بسم الله الرحمن الرحيم
كشف الحقيقة عن طفلة النشمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم, أما بعد:
فإن المسلم العاقل لا يخفى عليه عداوة الشيطان له وتربصه به وإغوائه له قال الله تعالى:كشف الحقيقة عن طفلة النشمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم, أما بعد:
( إن الشيطان لكم عدوٌ فاتخذوه عدواً ) وقال الله عزوجل عن إظهار عداوة هذا العدو للإنسان:( فبعزتك لأغوينهم أجمعين...).
ولذا أرصد الشيطان جنوده ليغووا الناس عن دينهم وزينوا لهم الشر والباطل ومن ذلك ما أُشيع في هذه الأيام في إحدى مناطق الحجرية من مديرية النشمة وذلك أنه ظهرت طفلة تبلغ من العمر تسع أو عشر سنوات وكانت ظروف هذه الطفلة في حالة فقر وقد جاءت إلى هذه القرية بسبب أنه ليس لها مأوى ثم زين الشيطان لهذه الطفلة بل زين لمن يقوم عليها ولمن يروج لها بأن هذه الطفلة تعالج المرضى وأن الناس ينتفعون بعلاجها وغير ذلك من الترويج لشأن هذه الطفلة وكان لزاماً لمن عرف حال هؤلاء وما هم عليه من الباطل أن ينصح للناس ويحذرهم من هذا الشر ومما علم من حال هذه الطفلة وحال القائمين عليها ما يلي:
أولاً: من المعلوم أن الله ما أنزل داء إلا أنزل دواء وأن الشافي هو الله وإنما جعل الله أسباباً للشفاء وهذه الأسباب إما شرعية كقراءة الفاتحة والفلق والناس وكذا القرآن كله شفاء وإما أسباب قدرية كهذه العلاجات الكيماوية وكذا الأعشاب الطبية, ومعلوم أن الذي يتصدر لمعالجة الناس أن يكون صاحب خبرة ودارساً لما يعالج به الناس وهذا معلوم شرعاً وعقلاً وعرفاً.
أما شرعاً فقد قال الله تعالى:(... فسئل به خبيراً ) وهذا عام في السؤال عن أي شيء فإنك تسأل الذي عنده خبرة بهذا الشيء وصاحب الخبرة لم يكسب الخبرة إلا بتعلم ذلك الشيء والمداومة فيه والناظر في شأن هذه الطفلة أنها لا خبرة لها بالطب وذلك لصغر سنها ولأنه لم يُعلم عنها أنها تعلمت الطب ولا مارسته وإنما ظهورها كان فجأة ً.
وقد يقول قائل: إن هذه معجزة سخرها الله للناس والله على كل شيء قدير وربما استدل بقصة الغلام والملك؟
أقول مستعيناً بالله: إن الله يجعل المعجزات تأييداً لدينه ولصدق دعوة أوليائه والذي حصل في قصة الغلام مع ذلك الملك هو من هذا القبيل والقصة في صحيح البخاري من حديث صهيب. وكذلك كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم غلام يُقال له ابن صياد وكان يُخبر بالمغيبات وهو دجال من الدجاجلة وكانوا يظنون أنه الدجال الأكبر ولم ينخدع الصحابة به بحجة أنه غلام وأنه معجزة كونه صغيراً بل علموا أنه دجال كذاب , وأما الناظر في حال هذه الطفلة يرى أن أفعالها لا تخدم الدين وإنما تفسد الدين وأنها تفعل كما فعل ابن صياد من حيث الإخبار بالمغيبات وذلك:
ثانياً: وذلك أننا علمنا ويعلم ذلك من ذهب إلى هذه الطفلة أنها تدعي علم الغيب وذلك أنه إذا جاء إليها المريض تقوم هذه الطفلة بإخبار المريض أو كثير من المرضى بمرضهم وبعلاجهم من قبل أن يخبرها المريض ومعلوم أن ادعاء علم الغيب يُعتبر كفر بالله تعالى
يقول الله تعالى:( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله..)وقال سبحانه:( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً ..).
من هذه الأدلة يتبين أنه لا يعلم الغيب أحد إلا الله ,وهذه خاصية من خصائص الله من ادعاها وزعم أنه يعلم الغيب فإنه يكفر وقد جاء عند أحمد من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى كاهناً أو عرافاً فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد. والكاهن هو الذي يُخبر بالمغيبات كما تفعل هذه الأم مع طفلتها.
ثالثاً: ومن ذلك أنه جاءها رجل ومعه مريض وكانت مع هذا الرجل خمسون ألف ريال فوضع المال وخباءه في سيارته ودخل على الطفلة فقال: عالجوا لي هذا المريض وليس معي مال أعطيكم فقالت الأم نقلاً عن بنتها قالت له: أنت تكذب بل معك المال في السيارة...أقول: أليس هذا هو ادعاء علم الغيب الذي اختص الله به .
