للعالم أن ينزه نفسه عن البحث عنهما مما لم يكن ، ولعلها لا تكون أبدا ، فيشغلون نفوسهم بالنظر، والجدل، والمراء فيهما ،حتى يشتغلوا بها عما هو أولى بهم، ويغالط بعضهم بعضا، ويطلب بعضهم زلل بعض، ويسأل بعضهم بعضا هذا كله مكروه منهي عنه ،لا يعود على من أراد هذا منفعة في دينه، وليس هذا طريق من تقدم من السلف الصالح ،ما كان يطلب بعضهم غلط بعض، ولا مرادهم أن يخطئ بعضهم بعضا ،بل كانوا علماء عقلاء ،يتكلمون في العلم مناصحة ، وقد نفعهم الله بالعلم".
وقد سبق الكاتب من هم على شاكلته من أهل الخصومة الباطلة وممن عرفوا بفساد المنهج ونقولهم هذه التي اعتمدوها في ردودهم من ملازم وكتابات التي كتبها المندسون والحزبيون إنما هي تدل على كذبهم، وافترائهم، فَضَحَتْهم به هذه النقولات في مقالتهم وعرتهم وكشفت كذبهم وادعاءاتهم، وهتكت خبايا نفوسهم وأسرارهم وأظهرت ماهم عليه من الحقد القديم الذي كانوا يكنوه ويخفوه في صدورهم، وأنهم والله لا يملكون على هذه الدعوة السلفية أي مخالفة أو خروج عن من المنهج السلفي.وإذا كانت هذه هي إثباتاتهم وبياناتم وبراهينهم في تبديعهم للدعوة السلفية في دار الحديث بدماج وشيخها العلامة يحيى الحجوري حفظه الله من المعلومات التي وردت في الكتاب التي لا ترتق إلى مستوى الأدلة وغالب ما فيه أقوال وعبارات نشرت في ملازم ومقالات أهل الكذب والبهتان والفتن حملها الكاتب على أنها إثبات لعداوة الدعوة السلفية في دار الحديث وشيخها العلامة يحيى الحجوري وتبديهم لهم ورميهم بالطوام والدواهي الكبار.
بينما يمكننا أن نجمع ما كتبه الحزبيون وأهل الفتن من القطبيين والسروريين مثلهم سواء بسواء عن الشيخ ربيع المدخلي وغيره من الملازم والكتابات المنقول عنهم الغير الائق في حق الله تعالى وحق رسوله صلى الله عليه وسلم وفي الصحابة الكرام والأئمة أن نجمع أضعاف أمثالها من أقوالهم ونحملها على إنها إثباتات وبراهين ندينهم بها بنفس إذانتهم، وحينئذ يكون جوابكم هو جوابنا، ولنا أن نقول: ((وعلى صنيعكم يا شيخنا مشيت))، ولكن قد عرفنا إن هذه الأفاعيل ليست من الدين ولا من التقوى ولا من المنهج السلفي في شئ، وإنما ينصب كلام أهل العلم في نزعات الهوى التي تصيب العلم والمنهج والعقيدة، وهذا هو قبح صنيعكم ومنهجم الذي تسيرون عليه.
وفي هذا المقال إنما أردت أبين كذب وفتراء أسامة بن عطايا في مقدمة كتابه لما نسبه من الأصول والقواعد لأهل السنة وهم منها براء وذلك في قوله في الأصل(24) في (ص:13): "من أصول المنهج السلفي:أن التكفير والتبديع والتفسيق حكم شرعي مرده إلى الكتاب والسنة، ومن ذلك أن تكفير مرتكب الكبيرة كالسرقة والزنا والقتل من قول الخوارج ولا يكفر أهل السنة مرتكب الكبيرة ولا يكفرون إلا بما يوجب الردة، ونقض الإسلام والإيمان".اهـ
أقول:لقد كان أسامة بن عطايا من قديم له كتابات في باب الإيمان يقرر فيها كلام المرجئة وقد رد عليه الشيخ عبد العزيز الراجحي ونسب جملة من تأصيلاته إلى مذهب المرجئة ولم يتوب أسامة عطايا من هذه التأصيلات ويعلن تراجعه وبراءته من هذا المذهب المبتدع الضال.وفي تقريره في هذا الأصل مما يؤكد أنه لا زال يسير على تأصيلاته الفاسدة وينسب إلى مذهب أهل السنة ما ليس منه من الأقوال كما سيأتي بيانه.
انظروا كيف يفتري البهتان والكذب على أهل السنة وأنهم لا يكفرون إلا بما يوجب الردة ونقض الإسلام والإيمان .
ولم يشر من قريب أو بعيد إلى المستحل وأنه من استحل كبيرة من الكبائر فإنه يكفر وإنما ارجع التكفير إلى ما يوجب الردة، ونقض الإسلام والإيمان.
و قد تواترت النصوص الدالة على عدم كفر مرتكب الكبيرة، وعدم خلوده في النار إن دخلها، ما لم يستحل، وهذا من الأصول الاعتقادية المجمع عليها بين أهل السنة.ولهذا قال علماء السنة في وصفهم" اعتقاد أهل السنة والجماعة":إنهم لا يكفرون أحدا من أهل القبلة بذنب إشارة إلى بدعة الخوارج المكفرة بمطلق الذنوب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في"مجموع الفتاوى"(20/90): "قد تقرر من مذهب أهل السنة والجماعة ما دل عليه الكتاب والسنة أنهم لا يكفرون أحدا من أهل القبلة بذنب ولا يخرجونه من الاسلام بعمل إذا كان فعلا منهيا عنه مثل الزنى والسرقة وشرب الخمر ما لم يتضمن ترك الايمان.
وأما إن تضمن ترك ما أمر الله بالايمان به مثل الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت فإنه يكفر به، وكذلك يكفر بعدم اعتقاد وجوب الواجبات الظاهرة المتواترة وعدم تحريم المحرمات الظاهرة المتواترة".
ولم يكتف بالتكفير بواحد من نواقض الإسلام أو الإيمان المتفق عليها التي هي سبب في الحكم على مرتكبها بالردة. وأن من وقع في ناقض من نواقض الإسلام فإنه مرتد يكفر ويخرج من الملة ،سواءً كان هذا الناقض اعتقادياً أو قولياً أو علمياً ، فليس من شرط التكفير أن يجمع الشخص بين مفكرات متعددة فهذا باب حكم المرتد في كتب الفقه يدل على من تلبّس بأي نوع أو فرد من أفراد الردة فإنه كافر منسلخ عن دين الله تعالى .
وأسامة لا يعرف غير مذهب المرجئة لذلك فهو لا يكفر إلا بما يوجب الردة ونقض الإسلام والإيمان .ونواقض الإسلام والإيمان كثيرة ذكرها العلماء والفقهاء في أبواب الردة، ومنها:تحليل الحرام وتحريم الحلال.هكذا يعمم ولا يكفر عنده إلا من ارتكب الردة ونواقض الإسلام والإيمان جميعا، وهذه محاولة منه إظهار مذهب المرجئة من أجل أن يصير الناس في سعة من الدين.
وما يجب معرفته هنا أنه لا علاقة لمرتكب الكبيرة بالردة التي تشمل نواقض الإسلام والإيمان لأن مرتكب الكبيرة ليس كفرا ولا يخرج من الملة، والمقصود به فعل المحرمات غير المكفرة بخلاف المرتد فإنه مرتكب الكفر، وارتكاب النواقض كفر ولو لم يستحلها، فلا معنى لقوله: لا يكفرون إلا بما يوجب الردة ونقض الإسلام والإيمان، وإنما هذا جهل منه بالعلم وكلام العلماء .وقوله: ((بما يوجب الردة ونقض الإسلام والإيمان)): هكذا جعل الردة نوع من أنواع التكفير هذا الكلام من كلام العوام وتعابير الجهال مما يدل أنه جاهل ولا يعرف العلم، وإنما يتطاول في ردوده على العلماء بالجهل وسوء الأدب فإن الردة هي سبب من أسباب ارتكاب المرتد ناقض من نواقض الإسلام أو الإيمان وليست هي نوع أو فرد خارج عن نواقض الإسلام والإيمان، ولا من شرط المرتد أن يجمع بين أطراف نواقض الإسلام والإيمان وإنما إذا وقع منه سبب من أسباب الردة يكفر .
لأن الرِّدَّةَ لُغَةً: اسم من الارتداد، وهو التحول والرجوع عن الشيء إلى غيره، ومنه الرجوع عن الإسلام يُقَالُ:ارْتَدَّ عَنْهُ ارْتِدَادًا أَيْ تَحَوَّلَ. وَالِاسْمُ الرِّدَّةُ, وَالرِّدَّةُ عَنْ الْإِسْلَامِ:الرُّجُوعُ عَنْهُ فالردة هي مسمى لنواقض الإسلام والأيمان.ولهذا أهل السنة في تصانيفهم في كتب الفقه يجعلون الردة تحصل بقول وعمل واعتقاد، وكل هذه تشمل نواقض الإسلام والإيمان، ولا يعرفون هذه التأصيلات التي يؤصلها أسامة بن عطايا .
وبهذا يعلم أن الردة عن الإسلام هي الرجوع عن الإسلام إما بإعتقاد أو فعل أو قول وهي ما تضمنتها نواقض الإسلام والإيمان.وبهذا عرف أهل العلم الردة : قال في"كشاف القناع"(6/136)المرتد:لغة هو الراجع قال تعالى:{وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ}[المائدة، آية:21]، وشرعاً الذي يكفر بعد إسلامه نطقاً، أو اعتقاداً، أو شكاً، أو فعلاً".وقال الكاساني في"بدائع الصنائع(7/134):" أما ركن الردة فهو إجراء كلمة الكفر على اللسان بعد وجود الإيمان، إذ الردة عبارة عن الرجوع عن الإيمان.
وقال الصاوي في "شرح الصغير"(6/144، 145):"الردة كفر مسلم بصريح من القول، أو قول يقتضي الكفر، أو فعل يتضمن الكفر".
وقال الشربيني في"مغنى المحتاج"(4/133):"الردة هي قطع الإسلام بنية، أو قول، أو فعل سواء قاله استهزاءً، أو عناداً، أو اعتقاداً".
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلميَّة والإفتاء (بالسعودية) :
((س:يقال إِنَّ الرِدَّة قد تكون فعليَّة أو قوليَّة فالرَّجاء أنْ تبيِّنوا لي باختصارٍ واضحٍ أنواع الرِّدَّة الفعليَّة والقوليَّة والاعتقاديَّة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه..وبعد:جـ:الرِّدَّة هي الكفر بعد الإسلام وتكون بالقول والفعل والاعتقاد والشكِّ ، فمن أشرك بالله أو جحد ربوبيَّتَه أو وحدانيَّته أو صفةً من صفاته أو بعض كتبه أو رسله أو سبَّ الله أو رسولَه أو جحد شيئاً من المحرَّمات المجمَعِ على تحريمها أو استحلَّه أو جحد وجوب ركنٍ من أركان الإسلام الخمسة أو شكَّ في وجوب ذلك أو في صدق محمَّد ?أو غيره من الأنبياء أو شكَّ في البعث أو سجد لصنمٍ أو كوكبٍ ونحوه فقد كفر وارتدَّ عن دين الإسلام . وعليك بقراءة أبواب حكم الرِّدَّة من كتب الفقه الإسلامي فقد اعتنَوا به رحمهم الله".
انظر:فتاوى اللجنة الدائمة"(2/3) وقد وقَّع على هذه الفتوى كل من الشيخ : ابن باز ، العفيفي ، ابن غديان ، ابن قعود.
وذكر العلماء في أبواب الردة وحكم المرتد أنواعاً كثيرة مما قد يرتد به المسلم عن دينه ويحل دمه وماله وكلهم متفقون أن المرتد كل من أتى بعد الإسلام من القول أو العمل بما يناقض الإسلام بحيث لا يجتمع معه. انظر : الصارم المسلول"(459).
وهكذا تعليقه التكفير بما يوجب الردة فالردة مسمى لمن يرجع عن الإسلام ويخرج منه وهي جنس يدخل تحتها نواقض الإسلام والإيمان.
قال أبو بكر الحصني الشافعي في "كفاية القناع"(2/123): "الردة في الشرع: الرجوع عن الإسلام إلى الكفر وقطع الإسلام ويحصل تارة بالقول وتارة بالفعل وتارة بالاعتقاد وكل واحدة من هذه الأنواع الثلاثة فيه مسائل لا تكاد تحصر".
والعلماء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة يبوِّبون في كتب الفقه باباً يسمونه باب حكم المرتد، ويذكرون فيه من صور الكفر وأنواعه الاعتقادية والقولية والفعلية، التي يكفر متلبِّسها بعد إسلامه وكلها تتضمن نواقض الإسلام والأيمان المتفق عليها بين العلماء.
وقوله:"ومن ذلك أن مرتكب المعصية التي من المفسقات كالسرقة والزنا والرشوة لا يسمى مبتدعا ولا يخرج من مسمى أهل السنة فيلحق بأهل البدع إلا إذا تقرب إلى الله بالمعاصي.!"اهـ
أقول : لمثل هذه الكتابات تكسر الأقلام ولكن إلى الله المشتكى من صنيع هؤلاء المتنطعين بالشدة الجائرين في الأحكام لمن خالفهم.إن من المعلوم أن الإيمان قائم على تصديق حكم الله تعالى، وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أهم هذه الأحكام وآكدها الأحكام المعلومة من الدين بالضرورة بوجوب الواجبات الظاهرة وتحريم المحرمات الظاهرة المتواترة، والتي منها تحريم السرقة والزنا والرشوة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في" مجموع الفتاوى"(12/ 496):" إن الإيمان بوجوب الواجبات الظاهرة المتواترة، وتحريم المحرمات الظاهرة المتواترة هو من أعظم أصول الإيمان، وقواعد الدين، والجاحد لها كافر بالاتفاق ".
ويقول في موضع آخر في"مجموع الفتاوى"(35 /372): "الحلال ما حلله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله، وليس لأحد أن يخرج عن شيء مما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الشرع الذي يجب على ولاة الأمر إلزام الناس به، ويجب على المجاهدين الجهاد عليه، ويجب على كل واحد اتباعه ونصره ".
وبيّن الإمام الشافعي في"الرسالة"(ص 357 – 359) أن من الأحكام ما هو معلوم عند العامة فضلاً عن الخاصة فلا يسعهم جهله فيقول:"العلم:علم عامة لا يسع بالغاً غير مغلوب على عقله جهله، مثل الصلوات الخمس، وأن لله على الناس صوم شهر رمضان، وحج البيت إذا استطاعوه، وزكاة في أموالهم، وأنه حرم عليهم الزنا والقتل والسرقة والخمر، وما كان في معنى هذا، مما كلف العباد أن يعقلوه ويعملوه ويعطوه من أنفسهم وأموالهم، وأن يكفوا عما حرم عليهم منه.وهذا الصنف كله من العلم موجود نصاً في كتاب الله، وموجوداً عاماً عند أهل الإسلام، ينقله عوامهم عن من مضى من عوامهم، يحكونه عن رسول الله، ولا يتنازعون في حكايته ولا وجوبه عليهم. وهذا العلم العام الذي لا يمكن فيه الغلط من الخبر، ولا التأويل، لا يجوز فيه التنازع"
ويقول في موضع آخر في" الرسالة(ص 478): " أما ما كان نص كتاب بيّن، أو سنة مجتمع عليها فالعذر مقطوع، ولا يسع الشك في واحد منهما، ومن امتنع من قبوله استتيب"أهـ
وهذه المحرمات التي ذكرها أسامة بن عطايا هي محرمة باتفاق المسلمين ومن استحل ذلك وزعم أنه حلال فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتدا لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين.
وأما إن اعتقد ذلك قربة:فهو أعظم وأكبر فإن هذا من جنس دين النصارى المبدل الذين يتقربون بشرب الخمر، ومن جنس من يعتقد الفواحش قربة وطاعة، الذي هو دين أهل الشرك الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، ومن جنس ما كان يفعله مشركي العرب فإذا قيل: لما تفعلون ذلك؟ قالوا: وجدنا عليها آباءنا، والله أمرنا بها قال الله تعالى:{وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}(28) سورة الأعراف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في"مجموع الفتاوى"(15/414): "بل من جعل مثل هذا النظر عبادة فإنه كافر مرتد يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل وهو بمنزلة من جعل إعانة طالب الفواحش عبادة أو جعل تناول يسير الخمر عبادة أو جعل السكر بالحشيشة عبادة فمن جعل المعاونة على الفاحشة بقيادة أو غيرها عبادة أو جعل شيئا من المحرمات التي يعلم تحريمها من دين الإسلام عبادة فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل وهو مضاه للمشركين الذين {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون}، وفاحشة أولئك إنما كانت طوافهم بالبيت عراة وكانوا يقولون لا نطوف في الثياب التي عصينا الله فيها فهؤلاء إنما كانوا يطوفون عراة على وجه اجتناب ثياب المعصية وقد ذكر عنهم ما ذكر فكيف بمن يجعل جنس الفاحشة المتعلقة بالشهوة عبادة".اهـ
وقال رحمه الله أيضا في"مجموع الفتاوى"(11/544): "فإذا كان المستحل لما حرم الله كافرا فكيف بمن يجعله قُربةً وطريقاً إلى الله".
وهذا الجاهل المتطاول على العلم والعلماء يقول على الله ما لا يعلم ويتكلم بما لا يعرف ويتعب نفسه في التأليف وطباعة الكتب بما يضره ويضر غيره، ويسيء إلى العلم ويحرف أصول أهل السنة والجماعة بجهله الفاضح الواضح نسأل الله العافية والسلامة .
وأكثر ما يقال في كتابه هذا أنه قليل العلم والبضاعة سيئ الخلق هذا وهو في بداية الطريق يتطاول على الهامات من الرجال الذين وقفوا أنفسهم للدعوة السلفية والدفاع عنها وبذلوا الغالي والرخيص لحماية جنابها من الكيد الحزبي المتستر .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
كتبه :أبو مصعب
علي بن ناصر بن محمد العـدني
كتبه :أبو مصعب
علي بن ناصر بن محمد العـدني