﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ [القصص: 57].1- هكذا هو تصور الكفار ومن تشبه بهم للدين تصور محدود ونظرة سطحية، حيث ظنوا أن اتباع الهدى يعرضهم للخوف ويغري بهم الأعداء، ويفقدهم العون والنصر، ويعود عليهم بالفقر؛ هكذا ظن الجاهلون الأوائل الذين أرسل فيهم رسول الله وأنزل عليهم القرآن الكريم.
وهذه حجة من تشبه بهم على مر العصور وكر القرون على جميع المستويات في الأمة:
إن تحكيم شرع الله يجعل الأعداء يحاربوننا ولا طاقة لنا بهم.
إن تركنا الدعاة يدعون إلى الله اتهمونا بالإرهاب.
إن نصحت في معاملتي فسينصرف عنى الناس.
إن لبست الحجاب فلن أجد الزوج.
إن لم أغش وأكذب فلن أبيع بضاعتي.
2- هذه معاذير أقبح من الذنوب وتدل على أن كثيراً من الناس يعبدون الله على حرف، وأن الدين عندهم مقايضة وتجربة، فهم ينتقون منه ما وافق أهواهم وحقق مصالحهم.
3- هذه المعاذير تدل سوء الظن بالله حيث يزعم الزاعمون أنهم إذا كفروا وغشوا وعصوا الله وتعاملوا بالمحرمات، ووالوا أعداء الله فإن هذا سيوفر لهم الأمن والأمان والرخاء والإصلاح، وإذا أطاعوا الله فسيرفع عنهم كل ذلك.
وهذا اتهام لله عز وجل بالظلم والغفلة حيث ينصر الكفار ويريح المنافقين ويمكن للعصاة الفاسقين، وأما الطائعون فلا شيء لهم من ذلك.
4- في ضوء هذه النظرة السطحية والتصور الضال والأعذار المكذوبة الباطلة انطلق المنافقين للترويج إلى الأعداء وتحسين صورتهم والدعاية لهم كما قال الله تعالى: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَة﴾ [المائدة: 52].
فلا حرج عند هؤلاء من لبس الحق بالباطل، أو تصحيح أديان الكفار وتقديم التنازلات والقيام بالمداهنات حتى لو خسروا دينهم.
5- ولذلك فهم يولون وجوههم شطر كل اتجاه، فإذا جاؤوا إلى الله ورسوله وكتابه وسنة رسوله ودينه وشرعه وحكمه لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون، فإذا بحثوا عن الحرية رأيتهم يدورون في فلك أمريكا أو يرتعون في حقول الغرب أو يتشبهون بالبلاشفة الملحدين.
وإذا أرادوا الرخاء الاقتصادي ولو وجوههم نحو الرأسمالية أو أحلوا قومهم في ديار الاشتراكية، وإذا طالبوا بالعدل ذكروا الديمقراطية وتداول السلطة، وإذا ذكر الله ومنهجه وشرعه اشمأزت قلوبهم من الذي أخرجهم من الظلمات .. ظلمات العصور القديمة وظلمات الواقع المعاصر .. أليس هو الإسلام من الذي حررهم من عبودية الرومان و الفرس أليس هو الإسلام؟
من الذي جعل لهم قيمة بين الأمم ودور بين الشعوب وحضور في ذاكرة التاريخ أليس هو الإسلام؟
من الذي أعزهم بعد ذل، وأغناهم بعد فقر، وأمنهم بعد الخوف، وأطعمهم بعد جوع، أليس هو الإسلام؟
فلم يتنكرون للإسلام، ولم يخدعون الأمة، ولم يلهثون وراء نفايات الأمم الهالكة، ويكذبون على أنفسهم؟
أين الرخاء الاقتصادي وأمريكا مديونيتها أكبر مديونية في التاريخ، ودول الاتحاد الأوروبي أفلست أو كادت، أين العدالة والتميز العنصري على أشده في بلاد الغرب بل يقدمون الكلاب على البشر.
أين الحرية والمسلم في ديارهم لا يستطيع أن يقول الله أكبر الله أكبر بل إنهم دربوا كلاباً بوليسية تهجم على من يقول الله أكبر.
6- هل نستفيق من سباتنا وننتبه من غفلتنا، ونرجع إلى ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وصلاح ديننا، والفوز في الآخرة؛ أم أننا خلفهم سائرون وبهم مخدوعون، حينئذ فإن سنن الله في الأمم لا تتبدل، وتدبروا هذه الآية التي تلك الآية: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ [القصص: 58-59].
ألم تروا مساكن الرومان وآثارهم ومدنهم ومدرجاتهم وأنها أطلال لم تسكن بعدهم.
ألم تمروا بمساكن الأنباط الوردية التي لا تزال أثراً بعد عين.
ألم ترحلوا إلى سدوم قرى قوم لوط التي جعل الله عاليها سافلها.
ألم تسمعوا من الأمس القريب ريح أمرها الله فصارت إعصاراً يضرب الولايات الأمريكية فيحول أكبر مدونها إلى مدن أشباح تغرق بالأمطار، عاصفة تربك أعظم الدول وتجعلها تستسلم ومع ذلك جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً.