وكذا قام أخ من الحوبان مدينة تعز قام بالاتصال إلى هؤلاء وقال لهم ضاع عليَّ الشيء الفلاني فقالوا له هو في المكان الفلاني, وهذا من عمل الكهنة والمشعوذين وهو ادعاء علم الغيب وهو الإخبار بالمغيبات.
فإن قال قائل: إذن كيف تعرف هذه الطفلة أو هذه الأم التي مع الطفلة كيف تعرف ذلك؟
نقول: معلوم من أدلة الشرع أن لكل إنسان قرين من الجن فقد جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنْ الْجِنِّ ....الحديث .رواه مسلم.
فيقوم قرين المريض بإخبار قرين هذا الذي يخبر الناس بالغيب بحال هذا المريض لأنه معه ملازماً له ثم يقوم قرين الذي يخبر الناس بالغيب بإخبار صاحبه الذي يدعي أنه يعلم حال المريض ومن أين أتى لكي يعلقون الناس بهم ويبهرونهم بذلك ويزدادون اعتقاداً بهم. وكذلك ربما تسلط على هذه الطفلة شياطين يغوون الناس بهذه الطفلة فلربما تكلموا على لسانها ولا شك في ذلك لأننا نؤمن بدخول الجني في الإنسي كما قال الله:( لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس),وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم) أخرجه مسلم عن أنس. وقد قال العلماء في الذين كانوا يعبدون الأشجار وكذا الأصنام قالوا:ويقوم الشياطين بمخاطبة هؤلاء الذين يعبدون الأشجار والأصنام يخاطبونهم من داخل الشجرة أو الصنم كي تزداد عقيدتهم في هذه الأشجار والأصنام.
رابعاً: يقول بعض الجهال المغرر بهم إنه قد حصل شفاء لكثير من الناس بسبب معالجة هذه الطفلة؟
أقول: أي علاج تقصد أيها المغفل وأنت لم تعمل فحصاً عندها ولم تقم بالمخاطبة معك والسؤال عن حالتك, لأنه بذلك يعلم حالة المريض ومن ثم يُعلم العلاج المناسب لهذا المرض.
ونقول أيضاً: قد يحصل شفاء لبعض الناس وذلك ابتلاء من الله القائل:( أحسب الناس أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون...) ونعلم من أدلة الشرع أن الدجال في آخر الزمان يخرج ويقول للسماء أمطري فتمطر وللأرض انبتي فتنبت وذلك ابتلاء للناس لينظر من يصدق هذا الكافر ومن يؤمن به ,وكذلك أمثال هؤلاء المشعوذين والكهان لينظر الله من يؤمن بهم ويصدقهم ويرد أدلة الشرع التي تحرم الذهاب إلى هؤلاء لأنهم خالفوا الشرع بادعائهم علم الغيب والتلبيس على الناس, وأكل أموالهم بالباطل.
وننبه أنه قد يحصل من بعض المروجين أنهم يحكون قصصاً مكذوبة عن هذه الطفلة وأنهم تعالجوا وشفوا بسببها وهم كذابون كما كان يحصل من السدنة الذين يقومون على بعض القبور ويخبرون الناس بقصص عن هذا المقبور أنه فعل وأنه شفي بسببه ناس كثير وهكذا , ولكن ما أسرع ما ينسى الناس وما أسرع إتباع الناس للشر إلا من رحم الله ممن نور الله بصيرته وسأل أهل العلم عن دينه وحكَّم الشرع.
وأيضاً: قد يأتي مريض وهو مصاب بمس شيطاني إما أنه يُصرع من هذا المس أو أن الشيطان الذي في هذا المريض يقوم بعمل أشياء في بدن هذا المريض تؤلمه ويظن المريض أن ذلك مرض طبيعي وهو من أذية هذا الشيطان, فإذا جاء المريض إلى هذه الطفلة وإلى أمها فيقوم بعضهم بالتعاون مع بعض وكل واحد يخدم الآخر فالجني يخدم هذه التي تدعي معالجة الناس بهذا الأسلوب وبادعاء علم الغيب فربما خرج من هذا المريض كي يزداد المريض تعلقاً بهذه الطفلة ولا شك أن الشياطين لا يقدِّمون خدمة لهؤلاء الكهنة إلا إذا قدَّم هؤلاء الكهنة خدمة للشياطين وأعظم ما يقدمونه هو الكفر بالله والشرك به وتقديم قربة لهؤلاء الشياطين وكذا إرادة الشياطين إغواء الناس.
وننبه أيضاً على أنهم قد يستخدمون بعض الأعشاب لمعالجة الناس وما ذلك إلا تغريراً لهم وتلبيساً عليهم وتمويههم لكي لا يشكون بهم وإذا نصحنا هؤلاء الذين يذهبون إليهم قالوا هم يعالجون بالأعشاب وذلك كما يفعل بعض السحرة والمشعوذين أنه في بداية معالجته للمريض يبدأ يقرأ قرأناً كي يخدع الناس ثم بعد ذلك يأتي بالشركيات والاستعانة بالشياطين فإذا رأى الناس ذلك منه قالوا هو يعالج بالقرآن ولو كان ساحراً لما قرأ قرآناً.
أقول: هذا جهل بحال هؤلاء الكهنة وجهل بدين الله ,وإلا من الذي قال إن السحرة لا يستطيعون يقرؤون قرأناً وقد ثبت من حديث أبي هريرة في قصته مع الشيطان وفي آخر القصة قال الشيطان لأبي هريرة وكان الشيطان متلبساً بصورة إنسان قال له: ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بها ولا يزال معك من الله حافظاً آية الكرسي الله لا إله إلا هو... فقد قرأ الشيطان بداية الآية فكيف لا يقرأ القرآن إنسان تلاعب به الشيطان, فلا تغتر أيها المسلم وتفقه في دينك.
فالخلاصة من ذلك أن هؤلاء أرادوا أن يرتزقون بهذه الطفلة بشيء حرمه الله وبشيء يغضب الله ويجب على هؤلاء الذين يغترون بمثل هذه الخزعبلات أن يتقوا الله ولا يضيعوا دينهم ويقبلون على الله بالتوكل عليه وبدعائه الذي قال في كتابه:( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان...) ويعملون بالأسباب الشرعية الموافقة للشرع ويسألون أهل العلم عن مثل هذه المخالفات والشبه , وألا يكثروا سواد الباطل وأهله, ولا يغتر المسلم بالكثرة فإن الله يقول:( وإن تطع أكثر أهل الأرض يضلوك عن سبيل الله..) ويقول:( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين).وكذا ننصح أولياء هذه الطفلة أن يقوا الله ويراقبوه وليعلموا أنهم مسئولون أمام الله عن هذه الطفلة وهن هذا الشر وقد يسر الله لي بأن التقيت بوالد هذه الطفلة في مفرق البيرين وقد قمتُ بنصيحته وتذكيره بالله وأن يتق الله في هذه الطفلة فقال لي: هذة قدرة الله وهذه موهبة .قلت له: أنت أعلم الناس ببنتك فرأيت الإحراج في وجهه ثم قلت له: ابنتك تدعي الغيب. قال: هذا كذب قلت له: طيب كيف تعمل ابنتك؟ قال: إذا جئت إليها تخبرك بمرضك وتقول هذا علاجك. قلت له: وهذا أيش تسميه؟ فارتبك وقال: لا لا أنت تخبرها وهي تعطيك العلاج. فضحكتُ, ثم قلت له بالله عليك ألا تخشى على بنتك تطلع الجبل يوم الخميس وحدها؟ قال: هي تذهب تأتي بأعشاب فتأتي بعشبة وتكون هذه العشبة علاج للناس؟ قلت له: عشبة واحدة لجميع الأمراض ؟فارتبك وقال: لا لا بل عدة أعشاب. فقلت له: طيب تعرف أن الأعشاب تحتاج إلى معرفة وخبرة وأن هذا ينفع لكذا وكذلك تراكيب وخلط الأعشاب تحتاج إلى دراسة وخبر فأين تعلمت ابنتك؟ فأجابني وقال: تعلمت في الخارج. فضحكتُ في وجهه وذهبتُ.
فانظر أخي المسلم إلى عجز هذا الأب وهو لا يستطيع أن يدافع عن باطل ابنته وكيف سيدافع وقد ابتلي بفقر شديد ثم فُتن بعد ذلك بمال كثير فصعب أن يترك ذلك إلا إذا قوي إيمانه ,وربما ما يتركه أصحاب المصالح الذين يستفيدون من وراء هذه الطفلة وكذا السحرة الذين يحصل بينهم وبين هذه الطفلة إحالات كل واحد يحيل ويرشد بعض المرضى إلى أن يذهب إلى هذه الطفلة والعكس ترشد هذه الطفلة بعض المرضى أن يذهبوا إلى بعض السحرة كما هو معلوم عنها وتكلم بذلك من قد ذهب.
كتبه: أخوكم الناصح لكم
إياد بن محمد التعزي الحاشدي
إياد بن محمد التعزي الحاشدي