للاستماع والتحميل
http://www.alhilaly.net/mhadrat_show-308-0.html
:. الموضوع الاصلى: خطبة عيد الفطر: تأملات في قوله تعالى: (وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا) | المصدر: منتديات منهاج الرسول السلفية | كاتب الموضوع: أسامة الهلالي .:
وهذه حجة من تشبه بهم على مر العصور وكر القرون على جميع المستويات في الأمة:
إن تحكيم شرع الله يجعل الأعداء يحاربوننا ولا طاقة لنا بهم.
إن تركنا الدعاة يدعون إلى الله اتهمونا بالإرهاب.
إن نصحت في معاملتي فسينصرف عنى الناس.
إن لبست الحجاب فلن أجد الزوج.
إن لم أغش وأكذب فلن أبيع بضاعتي.
2- هذه معاذير أقبح من الذنوب وتدل على أن كثيراً من الناس يعبدون الله على حرف، وأن الدين عندهم مقايضة وتجربة، فهم ينتقون منه ما وافق أهواهم وحقق مصالحهم.
3- هذه المعاذير تدل سوء الظن بالله حيث يزعم الزاعمون أنهم إذا كفروا وغشوا وعصوا الله وتعاملوا بالمحرمات، ووالوا أعداء الله فإن هذا سيوفر لهم الأمن والأمان والرخاء والإصلاح، وإذا أطاعوا الله فسيرفع عنهم كل ذلك.
وهذا اتهام لله عز وجل بالظلم والغفلة حيث ينصر الكفار ويريح المنافقين ويمكن للعصاة الفاسقين، وأما الطائعون فلا شيء لهم من ذلك.
4- في ضوء هذه النظرة السطحية والتصور الضال والأعذار المكذوبة الباطلة انطلق المنافقين للترويج إلى الأعداء وتحسين صورتهم والدعاية لهم كما قال الله تعالى: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَة﴾ [المائدة: 52].
فلا حرج عند هؤلاء من لبس الحق بالباطل، أو تصحيح أديان الكفار وتقديم التنازلات والقيام بالمداهنات حتى لو خسروا دينهم.
5- ولذلك فهم يولون وجوههم شطر كل اتجاه، فإذا جاؤوا إلى الله ورسوله وكتابه وسنة رسوله ودينه وشرعه وحكمه لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون، فإذا بحثوا عن الحرية رأيتهم يدورون في فلك أمريكا أو يرتعون في حقول الغرب أو يتشبهون بالبلاشفة الملحدين.
وإذا أرادوا الرخاء الاقتصادي ولو وجوههم نحو الرأسمالية أو أحلوا قومهم في ديار الاشتراكية، وإذا طالبوا بالعدل ذكروا الديمقراطية وتداول السلطة، وإذا ذكر الله ومنهجه وشرعه اشمأزت قلوبهم من الذي أخرجهم من الظلمات .. ظلمات العصور القديمة وظلمات الواقع المعاصر .. أليس هو الإسلام من الذي حررهم من عبودية الرومان و الفرس أليس هو الإسلام؟
من الذي جعل لهم قيمة بين الأمم ودور بين الشعوب وحضور في ذاكرة التاريخ أليس هو الإسلام؟
من الذي أعزهم بعد ذل، وأغناهم بعد فقر، وأمنهم بعد الخوف، وأطعمهم بعد جوع، أليس هو الإسلام؟
فلم يتنكرون للإسلام، ولم يخدعون الأمة، ولم يلهثون وراء نفايات الأمم الهالكة، ويكذبون على أنفسهم؟
أين الرخاء الاقتصادي وأمريكا مديونيتها أكبر مديونية في التاريخ، ودول الاتحاد الأوروبي أفلست أو كادت، أين العدالة والتميز العنصري على أشده في بلاد الغرب بل يقدمون الكلاب على البشر.
أين الحرية والمسلم في ديارهم لا يستطيع أن يقول الله أكبر الله أكبر بل إنهم دربوا كلاباً بوليسية تهجم على من يقول الله أكبر.
6- هل نستفيق من سباتنا وننتبه من غفلتنا، ونرجع إلى ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وصلاح ديننا، والفوز في الآخرة؛ أم أننا خلفهم سائرون وبهم مخدوعون، حينئذ فإن سنن الله في الأمم لا تتبدل، وتدبروا هذه الآية التي تلك الآية: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ [القصص: 58-59].
ألم تروا مساكن الرومان وآثارهم ومدنهم ومدرجاتهم وأنها أطلال لم تسكن بعدهم.
ألم تمروا بمساكن الأنباط الوردية التي لا تزال أثراً بعد عين.
ألم ترحلوا إلى سدوم قرى قوم لوط التي جعل الله عاليها سافلها.
ألم تسمعوا من الأمس القريب ريح أمرها الله فصارت إعصاراً يضرب الولايات الأمريكية فيحول أكبر مدونها إلى مدن أشباح تغرق بالأمطار، عاصفة تربك أعظم الدول وتجعلها تستسلم ومع ذلك جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً.
للاستماع والتحميل
http://www.alhilaly.net/mhadrat_show-308-0.html
:. الموضوع الاصلى: خطبة عيد الفطر: تأملات في قوله تعالى: (وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا) | المصدر: منتديات منهاج الرسول السلفية | كاتب الموضوع: أسامة الهلالي .: